الصفحة 380

وقال الفضـل(1):

أمّا إجماع المفسّرين على أنّ الآية نزلت في عليّ فخلاف الواقع، ولم يُجمعوا على ذلك، بل أكثر المفسّرين على أنّ الآية نزلت في شأن الأزواج، وهو المناسـب لنظم القرآن..

قوله تعالى: ( يا نساء النبيّ لستُنّ كأحد من النساء إن اتّـقَـيْـتُـنّ فلا تخضعْنَ بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلْنَ قولا معروفاً * وقرْنَ في بيوتكنّ ولا تبرّجْنَ تبرّج الجاهلية الأُوْلى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطـهّركم تطهيراً )(2).

هذا نصّ القرآن يدلّ على أنّها نزلت في أزواج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ; لأنّه مذكور في قرن حكاياتهنّ والمخاطبة معهنّ.

ولكن لمّـا عـدل عن صيغـة خطـاب الإنـاث إلى خطاب الذكـور، فلا يبعد أن تكون نازلةً في شأن كلّ أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من الرجال والنساء، فشملت عليّـاً وفاطمة والحسـن والحسـين وأزواج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

وعلى هذا فليس الرجس ها هنا محمولا على الطهارة من كلّ الذنوب، بل المراد من الرجس: الشرك وكبائر الفواحش كالزنا، كما يدلّ عليه سابق الآية، وهو قوله تعالى: ( فيطمع الذي في قلبه مرض )(3).

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 2 / 563.

(2) سورة الأحزاب 33: 32 و 33.

(3) سورة الأحزاب 33: 32.


الصفحة 381
ولو سلّمنا هذا فلا نُسلّم أنّ عليّـاً ادّعى الإمامة لنفسه، ولو كان يدّعيها لَما كان يدّعيها بالعجز والخُفية ; لوجود القوّة والشجاعة والأعوان، وكثرة القبائل والعشائر وشرف القوم وغيرها من الفضائل.

ثمّ لو كان الرجس محمولا على الذنب لَما كانت عائشة مؤاخذة بذنبها في وقعة الجمل ; لأنّ الآية نزلت فيها وفي أزواج النبيّ غيرها على قول أكثر المفسّرين، فلا يتمّ له الاسـتدلال بهذه الآية.


*    *    *


الصفحة 382

وأقـول:

لم يبعد أن يكون مراد المصنّف بإجماع المفسّرين على ذلك هو اجتماع الشيعة والسُـنّة على القول به، أي أنّه من مقول الطرفين معاً وإن لم يُجمع عليه السُـنّة.

أو يكون مراده إجماع من يُعتدّ بقوله في مثل ذلك، فإنّ المخالف هو عكرمة ومقاتل(1) وأشباههما، ممّن لا يجوز حتّى للقوم الاعتداد بقوله في مقام النزول وشبهه ; لأنّ قول المفسّر إنّما يؤخذ به في ذلك إذا كان رواية عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو من يُعتبر قوله من الصحابة ; لأنّه من باب الإخبار.

وعكرمة كـذّاب خارجيٌّ كما سـبق بعض ترجمته في مقدّمة الكتاب(2)، فلا يعتدُّ بخبره في ذلك، فضلا عن رأيه، ولا سيّما أنّه متعلّق بفضل آل محمّـد.

وكذا مقاتل، كان كذّاباً، حتّى قال النسائي: الكذّابون المعروفون بوضع الحديث على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أربعة ; وعدّه منهم(3).

____________

(1) هو: أبو الحسن مقاتل بن سليمان بن بشير، الأزدي بالولاء، المروزي الخراساني، وأصله من بلخ، انتقل إلى البصرة، ودخل بغداد وحدّث بها، وكان له باع في التفسير، وله تفسيره المعروف، وبحوث أُخرى في التفسير، أخذ الحديث عن مجاهد بن جبر، وعطاء بن أبي رباح، لم يوثّقه أغلب علماء الجرح والتعديل، وكذّبه وكيع والنسائي، توفّي سنة 150 هـ بالبصرة.

انظر: تاريخ بغداد 13 / 160 رقم 7143، وفيات الأعيان 5 / 255 رقم 733، شذرات الذهب 1 / 227.

(2) راجع ج 1 / 191 ـ 193 رقم 224 من هذا الكتاب.

(3) تهذيب التهذيب 8 / 324 ـ 325 رقم 7146.


