وزاد بعض الفضلاء في التعريف: بحقّ الأصالة، وقال في تعريفها: الإمامة رئاسة عامة في أُمور الدين والدنيا لشخص إنساني بحقّ الأصالة. واحترز بهذا عن نائب يفوّض إليه الإمام عموم الولاية، فإنّ رئاسته عامّة لكن ليست بالأصالة.
والحقّ: إنّ ذلك يخرج بقيد العموم، فإنّ النائب المذكور لا رئاسة له على إمامه، فلا تكون رئاسته عامّة.
ومع ذلك كلّه، فالتعريف ينطبق على النبوّة، فحينئذ زاد فيه: بحقّ النيابة عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو بواسطة بشر"(1).
هذا، وقد أورد الفيّاض اللاهيجي في شرح التجريد كِلا تعريفي الإيجي والتفتازاني، وارتضاهما(2) ممّا يدلّ على أنّ المقصد واحد وإن اختلفت الألفاظ وتنوّعت التعاريف.
وهذا هو المهمّ في المقام، فإنّ علماء الفريقين متّفقون على تعريف الإمامة بما ذُكر.
الإمامة من أُصول الدين:
ومن هذا التعريف ـ المتّفق عليه بين الشيعة والسُنّة ـ يتبيّن أن الإمامة من أُصول الدين وليست من الفروع، لأنها نيابة عن النبيّ، فهي من شؤون النبوّة ومتعلّقاتها.
مضافاً إلى أحاديث اتّفقوا عليها، كقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم:
____________
1- النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر: 44.
2- شوارق الإلهام في شرح تجريد الكلام.
وهذا بهذا اللفظ في عدّة من الكتب كشرح المقاصد(1).
وفي مسند أحمد وغيره بلفظ: "من مات بغير إمام مات ميتةً جاهلية"(2)..
وبلفظ: "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" كما في بعض الكتب(3)..
وله ألفاظ أخرى(4).
____________
1- شرح المقاصد 5/239، شرح العقائد النسفية: 232.
2- مسند أحمد 4/96.
وانظر: صحيح مسلم 6/22، مسند الطيالسي: 259 ح 1913، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ 19/388 ح910، مسند الشاميّين 2/437 ح1654، حلية الأولياء ـ لأبي نُعيم ـ 3/224 وقال: "هذا حديث صحيح ثابت، أخرجه مسلم بن الحجّاج في صحيحه عن عمرو بن علي، عن ابن مهدي، عن هشام بن سعد، عن زيد" وهو ما مرّ تخريجه آنفاً، جامع الأحاديث ـ للسيوطي ـ 7/384 ح23114 و23116، كنز العمّال 1/103 ح 464 وج6/65 ح14863.
3- السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 8/156.
وانظر: صحيح مسلم 6/22، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ 19/334 ح769، إتحاف السادة المتّقين 6/122.
4- انظر: السُنّة ـ لابن أبي عاصم ـ: 489 ح1057، مسند أبي يعلى 13/366 ح7375، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ 10/289 ح10687، المعجم الأوسط 1/127 ح227 وج6/128 ح5820، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 13/242، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7/49 ح4554، مجمع الزوائد 5/225، جامع الأحاديث ـ للسيوطي ـ 7/384 ح23113، كنز العمّال 1/103 ح463.
وبما ذكرنا غنىً وكفاية عن غيره من الأدلّة.
ومن هنا، فقد حكي عن بعض الأشاعرة، كالقاضي البيضاوي، موافقة الإمامية في أنّ الإمامة أصل من أُصول الدين(1)، وعن بعضهم، كالتفتازاني، أنها بعلم الفروع أليق(2)، والمشهور بينهم كونها من المسائل الفرعيّة.
على من يجب نصب الإمام؟
وكأنّ الوجه في قول المشهور منهم بكون الإمامة من الفروع المتعلّقة بأفعال المكلّفين: أنّ نصب الإمام واجب على الأُمّة لا على اللّه.. قال السعد التفتازاني:
"نصب الإمام واجب على الخلق سمعاً عندنا وعند عامة المعتزلة، وعقلا عند بعضهم، وعلى اللّه عند الشيعة.. لنا وجوه.. الأوّل ـ وهو العمدة ـ: إجماع الصحابة، حتّى جعلوا ذلك أهمّ الواجبات، واشتغلوا به عن دفن الرسول..."(3).
____________
1- منهاج الوصول في معرفة علم الأُصول ـ المطبوع مع الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج ـ: 167.
2- شرح المقاصد 5/232.
3- شرح المقاصد 5/235 ـ 236.
