وبالإمكان مراجعةُ كتبه الاستدلالية ـ ومنها كتابه المطبوع في مباحث الحجّ ـ لتجد أُسلوبه بارزاً في عرض الأدلّة ومناقشتها، والانتهاء إلى الرأي السـديد.
شِـعره:
والمترجَم له بالإضافة إلى تفوّقه في الفقه والأُصول، وسُـمُـوّه في فهمها، فقد نال حظوةً كبرى في الأدب والنظم، وله مع الشيخ جواد الشـبيبي (رحمه الله) ـ الذي صاهره على ابنته الكبرى ـ مساجلاتٌ أدبية.. ومنها قول الشـبيبي من أبيات مطلعها:
فخرتُ بأعمامي وطُـلْـتُ بأخوالي | فزاحمتُ في الأفلاكِ كوكـبَها العالي |
فأجابه شيخنا المظفّر، وذلك في 26 رمضان 1352 بقصيدة، منها:
سَهرتُ الليالي في أَمان وآمالِ | فإنّ الأماني بَعْدَكُم رأسُ أموالي |
وَكَمْ جُبتُ ليلَ البَيْنِ أقطعُ جَوَّهُ | بسيّارة للفِكرِ تحملُ أثقالي |
أقولُ لعينِ الشمسِ: لا تَبزُغي بهِ | فقد سارَ بي فِكري على برقِ آمالي |
تُبشّرني يا شمسُ أنْ سوفَ نلتقي | وأحظى برؤيا كوكبِ الشَرفِ العالي |
وأنتَ إذا وافيتَ واستترَ الدُجى | وأَنْجُمُهُ مَنْ يُخبرُ النَدبَ عَن حالي |
وإنّيَ لا أرضى لِضوئكَ مِنّـةً | إذا بَزغتْ شمسُ العُلى فوقَ أطلالي |
بغُـرّتِها نورُ الجلالةِ ساطعٌ | بها يهتدي الساري إلى المَفْخَرِ العالي |
أضاءتْ على أُفْقِ الكمالِ مُطِلّةً | وجَرّتْ بروضِ الفضلِ فاضلَ أذيالِ |
وألقتْ سَناها في خمائلَ للعُلى | فزانتْ بلادَ الشَرقِ في الحَسَبِ الغالي |
وبدرُ الهدى أنوارُه يَستفيدُها | لأبنائهِ مِن نورِها الساطعِ الحالي |
جَلا اليومَ ذِكراها لنفس تُفيدُها | نفائسُ فخر لا نفائسُ أموالِ |
وكتب من مدينة القرنة إلى صديقه الشيخ محمّـد رضا الخزاعي في صدر كتاب عام 1329 هـ:
صَبوتُ وقد سقاني الشَوقُ صَابا | ولَم أرَ صَبْوتي إلاّ صَوابا |
وبِنْتُ ولي فؤادٌ مُستَهامٌ | يَرى عَذْبَ السلُـوِّ لهُ عَذابا |
رحلتُ وقلبيَ المعمودُ آبا | إليكَ، فقلتُ: ترجعُ؟ قال: ابى |
وقد أَوْدَعْتُه لكَ فَارْعَ فيهِ | ودادي، إنّهُ لهَواكَ ذابا |
فأَمْسَـتْ تحسدُ القلبَ المُعنّى | عُيوني كي يُعاني ذا الجنابا |
فَيـا قلبي ألا أبْلِغْهُ حالي | وقُلْ: ودّعتُه صَبّـاً مُصابا |
يَبيتُ مُسهَّداً سَهرانَ طَرْف | قَريحَ الجَفْنِ يَنسكبُ انسِكابا |
فمَنْ لي لَو يَحلّ سوادَ عيني | كما هو في سُوَيْدا القلبِ ذابا |
وتَجْمَعُني وخيرَ أخ وَدود | دِيارٌ أخصبَتْ فيهِ جنابا |
فأُشهِدُ واحداً في العِزِّ فَرداً | فَتَـىً طابتْ مآثرُهُ وَطابا |
حليفَ الفضلِ والإفضالِ قِدماً | ومَنْ ملأتْ أياديهِ الرِحابا |
