تعرفت إلى هذا الأستاذ منذ كان مديرا لمكتب وزير الأوقاف العلامة الكبير الشيخ أحمد حسن الباقوري ودعاني في شهر رمضان مع جماعة من الأساتذة والعلماء في الوزارة وكان ذلك في شهر رمضان عام 1377 هـ الموافق 1958 م.
وفي كل مرة عندما أعود إلى القاهرة ألتقي به في داره الواقعة في 30 شارع عبد العزيز.
وفي أحد الأيام ذهبت إلى داره العامرة وطلبت منه أن يعرفني على دار نشر لأتعامل معها فأرشدني إلى الحاج عبد المنعم الخضري صاحب دار الفكر العربي.
فذهبت مرة معه وعرفني عليه وعرفه بي وقال لي:
اترك هنا من جميع كتبك عددا معينا من كل كتاب واستلم وصلا بالكتب وفي السفرة القادمة تستلم منه ثمن المصروف وهكذا فعلت.
وبعد أعوام صادف مجئ إلى القاهرة في شهر رمضان المبارك فطرقت باب دار الأستاذ صباحا فرحب بي كثيرا على عادته وأدخلني غرفة الاستراحة ولما أردت الانصراف قال:
أرغب أن تحضر هذه الليلة للإفطار عندنا، فلبيت الطلب، وقصدت داره العامرة وصادف دخولي داره وقت المغرب ولما دخلت سلمت وجلست في الغرفة المعدة للضيوف فحياني سيادته وغاب عني دقائق ثم عاد وبيده صحن صغير فيه تمر محشو باللوز فتناول سيادته واحدة وضعها في فيه وتناول ثانية بيده وقدمها لي وقال:
تفضل: فأخذتها من يده وتركتها أمامي على المنضدة.
قلت: قال الله تعالى: وأتموا الصيام إلى الليل.
فهل يقال لهذا الوقت ليل؟
فأجاب: لا.
قلت: إذا كيف نفطر؟
ثم قلت: أنظر يا أستاذ إلى هذه الحمرة المشرقية ظاهرة ونحن الشيعة الإمامية لا نفطر في هذا الوقت بل نتأمل دقائق وننتظر حتى تغيب هذه الحمرة لأن وجودها يدل على عدم غياب - قرص الشمس - فإذا زالت الحمرة هذه جاز لنا الإفطار.
ونحن نأسف لإخواننا السنيين كيف يمسكون عن الأكل والشراب طوال النهار ولا ينتظرون دقائق معدودة حتى تغيب هذه الحمرة.
فأجاب سيادته قائلا:
أما أنا فمن الآن معكم، وبعد هذا لا أصيب طعام الإفطار إلا بعد ذهاب الحمرة المشرقية، وبعد أن أفطرنا من صومنا، وشربنا الشاي، وتناولنا الفواكه ودعته وانصرفت.
وفي رحلاتي إلى القاهرة وعند زياراتي له في داره العامرة طلب مني الأستاذ أن أرسل له كتاب مجمع البيان في تفسير القرآن (1) لأمين الإسلام الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي طاب ثراه وبعد عودتي إلى العراق أرسلت له الكتاب بالبريد المضمون وأجابني بوصول الكتاب إليه وإليك نصه:
____________
(1) مجمع البيان في تفسير القرآن طبع عدة طبعات في صيدا - لبنان والقاهرة وطهران وتبريز.
السلام عليكم ورحمة الله، وبعد:
فقد تلقيت بيد الشكر تفسير الإمام الطبرسي في خمسة الأجزاء التي بعثتم بها إلي.
وإني إذا أذكر لكم هذا الفضل أسأل الله أن يجزل لكم المثوبة، ويبارك عليكم في دينكم وفي خلقكم وفي مروءتكم.
وإن الأيام القليلة التي تقضيها معنا في القاهرة بين الحين والحين هي زاد طيب نعيش فيه إلى أن تعود فنلقاك. وأرجو أن يكون لقاؤنا هذه المرة بك في وقت مبكر عما اعتدت أن تزور فيه القاهرة، كما أرجو أن تكون مدة إقامتك أطول حتى تتاح الفرصة للقاءات كثيرة معك.