ثمّ قالوا بأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مات بلا وصية! وأنكروا أن يكون هناك نصٌّ أو تعيين من اللّه ورسوله بالإمامة لأحد من بعده..
فكان وجوب نصبه من وظائف المكلّفين(1)..
والدليل العمدة على ذلك: إجماع الصحابة، حتّى جعلوا ذلك من أهمّ الواجبات واشتغلوا به عن دفن الرسول...
وإذا كان هذا هو العمدة في الأدلّة، فالأمر سهل.. ففي هذا الدليل نظر من وجوه(2)، أحدها: عدم تحقّق هذا الإجماع!
نعم، ترك أبو بكر وعمر ومن تابعهما جنازة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على الأرض، وأسرعوا إلى سقيفة بني ساعدة حيث اجتمع جمع من الأنصار للنظر في أمر الخلافة.. ثمّ أقبلوا على بني هاشم ومن بقي معهم حول الجنازة، يطالبونهم البيعة لأبي بكر!
فالّذين "جعلوا ذلك أهمّ الواجبات".. "حتّى قدّموه على دفن النبيّ" هم طائفة من الصحابة، وليس كلّهم.
هذا بناءً على أن يكون اجتماع الأنصار في السقيفة للنظر في أمر
____________
1- راجع: تثبيت الإمامة ـ لأبي نُعيم ـ: 70 ـ 73 ح27 ـ 30، غياث الاُمم ـ للجويني ـ: 55 ـ 65، الأربعين في أُصول الدين ـ الفخر الرازي ـ: 2/255 ـ 256.
2- منها: إنّه إذا كان نصب الإمام بعد النبيّ من أهمّ الواجبات، حتّى إنّ القوم تركوا جنازته على الأرض ـ مع ما فيه من الوهن للإسلام والنبيّ ـ وراحوا يعيّنون الخليفة له والإمام بعده، فلماذا ترك النبيّ نفسه "أهمّ الواجبات" هذا، وترك الدين والمسلمين عرضة للأهواء كما يزعمون؟!
أما بناءً على ما قيل من أنّهم اجتمعوا هناك للنظر في شؤونهم الخاصّة بهم، وللاتّفاق على رأي واحد في التعامل مع المهاجرين.. ونحو ذلك.. فالأمر أوضح..
وتقول الشيعة:
1 ـ أمر الإمامة بيد اللّه سبحانه.
2 ـ ويجب عليه نصب الإمام.
3 ـ وإنه قد فعل(1).
أمّا أنّ أمرها بيده، فيدلُّ عليه الكتاب والسُنّة، ومن ألطف ما وجدته من السُنّة في هذا الباب، ما رواه أرباب السير:
"وذكر ابن إسحاق: أنه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم عرض نفسه على كندة وكلب، أي إلى بطن منهم يقال لهم: بنو عبد اللّه، فقال لهم: إنّ اللّه قد أحسن اسم أبيكم، أي: عبد اللّه، أي: فقد قال صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم: أحبّ الأسماء إلى اللّه عزّ وجل عبد اللّه وعبد الرحمن. ثمّ عرض عليهم فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم.
وعرض على بني حنيفة وبني عامر بن صعصعة، أي فقال له رجل منهم:
أرأيت إنْ نحن بايعناك على أمرك، ثمّ أظفرك اللّه على من خالفك،
____________
1- انظر: الإفصاح في إمامة أمير المؤمنين(عليه السلام): 27 ـ 29، المقنع في الإمامة: 47 ـ 54، الألفين: 31 ـ 34.
فقال: الأمر إلى اللّه يضعه حيث شاء.
فقال له: أنقاتل العرب دونك ـ وفي رواية: أنهدف نحورنا للعرب دونك، أي: نجعل نحورنا هدفاً لنيلهم ـ فإذا أظهرك اللّه كان الأمر لغيرنا؟! لا حاجة لنا بأمرك. وأبوا عليه"(1).
فإنّ هذا الخبر جديرٌ بالملاحظة الدقيقة..
لقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ حين عرض نفسه على تلك القبيلة ودعاهم إلى التوحيد ـ في أصعب الظروف وأشقّها، إنّه كان يطلب من القوم ـ حسب هذا الأخبار ـ أن يؤمنوا به ويحموه من كيد المشركين وأذاهم... "فيردّون عليه صلّى عليه وآله وسلّم أقبح الردّ، يقولون له: أُسرتك وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتّبعوك".
إنه(صلى الله عليه وآله) كان يعينه حتّى الرجل الواحد يؤمن به ويتّبعه ويمنعه من أن يلحقه الأذى من قريش وغيرها.