محمّـدٌ الرِضا الزاكي أُصولا | رضيَّ الفرعِ نَدْباً مُستطابا |
ألا يا نَسمةَ الأسحارِ هُبّي | لِمَنْ مَلَـكَتْ مَواهِبُه الرِقابا |
وَعنّي بَلّغيهِ سَلامَ عان | بهِ حَضَرتْ مودّتُه وغابا |
وله قصيدة يخاطب بها أمير المؤمنين الإمام عليّ (عليه السلام):
دَهتـني الهمومُ ولا مُنجـدُ | وقلبي بها مُتْهِمٌ مُنْجِدُ |
وَلاكَ فمُ الضُرِّ قَلبي وقَدْ | طَوى صَبْرِيَ الزَمنُ الأَنْـكَدُ |
فأَقْوَتْ مَعالِمُـهُ بَـعـدمـا | وَهى عَن قِوى جَلَدي الجَلْمَدُ |
ولَـمّا هَفا كَبِدي للضَنَى | وأجْهَدَهُ الشَجَنُ المُـكْمِدُ |
رَبطْت ُ فؤادي بكَفِّ المُنى | زَماناً ومَا لي سِواها يَدُ |
فَمُذْ خابَ ظَنّي وَرَدْتُ الأميرَ | وما طابَ لي غيرَهُ مَوْرِدُ |
فيا رحمةَ اللهِ عَطْفاً فَقَدْ | تَجهّمني الصاحبُ المُسْعِدُ |
عَهِدْتُـكَ لِلْمُـلْـتَجي جُنّـةً | إذا ما دهى جَلَلٌ مُجْهِدُ |
وقد كنتَ مَقصَدَ أهلِ الرَجا | لَدى الضُرِّ إذْ عَزّ مَن يُقصَدُ |
ولولاكَ غاضَتْ بِحارُ النَدى | وما كان رِفْدٌ ولا مُرْفِدُ |
ولولاكَ ما دَرَّ دَرُّ الحَيا | ولا دارَ في أُفْـقِـهِ فَـرْقَـدُ |
فـحـقِّـقْ رَجاي بِما أبتَغي | فَقَدْ حُقّ لي مِنكمُ المَوعدُ |
أترضى بأنّيَ أشقى وفي | فؤادي لظى شَجَني تُوقَدُ؟! |
وتَرضى أبيتُ ليالي الأسى | وعينُ الرَجا طَرْفُها أرمدُ؟! |
وتَرضى أَضلُّ ومنكَ الرشادُ | وأنتَ لِما نابَني تَشْهَدُ؟! |
ولولاكَ ما سارَ فُلْكُ الهُدى | ولا بانَ رُشْدٌ ولا مُرْشِدُ! |
فإنْ لَمْ يَسَعْنا مَدى فَضلِكم | وضاقَ بِنا فَلِمَنْ نَقْصِدُ؟! |
وَحَاشا يَضيقُ وأنتَ الجَوادُ | وآيةُ جُودِك لا تُجْحَدُ |
أتُغْـضِي وأنتَ الوَليُّ الذي | يُحَلُّ بأمرِكَ ما يُعْـقَدُ؟! |
أتُغْـضِي وأنتَ القَديرُ الذي | لكَ الأمرُ والنَهيُ والسُؤدَدُ |
فإنْ لَم تَغِثْ فَلِمَنْ نَلْتَجي | وما في الوَرى مَقْصَدٌ يُحْمَدُ؟! |
ببابِ الرَجا عَـكَـفَتْ هِمّتي | ويَصْرُخُ في نَبَـئِـي المِذْوَدُ |
إلى المُصطفى وإليكَ انتهى | رَجائي وحَقّـاً به أُسْعَدُ |
وله يرثي الإمام الحسـن السبط (عليه السلام) بقوله:
الرُّسْلُ تَفْخَرُ والأملاكُ والأُمَمُ | بالطاهِرِ المُجتبى والبَيتُ والحَرَمُ |
والأرضُ تَخضعُ إجلالا لهيبتهِ | والعقلُ يَخدمهُ واللَّوحُ والقَلمُ |
ما الإنسُ والجِنُّ والأملاكُ قاطبةً | إلاّ لهُ خُلِقوا قِدْماً وإنْ عَظَموا |
مِن مَعشر أَحدَقتْ بالعَرشِ مُشْرِقةً | أنوارُهمْ وَهُمُ الأسحارُ والكَلِمُ |
وعصبة كان في نصّ الغديرِ لَهُمْ | فَضْلٌ جَلِيٌّ وفيهِ تَمّتِ النِّعَمُ |
