الصفحة 82

21 ـ آيـة: (يا أيُّها النبيُّ حسـبك الله)

قال المصنّـف ـ قـدّس الله روحه ـ(1):

الحادية والعشرون: قوله تعالى: (يا أيُّها النبيّ حَسـبُكَ الله ومن اتّبعكَ من المؤمنين)(2).

روى الجمهور أنّها نزلت في عليّ (عليه السلام)(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 185.

(2) سورة الأنفال 8: 64.

(3) انظر: ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ: 92، شواهد التنزيل 1 / 230 ح 305 و 306.


الصفحة 83

وقال الفضـل(1):

ظاهر الآية أنّها في كافّـة المؤمنين، ولو صـحّ نزوله في عليّ يكون من فضائله، ولا دلالة لها على النصّ المدّعى.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 196.


الصفحة 84

وأقـول:

ـ مع أنّ الدليل مفسِّـر للمراد فيقدّم على الظهور ـ إنّا نمنع ظهورها بمـا ذكره، بل ظاهرها الخصوص ; إذ ليس كلُّ مؤمن مُتّبِعاً على الإطلاق، فتكون " من " للتبعيـض لا للبيان.

وحينئذ، فينبغي إرادة أمير المؤمنين (عليه السلام) خاصّة، حتّى لو لم تَرِدِ الرواية بإرادته ; إذ لا اتّباع على الإطلاق مِن غيره.

وحينئذ، فتدلّ الآية على إمامته ; لأنّ الاتّباع المطلق يقتضي العصمة، وهي شرط الإمامة، ولا عصمة لغيره بالإجماع.

على أنّ الله سبحانه لمّا قرنه بنفسه المقدّسة، وأخبر عنه ـ لا غيره من المسلمين ـ بأنّه حسبه، دلّـنا على فضله وامتيازه على كلّ أحد، فيكون هو الإمـام.

والمراد: حسـبك الله ناصراً(1)، وعليٌّ متّبِعاً، فلا تذهب نفسك حسرات على من لم يتَّبعك.

ويحتمل ـ كما هو الأقرب ـ أن يكون المراد: إنّهما حسبه في النصرة، ولا يلزم الشرك كما زعم ابن تيميّة(2) ; لأنّه كقوله تعالى: (فإنّ الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين...)(3)(4).

____________

(1) انظر: لسان العرب 3 / 163 مادّة " حسب ".

(2) منهاج السُـنّة 7 / 201 ـ 211.

(3) سورة التحريم 66: 4.

(4) انظر: تفسير الدرّ المنثور 8 / 224.


الصفحة 85
وليست نصرة غير الله عزّ وجلّ إلاّ بإقداره، وكون عليّ حَسْبُ النبيّ في النصرة، لا ينافي حاجة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى غيره، ولا حاجة عليّ (عليه السلام) إلى الناصر بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ هو ككون الله حسبُه، أُريد به عدمُ الاعتداد بنصرة غيره ; لضعفها، أو لعدم الخلوص التامّ بها ; ولذا فرّ المسلمون عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في عدّة مواطن(1)، فلا يرد ما أشكله ابن تيميّة، وقد أساء القول وجاهر بنصبـه.

ثمّ إنّ الرواية التي ذكرها المصنّف (رحمه الله) هنا قد نقلها هو في " منهاج الكرامة " عن أبي نعيم(2)، ونقلهـا غيره، كصـاحب " كشف الغمّـة "(3)، عن عزّ الدين عبـد الرزّاق المحـدّث الحنبلي(4).

____________

(1) السير والمغازي ـ لابن إسحاق ـ: 332، المغازي ـ للواقدي ـ 1 / 237، تاريخ اليعقوبي 1 / 366، تاريخ الطبري 2 / 69، الكامل في التاريخ 2 / 52، شرح نهج البلاغة 13 / 293 و ج 14 / 276 و ج 15 / 19 ـ 25، البداية والنهاية 4 / 23، السيرة الحلبية 2 / 504 و ج 3 / 67، السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 3 / 55، مجمع الزوائد 9 / 124.

(2) منهاج الكرامة: 135، وانظر: ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ: 92.

(3) كشف الغمّة 1 / 312.

(4) هو: أبو محمّـد عزّ الدين عبـد الرزّاق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف الـرَّسْـعَني الحنبلي، وُلد برأس عين الخابور سنة 589، وتوفّي بسـنجار سنة 661 ; محدّث، مفسّر، فقيه، متكلّم، أديب، شاعر، سمع الحديث ببلده وببغـداد ودمشق وغيرها، ولي مشيخة دار الحديث بالموصل، من تصانيفه: رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز، مقتل الشهيد الحسـين، درّة القاري، مطالع أنوار التنزيل ومفاتح أسرار التأويل، مختصر الفَرق بين الفِرق.

