الصفحة 151
الإسلام " بقلم الحجاج الخطيب الشامي وقد صدر هذا الكتاب ضمن سلسلة أعلام العرب إلى الأسواق بتاريخ 7 / 11 / 1963 وكانت النسخ مهداة لي وللسيد العسكري وللأستاذ رشيد الصفار (1) هو لأني كنت همزة وصل وتعريف بينهم.

وفي إحدى رحلاتي إلى القاهرة التقيت بالأستاذ رشيد الصفار فكان يذهب معي إلى منزل الأستاذ الشيخ محمود أبو رية.

وكان آية الله الخوئي عندما تصل إليه رسائل الشيخ محمود أبو رية كان يرسل علي ويطلعني عليها أو يرسلها لي لأطلع عليها.

وفي أحد الأيام جاءني السيد عماد حفيد آية الله الخوئي وقال:

إن جدي يطلب حضورك، وكان عندي جماعة وعندما انصرفوا توجهت إلى دار سماحته ولما دخلت سلمت وجلست فتوجه نحوي سماحته وقال:

لقد تأخرت علينا في المجئ وأرسلت الرسالة إليك مع فضيلة السيد مرتضى الحكمي (2). وعند ذلك جلست زمنا يسيرا وإذا بفضيلة السيد الحكمي قد دخل

____________

(1) رئيس ملاحظي الحقوق في المصرف الزراعي المركزي في بغداد، ومحقق " ديوان الشريف المرتضى " المطبوع في ثلاثة أجزاء بمصر، وكتاب " جمل العلم والعمل " للشريف المرتضى أيضا وطبع في النجف وإيران.

(2) انحدر من سلالة هاشمية، وأسرة عريقة في العلم والدين والسيادة، ونشأ في ظل والده المجتهد آية الله السيد محمد حسين الدزفولي، وكان من العلماء الذين شهد بفضله، واجتهاده المغفور له الإمام النائيني أستاذ العلماء والمراجع في عصرنا هذا.

وقد بدأ دراسته الدينية في الحوزة العلمية بالنجف الأشرف وتابعها، وكما حصل على دراسته المنهجية، فحاز شهادة الليسانس في الشريعة واللغة من كلية الفقه في النجف الأشرف. وقد اختير ملازما للإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء صاحب كتاب " أصل الشيعة وأصولها "، وساهم في إدارة مرجعيته كما كان على صلة خاصة بالحجة الشيخ قاسم محيي الدين أحد أعلام النجف الأشرف، وحقق كتابه: " البيان في غريب القرآن " وانتخب عضوا بارزا في جمعية التحرير الثقافي، وعين مديرا لإدارتها.

أبدى فيها نشاطا ثقافيا ملحوظا. فقد أنيط به مجلة باسم " النشاط الثقافي " وهي تمثل أوجه النشاطات الدينية والثقافية.

كتب افتتاحياتها المركزة وحرر أبوابها الأخرى، وعالج فيها مختلف المسائل الاجتماعية والأدبية. وعلى أعقاب هذه الفترة تصدى بكل قدراته لحماية الحوزة العلمية بالنجف الأشرف، وإدارة شؤونها في عهد المرجع الأعلى الإمام الخوئي الذي ظل يعتمده في حل مشاكلها العامة في أحلك الظروف. وقد كتب مقدمتين علميتين لكتابي الإمام الخوئي (قدس سره) إحداهما لكتاب:

" البيان في تفسير القرآن " وآخرهما لكتاب: " معجم رجال الحديث " وكان له فضل كبير في إخراجهما وتنسيقهما.

وقدم لكتب أخرى علمية وفكرية وهي في مختلف حقول الفقه والأصول، والتاريخ والأدب، والحديث، والكلام.

أبدع في التعريف عنها وتمتاز كتاباته باللغة البليغة وبالاختصاص فيما يكتب من الحقول المختلفة.

وله مؤلفات في الفلسفة والأدب والتاريخ؟ كما أن له أبحاثا ومقالات نشرتها مختلف المجلات، عالج فيها مختلف مسائل الفكر والعقيدة.