أئمّـةٌ للهُدى طابَتْ أُرُومَـتُـهُـمْ | وفي بُيُوتِهِمُ الآياتُ والحِكَمُ |
لَهُمْ إيابُ الوَرى يومَ الحِسابِ وفي | أيْدِيهُمُ الحَوضُ والنَّعْماءُ والنِّقَمُ |
فَمِنهُمُ الحَسنُ الزاكي ومَن شَرُفَتْ | بحُسنهِ الخِصلتانُ الحُكْمُ والكَرَمُ |
رُوحُ النبيِّ ونَفْسُ المُرتضى وأخُ الشهيـ | ـدِ وابنُ التي تُجْلى بها الظُّلَمُ |
هُوَ المَلاذُ ومَن فيهِ المَعاذُ غداً | وفيه لِلْمُلْتَجي مَنْجَىً ومُعْتَصَمُ |
الدِينُ والعِلمُ والعَليا بِه جُمِعَتْ | لكنْ تَفرّقَ عنهُ الناسُ حينَ عَمُوا |
ما رُوعِيَتْ لرسولِ اللهِ حُرمتُهُ | فيهِ ولا عَهدُه، كلاّ ولا الرَّحِمُ |
باعوا بدُنياهُـمُ الأُخرى على خَطَل | ويَمّموا قَتْلَهُ يا بِئسَما أَمَمُوا |
تَعْساً لَهُمْ تَركوا الوَغدَ اللئيمَ على | منابرِ المُصطفى يَنْـزُو وَيَحْـتَـكِمُ |
لا غَرْوَ أنّهمُ أَحرى بَمِثلِـهُمُ | إذ سادَهُمْ بعدَ يَعسُوبِ الهُدى الرَّخَمُ |
قَدْ عاهدَ المُجتبى والغَدرُ شِيمتُـهُ | فَخانَـهُ وَهْوَ مَن تُرعى بهِ الذِّمَمُ |
وَدَسَّ سُمّاً نَقيعاً قد أصابَ بهِ | فؤادَه يا فِداهُ العُرْبُ والعَجَمُ |
ومنهُ ألقى لِما يَلْـقاه طائفةً | مِن قلبِه قِطَعاً في الطَّسْتِ وَهْوَ دَمُ |
ومن شعره يسـتنجد بالإمام المهديّ (عليه السلام) قوله:
إلامَ أُقاسي الأسى والوَصَبْ | وحَتّامَ أَضْنى وقلبي يَجِبْ |
فيا رَحمةَ اللهِ عَطْفاً على | مُقيم بِجَنبِكَ رَهْنِ النُّوَبْ |
تَرامَـتْ إليـكَ رِكابُ الـهَوى | تَخُبُّ بِرَكْبِ الرَّجا والطَلَبْ |
رُبوعَ الحِمى هَلْ إليكِ رجوعُ | وهَلْ لي بِداراتِ الديارِ طُلوعُ؟! |
وهل تَرِدُ الألحاظُ مَنْـهَلَ أُنسِها | ويَجمعُـها والماجدِينَ شُروعُ؟! |
وهل يبلغُ المَعمودُ مأمَنَ عِزّهِ | فيأمَـنُ رَوْعٌ للكَئيبِ مَرُوعُ؟! |
وهلْ لي في تلكَ المَنازِلِ وَقْفةٌ | تُبَثُّ لَدَيها لَوعةٌ ووُلوعُ؟! |
فَقَدْ مَلَـكَتْ قَلْبي الأبيَّ هُمومُـهُ | وعاصي دُموعي للغَرامِ مُطيعُ |
وكَمْ بِتُّ مِنْ بَعدِ الوَداعِ مُسَهَّداً | أُعاني الأَسى والوادِعونَ هُجُوعُ |
فَمَن لي بِكَوْماء بَرى جِسمَها السُّرى | وشَوقي بُراها والغَرامُ نُسوعُ |
لِـتُـبْـلِـغني أرضَ الغَرِيِّ ورَوضَـ | ـةَ الوصيِّ التي مِنها الزمانُ يَضُوعُ |
فأُمْسِكُ أَطرافَ العِتابِ بِمِذْوَدي | وأَفرُشُ خَدّاً ما عَلاهُ خُضُوعُ |
وله هذه المقطوعة الجميلة:
حيّاكَ يا قلبُ فأحياكا | رِيمُ الحِمى إذْ زارَ مَغْناكا |
بُشراكَ فيه زائراً بَعْدَما | أبْعَدَ لُقياكَ وأَشجاكا |
