الصفحة 58

وقال الفضـل(1):

ذكر بعض المفسّرين في شأن نزول السورة ما ذكره، ولكن أنكر على هذه الرواية كثير من المحدّثين وأهل التفسير، وتكلّموا في أنّه هل يجوز أن يبالغ الإنسان في الصدقة إلى هذا الحدّ، ويجوّع نفسه وأهله حتّى يشرف على الهلاك(2)، وقد قال الله تعالى: (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفـو)(3)؟!

والعفو: ما كان فاضلا من نفقة العيال(4)، وقال رسول الله: " خير الصدقة ما كان صِـنواً عَـفواً "(5)..

وإن صحّ، الرواية لا تدلّ على النصّ كما علمتـه.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 170.

(2) انظر: منهاج السُـنّة 7 / 185.

(3) سورة البقرة 2: 219.

(4) الصحاح 6 / 2432 مادّة " عفا "، تنوير المقباس من تفسير ابن عبّاس: 38 وقال: " ثمّ نسخ ذلك بآية الزكاة "، وانظر: زاد المسير 1 / 205.

(5) لم نعثر عليه بهذا اللفظ، وورد " خير الصدقة ما كان عن ظهر غنىً " ; انظر: تفسير القرطبي 3 / 42، كنز العمّال 6 / 396 ح 16231.


الصفحة 59

وأقـول:

روى جماعة من القوم ما ذكره المصنّف (رحمه الله)، كالزمخشري في " الكشّاف "، والبيضاوي، وعن الواحدي في كتاب " البسيط "، والبغوي في " معالم التنزيل "، والثعلبي، وأبي السعادات العمادي، وغيرهم(1).

وروى الواحدي نحوه في " أسباب النزول "، إلاّ أنّه إنّما ذكر نزول قوله: (ويُطعمُون الطعامَ...)(2) الآية، فيهم، ولم يذكر النذر(3).

وحكى السيوطي في " الدرّ المنثور " عن بعض أصحابه نزول هذه الآية فيهم(4).

وذكر نظام الدين الحسن بن محمّـد بن الحسين النيشابوري في تفسيره " غرائب القرآن ورغائب الفرقان " القصّة التي ذكرها المصنّف (رحمه الله)ونزول السورة فيهم، ثمّ قال: " ويروى أنّ السائل لهم في الليالي الثلاث جبرئيل، أراد بذلك ابتلاءهم بإذن الله سبحانه "(5).

ونقل الرازي في تفسيره عن الزمخشري والواحدي في " البسيط "

____________

(1) تفسير الكشّاف 4 / 197، تفسير البيضاوي 2 / 552، تفسير الفخر الرازي 30 / 244 ـ 245 عن الواحدي في " البسيط "، تفسير البغوي 4 / 397، تفسير الثعلبي 10 / 98 ـ 102، تفسير أبي السعود العمادي 5 / 801 ـ 802، مناقب آل أبي طالب 3 / 424.

(2) سورة الإنسان 76: 8.

(3) أسباب النزول: 247.

(4) الدرّ المنثور 8 / 371.

(5) تفسير النيسابوري 6 / 412.


الصفحة 60
القصّة ونزول السورة بهم، ثمّ أشكل عليه بأمرين:

الأوّل: إنّ السورة مشتملة على أُمور أُخر خارجة عن القصّة وغير متعلّقة بمدحهم، كبيان خلق الإنسان وابتلائه، وأنّه تعالى هداه السبيل، وأنّه إمّا شاكـرٌ وإمّا كـفورٌ، وكوعيد الكـفّار.. إلى غير ذلك ممّا اشـتملت عليـه السـورة(1).

وفيـه: إنّ المقصود كونهم سبباً لنزول السورة، فلا يضرّ اشتمالها على أُمور أُخر، على أنّ هذه الأُمور المذكورة دخيلة في مدحهم ; لدلالتها عند بيان قصّتهم وإخلاصهم على فضلهم وامتيازهم على غيرهم.

الثاني: إنّ الممدوحين في الآيات ذُكروا بصيغة الجمع، كقوله تعالى: (إنّ الأبرار يشربون...)(2) و (يوفون بالنذر ويخافون... * ويطعمون...)(3) إلى آخر الآيات، فـتخصيصه بجمع مُـعَـيّـنين خلاف الظاهر، ويدخل فيهم أتقياء الصحابة والتابعين، ولا يبقى للتخصيص معنىً ألبتّة، اللّهمّ إلاّ أنّ يقال: السورة إنّما نزلت عند صدور طاعة مخصوصة منهـم(4).

ولكنّه قد ثبت في أُصول الفقه أنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السـبب(5).

