الصفحة 225

44 ـ آيـة: (أنا ومَن اتّبعني)

قال المصنّـف ـ أعلى الله درجته ـ(1):

الرابعة والأربعون: قوله تعالى: (أنا ومَن اتّبعني)(2).

هو: عليٌّ (عليه السلام)(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 196.

(2) سورة يوسف 12: 108.

(3) انظر: شواهد التنزيل 1 / 286 ح 391 و 392، كشف الغمّة 1 / 316.


الصفحة 226

وقال الفضـل(1):

إنْ أراد أنّه ما اتّبع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) غير عليّ، فهو باطل كما لا يخفى.

وإنْ أراد أنّـه من جملـة التابعيـن، فهو ظاهر لا يحتـاج إلى دليـل، ولا نسـبة له بالمدّعى.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 368.


الصفحة 227

وأقـول:

أراد الأوّل ; على معنى أنّه لم يتّبع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الاتّباع الصحيح، الكامل تسليماً وعملا، إلاّ عليّ (عليه السلام).

ولذا كان خلفاؤهم يخالفون النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في الرأي والعمل، كما في التخلّف عن جيش أُسامة(1)، والفرار في مقام الخوف عليه وعلى الدين(2).

وفي منع كتابه الهادي، الذي سبّب منعه ضلال الأُمّة إلى يوم الدين، وقول عمر: " حسـبنا كتاب الله "(3)، مُـفَـيِّـلا(4) لرأي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

.. إلى غير ذلك ممّا لا يُحصى، وسيرد عليك بعضه(5) إن شاء الله

____________

(1) مـرّ تخريج ذلك في ج 4 / 319 هـ 6 ; فراجـع!

وانظر علاوة على ذلـك: البدايـة والنهايـة 6 / 227 و 228، الطبقـات الكبـرى ـ لابن سعد ـ 2 / 191 ـ 192، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 1 / 159 ـ 160 و ج 17 / 175، السـيرة الحلبية 3 / 227 ـ 231.

(2) انظر الصفحة 56 هـ 1 من هذا الجزء.

(3) انظر مثلا: البداية والنهاية 5 / 173 أحداث سنة 11 هـ، ومـرّ تخريجه بتفصيل أكثر في ج 4 / 93 هـ 2 من هذا الكتاب ; فراجـع!

(4) فَـيَّـلَ رأيَـه: قـبَّحه وخطّـأه ; انظر: لسان العرب 10 / 370 مادّة " فيل ".

(5) يضاف إلى ما ذُكر من مخالفات خلفائهم للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرأي وبالعمل، على سـبيل المثال ما يلي:

1 ـ جذب عمر بن الخطّاب ثوب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما قام ليصلّي على عبـد الله بن أُبيّ بن سلول، وقال له: أتُصلّي عليه وقد نهاك الله أن تصلّي عليه؟!

انظر: صحيح البخاري 6 / 129 ـ 131 ح 190 ـ 192، صحيح مسلم 7 / 116 كتاب الفضائل و ج 8 / 120 كتاب صفات المنافقين، سنن ابن ماجة 1 / 487 ـ 488 ح 1523، تفسير الطبري 6 / 439 ـ 440 ح 17065 و 17066 و 17070، تفسير الفخر الرازي 16 / 155، الكامل في التاريخ 2 / 161 حوادث سنة 9 هـ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 12 / 55، الدرّ المنثور 4 / 258 ـ 259.

2 ـ حادثة عذق البسر، وتجرّؤ عمر على ضرب العذق بالأرض وتناثر البسر نحـو وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

انظر: حلية الأولياء 2 / 27 ـ 28 رقم 126.

3 ـ عدم تنفيذ أبي بكر وعمر لِما أمرهم به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن قتل الرجل الذي كان يصلّي في المسجد، فقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): " لو قتل ما اختلف في أُمّتي رجـلان... ".

انظر: مسند أبي يعلى 1 / 90 ـ 91 ح 90، حلية الأولياء 3 / 227.

4 ـ شكّ عمر بصحّة قسمة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: يا رسول الله! لغير هؤلاء أحـقّ منهم أهل الصفّـة.

انظر: مسـند أحمد 1 / 20.