الصفحة 383
وكان يأخذ علم القرآن من اليهود والنصارى، وكان دجّالا جسوراً أسند ظهره إلى القِـبلة وقال: سلوني عمّا دون العرش ; فسُئل عن النملة أين أمعاؤها، في مقدّمها أو مؤخّرها؟ فلم يحر جواباً!

وسُئل عن آدم حين حجّ مَن حلقَ رأسه؟ فبقي ضالاًّ!

راجع " ميزان الاعتدال " و " تهذيب التهذيب " و " وفيات الأعيان "، تجد ما ذكرناه من بعض أحواله الخبـيثـة(1).

وقِـس على هذين الكـذّابَين، اللذين هما من رؤوس مفسّريهم، غيرهما!

وأمّا قول الفضل: " أكثر المفسّرين على أنّ الآية نزلت في شأن الأزواج "..

فغير صحيح ; لأنّ ابن حجر أكثر منه اطّلاعاً، قال في " الصواعق " عند ذِكر الآية في فضائل أهل البيت (عليهم السلام): " أكثر المفسّرين على أنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسـن والحسـين "(2).

بل الحقُّ أنّ القائلين بنزولها في شأن الأزواج خاصّة أقلُّ القليل بالنسـبة إلى غيرهم ; لأنّ جميـع مفسّري الشـيعة وأكثر مفسّري السُـنّة قالوا ـ كما عرفت ـ: بنزولها في عليّ وفاطمة والحسـنين، لكن مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)عنـدنا(3).

____________

(1) ميزان الاعتدال 6 / 505 ـ 506 رقم 8747، تهذيب التهذيب 8 / 320 ـ 325، رقم 7146، وفيات الأعيان 5 / 255 ـ 256 رقم 733.

(2) الصواعق المحرقة: 220.

(3) انظر مثلا: مجمع البيان 8 / 137 و 138، تفسير فرات 1 / 331 وما بعدها.


الصفحة 384
وقال بعض مفسّريهم بنزولها في بني هاشم(1).

وقال جملـة منهم بنـزولها في آل النبيّ الأربعـة المذكورين والأزواج(2).

فلم يبق من المفسّرين من يقول بنزولها في الأزواج خاصّة إلاّ القليـل(3).

وكيـف كان، فلا عبرة بهم حتّى لو كانوا الأكـثر ; لامتـناع إرادة الأزواج ولو مُنضمّات ; لأنّـهنّ غير مطـهّرات من الرجـس، حتّى لو أُريـد بـه الشـرك وكبائـر الذنـوب ; لتـقـدّم الشـرك منـهـنّ، وحـدوث الكبـائر من بعضهـنّ، كعائشة، حيث خرجت على إمام زمانهـا الذي قال فيـه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " حربُـك حربي "(4)، وقتلت الآلاف العديدة، وخالفت

____________

(1) تفسير البغوي 3 / 456، تفسير القرطبي 14 / 119، فتح القدير 4 / 280، البحر المحيط 7 / 231 ـ 232، روح المعاني 22 / 20.

(2) انظر: تفسير الفخر الرازي 25 / 210.

(3) انظر: تفسير ابن كثير 3 / 465.

(4) منـاقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ لابن المغازلي ـ: 216 ح 285، مناقـب الإمام عليّ (عليه السلام)ـ للخوارزمي ـ: 129 ح 143، شرح نهج البلاغة 13 / 193.

كما ورد أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام): " أنا حرب لمن حاربتم ـ أو: حاربكم ; أو: حاربهم ـ ".

فانظر: سنن الترمذي 5 / 656 ح 3870، سنن ابن ماجة 1 / 52 ح 145، مسند أحمـد 2 / 442، المعجـم الكبـيـر 3 / 40 ح 2619 ـ 2621 و ج 5 / 184 ح 5030 و 5031، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 512 ب 23 ح 7، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 9 / 61 ح 6938، المستدرك على الصحيحين 3 / 161 ح 4713 و 4714 ولم يتعقّبهما الذهبي في " التلخيص ".

هـذا، وقد أسقطت يد الخيانة اسم أمير المؤمنين (عليه السلام) من مصنّف ابن أبي شيبة والإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ; فلاحـظ!!


الصفحة 385
أمر الله سبحانه في نصّ كتابه بقرارها في بـيتها(1)..