انظر: تذكرة الحفّاظ 4 / 1452 رقم 1152، العبر 3 / 302، البداية والنهاية 13 / 200، الذيـل على طبقـات الحنابلـة 4 / 222 رقـم 386، طبقـات المفسّـرين ـ للسيوطي ـ: 55 رقم 56، طبقات المفسّرين ـ للداوودي ـ 1 / 300 رقم 277، شذرات الذهب 5 / 305، كشف الظنون 1 / 452 و 743 و 913 و ج 2 / 1715.


الصفحة 86

22 ـ آيـة: (فسوف يأتي الله بقوم يحـبّـهم)

قال المصنّـف ـ أعلى الله درجتـه ـ(1):

الثانية والعشرون: قوله تعالى: (فسوف يأتي الله بقوم يحـبّـهم ويحـبّـونه)(2).

قال الثعلبي: نزلت في عليّ (عليه السلام)(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 186.

(2) سورة المائدة 5: 54.

(3) عمدة عيون صحاح الأخبار: 351 ح 493 عن الثعلبي، وانظر: تفسير البحر المحيـط 3 / 511.


الصفحة 87

وقال الفضـل(1):

ذهب المفسّرون: إلى أنّها نزلت في أهل اليمن(2).

وقيل: لمّا نزلت هذه الآية سُئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن هذا القوم، فضرب بيده على ظهر سلمان فقال: " هذا وقومه "(3).

والظاهر أنّها كانت نازلة لقوم لم يؤمنوا بعد ; لدلالة: (سوف يأتي الله) على هذا، وعليٌّ كان ممّن آتاه الله من أوّل الإسلام، فكيف يصحّ نزوله فيه؟!

وإنْ سلّمنا، فهو من فضائله، ولا يدلّ على النصّ المدّعى.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 199.

(2) انظر: تفسير الطبري 4 / 624 و 625 ح 12198 و 12200 ـ 12204، تفسير الثعلبي 4 / 78، تفسير الفخر الرازي 12 / 22، تفسير البيضاوي 1 / 271.

(3) تفسير الفخر الرازي 12 / 22، تفسير الثعلبي 4 / 79، تفسير الكشّاف 1 / 621، تفسير البيضاوي 1 / 271.


الصفحة 88

وأقـول:

ينبغي هنا بيان أمرين:

  • الأوّل: معنى الارتداد ; والظاهر أنّ له معنيَين:

    حقيقياً: وهو الانقلاب عن الدين بمخالفة بعض أُصوله ; كالشهادتين عند الجميع، والإمامة عند الإماميّة.

    ومجازياً: وهو مخالفة بعض أحكام الدين المهمّة.

    ويحتمل أن يراد بالآية: الأوّل ; لأنّه الأصل في الاستعمال.. والثاني ; بدعوى القرينة، بأن يراد بالارتداد تولّي الكافرين والتقاعد عن الجهاد، بقرينة حكم الآية التي قبلها بأنّ مَن تولاّهم منهم.

  • الثـاني: مـورد نزولها ; وقـد اختـصّـت أخبـارنا فـي نزولـهـا بأميـر المؤمنيـن (عليه السلام)، أو المهديّ عجّـل الله فرَجه(1)، ولا يبعد إرادتهما مـعـاً.

    وأمّا روايات القوم، فقد جاءت بنزولها بعليّ، كما نقله المصنّف (رحمه الله)عن الثعلبي(2)، وبنزولها في أهل اليمن(3)، ونزولها في الفرس(4)، وقيل

    ____________

    (1) تفسير القمّي 1 / 177 ـ 178، تفسير فرات الكوفي 1 / 123 ح 133، مجمع البيان 3 / 343 و 344.

    (2) منهاج الكرامة: 135.

    (3) مرّ تخريج ذلك في الصفحة السابقة هـ 2.

    (4) مرّ تخريج ذلك في الصفحة السابقة هـ 3.


    الصفحة 89
    بنزولها في الأنصار(1)، وقيل بأبي بكر(2).

    ولم يروِ أحدٌ التفسيرَ بهذين القولين الأخيرين عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، واختار أوّلهما السُّـدِّي، كما ذكره الرازي، بحجّة أنّ الأنصار هم الّذين نصروا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(3).