أخْلَفَكَ الوعدَ ولَم يَتَّـئِبْ | وعِندما وافاكَ أَوْفاكا |
لقد قضى بالعدلِ ما بينَـنا | وبَعْدَما راعاكَ أَرْعاكا |
جَنيتُ مِن فِيهِ جَناهُ وَقَدْ | عَدا بريّاه وأَرْواكا |
وله في صدر كتاب عن لسان بعض الأصحاب:
يا مَن به الأحكامُ والحِكَمُ | دارتْ فأَمَّتْ دارَهُ الأُمَمُ |
لكَ في الأنامِ مَناقِبٌ ظَهرَتْ | لَم يُحصِها القِرطاسُ والقَلمُ |
فَنَداكَ قامَ لكَ الفَخارُ بهِ | إنّ الفَخارَ دِعامُهُ الكَرمُ |
وجميلُ خُلْقِكَ دانَ فيهِ لكَ | العربُ الكُماةُ الصِّيدُ والعَجَمُ |
وعَظيمُ حِلمِكَ قد بَلَغتَ بهِ | ما ليسَ يبلُـغُ نَعْـتَـهُ الكَلِمُ |
ما هَزّتِ الأيّامُ رُكنَكَ في | ما فيه رُكنُ الطَوْدِ يَنهَدِمُ |
هَبّتْ عَليكَ زَعازِعٌ فَغَدَتْ | منها بِحارُ البَغْيِ تَلتطِمُ |
لـكِنّما قابَلْتَ عاصِفَها | بِرَزينِ حِلْم زانَهُ الحُلُمُ |
هذا تراثُـكَ مِن نَبيِّ هُدىً | تُجْلى بِنُورِ جَبـينِه الظُلَمُ |
ووصيِّهِ الزاكي وآلِهِما | أسْمى الوَرى وسِواهُمُ الخَدَمُ |
فاهْـنَـأْ بأنّكَ يا وَلـيَّـهُمُ | ومُطيعَـهُمْ مِنهُمْ ونَجْـلَـهُمُ |
فَهُمُ الأُسودُ وأنتَ شِبلُهُمُ | وهُمُ الأُصولُ وأنتَ فَرْعُهُمُ |
وتَبِعْتَهُمْ في كلّ مَـكْرُمة | لِتَنالَ يومَ الفَصلِ وَصْلَـهُمُ |
فَغَدَوتَ ربَّ الفَخرِ مُنفَرِداً | ونَدى يَديكَ وإنّه قَسَمُ |
قَسَمَ الإلهُ لكَ العَلاءَ رِضاً | دُونَ الوَرى إنّ العُلى قَسَمُ |
أُهدي إليكَ سَلامَ ذي كَلَف | عاني الحُشاشةَ شَفّهُ الألمُ |
ما غَرَّدتْ بِنتُ الأراكِ وما | سَقَتِ الوَرى مِن كَـفّكَ الدِّيَمُ |
بِـرَبْعِ العِزِّ عِندَك رَوضُ مَجدِكْ | يُغرِّدُ في هَناكَ ونُجْحِ قَصدِكْ |
ويَنشُرُ فيه أعلامَ التَّهاني | ويَنشُرُ لؤلؤَ الـبُشرى بجهدِكْ |
بمـولود لِـذاتِـك قلتُ: أرِّخْ | (تَصَوَّرَ نُورُهُ مِن بَدرِ مَجدِكْ) |
1320 |
وله تشطيرٌ لأبيات جاءته في رسالة من أحد أصدقائه، يقول فيها:
(دَهري أراني عَجَبا) | دامَ لـهُ تَـعَـجُّـبـي |
تاهَ بِهِ سَرْحُ النُهى | (وهو كثيرُ العَجَبِ) |
(مِن عَيْلَم علاّمة) | أظهرَ ما لم أحسَبِ |
ناهيكَ فيهِ مِن فتىً | (حِلْفِ الـنُهى والأدبِ) |
(مهذبٌ راسي الحِجَى) | خفيفُ طَبع عَربي |
إنّي وإنْ قلَّ الفِدا | (أفديِه مِن مهذَّبِ) |
وما سمِعنا عن فتىً | مِثْل لهُ في الأدبِ |
قد حالَ عن وُدّ أخ | ذا حسـب ونسـبِ |
صدَّقَ ما يسمعُهُ | مِن كَذِبِ الأوهامِ بي |
ولَمْ يُصَدِّقْ نَبَـئي | وإنْ يَـكُنْ عنِ النَّبي |
وكَذَّبَ الوُجدانَ مِنْ | صِدْقِ فِعالِ الأنجبِ |
قَد طُبِعَتْ نفسي على | طَبْع عَنِ العَرْجِ أبي |
يا فئةً طابوا وما | تدنّسـوا بالرِّيَبِ |
مَذاقُهم طابَ وما | طابَ لَهم ذو وَصَبِ |
أَقـولُـهـا لأنّـهُـمْ | يَقْلونَ مَن لَمْ يُذنبِ |
لَـمْ يَحْفَـظُوني وَهُـمُ | يَنْسُوْنَ ذَنْبَ المُذْنبِ |
نَفْثةُ سُوء صَدرتْ | مِن ذي أسىً مُعذَّبِ |
يَقدحُ منها شَررٌ | مِنْ مُهجةِ ذِي لَهَبِ |
إنّ أخاكَ طَيِّبٌ | نفساً لِطيبِ الحَسَبِ |
نَما بحِـجْر طَـيِّب | مِن طَـيِّب مِن طَـيِّبِ |
نَـفْـسٌ لـهُ عـزيـزةٌ | أَنْفَـسُ نَفْس لأبي |
كانت كما تَهوى العُلى | مَقرُّها في الشُّهُبِ |
قَدْ أَنْـجَـبَـتْـهُ عُصْبةٌ | حَلّتْ بأعلى مَنصِبِ |
لَمّا تَنادَتْ للعُلى | حَوَتْ جَميـعَ الرُّتَبِ |
عِلماً وحِلماً، عفّةً | عفواً بيومِ الغضبِ |
فَضلا سَخاءً وَرَعاً | حَـيَـاً كمالَ الأدبَ |
ما السبـبُ الذي بِهِ | استحقَّ سُوءَ العَتَبِ |
وليـسَ بـالجـاني الـذي | استوجَبَ ما لَم يجِبِ |
لَم يَجْنِ غيرَ إنّهُ | أَجَنَّ حُبَّ النُّجُبِ |
قَـلَـوْتُـمُ مُـتَـيَّـمـاً | قال: هواكُم مَذْهَبي |
ومِـلّـتـي حُـبُّـكُـمُ | وإنْ قَطَعتُمْ سَـببي |
ولَم يَزلْ دِيني الهوى | وَعَنْهُ لَم أَنقَلِبِ |
حتّى أُوارى قَبلَـكُمْ | تحتَ صفيحِ النُّـوَبِ |
ويَدفُنوني دُونَـكُمْ | فديتُـكُمْ في التُّـرَبِ |
ولِلحِسابِ يَنشُـرُو | نَ كلَّ جِسم تَرِبِ |
وللجَـوابِ يـسـألـو | ني عِندَ نَشْرِ الكُتُبِ |
فأُفْصِحُ القولَ الذي | لَقِيتُ مِنه وَصَبي |
مُنادياً فيهِ بما | مَنْ قالَه لَمْ يَخِبِ |
آلَ محمّـد هَوِيْـ | ـتُ حَسـبُـنا ذا الأدبِ |
مِنهُمْ وفِيهِمْ قَدْ طَلَـبْـ | ـتُ ولِقاهُم مَطْـلَبي |
طُوبى لِمَن أَحَـبَّـهُـمْ | وَهْيَ أَعزُّ الـرُّتَـبِ |
وَدانَ في وِلاهُمُ | وعَنْـهُمْ لَمْ يَرْغَبِ |
أنّى وَفَوْا لِحُبّهِ | وَعْداً وَوَفَّوْا أَرَبي |
فإنّني على الإبا | أفدي وَفاهُم بِأَبي |
دامُوا ودامَ وُدُّهُمْ | ما دام عُمْرُ الحِقَبِ |
وما زَهَتْ زَهْـرُ الرُّبى | تحتَ سَقيطِ الحَبِـبِ |
وكتب في صدر رسالة:
كتابي قد تضمّنَ منكَ ذِكرا | يُحَـلِّي فيهِ ناظرُهُ نشيدَه |
إذا نَشرَ المَلا ما فيه يطوي | ويُملي من مزاياكَ العَديدَه |
ذكا فيه النديُّ كأنّ فيه | غَدَتْ تجني مساعيكَ الحميدَه |
وكتب في صدر كتاب:
سَلامٌ ما لَمَى شَفتَيْ غَريرِ | تَـرَشَّـفُـهُ الذي فيهِ شِفَاهُ |
يبيتُ مُسهَّداً سكرانَ صاحِ | حَليفَ الحُزنِ تَيَّمهُ هَواهُ |
رَمَتهُ يدُ النَّوى عنهُ فأمسى | يُـكابِدُ ما تحمَّلَ في نَواهُ |
بَـكاه لِجُودِه بالصدِّ حتّى | جَرَتْ في صَوبِ أدمُعِه دِماهُ |
غَريقاً في بحورِ الهَمِّ أضحى | ونارُ لظى الصَّبابةِ في حَشاهُ |
بأَطْيَبَ منهُ نَشراً حِينَ يَهدي | ويَنشرُ مِن فَمِ الذِكرى شَذاهُ |
ولا رَشفُ الحُمَيّا حِينَ تُجنى | بأشهى للنَّدامى مِن جَناهُ |
ولا نَقرُ المَثاني حِينَ تَشدو | بأحلى للخواطرِ مِن ثَناهُ |
ولا زُهْرُ الدَّراري حِينَ تَبدو | بأزهى للنواظرِ مِن سَناهُ |
إلى عَلياكَ يُهْدى مِن مُعَنّىً | نَحيلِ الجسمِ أنحلَهُ عَناهُ |
فيا مَلِكَ الفَواضلِ أنتَ بحرٌ | وأين البدرُ من سامي عُلاهُ؟! |
به العَليا تُباهي كلَّ مَولىً | فَهل مَن رامَ مَفْخَرَهُ حَكاهُ؟! |
وكان إلى الفَواضلِ خيرَ مأوىً | فهل ساوى فضائلَه سِواهُ؟! |
جَوادٌ ما جرى في الجُودِ إلاّ | وقالَ الناسُ ما أقصى مَداهُ! |
هُمامٌ ما يَهُمُّ بِغَيرِ حَزم | ولا يَهْمِي الحَيَا كَحَيا حِباهُ |
فتى العَلْيا الذي خَطَـبَـتْـهُ قِدماً | فأمهرَها بما مَلكَتْ يَداهُ |
فيا دامتْ مساعيه ودامتْ | له البُشرى لِتُبلِغَـهُ مُناهُ |
ولا زالَ الفَخارُ به يُنادي | وفي إظهارِ عَلياهُ نِداهُ |
وله مؤرّخاً بناء دار لأحد أصدقائه:
شَيَّدَ بيتاً للنَّدى | نَدْبٌ سَما أندادَهُ |
بيتاً سما هامَ السَما | لمّا غَدا عِمادَهُ |
أبو الحَسْنَيْنِ مَنْ بِه | نالَ الهُدى مُرادَهُ |
إنّ الفَخارَ جُملةً | ألقى لهُ قِيادَهُ |
فَصَحَّ في تاريخِه | (لفخرِه قد شادَهُ) |
1329 |
غادةٌ دارتْ رَحاها | بفؤادي مِن شَجاها |
تُخْجِلُ الشمسَ إذا ما | بزغتْ رأدَ ضُحاها |
أَحرَقتْ قلبَ المُعَـنّى | وشَـجَـتْـهُ بهَواها |
بنهارِ الحُسنِ يُهْدى | وبِلَيلِ الجَعْدِ تاها |
يا خَليلَيَّ إذا عُجْـ | تُـمْ إلى الحيِّ سَلاها |
أتُراها يومَ بانَتْ | حَنّ قلبي لسِواها |
وسَلاها عَن فؤادي | أتُرى يوماً سَلاها |
عَلّها رَقّتْ لصَبّ | باتَ رِقّـاً في هَواها |
مَلكتْ قلبي فساءتْ | وبإحسانِ جَزاها |
إنْ تكنْ قدْ أَسْخَـطْـتَني | ونَفَتْ عنّي رِضاها |
فَـبِـمَـدحـي لِـجَـواد | حَقَّـقَتْ نفسي مُناها |
مِن بُيوتِ المجدِ لكن | فَضلُهم فوقَ ذُراها |
أُسرةٌ فوقَ الثُّرَيّا | رَفَعَ الفَخرُ بِناها |
قَد سَمَتْ قَدْراً فَشَدَّتْ | أَنْمُلُ العَلْيا حِباها |
هِيَ عَينٌ لِلمَعالي | رَغِمَتْ أَنفُ عِداها |
أدركوا العَلياءَ حتّى | بَلغوا أقصى مَداها |
مَلكوا قَيْدَ المَعالي | فَقَضَوْا حقَّ عُلاها |
دُمْتُمُ في غَضِّ عيش | والعُلى غَضٌّ بِناها |