كما تظاهرت مع صاحبتها على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذبتا عليه، فأنزل الله تعالى به قرآناً مُبيناً، لعظيم مكرهما وفعلهما(2)، وضرب لأجلهما المثل بامـرأتَـي نـوح ولـوط(3).

مع أنّ إرادة الأزواج مخالفة للأخبار المتواترة المشتملة على الصحيح

____________

(1) إشارة إلى قوله تعالى: (وقرن في بيوتكنّ ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأُولى... وأطعن اللهَ ورسولَه) سورة الأحزاب 33: 33.

(2) إشارة إلى عائشة وحفصة في قوله تعالى: (إنْ تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإنْ تظاهرا عليه فإنّ الله هو مولاه وجبريلُ وصالحُ المؤمنين والملائكةُ بعد ذلك ظهير * عسى ربّه إن طلّـقكنّ أن يُبدِلهُ أزواجاً خيراً منكنّ مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثـيّبات وأبكاراً) سورة التحريم 66: 4 ـ 5.

انظر: صحيح البخاري 3 / 266 ح 41 و ج 6 / 275 ـ 278 ح 406 ـ 409 و ج 7 / 50 ح 121 و ص 277 ـ 279 ح 61، صحيح مسلم 4 / 188 ـ 194، سنن التـرمـذي 5 / 391 ـ 394 ح 3318، سـنـن النـسـائي 4 / 137، السـنـن الـكـبـرى ـ للنسائي ـ 2 / 72 ح 2442 و ج 5 / 366 ح 9157، مسند أحمد 1 / 33 و 48، مسـند أبي داود الطيـالسـي: 6، مسـند البـزّار 1 / 303 ح 195 و ص 318 ح 206 و ص 329 ح 212، مسند أبي يعلى 1 / 149 ـ 153 ح 164 و ص 162 ح 178، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ 8 / 147 ـ 153، تفسير الحبري: 325 ح 68، تفسير الطبري 12 / 153 ح 34410 ـ 34416، مسند أبي عوانة 3 / 163 ـ 172 ح 4572 ـ 4581، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 6 / 229 ـ 232 ح 4254، سنن الدارقطني 4 / 26 ح 3969، تفسير الماوردي 6 / 40، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 7 / 353، تفسير البغوي 4 / 335.

(3) إشارة إلى قوله تعالى: (ضرب الله مثلا للّذين كفروا امرأةَ نوح وامرأةَ لوط كانتا تحت عبدَين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يُغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخُلا النارَ مع الداخلين) سورة التحريم 66: 10.

انظر: تنوير المقباس من تفسير ابن عبّـاس: 605، تفسير الماوردي 6 / 47، الكشّاف 4 / 131، زاد المسير 8 / 84، تفسير الفخر الرازي 30 / 50، تفسير القرطبي 18 / 132، تفسير الخازن 4 / 288، فتح القدير 5 / 255 ـ 256.


الصفحة 386
الكثير عندهم، الدالّة على نزول الآية في خصوص أمير المؤمنين وفاطمة وابنيهما (عليهم السلام)، وبعضها نصّ بخروج الأزواج..

فمنها: ما رواه مسلم، في باب فضائل أهل البيت (عليهم السلام)، عن عائشة، قالت: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غداةً، وعليه مِرْط مُـرَجَّـل(1) من شعر أسود، فجاء الحسـن بن عليّ فأدخله، ثمّ جاء الحسـين فدخل معه، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثمّ جاء عليٌّ فأدخله، ثمّ قال: ( إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطـهّركم تطهيراً )(2)(3).

ونقله السيوطي في " الدّر المنثور " أيضاً عن أحمد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم(4).

ورواه الحاكم(5) بسـند آخر عن عائشة، وصحّحه على شرط

____________

(1) كذا في الأصل، وفي المصدر: مُـرَحَّـل.

والمِـرْطُ، وجمعه مُـرُوط: كساء من خَـزّ أو صوف أو كـتّان ; انظر: لسان العرب 13 / 83 مادّة " مرط ".

والـمُـرَجَّـلُ: أي فيه صور كصور الرجال ; انظر: لسان العرب 5 / 155 مادّة " رجل ".

والـمُـرَحَّـل: ضَرْبٌ من بُرود اليمن، سُمّي مرحّلا لأنّه موشّى وشياً وعليه تصاوير رَحْل وما ضاهاه ; انظر: لسان العرب 5 / 171 مادّة " رحل "، الفائق في غريب الحديث 3 / 360.