    وفيـه: إنّ المراد بالآية: النصرةُ في المستقبل، وهي لم تختصّ بالأنصار، بل لم تختصّ بهم في أوّل الأمر ; لمشاركة المهاجرين لهم في النصـرة.

    وأمّا من زعم نزولها بأبي بكر، فبحجّة أنّه حارب المرتدّين، وسـتعرف ما فيه..

    والحقّ أنّها نازلة بأمير المؤمنين(4) ; لأُمور:

    الأوّل: ورود رواية الفريقين به ; فقد عرفت رواية الثعلبي له، ولكنّ ابن تيميّة أنكرها(5)، ولم يحضرني " تفسير الثعلبي " حتّى أُظهر بطلان إنكاره، إذ لا شكّ أنّ المصنّف (رحمه الله) لا يتعمّد الكذب بخلاف ابن تيميّة ; فإنّا سبرنا أحوالهما، وعرفنا صحّة نقل المصنّف دونه، كما سـتعرف.

    ويؤيّد صحّة رواية الثعلبي ما ورد عن أمير المؤمنين، أنّه قال يوم

    ____________

    (1) تفسير السدّي: 231، تفسير الطبري 4 / 625 ح 12205، تفسير الثعلبي 4 / 79، تفسير الفخر الرازي 12 / 22.

    (2) تفسير الطبري 4 / 623 ح 12184 ـ 12191، تفسير الثعلبي 4 / 78، تفسـير الفخر الرازي 12 / 23.

    (3) تفسير الفخر الرازي 12 / 22، وانظر: تفسير السدّي: 231.

    (4) انظر: تفسير الفخر الرازي 12 / 25.

    (5) انظر: منهاج السُـنّة 7 / 213.


    الصفحة 90
    البصرة: " والله ما قوتل أهل هذه الآية حتّى اليوم "، ثمّ تلاها(1).

    ومثله عن عمّار وابن عبّـاس(2)، كما سـيأتي إن شاء الله تعالى.

    الثاني: انطباق أوصاف من يأتي به الله ـ المذكورة في الآية ـ على أمير المؤمنين (عليه السلام) دون غيره.

    أمّا عدم انطباقها على أبي بكر، فظاهر ; ولو لقوله تعالى: (يحبّهم ويحبّـونه)(3)، فإنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال يوم خيبر بعدما رجع أبو بكر وعمر منهزمَين: " لأُعطينّ الراية غداً إلى رجل يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، كـرّار غير فـرّار "(4)، وهو ظاهرٌ، بل صريح في التعريض بمن

    ____________

    (1) انظر: الإفصاح في الإمامة: 125، مجمع البيان 3 / 344.

    (2) انظر: الصراط المستقيم 1 / 288 وفيه: عن عمّار وحذيفة، الصوارم المهرقة: 84.

    (3) سورة المائدة 5: 54.

    (4) سنن ابن ماجة 1 / 43 ح 117، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5 / 108 ـ 109 ح 8401، مسند أحمد 1 / 99 و 133، فضـائل الصحابة ـ لأحمـد بن حنبل ـ 2 / 697 ح 950 و ص 791 ح 1084، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 497 ح 17، مسند البزّار 2 / 135 ـ 136 ح 496، تاريخ اليعقوبي 1 / 375، مسند الشاشي 1 / 165 ـ 166 ضمن ح 106، المعجم الكبيـر 7 / 35 ح 6303، حلية الأولياء 1 / 62، دلائل النبـوّة ـ للبيهقي ـ 4 / 209 و 213، الاسـتيعاب 3 / 1099، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام)ـ لابـن الـمـغـازلـي ـ: 179 ح 215 و ص 180 ح 217، مـنـاقـب الإمـام عليّ (عليه السلام)ـ للخوارزمي ـ: 170 ح 203، تاريخ دمشق 42 / 89 ـ 90 و 105 ـ 107 و 115 ـ 116 و 118 ـ 119.

    أمّا جملة ذيل الحديث: " كـرّار غير فـرّار " فقد رويت بدلها ألفاظ أُخرى مختلفة تفيد معناها، مثل: " يفتـح الله عليـه " و " لن يرجـع حتّـى يفتح الله عليه " و " لا يردّها حتّى يفتح الله عليه "، وغيرها، جاءت كلّها في أُمّهات مصادر الجمهور ; فانظر مثـلا:

    صحيح البخاري 5 / 87 ح 197 و ص 88 ح 198 و ص 279 ح 230، تاريخ البخاري 2 / 115 رقم 1881، صحيح مسلم 7 / 120 ـ 122، سنن الترمذي 5 / 596 ح 3724، السـنن الكبـرى ـ للنسائي ـ 5 / 46 ح 8149 ـ 8151 و ص 108 ـ 113 ح 8399 ـ 8409، مسند أحمد 1 / 185 و ج 4 / 51 ـ 52 و ج 5 / 333 و 353، فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ 2 / 721 ـ 722 ح 987 ـ 988 و ص 734 ـ 735 ح 1009 و ص 746 ح 1030 و ص 750 ذ ح 1036 و ص 752 ح 1037 و ص 764 ح 1054 و ص 818 ح 1122 و ص 849 ـ 850 ضمن ح 1168، مسند أبي داود الطيالسي: 320 ح 2441، مصنّف عبـد الرزّاق 5 / 287 ـ 288 ح 9637 و ج 11 / 228 ح 20395، سنن سعيد بن منصور 2 / 178 ـ 179 ح 2472 ـ 1474، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 496 ح 15 و ص 500 ح 37، أنساب الأشراف 2 / 355، السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ: 594 ح 1377 ـ 1380، مسند البزّار 3 / 281 ح 1072 و ص 324 ضمن ح 1120، مسند أبي يعلى 1 / 291 ح 354 و ج 13 / 522 ح 7527، تاريخ الطبري 2 / 136 ـ 137، مسند الشاشي 1 / 145 ـ 146 ضمن ح 82، السيرة النبويّة ـ لابن حبّان ـ: 522، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 9 / 43 ـ 45 ح 6894 ـ 6896، المعجم الكبير 6 / 152 ح 5818 و ص 167 ح 5877 و ص 198 ح 5991 و ج 7 / 13 ح 6233 و ص 16 ـ 17 ح 6243 و ص 31 ح 6287 و ص 77 ح 6421 و ج 18 / 237 ح 594 و 595 و ص 238 ح 596 ـ 598، المعجم الأوسط 6 / 116 ح 5789، المعجم الصغير 2 / 11، المستدرك على الصحيحين 3 / 40 ح 4342 و ص 117 ح 4575 و ص 143 ح 4652 و ص 494 ح 5844، حلية الأولياء 1 / 62 و ج 4 / 356، معرفة الصحابة 1 / 85 ح 332 و 333، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 6 / 362 و ج 9 / 131، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ 4 / 205 ـ 213، تاريخ بغداد 8 / 5 رقم 4036، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ لابن المغازلي ـ: 176 ـ 185 ح 213 ـ 224، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ للخوارزمي ـ: 167 ح 201، تاريخ دمشـق 42 / 81 ـ 123.

    وفي ذلـك يقـول حسّـان بن ثـابت:


    وكان عليٌّ أرمدَ العينِ يبتغيدواءً فلمّا لم يحسّ مُداويا
    شَفاه رسولُ اللهِ مِنـهُ بتـفلةفبُوركَ مَرقـيّـاً وبُورك راقيا
    وقال: سأُعطي رايةَ القومِ فارساًكَميناً شُجاعاً في الحروبِ مُجاريا
    يُحبّ إلهاً والإلهُ مُحبّهبهِ يفتحُ اللهُ الحصونَ الأوابيا
    فخصَّ لها دونَ البريّةِ كلِّهمعليّـاً وسمّاه الوليَّ المُواخيا


    الصفحة 91

    الصفحة 92
    فـرّ، وأنّه ليـس على هذه الأوصاف.

    وأمّا عدم انطباقها على الأنصار وأهل اليمن والفرس، فلظهور الآية في أنّ مَن يأتي به الله ; إمام شجاع، ذو حزم وتقوىً وتواضع ; لأنّ قوله تعالى: (أذلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم)(1) بمعنى أنّه متواضعٌ للمؤمنين تواضعَ وال عليهم وإمام لهم، إذ لا معنى لتعدية الأذلّة بـ " على " المفيدة للعلـوّ لولا تضمّن الأذلّـة معنى الولاية.

    وهو أيضاً عزيز على الكافرين، أيّ ظاهر العزّة عليهم والعظمة في أعينهم ; لكونه ذا سلطان.

    وهو أيضاً يجاهد في سـبيل الله ; لكونه مِقداماً شجاعاً تقـيّـاً.

    ولا يخاف لومة لائم ; لحزمه ومقدرته.

    وإذا ضممنا إلى ذلك قوله تعالى: (يحبّهم ويحبّونه)، تعيّنت إرادة أمير المؤمنين.

    ولا ينافي إرادته التعبير بالقوم وصِيَغِ الجمع ; إمّا لصحّة القصد إلى تعظيمه بذلك، كما هو في القرآن وغيره كثير، كما تشهد له آية المباهلة، أو للإشارة إلى أنّـه ذو أتباع.