أرجو أن تبعث إلي بكل ما تريد من مصر، فأنا على أتم استعداد لخدمتك وقضاء ما تطلب.
وتحياتي، وأشواقي، وتمنياتي الطيبة.
عبد الكريم الخطيب
القاهرة في: 12 / 2 / 1967 م
- 19 -
عبد المنعم خفاجي
الأستاذ بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر
وعميد كلية اللغة بأسيوط
إن لي صديقا حميما وأستاذا في كلية اللغة العربية بالأزهر الشريف وهو أحد رجال مؤسسي رابطة الأدب الحديث وله مؤلفات كثيرة وتحقيقات على كثير من الكتب في النحو والصرف، والعروض، والبلاغة، وصلات مع دور النشر والمطابع في القاهرة.
وحرر الأخ عبد الرحيم للأستاذ خفاجي رسالة أخبره فيها بأن لي دار نشر في النجف الأشرف - العراق وأرغب في نشر بعض الكتب الإسلامية في القاهرة.
وحينما دخلت القاهرة حينذاك نزلت في فندق جرين بميدان الأوبرا ومكثت فيه أياما، ولأيام قلائل سافرت إلى الإسكندرية للاستطلاع على معالم المدينة، والآثار التي فيها وصحبت معي مفتاح الغرفة، وعند رجوعي إلى القاهرة عدت إلى الفندق المذكور ومعي مفتاحها وحينما دخلت الفندق قاصدا غرفتي وإذا بمدير الفندق يناولني مفتاحا آخر لغرفة أخرى - غير غرفتي - وقال:
كان يقيم في غرفتك طالب وقد سافر منذ زمن إلى خارج القاهرة وعاد أمس وطالب بها فأخرجنا ما كان فيها من الأشياء العائدة لك ونقلناها إلى غرفة أخرى هذا مفتاحها إلا أني دفعت لهم حسابهم وحملت ما كان لي في الفندق وانتقلت إلى
____________
(1) له عدة مؤلفات مطبوعة منها: " القرآن والترجمة "، " الكاظمي " شاعر العرب في عدة أجزاء، " رباب الكاظمي "، " مصادر الدراسة " عن النجف والشيخ الطوسي.
وكنت دائما أجتمع بالأستاذ خفاجي وألتقي به في مقهى البسفور خلف شارع الصنادقية بشارع الأزهر حيث يحضر بهذه المقهى الأساتذة والأدباء لشرب الشاي والقهوة " والنركيلة " وربما اللعب والتسلية، وفي " مقهى المختلط " بميدان العتبة الخضراء.
وعندما حضرت المقهى في أحد الأيام سألت الأستاذ خفاجي عن مطبعة فعرفني على مطبعة دار العهد الجديدة للطباعة لصاحبها كامل مصباح (1) وكان ذلك في يوم الثلاثاء فذهبت معه إلى المطبعة ومعي الأصول لكتاب: " وسائل الشيعة ومستدركاتها " الجزء الأول منه، ولما دخلنا المطبعة قصدنا " السيد عطوة " المرتب الفني في هذه المطبعة وعرضنا عليه أصول الكتاب وتركناها عنده وفي الوقت نفسه راجعنا صاحب المطبعة " كامل مصباح " واتفقنا معه على أجرة طبع ملازم الكتاب وحددنا اليوم الذي سيكون فيه الشروع بالعمل فاتفقوا على يوم السبت أول الأسبوع.
وقال " السيد عطوة ": عندنا الآن بعض الأعمال وستنتهي في نهاية هذا الأسبوع وسنشرع بالجمع من يوم السبت إن شاء الله:
____________
(1) المطبعة تقع قرب سوق بين الصورين قرب باب الشعرية من ميدان الجيش.
هل ابتدأتم بجمع الملزمة الأولى من الكتاب لأنكم قررتم أن يكون الشروع فيه من هذا اليوم فأجاب:
سنبتدئ بالكتاب من غد وفي هذا اليوم " شطبنا " عملنا السابق وسيكون الشروع في غد إن شاء الله.