وفيـه: إنّ التخصيص وإن كان خلاف الظاهر، لكن لا بُـدّ من

____________

(1) انظر: تفسير الفخر الرازي 30 / 245.

(2) سورة الإنسان 76: 5.

(3) سورة الإنسان 76: 7 و 8.

(4) في المصدر: عنه.

(5) انظر: تفسير الفخر الرازي 30 / 245.


الصفحة 61
الالـتزام به إذا وردت به الرواية، وإلاّ لم تصحّ دعوى نزول شيء من القرآن في مـدح أحـد.

وأمّا قوله: " العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب "، فإنّما يُسلَّم في مقام التكليف والمدح والذمّ المطلقَين، لا المدح الناشئ من سبب خاصّ لم يتّفق صدوره من غيرهم، لا سيّما في خصوصياته من الحبّ والحاجة لِما أنفقوا، ووقوعه على وجه الإخلاص التامّ لله تعالى والخوف منه، حتّى وقاهم الله تعالى بسببه شرّ ذلك اليوم ولقّاهم نضرةً وسروراً.

ولا أدري متى كان للصحابة في هذا الميدان أثر، ولا سيّما الّذين عناهم الرازي؟!


دَعِ المكارمَ لا تَرحلْ لِبُغيتهاواقعُدْ فإنّك أنتَ الطّاعِمُ الكاسي(1)

وأمّا ما ذكره الفضل من إنكار كثير من المحدّثين وأهل التفسير على هذه الرواية، وتكلّمهم في جواز مبالغة الإنسان في الصدقة إلى هذا الحدّ، فلم أجده في كلامهم، ولو كان له أصل لذكره شيخ المشـكّـكين الرازي، ولا سيّما في ما يتعلّق بفضائل أمير المؤمنين (عليه السلام).

على أنّه سبحانه قد مدح أولياءه بأنّهم: (يُؤثِرُون على أنفُسِهم وَلَو كانَ بهم خَصَاصة)(2)، فما لأهل البيت لا يجوز لهم ذلك؟!

وأمّا قوله تعالى: (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو)(3)، فمعنى

____________

(1) البيت للحطيئة، من قصيدة من بحر البسـيط يهجو بها الزِبرقان بن بدر، ويناضل فيها عن بغيض بن شمّاس في قصّـة مشهورة، ومطلع القصيدة:


والله ما مَعشرٌ لاموا امرَأً جُنُباًفي آل لأَْي بن شمّاس بأكياسِ

انظر: الأغاني 2 / 176 ـ 178.

(2) سورة الحشر 59: 9.

(3) سورة البقرة 2: 219.


الصفحة 62
العفو: أجلّ المال وأطيبه(1)، لا الفضل، كما زعمه الفضل ; لقوله تعالى: (لن تنالوا البـرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّـون)(2)(3).

كما إنّ المراد بالصنو في الحديث: الصدقة المكـرَّرة الموصولة بصدقة قبلها(4)، وهي أجلّ المال وأطيبه ; لانتهاء التكرير إليه عادة ; ولذا وصف الصنو وبيّنه في الحديث بالعفو، أي الأجلّ الأطيب.

ويحتمل أن يكون العفو في الحديث قيداً آخر، فيكون المعنى: أنّ خير الصدقة ما جمع وَصفَين: أن تكون لاحقة لصدقة قبلها، وأن تكون من أجلّ المال وأطيبه، فلا تنافي هذه الآية والرواية ما فعله أمير المؤمنين (عليه السلام).

ثمّ إنّه ليس المنفق لكلّ الطعام في تلك القصّة هو أمير المؤمنين وحده، حتّى يكون أجاع أهله ـ كما زعم الفضل ـ، بل كلّ منهم أنفق قوته كما صرّحت به الرواية.

وأمّا قوله: " وإنْ صحّ، الرواية لا تدلّ على النصّ "..

____________

(1) انظر: القاموس المحيط 4 / 366 مادّة " عفو " وفيه: " أحلّ " بدل " أجلّ "، وتفسير الطبري 2 / 377 ح 4170 وفيه " أفضل " بدل " أجلّ "، تاج العروس 19 / 686 مادّة " عفو " وفيه: " أحلّ " بدل " أجلّ " وقال مصنّفه: " وفي المحكم: أجملُ المالِ وأطيبُه ".

(2) سورة آل عمران 3: 92.

(3) مراد الشيخ المظفّر (قدس سره) هنا: إنّـه وإنْ جاء " العفو " بمعنى " فاضل النفقة "، إلاّ أنّ معناه في هذا المقام هو: " أجلّ وأحلّ وأجمل المال وأطيبه " بدلالة الآية الكريمة ; فلاحـظ!