5 ـ شكّ عمر يوم الحديبيـة.

انظر: صحيح البخاري 4 / 40 ـ 41 ضمن ح 18، صحيح مسلم 5 / 175 ـ 176 كتاب الجهاد ـ باب صلح الحديبية، مسند أحمد 4 / 330، تاريخ الطبري 2 / 122 حوادث سنة 6 هـ، السيرة النبويّة ـ لابن هشام ـ 4 / 284، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ 2 / 78، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 12 / 59، البداية والنهاية 4 / 136 حوادث سنة 6 هـ، السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 3 / 320، السيرة الحلبية 2 / 706.


الصفحة 228

الصفحة 229
تعالى.

وكيف يكون هؤلاء وأشباههم أهل بصيرة حتّى يرادوا بقوله تعالى: (أَدعو إلى الله على بصيرة أنا ومَن اتّبعني)(1)، وهم لم يزالوا مخالفين له في آرائهم وأعمالهم؟!

ويدلّ على اختصاص أمير المؤمنين بهذه الآية، ما سـبق من نزول الآية الحادية والعشرين فيه(2)، وهي قوله تعالى: (يا أيّها النبيُّ حسبُك

____________

(1) سورة يوسف 12: 108.

(2) راجع الصفحة 75 وما بعدها من هذا الجزء.


الصفحة 230
الله ومَن اتّبعك من المؤمنين)(1).

وأنت تعلم أنّ الدعوة على بصيرة، وكمال الاتّباع للنبيّ في أقواله وأفعاله، موجبان لانتـشار الدعوة إلى الدين كما يريده الله تعالى، فيكون كاملُ الاتّباع، الداعي على بصيرة، أحقّ بمنصب النبيّ، وأَوْلى بخلافتـه.

ولا سـيّما أنّ الاتّباع المطلق يقتضي ثبوت العصمة والاتّصاف بالأوصاف الحميدة ; كالعلم، والحلم، ونحوهما ممّا يُراد في الإمام.

فيكون أمير المؤمنين هو الإمام.


*    *    *

____________

(1) سورة الأنفال 8: 64.


الصفحة 231

45 ـ آيـة: (أفمن يعلم أنّ ما أُنزل إليك...)

قال المصنّـف ـ طاب مرقـده ـ(1):

الخامسة والأربعون: قوله تعالى: (أفمن يعلم أنّ ما أُنزل إليك من ربّك الحقّ)(2).

هو عليٌّ (عليه السلام)(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 197.

(2) سورة الرعد 13: 19.

(3) انظر: كشف الغمّة 1 / 316 نقلا عن كتاب " المناقب " لابن مردويه.


الصفحة 232

وقال الفضـل(1):

هذا من تفاسير الشـيعة، لا من تفاسير أهل السُـنّة، وإنْ صحّ يدلّ على علمه بحقيقة الكتاب، لا على التنصيص بإمامته، وهو المدّعى.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 369.


الصفحة 233

وأقـول:

لم يحضرني من كتب القوم إلاّ اليسـير، ولا ريب أنّ ما ذكـره المصنّف (رحمه الله) موجود في بعضها، ولا قيمة لإنكار الفضل ; لِما عرّفناك من وجود ما أنكره سابقاً(1)، على قلّـة اطّـلاعي على كتبهم.

ويؤيّد إرادة أمير المؤمنين (عليه السلام) في الآية نزولُ أشباهها، أو لازم معناها فيه، كالآيات السابقة الدالّة على أنّه المصدّق بالصدق(2)، ومَن عنده علم الكتاب(3)، ووارث الكتاب(4)، ومن اصطفاه الله(5).. إلى نحوها من الآيـات.

فإذا كان هو المراد بالآية، فلا بُـدّ أن يُراد بعلمـه ـ بأنّ ما أُنزل إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حقٌّ ـ هو العلم الذي لا تختلجه الشكوك ولا تخالطه الأوهام ; لأنّه هو الذي يصحّ أن يمتاز به، ويصلح أن يُمدح عليـه.