    كما لا ينافيها التعبير بـ " سوف "، خلافاً للفضل ; لِما عرفت من دلالة الآية على أنّه سبحانه يأتي بذي ولاية وسلطان، وعليٌّ (عليه السلام) إنّما صار كذلك في المسـتقبل، فجاهدَ حينـئـذ.

    وبنحوه أجاب الرازي عن إشكال إرادة أبي بكر من الآية ; لأنّ جهاده

    ____________

    (1) سورة المائدة 5: 54.


    الصفحة 93
    متأخّـر(1).

    الثالث: إنّ الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى: (إنّما وليّـكم الله ورسوله)(2) الآية، نازلة بأمير المؤمنين (عليه السلام)(3)، فينبغي أن تكون هذه الآية كذلك لترتبط الآيتان، ولدخولهما في خطاب واحد منفرد عمّا قبله وبعده، وهو: (يا أيّها الّذين آمنوا من يرتـدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبّونه...)(4) الآيتـان.

    الرابع: الأخبار المقتضية لنزولها بعليّ (عليه السلام)..

    فمنها: المصرّحة بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ".

    قال أبو بكر وعمر: أنا هو؟

    قال: " لا، ولكنّه خاصف النعل " ; يعني عليّـاً.

    أخرجه أحمد في " مسنده "، عن أبي سعيد من طريقين(5).

    وأخرجه الحاكم عنه أيضاً من طريقين في " المستدرك "(6)، وصحّحه على شرط الشيخين.

    ____________

    (1) انظر: تفسر الفخر الرازي 12 / 23.

    (2) سورة المائدة 5: 55.

    (3) انظر: تفسير الفخر الرازي 12 / 28، الكشّاف 1 / 624، وراجع ج 4 / 297 وما بعدها من هذا الكتاب.

    (4) سورة المائدة 5: 54.

    (5) ص 33 من الجزء الثالث من طريق، و ص 82 منه من طريق آخر. منـه (قدس سره).

    وانظر: فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ 2 / 790 ح 1083.

    (6) ص 123 من الجزء الثالث [ 3 / 132 ح 4621 ]. منـه (قدس سره).


    الصفحة 94
    ونقله في " كنز العمّال "(1)، عن أبي يعلى في " مسنده "، وابن أبي شيبة، وأبي نعيم في " الحلية "، وابن حبّان في " صحيحه "، والضياء في " المختارة "، كلّهم عن أبي سعيد(2).

    ورواه النسائي في خصائصـه(3).

    وهو يسـتلزم أن يكـون مَن يـأتي به الله لحـرب المرتـدّين هو عليٌّ لا أبو بكر ; لأنّ حرب أمير المؤمنين على التأويل دون أبي بكر، فلا بُـدّ أن يكون المنذر في الكتاب العزيز بحربه هو عليٌّ (عليه السلام).

    ومنها: الأخبار الكثيرة التي أنذر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها الناس بعليّ خاصّة، وقال: " لتنتهنّ أو ليبعثنّ الله رجلا... "، يعني به عليّـاً، فالأنسـب أن يكون هو المنذَر به في الآية.

    نقل في " كنز العمّال "(4)، عن أحمد وابن جرير، قال: وصحّحه، وعن سعيد بن منصور في " سننه "، عن عليّ (عليه السلام)، قال: " جاء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)أُناس من قريش، فقالوا: يا محمّـد! إنّا جيرانُك وحلفاؤك، وإنّ ناساً من عبيـدنا قد أتوك، ليس بهم رغبة في الدين، ولا رغبة في الفقه، إنّما فرّوا من ضياعنا، وأموالنا، فارددهم إلينا.

    فقال لأبي بكر: ما تقول؟

    ____________

    (1) ص 391 من الجزء السادس [ 11 / 613 ح 32967 و ج 13 / 107 ح 36351 ]. منـه (قدس سره).

    (2) انظر: مسند أبي يعلى 2 / 341 ح 1086، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 497 ح 19، حلية الأولياء 1 / 67، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 9 / 46 ح 6898.

    (3) خصائص الإمام عليّ (عليه السلام): 112 ح 150.

    (4) ص 396 من الجزء السادس [ 13 / 127 ح 36402 ]. منـه (قدس سره).


    الصفحة 95
    قال: صدقوا، إنّهم لَجيرانُك وحلفاؤك.

    فـتغـيّـر وجه رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

    ثمّ قال لعمر: ما تقول؟

    قال: صدقوا، إنّهم لَجيرانُك وحلفاؤك.