(4) الـصِّـنْـوُ: المِثْل، يقال: فلان صِنو فلان: أي أخوه، ولا يكون صنواً حتّـى يكون معه آخر ; وأصله في النخل، فكلّ نخلتين فما زاد يكنّ من أصل واحد وفروعهنّ شـتّى، يقال لكلّ واحدة منهما: صِـنْـوٌ، والمراد في الحديث هنا: المتماثل المتكـرّر.

انظر: لسان العرب 7 / 425 مادّة " صنا "، تاج العروس 19 / 610 مادّة " صنو ".


الصفحة 63
فـفيـه: إنّ القصّة دالّـة على فضل الحسـنين وبلوغهما في المعرفة إلى منتهى الغايات ; لصدورها عنهما حال صغرهما بنحو استحقّا من الله سبحانه الثناء عليهما في كتابه المجيد، وشهد لهما فيه بأنّهما أطعما لوجهـه، وكانا يخافان منه.

ولا ريب في أنّ الصغير الذي يصدر منه ذلك أكبر من الكبير الذي لم يعرف الله تعـالى أكثر عمره، وعصاه في عِظام الأُمور، كالفرار من الزحف(1)، فيكون الحسـنان أفضل من شـيوخ الصحابة.

ولا شكّ أنّ أمير المؤمنين أفضل من الحسنين، بالنصّ والإجماع، فيكون أفضل من الصحابة جميعاً، فيكون هو الإمام.

هـذا، والعجب من تمالؤ هـؤلاء القوم على محو فضـائل آل الرسـول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالأوهام الكاسدة والخيالات الفاسدة، دون ما يَرْوُونَهُ في فضائل غيرهم، وإن كان ظاهرَ الكذب والبهتان، فقد رأيت الفضل كيف استشكل من جواز تلك الصدقة، وهو قد ذكر في مبحث الحلول أنّ أبا يزيد البسطامي(2) ترك شرب الماء سَنَةً تأديباً لنفسه، وعدّه منقبة له(3).

فليت شعري، لِـمَ لا يجوز التصدّق لأهل البيت بعد السؤال منهم رغبة في الثواب، بالإيثار على أنفسهم، وجاز لأبي يزيد ترك شرب الماء سنةً ـ وهو من المحالات ـ بلا سؤال أحد منه ولا إيثار، ولا هو من أفعال

____________

(1) فقد فـرّ أغلب الصحابة في غزوتَي أُحد وحُنين، وأَسلموا النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) للمنيّـة، وكذا انهزموا في غزاة خيبر ; فانظر مثلا: المغازي ـ للواقدي ـ 2 / 609، تاريخ الطبري 2 / 67 و 69 و 167 ـ 168، السيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ: 223، تاريخ دمشق 4 / 16 ـ 17، المستدرك على الصحيحين 3 / 39 و 40 ح 4338 أ و 4340.

(2) مرّت ترجمته في ج 2 / 196 من هذا الكتاب.

(3) راجع ج 2 / 208 من هذا الكتاب.


الصفحة 64
سيّد المرسلين والأنبياء الأوّلين، ولا ورد بنحوه الكتاب والسُـنّة؟!

وقال الغزّالي في " إحياء العلوم "، في كسر شهوة البطن(1): الوظيفة الثانية: في وقت الأكل ومقدار تأخيره، وفيه [ أيضاً ] أربع درجات:

الدرجة العليا: أنْ يطوي ثلاثة أيّام فما فوقها، وفي المريدين مَن ردّ الرياضة إلى الطيّ لا إلى المقدار، حتّى انتهى بعضهم إلى ثلاثين يوماً وأربعين يوماً، وانتهى إليه جماعة من العلماء يكثر عددهم، منهم: محمّـد ابن عمرو القَرني... وذكر جماعة، ثمّ قال:

وقد كان أبو بكر الصدّيق يطوي ستّة أيّام، وكان عبـد الله بن الزبير يطوي سبعة أيّام، وكان أبو الجوزاء صاحب ابن عبّـاس يطوي سبعاً، وروي أنّ الثوري وإبراهيم بن أدهم كانا يطويان ثلاثاً ثلاثاً، كلّ ذلك [ كانوا ] يسـتعينون بالجوع على طريق الآخرة... ثمّ نقل عن متصوّف أنّه طوى سـتّين يوماً(2).

فانظر إلى هذه الحكايات التي ما جاء بها الشرع، وما كانت من فعل سيّد المرسلين، يَـرْوونها في كتبهم ويصدّقون اسـتمرار أوليائهم عليها، ويكذّبون أن يتصدّق أهلُ البيت اتّفاقاً بطعامهم ثلاثة أيّام لسؤال من سأل إيثاراً على أنفسهم!