ومع كلّ هذا، فلمّا طلبت منه تلك القبيلة أن يعِدَهم برئاسة إن أظفره اللّه على من خالفه! أجاب بكلّ صراحة وبلا أيّ تردّد: "الأمر إلى اللّه يضعه حيث شاء" أي: ليس أمر خلافته من بعده بيده، كما لم يكن أمر نبوّته بيده..
إن هذا الخبر لَمن أقوى الأدلّة السمعية على إنّ نصب الإمام بيد اللّه سبحانه وتعالى، وليس الأمر بيد الرسول فضلا عن أن يترك إلى الناس!!
____________
1- السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ 2/271 ـ 272، السيرة الحلبية 2 / 154.
وأمّا أنّه قد نصب الإمام بعد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، فيدلّ عليه الآيات الكثيرة من القرآن الكريم، والأحاديث القطعيّة عن النبيّ العظيم، وهذا هو موضوع كتب الإمامة التي ألّفها علماء الإمامية.
مَن هو الإمام بعد النبيّ؟!
تقول الشيعة: إنّ اللّه سبحانه ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) قد عيّنا عليّاً ونصباه خليفة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.
ويقول أهل السُنّة: بأنّ الخليفة بعد النبي هو أبو بكر، باختيار من الناس.
وقد تمّ استدلال الشيعة الإمامية على إمامة عليّ بعد رسول اللّه في ثلاثة فصول:
1 ـ الأدلّة على إمامته من الكتاب والسُنّة.
2 ـ الدليل على إمامته من العقل، وهو يشكّل من قياس صغراه من الحديث والسيرة والتاريخ: إنّ عليّاً كان أفضل الخلق بعد النبيّ; وكبراه من العقل: إنّ تقدّم المفضول على الفاضل قبيح.
3 ـ الموانع من إمامة أبي بكر وصاحبَيه، وذلك بالنظر إلى: تعريف الإمامة، والغرض منها، والشروط المعتبرة في الإمام...
ولقد أقامت الإمامية الحجج المعتبرة في هذه الفصول الثلاثة "بالتي هي أحسن".
إلتزام الإمامية بالجدل بالتي هي أحسن:
ومن ذلك احتجاجهم على القائلين بإمامة أبي بكر بما يصدّقونه ويعتقدون به من الأدلّة والحجج، واستنادهم إلى كتب القوم وأقوال علمائهم كما هي القاعدة الأصلية في المناظرة..
ففي الاستدلال بحديث غدير خمّ على إمامة عليٍّ عليه السلام..
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: "ألستُ أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى.
قال: فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللّهمَ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه...".
فإذا قال بعض أهل السُنّة: هذا كذب(1)، لم يقله رسول اللّه!
قال: الشيعي: أخرجه فلان وفلان... من أعلام السُنّة(2).
____________
1- كابن تيميّة في منهاج السُنّة 7/313 ـ 314.
2- انظر مثلاً: سنن ابن ماجة 1/43 ح 116، سنن الترمذي 5/591 ح3713، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5/107 ح8397، مسند أحمد 1/84 ومواضع عديدة أُخرى، مصنّف ابن أبي شيبة 7/494 ح2 ومواضع عديدة أُخرى، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ 1/375 رقم 1191، السُنّة ـ لابن أبي عاصم ـ: 590 ـ 593 ح1354 ـ 1376 بطرق عديدة، زوائد عبد اللّه بن أحمد بن حنبل: 413 ـ 419 ح197 ـ 201، الذرّية الطاهرة: 168 ح228، مسند البزّار 2/133 ح492 ومواضع عديدة أُخرى، مسند أبي يعلى 1/428 ح 567، صحيح ابن حبّان 9/42 ح6892، المعجم الكبير 3/180 ح3052 ومواضع عديدة أُخرى، المعجم الأوسط 2/10 ح1115 ومواضع عديدة أُخرى.
اضطرّ الشيعي لأن يقول: روى قدومه من اليمن: فلان وفلان.. من أهل السُنّة(2).
فإن عاد فقال: صدر الحديث: "ألستُ أولى..." لا أصل له(3).
قال الشيعي: رواية فلان وفلان... من أهل السُنّة...(4).
فإن أنكر مجيء "المولى" بمعنى "الأوْلى"(5).
أخرج له الشيعي قائمة بأسماء كبار اللغويّين من أهل السنّة القائلين بمجيء "المولى" بمعنى "الأوْلى"(6).
____________
1- كالإيجي في المواقف: 405.
2- انظر ذلك في: صحيح مسلم 4/40، سنن أبي داود 2/191 ح1905، سنن النسائي 5/144، سنن ابن ماجة 2/1024 ح3074، مسند أحمد 3/320، سنن الدارمي 2/34 ح1851.