ولعل الصحيح هو ما في المصدر، وما في المتن تصحيف.

(2) سورة الأحزاب 33: 33.

(3) صحيح مسلم 7 / 130 باب فضائل أهل البيت (عليهم السلام).

(4) الدرّ المنثور 6 / 605 ; وانظر: مسند أحمد 6 / 162 ولكنّ يد الخيانة بترت الحديث فيه من بعد كلمة " مرجّـل " فجاء الحديث ناقص المعنى!!، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 501 ب 18 ح 39.

(5) ص 147 من الجزء الثالث [3 / 159 ح 4707] . منـه (قدس سره).


الصفحة 387
الشـيخين.

ومنها: ما رواه الحاكم أيضاً قبل الحديث المذكور، عن أُمّ سلمة، قالت: " في بيتي نزلت: ( إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت )، فأرسل رسول الله إلى عليّ وفاطمة والحسن والحسين، فقال: هؤلاء أهل بيتي ".

ثمّ قال الحاكم: هذا صحيح على شرط البخاري(1).

ورواه أيضاً في تفسير سورة الأحزاب(2)، بسند آخر عن أُمّ سلمة، وصحّحه على شرط البخاري، وزاد فيه:

" قالت أُمّ سلمة: يا رسول الله! ما أنا من أهل البيت؟

قال: إنّك على خير، وهؤلاء أهل بيتي، اللّهمّ أهلي أحقّ ".

ومنـها: ما رواه الحاكم أيضاً، عن واثلة، قال: أتيت عليّـاً فلم أجده، فقالت لي فاطمة: انطلقَ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يدعوه، فجاء مع رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فدخلا ودخلَـتْ معهما..

فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحسن والحسين، فأقعد كلّ واحد منهما على فخذيه، وأدنى فاطمة من حجره وزوجها، ثمّ لفّ عليهم ثوباً، وقال: ( إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطـهّركم تطهيراً ).

ثمّ قال: هؤلاء أهل بيتي، اللّهمّ أهل بيتي أحقّ.

ثمّ قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين(3).

وروى مثله في تفسير سورة الأحزاب، بسند آخر عن واثلة،

____________

(1) المستدرك على الصحيحين 3 / 158 ح 4705.

(2) ص 416 من الجزء الثاني [2 / 451 ح 3558] . منـه (قدس سره).

(3) المستدرك على الصحيحين 3 / 159 ح 4706.


الصفحة 388
وصحّحه على شرط مسلم(1).

وروى نحوه أحمد في مسنده، عن واثلة أيضاً(2).

ونقل السيوطي في " الدرّ المنثور " نحوه عن ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي ; كلّهم عن واثلة(3).

ومنها: ما رواه الحاكم بعد الحديث الأوّل، عن أبي سعيد(4)، قال: " نزل على رسول الله الوحي فأدخل عليّـاً وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه، ثمّ قال: اللّهمّ هؤلاء أهلي وأهل بيتي "(5).

وناقش الذهبي في سنده، حيث إنّ فيه بكير بن مسمار وعليّ بن ثابت، فقال: " عليّ وبكير تُـكُـلِّم فيهما "(6).

وفيـه: إنّ بكيراً من رجال صحيح مسلم(7)، وعليّـاً لم يُضعّفه سوى الأزدي(8).

____________

(1) المستدرك على الصحيحين 2 / 451 ح 3559.

(2) ص 107 من الجزء الرابع. منـه (قدس سره).

(3) الدرّ المنثور 6 / 605.

(4) كذا في الأصل، وفي المصدر: " سعد ".

(5) المستدرك على الصحيحين 3 / 159 ح 4708.

(6) تلخيص المستدرك ـ بحاشيته ـ 3 / 159 رقم 4708.

(7) ميزان الاعتدال 2 / 68 رقم 1312.

(8) ميزان الاعتدال 5 / 143 رقم 5802.

نـقول: وأبو الفتح محمّـد بن الحسين بن يزيد الأزدي الموصلي الحافظ، المتوفّى سنة 394 هـ، هو نفسه ضعيف، ونقل الذهبي تضعيفه عن البرقاني والأُرموي والخطيب، ولذا لم يعبأ الذهبي وابن حجر بتضعيفاته، وردّ الذهبي عليه مرّة قائلا: " ليت الأزدي عرف ضعف نفسه ".