وفي أثناء طبع الكتاب احتجت إلى مبلغ وغادرت القاهرة وأتيت بيروت لأتصل بالعراق لإرسال حوالة مصرفية إلى بيروت وقد بقيت فيها فترة في خلالها مررت في أحد الأيام على مكتبة العرفان للحاج إبراهيم زين عاصي في شارع سوريا ببيروت وإذا بفضيلة الأستاذ الكبير الشيخ أحمد عارف الزين مؤسس مجلة العرفان الغراء في صيدا - لبنان في المكتبة جالس إلى جنب صاحبها ولما دخلت المكتبة قاما ورحبا بي كثيرا وأمر لي الحاج إبراهيم صاحب المكتبة بقدح من الشاي فشربت.
وقد دعاني الأستاذ الشيخ أحمد عارف الزين إلى منزله في صيدا وذهبت معه وبقيت أياما في ضيافته في منزله وبعد ذلك جئت إلى بيروت واستلمت المبلغ وأخذت به " شيكا " على بنك مصر وعدت إلى القاهرة.
وقبل عودتي إلى القاهرة وأنا في منزل المرحوم صاحب العرفان كنت قد
____________
(1) الأستاذ مجاهد صاحب مكتبة مجاهد ومؤلف كتاب الأعلام الشرقية صدر منه أربعة أجزاء.
- المؤلف -
وبعد عودتي إلى القاهرة كنت مشغولا في مراجعة ملازم تصحيح الكتاب وهو:
" وسائل الشيعة ومستدركاتها " إذ ورد علي عدد العرفان وفيه هذه القصة وهذا نصها:
سلم السيد مرتضى صاحب مكتبة النجاح في النجف الأشرف وكان في صحبته الأستاذ محمد عبد المنعم خفاجي الكتاب إلى مطبعة دار العهد الجديد في القاهرة وذلك يوم الخميس فوعد صاحب المطبعة المباشر بالطبع يوم الأحد وجاء يوم الأحد ولم ينجز وعده فقرأ له هذه الأبيات وهي من ديوان الوزير طبع مصر ص 23 منه:
وفي أثناء طبع الكتاب ونحن في المطبعة قلت للأستاذ خفاجي إني أريد أكليشية (صلى الله عليه وآله وسلم) بدلا من الموجودة حاليا في المطبعة (صلى الله عليه وسلم) بل في جميع المطابع هنا فوعدني الأستاذ خفاجي وألزم صاحب المطبعة بإحضارها من مسبك الحرية في الإمام الشافعي وقد سبق أن الأستاذ نزار الدين مدير مجلة العرفان الغراء في
وسألني السيد عطوة عن سبب الاهتمام بهذه الأكليشية: أخبرته أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد حدث عنها ونهى عن القول بغيرها وسماها بالبتراء (2).
وكنت قد تعودت أن ألتقي بالأستاذ خفاجي في مقهى المختلط بميدان " العتبة الخضراء " فذهبت إلى المقهى وشاهدت الأستاذ جالسا وأمامه كؤوس الشاي وحوله أساتذة وطلاب ولما رآني طلب لي الشاي وجلست في القرب منه وطلبت أن يعرفني على بعض الأساتذة ليقوم بتصحيح ملازم الكتاب في المطبعة فعرفني على ابن شقيقته الأستاذ فكري أبو النصر ليقوم بتصحيح الملازم في المطبعة لقاء أجر معين، وبعد أن تم طبع الجزء الثاني من كتاب " الوسائل " كتب الأستاذ فكري كلمة حول الكتاب تقدم نصحها في أول الكتاب في أوائل هذا الكتاب وكنت قد طلبت من الأستاذ خفاجي أن يكتب تقديما وقد ذكر فيه اهتمام الشيعة بأخذ الحديث عن أهل بيت الوحي لأنهم عدل القرآن فكتب وطبعت في الجزء الأول من كتاب " الوسائل ".
وبعد أن تم طبع الجزأين من " الوسائل " عدت إلى العراق وحينما كنت هناك
____________
(1) الأستاذ نزار الزين من رجال الصحافة والأدب المعروفين في الدفاع عن العقيدة والحق وقد تولى بعد وفاة والده العلامة الأستاذ الكبير المغفور له الشيخ أحمد عارف الزين إصدار المجلة بجده وجهده وإن دل هذا على شئ فإنه يدل على كفاءته وإخلاصه في عمله. وفقه الله تعالى لمراضيه وجزاه خير جزاء المحسنين.