وقد ذكر في أمهات المصادر من أمثال " نقباء البشر " للحجة الشيخ آغا بزرك الطهراني، و " معارف الرجال للحجة الشيخ محمد حرز الدين و " معجم المطبوعات النجفية " و " معجم رجال الفكر " للشيخ هادي الأميني كما ورد له ذكر في كتب ومجلات عديدة لا تخفى على القارئ المتتبع.

ويسكن في الوقت الحاضر مدينة طهران؟ ولم يفتأ يتابع قضايا الفكر والعقيدة في كتاباته وآثاره.

الصفحة 152
علينا فتوجه إليه آية الله الخوئي وقال:

لقد حضر السيد، فأعطه رسالة الشيخ ليطلع عليها فتسلمتها وقرأتها وهذا بعضها:

" عزمت على وضع كتاب باسم:


الصفحة 153
" أمير المؤمنين علي وما لقي هو وبنوه من أصحاب رسول الله ".

أولا: من الثالوث الأول أبو بكر وعمر وعثمان.

ثانيا: من الثالوث الثاني عائشة وطلحة والزبير.

وثالثة: الأثافي ما صنعه عثمان من تأسيس الدولة الأموية ثم انتهاء أمر الخلافة إلى سكير خمر عربيد ملعون هو وأبوه وجده.

وإني الآن أعكف على قراءة المصادر التي تعينني على ذلك وكل ما أرجوه أن يوفقني الله إلى أداء هذا العمل على أكمل وجه (1).

محمود أبو ريه       
القاهرة: 12 / 1 / 1388 هـ

وفي 5 / 11 / 69 وصلتني رسالة من الأستاذ " أبو رية " تاريخها 26 / 10 / 1969 من القاهرة يقول فيها:

" كتاب قصة الحديث المحمدي " الذي كانت وزارة الثقافة قد طلبته مني منذ عشر سنين ووقف الأزهر في سبيله حتى لا يظهر قد أراد الله أن يظهر رغم أنف الأزهر بعد ما قرأه الدكتور طه حسين وشهد بقيمته شهادة فائقة وسأرسل لك نسخة منه هدية ومعها بعض نسخ لأصدقائنا الأعزاء ومع كل نسخة بيان مطبوع منا...

وفي 20 / 11 / 1969 جاءني البريد ويحمل ملفا فيه ثلاث نسخ من الكتاب " قصة الحديث المحمدي " أحدهما كانت باسمي، والثانية باسم السيد العسكري،

____________

(1) هذه الرسالة بخط الشيخ محمود أبو رية وتوقيعه موجودة لدى الزعيم الديني والمرجع الأعلى للشيعة الإمامية صاحب السماحة آية الله العظمى الإمام الخوئي طاب ثراه.

- المؤلف -


الصفحة 154
والثالثة للأستاذ رشيد الصفار وفي كل نسخة بيان مطبوع وإليك نصه:

للحقيقة والتاريخ

كان من حق هذا الكتاب (قصة الحديث المحمدي) أن يخرج إلى الناس مطبوعا منذ أكثر من عشر سنين، ذلك بأن وزارة الثقافة المصرية كانت قد طلبت منا مختصرا لكتابنا: " أضواء على السنة المحمدية " عندما ظهرت طبعته الأولى في سنة 1958 م لتجعله حلقة في سلسلة مكتبتها الثقافية، وقبل نشره عرضته على الأزهر ليبدي رأيه فيه وما كاد يقف عليه حتى أرصد له من كيده فرماه بأن فيه ما يخالف الدين وطلب عدم نشره وتداوله بين المسلمين (1)، ولم تستطع هذه الوزارة أن تخالف عن أمره لأنه ما يربطه على الأرض يكون مربوطا في السماء، وظل هذا الكيد يلاحق الكتاب هذه السنين الطويلة لكي يحول دون نشره بين الناس (2) إلى أن علم أخيرا بالأمر نصير الدين والفكر الدكتور طه حسين طلب أصول الكتاب من وزارة الثقافة ولما اطلع عليه أعاده علينا مع خطاب، دحض فيه ما رماه الأزهر به.

وصرح في جلاء أنه موافق للدين كل الموافقة لا يخالفه ولا ينبو عنه في شئ

____________

(1) الشخص الذي يرمز إليه الأستاذ أبو رية هو الشيخ محمد أبو زهرة كما أخبرني فضيلته بذلك في إحدى رحلاتي إلى القاهرة وهذا الشيخ من علماء الأزهر وأستاذ الشريعة والقانون بكلية الحقوق بجامعة القاهرة.