انظر: الضعفاء والمتروكين ـ لابن الجوزي ـ 3 / 53 رقم 2953، ميزان الاعتدال 6 / 118 رقم 7422، سـير أعلام النبلاء 13 / 389 ترجمة الحارث بن محمّـد، لسان الميزان 5 / 139 رقم 464، هدي الساري مقدّمة فتح الباري: 642 ـ 645.


الصفحة 389

الصفحة 390
ونقل السيوطي في " الدرّ المنثور " نحو هذا الحديث، عن ابن مردويه، وابن جرير، وسعد(1).

ومنها: ما رواه الحاكم أيضاً وصحّحه، عن عبـد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: " لمّا نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الرحمة هابطةً، قال: ادعو لي! ادعو لي!

فقالت صفـيّـة: من يا رسول الله؟

قال: أهل بيتي، عليّـاً وفاطمة والحسـن والحسـين.

فجيء بهم، فألقى عليهم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كساءه، ثمّ رفع يديه، ثمّ قال:

اللّهمّ هؤلاء آلي، فصلّ على محمّـد وآل محمّـد.

وأنزل الله: ( إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطـهّركم تطهيراً ) "(2).

ومنها: ما رواه الترمذي في مناقب أهل البيت، عن عمر بن أبي سلمة: " نزلت هذه الآية على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): ( إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجـس أهل البـيت ويطـهّركم تطهيـراً ) في بيت أُمّ سـلمة، فدعـا النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمـة وحسـناً وحسـيناً فجلّلهم بكساء، وعليٌّ خلف ظهره، فجلّله بكساء، ثمّ قال:

اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطـهّرهم تطهيراً.

قالت أُمّ سلمة: وأنا معهم يا نبيّ الله؟

____________

(1) الدرّ المنثور 6 / 605.

(2) المستدرك على الصحيحين 3 / 159 ـ 160 ح 4709.


الصفحة 391
قال: أنتِ على مكانِك، وأنتِ إلى خير "(1).

ثمّ قال: وفي الباب عن أُمّ سلمة، ومعقل بن يسار، وأبي الحمراء، وأنس بن مالك(2).

ورواه الترمذي أيضاً في تفسير سورة الأحزاب، وروى معه عن أنس وحسّـنه، أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يمرّ بباب فاطمة سـتّة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت! ( إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطـهّركم تطهيـراً )(3).

ومثله في مسـند أحمد، عن أنس(4).

وكذا في مسـتدرك الحاكم(5)، وصحّحه على شرط مسلم، ولم يتعقّبه الذهبي.

ونقله في " الدرّ المنثور " عن ابن جرير، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه، كلّهم عن أنس(6).

ونقل نحوه أيضاً عن الطبراني، عن أبي الحمراء(7).

ونقل أيضاً عن ابن جرير وابن مردويه، عن أبي الحمراء، قال: " حفظت من رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثمانية أشهر بالمدينة ليس من مرّة يخرج

____________

(1) سنن الترمذي 5 / 621 ـ 622 ح 3787.

(2) سنن الترمذي 5 / 622 ذ ح 3787.

(3) سنن الترمذي 5 / 328 ح 3206.

(4) ص 259 و 285 من الجزء الثالث. منـه (قدس سره).

(5) ص 158 من الجزء الثالث [3 / 172 ح 4748] . منـه (قدس سره).

(6) الدرّ المنثور 6 / 605 ; وانظر: مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 527 ح 4، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ 3 / 56 ح 2671.

(7) الدرّ المنثور 6 / 607 ; وانظر: المعجم الكبير ـ للطبراني ـ 3 / 56 ح 2672.


الصفحة 392
إلى صلاة الغداة إلاّ أتى إلى باب عليّ، فوضع يده على جنبتَي الباب، ثمّ قـال: الصلاة الصلاة! ( إنّما يُريد الله... ) الآيـة(1).

ونقـل أيضاً عن ابن مردويـه، عن ابن عبّـاس، قـال: " شهدنا رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تسعة أشهر، يأتي كلّ يوم باب عليّ بن أبي طالب عند وقت كلّ صلاة فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت، ( إنّما يُريد الله... ) الآية، الصلاة رحمكم الله ; كلّ يوم خمس مـرّات "(2).

ومنها: ما رواه الترمذي، في باب ما جاء في فضل فاطمة (عليها السلام)، عن أُمّ سلمة: " أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) جلّل على الحسن والحسين وعليّ وفاطمة كساءً ثمّ قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي(3)، أذهِب عنهم الرجس وطـهّرهم تطهيراً.