(2) قد ورد في الحديث الشريف عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " لا تصلوا علي الصلاة البتراء قالوا يا رسول الله وما الصلاة البتراء قال: تقولوا: اللهم صلي على محمد وتمسكوا قولوا: اللهم صلي على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ". والصلوات الإبراهيمية مذكورة في جميع كتب المناقب.
- المؤلف -
وفي 10 / 8 / 1974 وصلت إلى القاهرة لإكمال بعض الآراء المتعلقة بهذا الكتاب " مع رجال الفكر في القاهرة " من جمع صور وتراجم هؤلاء الرجال وتقديم الكتاب بقلم " أحد أعلام الكتاب البارزين بمصر ".
وفي 12 / 8 / 1974 جئت إلى حي الأزهر إلى مكتبة القاهرة للحاج علي يوسف فالتقيت بالأستاذ خفاجي هناك ودعاني إلى منزله لتناول طعام الغداء في 13 / 8 / 1974 وبعد الفراغ من تناول الطعام تحدثنا حول الطبع والنشر وتحقيق بعض الكتب في الأدب والبلاغة وقد طلب مني أن يقوم بتحقيق " أنوار الربيع في أنواع البديع " للسيد علي خان المدني المعروف " بابن معصوم " فأخبرته بأني كنت قد دفعت هذا الكتاب للدكتور حامد حفني داود أستاذ الأدب العربي في كلية الألسن بجامعة عين شمس قبل عام 1965 م ثم قلت: إني أرى الإنتاج الأدبي والإسلامي قد قل في هذا اليوم وليس كالسابق فأجاب: إن السبب الوحيد في الوقت الحاضر هو أزمة الورق وارتفاع سعره وستحل هذه الأزمة في القريب العاجل إن شاء الله.
ثم أهداني الأستاذ خفاجي كتاب " محمد رسول الله " و " الخفاجيون في التاريخ " وقبل مغادرتي القاهرة عام 1958 كنت قد تركت حقيبة فيها بعض الكتب والمجلات وكان لي من " وسائل الشيعة " كمية من الجزأين الأول والثاني كنت قد تركتهما في مطبعة دار التأليف عند " الشيخ سليمان الوكيل " فطلب مني الأستاذ خفاجي تحريرا باستلام الكتب من الشيخ سليمان وقال: ضع حاجاتك في مكان واحد لتكون مطمئن الخاطر فحررت له التحويل بالاستلام وغادرت القاهرة قاصدا العراق.
وإليك نص ما كتبه سابقا حول تقديم كتاب " وسائل الشيعة ومستدركاتها " وكنا قد طبعناه. في المجلد الأول من كتاب " الوسائل " عام 1958 م وهذا نصه.
وبعد: فهذا كتاب " وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة " للشيخ الفقيه المحدث العلامة، الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي نفعنا الله بعلمه وبركاته.. ومعه كتاب " مستدرك الوسائل " للشيخ المحقق الميرزا حسين النوري (رضي الله عنه).
يصدر في أجزاء متتالية، من مكتبة النجاح بالنجف الأشرف، في هذه الطبعة الأنيقة الممتازة التي تعد إخراجا جديدا لهذا الكتاب القيم النافع، الذي يعد أصلا عظيما من أصول الفقه الشيعي الجعفري الإمامي.
وقد طبع كتاب الوسائل لأهميته عدة طبعات، وطبع كتاب المستدرك منفردا طبعة واحدة. ولكن هذه، الطبعة جمعت بين الكتابين خدمة للقارئ وللمستفيد، ونذكر في هذا المقام السيد محمد بن آية الله السيد ميرزا مهدي الشيرازي نفعنا الله بعلمه، الذي ترجع إليه فكرة جمع الكتابين على هذا النمط المفيد بإذن الله.
ويعد كتاب الوسائل كما يقول مؤلف تفسير الميزان (1) أحد الأصول والمصادر
____________
(1) تفسير الميزان: للفيلسوف الإسلامي الكبير المعاصر صاحب السماحة العلامة الكبير السيد محمد حسين الطباطبائي، جزى الله مؤلفه عن القرآن والعالم الإسلامي خير الجزاء، وله:
" أصول فلسفة " في خمسة أجزاء باللغة الفارسية طبع عدة طبعات في إيران وترجم الجزء الأول من هذا الكتاب إلى اللغة العربية باسم " أصول الفلسفة " وطبع في النجف الأشرف - العراق.