(2) وقف الأزهر في سبيل هذا الكتاب كما وقف في سبيل كتابين لنا آخرين وهما كتاب: " دين الله الواحد " وكتاب " صيحة جمال الدين " وقامت في سبيل ذلك معارك حامية على مجلة الأزهر وغيرها واهتم الناس بهذه المعارك وتوقعوا ما قد يترتب عليها من عواقب قد تضرنا لأن الأزهر بقوته وجحافله كان يحاربنا ونحن وحدنا ولم يكن وراءنا في هذا المعمعان أحد يؤيدنا، ولكن الله سبحانه هو العون والوزر وقد كتب لنا بفضله النصر والظفر، وبتأييده تعالى باءت كل الحملات التي وجهت إلينا. من كل جانب بالخيبة والهزيمة والحمد لله حمدا كثيرا.

الصفحة 155
مطلقا.

وأنه مفيد فائدة كبيرة جدا في علم الحديث...

وأن في نشره الخير كل الخير، والنفع كل النفع وبذلك انحسم الأمر، وحصحص الحق، واتخذ الكتاب سبيله إلى الناس مطبوعا لينتفعوا به.

ولأهمية خطاب الدكتور طه حسين نشرنا صورته على غلاف الكتاب، تبصرة لأولي الألباب.

محمود أبو ريه   
13 / 10 / 1969 م

* * *


الصفحة 156

الصفحة 157

- 3 -
الأستاذ فكري عثمان أبو النصر
من خريجي الأزهر الشريف
والمدرس بوزارة التربية والتعليم


الصفحة 158

  • ولادته ولد في قرية تلبانة في أعمال مركز المنصورة عام 1927 م.

  • درس في الأزهر الشريف.

  • تخرج في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر عام 1945 م.

  • لا يزال يمارس في المدارس الحكومية التابعة لوزارة التربية والتعليم.

  • هو اليوم محرر في جريدة الأهرام بمصر.

    له كتاب: " من كفاحنا الفكري " و " ذكريات خالدة " وغيرهما.


    الصفحة 159
    تعرفت إلى هذا الأستاذ عن طريق الأستاذ خاله الشيخ محمد عبد المنعم خفاجي وحينما أقدمت على طبع الموسوعة الفقهية " وسائل الشيعة ومستدركاتها " طلبت من الأستاذ الشيخ محمد عبد المنعم خفاجي أن يعرفني على أستاذ ليقوم بتصحيح ملازم هذا الكتاب الفقهي الخالد فدلني على الأستاذ فكري، وبعد أن تم طبع المجلد الثاني من هذه الموسوعة الفقهية " وسائل الشيعة ومستدركاتها " عرضت على الأستاذ فكري أن يكتب لبعض أجزاء هذه الموسوعة الحديثية كلمة حول أحاديث العترة النبوية فتفضل مشكورا بهذه الكلمة الخالدة وإليك نصها:

    - 1 -
    وسائل الشيعة من فقه العترة الطاهرة

    كتاب فذ جامع لأحاديث رسول الإسلام الكريم، وأحاديث أهل بيته وعترته الأكرمين والاستدلال بها على صحة أحكام الدين - في العبادات والمعاملات - على المذهب الشيعي.

    والشيعة مذهب إسلامي عظيم - لا يختلف، من حيث العبادات والمعاملات في كثير عن مذاهبنا الأربعة في مصر - وهو إلى الحنفية أكثر تطابقا، وأقرب شبها، كما

    الصفحة 160
    أنه من حيث نظرته الفلسفية العميقة لأحداث الإسلام الأولى يتجاوب مع شعورنا، ولا يختلف عن فلسفتنا - لولا ما يتقيد به من عدم الأخذ والاستدلال بأي حديث آخر - مهما كانت قوة سنده، وصحة ثبوته، وروايته بعكس أهل السنة الذين يأخذون بهذا وذاك.

    والشيعة في ذلك التقيد بأحاديث العترة الطاهرة - لهم حججهم الفلسفية أنهم هم الذين أحاطوا بالإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ونادوا بأحقيته في الخلافة - وأنه أحق بها وأهلها - لقد أحاطوا بهذا الحق وناصروه نصرا عزيزا وتساقطوا من حوله جماعات - إنه حق الإمام علي وخلفه في ولاية المسلمين.