فقالت أُمّ سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟

قال: إنّكِ إلى خير.

ثمّ قال الترمذي: هذا حديث حسن (صحيح)(4)، وهو أحسن شيء رُوي في هذا الباب.

وفي الباب: عن أنس، وعمر بن أبي سلمة، وأبي الحمراء "(5).

____________

(1) الدرّ المنثور 6 / 606.

(2) الدرّ المنثور 6 / 606.

(3) كذا في الأصل، وفي المصدر: " وخاصّـتي ".

(4) لم ترد في المصدر، وهو تحريف يقيناً، فقد رواه أئمّة الحديث عن الترمذي كذلك! قال القاري: " أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح " ; انظر: مرقاة المفاتيح 10 / 509 ح 6136.

(5) سنن الترمذي 5 / 656 ـ 657 ح 3871.


الصفحة 393
ومنها: ما رواه أحمد في مسنده(1)، عن أُمّ سلمة بثلاثة طُرق: " أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في بيتها فأتته فاطمة بِـبُـرْمة(2) فيها حَريرة(3)، فدخلت بهـا عليه، فقال لها: ادعي زوجَك وابنيك.

قالت: فجاء عليٌّ والحسن والحسين، فدخلوا عليه، فجلسوا يأكلون من تلك الحريرة، وهو على مَنامة له على دُكّان(4) تحته كساء له خيبريّ.

قالت: وأنا أُصلّي في الحجرة، فأنزل الله هذه الآية: ( إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويُطـهّركم تطهيراً ).

قالت: فأخذ فضلَ الكساء فغشّاهم به، ثمّ أخرج يده فألوى بها إلى السماء، ثمّ قال:

اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، وخاصّتي، فأذهِب عنهم الرجس وطـهّرهم تطهيراً.. [اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، وخاصّتي، فأذهِب عنهم الرجس وطـهّرهم تطهيراً] .

____________

(1) ص 292 من الجزء السادس. منـه (قدس سره).

(2) الـبُـرمة: القِدْرُ مطلقاً، وهي في الأصل القِدْرُ المتَّخذة من الحجر المعروف في الحجاز واليمن، والجمع: بُـرَمٌ وبِـرامٌ وبُـرْمٌ ; انظر: لسان العرب 1 / 392 مادّة " برم ".

(3) الحَرِيرة: الحساء من الدسَم والدقيق، وقيل: هو الدقيق الذي يطبخ بلبن ; انظر: لسان العرب 3 / 119 مادّة " حرر ".

وقد ورد في المصدر: " خَزِيرة " ; والخَزِيرةُ والخَزِيرُ: اللحم الغابُّ يؤخذ فيقطع صغاراً في القدر ثمّ يطبخ بالماء الكثير والملح، فإذا أُميتَ طبخاً ذُرَّ عليه الدقيق فعُصِد به، ويقال: هي مرقة، وهي أن تُصفّى بُلالَـةُ النُّخالةِ ثمّ تُطبخ، وقيل: إذا كانت من لحم أو نُخالة فهي خَزِيرةٌ، وإنْ كانت من دقيق فهي حَرِيرةٌ، والحَريرة أَرَقُّ من الخَزيرة ; انظر: لسان العرب 4 / 80 مادّة " خزر ".

(4) الـدَّكّة والـدُّكّان: بناءٌ يُـسطَّح أعلاه لـيُقعَـد عليه ; انظر مادّة " دكك " في: لسان العرب 4 / 382، تاج العروس 13 / 559.


الصفحة 394
قالت: فأدخلتُ رأسيَ البيتَ(1)، فقلت: وأنا معكم يا رسول الله؟

قال: إنّـك إلى خير، إنّـك إلى خير ".

ونحوه في " أسباب النزول " للواحدي(2).

وفي " الدرّ المنثور " عن ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن أُمّ سلمة أيضاً(3).

ومنها: ما رواه أحمد أيضاً(4) عن أُمّ سلمة: " أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) جلّل علـى عليّ وحسـن وحسـين وفاطمـة كساءً، ثمّ قال:

اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، وخاصّتي، اللّهمّ أذهِب عنهمُ الرجس وطـهّرهم تطهيراً.

فقالت أُمّ سلمة: أنا منهم؟

قال: إنّك إلى خير ".