وقد جمع مؤلفه فيه الكثير من الأحاديث المروية عن الرسول والوصي والأئمة (عليهم السلام)، مما يتعلق بالأحكام والفرائض والسنن والآداب، واستخرج فيه أحاديث كثيرة من الكتب الأربعة الصحاح التي عليها المدار في جميع الأمصار، وأضاف إليها أحاديث كثيرة استخرجها من غيرها من كتب الصحاح المعتبرة.
فالكتاب جامع واف لما ورد من السنة النبوية، وعليه المعول في استنباط المسائل الشرعية، وإليه الاستناد في الفروع الفقهية، وهو كما يقول مؤلف الميزان:
" مصدر من أعظم مصادر الحديث، وقد عمل المؤلف في جمعه وتهذيبه وتحقيقه نحو العشرين سنة، ويذكر ذلك في آخر الكتاب.
ويحتوي الكتاب على عدة كتب تناولت الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم والحج، والجهاد، والوصايا، والنكاح، إلى آخر اللقطة والمواريث والديات...
متناولا كل ذلك بالدراسة والبحث والإفاضة.
- 2 -
ومؤلف الكتاب هو الشيخ محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسن الحر العاملي الذي يوصف بالتحقيق والتدقيق والتبحر في العلم والجمع لشتى الأخبار والآثار.
وكان الشيخ كما يوصف في غاية سلامة النفس وجلالة القدر ومتانة الرأي،
وكان والده وجده وجده والده، وعمه الشيخ محمد بن علي بن محمد الحر العاملي من الفقهاء والمحدثين.
ولد رحمه الله في قرية مشغرة من قرى جبل عامل ليلة الجمعة 8 رجب عام 1033 هـ. وقد ترجم لنفسه في كتابه " أمل الآمل " ترجمة مستفيضة.
وتلقى ثقافته الدينية والفقهية بمشغر على أبيه وعمه الشيخ محمد الحر، وخال أبيه الشيخ علي بن محمود، وعلي الشيخ زين الدين بن محمد بن الحسن ابن زين الدين، وعلي الشيخ حسين الظهيري.
وروى إجازة عن العلامة المجلسي (2) وهو آخر من أجاز له... وتوطن رحمه الله في المشهد الرضوي، واعطي فيه منصب قضاء القضاة ومشيخة الإسلام.
وكان من تلاميذه رحمه الله السيد نور الدين الجزائري المتوفى عام 1158 هـ.
والشيخ محمود بن عبد السلام البحراني، والسيد محمد بن السيد إبراهيم الموسوي العاملي، والشيخ الواعظ محمود الميمندي، وعلي بن الحسن أخوه، والشيخ حسين بن الحسين بن الحسن العاملي وسواهم، وتوفي رحمه الله في الواحد والعشرين من شهر رمضان عام 1104 هـ.
- 3 -
وللشيخ رضوان الله عليه مؤلفات كثيرة نذكر منها ما يلي:
____________
(1) روضات الجنات الطبعة الأولى ص 616 وراجع لؤلؤة البحرين ص 61 ومقابيس الأنوار ص 23، ومقباس الهداية ص 120.
(2) مؤلف بحار الأنوار المتوفى عام 1111. وقد أعادت طبع بحار الأنوار أخيرا المكتبة الإسلامية - في طهران - إيران وصدر في مائة وعشر مجلدات.
- المؤلف -
2 - فهرست وسائل الشيعة.
3 - الجواهر السنية في الأحاديث القدسية.
4 - هداية الأمة إلى أحكام الأئمة ثلاثة مجلدات.
5 - الفوائد الطوسية.
6 - الفصول المهمة في أصول الأئمة.
7 - إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات مجلدان.
8 - الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة.
9 - رسالة في الرد على الصوفية.
10 - أمل الآمل " وفيه " ترجمة الشيخ نفسه.
11 - رسالة الجمعة.