    لعمري اتجاه من الشيعة ينبئ عن قلوب عامرة بالإيمان، صادقة في الإحساس، حرة في التفكير، صادقة في العزيمة - وهو ما يشتهر به إخواننا الشيعة في أقطار المسلمين: في العراق، وإيران، والبحرين، واليمن، والهند، وباكستان، والبرازيل، و...

    ومن الخطأ البين أن يعتقد ويظن أن الشيعة لم تتكون إلا في غمرة تلك الأحداث المروعة التي أثارها معاوية لا...

    لقد تشيع الناس لعلي بعد وفاة الرسول (عليه السلام)، يوم نادى الأنصار بالخلافة، ونادى بها سائر العرب للمهاجرين، والقرشيين من آل الرسول، ولم ينته الخلاف إلا بعد أن حسمه عمر.

    ولما لم ينظر لها نظرة فلسفية بعيدة المدى، عميقة الغور: فقد أخطأ هذه النظرة الفلسفية التي حققت صدقها الأحداث - هي أنه بخروج ولاية المسلمين عن آل البيت - حتى ولو كانت لأبي بكر وعمر وعثمان - قد أصبحت معرضة لأن ينتزعها

    الصفحة 161
    الأقوى والأدهى - فيما بعد أبي بكر وعمر وعثمان وتصبح هدفا للطامعين والمغامرين.

    أما لو كانت في آل البيت وحدهم مع العمل بمبادئ الشورى والنصيحة التي أقرها الإسلام - لو أن عمر " رض " أيد هذا الاتجاه، ونظر هذه النظرة وتعمق هذا التعمق لما وقعت هذه المآسي، بل لظل الإسلام أبد الدهر أعلى مكانة، وأبسط نفوذا، وأقوى إشراقا، وأهدى سبيلا، ولكانت لنا في الشرق خلافة إسلامية ودولة عربية تصارع دولة الفاتيكان الرومية، وقوة الغرب المادية.

    هذا ما استوحيته من اطلاعي على هذا الكنز الصادق من الأحاديث في العبادات، والتشريع، والآداب الإنسانية التي يشتهر بها الشيعة في بقاع الأرض.

    ولما كانت قراءتي لهذا السفر لمجرد الاطلاع - بل كانت لمراجعته ودرسه وقياسه على مذاهبنا، فراجعته مرة لإعداده إملائيا ونحويا ولغويا، ونقله من تلك الطبعة اليدوية القديمة إلى تلك الطبعة الواضحة الصحيحة - مع جمع الكتابين وتنسيقهما، ومرتين آخرتين لتصحيح ما يقع فيه جامعوا الحروف من أخطاء وأنا في هذه القراءات الثلاث دارس عميق الدرس - فهو أول كتاب أقرؤه للشيعة، والمصدر الثاني لمعلوماتي عن الشيعة هي: تلك الأحاديث الشيقة، والمعلومات القيمة عن حقيقة المذهب التي كانت تضمنا وتجمعنا بالسيد مرتضى الرضوي الذي أتاح لي المساهمة المتواضعة في إخراج هذا السفر الجليل، والبدء في دراسة هذا المذهب التشريعي النبيل.

    والحق يقال: إن حقيقة مبادئ وفلسفة المذهب الشيعي تكاد تكون مجهولة جهلا تاما في مصر - حتى في أوساط فقهائنا وعلمائنا السنيين!!


    الصفحة 162
    مما حدا بأزهرنا الشريف إلى تقرير تدريس المذهب الشيعي وفلسفته في الكليات الأزهرية - وهو ما ننتظره ونرجوه - لتتوحد الآراء، وتستقيم الموازين، وتتحقق الآمال.

    والله ولي التوفيق والهداية.

