الصفحة 139

ذلك أن أرض فدك - نحلة كانت أو ميراثا - هي حق خالص لفاطمة لا يمكن المماراة فيه.

والذين يمنعون النظر في نقاش أبي بكر للزهراء، لا يغيب عنهم أن الخليفة الأول لم ينكر على سيدة نساء العالمين دعوة النحلة، لكنه لم يقبلها بسبب افتقارها إلى سلامة العدد والنوعية في شهود التأييد.

وقد يرى راؤون ألا تثريب على الشيخ إذ فعل، لأنه إنما أبى الأخذ بشهادة منقوصة، أو أبى الاعتداد بحجية شهادة الزوج والأولاد.

ولقد يرى راؤون أيضا ألا تثريب عليه، إذ قد عدا مقام فاطمة وعلي والحسنين - وإنهم لأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا - فمال إلى مرتبة من عداهم من المسلمين، الذين تجوز فيهم التهمة، وترقى إليهم الشبهات..

لا تثريب عليه في الحالتين (1)، كما يذهب ذاهبون، إن نحن أخذنا بنظرة يومنا هذا إلى الأمور، فرأينا أبا بكر في الأول يمتثل حرفية القانون، وفي الثانية يلتزم جادة المساواة، أخذا بمقولة ألا تنهض الشهادة إلا برجلين، أو برجل وامرأتين كنص الآية الكريمة (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء) البقرة: 282... (2) ثم سيرا على نهج التسوية في التبعات بين

____________

(1) هذه مجاراة من الأستاذ في الموضوع، وإلا ففي التشريع الإسلامي أن ذا اليد لا يطالب بالدليل كما تجد التفصيل في نفس الكتاب.

- المؤلف -

(2) قال المرحوم العلامة المحقق الشيخ محمود أبو ريه في كتابه: " شيخ المضيرة " في الطبعة الثالثة لدار المعارف بمصر ص 169.

" كنا نشرنا كلمة بمجلة " الرسالة " المصرية عن موقف أبي بكر من الزهراء في هذا الميراث، ننقل منها ما يلي: " إننا إذا سلمنا بأن خبر الآحاد الظني يخصص الكتاب القطعي، وأنه قد ثبت أن النبي قال: إنا لا نورث. وأنه لا تخصيص في عموم هذا الخبر، فإن أبا بكر كان يسعه أن يعطي فاطمة رضي الله عنها بعض تركة أبيها، كأن يخصها بفدك، وهذا من حقه الذي لا يعارضه فيه أحد، إذ يجوز للإمام أن يخص من يشاء بما شاء، وقد خص هو نفسه الزبير بن العوام ومحمد بن مسلمة وغيرهما ببعض متروكات النبي، على أن فدك هذه التي منعها أبو بكر من فاطمة لم تلبث أن أقطعها الخليفة عثمان لمروان.

" العدد 518 من السنة الحادية عشر من مجلة الرسالة ".

- المؤلف -


الصفحة 140
المسلمين عامة، وخاصة تطبيقا لحديث رسول الله حين جاءه من تشفع عنده في سارقة ذات شرف، فأبى وقال: " لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها ".

والرأي أن الأصل في فدك أنها ملك خالص لرسول الله، يجوز أن تكون قد بقيت له حتى وفاته. ويجوز أن يكون قد أنحلها ابنته قبل الوفاة..

فإن كانت له فإنها خليقة بأن تؤول لفاطمة بحق الميراث.

فإن طعن بحديث: " لا نورث.. " وقيل بل تسري عليها قاعدة الصدقة.

حق أن نتساءل: ولماذا لم يعمل النبي فيها حديثه هذا فيتصدق بها وهو بعد على قيد الحياة؟...

لقد ثبت أنه صلوات الله عليه، كان يملك قبيل وفاته سبعة دنانير، خاف أن يقبضه الله وهي في حوزته فأمر أهله أن يتصدقوا بها، وألح عليهم.. فلما أن أنساهم أمرها تلهفهم عليه، لم تنسه هو حشرجته، فطاردهم بسؤاله عن المال حتى جاءوه به، وعندئذ وضعه في كفه وقال:

" ما ظن محمد بربه لو لقى الله وعنده هذه! ".

ثم أمر فتم التصدق بها على الفقراء..

فهل يمكن القول بأن رسول الله - الذي لم يغفل عن الدنانير على قلتها - يغفل أمر الأرض وهي أكثر الكثرة؟


الصفحة 141
أم يمكن القول بأن الصدقة مقصورة على المال السائل، أو المال المنقول، مصداقا لقول الله في محكم التنزيل:

(والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله...)؟

كلا لم يتصدق محمد بفدك لأنها لا تقع في مجال تطبيق ذلك الحديث المنقول عن أبي بكر، فلم تكن ملكا له، بل كانت ملكا لسواه... ملكا لابنته الزهراء، لم ينازعها في ملكها أحد من الناس كما هو ثابت في التاريخ.

ومع ذلك فالحديث في هذه القضية يطول ويطول إلى ما يفيض عن حدود مقدمة تلم إلماما بموضوع الكتاب.

ولعل الله أن يهئ لنا فسحة قابلة لإسهاب يفي بمناقشة تتناول المسألة بالتفصيل.

الإسكندرية: ديسمبر 1975 م
" عبد الفتاح عبد المقصود "

2 - الغدير (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

أوشك وعيي أن يضل في عالم من المعرفة فسيح وأنا أقلب ناظري بين سطور هذا السفر وكلماته.. أهو حقا كتاب؟.. أهو " غدير "... بل هو " عيلم " زخر بدرره، صنوفا شتى ذات ألوان، تحار في حصرها النهى والخواطر، وتنبهر لها عيون البصائر،

____________

(1) وللأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود كلمة حول موضوع " الغدير " نشرها صاحب السماحة الشيخ الأميني في أوائل مجلدات " موسوعة الغدير التاريخية " في الطبعة الثانية وأوردناها هنا

الصفحة 142
كلما وقعت منها على صدفة رأيتها انطوت على كنز تفرد في الكنوز وعز في الذخائر، يكاد يحسبه الرائي نسيج وحده، ثم لا يلبث أن يقع على سواه أبهى وأثمن في صدفة أخرى مكنونة ثم بعدها في صدفات - مختلفة، ومؤتلفة جمة العديد موفورة - بقدر ما ضم غور البحر من قطرات مائه، وما غشى الشاطئ من حبات حصبائه...

وكان " الأميني " هو الغواص الذي وكل بالكشف عن الفرائد الغوالي حتى لهم أن يجرد منها الأغوار.. ثم كان الجوهري ذا اليد الصناع، يؤلف ويصنف من القلائد الخوالد ما لم يدع بعدها فتنة للأنظار!..

هذا جهد يجل عن الطاقة، لم تنوء به همة المؤلف الجليل ولم يقعد دون شأوه اصطباره، ولقد ظللت، أعجب - وحق لي - كيف وسعه أن يخضع وقته لبحث طوف به نيفا وألفا ونصفا من الأعوام، غير آيس ولا ملول، منقبا فيها عن كل هذه التحف الذهنية التي هم غبار الزمن أن يغيبها عن أعين هذا الجيل!.. ولكنه صبر ليس ينجبه سوى إيمان للرجل وثيق بقدر عمله وجدواه، وإيمان أيضا بشخصية الإمام العظيم بلغ أعلا ذراه...

ومن العسير على أي امرئ يقرأ " الغدير " أن يفيه في عجالة كهذه قصيرة وأنا كذلك معلن قصوري بين يدي تقديري!.. فليس بنصوص من روائع الأدب، ولا نظيما من عيون القصيد، ولا صحائف مجتباة من بطون التاريخ.. لا ولا قصصا حيا يرد الأجيال ويرسم الرجال والأبطال، ولكنه هذه كلها وبعض سواها، عصى على من لم يتوفر عمره المديد على دراسة نواحيها أن يأتي فيه بالرأي الراشد الذي يقارب الصواب.

ومن هنا بدا لنا علم " الأميني " عالما فسيحا يضل فيه وعي القراء كما يضل وعي النقاد، فلقد جاء كتابه " موسوعة " زاخرة تفيض بالممتع والمحكم، وتلم من كل

الصفحة 143
فن من فنون المعارف بأطراف، حتى ليعسر على النخبة المختارة من ذوي الأقلام أن يأتوا بنظيرها إلا على حذر وبعد بحث مغرق طويل.

وأدع جانبا هذا العرض الدقيق الذي أودعه الكاتب لب كتابه، وهذا الرد الرشيق للنظيم والنثير، ثم انطلق وإياه في آفاقه التي أضاءها قلبه المشرق المستنير..

إنه ليستهدي التنزيل، ثم الحديث، ثم يقفي بعد هذا وذاك بنفحات الهداية التي حركت يراعات تلك الأجيال المتلاحقة من الرواة والشعراء والكتاب حتى يصل بنا إلى هذا الجيل... فإلى أي مدى استطاع أن يتخذهم جميعا جندا يدفعون جحافل الجحود والإنكار والافتراء عن " حديث الغدير "؟...

لقد وفق الرجل في كلا العرض والدفاع حتى فرت أمام حججه ذرائع المبطلين، ولم يكن في دفاعه مسوقا فحسب بفرط شغفه بالإمام، ولكنه كان أيضا كالحكم العدل، يزن في كفتين ثم يسجل لأيتهما كان الرجحان. ولعل نظرة عابرة يلقيها غير ذي الهوى على صفحات سفره - وخاصة تلك التي أفردها لسلاسل " الوضاعين والموضوعات " - كفيلة بأن تريه " الأميني " بحاثة أمينا، يتبع في استخلاص آرائه أدق أساليب البحث المنزه الصحيح.

إن حديث الغدير لا ريب حقيقة لا يعتورها باطل، بلجاء بيضاء كوضح النهار، وإنه لنفثة من نفثات الإلهام جاشت بها نفس الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) لتقرر بها قدر ربيبه وصفيه وأخيه بين أمته وأصفيائه المجتبين. هو حجة لقدر الإمام " نقلية "، ولحقه الهضيم، لم يعوز " الأميني " إبرازها في سطور سفره وإحاطتها بسياج ثابت متين من الأسناد التاريخية المنيعة على أراجيف الأهواء.. ولمن شاء أن يخدشها - ظالما أو جاهلا - بفرية، أن يدلنا أين بين أولئكم الصحابة الأبرار من يسبق ابن أبي طالب حين تذكر المزايا والأقدار؟!


الصفحة 144
لقد كنت، وما أزال أجعل الخلق والمواهب ومقومات الشخصية أقيستي للعظمة الإنسانية، فما رأيت امرؤا - بعد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) - جديرا أن يلحق بذيله أو يكون رديفه قبل أبي سلالته الخيرة المطهرة، ولست بهذا مدفوعا بحماس لمذهب أو تشيع، ولكنه الرأي الذي تنطق به حقائق التاريخ.

إنما الإمام هو الرجل " الأمثل ". عقمت عن مثيله الحقب والعصور حتى آخر الزمان. وعندما تستروح النفوس المستهدية أنباءه يشرق لها من كل نبأ شعاع، فإن هو إلا بشر صيغ - أو كاد أن يكون - من كمال ظاهر الحق لذات الحق دون مظاهرته للنتائج المترتبة عليه، ولا من أجل الجزاء عنه، وغالب الباطل إنكارا للباطل وحبا في تبرئة الإنسانية المتعالية التي يؤمن بها من أن تتهم بالصبر على ما يجافي الحق دون أن تنهض له، كان دوما يكره الشر منذ انتبهت عينه للحياة.. كرهه في الانتقاص من تفرد الله بالقدرة فأبى أن يعنو وجهه لأي من الأصنام التي عنت لها جباه قومه - وهو بعد طفل - لأنه رآها شرا ينال من قداسة الله في نفوس بني الإنسان... وكرهه في عدوان القوى الظالم على حرية الضعيف المظلوم، فناضل نضاله المشهود إبان البعثة عن رسول الله لتحق كلمة الله وتذيع شرعة الهداية الكفيلة باستنقاذ البشرية الضالة من حماة الآثام... كره الشر في الحسيات وفي المعنويات.

وغالبه في العقائد الفاسدة والنفوس المفسودة... حاربه في الفقر الذي يسترخص الأبدان والأرواح فأمن نفسه من غوائله بأن حصنها ضد الحاجة بالنسك والزهادة .. وفي الجبن الذي يذل القلوب فارتمى على الموت أينما ثقفه في كل موطن وحين حتى أدال دولته وهزم هيبته وغدا أسطورة الأساطير في شجاعة الشجعان وفي الجهل الذي يميت المشاعر فعب من نبع حكمة النبوة وتدبر القدرة الإلهية في آياتها القرآنية وآياتها الكونية، حتى صار لبني زمنه وما تلاه من أزمان - نبراسا للمعرفة ونورا للنهى والعقول ليس كمثله نور... كان الخير في نظره مطلوبا لذاته لا صفقة تجارية

الصفحة 145
يقدر قبل عقدها الربح والخسارة!... كان له وسيلة وغاية في آن - وسيلة تجب ما عداها من الوسائل، وغاية ليس بعدها من غاية لضمير الإنسان الكامل، إنه مطلب البشر الذي يجدر بهم نشدانه، العالم بغيره سوق ضلالة والإنسانية مباءة جهالة!...

ثم ما لي أطنب؟ وما هذه سوى عجالة أملاها التقدير لم تملها رغبة في الترجيح أو في التقرير؟..

إن فضل الإمام معلوم مشهور وسبقه على الأقران غير منكور ولكنها جمحة لقلمي، عسى أن يتقبلها أستاذنا " الأميني " الجليل فيتقبل خطا باهتا من " الصورة العقلية " التي استطاع جهدي المحدود أن يستخلصها لأمير المؤمنين من ثنايا التاريخ.

ولنا عوض عن قصورنا.

هذه " الصورة النقلية المكتملة التي بدت لنا زاهية نضرة من خلال أسطر " الغدير "..

الإسكندرية ذو الحجة 1367
المخلص           
عبد الفتاح عبد المقصود   

3 - فلسفة الحكم عند الإمام

بسم الله الرحمن الرحيم

إحتواني أبو السبطين: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - ولي الرسول، وموضع سره ولجأ علمه، وأصل الأئمة الأطهار - في رحابه نيفا وثلاثين عاما عشتها تحت ظله الوارف الممدود.. فما رأيت نفسي نعمت مع غيره - بعد محمد عليه الصلاة والسلام - بمثل ما نعمت معه من ذخائر المعارف، وكرائم الأخلاق، وروائع الأفكار

الصفحة 146
التي تفتح طرائق وآفاقا بلا حدود لمن أراد التماس الحق كاملا غير منقوص، والحكمة صافية غير مشوبة..

ولقد استعصى علي، كما استعصى علي بلا ريب سواي، الإحاطة بكل ما أوتيه، والأخذ بكل ما أعطاه، لأن بلوغ الكمال محال، ولأن النفس البشرية، مهما ارتقت في مدارج النقاء، خليقة بأن تخطئ وإن هي حاولت مباعدة الأخطاء فالعصمة لله. وابن آدم خطاء، والحرص على التزام المحجة البيضاء لا يمنع إنسانا من الانحراف عن سوء السبيل، آونة أو آونات، فيرى في القبيح المليح، ويرى في المليح القبيح، وقد يجئ هذا نتيجة محاولة بريئة لتفهم جديد، أو تبرير وضع طارئ، أو اجتهاد رأي في مشكلة بيئية تربت على تغير في الظروف والأحوال.. هذا بالإضافة إلى أن الطبيعة الآدمية كما فيها من النور فإن فيها من الظلام.

من السلوك البشري.. وإن اختلف باختلاف المواقع والأفراد.. وإن كان وليد تفاعلات نفسية معقدة..

فإنه أيضا على وجه من الوجوه ظاهرة اجتماعية عامة تقوم أساسا على ركيزتين هما: التلقين والتقليد.. ومن هنا فإن قادة الشعوب، ودعاة الإصلاح أو التغيير، يعمدون من خلال هاتين الركيزتين إلى تطور مجتمعاتهم وإعادة صياغتها من جديد. فإذا هم يبثون فيها - بالدعوة المستمرة الدائبة - أما اختاروا لها من آراء، يلقنونها الكبار والصغار. ثم يقرنون مرحلة البث بمرحلة التقليد أو تثبيت تلك الآراء في أذهان الناس عن طريق التطبيق العملي، بضرب الأسوة، حملا لهم على الاقتداء والأداء..

وذلك هو ما يحدث بالنسبة لجميع الأديان.. تتنزل رسالات السماء على من يجتبيهم الله من عباده المرسلين، فيخص كل رسول إلى تبليغ من بعث فيهم ويكون

الصفحة 147
هو نفسه القدوة والمثال.

ولم يعرف التاريخ، فيما إخال هاديا تصدى لإصلاح حال قومه، وأخذهم بمبادئ الإسلام كالإمام..

نعم: يكن مجرد داعية إلى الله، وبينهم كتاب الله ما أيسر رجوعهم إليه لو شاءوا الاهتداء.. ولكنه ترجم الدين إلى أسلوب حياة وإعادة نقله - بعد خلو حياتهم العامة من محمد - إلى حين التطبيق.. وعندما ترنو إلى سعيه في هذا المضمار نكاد نجد جهده امتدادا لجهد الرسول، وعهده امتدادا لعهده عليه الصلاة والسلام.

وليس معنى هذا أن الألى سبقوه إلى حكم الأمة فرطوا في الكتاب، ولكنه يعني أن الدنيا - حين آل إليه الأمر - كانت قد أقبلت على الناس كل الإقبال، " فنسوا حظا مما قد ذكروا به "، وانشغل الأكثرون منهم بالعروض من متاع ومال وجاه حتى لكأنهم آثروا العيش على مظاهر الدين دون اللباب وعلى المقولات دون المعقولات .. واستفاض بهم هذا الانشغال الاستفاضة التي تنذر بجاهلية جديدة توشك أن تستأثر الجميع.. وظن ومن يظنون أن دور الإمام، في تلك الفترة القصيرة التي تولى فيها السلطان - كان مجرد العناية - بتذكير الأمة بأوامر الله ونواهيه، أو الاقتصار على الكشف لها عن أسرار القرآن وخفاياه، إنما هو محض خيال..

ذلك لأن الثابت قطعا أنه أخرج للناس سياسة عامة للإصلاح وإعادة بناء الإنسان، لا تأخذه بالقسور، بل تقوم - قبل أي شئ وكل شئ على جوهر الدين..

رسم فيها خطة شاملة لشئون الداخل والخارج ولاء بها بين الصالح العام ونفع الأفراد. تحسن السير بالأمور كما تحسن قيادة الناس. مطوعا إياها لمقابلة كافة الاحتمالات في تطورات الأحداث، وتغيرات الظروف، وانطلاقة الزمن بالحكمة، وسعة الأفق، ودقة التفكير، وأحكام التقدير مع مرونة المداولة بين مختلف أساليب

الصفحة 148
المجابهة الكفيلة بكبح شرة الأزمات، وتفاقم الأخطار، وانحرافات الأنفس ثم يلقاها بأنسب الحلول..

ونكاد نجمل هذه السياسة الشاملة في عبارة قصيرة للإمام يقول:

" الناس إما أخ في الدين أو نظير في الخلق ".

فشعاره إذا هو " مساواة ".

مساواة بين جميع الناس وإن تباينوا في الأديان واختلفوا في العناصر والألوان.

مساواة ميسرة لا تشق على إنسان، معلومة لا تغمض على إنسان. قاصدة بغير تقصير. سمحة بغير مغالاة. نسبية بغير إطلاق. تعيش في الممكن المتاح وأكد هذا مرة ومرات، فكان مما قاله في هذا المجال:

" إنما أنتم إخوان على دين الله، ما فرق بينكم إلا خبث السرائر.. ".

ودين الله هو الإسلام. فالإسلام هو الرسالة الإلهية الوحيدة التي بعث الله بها رسله إلى أقوامهم على فترات، ثم كانت للناس كافة ببعثة محمد خاتم الرسل والأنبياء.

وليست المساواة شعارا يرفع، ولا كلمة تقال، بل هي جهد يبذل، وعمل يعمل، ومفهوم يطبق في المجتمع تطبيقا جادا بلا مفاوتة بين إنسان وإنسان، وبلا ترخص لإنسان دون إنسان..

وإذا كان ثمة من الناس من يمقتك فأحرى بمن يقول بها أن يلتزمها ليتبعه على نهجها كل من عداه، ولتكون هي السلوك العام..

وقد صارح الإمام أمته، منذ ولي الأمر، بأنه هو قائد سيرتهم على هذا الطريق..


الصفحة 149
ففي يوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقين من ذي الحجة عام ولايته، على قول..

أو في الخامس والعشرين من نفس الشهر من السنة الخامسة والثلاثين للهجرة، الموافق الثالث والعشرين من شهر يونيو سنة ستة وخمسين وستمائة للميلاد.. وقف بعد أن تمت له البيعة، يعين المسلمين:

" إنما أنا رجل منكم.. لي ما لكم.. وعلي ما عليكم ".

فلا تفرقة.. لا امتياز له على غيره من الناس..

ولا شك في أنه حين قال قولته هذه لم يأت بجديد. فكلمته هي كلمة الإسلام، ورأيه هو رأي الإسلام.. ودين الله الذي ختم الأديان كان، كما يقضي بوحدة الربوبية الإلهية، يقضي أيضا بوحدة العبودية البشرية، لأن الإسلام دين الفطرة التي فطر الله عليها الناس أجمعين، قبل أن تفسدهم الانحرافات المتسربة إلى النفوس والعقول من خلال طوارئ المعتقدات، والأفكار، وتحكم العادات والتقاليد، وفوارق العنصريات والأجناس، وتباعد حدود الزمان والمكان..

إنه يعيدهم سيرتهم الأولى، على سجيتهم النقية كبدء نشأتهم، مطهرين من الأدران، خالصين من الشوائب، كأنهم يلدهم من جديد..

هو بهذا يسوي بينهم كافة لأن الفطرة هي العامل الوحيد الذي يشتركون فيه فأساس المقارنة بينهم - على هذا الوضع - ثابت غير قابل للتغير، أو مساواة كاملة، لا سبيل معها إلى المفاضلة والترجيح.

فإذا هم تفاوتوا من بعد، فبمعايير غير هذا المعيار..

هذه حقيقة عصية على الإنكار، بعيدة بعدا مطلقا عن المماراة.. ليس أدل عليها من نأي الإسلام - في دعوته - عن التمحيص، بالاتجاه إلى التعميم..

فالقرآن الكريم كما تؤكد آياته، حين يدعو دعوته الإيمانية لا يخاطب إلا

الصفحة 150
" الناس " أو " بني آدم " أو " الإنسان " أو " عباد الله ".

لا يختص بها جنسا، ولا عنصرا، ولا قوما، ولا لونا، ولا طائفة، ولا مجتمعا من المجتمعات بالخطاب..

واستقامة السلوك العام في الأمة رهن باستقامة السلوك الخاص لأولئك الذين بيدهم مقادر الأمور.

ومن ثم فقد حرص أمير المؤمنين على أن تظل عينه على تصرفات عماله ورجاله الأدنين الذين يتقدمون الصفوف، خشية أن يميلوا عن " المساواة ".

استجابة لضغوط بيئية، أو نتيجة هوى أو ضعف أو عصبية..