12 - نزهة الأسماع في حكم الإجماع.
13 - كشف التعمية في حكم التسمية.
14 - رسالة في الرجال.
15 - رسالة في أحوال الصحابة.
16 - رسالة في تواتر القرآن.
17 - بداية الهداية في الواجبات والمحرمات المنصوصة.
18 - رسالة في تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان.
19 - كتاب العلوية واللغة المروية.
21 - منظومة في الزكاة.
22 - منظومة في الهندسة.
23 - منظومة في تاريخ النبي والأئمة.
24 - ديوان شعر ضخم.
25 - رسالة في خلق الكافر.
26 - ديوان شعر يناهز عشرين ألف بيت في مدح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) 27 - تحرير الوسائل.
28 - إجازات عديدة للمعاصرين.
وإن من أعظمها كتاب " وسائل الشيعة " في مجلداته الضخمة الذي تدور عليه رحى الشريعة وهو المصدر الفذ لفتاوى علماء الطائفة وإذا ضم إليه مستدركه الضخم الفخم لشيخنا الحجة النوري المناهز لأصله كما وكيفا فمرج البحرين يلتقيان.
وكان غير واحد من المحققين لا يصدر الفتيا إلا بعد مراجعة الكتابين معا...
إلخ (1)
- 4 -
والكتاب ومستدركه في أصول مصادر فقه الإمامية، وهو مرجع خصب نافع غاية النفع في الوقوف على أسرار التشريع، ودقائق الأحكام، وجوامع السنن.
ومذهب الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) هو أحد المذاهب الفقهية الموروثة
____________
(1) ذكر هذا العلامة الجليل الشيخ عبد الحسين الأميني في كتابه " الغدير " 11 / 366. وكتاب " الغدير " طبع عدة مرات في العراق وإيران ولبنان.
والجزء الأول من كتاب " وسائل الشيعة " يبحث في مقدمة العبادات وفي الطهارة وكيفية الوضوء، وفي استقصاء ودقة، وعمق وإحاطة، وتحليل وتفصيل، وتليه أجزاء عديدة في سائر أبواب الفقه الشيعي وأحكامه.
وهذا الفقه يتلاقى مع المذاهب الأربعة في كثير ويختلف معها في قليل.
ومن مثل هذا الاختلاف اشتراط الإمامية شاهدين عدلين في وقوع الطلاق، فلا يقع بدونهما لقوله تعالى:
فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف. وأشهدوا ذوي عدل منكم.
والشيعة لا يوقعون طلاق الثلاث بلفظ واحد، أو متتابعا في مجلس واحد، ولا ينعقد عندهم الطلاق بالحلف.
ومن هذا مثل الاختلاف أيضا زواج المتعة حيث يحله الشيعة ويحرمه غيرهم، ويعتمد الشيعة على قوله تعالى:
(فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن) - الآية.
على أن الذي يجيزه الشيعة من هذا الزواج هو زواج المرأة الخالية من الموانع الشرعية ويلزم فيه مهر وعقد وبعد وفاة الزوج يترتب عليه ميراث الولد. وعدة الزوجة بانقضاء المدة أو الانفصال.
ولا غنى للمسلم والباحث عن الاطلاع على هذه الثروة الفقهية الجليلة التي تعد مصدرا جليلا من مصادر التشريع الإسلامي.
- 5 -
وعندما نمعن في قراءة الفقه الشيعي فسوف نجد أنه هو، وفقه المذاهب الأربعة يكونون ثروة ضخمة لا مثيل لها في أي تشريع من التشريعات.
ويتيح لنا أن نستمد منه أصول تشريعاتنا الحديثة وأن نبني على أسسه حياتنا الاجتماعية الحاضرة.
إن هذا الفقه وتشريعاته المفصلة لا يماثلها تشريع آخر حتى عند أعظم الدول رقيا وحضارة وما بالك بهذا التشريع الإسلامي الفقهي الذي يستمد خطره من الدين الإسلامي الحنيف ومن كتاب الله الحكيم الخالد الذي يعد الأصل الأول في التشريع عند جميع المسلمين وهو كما قال الرسول الكريم " حبل الله المتين، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي من عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه دعا إلى صراط مستقيم ".