ومنها: ما نقله السيوطي في " الدرّ المنثور " عن ابن مردويه، عن أُمّ سلمة، قالت: نزلت هذه الآية في بيتي: ( إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويُطـهّركم تطهيراً )، وفي البيت سبعةٌ: جبرئيل، وميكائيل، وعليٌّ، وفاطمة، والحسـن، والحسـين، وأنا على باب البيت.

قلت: يا رسول الله! ألسـتُ من أهل البيت؟

قال: إنّك إلى خير، إنّك من أزواج النبيّ "(5).

____________

(1) أي: تحت ما أظلّه بهم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من الكساء ; انظر: تاج العروس 3 / 21 مادّة " بـيت ".

(2) أسباب النزول: 198.

(3) الدرّ المنثور 6 / 603 و 604.

(4) ص 304 من الجزء السادس. منـه (قدس سره).

(5) الدرّ المنثور 6 / 604.


الصفحة 395
ومنها: ما في " الدرّ المنثور " عن ابن مردويه ; والخطيب، عن أبي سعيد الخدري، قال: " كان يوم أُمّ سلمة أُمّ المؤمنيـن، فنزل جبرئيـل على رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الآية: ( إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويُطـهّركم تطهيراً ).

قال: فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحسـن وحسـين وفاطمـة وعليّ، فضمّهم إليه، ونشر عليهم الثوب، والحجاب على أُمّ سلمة مضروب، ثمّ قال:

اللّهمّ أهل بيتي، اللّهمّ أذهِب عنهم الرجس وطـهّرهم تطهيراً.

قالت: فأنا معهم يا نبي الله؟

قال: إنّك على مكانك، وإنّك على خير "(1).

ومنها: ما في " الدرّ المنثور " عن الترمذي، قال: وصحّحه، وعن ابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي، من طرق عن أُمّ سلمة، قالت: في بيتي نزلت: ( إنّما يُريد الله... ) الآية، وفي البيت فاطمة وعليٌّ والحسـن والحسـين، فجلّلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بكساء كان عليه، ثمّ قال: هؤلاء أهل بيتي، فأذهِب عنهم الرجس وطـهّرهم تطهيراً "(2).

ومنها: ما في " الدرّ المنثور "، عن ابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): نزلت هذه الآية في خمسة: فيَّ، وفي عليّ، وفاطمة، وحسن، وحسين:

____________

(1) الدرّ المنثور 6 / 604، وانظر: تاريخ بغداد 10 / 278 رقم 5396.

(2) الدرّ المنثور 6 / 604، وانظر: سنن الترمذي 5 / 327 ـ 328 ح 3205 و ص 621 ح 3787 و ص 656 ـ 657 ح 3871، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 2 / 149 و ج 7 / 63.


الصفحة 396
( إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس... ) الآية(1).

ومثله في " الصواعق "، عن أحمد بن حنبل، عن أبي سعيد(2).

وفي " أسباب النزول " للواحدي، عن أبي سعيد(3).

ومنـها: ما في " الدرّ المنثور " قال: أخرج الحكيم الترمذي، والطبراني، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي، عن ابن عبّـاس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ الله قسمَ الخلق قسمين، فجعلني في خيرهما قسـماً..

إلى أن قال: ثمّ جعل القبائل بيوتاً، فجعلني في خيرها بيتاً، فذلك قوله تعالى: ( إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطـهّركم تطهيراً )، فأنا وأهل بيتي مطـهّرون من الذنوب(4).

.. إلى غير ذلك من الأخبار التي لا تُحصى، الدالّة على نزول الآية الكريمة في الخمسة الأطهار أو في الأربعة(5)، فلا تشمل الأزواج قطعاً.

بل يُسـتفاد من تلك الأخبار أنّ المراد بأهل البيت عند الإطلاق هو خصوص الخمسـة أو الأربعة، فضلا عن نزول الآية بهم، فلا تدخل الأزواج فيهم بكلّ مقام، إلاّ أن يُراد لقرينة بيت السُكنى فيدخُلن مع الإماء.

____________

(1) الدرّ المنثور 6 / 604، وانظر: المعجم الكبير 3 / 56 ح 2673.

(2) الصواعق المحرقة: 221.

(3) أسباب النزول: 198.