3- كالتفتازاني في شرح المقاصد 5/274.
4- انظر صدر الحديث في: سنن ابن ماجة 1/43 ح116، مسند أحمد 1/118 ومواضع أُخرى، مصنّف ابن أبي شيبة 7/503 ح55 وموضع آخر، السُنّة ـ لابن أبي عاصم ـ: 591 ح1361 وموضع آخر، مسند البزّار 2/133 ح 492 وموضع آخر، مسند أبي يعلى 1/429 ح567، ومواضع عديدة من معاجم الطبراني الثلاثة.
5- كالبلاقلاّني في تمهيد الأوائل: 451، والآمدي في غاية المرام في علم الكلام: 378، والدهلوي في التحفة الاثنا عشرية: 208.
6- هو المحكيّ عن الكلبي والزجّاج والفرّاء وأبي عبيدة كما في تفسير الفخر الرازي 29/228، وانظر كذلك: صحيح البخاري 6/259، تنوير المقباس من تفسير ابن عبّاس: 577.
ويعترض بعض أهل السُنّة بأنّه كذبٌ على رسول اللّه(1).
فيجيب الشيعي: أخرجه فلان وفلان..(2) وصحّحه فلان وفلان...(3)من أهل السُنّة.
فيرجع الخصم ليقول: فأبو بكر و... أبواب كذلك!(4).
____________
1- كابن الجوزي في الموضوعات 1/354، وابن تيميّة في الفتاوى الكبرى 3/27.
2- أخرجه يحيى بن معين في معرفة الرجال 1/79 رقم 231 وج2/242 رقم 831 و832، وأحمد بن حنبل في فضائل الصحابة 2/789 ح1081 بلفظ: "أنا دار الحكمة وعليّ بابها"، والترمذي في السنن 5/596 ح3723 كما في الفضائل، والطبراني في المعجم الكبير 11/55 ح11061، الحاكم في المستدرك على الصحيحين 3/137 ـ 138 ح4637 ـ 4639، وأبو نعيم في حلية الأولياء 1/64، وابن عبد البرّ في الاستيعاب 3/1102، والخطيب في تاريخ بغداد 4/348 و ج 7/173 وج 11/48 ـ 49، وابن المغازلي في مناقب الإمام علي(عليه السلام): 115 ـ 120 ح120 ـ 129، والديلمي في فردوس الأخبار 1/42 ح109، والبغوي في مصابيح السُنّة 4/174 ح4772، وابن عساكر في تاريخ دمشق 42/378 ـ 382.
3- وقد صحّحه على سبيل المثال: يحيى بن معين كما في كنز العمّال 13/148 ح36464، وابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" كما في فتح الملك العلي: 33، والحاكم النيسابوري والخطيب البغدادي كما تقدّم في الهامش السابق، والحافظ أبو محمّد الحسن بن أحمد السمرقندي في "بحر الأسانيد في صحاح المسانيد" كما في فتح الملك العلي: 5، والسيوطي في "جمع الجوامع" كما في فتح الملك العلي: 33، والمتّقي الهندي في كنز العمّال 13/149، وأحمد بن محمد بن الصديق الغماري في "فتح الملك العلي بصحّة حديد باب مدينة العلم علي".
4- مؤدّى ذلك في حديث "أصحابي كالنجوم..." ورواية الديلمي في فردوس الأخبار 1/42 ح108: "أنا مدينة العلم، وأبو بكر أساسها، وعمر حيطانها، وعثمان سقفها...".
فليتجئ بعضهم إلى أن يقول: ليس "عليٌّ" في الحديث علماً، بل هو وصف للباب، أي: مرتفع!(2).
فاستهجن منه ذلك غير واحد من علماء طائفته وسخر منه آخرون(3)..
فقد أُتي النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بطير ليأكله، فقال:
"اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك يأكل معي من هذا الطير".
فجاء عليٌّ فأكل معه.
فاضطر كلام أعلام الخصوم في مقام الجواب عن هذا الاستدلال:
فزعم أحدهم بأنّ هذا كذبٌ موضوعٌ!(4).
____________
1- كمسألة الكلالة، والأبّ، والتيمّم، والمواريث، ومهور النساء; وللتفصيل راجع الأجزاء 6 ـ 8 من موسوعة "الغدير" للعلاّمة الأميني(قدس سره).
2- ذهبت الخوارج ومن قال بقولهم إلى هذا المقال; انظر: زين الفتى في شرح سورة هل أتى 1/163 ح62.