    فـتغـيّـر وجه رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

    فقال: يا معشر قريش! والله ليبعثنّ الله عليكم رجلا قد امتحن الله قلبَهُ بالإيمان فيضربكم على الدين، أو يَضرب بعضكم.

    فقال أبو بكر: أنا يا رسول الله؟

    قال: لا.

    قال عمر: أنا يا رسول الله؟

    قال: لا، ولكـنّه الذي يخصفُ النـعْل ; وكان أعطى عليّـاً نعلا يخصـفُـها(1).

    ومثله في خصائص النسائي(2).

    ونقل في " الكنز " نحوه، عن الخطيب(3)..

    وعن الترمذي، قال: وقال: حسن صحيح(4)..

    ____________

    (1) انظر: فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ 2 / 806 ح 1105، ولم نجده في سنن سعيد ابن منصور.

    (2) خصائص الإمام عليّ (عليه السلام): 39 ح 30.

    (3) ص 393 من الجزء المذكور [ 13 / 115 ح 36373 ]. منـه (قدس سره).

    وانظر: تاريخ بغـداد 8 / 433 رقم 4540.

    (4) كنز العمّال 13 / 173 ح 36518، وانظر: سنن الترمذي 5 / 592 ح 3715.


    الصفحة 96
    وعن ابن جرير، قال: وصحّـحه(1)..

    وعن الضيـاء في " المختـارة "(2)..

    وعن ابن أبي شـيبة، وابن جرير، والحاكم في " المسـتدرك "، ويحيى(3) بن سـعيد(4).

    وقد قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعضها: " يا معشر قريش! لـتـنـتـهُنّ أو ليبعثنّ الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين، قـد امتحن الله قلبه على الإيمان "..

    وفي بعضها: " لن تـنـتهوا يا معشر قريش حتّى يبعث الله عليكم رجلا امتحن الله قلبه بالإيمان، يضرب أعناقكم وأنتم مُجفلون عنه إجفال النعم "(5).

    وروي في " الاستيعاب "، بترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن المطّلب بن عبـد الله بن حنطب، قال:

    ____________

    (1) كنز العمّال 13 / 173 ح 36518.

    (2) ص 407 منه أيضاً [ 13 / 173 ح 36518 ]. منـه (قدس سره).

    (3) كذا ورد في " كنز العمّال "، وهو تصحيف، والصواب هو: عبـد الغني بن سعيد المصري الأزدي، الحافظ النسّابة، المولود سنة 332، والمتوفّى سنة 409 هـ، صاحب كتابَي " المؤتلف والمخـتلف " و " إيضاح الإشكال " الذي نقل عنه المتّقي الهندي هذا الحديث في " كنز العمّال " ; فلاحـظ!

    انظر: سـير أعلام النبلاء 17 / 268 رقم 164.

    (4) ص 408 منه أيضاً [ 13 / 173 ح 36518 و 36519 ]. منـه (قدس سره).

    وانظر: مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 597 ح 18، المستدرك على الصحيحين 2 / 149 ح 2614.

    (5) كـنز العمّال 13 / 115 ح 36373، وانظر: تاريخ بغـداد 1 / 134 رقم 1 و ج 8 / 433 رقم 4540.


    الصفحة 97
    قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لوفد ثقيف حين جاءه: " لتسلمنّ أو لأبعثنّ رجلا منّي ـ أو قال: مثل نفسي ـ فليضربنّ أعناقكم، وليسـبينّ ذراريكم، وليأخذنّ أموالكم ".

    قال عمر: فوالله ما تمنّيتُ الإمارة إلاّ يومئذ، وجعلت أُنصب صدري له رجاء أن يقول: هو هذا.

    [ قال: ] فالتفت إلى عليّ، فأخذ بيده، ثمّ قال: " هو هذا، [ هو هـذا ] "(1).

    وفي " الصواعق "، بعد الحديث الأربعين من أحاديث فضل عليّ، عن ابن أبي شيبة، عن عبـد الرحمن بن عوف، قال: لمّا فتح رسول الله مكّة انصرف إلى الطائف... ـ إلى أن قال: ـ ثمّ قام خطيباً وقال: " والذي نفسي بيده لتقيمُـنّ الصلاة ولتـؤتُـنّ الزكاة أو لأبعثـنّ إليكم رجلا منّي ـ أو: كنفسي ـ يضرب أعناقكم ".

    ثمّ أخذ بيد عليّ (عليه السلام)، ثمّ قال: " هـو هـذا "(2).