    فكري أبو النصر                   
    من علماء الأزهر الشريف               
    ومدرس الأدب العربي بالليسيه الفرنسية " سابقا " / القاهرة


    وفي رحلتي إلى القاهرة عام 1394 هـ المصادف عام 1975 م زرت الأستاذ فكري أبو النصر في مبنى جريدة الأهرام بشارع الجلاء بالقاهرة وحددت الموعد معه للزيارة في منزله وأهديت له مجموعة من مطبوعاتنا في القاهرة مع كتاب:

    " المراجعات " للإمام شرف الدين طاب ثراه وطلبت منه أن يكتب لنا انطباعاته عن الكتاب لنقدمه له عند نشره، وقد طبع كتاب " المراجعات " في القاهرة عام 1396 هـ - 1976 م وبه التقديم الذي كتبه الأستاذ فكري عن الكتاب وهذا نصه (1).

    - 2 -
    المراجعات

    الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القيم. والصلاة والسلام على أفضل خلقه وخاتم رسله وأنبيائه: محمد بن عبد الله... الذي أرسله الله رحمة للعالمين وعلى عترته

    ____________

    (1) أوردنا هذا التقديم في الطبعة السابعة عشر لكتاب " المراجعات " المطبوع بمصر في مطبعة دار المعلم بالقاهرة 8 شارع جنان الزهري السيدة زينب وتجده في الطبعة التاسعة عشر المطبوعة بمطبعة الكيلاني 22 شارع غيط العدة بالقاهرة وما بعدها في الطبعات التي صدرت أخيرا بعد عام 1977 بمصر - المؤلف -.

    الصفحة 163
    أئمة الهدى من بعده إلى يوم الدين.

    أما بعد: فقد تفضل مشكورا أخي في الله وصديقي السيد الأستاذ مرتضى الرضوي - بإهدائي مجموعة قيمة من الكتب في المذهب الشيعي الإمامي، ومن بينها كتاب " المراجعات " وهو يشتمل على حوار ممتع صاف حول المذهب الشيعي.

    ويستخرج دفائنه بين إمامين جليلين هما:

    الإمام الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر الأسبق.

    والإمام السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي الشيعي الإمامي (رحمهما الله).

    وطلب مني أن أقدم لموسوعته الإسلامية التي يعتزم إعادة طبعها.. وقد أجبته إلى طلبه شاكرا له ثقته، ومستعينا بما أهدانيه من أسفار في المذهب الشيعي الإمامي الجعفري من جهة، ومناقشاتنا المستفيضة في المذاهب الإسلامية وأحكامها. كلما ضمنا لقاء، وجمعت بيننا الظروف التي كثيرا ما تدفعه للحضور إلى القاهرة ولقاء أصدقائه وأحبائه وشيعته فيها.

    ومن ضمن هذه الموسوعة الإسلامية كتاب: " المراجعات " بما تحويه من معتقدات وأحكام في المذهب الشيعي الإسلامي الكبير.. أصوله وفروعه. وبما تلقيه من أضواء ساطعة، تنير الطريق، وتهدي الساري، وتقود الباحث إلى حيث يجد ضالته، ويقف على بغيته.

    إنما تؤدي خدمة كبرى لجمهور الباحثين وعلماء المذاهب الأخرى الذين يفتقرون إلى الغوص في ثنايا المذهب الإمامي والوقوف على حقائقه وأسانيده وما يتفق وما يختلف فيه مع المذهب السني وغيره من المذاهب. ودراسته دراسة موضوعية علمية ومنصفة. حتى يمكن فتح باب الحوار والمناقشة معه من جديد.

    حوار يزيد من رابطة الدين بين المذهبين الكبيرين ويقوي أواصر التعاطف

    الصفحة 164
    والفهم فيما بينهم بأكثر مما هو قائم الآن.

    ونبذ ما يدعو إلى الفرقة والخصام، والعمل الجاد على انفتاح الطوائف والمذاهب الإسلامية بعضها على بعض وإزالة هذه الجدر الوهمية التي أقيمت بينها. مما يؤدي حتما إلى الالتقاء على نقاط كثيرة مما يتصورها البعض نقاط خلاف. إذا ما توفرت النية الحسنة، والرغبة في تشكيل قاعدة متينة من التعاون الصادق والمشترك، وحصر نقاط الاختلاف، توطئة لتطويقها، وتجاوزها إلى ما فيه نفع الإسلام ومصلحة المسلمين.

    ومن ثم إلى الاستمرار في نشر الدين وتماسك أهله وإسعادهم. ولا ننسى أبدا قول الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا).