فهل الفرق إلاّ اتّباع الهوى والجفاء لمن طهّرهم الله تعالى من الرجس تطهيراً وأوجب على الأُمّـة التمسّك بهم؟!

ثمّ إنّ المصنّف (رحمه الله) قد ذكر هذه القصّة في " منهاج الكرامة " نقلا عن

____________

(1) ص 72 من الجزء الثالث [ 3 / 225 ]. منـه (قدس سره).

(2) إحياء علوم الدين 3 / 225.


الصفحة 65
الثعلبي(1)، وردّه ابن تيميّة بكلّ ما تبلغه همّة النصب، وذكر أُموراً أشبه باللغو(2)..

كالمطالبة بصحّة الحديث ; وقد مرّ مراراً جوابه، ولا سيّما أنّ شهرته كافية في اعتباره..

وكزعم أنّ الحسـنين صغيران لا يشرع إبقاؤهما ثلاثة أيّـام جياعاً، وقد عرفت أنّهما بنفسـيهما آثرا بطعامهما ; لمعرفتهما وكمالهما..

وكزعم عدم حاجة أيتام المسلمين وأَسراهم إلى الصدقة والسؤال ; لأنّ اليتيم مكفيٌّ بالنبيّ، والأسير بآسره ; وهو كما ترى تكذيب للآية الكريمـة..

وكزعم أنّه لم يكن في العقبة قتال، فكيف يقول اليتيم ـ كما في حديث الثعلبي ـ: " اسـتُشهد والدي يوم العقبة "(3)؟!

وفيـه: إنّ العقبات كثيرة، والعَـقَـبَـةُ: هي المرقى الصعب من الجبال(4)، كمرقى أُحد، لا خصوص عقبة مكّة التي بايع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها الأنصار قبل الهجرة.

وكزعم أنّ السورة مكّية بالاتّـفاق ; والحال أنّ مجاهداً وقتادة قالا: إنّها مدنـيّـة(5)..

____________

(1) منهاج الكرامة: 132 ـ 133، وانظر: تفسير الثعلبي 10 / 99 ـ 101.

(2) انظرها في: منهاج السُـنّة 7 / 177 ـ 187.

(3) انظر: تفسير الثعلبي 10 / 100.

(4) انظر مادّة " عقب " في: لسان العرب 9 / 306، تاج العروس 2 / 248.

(5) تفسير البغوي 4 / 395، تفسير روح المعاني 29 / 258، وكذا أغلب المفسّرين..

فانظر: تفسير الفخر الرازي 30 / 236، تفسير القرطبي 19 / 77، فتح القدير 5 / 343.


الصفحة 66

الصفحة 67
وكزعم أنّ النذر منهيٌّ عنه ; والحال أنّ الآية الكريمة نزلت في الثناء على الناذرين، فيكون تخطئـة للكتاب المجيـد(1)..

وكزعم أنّه ليس للزهـراء (عليها السلام) جارية تسمّى فضّـة(2)..

وأنّ إنفاق أبي بكر أفضل من إنفاقهم(3)..

____________

(1) يبدو أنّ ابن تيميّة لم يطّلع على جوامع الحديث أو كتب الفقه، فضلا عن أن يسـبر غورها، فقد أثبت فيها مصنّفوها روايات كثيرة وردت عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في النذر وأفردوا أبواباً واسعة لذلك، حتّى إنّه نسي أنّه أفرد فصلا في ذلك في فتاواه الكبرى!

فانظر مثلا: صحيح البخاري 8 / 254 ح 70 و ص 255 ح 74، سنن ابن ماجة 2 / 687 ذ ح 2128، سنن أبي داود 3 / 238 ذ ح 3322، المعجم الكبيـر 11 / 325 ذ ح 12169، كتاب الأُمّ ـ للشافعي ـ 2 / 402، الهداية ـ للمرغيناني ـ 4 / 63، نصب الراية ـ للزيلعي ـ المطبوع بهامش الهداية 4 / 63، الفتاوى الكبرى 5 / 196 ـ 198.

(2) هي: فضّة النوبيّـة، أنفذها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بضعته فاطمة الزهراء (عليها السلام) لكي تشاطرها الخدمة، وقد علّمها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دعاءً تدعو به، وصارت من بعد الزهـراء (عليها السلام) للإمام عليّ (عليه السلام)، فزوّجها من أبي ثعلبة الحبشي، فأولدها ابناً، ثمّ مات عنها أبو ثعلبة، وتزوّجها من بعده أبو مليك الغطفاني، وذكرت المصادر قصّة وجودها بالبادية وأنّها ما تكلّمت عشرين سنة إلاّ بالقرآن.