ولا شكّ أنّ أشدّ الناس يقيناً بحقّية شريعة النبيّ، أَوْلاهم بإمرتها وحفظها، كما أنّ مَن ليس بمنزلته في اليقين أدنى منه عقلا وفضلا ; ولذا عدّه تعالى أعمى، فقال سبحانه في هذه الآية: (أفمن يعلم أنّ ما أُنزلَ

____________

(1) راجع مثلا الصفحات 113 و 117 و 131 و 150 و 181 و 190 من هذا الجزء، وغيرها.

(2) انظر مبحث الآية 19، في الصفحات 61 ـ 67 من هذا الجزء.

(3) انظر مبحث الآية 27، في الصفحات 115 ـ 119 من هذا الجزء.

(4) انظر مبحث الآية 43، في الصفحات 206 ـ 210 من هذا الجزء.

(5) انظر مبحث الآية 8، في ج 4 / 417 ـ 422 من هذا الكتاب.


الصفحة 234
إليك من ربّك الحقّ كمن هو أعمى إنّما يتذكّر أُولو الألباب)(1).

وقـد سـبق أنّ الإمامـة لا تصلح للمفـضول مع وجود الفاضـل، بـل لا يصحّ أن يكون الأعمى إماماً بوجـه(2).

والمراد بالأعمى: الأعمُّ من عديم اليقين وناقصه ; فإنّ الناقص أعمى في الجملة.


*    *    *

____________

(1) سورة الرعد 13: 19.

(2) راجع المبحث الثاني من مباحث الإمامة، في ج 4 / 233 وما بعدها من هذا الكتاب.


الصفحة 235

46 ـ آيـة: (أحسـب الناسُ أن يُتركوا)

قال المصنّـف ـ أعلى الله درجتـه ـ(1):

السادسة والأربعون: قوله تعالى: (ألم * أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنّـا وهم لا يُفـتنون)(2).

قال عليٌّ: يا رسول الله! ما هذه الفتنة؟

قال: يا عليُّ بك، وأنت مخاصِم، فاعْـتِـدْ(3) للخصومة(4).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 197.

(2) سورة العنكبوت 29: 1 و 2.

(3) أي: اسـتعِدَّ وأَعِـدَّ للخصومة عُـدَّتها ; انظر: لسان العرب 9 / 79 مادّة " عدد ".

(4) انظر: كشف الغمّة 1 / 316 ـ 317 عن ابن مردويه في " المناقب "، شواهد التنزيل 1 / 438 ـ 439 ح 602 و 603.


الصفحة 236

وقال الفضـل(1):

أجمع المفسّرون على أنّ الآية نزلت في رجل وامرأة أسلما، وكان لهما ولد يُحبّانه حبّاً شديداً، فمات فافتتنا، وكادا يرجعان عن الإسلام، فأنزل الله هذه الآيـة.

وأمّا ما ذكره من الخبر، فالظاهر أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يجعل عليّـاً فتنةً للمسلمين.

وهذه من القوادح لا من الفضائل على ما ذكره.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 370.


الصفحة 237

وأقـول:

نقل الزمخشري والرازي في نزول الآية أقوالا، ولم يذكرا ما ذكره الفضل، فضلا عن أن يكون مجمَعاً عليه(1).

وأمّا " الفتنة " في الآية، فالمراد بها: الامتحان، كما في " الكشّاف "(2)، أو الابتلاء، كما في " تفسير الرازي "(3)، والمقصود بهما واحـد.

لكن ادّعى الزمخشري أنّ الممتحَنَ به هو شدائدُ التكليف، والفقرُ والقحطُ، وأنواعُ المصائب بالنفس والأموال، ومصابرةُ الكفّار على أذاهم وكيـدهم(4).

وخصّ الرازي الابتلاء بالفرائض البدنيّـة والماليّـة(5).

وكيف كان! فلم يدّع أحد قدحاً في ما به الفتنة، كما زعم الفضل.

وبالجملة: الرواية دالّة على أنّ المقصود بالآية أنّ عليّـاً (عليه السلام) محنةٌ للمؤمنين، يُميّز به ثابت الإيمان من غيره، وصادقه من كاذبه.