    فكيف - بالله - نترك أوامر الله ونواهيه بالاعتصام بحبله وعدم التفرق. إلى أوامر المخلوق ونواهيه بالمنابذة والتفرق.

    وأود في هذا المقام أن أذكر بما يقوم به الآن أصحاب المذاهب المسيحية المختلفة من عمل جاد دؤوب، واجتماعات مستمرة. تهدف إلى إقامة نوع من الوحدة الطائفية فيما بينها.

    بالرغم من الفوارق الكثيرة والبعيدة في أصول المعتقدات وفروعها. والعمل على تضييق شقة الخلاف في هدوء وروية وتفاهم. وصولا إلى أهدافهم في الوحدة والتعاون المشترك.

    وفوق ذلك، فقد استطاع أحد هذه المذاهب المسيحية الكبرى أن ينقض أصلا من أصول معتقداته التي يشترك فيها معها كل المذاهب الأخرى. ابتغاء مرضاة طائفة أخرى غير مسيحية وهم - اليهود -.

    ولمجرد مسايرة التطور الإنساني والمصلحة السياسية، ألا وهي تحميل اليهود

    الصفحة 165
    وزر وذنب مقتل المسيح وصلبه. وهذا الأصل المتغلغل في وجدان المسيحيين منذ نشأة المسيحية، وبسببه ظلوا يحملون الكراهية والبغضاء وصنوف الحقد والاضطهاد لليهود طوال عشرين قرنا من الزمان، حتى أصدرت دولة الفاتيكان " الرئاسة البابوية الروحية للمسيحيين الكاثوليك في روما " وثيقة تبرئ اليهود من هذا الوزر الكبير في معتقدهم.

    ومما يدعو إلى الدهشة أن ذلك يتم في الوقت الذي استطاع فيه اليهود وصهاينتهم أن يحققوا نصرا على العرب المسلمين.

    وكأنه مكافأة لهم على إذلالهم للعرب والمسلمين الذي تصوروا أنهم قد أصبحوا لقمة سائغة، ولن تقوم لهم بعدها قائمة، حتى كان نصر الله لهم في رمضان من عام 1393 هـ اكتوبر 1973 م الذي أذهلهم وأرعد فرائصهم.

    ولم يتم هذا النصر للعرب والمسلمين إلا بأدنى حد من الوحدة فكيف بالوحدة الكاملة؟!!

    إلى هذا الحد بلغت بأهل الأديان الأخرى رغبتهم في التطوير والتغيير وإلى هذا الحد يبلغ حرصهم على الوحدة الدينية والتقريب بين مذاهبهم عن طريق الحوار المخلص والجاد فيما بينهم، فأين نحن من هذا كله؟؟ وليس بين مذاهبنا مثل ما بينهم من خلاف وشقاق وتباعد.

    إن أهم ما نقدمه من هذا الموسوعة الإسلامية كتاب " المراجعات " ذلك الحوار المفتوح بين العالم السني الجليل الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر الأسبق. وبين العالم الشيعي الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين كبير علماء الشيعة في لبنان.

    وهو حوار موضوعي أمين، يتيح التعرف على الحقيقة، بعيدا عن التحيز أو التأثر بالعاطفة المذهبية أيا كانت...


    الصفحة 166
    ومن حسن الحظ أن أهل السنة لا يختلفون مع الشيعة في محبة آل البيت النبوي الكريم، ومناصرتهم وتقديسهم. وتعاطفهم الشديد مع الإمام الأكبر علي بن أبي طالب في طلب الخلافة وأحقيته لها وذريته من بعده.

    وأن منزلته من رسول الله صلوات الله عليه هي بمنزلة هارون من موسى (عليه السلام) كما لا يختلف المذهبان في معظم أصول الدين وفروعه. لولا ما يذهب إليه الشيعة من استنباط أحكام مذهبهم مما تواتر عن الأئمة الاثنا عشر من آل البيت النبوي (1) دون سواهم من صحابة رسول الله، الذين لم يشايعوا الإمام عليا " كرم الله وجهه " والعترة الطاهرة الذين خاطبهم الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).