    وعن " مسـند أحمد " وغيره، أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: " لتـنـتهُنَّ يا بني وَلِيعَة(3) أو لأبعثن إليكم رجلا كنفسي، يقتل المقاتلة، ويسبي

    ____________

    (1) الاستيعاب 3 / 1109 ـ 1110، وانظر: فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ 2 / 733 ـ 734 ح 1008، أنساب الأشراف 2 / 364، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ للخوارزمي ـ: 136 ح 153، الرياض النضرة 3 / 119.

    (2) الصواعق المحـرقة: 194، وانظر: مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 498 ب 18 ح 23.

    (3) وليعة: بطن من كندة، من القحطانية.

    انظر مادّة " ولع " في: القاموس المحيط 3 / 101، لسان العرب 15 / 396، معجم قبائل العرب 3 / 1253.

    وقال ابن سعد في الطبقات الكبرى 1 / 262: " قدم وفد حضرموت مع وفد كندة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم بنو وليعة ملوك حضرموت: حَمْدة ومِخْوس ومِشْرَح وأبضعة، فأسلموا... ".


    الصفحة 98

    الصفحة 99
    الذُّرِّيّـة ".

    فالتفت إلى عليّ فأخذ بيده، وقال: " هـو هـذا "(1).

    .. إلى غير ذلك من الأخبار التي تفيد أنّ عادة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الإنذار بعليّ(2)، فتُحمل عليه الآية ; لأنّ إنذاره من إنذار الله تعالى، وما كان ينطق عن الهوى، إنْ هو إلاّ وحيٌ يوحى(3)..

    ولو كان أبو بكر صالحاً لذلك لَما ردّه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، مع أنّه يعلم من قول أبي بكر: " صدقوا... إنّهم جيرانك وحلفاؤك " أنّه ليس ممّن لا يخاف لومة لائم ; فلا يكون مراداً بالآية هو وأشـباهه.

    كما إنّه يُعلم من ردّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) له، بعد وصفه لمن يبعثـه بأنّه امتحـن الله قلبـه بالإيمـان، أنّـه ليـس على هذا الوصـف، وإلاّ لَما ردّه، فـلا يكون ممّن يحبّ اللهَ ويحبّه اللهُ ; إذ لا يكون كذلك إلاّ صاحب الإيمان الكامل الممتحَن قلبه به ; وحينئذ فلا يكون مراداً بالآيـة.

    وأيضاً: فقد جعل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض هذه الأحاديث وغيرها عليّـاً منه أو كنفسه، فيكون هو الأحقّ بالأوصاف المذكورة في الآية

    ____________

    (1) رواه أحمد في مسنده كما في ينابيع المودّة 1 / 42 ح 21 و ص 166 ح 3 و 4، ورواه كذلك في فضائل الصحابة 2 / 706 ح 966، وانظر: مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 499 ب 18 ح 30.

    (2) انظر: سنن الترمذي 5 / 592 ح 3715، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5 / 127 ح 8457، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 497 ح 18 و ص 498 ح 23 و ص 506 ح 74، مجمع الزوائد 7 / 110، كنز العمّال 4 / 441 ح 11311.

    (3) إشارة إلى سورة النجم 53: 3 و 4.


    الصفحة 100
    وبإرادته منها.

    هـذا، وممّا يستوقف الفكر ويسـتثير العجب قول عمر: " صدقوا " بعدما تغيّر وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قول أبي بكر!!

    ولكـنّه ليس بأعجب من قوله: " إنّ الرجل ليهجر "(1)! إلى كثير من أقواله وأفعاله معه.

    وما أدري كيف استباح هو وصاحبه أن يجعلا للكافرين على المؤمنين سـبيلا، ويردّا من آمنوا بالله ورسوله، ملكاً وخدماً لمن كفر بهمـا؟!

    وكيف مع هذا يكونان إمامَين للناس، ويُـؤْمَنانِ على الأُمّة ونفوسها وأموالهـا؟!!

    ثمّ إنّ حجّتهم على إرادة أبي بكر من الآية بحربه للمرتدّين ممنوعة ; لأنّ من حاربهم إمّا كافرٌ بالأصل، كأصحاب مسيلمة وسجاحِ، أو مؤمنٌ حقّـاً، كبني حنيفة، فإنّه حاربهم لامتناعهم من أداء الزكاة إليه إنكاراً لخلافته، وتمسّكاً ببيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الغدير، كما ستعرف إن شـاء الله تعالى.

    هـذا، وقد ناقش الرازي بإرادة أمير المؤمنين (عليه السلام) من الآية، بل زعم دلالتها على فساد مذهب الشـيعة!!..