انظر: أُسد الغابة 6 / 236 رقم 7202، البداية والنهاية 5 / 249، السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 4 / 649، الإصابة 8 / 75 رقم 1628، مناقب آل أبي طالب 2 / 402 ـ 403 و ج 3 / 390 ـ 392.

(3) لم يُعهد لأبي بكر ثروة، لا في الجاهلية ولا في الإسلام، فهو من أقلّ حيّ وأذلّ بيت في قريش، كان بزّازاً يدور في السوق حاملا على رقبته أثواباً ليبيعها، مضافاً إلى إشفاقه من تقديم صدقة يسـيرة بين يدي نجواه ; فدعوى كثرة إنفاقه تخرّص سقيم!

انظر: تاريخ دمشق 30 / 321 و 322 و 324، الكامل في التاريخ 2 / 189، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 2 / 45، الأعلاق النفيسة: 215.


الصفحة 68
.. إلى نحو ذلك ممّا هو بالهذيان أشـبه!(1).


*    *    *

____________

(1) راجع كتاب تشييد المراجعات 2 / 5 ـ 45، فقد فصّل السيّد عليّ الحسيني الميلاني البحث هناك حول السورة الكريمة واختصاصها بأهل البيت (عليهم السلام) والردّ على الشـبهات المثارة.


الصفحة 69

19 ـ آيـة: (والذي جاء بالصدق...)

قال المصنّـف ـ أعلى الله درجتـه ـ(1):

التاسعة عشرة: قوله تعالى: (والذي جاء بالصدق وصدّق بـه)(2).

روى الجمهور، عن مجاهد، قال: هو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 185.

(2) سورة الزمر 39: 33.

(3) تفسير الحبري: 315 ح 62، ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ: 240، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ لابن المغازلي ـ: 235 ح 317، شواهد التنزيل 2 / 120 ـ 122 ح 810 ـ 815، تاريخ دمشق 42 / 359 و 360، كفاية الطالب: 233، تفسير القرطبي 15 / 167، تفسير البحر المحيط 7 / 428، فتح القدير 4 / 463، الدرّ المنثور 7 / 228.


الصفحة 70

وقال الفضـل(1):

جماهيـر أهل السُـنّة على أنّ الآيـة نزلت في أبي بكر الصدّيق(2)، وإنْ صحّ نزوله في عليّ المرتضى فهو من فضائله، ولا يدلّ على النصّ.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 179.

(2) تفسير الطبري 11 / 5 ح 30144، تفسير الفخر الرازي 26 / 280 المسألة الأُولى، الدرّ المنثور 7 / 228.


الصفحة 71

وأقـول:

حكى السيوطي في " الدرّ المنثور " عن ابن مردويه، أنّه أخرج عن أبي هريرة: (والذي جاء بالصدق) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، (وصدّق به)عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)(1).

ونحوه في " منهاج الكرامة " للمصنّف، عن مجاهد، من طريق ابن المغازلي(2).

وفيه أيضاً عن مجاهد، من طريق أبي نُعيم، مثل ما هنا(3).

فيكون الجميع متّحداً في المراد، وأنّ المقصود بثاني الوصفين أمير المؤمنين (عليه السلام)، لا أنّه مقصود بهما معاً كما يتوهّـم ممّا نقله أبو نعيم، كما أنّه ليس المقصود بالوصفَين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحده ; لقوله تعالى في تتمّة الآيـة بصيغة الجمع: (أُولئك هم المتّـقون)(4).

فإذا أُريد بمَن صدّق به أمير المؤمنين، دلّ على إمامته ; لأنّ ذِكره خاصّة بالتصديق مع كثرة المصدّقين يدلّ على أنّه الكامل في التصديق، وأنّـه الصدّيق الأكبر.

ولا ريب أنّ الكامل فيه دون غيره هو الأفضل، والأفضل أحقُّ بالإمامة، ولا سيّما أنّ كامل التصديق أرعى لِما صدّق به، وأمسّ في حفظ

____________

(1) الدرّ المنثور 7 / 228.

(2) منهاج الكرامة: 134، وانظر: مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ لابن المغازلي ـ: 235 ح 317.

(3) منهاج الكرامة: 134.

(4) سورة الزمر 39: 33.


الصفحة 72
الدين والحوزة.

على أنّ الله سبحانه قد شهد لمن جاء بالصدق، ولمن صدّق به، بالتقوى على الإطلاق، فقال في تتمّة الآية: (أُولئك هم المتّـقون)، وهو يقتضي العصمة، ولا معصوم مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) غير عليّ (عليه السلام)بالإجمـاع، فيكون هو الإمام ; لِما سبق من اشتراط العصمة بالإمام(1).