    ولا يأخذ الشيعة كذلك في الأصول بمذهب الأشعري، وفي الفروع بالمذاهب السنية الأربعة على أساس أن مذهب الأئمة أسبق منها. وبالتالي: أدعى إلى الوثوق به، وأولى بالتبعية من سواه، حيث كان عليه المسلمون في القرون الثلاثة الأولى للإسلام. وباب الاجتهاد فيه مفتوح إلى اليوم.

    وكذلك لم يؤثر بالمذهب الشيعي الصراعات السياسية طوال التاريخ الإسلامي.

    ____________

    (1) روى البخاري عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: يكون اثنا عشر أميرا فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: كلهم من قريش صحيح البخاري 9 / 81.

    وفي صحيح مسلم بسنده عن النبي (صلى الله عليه وسلم): " لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش صحيح مسلم 6 / 4 وفي 3 / 4 روايات أخرى بمضمون رواية البخاري.

    وفي رواية أحمد عن مسروق قال: " كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود وهو - يقرئنا القرآن، فقال رجل: يا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله:

    ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك، ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله فقال اثني عشر كعدة نقباء بني إسرائيل - مسند أحمد وغيره.

    الصفحة 167
    وكلها أمور يمكن طرحها للمناقشة والحوار بروح التسامح والتسامي من أجل وحدة الهدف المشترك، والغاية النبيلة، البعيدة عن الأعراض والأهواء.

    كما يرى بعض العلماء من المذهبين أن أفضل وسيلة يمكن بها تحقيق ذلك. أو على الأقل، الحد الأدنى منه هو أن ينظر أهل السنة إلى المذهب الشيعي باعتباره مذهبا خامسا بجانب المذاهب الأربعة السنية سواء بسواء.

    وهنا تحضرني فتوى لفضيلة الإمام الأكبر المرحوم الشيخ محمود شلتوت عندما كان رئيسا للأزهر، نشرت عام 1959 م بمجلة " رسالة الإسلام " (1) في العدد الثالث من السنة الحادية عشر ص 228 يقول فضيلته:

    " إن الإسلام لا يوجب على أحد من أتباعه مذهب معين، بل نقول: إن لكل مسلم الحق في أن يتبع أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا، والمدونة أحكامها في كتبها الخاصة بها، ولمن قلد مذهبا من هذا المذاهب أن ينتقل إلى غيره - أي مذهب كان - ولا حرج عليه في شئ من ذلك ".

    ثم قال فضيلته: " إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الاثنا عشرية هو مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة، فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة ".

    إن أمام العرب والمسلمين اليوم فرصة كبيرة، بما حققوه على الصعيدين العسكري والسياسي، واستثمارها إلى أقصى حد لخير الإسلام والمسلمين جميعا على اختلاف مذاهبهم وأجناسهم، وكسب مغانم كثيرة يرضونها لأنفسهم ولأوطانهم.

    ونيل حقوقهم من مغتصبيها، وامتلاك إرادتهم حرة قوية منيعة، وبسط نفوذهم على ما تحت أيديهم من ثروات، وما وهبهم الله من كنوز، والتصرف فيها وفق مشيئتهم

    ____________

    (1) تصدرها جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية في القاهرة 19 شارع حشمت باشا بالزمالك.

    الصفحة 168
    وما تمليه عليهم مصالحهم ومصالح أجيالهم من بعدهم. وما يساعدهم على اللحاق بأقصى درجات التطور والتقدم العلمي والصناعي والحضاري الذي هو سمة العصر وآية الرقي...

    وفي النهاية تشكيل قوة متحدة متماسكة، تستطيع أن تفرض إرادتها واحترامها، وتبرز للعالم أصالة تراثها الديني والحضاري، وتعطي للعالم زادا جديدا من الحضارة الروحية والخلقية الممتزجة في الوقت نفسه بالحضارة المادية. بعد أن يكونوا قد بلغوا الغاية في الوحدة الصافية، وساروا في تيار واحد يجرف ما يعترضه من عوائق وحواجز. يعطي الخير والنماء للإسلام وأهله كما تعيد إليه ملامح صورته المشرفة، ورسالته الحقة. (وقل اعملوا فسيرى الله علمكم ورسوله والمؤمنون).

    لقد آن الأوان لأن نضع حدا لهذه الفرقة... التي أوجدها أعداء الله، أعداء الإسلام، وأصحاب الأهواء والأغراض والأطماع طول القرون الماضية...