    قال ما حاصله: إنّه لو كان المقصود بالآية عليّـاً ـ وكان هو الإمام ـ، ومن لم يقل بإمامته ليس بمؤمن ـ كما يزعم الشـيعة ـ، لحارب أبا بكر ; لقوله تعـالى: (مَن يرتـدّ منـكم عن دينه فسوف يأتي الله...)(2)

    ____________

    (1) تقـدّم تخريجه مفصّـلا في ج 4 / 93 هـ 2 من هذا الكتاب ; فراجـع!

    (2) سورة المائدة 5: 54.


    الصفحة 101
    الآيـة.

    فإنّ كلمة (مَن) في معرض الشرط، فتفيد العموم، فيقتضي أنّ كلّ من ارتدّ يأتي الله بقوم يردّونهم عن كفرهم ويبطلون شوكتهم، ولم نجد الأمر كذلك، فإنّ أبا بكر وأصحابه على شوكتهم، بل وجدنا الأمر على الضـدّ، فإنّ الشـيعة هم المقهورون(1).

    وفـيـه: إنّ الإنـذار إنّما هو بـذي الولاية والسلطان ـ كما عرفت ـ، فـلا تلزم محاربة أمير المؤمنين (عليه السلام) لأبي بكر، وأجاب به الرازي بنفسه عن إشكال إرادة أبي بكر من الآية، حيث إنّه لم يحارب المرتدّين حين نزول الآية إلى أنْ تولّى الخلافة(2).

    فالمـراد: إتيان ذي سلطان لحربِ كلّ من ارتدّ عن دينه في وقت سلطانه ; ولذا صحّ عندهم إرادة أبي بكر مع أنّه لم يحارب كلّ مرتدّ، كالأسود العنسي(3) ; لأنّه قتل زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكغسّان(4)، فإنّ عمر حاربهم في وقته كما قيل..

    ____________

    (1) انظر: تفسير الفخر الرازي 12 / 22.

    (2) انظر: تفسير الفخر الرازي 12 / 23.

    (3) هو: عبهلة بن كعب بن غوث، ذو الخمار، مشعوذ من أهل اليمن، ادّعى النبوّة، قُـتل سنة 11 هـ.

    انظر: البداية والنهاية 6 / 230، تاريخ الطبري 2 / 247.

    (4) غسّان: هم أولاد عمّ الأنصار ـ الأوس والخزرج ـ، وهم نصارى العرب أيّام هِرَقْل، وكان جبلة بن الأيهم ـ وكنيته: أبو المنذر الغسّاني الجفني ـ ملك غسّان، وهو آخر ملوكهم، فكتب إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتاباً مع شجاع بن وهب يدعوه إلى الإسلام، فأسلم، وقيل: لم يسلم قطّ، وقيل: أسلم بعدما شهد اليرموك مع الروم أيّام عمر بن الخطّاب، ثمّ ارتدّ نصرانيّاً وترحّل بأهله حتّى دخل الروم، توفّي سنة 53 هـ، وقيل: توفّي في زمن معاوية.

    انظر: البداية والنهاية 8 / 51 حوادث سنة 53 هـ.


    الصفحة 102
    مضافاً إلى إمكان أن يكون معنى الآية مجرّد تحذير من يرتـدّ، وإنـذارُه بالحرب أعمّ من أن يقع أو لا يقع.

    والله العـالم.


    *    *    *


    الصفحة 103

    23 ـ آيـة: (أُولئـك هُـمُ الصِّـدّيقون)

    قال المصنّـف ـ قـدّس سـرّه ـ(1):

    الثالثة والعشرون: قوله تعالى: (والّذين آمنوا باللهِ ورُسُلِهِ أُولئكَ هُمُ الصدّيقون)(2).

    روى أحمد بن حنبل، أنّها نزلت في عليّ (عليه السلام)(3).


    *    *    *

    ____________

    (1) نهج الحقّ: 186.

    (2) سورة الحديد 57: 19.

    (3) انظر: فضائل الصحابة 2 / 777 ـ 778 ح 1072 و ص 814 ـ 815 ح 1117.


    الصفحة 104

    وقال الفضـل(1):

    لا شكّ أنّ عليّـاً من الصـدّيقين والشهداء، والظـاهر أنّ الآية نزلت في جماعة من الصدّيقين والشهداء، ويمكن أن تكون نازلةً في الخلفاء ; وإنْ صحّ نزولها في عليّ، فهي من فضائله، وليس دليلا على مدّعى النصّ.


    *    *    *

    ____________

    (1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 245.