ولا ينافي دلالته على العصمة قوله تعالى بعد هذه الآية: (لهم ما يشاؤون عند ربّهم ذلك جزاءُ المُحسنين * ليُـكـفّر اللهُ عنهم أَسوأَ الذي عَمِلُوا ويجزيهم أجرهم بأحسنِ الذي كانُوا يَعملُون)(2) ; إذ ليس المراد بـ (أَسوأَ الذي عَمِلُوا) هو المحرّمات ; لعصمة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) جزماً، بل المراد أسوأُه عند قومهم، فإنّ الله سبحانه يُكـفّره(3) ; أي يغطِّيه عنهم بنصرهم على الكافرين، وإحسانهم إليهم، وإظهار شرفهم وفضلهم ; ولذا قال تعالى في الآية التي بعدها: (أليـس اللهُ بكاف عبـدهُ ويخوّفونَكَ بالّذين مِن دُونهِ...)(4).

وأمّـا ما نسبه الفضل إلى الجماهير، فكذبٌ عليهم ; ولذا لم يذكره الزمخشري في " الكشّـاف "، وهو حقيـق بذِكـره لو كان قولا لجماهيرهم، لا سيّما وهو في فضل أبي بكر، ولم يذكره أيضاً غيره ممّن اطّلعنا على تفسـيره.

____________

(1) راجع ج 4 / 183 وما بعدها من هذا الكتاب.

(2) سورة الزمر 39: 34 و 35.

(3) كَـفَرَ الشيء كَفراً وكَـفّرَهُ: سَتَرهُ، وأصل الكُفر: تغطيةُ الشيء تغطيةً تستهلكُهُ! ومنه سُمّي الكافرُ كافراً ; لأنّه مغطّىً على قلبه ; انظر: تاج العروس 7 / 450 مادّة " كفر ".

(4) سورة الزمر 39: 36.


الصفحة 73
نعم، نسبه الرازي إلى جماعة(1)، وهو غير معنى الجماهير، ولو سُلّم فأيّ عِبرة بقول جماهيرهم الناشئ من الهوى، فإنّه كما ورد عندهم نزولها في أبي بكر، ورد عندهم نزولها في أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلِـمَ اختار الجماهير أو الجماعة نزولها في أبي بكر، مع عدم صحّة الرواية الدالّة عليه كما اطّلعنا على سندها؟!

فإنّ الطبري رواها في تفسيره " جامع البيان "، عن عمر بن إبراهيم بن خالد، عن عبـد الملك بن عمير، عن أُسيد بن صفوان(2).

وقد نقل الذهبي في " ميزان الاعتدال " عن الدارقطني، أنّ عمر بن إبراهيم كذّاب ; وعن الخطيب، أنّـه غير ثقة ; ثمّ ذكر بترجمة عمر أنّ أُسيداً مجهـول(3).

ونقل بترجمة عبـد الملك، عن أحمد، أنّه ضعّف عبـد الملك جدّاً، وقال أيضاً: ضعيف يغلط، وقال ابن معين: مخلّـط(4).

مضافاً إلى أنّ لفظ الرواية، كما صرّح به السيوطي في " الدرّ المنثور " (الذي جاء بالحقّ) محمّـد، (وصدّق به) أبو بكر(5)، وهو غير لفظ الآيـة ; لأنّ لفظها: (والذي جاء بالصدق).

هـذا، ومن المضحك ما ذكره الرازي في المقام، قال: " أجمعوا على أنّ الأسبق الأفضل ; إمّا أبو بكر، وإمّا عليّ، وحَمْلُ هذا اللفظ على أبي بكر

____________

(1) انظر: تفسير الفخر الرازي 26 / 280 المسألة الأُولى.

(2) تفسير الطبري 11 / 5 ح 30144.

(3) ميزان الاعتدال 5 / 216 ـ 217 رقم 6050، وانظر: تاريخ بغداد 11 / 202 رقم 5905.

(4) ميزان الاعتدال 4 / 405 ـ 406 رقم 5240.

(5) الدرّ المنثور 7 / 228.


الصفحة 74
أَوْلى ; لأنّ عليّـاً (عليه السلام) كان وقت البعثة صغيراً، فكان كالولد الصغير الذي يكون في البيت، ومعلوم أنّ إقدامه على التصديق لا يفيد مزيد قوّة وشوكة.

أمّا أبو بكر فإنّه كان رجلا كبيراً في السنّ، كبيراً في المنصب، فإقدامه على التصديق يفيد مزيد قوّة وشوكة في الإسلام، فكان حَمْلُ اللفظ على أبي بكر أَوْلى "(1).

فإنّ مزيد الشوكة لا ربط له بالأولوية المذكورة ; لأنّ التصديق فرع المعرفة والتقى لا الشوكة ; ولذا مدح الله سبحانه من جاء بالصدق وصدّق به: بالتقوى(2)، فقال: (أُولئك هم المتّـقون)(3).

ومن المعلوم أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) أقرب إلى المعرفة والتقوى من أبي بكر، فإنّه لم يعبد صنماً قطّ، خلافاً لقومه، وعبـدها أبو بكر مدّة من عمره ; وطهّره الله سبحانه من الرجس، ولم يطهّر أبا بكر ; وصلّى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سـبع سـنين قبل أبي بكر وغيره(4).

ولا منـافاة بيـن الصغـر وبيـن المعرفـة والكـمـال ; ولـذا دعـاه رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الإسلام وهو صبيٌّ، فكان أخصّ الناس به وأطوعهم له، وجعله خليفته ووزيره عندما جمع عشيرته الأقربين في أوّل البعثة ودعاهم إلى الإسلام(5)، كما سـيجيء.

____________

(1) تفسير الفخر الرازي 26 / 280 المسألة الثانية.

(2) انظر: تفسير الطبري 11 / 6.

(3) سورة الزمر 39: 33.

(4) انظر: مسند أحمد 1 / 99، المعجم الأوسط 2 / 240 ح 1767، المستدرك على الصحيحين 3 / 121 ح 4585.

(5) انظر: مسند أحمد 1 / 111 و 159 و 331، مسند البزّار 2 / 105 ـ 106 ح 456، المعجم الأوسط 3 / 241 ح 2836.


الصفحة 75
كما جعل الله يحيى نبيّاً وآتاه الحكم صبيّاً، وكذلك عيسى ويوسف وسليمان، وقد مدح الله الحسنين وهما طفلان بقوله سبحانه: (إنّ الأبرارَ يَشربُون... *... ويخافون يوماً... * ويُطعمُون الطعام على حُـبّـه... * إنّما نُطعمُكم لوجهِ اللهِ...)(1) الآيات.

ولو سُلّم دخل الشوكة والقوّة والمنصب بأولوية الوصف بالتصديق، فأيّ قوّة وشوكة لأبي بكر، وهو من أرذل بيت في قريش، كما قاله أبو سـفيان(2)؟!

وأيّ منصب له، وهو كان خيّاطاً ومعلّماً للصبيان(3)؟!

فأين هو من أسد الله ورسوله، وابن سيّد البطحاء، الذي إن لم يزد الإسلام بنفسه قوّة فباتّصاله بأبيه وتعلّقه به؟!

بل قد عرفت أنّ شهادة الله سبحانه بالتقوى لمن صدَّق بالصدق تدلّ على عصمته، ولا معصوم غير عليّ بالإجماع، فتتعيّن إرادته بالآية.


*    *    *

____________

(1) سورة الإنسان 76: 5 و 7 ـ 9.

(2) انظر: الاستيعاب 3 / 974، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 2 / 45.

(3) انظر: الأعلاق النفيسة: 215، كنز العمّال 4 / 33 ح 9360، الصوارم المهرقة: 324، الصراط المستقيم 3 / 104.


الصفحة 76

20 ـ آيـة: (هو الذي أيّـدك بنصره)

قال المصنّـف ـ نـوّر الله ضريحه ـ(1):

العشرون: قوله تعالى: (هو الذي أيّدكَ بنصره وبالمؤمنين)(2).

عن أبي هريرة، قـال: مكـتوب عـلى العـرش: لا إلـه إلاّ الله وحـده لا شريك له، محمّـد عبـدي ورسولي، أيّدتُه بعليّ بن أبي طالب(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 185.

(2) سورة الأنفال 8: 62.

(3) انظر: المعجم الكبير 22 / 200 ح 526، حلية الأولياء 3 / 27 ضمن رقم 202، تاريخ بغداد 11 / 173 رقم 5876، شواهد التنزيل 1 / 223 ـ 228 ح 299 ـ 304، الشفا 1 / 174، تاريخ دمشق 42 / 360، كفاية الطالب: 234، مجمع الزوائد 9 / 121، الدرّ المنثور 4 / 100، فرائد السمطين 1 / 235 ـ 237 ح 183 ـ 185، الرياض النضرة 3 / 131، تهذيب الكمال 21 / 188 رقم 7921.


الصفحة 77

وقال الفضـل(1):

جاء في روايات أهل السُـنّة ـ ولا شكّ ـ أنّ عليّـاً من أفاضل المؤمنين، ومن خلفائهم وأئـمّـتهم.