3- كابن حجر المكّي في المنح المكّية ـ شرح القصيدة الهمزية، والمناوي في فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير 3/60 ح 2704، وغيرهما.
4- منهاج السُنّة 7/371.
فجعلوا يتشبّثون ـ في ردّ هذا الحديث الصحيح سنداً، والصريح في أفضلية عليٍّ أمير المؤمنين عليه السلام ـ باحتمالات باردة، وبتعلّلات سخيفة..
لعلّ الدعاء كان لكراهة الأكل وحده!
ولعلّ عليّاً كان الأحبّ إلى اللّه والرسول في الأكل فقط!
ولعلّ المراد من قوله: "اللّهمّ ائتي بأحب الخلق.." هو: اللّهمّ ائتني بمن هو من أحب الخلق..!
وهكذا..
وأخيراً:
لعلّ أبا بكر وعمر لم يكونا حاضرين حينذاك في المدينة المنوّرة!!
موقف الشيعة من هجوم الخصوم:
وكُتُب الشيعة الإمامية الاثني عشرية في أُصول الدين، وفي الإمامة منها بالخصوص، يمكن تقسيمها إلى قسمين:
____________
1- انظر مثلا: سنن الترمذي 5/595 ح3721، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5/107 ح8398، مسند أبي يعلى 7/105 ح1297، المعجم الكبير 1/253 ح730، المعجم الأوسط 6/418 ح6561، المستدرك على الصحيحين 3/142 ح132، مجمع الزوائد 9/126.
أوائل المقالات: للشيخ المفيد البغدادي.
والذخيرة في علم الكلام: للسيّد المرتضى الموسوي البغدادي.
والاقتصاد الهادي إلى الرشاد: للشيخ أبي جعفر الطوسي.
وتجريد الاعتقاد: للشيخ نصير الدين الطوسي.
وكتب العلاّمة الحلّي، ككتاب "نهج الحقّ وكشف الصدق" الذي سنتكلّم عليه بالتفصيل.
الثاني: ما ألّفه العلماء في "ردّ" أو "نقض" ما كتبه الخصوم ضدّ المذهب الإمامي.
والظاهر أنّ كتبهم من هذا القسم أكثر عدداً منها من القسم الأوّل، وذلك لأنّ خصومهم قد دأبوا منذ عهد بعيد على الهجوم عليهم بالسبّ والشتم، وعلى المكابرة وإنكار الحقائق...
فمن السهل أن يقول القائل منهم في حديث: "مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها هلك"(1): "كذب
____________
1- انظر مثلا: المعارف ـ لابن قتيبة ـ: 146 ضمن ترجمة أبي ذر الغفاري، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ 3/45 ح2636 ـ 2638، المعجم الأوسط 6/147 ح5870، المستدرك على الصحيحين 3/163 ح4720، مشكاة المصابيح 3/378 ح6183 عن أحمد بن حنبل، الصواعق المحرقة: 234 عن مسلم.
أو أنّ الحديث: "خُلقت أنا وعليّ من نور واحد"(2): "موضوع بإجماع أهل السنّة"(3)..
أو أن الحديث: "اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك..."(4): "لم يروه أحد من أصحاب الصحاح، ولا صحّحه أئمة الحديث"(5).
وكذا من السهل أن يقول القائل منهم مثلا في حديث الغدير(6): "لم يقل أحد من أئمة العربية بمجيء (المولى) بمعنى (الأولى)"(7)..
وفي حديث الثقلين: "إنّي تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب اللّه حبل ممدود من السـماء إلى الأرض، وعترتي أهـل بيتي، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض"(8): أنّه قال:
____________
1- قال الذهبي بترجمة مفضّل بن صالح من ميزان الاعتدال 6/499 رقم 8734: "حديث سفينة نوح أنكر وأنكر"!
2- انظر: فضائل الصحابة ـ لابن حنبل ـ 2/823 ح1130، مناقب الإمام علي(عليه السلام)ـ الخوارزمي ـ: 145 ح169 و170، فردوس الأخبار 2/178 ح4884، تاريخ دمشق 42/67.
3- انظر: التحفة الاثنا عشرية: 215 ـ 216.
4- مرّ تخريجه في صفحة 41هـ 4.
5- انظر: منهاج السُنّة 7/371.
6- راجع تخريجه في صفحة 38هـ 2.
7- انظر: هـ 3 صفحة 39.
8- انظر مثلا: سنن الترمذي 5/621 ـ 622 ح3786 و3788، مسند أحمد 3/14 و17 و26 و59، وسنن الدارمي 2/292 ح 3311، المستدرك على الصحيحين 3/118 ح 4576 و4577، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 7/30، مجمع الزوائد 9/163.