ذلك لأنهم بأوضاعهم تلك هم المؤدبون والمهذبون.

ولأنهم أيضا القدوة التي يحتذيها الجمهور..

لذلك يأمر الإمام كل عامل من عماله أن يرعى المساواة لأنها إنصاف لله كما هي إنصاف للناس، فيقول:

" ألزم الحق من لزمه من القريب والبعيد، واقعا ذلك من قرابتك وخاصتك حينما وقع.. ".

ويقول:

" أنصف الله، وأنصف الناس من نفسك وخاصة أهلك ومن لك هوى فيه من رعيتك. فإنك إلا تفعل تظلم!.. ".

ثم يؤكد وجوب المساواة بين الحاكم والمحكوم فيقول:

" إياك والاستئثار بما الناس فيه أسوة.. ".

وهو يعلم علم يقين وكما تشير الأمثال في مختلف العصور، أن الثناء إغراء وأن

الصفحة 151
بطانة الحاكم ومشيريه أقوى عليه تأثيرا، وأدنى إليه حظوة، وأعلم بما يكرهه وبما يرضيه فلا عجب إن استطاعوا - بالملق أو طيب الثناء - أن يقودوه كيف يشاءون..

لذلك حذر عماله مغبة هذا الانقياد، وأمرهم أن يدقق كل في اختيار المشيرين والأعوان:

يقول: " استعملهم اختبارا ولا تولهم محاباة. ورضهم على ألا يطروك، فإن كثرة الإطراء تحدث الزهو، وتدني من الغرة.. وليكن آثرهم عندك أقولهم بمر الحق.. ".

ويطول بي الحديث لو استطردت إلى ما تفصح عنه سيرة أمير المؤمنين من سياسة جهد بها لترويض الناس، وتطويع الأحداث.. يطول بي إلى مدى ما له حدود أو هو جد بعيد.

فلعل الأخ الأستاذ الدكتور نوري جعفر يغفر لي هذا التقصير.

إن بيدي الآن كتابه الجليل: " فلسفة الحكم عند الإمام " الذي أودعه خلاصة قيمة لهذه الفلسفة التي بزت غيرها من فلسفات، وسبقت بمبادئها القويمة كل ما ارتآه الأقدمون والمعاصرون..

وإذا كان الصديق الفاضل السيد مرتضى الرضوي قد شاء لي أن أدبج كلمة تتصدر الكتاب، فالكتاب، في رأيي غني عن التصدير والتقديم بمادته وبجهد مؤلفه، وقدرته الفائقة على الغوص في السيرة العلوية لالتقاط الدرر، باستخلاصها من الأصداف.

على أن يروق لي أن أختم هذه السطور بعبارة موجزة جرت على لسان أمير المؤمنين فإذا هي تتحدى بمضمونها كل ما استنبط الفلاسفة وذوو الآراء من مبادي الإصلاح حال الشعوب، ومداواة ما تعوزه الطبقية من عدالات.

قال الإمام: " لكل على الوالي بقدر ما يصلحه ".


الصفحة 152
فهل بغير صلاح الرعية يصلح الولاة؟..

لقد تصارع الناس. وتصارعت الطبقات. وجاءنا صانعوا الفلسفات من أقدم العصور بألوان من المبادئ تحاول الإصلاح وإفادة السلام الاجتماعي على المواطنين، فلم تبلغ أحدث مبادئهم، ولا أكثرها " تقدمية " كما تقول لغة عصرنا الحديث - شأو كلمة الإمام. ولا احتوت مثل ما احتوت عبارته من مضمون.

عبد الفتاح عبد المقصود       
الإسكندرية 14 سبتمبر سنة 1978 م

4 - مع رجال الفكر في القاهرة

بسم الله الرحمن الرحيم

أراني. وأنا أمر بلمح الذهن بعد رأى العين، على صفحات هذا الكتاب: " مع رجال الفكر في القاهرة " إنما أمر على " ألبوم " يضم بين غلافيه مجموعة صور لطائفة غير قليلة من حملة الأقلام الأعلام الذين لهم فضل غير منكور في بناء النهضة الفكرية التي تلألأت بأرض مصر طوال ما انقضى من سني هذا القرن العشرين، وأشعت بعض نورها على ما حولها من ديار وأقطار... فما يغيب عن بال منصف أن أي كاتب منهم إنما أضاف سطرا أو عبارة إلى موسوعة المعارف الإنسانية التي تهم هذا الشطر الشرقي من العالم وتشوقه.. أو وضع لبنة في بنائنا الثقافي ترتفع فترا، أو شبرا، وربما قامة بصرحنا الحضاري العربي الذي كان - من مئات السنين - منارة تنير طريق البشرية، نأمل اليوم ونعمل على أن تغدو كسابق عهدها، هادية شماء،

الصفحة 153
تكشف إشراقة النهار، وتطاول رفعة السماء!.. (1).

* * *

وفي رحلتي إلى القاهرة عام 1976 م سافرت إلى الإسكندرية وقصدت الأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود. وحينما كنت في إيران طلب مني المترجم لكتابه:

" الإمام علي بن أبي طالب " باللغة الفارسية وهو الأستاذ السيد محمد مهدي الجعفري أن أدعو الأستاذ عبد الفتاح لزيارة إيران والمشاهد المشرفة فيها والوقوف على الآثار الإسلامية حسب الوقت الذي أراه مناسبا لهذه الزيارة واستجابة لذلك حددت الوقت معه للحركة نحو البلاد الإيرانية في أواخر شهر أكتوبر عام 1976 م حيث يصادف ميلاد الإمام الرضا (عليه السلام) وهو الإمام الثامن من أئمة أهل البيت الاثني عشر (عليهم السلام) في أوائل شهر نوفمبر والمسلمون في البلاد الإيرانية يحتفلون في كل مكان بهذه المناسبة أروع احتفال، وبالأخص في مدينة مشهد التي تضم ضريحه المقدس فترى الشوارع تزهو بالأنوار الكهربائية، والناس تتبادل التهاني والأفراح.

وكانت غايتي هو تحديد الوقت لمجئ الأستاذ إلى إيران ومشاهدته هذه الآثار الإسلامية ومشاركته للشعب الإيراني المسلم في أفراحه الدينية، والوطنية حتى أن هذا اليوم يتخذ عيدا رسميا تعطل فيه جميع الدوائر الرسمية.

وقد رحب الأستاذ كثيرا بهذه الدعوة، واستجاب لذلك غير أن السيدة حرمه

____________

(1) تقدم النص الكامل - لرأي الأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود عن كتابنا هذا مع رجال الفكر في القاهرة - في أوائل المجلد الأول من هذا الكتاب تحت عنوان: آراء حول الكتاب.

- المؤلف -


الصفحة 154
توجهت إلي قائلة:

لا يمكن أن نتوجه إلى إيران إلا إذا كنت أنت فيها، لأن صلتي بالأستاذ عبد الفتاح - قديمة - تقرب من عشرين عاما.

فاستجبت لرغبة السيدة حرمه وبعد إنهاء أعمالي الثقافية بجمهورية مصر العربية عدت إلى إيران. وبعد أيام من وصولي وردت إلي رسالة من الأستاذ وهذا نصها:

الأخ العزيز السيد مرتضى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد، فإنني قد سارعت بتكملة المقدمة على عجل وأرجو أن تكون مناسبة (1).

يهمني أن تكتب لي بمجرد وصولكم بسلامة الله، وأود أن تذكرنا في إيران، ولا تنسى أنني أنتظر لقاءكم على أحر من الجمر.

تحياتي لأهل إيران جميعا.

ومني ومن الأسرة لكم وللأسرة أطيب التمنيات.

وإلى اللقاء والسلام.

عبد الفتاح عبد المقصود

____________

(1) يشير الأستاذ في رسالته هذه إلى التقديم الذي طلبته منه قبل مدة لكتاب فدك لمؤلفه صاحب السماحة آية الله الفقيد السعيد السيد محمد حسن القزويني كي نصدره به عند طبعه وقد تم بحمد الله طبع الكتاب في مطبعة دار المعلم بالقاهرة عام 1976 م وأعيد طبعه بطريقة الأوفست عام 1977 م.

- المؤلف -


الصفحة 155
وبعد وصول هذه الرسالة اتصلت بمترجم كتابه إلى اللغة الفارسية وأطلعته على الرسالة وذهبنا معا إلى قطع التذكرة للأستاذ وعائلته من شركة الخطوط الإيرانية في طهران وكلفنا الشركة بإيصال التذاكر إلى الأستاذ بالإسكندرية. وبعد استلامه التذكرة أخبرنا بوصولها إليه فكنت أنا في المطار والمترجم لكتاب الأستاذ، والأستاذ المدرسي خال المترجم، من الساعة العاشرة مساء حتى الساعة الرابعة من صباح الخميس 28 أكتوبر عام 1976 م الموافق 4 من ذي القعدة عام 1396 هجرية.

ومكث الأستاذ في إيران سبعة عشر يوما وفي خلالها اطلع على الآثار الإسلامية واتصل بالأساتذة والعلماء ومراجع الفتيا في مدينة قم ومشهد وطهران، وزار ضريح الإمام علي الرضا (عليه السلام) في مدينة مشهد وشاهد الأستاذ ما في هذه المدينة من آثار إسلامية.

والمدن الإيرانية التي شاهدها الأستاذ وألقى فيها محاضرات في المدن التي تنقل فيها وهي:

طهران - قم - مشهد - أصفهان - شيراز - خرمشهر.

وقد أحيط بالتكريم والتقدير البالغ من قبل جميع الطبقات، خاصة العلماء ورجال الفكر والمثقفين.

وألقى محاضرتين في ليلتين في أحد مساجد العاصمة - طهران - وقد انتقد الكتاب والمؤلفين وحمل عليهم لتقصيرهم في نشر مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) - على حد تعبيره:

إن رجال الشيعة في عزلة عن المجتمع الإسلامي فإنهم بنو حولهم جدارا، سياجا من الآجر والحديد والأسمنت ولا علم لهم بما يقول عنهم الخصوم فإنهم

الصفحة 156
مقصرون في أداء رسالة أهل البيت وعليهم تقع المسؤولية.

وعندما قصد الأستاذ مدينة مشهد بخراسان لزيارة الإمام الرضا (عليه السلام) ووصل مطار خراسان استقبل لدى وصوله المطار من قبل ثلة من رجال الدين الأفاضل وأساتذة الجامعة حيث قدموا إليه آيات الترحيب في صالة المطار وبعد تبادل التحيات توجه الأستاذ إلى زيارة المرقد المطهر الذي من أجله تحمل عناء السفر حتى يؤدي مراسم الزيارة، وبعد فراغه من الزيارة توجه نحو " هتل رز " المقر الذي اختير له مدة إقامته بهذا البلد المقدس وبعد مضي ساعات من نزوله " هتل رز " أخذ أساتذة الحوزة العلمية والطلاب الأفاضل يترددون عليه ويرحبون بمقدمه.

وفي صباح اليوم الثاني قصد الأستاذ مع جمع من مرافقيه زيارة صاحب السماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد عبد الله الشيرازي (1) مد ظله العالي - وعندما دخل دار آية الله الشيرازي - كانت الدار مزدحمة بجمع كبير من مختلف الطبقات - رحب صاحب السماحة آية الله الشيرازي بفضيلته وبدأ سماحته بالحديث مع سيادة الأستاذ حول كثير من القضايا العامة والأوضاع والعقائد ومدى تأخر المسلمين وأسباب هذا التأخر والانحطاط والخطوات التي يجب أن تتدارك هذا الانحطاط ومن ثم إلى رفع كيان المسلمين في هذه الظروف العصيبة الراهنة.

وهنا استأذن فضيلة السيد محمد علي نجل آية الله الشيرازي من سماحة السيد

____________

(1) كان مقيما في مدينة النجف الأشرف - العراق وبعد وفاة سماحة آية الله السيد محمد هادي الميلاني الزعيم الديني للشيعة الإمامية في مشهد - خراسان، انتقل سيدنا الشيرازي من النجف الأشرف - العراق وحل محل آية الله الميلاني الفقيد في مدينة مشهد - خراسان - إيران وهو اليوم زعيم الحوزة العلمية في مدينة مشهد المدينة المقدسة وله عدة كتب علمية مطبوعة في الفقه والأصول وله محاضرات بأقلام تلاميذه.

- المؤلف -


الصفحة 157
والده للحديث مع الأستاذ فقام ورحب بقدوم الضيف الكريم ثم طرح عليه الأسئلة التالية:

1 - ما هي انطباعاتكم عن إيران وعن الشعب الإيراني وكيف وجدتم فيه الوضع الديني؟

الأستاذ: لقد أعجبت بإيران، وبالشعب الإيراني كل الاعجاب حيث رأيت أن الشعب الإيراني شعب مسلم حقا تتجلى فيه حقائق الإسلام وتشع منه أنوار القرآن، رأيت شعبا متمسكا بالقرآن وبالعترة فلم يترك أحدهما ويلزم الثاني بل يأخذ تعاليم القرآن عن طريق أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

والذين يقول في حقهم الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم):

" إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ".

2 - ما رأيكم بالنسبة إلى الشيعة وعقائدهم، وهل ترونهم عبر التاريخ من المسلمين الذين خدموا الإسلام وكافحوا من أجل توعية الشعوب المسلمة وأدوا خدمات نافعة في مختلف الحقول والميادين؟.

الأستاذ: إن في عقيدتي أن الشيعة هم واجهة الإسلام الصحيحة ومرآته الصافية، ومن أراد أن ينظر إلى الإسلام عليه أن ينظر إليه من خلال عقائد الشيعة ومن خلال أعمالهم، والتاريخ خير شاهد على ما قدمه الشيعة من الخدمات الكبيرة في ميادين الدفاع عن العقيدة الإسلامية. وإن علماء الشيعة الأفاضل هم الذين لعبوا أدوارا لم يلعبها غيرهم في الميادين المختلفة فكافحوا وناضلوا وقدموا أكبر التضحيات من أجل إعلاء الإسلام، ونشر تعاليمه القيمة وتوعية الناس وسوقهم إلى