ولمّا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤيّداً بالمؤمنين، كان تأييده بعليّ من باب الأَوْلى، ولكن لا يدلّ على النصّ المدّعى.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 195.


الصفحة 78

وأقـول:

قال السيوطي في " الدرّ المنثور ": أخرج ابن عساكر، عن أبي هريرة: " مكتوب على العرش: لا إله إلاّ أنا وحدي، لا شريك لي، محمّـد عبـدي ورسولي، أيّـدتُه بعليّ "(1).

ونقل في " كنز العمّال " نحوه(2)، عن ابن عساكر عن أبي الحمراء، وعن الطبراني عن أبي الحمراء، وعن العقيلي عن جابر.

ونقل المصنّف الحديث في " منهاج الكرامة "، عن أبي نعيم، عن أبي هريرة، ثمّ قال أبو هريرة: وذلك قوله تعالى: (هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين) يعني بعليّ(3).

ونقل في " ينابـيـع المودّة " عن أبي نعيم، بأسانيده عن أبي هريرة وابن عبّـاس وإمامنـا الصـادق (عليه السلام)، أنّـهم قالـوا: نـزلت هـذه الآيـة في عليّ (عليه السلام)، وأنّ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قـال: " رأيـت مـكـتـوبـاً عـلى العـرش.... "(4) الحديث بعينه.

وذكر في " الينابيع " أيضاً، أنّ أبا نعيم روى نحوه عن أنس بن

____________

(1) الدرّ المنثور 4 / 100، وانظر: تاريخ دمشق 42 / 360.

(2) ص 158 من الجزء السادس [ 11 / 624 ح 33040 ـ 33042 ]. منـه (قدس سره).

وانظر: المعجم الكبير 22 / 200 ح 526.

(3) منهاج الكرامة: 134.

وانظر: ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ: 82.

(4) ينابيع المودّة 1 / 281 ـ 282 ح 3.


الصفحة 79
مالك(1).

فإذا كان أمير المؤمنين (عليه السلام) هو المراد بـ (المؤمنين) في الآية، دلّ على أنّه بمنزلة جميع المؤمنين في الإيمان والتأييد للنبيّ ; للتعبير عنه بصيغة الجمع العامّة، فيكون أفضلَهم وإمامَهم، خصوصاً مع كتابة اسمه الشريف وتأييده على العـرش..

فقول الفضل: " لا شكّ أنّ عليّـاً من أفاضل المؤمنين... " إلى آخره، ظلمٌ لأمير المؤمنين بجعله من الأفاضل، والآية والرواية تدلاّن على الأفضلية.

كما إنّ قوله: " ولمّا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤيّداً بالمؤمنين... " إلى آخره، خلافُ مقصود الآية والرواية، من كونه بمنزلة جميع المؤمنين في التأييد ; لأنّه العمدة والمتّبَع ; ولذا قرنه الله سبحانه بنصره، وزيّن به عرشه.

ولا ينافي إرادة أمير المؤمنين من (المؤمنين) في الآية، قوله تعالى بعدها: (وألَّـف بين قلوبهم...)(2) الآية ; وذلك لأنّ الاسـتخدام(3) بابٌ واسع.


*    *    *

____________

(1) ينابيع المودّة 1 / 282 ذ ح 3.

(2) سور الأنفال 8: 63.

(3) الاستخدام: هو أن يُذكَر لفظٌ له معنيان، فيراد به أحدهما، ثمّ يُراد بالضمير الراجع إلى ذلك اللفظ معناه الآخر ; أو يراد بأحد ضميريه أحدُ معنييه، ثمّ بالآخر معناه الآخـر..

فالأوّل كقوله:


إذا نزلَ السماءُ بأرض قومرعيناهُ وإنْ كانوا غِضابا

أراد بالسماء: الغيث، وبالضمير الراجع إليه مِن " رعيناه ": النبت.

والثاني كقوله:


فسَقى الغِضى والسّاكنيه وإنْ هُمُشَبَّوْهُ بينَ جَوانحي وَضُلوعي

أراد بأحد الضميرين الراجعين إلى " الغضى " ـ وهو المجرور في " الساكنيه ": المكان، وبالآخر ـ وهو المنصوب في " شبّوهُ ": النار ; أي: أوقدوا بين جوانحي نار الغضى ; يعني نار الهوى التي تشـبه نار الغضى.

والاستخدام الذي عناه الشيخ (قدس سره)، المستعمل في الآية الكريمة، من القسم الأوّل.

انظر: التعريفات ـ للجرجاني ـ: 21 ـ 22.


الصفحة 80

الصفحة 81