وفي حديث سـدّ الأبواب: "أُمرت بسـدّ الأبواب إلاّ باب عليّ"(2): "إنّ هذه الفضيلة كانت لأبي فقلبته الرافضة إلى عليّ"! (3)..
وفي حديث المنزلة "أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى"(4): "إنه لا يدلّ على عموم المنزلة"(5)..
إنّ كلّ واحد من هذه الأقاويل سطر واحد أو سطران، لكن الجواب عنه يستدعي الكثير من البحث، وربّما يشكّل كتاباً برأسه، كما هو واضح.
فمن هنا نرى كثرة كتب الردّ والنقض في مؤلّفات الإمامية، فهم ـ في الأغلب ـ في مقام الدفاع عن مباني المذهب، وأُسس الدين، وربّما لا نجد كتاباً لأحدهم وضعه للهجوم على الخصوم.
____________
1- الموطّأ: 785 ح3، سنن الدارقطني 4/136 ح4559.
2- سنن الترمذي 5/599 ح3732، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5/113 ح8409 وص118 ح8423 و8425، مسند أحمد 1/175، مسند أبي يعلى 2/61 ح703، المعجم الكبير 2/246 ح2031 و ج12/78 ح12594، المستدرك على الصحيحين 3/135 ح4631 و ص144 ذ ح4652.
3- انظر: الموضوعات ـ لابن الجوزي ـ 1/366، تذكرة الموضوعات ـ للفتني ـ: 95.
4- انظر مثلا: صحيح البخاري 5/89 ح202، صحيح مسلم 7/120، سنن الترمذي 5/599 ح3731، سنن ابن ماجة 1/42 ح115، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5/44 ح8138 ـ 8143، مسند أحمد 1/170 و177، مسند البزّار 3/278 ح1068.
5- انظر مؤدّاه في الإرشاد ـ للجويني ـ: 355.
لكنّه عاد فنقض ما كتبه، فكان أوّل من ردّ على العثمانية(3).
ثمّ ردّ عليها جماعة من الإمامية وغيرهم بردود اشتهرت بـ "نقض العثمانية"، منهم: أبو جعفر الإسكافي المعتزلي ـ المتوفّى سنة 240 ـ، والمسعودي صاحب مروج الذهب ـ المتوفّى سنة 346 ـ، والسيد جمال الدين ابن طاووس الحلّي ـ المتوفّى 673 ـ في بناء المقالة الفاطمية، وهو مطبوع.
فكتب السيد المرتضى ـ المتوفّى سنة 436 ـ في الردّ عليه كتاب الشافي في الإمامة، ثمّ لخّصه تلميذه الشيخ أبو جعفر الطوسي ـ المتوفّى
____________
1- راجع: العثمانية: 45 ـ 50.
2- مروج الذهب 3/237.
3- الفهرست ـ للنديم ـ: 294.
4- الشافي في الإمامة 1/33.
فردّ عليه معاصره الشيخ نصير الدين عبد الجليل بن أبي الحسين القزويني(1) بكتاب بعض مثالب النواصب في نقض بعض فضائح الروافض، وهو مطبوع.
فكتب بعض معاصريه ردّاً عليه، هو كتاب الإنصاف والانتصاف لأهل الحق من أهل الإسراف، تم تأليفه سنة 757.
وكتب في الردّ عليه أيضاً: السيد مهدي القزويني ـ المتوفّى سنة 1348 ـ كتاب منهاج الشريعة.
ولهذا العبد العاجز ـ صاحب المقدّمة ـ كتاب دراسات في منهاج السُنّة، وهو كتاب جليل مطبوع منتشر في البلاد.
كما جاء الردّ على منهاج السُنّة في شرح منهاج الكرامة لهذا العبد، والجزء الأوّل منه مطبوع الآن.
____________
1- كان حيّاً سنة 556; انظر: معجم المؤلّفين 2/49 رقم 6558.
كما ردّ عليه أيضاً: الشيخ نجم الدين خضر بن محمّد الحبلرودي الرازي بكتاب التوضيح الأنور في دفع شبه الأعور، وذلك في سنة 839 في مدينة الحلّة بالعراق.
ثمّ سئلت في إقرائه في رمضان سنة 950 بالمسجد الحرام، لكثرة الشيعة والرافضة ونحوهما الآن بمكّة المشرّفة أشرف بلاد الإسلام، فأجبت إلى ذلك، رجاء لهداية بعض من زلّ به قدمه عن أوضح المسالك.."(2).