(4) الدرّ المنثور 6 / 605 ـ 606، وانظر: نوادر الأُصول 1 / 214 ـ 215، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ 3 / 56 ـ 57 ح 2674 و ج 12 / 81 ـ 82 ح 12604، دلائل النبوّة ـ لأبي نعيم ـ 1 / 58 ح 16، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ 1 / 170، كنز العمّال 2 / 44 ح 3050.

(5) راجع الصفحتين 351 و 358 وما بعدها من هذا الجزء.


الصفحة 397
ويـدلّ(1) على عدم كونهنّ من أهل البيت، ما رواه مسلم في باب فضائل عليّ (عليه السلام)، أنّه قيل لزيد بن أرقم بعدما روى حديث الثقلين: مَن أهل بيته؟ نسـاؤه؟

قال: لا وأيمُ الله! إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثمّ يُطلّـقُها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الّذين حُرموا الصدقة بعده(2).

وفي رواية أُخرى لمسلم: " فقال له حُصين: ومَن أهل بيته يا زيد؟ أليـس نساؤه من أهل بيته؟!

قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته مَن حُرم الصدقة بعده "(3).

فإنّه أراد بقوله: " نساؤه من أهل بيته " الإنكار على من تخيّل دخولهنّ في أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولذا استدرك وقال: " ولكن أهلُ بيته مَن حُرم الصدقة بعده ".

ولا تنافي هاتان الروايتان تلك الأخبار السابقة الدالّة على نزول آية التطهير في الخمسة أو الأربعة ; لأنّ هاتين الروايتين إنّما تدلاّن على دخول غير الأربعة من عشيرة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في مُسمّى أهل بيته، فلا تنافيان ما يدلّ على اختصاص نزول الآية بالأربعة.

____________

(1) هذا الاسـتدلال من الشـيخ المظـفّر (قدس سره) مجاراة للقوم في ما يعتمـدون عليـه، وإلزام لهم بما يعتقدونه، اسـتيفاءً منه لجوانب البحث وتتميماً لها ; إذ ليس " الدليل " إلاّ الكتاب والسُـنّة، ثمّ العقل القطعي، وأمّا ما يُنقل عن زيد أو عمرو فهو " قول " وليس بـ " دليل "، وقد قامت الأدلّة من الكتاب والسُـنّة على متابعة " الدليل " لا إطاعة " القول " ; فلاحـظ!

(2) صحيح مسلم 7 / 123.

(3) صحيح مسلم 7 / 123.


الصفحة 398
على أنّـا لا نُسلّم لزيد اجتهاده في شمول أهل البيت لغير الأربعة ; لأنّ غيرهم بالضرورة ليس من الثقل الذي هو قرين القرآن وعديلُه في لزوم التمسّك به، وأنّ من تمسّك به لا يضلُّ أبداً ; لاشتمالهم على الجهلة والعصاة والفسّاق، فكيف يدخلون في حديث الثقلين؟! وكذا في آية التطهير بالضرورة؟!

ويدلّ أيضاً على خروج الأزواج عن مسمّى أهل البيت، فضلا عن الآية، ما رواه أحمد(1)، عن أُمّ سلمة، قالت: " بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيتي يوماً إذ قالت الخادم: إنّ عليّـاً وفاطمـة بالسُدّة(2)، فقال لي: قومي فتنحّي عن أهل بيتي.

قالت: فقمت فتنحّيت في البيت قريباً، فدخل عليٌّ وفاطمـة ومعهما الحسـن والحسـين، وهما صبيّان صغيران، فأخذ الصبيّين فوضعهما في حجره فقبّلهما، واعتنق عليّـاً بإحدى يديه، وفاطمـة باليد الأُخرى، فقبّل فاطمـة، وقبّل عليّـاً، فأغدق عليهم خَمِيصةً(3) سوداء، فقال: اللّهمّ إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي.

قالت: فقلت: وأنا يا رسول الله؟

فقال: وأنت ".

____________

(1) ص 296 من الجزء السادس. منـه (قدس سره).

(2) السُدّة: الفِناء أو الساحة أمام باب الدار، أو الظُّـلّة أو السقيفة تكون بباب الدار، أو الصُّـفّة بين يدي البيت، وقيل: هي الباب نفسه ; انظر: لسان العرب 6 / 211 مادّة " سدد ".

(3) الخميصة: كساء من خَـزّ أو صوف أسود مربّع له عَلَمان، ولا تسمّى خميصة إلاّ أن تكون سوداء مُعْلَمة ; انظر: لسان العرب 4 / 219 مادّة " خمص ".