وحديث الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه وذريته أجمعين هو المنبع الثاني من منابع التشريع الفقهي عند جميع الأئمة.
(فقول الرسول وفعله وتقريره سنة لا بد من الأخذ بها والاستمداد منها).
والشيعة تشترط أن تكون رواية الحديث من طريق أئمة أهل البيت (عليهم السلام)
اعتقادهم أنهم أعرف الناس بالسنة وأشدهم فهما لأسرار الدين.
والشيعة تتأسى بآل البيت وتقتدي بهم وتعتبرهم أئمة هداة إلى الخير والحق وإلى سواء السبيل، وذلك لما ثبت من فضلهم، وما أثر من دقيق فطنتهم ورفيع فهمهم.
على أن مبدأ الخلافة والإمامة هو الذي ميز بين السنة والشيعة، هاتين الطائفتين التي حاول الكائدون أن يفرقوا بينهما على طول العصور خدمة لأغراضهم الخبيثة، ولكن الله بالمرصاد لكل من يكيد للإسلام والمسلمين وإن كان بالإمكان أن تحافظ كل طائفة على صبغتها، مع رعاية الأخوة العامة والأخوة الإسلامية، واحترام كل فريق الآخر. ونحن ندعو الله أن يجمع المسلمين على كلمة الحق والخير والسلام.
- 6 -
وقد حمل الأستاذ السيد " مرتضى الرضوي " صاحب مكتبة النجاح بالنجف الأشرف - بالعراق هذا الكتاب " الوسائل " إلى القاهرة لطبعه وأعد العدة لإخراجه في هذه الطبعة الأنيقة وكان للسيد مرتضى في ذلك جهاد مشكور وعمل مبرور أسدى به إلى تراثنا الإسلامي يدا بيضاء، وحسنة كريمة ونحن ندعو الله له بالتوفيق والسداد والهداية إلى أقوم طريق، وأن يعينه على إخراج جميع أجزاء الكتاب بمنه وكرمه، إنه خير مأمول وأكرم مسئول.
وما توفيقنا إلا بالله، عليه نتوكل وإليه ننيب.
القاهرة: محمد عبد المنعم خفاجي
الأستاذ بكلية اللغة العربية بالأزهر الشريف (سابقا)
وعميد الجامعة الأزهرية بأسيوط ماليا
- 6 -
حرف الدال
20 - الدكتور سليمان دنيا
21 - الدكتور حامد حفني داود
- 20 -
الدكتور سليمان دنيا
أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر
ومدير المركز الإسلامي في الولايات المتحدة واشنطن
وكنت قد أطلعته على كتاب (الشيعة وفنون الإسلام) لصاحب السماحة آية الله السيد حسن الصدر وقد صحبت هذا الكتاب معي من النجف الأشرف - العراق وتسلمته من مكتبة العلامة الجليل الشيخ محمد الرشتي (2) لغرض طبعه ونشره في القاهرة.
فأخذ الكتاب منى الدكتور دنيا وصار ينظر فيه. وأخبرته أن نجل هذا المؤلف هو: السيد محمد الصدر رئيس مجلس الأعيان العراقي ورئيسا للوزراء في العهد الملكي.
____________
(1) صدر منه أربعة أجزاء وطبعت في النجف وأعيدت في بيروت.
(2) نجل آية الله الشيخ الرشتي الذي كان رحمه الله كاتبا يمثل " سكرتارية " المغفور له الإمام
الحكيم وهو من أعاظم زعماء الشيعة الإمامية ومرجعهم في العالم الإسلامي في جامعة
النجف الأشرف - العراق. وكان يملك مكتبة خطية تحتوي على مخطوطات نفيسة وارتحل
في الآونة الأخيرة إلى إيران وذلك بعد وفاة الإمام الحكيم واختار الإقامة في خراسان
" المشهد المقدس الرضوي " وانتقل إلى جوار ربه في ليلة الجمعة ليلة عيد الفطر قبل أذان
الفجر بساعة عام 1393 هـ. وله تحقيق وتصحيح على كتاب الفهرست للشيخ المنتخب الدين
وكتاب معالم العلماء لابن شهرآشوب تغمده الله برحمته الواسعة.