فرد عليه القاضي نور اللّه التستري ـ الشهيد في الديار الهندية سنة 1019 ـ بكتاب الصوارم المهرقة في الردّ على الصواعق المحرقة، وقد طبع
____________
1- انظر: الذريعة 2/419 رقم 1657.
2- الصواعق المحرقة: 9.
فكُتبت على التحفة الردود الكثيرة من قبل كبار علماء الشيعة في البلاد الهندية، في الأبواب المختلفة، وفنّدوا مزاعمه، وكشفوا أباطيله، وزيّفوا تمويهاته، جملةً وتفصيلا، وقد تناول السيّد مير حامد حسين النيسابوري اللكهنوي ـ المتوفّى سنة 1306 ـ باب الإمامة منه بالردّ والنقد، في كتابه العظيم عبقات الأنوار في إثبات إمامة الأئمة الأطهار.
كما كُتبت على مختصر التحفة ردود أُخرى كذلك.
ومن شاء التفصيل عنه وعن سائر الردود على كتاب التحفة فليرجع إلى كتابنا دراسات في كتاب العبقات(1).
____________
1- طُبع مستقلاًّ وفي مقدّمة الجزء الأوّل من "نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار".
وما زال علماء الطائفة في موقف الدفاع عن المذهب وصدّ الهجمات الواردة من مختلف البلاد.
نهج الحقّ وكـشف الصدق
للعـلاّمة الحـلّي
وكتاب نهج الحقّ وكشف الصدق أحد كتب العلاّمة الحلّي (رحمه الله) في الأُصولين والفقه، مع المقارنة بآراء المخالفين في مسائل العلوم الثلاثة، وهو من خيرة الكتب المقارنة بين المذاهب الإسلامية.
قال (رحمه الله) في المقدّمة: " وقد وضعنا هذا الكتاب الموسوم بـ نهج الحقّ وكشف الصدق طالبين فيه الاختصار وترك الإكثار، بل اقتصرنا فيه على مسائل ظاهرة معدودة، ومطالب واضحة محدودة، وأوضحت فيه لطائفة المقلّدين من طوائف المخالفين إنكار رؤسائهم ومقلّديهم القضايا البديهية، والمكابرة في المشاهدات الحسّـيّة، ودخولهم تحت فرق السوفسطائية، وارتكاب الأحكام التي لا يرتضيها لنفسه ذو عقل ورويّة، لعلمي بأنّ المنصف منهم إذا وقف على مذهب من يقلِّده تبرّأ منه وحاد عنه، وعرف أنّه ارتكب الخطأ والزلل، وخالف الحقّ في القول والعمل.
فإن اعتمدوا الإنصاف، وتركوا المعاندة والخلاف، وراجعوا أذهانهم الصحيحة، وما تقتضيه جودة القريحة، ورفضوا تقليد الآباء، والاعتماد على أقوال الرؤساء، الّذين طلبوا اللذّة العاجلة، وأهملوا أهوال الآجلة، حازوا القسط والدنوّ من الإخلاص، وحصلوا النصيب الأسنى من النجاة والخلاص، وإنْ أبوا إلاّ استمراراً على التقليد، فالويل لهم من نار الوعيد،
وإنّما وضعنا هذا الكتاب حسبةً لله ورجاءً لثوابه، وطلباً للخلاص من أليم عقابه، بكتمان الحقّ وترك إرشاد الخلق... "(2).
وكانت عناوين مسائل هذا الكتاب:
1 ـ في الإدراك.
2 ـ في النظر.
3 ـ في صفاته تعالى.
4 ـ في النبوّة.
5 ـ في الإمامة.
6 ـ في المعاد.
7 ـ في أُصول الفقه.
8 ـ في ما يتعلّق بالفقه.
وفي كلّ فرع من فروع هذه المسائل يقول: " قالت الإمامية " و " قالت الأشاعرة " و " قالت المعتزلة "، معتمداً في الاحتجاج وكذا في نقل آراء الآخرين على أشهر كتب القوم وأتقنها، أمثال:
الصحاح السـتّة..
والجمع بين الصحيحين..
ومسند أحمد بن حنبل..
____________
1- سورة البقرة 2: 166.
2- نهج الحقّ وكشف الصدق: 37.
وسنن البيهقي..
ومصابيح السُـنّة، للبغوي..
والمغازي، للواقدي..
وتاريخ الطبري..
وأنساب الأشراف، للبلاذري..
والاستيعاب، لابن عبـد البرّ..
وإحياء علوم الدين، للغزّالي..
والمغني، للقاضي عبـد الجبّار..
والكشّاف، للزمخشري..
والتفسير الكبير، للرازي..