فمن ثبت على الإيمان بإمامته كان مؤمناً حقّاً، ومن زال عنه كان

____________

(1) تفسير الفخر الرازي 25 / 28 ـ 29، الكشّاف 3 / 196 ; وانظر: تفسير البغوي 3 / 395، تفسـير القرطبي 13 / 215، زاد المسـير 6 / 126، روح المعـاني 20 / 200.

(2) الكشّاف 3 / 195.

(3) تفسير الفخر الرازي 25 / 29.

(4) الكشّاف 3 / 195.

(5) تفسير الفخر الرازي 25 / 29.


الصفحة 238
مسـتعار الإيمان كاذبه.

ويشهد لذلك قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الرواية: " أنت مخاصم فاعتد للخصومة ".. فإنّ الخصومة الواقعة بينه وبين قومه إنّما هي في إمامته.

ويؤيّد هذا الحديث، ويرشد إلى إرادة الامتحان في إمامته، ما نقله السيوطي في " اللآلئ المصنوعة "، عن عمر، قال:

" كُـفّوا عن عليّ! فلقد سمعت من رسول الله فيه خصالا لأنْ تكون واحدة منهنّ في آل الخطّاب أحبُّ إليَّ ممّا طلعت عليه الشمس ; كنت أنا [ وأبو بكر ] وأبو عبيـدة في نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فانتهينا إلى باب أُمّ سلمة، وعليٌّ قائم على الباب، فقلنا:

أردنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ; فقال: يخرج إليكم ; فخرج، فثُرنا(1) إليه، فاتّـكأ على عليّ بن أبي طالب، ثمّ ضرب بيده على منكبه، ثمّ قال:

" أنت مخاصم تخصم، أنت أوّل المؤمنين إيماناً، وأعلمهم بأيّام الله، وأوفاهم بعهده، وأقسمهم بالسويّة، وأرفقهم بالرعيّة، وأعظمهم مزيّةً، وأنت عاضدي، وغاسلي، ودافِني، والمتقدّم إلى كلّ كريهة وشديدة، ولن ترجع بعدي كافراً، وأنت تتقدّمني بلواء الحمد تذود عن حوضي "(2).

فإنّ هذه الصفات إنّما تكون بأفضل الأُمّة وإمامها، ولكن قال ابن الجوزي: " باطل، عمله الأبزاري "(3)، ويعني به الحسن بن عبيـد الله

____________

(1) ثارَ إليه ثَـوْراً وثُـؤوراً وثَـوَراناً: وَثَـبَ ; انظر: لسان العرب 2 / 148 مادّة " ثور ".

(2) اللآلئ المصنوعة 1 / 296 ـ 297، وانظر: كنز العمّال 13 / 116 ـ 117 ح 36378.

(3) اللآلئ المصنوعة 1 / 297، الموضوعات 1 / 344.


الصفحة 239
الأبزاري، المذكور في سـند هذا الحديث.

وسمّاه في " ميزان الاعتدال ": الحسين أيضاً، وقال: " قال أحمد بن كامل: كان كذّابـاً "(1).

والظـاهـر: إنّ سـبب تكذيبـه له أنّ لـه روايـات في فضـل آل محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ذكر في " الميزان " بعضها.

والحقّ أنّ هذا الحديث من أصدق الحديث ; لأنّ مضامينه بين ضروريّ ومسـتفيض الرواية به، مع أنّه روي بطريق آخر.. قال في " اللآلئ المصنوعة " نقلا عن ابن الجوزي: " وقد رواه أبو بكر ابن مردويه، عن أبي بكر بن كامل، عن عليّ بن المبارك الربيعي، عن إبراهيم بن سعيد "(2)، ثمّ قال: " ولعلّ ابن المبارك أخذه من الأبزاري "(3).

فيا عجباً! أيجوز تكذيب الحديث الضروري بالاحتمالات والخيالات، مع أنّ ابن المبارك لم ينقل في " الميزان " عن أحد فيه قدحاً.

نعم، له عذر ظاهر في إبطال الحديث، وهو أنّ راويه عمر!

ولكن، ألم يعلم أنّ هذا من إلزام الله لهم بالحجّـة؟!


*    *    *

____________

(1) ميزان الاعتدال 2 / 296 رقم 2025.

(2 و3) اللآلئ المصنوعة 1 / 297، وراجع الموضوعات 1 / 344.


الصفحة 240

47 ـ آيـة: (وشـاقّـوا الرسـول...)

قال المصنّـف ـ رفع الله درجته ـ(1):

السابعة والأربعون: قوله تعالى: (وشاقّوا الرسول من بعدما تبيّن لهمُ الـهُدى)(2).

قال: في أمر عليّ (عليه السلام)(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 197.

(2) سورة محمّـد 47: 32.

(3) أرجح المطالب: 58 من طريق ابن مردويه، وانظر: كشف الغمّة 1 / 317 عن ابن مردويه كذلك.


الصفحة 241

وقال الفضـل(1):

هذا من رواياته، وأثر النُـكر عليه ظاهر، ولا دلالة له أصلا على ثبوت النصّ المدّعى.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 371.


الصفحة 242

وأقـول:

رواه ابن مردويه على ما في " كشف الغمّة "(1).

ودعوى الفضل ظهور أثر النكر عليه لا منشأَ لها إلاّ صراحة الرواية ببطلان مذهبه ; إذ لا يُفهم من أمر عليّ (عليه السلام) إلاّ خلافته، فإنّها أظهر أمر يعود إليه وقعت به المشاقّـة في حياة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعـده..

فمـرّة نسـبوا إليه فيه: الغـوايـة(2)..

وأُخرى: الهجـر(3)..

وثالثة: قول الحارث بن النعمان الفهري: اللّهمّ إن كان ما يقول محمّـد حقّـاً فأمطِـر علينا حجارة من السماء(4)..

ورابعة: بيعة السـقيفة(5)..

____________

(1) كشف الغمّة 1 / 317.

(2) راجع ما مرّ في سورة النجم في الصفحة 171 من هذا الجزء.

(3) انظر: البداية والنهاية 5 / 173 أحداث سنة 11 هـ، ومرّ تخريج ذلك في ج 4 / 93 هـ 2 من هذا الكتاب ; فراجـع!

(4) قالها عندما تمّ تنصيب الإمام عليّ (عليه السلام) أميراً للمؤمنين وخليفة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في غدير خمّ، فنزل قوله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع)، فانظر:

تفسـير الثعلبي 10 / 35، شواهد التنزيل 2 / 286 ـ 289 ح 1030 ـ 1034، تفسير القرطبي 18 / 181، تذكرة الخواصّ: 37، فرائد السمطين 1 / 82 ح 63، نزهة المجالس 2 / 209، جواهر العقدين: 247، فيض القدير 6 / 282 ح 9000، السيرة الحلبية 3 / 337.

وانظر تفصيل الواقعة في ج 4 / 337 ـ 338 من هذا الكتاب.

(5) انظر مثلا: تاريخ الطبري 2 / 234 ـ 236، الكامل في التاريخ 2 / 189، البداية والنهاية 5 / 186 حوادث سنة 11 هـ، وانظر: ج 4 / 244 وما بعدها و 277 وما بعدها من هذا الكتاب.


الصفحة 243

الصفحة 244
وخامسة: قهره على البيعـة(1)..

.. إلى ما لا يُحصى من المشاقّـة في أمره للرسول في حياته وبعده.

ويؤيّـد هذا الحديث ما سـبق في الآية السابقة(2)، وما رواه الحاكم في " المستدرك "(3)، عن عليّ (عليه السلام) ـ وصحّحه ـ، قال: " إنّ ممّا عهد إليَّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ الأُمّـة سـتغدر بي بعـده ".

.. إلى نحوه من الأخبـار(4).


*    *    *

____________

(1) انظر مثلا: تاريخ الطبري 2 / 233، تاريخ اليعقوبي 2 / 11 ; وراجع ج 4 / 277 من هذا الكتاب.

(2) انظر الصفحة 221 من هذا الجزء.

(3) ص 140 من الجزء الثالث [ 3 / 150 ح 4676 ]. منـه (قدس سره).

(4) انظر مثلا: التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ 2 / 174 رقم 2103، مسند البزّار 3 / 91 ـ 92 ح 869، الكنى والأسماء ـ للدولابي ـ 1 / 104، المستدرك على الصحيحين 3 / 151 ح 4677، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ 6 / 440، تاريخ بغداد 11 / 216 رقم 5928، تاريخ دمشق 42 / 447 و 448، البداية والنهاية 6 / 164.


الصفحة 245

48 ـ آيـة: (ويؤت كلّ ذي فضل فضله)

قال المصنّـف ـ نـوّر الله ضريحـه ـ(1):

الثامنة والأربعون: قوله تعالى: (ويؤت كلّ ذي فضل فضلـه)(2).

هو: عليٌّ عليه الصلاة والسلام(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 198.

(2) سورة هود 11: 3.

(3) راجع: شواهد التنزيل 1 / 271 ح 367، وانظر: كشف الغمّـة 1 / 317 عن ابن مردويـه.


الصفحة 246

وقال الفضـل(1):

إنْ صحّ نزوله فيه فهو دالٌّ على فضله المتّفق عليه، ولا دلالة له على النصّ.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 372.


الصفحة 247

وأقـول:

رواه ابن مردويه على ما في " كشف الغمّـة "(1).

ومراد الآية الشريفة إمّا بيان أنّ الله تعالى أنعم على الناس بإيتائهم الفضل والمعرفة، وفضّل بعضهم على بعض..

وإمّا بيان أنّه يؤتي كلّ ذي فضل جزاءَ فضله ـ أي جزاءه ـ بحسب ما يترتّب عليه من العمل، كـثرةً وقلّـةً وإخلاصاً(2).

وحينئـذ: فمعنى نزولها في عليّ (عليه السلام)، هو الإعلام بأنّه الفاضل ذاتاً أو جـزاءً، والفاضل في كلّ منهما أحـقّ بالإمامـة.

أمّا على الأوّل، فظاهرٌ..

وأمّا على الثاني ; فلأنّ زيادة الجزاء فرعُ كثرة العمل وقوّة الإخلاص الناشـئَين من الفضل الذاتي، كما أشرنا إليه.


*    *    *

____________

(1) كشف الغمّة 1 / 317.

(2) قيل: إنّ الفضل بمعنى التفضيل والإفضال، أي: ويعطي كلّ ذي إفضال على غيره بمال أو كلام أو عمل بيد أو رِجل جزاء أفضاله، فيكون حرف الهاء في " فضله " عائداً إلى ذي الفضل..

وقيل: إنّ معناه يعطي كلّ ذي عمل صالح فضله، أي: ثوابه، على قدر عمله، فإنّ مَن كثرت طاعاته في الدنيا زادت درجاته في الجنّة، وعلى هذا فالأَوْلى أن يكون الهاء في " فضله " عائداً إلى اسم الله تعالى.

انظر: مجمع البـيان 5 / 219.


الصفحة 248

49 ـ آيـة: (فمنْ أظلمُ ممّن كـذَب على الله)

قال المصنّـف ـ أعلى الله مقامه ـ(1):

التاسعة والأربعون: قوله تعالى: (فمنْ أظلمُ ممّن كذَب على الله وكـذّب بالصدق)(2).

هو مَن رَدّ قولَ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عليّ (عليه السلام)(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 198.

(2) سورة الزمر 39: 32.

(3) انظر: كشف الغمّـة 1 / 317 عن ابن مردويه.


الصفحة 249

وقال الفضـل(1):

هـذا من رواياته، وإنْ صحّ لا يدلّ على ثبوت المقصود.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 373.


الصفحة 250

وأقـول:

هذا أيضاً ممّا حكاه في " كشف الغمّة " عن ابن مردويه(1).

والمراد مِن ردِّ قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عليّ (عليه السلام): ردّه في إمامته ; لأنّها هي التي ردَّها من أعظم الظلم، وفي عرض الكذب على الله عزّ وجلّ، فإنّ الردّ لسائر فضله ليس كذلك، على أنّه لو أُريد فهو دليل أفضلـيّته ; إذ ليس مثله أحد من الأُمّة يكون الردّ لفضائله كذلك.

والأفضل ـ لا سـيّما بهذا الفضل المكشوف عنه بمثل ذلك ـ أعظم الأُمّة، وأحقّـها بالإمامـة.


*    *    *

____________

(1) كشف الغمّة 1 / 317.