    وشغلونا بأنفسنا ومعاشنا عن واجبنا المقدس نحو نصرة دين الله والتمكن له في الأرض.

    وأدخلونا في جدل عقيم، وتسلطوا على مقدراتنا.

    وشوهوا كل مقوماتنا ونحن عاجزون عن صدهم، مستسلمون لكيدهم..

    ليس أمامنا من سبيل - والله - إلا الوحدة...

    الوحدة بكل أهدافها ومراميها وأغراضها السامية ليس من أجلنا فحسب، ولكن من أجل البشرية جمعاء.

    وفي إعتقادي أن الوحدة تسبقها الوحدة الدينية، والتعاطف المذهبي... تعطي المثل والقدوة... وترفع الراية...

    وحدة دينية هادئة، تحمل المشعل وتضئ الطريق للوحدة السياسية، وتضع

    الصفحة 169
    الأساس للقوة الإسلامية الكبرى التي تستطيع أن تحقق السلام على الأرض..

    وترفع راية الحق والعدل فوق ربوعها من جديد.

    إن العب ء الأكبر في لم شمل المسلمين، وتوحيد كلمتهم.. يقع أول ما يقع على رجال الدين...

    هذه هي رسالتهم الأولى، وواجبهم الأسمى، قبل أي شئ آخر... فإن لم يؤدوها ويسعوا إلى تحقيقها... فما أدوا الرسالة ولا قاموا بواجبهم، ولا أدوا فريضة الجهاد في سبيل الله...

    فلا سبيل إلا بالوحدة أساس العزة والمنعة.

    إن جماعة مخلصة من كبار رجال الدين من كل المذاهب الإسلامية، يؤمنون بهذه الرسالة ويتحررون من قيود حياتهم وأغلال منافعهم الذاتية، يخلصون النية لله وحده ولدينه القويم وتتحد أفكارهم وغايتهم..

    يستطيعون أن يحققوا هذا الأمل الكبير، أو على أقل القليل، يضعون اللبنة الأولى، والنواة الصالحة في الأرض الطيبة، يرعاها بعدهم غيرهم حتى تنبت وتزدهر، وتينع وتثمر، وتؤتي أكلها الطيب الشهي، ولنثق... أن الله سينصر دينه، ويتم نوره ولو كره الكافرون (1).

    فكري أبو النصر       
    القاهرة: في 17 / 11 / 1975

    ____________

    (1) جاء نشر هذا التقديم في كتاب " المراجعات " وهي الأبحاث التي دارت بين الأستاذ الأكبر الشيخ سليم البشري الجامع الأزهر وبين الإمام شرف الدين العاملي حول أصول المذهب والإمامة العامة وطبعت لأول مرة بمطبعة العرفان - صيدا لبنان عام 1355 هـ - 1936 م، وصورنا هذه الطبعة بالأوفست بالقاهرة بمطبعة الأستاذ سعيد رأفت..

    - المؤلف -


    الصفحة 170

    الصفحة 171

    - 4 -
    الشيخ عز الدين أبو العزائم
    شيخ الطريقة العزمية


    الصفحة 172

  • ولادته: ولد في مدينة سماط في محافظة المنيا - نوفمبر عام 1926 م.

  • تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1953 م.

  • عمله: مدير إدارة القضايا في شركة مصر للبترول.

  • أهم آثاره: تحقيق آثار جده " أبي العزائم " في التفسير " أسرار القرآن " وفي الفقه " أصول الوصول لمعية الرسول " وهو خاص في العبادات والمعاملات وفي غيرهما.

  • تعرفت إليه في القاهرة عام 1975 م.

  • وهو شيخ الطريقة العزمية.

  • ومن الأساتذة المرموقين بمصر.

  • يدعو إلى التقارب بين الشيعة وجمهور السنة.

  • يرى أن كتب الشيعة الإمامية من أقوى الكتب، وأن البحث فيها مغني.

  • يدعو إلى مطالعة كتب الإمامية والوقوف عليها.

  • يتميز بروح الإنصاف والولاء لأهل البيت (عليهم السلام).

  • يرى أن الإمامة يجب أن تكون بالنص أو الإشارة، لا بالإجماع.