وهو في أغلب الموارد ـ حين يذكر القولين أو الأقوال ـ يخاطب الناظر فيها وأبناء المذاهب الأُخرى، بكلمات الوعظ والنصيحة، كقوله في موضـع:
" فلينظر العاقل في المقالتين، ويلمح المذهبين، وينصف في الترجيح، ويعتمد على الدليل الواضح الصحيح، ويترك تقليد الآباء والمشايـخ الآخـذين بالأهـواء، وغـرّتهم الحياة الدنيـا، بل ينصح نفسـه ولا يعوّل على غيره، ولا يُقبَل عذره غداً في القيامة: إنّي قلّدت شيخي الفلاني، أو وجدت آبائي وأجدادي على هذه المقالة، فإنّه لا ينفعه ذلك يوم القيامة، يوم يتبرّأ المتّـبَعون من أتباعهم ويفرّون من أشياعهم، وقد نصّ الله تعالى على ذلك في كتابه العزيز.
ولكن أين الآذان السامعة، والقلوب الواعية؟! وهل يشكّ العاقل في
وكقوله في موضع آخر:
" فليعرض العاقل المنصف من نفسه هذه القضية على عقله، ويتّبع ما يقوده عقله إليه، ويرفض تقليد من يخطئ في ذلك، ويعتقد ضدّ الصواب، فإنّه لا يُقبل منه غداً يوم الحساب، وليحذر من إدخال نفسه في زمرة الّذين قال الله تعالى عنهم: ( وإذْ يتحاجّون في النار فيقول الضعفاء للّذين استكبروا إنّا كنّا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنّا نصيباً من النار )(2) "(3).
فهذا هو أُسلوب العلاّمة (رحمه الله) في كتابه.
____________
1- نهج الحقّ وكشف الصدق: 79.
2- سورة غافر 40: 47.
3- نهج الحقّ وكشف الصدق: 103.
إبطال نهج الباطل
وإهمال كشف العاطل(1)
لابن روزبـهـان
وقد كتب الفضل بن روزبهان، في نقض كتاب نهج الحقّ وكشف الصدق كتاباً أسماه بـ إبطال نهج الباطل وإهمال كـشف العاطل افتـتحه بسـبّ الإماميّة عامّة والعلاّمة الحلّي خاصّة! فإنّه قال بعد أن أثنى على صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما نصّه:
" ثمّ وثب فرقة بعد القرون المتطاولة والدول المتداولة، يلعنونهم ويشتمونهم، ولكلّ قبيح ينسبونهم، فويل لهذه الفئة الباغية التي يسخطون العصبة الرضية، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَمِيّة، شاهت الوجوه، ونالت كلّ مكروه.
ثمّ إنّ زماننا قد أبدى من الغرائب، ما لو رآه محتلم في رؤياه لطار من وكر الجفن نومه، ولو شاهده يقظان في يومه لاعتكر من ظلام الهموم يومه "(2).
____________
1- هذا الكتاب غير مطبوع في ما نعلم، إلاّ أنّ متنه الكامل موجود في كتاب " دلائل الصدق لنهج الحقّ"، وفي " إحقاق الحقّ ".
2- دلائل الصدق 1 / 138 من طبعة القاهرة، وكذا في ما يأتي من هذه المقدّمة.
دراسات في مسائل الإمامة
من كـتاب ابن روزبـهان
أقـول:
كانت تلك عبارات ابن روزبهان في بداية كتابه، وقد رأيت من الضروري أن أقرأ كتابه من أوّله إلى آخره، لأتعرّف على عقائد هذا الرجل ونفسيّته، ولأجل المقارنة بينه وبين العلاّمة الحلّي وكتابه، بل حتّى أُعطي لكلّ منصف نموذجاً من كتب الفريقين، ليقرأه ويقف على أسلوبه، ثمّ يختار ما شاء منهما كما يحكم عقله ودينه، فإلى القارئ الكريم هذه الفصول في أساليب ابن روزبهان في كتابه، بذِكر موارد من كلّ أُسلوب:
أوّلا ـ السـبّ والشـتم:
وسـوّد الفضل صفحات كتابه بسـبّ وشتم العلاّمة والشـيعة عامّة، بما لا يُسمع عادةً إلاّ من الجهلة الأرذال والسوقة الأنذال، ومن الواضح أنّ مثل هذه الأشياء تدّل ـ مضافاً إلى دلالتها على عدم الورع والتقوى، وعلى سوء الأدب والأخلاق ـ على بطلان عقيدة الشخص وعجزه عن الدفاع عنهـا.
ونحن نورد بعض ما تفوّه به هذا الرجل: