الصفحة 109

قال المصنّـف ـ طاب ثراه ـ(1):

وفي " الجمع بين الصحيحين " أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " نحن أحقّ بالشكّ من إبراهيم إذ قال: ( ربِّ أرني كيف تُحيي الموتى قال أَوَلَم تُؤمنْ قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي )(2)، ويرحم الله لوطاً، لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لَبثت في السجن طول لبث يوسف لأجبتُ الداعي "(3).

كيف يجوز لهؤلاء الاجتراء على النبيّ بالشكّ في العقيدة؟!


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 153.

(2) سورة البقرة 2: 260.

(3) الجمع بين الصحيحين 3 / 45 ح 2225، وانظر: صحيح البخاري 4 / 290 ح 174 و ج 6 / 67 ح 60، صحيح مسلم 1 / 92 و ج 7 / 98، سنن ابن ماجة 2 / 1335 ح 4026، مسند أحمد 2 / 326، مسند أبي عوانة 1 / 77 ـ 78 ح 230 ـ 232، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 8 / 30 ح 6175.


الصفحة 110

وقال الفضـل(1):

كان من عادة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) التواضع مع الأنبياء كما قال: " لا تفضّلوني على يونس بن متّى "(2)..

وقال: " لا تفضّلوني على موسى "(3).

وقد ذكر في هذا الحديث فضائل الأنبياء، فذكر ثبات إبراهيم في الإيمان، والمراد بالحديث أنّ إبراهيم مع ثباته في الإيمان وكمال استقامته في إثبات الصانع، كان يريد الاطمئنان ويقول: ( ولكن ليطمئنّ قلبي )(4)، فغيره أحقّ بهذا التردّد الذي يوجب الاطمئنان.

وأمّا الترحّم على لوط فهو أمر واقع، فإنّ لوطاً كان يأوي إلى ركن شديد كما قال: ( آوي إلى ركن شديد )(5)، فترحّم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) له لكونه كان ضعيفاً، وليس فيه الدلالة على أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) عاب لوطاً في إيوائه إلى ركن شديد.

وأمّا قوله: " لو لبثت في السجن طول لبث يوسف لأجبت الداعي "..

ففيه: وصف يوسف بالصبر والتثبّت في الأُمور، وأنّه صبر مع طول

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 2 / 251.

(2) انظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى 1 / 226، البداية والنهاية 1 / 213، إتحاف السادة المتّقين 2 / 105.

(3) صحيح البخاري 3 / 243 ح 2، صحيح مسلم 7 / 101.

(4) سورة البقرة 2: 260.

(5) سورة هود 11: 80.


الصفحة 111
السجن حتّى تبيّن أمره.

فانظروا معاشر الناظرين: هل في هذه الأُمور يرجع عيب وشين إلى الأنبياء، مع أنّ الحديث صحّ وهو يطعن في قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!

نعوذ بالله من رأيه الفاسد.


*    *    *


الصفحة 112

وأقـول:

لا ريب بتواضع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مع المؤمنين فضلا عن النبيّـيـن، لكن لا وجه للتواضع المدّعى مع إبراهيم ويوسف، إذ لا يصحّ تواضع الشخص بإثباته لنفسه أمراً قبيحاً، كقول الشخص: أنا فاسق، أو نحوه.

وقول النبيّ: " نحن أحقّ بالشكّ من إبراهيم " فإنّ الشكّ في الصانع والحشر أعظم الأُمور نقصاً ومباينة لمن هو في محلّ الدعوة إلى الإقرار بالصانع والحشر.

وقريب منه قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): " لو لبثت في السجن طول لبث يوسف لأجبت الداعي "، فإنّه دالٌّ على قلّة صبر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وحكمته بالنسبة إلى يوسـف، وهـو لا يلائـم دعوته إلى مكارم الأخلاق والصبر الكامل والتسليم..

فإنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا جعل نفسه أدنى صبراً من يوسف الذي توسّل غفلة إلى خلاصه من السجن بمخلوق، فقال: ( اذكرني عند ربّك )(1)، لَما ناسب طلبه من الناس الصبر الأعلى، والتسليم لأمر الله في كلّ شيء، والاستعانة بالله لا بغيره في كلّ أمر.

كما إنّ تواضع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي ذكره الخصم مع موسى ويونس كاذب، وإلاّ كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) متناقض القول ; لأنّه يقول في مقامات أُخر:

____________

(1) سورة يوسف 12: 42.


الصفحة 113
" أنا سـيّد وُلد آدم "(1).

ويقول: " إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيّين، وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم غير فخر "(2)..

ويقول: " أنا سـيّد الناس يوم القيامة "(3).

وكذا في الحديث السابق الذي ذكر فيه اعتذار أعاظم الأنبياء عن الشفاعة.

وهذا الذي زعم الخصم تواضع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه مع موسى قد رواه القوم بقصّة ظاهرة الكذب ; لأنّهم زعموا فيها أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنكر على مَن فضّله على موسى، وأنّه أظهر بمحضر اليهودي الشكّ في فضله على موسى، مستنداً إلى أنّه ينفخ في الصور وأنّه أوّل مَن يُبعث، فإذا موسى آخذ بالعرش فلا يدري النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أحوسب موسى بصعقته في الطور، أم بُعث قبله؟!

____________

(1) صحيح مسلم [7 / 59] كتاب الفضائل / باب تفضيل نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم). منه (قدس سره).

وانظر: سنن أبي داود 4 / 217 ـ 218 ح 4673، سنن الترمذي 5 / 288 ح 3148 و ص 548 ح 3615، مسند أحمد 1 / 281 و 295 و ج 2 / 540 و ج 3 / 2، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ 7 / 400 رقم 1748.

(2) مسند أحمد 5 / 137 و 138. منه (قدس سره).

وانظر: سنن الترمذي 5 / 547 ذح 3613، سنن ابن ماجة 2 / 1443 ح 4314، الكامل في الضعفاء 4 / 129 ضمن الرقم 969، المسـتدرك على الصحيحيـن 1 / 143 ح 240 و 241 و ج 4 / 88 ح 6969.

(3) مسند أحمد 5 / 388. منه (قدس سره).

وانظر كذلك: مسند أحمد 1 / 281 و 295 و ج 2 / 435 و ج 3 / 2 و 144، صحيح البخاري 6 / 157 ح 233، صحيح مسلم 1 / 127 و 129، سنن الترمذي 4 / 538 ح 2434، مسند أبي عوانة 1 / 147 ـ 149 ح 437 ـ 440، المستدرك على الصحيحين 1 / 83 ح 82 و ج 4 / 617 ـ 618 ح 8712.


الصفحة 114
وهذا إغراء لليهودي بالجهل! حيث ادّعى أنّ الله اصطفى موسى على البشر، فلا يمكن أن يصدر من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)!

روى ذلك مسلم في باب فضائل موسى، والبخاري في أوّل أبواب الخصومات بعد كتاب المساقاة، وفي تفسير سورة الأعراف، وفي كتاب بدء الخلق(1).

وأمّا قوله: " وقد ذكر في هذا الحديث فضائل الأنبياء "..

فـفيه: إنّا لا نعرف فضيلة ذُكرت فيه لإبراهيم ولوط..

أمّا لإبراهيم ; فلأنّه لم يشتمل بالنسبة إليه إلاّ على إثبات الشكّ له في الحشر، ولا أقلّ من دلالته على أنّه ضعيف اليقين، وذلك مباين للنبوّة، ومناف لقوله تعالى: ( ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل )(2).. وقوله تعالى: ( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين )(3).

والحقّ أنّ إبراهيم (عليه السلام) لم يطلب الاطمئنان بالحشر، بل بغيره(4)، أو

____________

(1) صحيـح مسلم 7 / 101، صحيـح البخاري 3 / 243 ح 2 و 3 و ج 4 / 307 ح 208 و ج 6 / 114 ـ 115 ح 160.

(2) سورة الأنبياء 21: 51.

(3) سورة الأنعام 6: 75.

(4) ذُكر في ذلك عـدّة وجوه، نذكر منها أنسـبها بمقام خليل الرحمن إبراهيم (عليه السلام)ونبوّتـه:

1 ـ سُكون القلب إلى المشاهدة والمعاينة، ليصير علم اليقين عين اليقين، كما يحبّ المؤمن أن يرى الجنّـة وهو مؤمن بها من قبل، وذلك من دون تطرّق الشكّ أو الوساوس والخطرات أساساً كما ورد عن بعض المفسّرين، فهذا ينافي العصمـة..

2 ـ الاطمئنان من القتل وخوف انقطاع التبليغ بسبب ذلك بعد أن هدّده نمرود بذلك في المحاججة التي جرت بينهما في الإحياء والإماتة.

انظر مثلا: تفسير الثعلبي 2 / 251 ـ 252، تنزيه الأنبياء ـ للمرتضى ـ: 51، مجمع البيان 2 / 177 ـ 178 الوجهين الأوّل والثالث، تفسير الفخر الرازي 7 / 42 الوجهين الثاني والرابع، عصمة الأنبياء ـ للفخر الرازي ـ: 54 الوجه السادس.


الصفحة 115

الصفحة 116
طلب الاطمئنان بالحشر لقومه بأن يكون خطابه مع الله مجاراة لهم لطلبهم له كقول موسى: ( ربِّ أرني أنظر إليك )(1)(2).

وأمّا عدم اشتماله على فضيلة للوط ; فلأنّ قول النبيّ: " ويرحم الله لوطاً، لقد كان يأوي إلى ركن شديد "(3)، ظاهر في التعريض بلوط، حيث قال: ( لو أنّ لي بكم قوّة أو آوي إلى ركن شديد )(4).

فإنّ قول لوط يدلّ على أنّه لم يأوِ إلى ركن شديد لمكان " لو "، فعـرّض بـه النبـيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّـه كاذب، لأنّـه آوى، أو بأنّه ضعيـف القلـب لا يرى الركن الشديد ركناً شديداً، وكلاهما ذمّ لا فضيلة!

ومن المضحك أنّ الخصم استدلّ على إيوائه إلى ركن شديد بقوله في الآية: ( آوي إلى ركن شديد )، مع أنّ معناها: " لو آوي "!

وأيّ عيب يريد الخصم أن يشتمل عليه الحديث أكثر من الضعف الذي زعمه، وهو مناف للإمامة فضلا عن النبوّة؟! حتّى إنّ الخصم بنفسه حكم في مبحث الإمامة بأنّه يشترط في الإمام أن يكون شجاعاً قويّ القلب، فكيف يجوز إثبات الضعف للنبيّ؟! وكيف يصحّ الحديث الدالّ على ذلك؟!

____________

(1) سورة الأعراف 7: 143.

(2) انظر مثلا: تنزيه الأنبياء ـ للمرتضى ـ: 51.

(3) تقدّم تخريجه في الصفحة 103 هـ 3.

(4) سورة هود 11: 80.


الصفحة 117
والحقّ أنّ ذلك القول من لوط (عليه السلام) لم يكن عن ضعف منه، وإنّما قاله لأنّ نظر الناس إلى القوّة التي يشاهدونها لا إلى الله تعالى، فخاطبهم على حسب عقولهم، أو لأنّه قال ذلك استفزازاً لعشيرته واستنصاراً بهم على الحـقّ.


*    *    *


الصفحة 118

قال المصنّـف ـ قـدّس الله روحه ـ(1):

وفي الصحيحين، قال: " بينما الحبشة يلعبون عند النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)بحرابهم، دخل عمر فأهوى إلى الحصباء، فحصبهـم بهـا، فقـال لـه رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دعهم يا عمر "(2).

وروى الغزّالي في " إحياء علوم الدين ": " إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان جالساً وعنده جـوار يغـنّين ويلعبن، فجاء عمر فاستأذن، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)للجوار [ي] : اسكتن! فسكتن، فدخل عمر وقضى حاجته، ثمّ خرج..

فقال لهنّ: عُـدْن ; فـعُـدْنَ إلى الغناء.

فقلن: يا رسول الله! من هذا الذي كلّما دخل قلت: اسكتن ; وكلّما خرج قلت: عُدن إلى الغناء؟!

قال: هذا رجل لا يؤثر سماع الباطل "(3).

كيف يحلّ لهؤلاء القوم رواية مثل ذلك عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!

أيـرى عمر أشـرف من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث لا يؤثر سماع الباطل والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤثره؟!!

____________

(1) نهج الحقّ: 153.

(2) صحيح البخاري 4 / 106 ح 113، صحيح مسلم 3 / 23، وانظر: الجمع بين الصحيحين 3 / 33 ح2211، مسند أحمد 2 / 308، المصنّف ـ لعبـد الرزّاق ـ 10 / 466 ح 19724، مسند أبي عوانة 2 / 157 ـ 158 ح 2655، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7 / 544 ح 5837، شرح السُـنّة 3 / 179 ح 1112.

(3) لم نجده في إحياء علوم الدين ـ المطبوع الموجود بين أيدينا ـ بهذا اللفظ، ونقله عنه السـيّد ابن طاووس في الطرائف: 364.


الصفحة 119

وقال الفضـل(1):

أمّا لعب الحبشة بالحراب فإنّه كان يوم عيد، وقد ذكرنا أنّه يجوز اللهو يوم العيد بالاتّـفاق(2).

ويمكن أن يكون تجويز ذلك اللعب بالحراب ; لأنّه ينفع في الحرب، وفيه المهارة من طعن الحربة وكيفية تعليمه وإلقائه في الحرب، وكلّ ما كان من أمر الحرب فلا بأس به.

ويمكن أن يكون عمر لم يعلم جوازه فعلّمه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

وأمّا ما روي عن الغزّالي، فإنْ صحَّ يمكن حمله على جواز اللعب مطلقاً، أو في أيّام الأعياد، وكان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يسمعه لضرورة التشـريع حتّى يُعلم أنّ اللهو ليس بحرام، وربّما كان عمر يمتنع منه ومكّنه على عدم السماع، ليُعلم أنّ الأَوْلى تركه، وسمع هو ـ كما ذكرنا ـ لضرورة التشريع، فهل يلزم من هذا أنْ يكون عمر أشرف من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعمر من أُمّته وممّن يتعلّم منه الشريعة؟!


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 2 / 257.

(2) تقـدّم في الصفحة 76 من هذا الجزء.


الصفحة 120

وأقـول:

دعواه أنّ ذلك اللعب كان يوم عيد، رجم بالغيب، ومجرّد ورود بعض أخبارهم في وقوع لعب يوم عيد لا يقتضي أن يكون هذا اللعب كذلك.

ومن نظر إلى أخبارهم الكثيرة في وقوع اللعب عند النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مع عدم تعيين وقت(1)، علم أنّه لم يختصّ بوقت، على أنّك عرفت حال ما استدلّوا به لحلّـيّة اللهو في العيد(2).

وأمّا تعليله لحلّـيّة اللعب في الحراب بنفعه في الحرب، وأنّ كلّ ما كان من أمر الحرب فلا بأس به، فدعوى مجرّدة عن دليل.

وأمّا عذره بأنّ عمر لا يعلم، فمسـتلزم لأنْ يكون عمر ـ بحصبه للحبشة بمحضر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ مقـدِّماً بين يدي الله ورسوله، وهو ممّا نهى الله عنه في كتابه العزيز(3).

ومن أظرف الأُمور أنّه كلّما وردت رواية تتضمّن مثل ذلك يكون محلّها عند الخصم جهل عمر وتعليم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إيّاه، فهلاّ علم جواز

____________

(1) انظر: صحيح البخاري 2 / 54 ح 2، صحيح مسلم 3 / 22، الجمع بين الصحيحين ـ للحميدي ـ 4 / 53 ح 3168، سنن الترمذي 5 / 580 ح 3690 و 3691، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5 / 309 ح 8957، الكامل في الضعفاء 3 / 51 رقم 608، مصابيح السُـنّة 4 / 159 ح 4737، تاريخ دمشق 44 / 82 و 84.

(2) راجع ما مرّ في الصفحة 78 وما بعدها من هذا الجزء.

(3) وذلك قوله تعالى: (لا تقدِّموا بين يدي الله ورسوله) سورة الحجرات 49: 1. منـه (قدس سره).


الصفحة 121
اللهو في العيد من أوّل مرّة؟!

وأمّا جوابه عن رواية الغزّالي بأنّه يمكن حملها على جواز اللعب مطلقاً..

ففيه: إنّه لا يصحّ معارضة السُـنّة للكتاب المجيد بنحو المباينة(1)، فكيف يحلّل اللهو بها مطلقاً وقد حرّمه الكتاب كذلك؟!

وأمّا دعوى السماع لضرورة التشريع، فقد عرفت ما فيها من منع الضـرورة ; لعـدم انحصار طريـق التشـريع بالسـماع(2)، وكـيف يسـمعه النبـيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والأَوْلى ترك السماع بإقرار الخصم؟!

أيحـتمل أن يمتـنع عمر منـه ويمكّـنه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مـن الامتـناع، ولا يمتنع عنه بنفسه الطاهرة وله عنه مندوحة بالتشريع القولي؟!

ولو توقّف تشريع جواز المكروهات على فِعل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لها، للزم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنْ يأتي بكلّ مكروه، كما يلزم أنْ يأتي بكلّ محرّم أُبيح للضرورة، كشرب الخمر، فيضطرّه الله سبحانه إليه فيشربه تشريعاً له ; ولم يقل به مسلم!

ولو سُلّم حاجة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى السماع للتشريع كفى سماعه أوّل مرّة، فما باله يقول: " عُدن " إذا خرج عمر؟! وما باله تكـرّرت منه الوقائع الكثيرة كما تفيده أخبارهم؟!

ثـمّ إنّ تعبير النبـيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عن اللهو بـ " الباطل " دليل على أنّه حرام لا مكروه، فإنّ المكروه لا يسمّى باطلا، فيلزم أن يكون النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عند

____________

(1) وذلك لصدق المخالفة للكتاب إذا كان التعارض مسـتقرّاً ولم يكن هناك ما يصلح لأن يكون قرينة على التخصيص أو التقييد، فيجب طرحه.

(2) راجع الصفحة 87 من هذا الجزء.


الصفحة 122
القوم مرتكباً للحرام والباطل دون عمر، وكذا عند عمر نفسه، فيكون أفضل من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى الإسلام السلام!!

وقريب من رواية الغزّالي ما رواه أحمد، عن الأسود بن سريع(1)، قال: " أتيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت: يا رسول الله! إنّي قد حمدتُ ربّي بمحامـدَ ومِدَح وإيّاك.

قال: هات ما حمدتَ به ربّـك.

قـال: فجـعلـت أُنشـده، فجـاء رجـل أَدْلَـمُ(2) فاسـتـأذن، فـقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): بينَ بين.

قال: فتكلّم ساعة ثمّ خرج، فجعلت أُنشده، ثمّ جاء فاستأذن، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): بينَ بين ; ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثاً.

فقلت: يا رسول الله! من هذا الذي اسـتنصتّني له؟!

قال: عمر بن الخطّاب، هذا رجل لا يحبّ الباطل ".


*    *    *

____________

(1) مسند أحمد 3 / 435. منه (قدس سره).

وانظر: فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ 1 / 318 ـ 320 ح 334 ـ 336، المعجم الكبير 1 / 287 ـ 288 ح 844، المستدرك على الصحيحين 3 / 712 ـ 713 ح 6576، حلية الأولياء 1 / 46.

والأسود بن سريع بن حِميَر بن عُبادة التميمي السعدي، كان شاعراً قاصّاً، وكان أوّل من قصَّ في مسجد البصرة، مات سنة 42 هـ في زمان معاوية، وقيل: فُـقِد أيّام الجمل، وقيل: لمّا قُتل عثمان ركب الأسود سفينة وحمل معه أهله وعياله، فانطلق فما رُئي بعد.

انظر: الاستيعاب 1 / 89 رقم 44، أُسد الغابة 1 / 103 ـ 104 رقم 144، الإصابة 1 / 74 ـ 75 رقم 161.

(2) الأَدْلَم: الطويل الشديد السواد من الرجال ; انظر: لسان العرب 4 / 395 مادّة " دلم ".


الصفحة 123

قال المصنّـف ـ رفع الله درجته ـ(1):

وفي " الجمع بين الصحيحين " عن أبي هريرة، قال: " أُقيمت الصلاة وعُدّلت الصفوف قياماً قبل أن يخرج إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فخرج إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلمّا قام في مصلاّه ذكر أنّه جُنب، فقال لنا: مكانكم! فلبثنا على هيئتنا قياماً، فاغتسل ثمّ خرج إلينا ورأسه يقطر، فكـبّر وصلّينا "(2).

فلينظر العاقل هل يحسن منه وصف أدنى الناس بأنّه يحضر الصلاة ويقوم في الصفّ وهو جنب؟!

وهل هذا إلاّ من التقصير في عبادة ربّه وعدم المسارعة إليها؟! وقد قال تعالى: ( وسارعوا إلى مغفرة من ربّـكم )(3).. ( فاسـتبِقوا الخيرات )(4)..

فأيّ مكلّف أجـدر بقبول هـذا الأمر من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!

وفي " الجمع بين الصحيحين " عن أبي هريرة، قال: " صلّى بنا رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إحدى صلاتَي العشيّ ـ وأكثر ظنّي أنّها العصر ـ ركعتين،

____________

(1) نهج الحقّ: 154.

(2) الجمع بين الصحيحين 3 / 56 ح 2237، وانـظر: صحيح البخاري 1 / 128 ح 27 و ص 260 ـ 261 ح 35 و 36، صحيح مسلم 2 / 101، سنن أبي داود 1 / 59 ح 235، سنن النسائي 2 / 81 ـ 82 و 89، سنن ابن ماجة 1 / 385 ح 1220، مسند أحمد 2 / 518.

(3) سورة آل عمران 3: 133.

(4) سورة البقرة 2: 148، سورة المائدة 5: 48.


الصفحة 124
ثمّ سلّم، ثمّ قام إلى خشـبة في مقـدّمة المسجد فوضع يده عليها، وفيهم أبو بكر وعمر، فهاباه أنْ يكلّماه.

وخرج سرعان الناس فضجّ الناس وقالوا: أقصرت الصلاة؟! ورجل يدعى ذو اليدين قال: يا نبيّ الله! أنسيت أم قصرت الصلاة؟!

فقال: لم أنس ولم تُـقصر.

قال: بلى نسـيت.

قال: صدق ذو اليدين.

فقام فصلّى ركعتين، ثمّ سلّم "(1).

فلينظر العاقل هل يجوز نسبة هذا الفعل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!

وكيف يجوز منه أن يقول: " ما نسـيت "؟! فإنّ هذا سهو في سهو!

ومن يَعلم أنّ أبا بكر وعمر حفظا ما نسي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أنّهما لم يذكرا ذلك للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!


*    *    *

____________

(1) الجمع بين الصحيحين 3 / 182 ح 2412، وانظر: صحيح البخاري 1 / 206 ح 139 و ج 2 / 151 ـ 152 ح 253 و ج 8 / 29 ح 79، صحيح مسلم 2 / 86، سنن أبي داود 1 / 263 ح 1008، سنن النسائي 3 / 20 ـ 21، سنن ابن ماجة 1 / 383 ح 1214، سـنن الـدارمي 1 / 251 ب 175 ح 1499، مسـند أحمـد 2 / 234 ـ 235 و 248 و 284.


الصفحة 125

وقال الفضـل(1):

قد مرّ في ما سبق جواز السهو والنسيان على الأنبياء ; لأنّهم بشر، سيّما إذا كان السهو موجباً للتشريع(2)، فإنّ التشريع في الأعمال الفعلية آكد وأثبت من الأقوال، فما ذكر من حديث تذكّر الجنابة فمن باب النسيان، وفيه تشريع العمل بعد النسيان إذا تذكّر.

ولهذا ترجم البخاري الباب الذي ذكر فيه هذا الحديث بقوله: " باب من تذكّر أنّه جنب رجع فاغتسل "(3)، ولا يلزم من هذا نقص.

وما ذكر من سهو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الصلاة، فهو سهو يتضمّن التشريع ; لأنّه شرّع بذلك النسيان جوازَ وقوعِ الفعل المتعلّق بالصلاة في أثناء الصلاة، وكذا الكلام القليل.

والعجب أنّه قال: " كيف يجوز أن يحفظ أبو بكر وعمر ما نسي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! "..

وأيّ عجـب في هـذا؟! فـإنّ الإمـام كـثيراً مـا يسـهو، والمأمومـون لا يسهون، فلا يلزم من هذا تفضيل المأموم على الإمام، وهل هذه الكلمات إلاّ ترّهات ومزخرفات؟!


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 2 / 259.

(2) تقـدّم في الصفحتين 21 و 51 من هذا الجزء.

(3) صحيح البخاري 1 / 128 ح 27.


الصفحة 126

وأقـول:

بيّـنّا في ما سبق امتناع وقوع السهو من النبيّ في العبادة، وبطلان التشريع بالأفعال الموجبة لنقصه كما في المقام(1)، فإنّ سهوه عن الغُسل حتّى يشارف على الدخول في الصلاة أو يدخل فيها نقص ظاهر، إذ هو خلاف المحافظة على العبادة والسبق إلى الخير، ومناف لِما حثّ به على كثرة تلاوة القرآن التي تُـكـرَه من الجُنب، بل تحرّم إذا كان من العزائم(2).

على أنّه معرّض لنزول الملائكة عليه، والملائكة لا تدخل بيتاً فيه جُنب كما استفاض في أخبارهم(3)، فكيف يؤخّر غُسله هذا التأخير حتّى ينسـى؟!

وأيضاً: قد تضافرت الأخبار ـ كما سبق ـ بأنّه تنام عيناه ولا ينام قلبه(4)، فكيف ينام عن عبادة ربّه وهو يقظان؟!

ولا يمكن أن يسهيه الله طلباً للتشريع ; فإنّ نبيّه أشرف عنده من أنْ يجعله عرضة للنقص ومحلاًّ للانتقاد بأمر عنه مندوحة، وهي التشريع بالقـول.

____________

(1) تقدّم في الصفحة 53 وما بعدها من هذا الجزء.

(2) انظر: مسند البزّار 2 / 284 ح 706، مجمع الزوائد 1 / 276 و ج 2 / 85، كنز العمّال 1 / 621 ح 2873.

(3) سنن أبي داود 1 / 57 ح 227، سنن النسائي 1 / 141، سنن الدارمي 2 / 196 ح 2659، مسند أحمد 1 / 83 و 107 و 139 و 150، المسـتدرك على الصحيحين 1 / 278 ح 611، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 1 / 201.

(4) راجع الصفحة 54 هـ 4 من هذا الجزء.


الصفحة 127
ودعوى أنّ التشريع بالأعمال الفعلية آكد لا نعرف وجهها، بل الأمر بالعكس ; لأنّ الفعل يحتمل خصوصية النبيّ بخلاف القول العامّ.

ولو تنزّلنا عن هذا كلّه، فلا نتصوّر حاجة للتشريع في أمر الغُسل ; لأنّ الواجب المؤقّت الذي لم يفت وقته، أو غير المؤقّت، لا يحتاج إلى التشريع بعد النسيان، لكفاية الأمر الأوّل في لزوم الإتيان به.

هـذا، ولا يخفى أنّ حديث الجنابة الذي ذكره المصنّف (رحمه الله) لم يصرّح بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكر الجنابة بعد الدخول في الصلاة، ولكنّ حديث أحمد(1) عن أبي هريرة صرّح به، قال: " إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج إلى الصلاة، فلمّا كبّر انصرف، وأومأ إليهم ـ أي: كما أنتم ـ، ثمّ خرج فاغتسل، ثمّ جاء ورأسه يقطر فصلّى بهم، فلمّا صلّى قال: إنّي كنت جنباً فنسيت أن أغتـسل ".

وكذا حديث أحمد عن عليّ (عليه السلام)(2)، قال: " صلّى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يوماً، فانصرف ثمّ جاء ورأسه يقطر ماءً، فصلّى بنا، ثمّ قال: إنّي صلّيت بكم آنفاً وأنا جنب، فمن أصابه مثل الذي أصابني، أو وجد رِزّاً(3)في بطنه، فليصنع مثل ما صنعت ".

ومثله في كنز العمّال، عن الطبراني(4).

____________

(1) مسند أحمد 2 / 448. منـه (قدس سره).

(2) مسند أحمد 1 / 99. منـه (قدس سره).

(3) الـرِّزُّ: غَمْزُ الحَدَث وحركته في البطن للخروج حتّى يحتاج صاحبه إلى دخول الخلاء، كان بقرقرة أو بغير قرقرة، وأصل الـرِّزِّ الوجع يجده المرء في بطنه.

انظر: لسان العرب 5 / 202 مادّة " رزز ".

(4) كنز العمّال 4 / 223 [8 / 171 ح 22426] . منـه (قدس سره).

وانظر: المعجم الأوسط 6 / 349 ح 6390.


الصفحة 128
ونقل في (الكنز) أيضاً في صفحة قبل الصفحة المذكورة، عن ابن عساكر، عن أبي بكرة: " أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كـبّر في صلاة الفجر، ثمّ أومأ إليهم، ثمّ انطلق فاغتسل، فجاء ورأسه يقطر فصلّى بهم "(1).

ونحوه في موطّأ مالك، تحت عنوان: إعادة الجنب الصلاة وغُسله إذا صلّى ولم يذكر(2).

.. إلى غير ذلك من أخبارهم(3)..

وهي بظاهرها باطلة ; لإفادتها أنّهم لم ينقضوا صلاتهم، وأتمّوها مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدما اغتسل وصلّى، وهذا ضروريّ البطلان ; للفصل الطويل الواقع في أثناء صلاتهم ; ولأنّ الجماعة لا تنعقد مع سبق المأمومين بتكبيرة الافتتاح، فتزيد أحاديث نسيان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) للجنابة إشكالا فوق إشكال، فاتّضح أنّها كاذبة على سيّد المرسلين!

كما كذبت بمثله على سـيّد الوصيّـيـن..

روي في (الكنز)(4): " أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) صلّى بالناس جُنباً فأمرهم بالإعادة ".

وكيف لا يُكذَّب هذا الخبرُ ومن المعلوم من مذهب أهل البيت (عليهم السلام)عدم إعادة المأمومين إذا كان الإمام جُنباً؟!(5).

____________

(1) كنز العمّال 8 / 169 ح 22414، وانظر: تاريخ دمشق 37 / 391 ضمن الرقم 4413، مسند أحمد 5 / 41 نحوه، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 2 / 397.

(2) الموطّـأ: 46 ح 82.

(3) انظر ذلك في ما مرّ في الهامش 2 من الصفحة 116 من هذا الجزء.

(4) كنز العمّال 4 / 243 [8 / 172 ح 22428] . منـه (قدس سره).

(5) الكافي 3 / 378 ح 1، كتاب من لا يحضره الفقيه 1 / 262 ح 1197 و ص 264 ح 1207، تهذيب الأحكام 3 / 39 ح 137 و ص 269 ح 772، الاسـتبصار 1 / 440 ح 1695، وانظر: تفصيل وسائل الشـيعة 8 / 371 ـ 373 ب 36 ح 10932 ـ 10939.


الصفحة 129

الصفحة 130
ولعلّ الداعي إلى كذب القوم على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيّه (عليه السلام) هو المحافظة على شؤون أشياخهم.

فقد روي في (الكنز) قبل الحديث الأخير بقليل: " إنّ عمر صلّى بالناس الصبح جُنباً، وأنّه صلّى بهم ركعتين بغير طهارة "(1).

وروى أيضاً: " إنّ عثمان صلّى بالناس جنباً "(2)، لكن زعم عثمان أنّه لم يعلم بالجنابة!

ثمّ إنّه بما ذكرنا هنا وفي ما سبق تعلم النظر في ما أجاب به الخصم عن حديث سهو النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في الصلاة، وعن السهو في السهو، وليس الداعي لهم ـ أيضاً ـ إلى هذا الكذب على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ دفع النقص عن أوليائهم حيث تكـرّر منهم ذلك!..

حتّى روي في (الكنز)(3): " إنّ عمر صلّى بالناس المغرب ولم يقرأ شيئاً حتّى سلّم، فلمّا فرغ قيل له: [إنّك لم تقرأ شيئاً؟!] فاعتذر بأنّي جهّزتُ عِيراً إلى الشام، وجعلت أنقلها منقلةً منقلةً حتّى قدمت الشام فبعتُها وأقتابها وأحلاسها وأحمالها ; [فأعاد عمر وأعادوا] ".

فليت شعري أيّ عبادة هذه؟! وأيّ إقبال على الله تعالى مع هذه

____________

(1) كنز العمّال 8 / 166 ح 22401 ـ 22403، وانظر: السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 2 / 399.

(2) كنز العمّال 8 / 167 ح 22406.

وانظر: سنن الدارقطني 1 / 286 ح 1357، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 2 / 400.

(3) كنز العمّـال 4 / 213 [8 / 133 ح 22257] . منـه (قدس سره).

وانظر: السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 2 / 382.