الصفحة 304

63 ـ آيـة: (وممّن خلقنا أُمّـةٌ يهدون بالحقّ)

قال المصنّـف ـ طاب ثراه ـ(1):

الثالثة والسـتّون: قوله تعالى: (وممّن خلقنا أُمّة يهدون بالحقّ وبـه يعدلون)(2).

قال عليّ (عليه السلام): " أنا وشـيعتي "(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 202.

(2) سورة الأعراف 7: 181.

(3) انظر: مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ للخوارزمي ـ: 331 ح 351، شواهد التنزيل 1 / 204 ح 267.


الصفحة 305

وقال الفضـل(1):

هذا من رواياته ومدّعياته، والله أعلم، وليس فيه دليل على المدّعى.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 414.


الصفحة 306

وأقـول:

لا يخفى أنّه ورد في كثير من أخبار القوم أنّ المراد بالأُمّة في الآية: أُمّـة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم)(1)، وليس المراد: هو الأُمّة بإطلاقها ; لِما في تفسير الرازي، قال: قرأ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الآية، وقال: " إنّ من أُمّـتي قوماً على الحقّ حتّى ينزل عيسى بن مريم "(2)..

ولِما استفاض في الأخبار من أنّ أُمّة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) تفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة، فرقة ناجية، وما سواها هالكة في النار(3).

فلا يمكن أن تكون كلّها هاديةً بالحقّ، بل بعضُها، وهي الفرقة الناجية، وقد فسّرتها الرواية التي أشار إليها المصنّف بعليّ وشيعته، كما يشهد لها حديث الثقلين(4)، وغيـره(5).

____________

(1) شواهد التنزيل 1 / 204 ح 266.

(2) تفسير الفخر الرازي 15 / 76.

(3) انظر: سنن الترمذي 5 / 26 ح 2641، سنن أبي داود 4 / 197 ح 4597، سنن ابن ماجة 2 / 1321 ـ 1322 ح 3991 ـ 3993، مسند أحمد 2 / 332، مسند الشاميّين 2 / 100 ـ 101 ح 988، المعجم الصغير 1 / 256، المعجم الأوسط 5 / 247 ح 4886 و ج 8 / 56 ح 7840، المعجم الكبير 8 / 273 ح 8051 و ج 18 / 70 ح 129، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 8 / 48 ح 6214، المستدرك على الصحيحين 1 / 218 ـ 219 ح 444.

(4) سـيأتي تخريجه مفصّـلا في محلّه من الجزء السادس إن شاء الله تعالى.

(5) كحديث النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في عليّ (عليه السلام): " هذا وشـيعته هم الفائزون يوم القيامة "، انظر: جزء ابن الغطريف: 82 ح 35، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ للخوارزمي ـ: 111 ضمن ح 120، تاريخ دمشق 42 / 333 و 371.


الصفحة 307
قال عليّ (عليه السلام) في هذه الرواية ـ كما في " كشف الغمّة " عن ابن مردويه ـ:

" تفترق هذه الأُمّة على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنّة، وهم الّذين قال الله تعالى: (وممّن خلقنا أُمّةٌ يهدون بالحقّ وبه يعدلون)(1)، وهم أنا وشـيعتي(2).

ومثله في الباب الخامس والثلاثين، من " ينابيع المودّة "، عن موفّق ابن أحمد، بسـنده عن عليّ (عليه السلام)، إلاّ أنّه قال: " وهم أنا ومحبّـيِّ وأتباعي "(3).

فإذا كان عليّ (عليه السلام) وشيعته هم الفرقة الناجية، الّذين يهدون بالحقّ وبه يعدلون، كان هو الإمامَ ألبتّـة ; إذ لا يمكن أن يكون مأموماً وتابعاً لبعض شـيعته ; لأنّ الشـيعة هم الأتباع لا المتبوعون..

ولذا لا يدخل في شيعته ـ على مذهب القوم ـ المشايخ الثلاثة ; لأنّهم ـ بزعم القوم ـ أئمّـةُ عليّ (عليه السلام)، ومتبوعون له لا تابعون.

كما لا يدخل في شيعته محاربوه وأعداؤه، كالزبير وطلحة وأصحابهما من الناكثين، ومعاوية وأتباعه من القاسطين.

وكذا لا يدخل فيهم جميع السُـنّة، ضرورةَ أنّهم شـيعةٌ لأعدائه لا له!


*    *    *

____________

(1) سورة الأعراف 7: 181.

(2) كشف الغمّـة 1 / 321 ـ 322.

(3) ينابيع المودّة 1 / 327 ح 1، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ للخوارزمي ـ: 331 ح 351 وفيه: " وهم أنا وشـيعتي ".


الصفحة 308

64 ـ آيـة: (تراهم ركّـعاً سُـجّداً)

قال المصنّـف ـ نـوّر الله ضريحـه ـ(1):

الرابعة والسـتّون: (تراهم ركّـعاً سُـجّداً)(2).

نزلت في عليّ (عليه السلام)(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 202.

(2) سورة الفتح 48: 29.

(3) شواهد التنزيل 2 / 183 ح 888 و 890، تفسير روح المعاني 26 / 194.


الصفحة 309

وقال الفضـل(1):

إنْ صحَّ فلا دلالة له على النصّ.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 416.


الصفحة 310

وأقـول:

هذا ممّا نقله في " كشف الغمّـة " عن ابن مردويـه(1).

والمراد في نزول الآية بعليّ: نزولها بتمامها به مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما هو الأظهر ; لأنّ الآية هكذا:

(محمّـد رسول الله والّذين معه أشداءُ على الكفّار رحماءُ بينهم تراهم ركّعاً سجّداً يبتغون فضلا من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة...)(2) الآيـة.

وظاهرها: أنّ (أشداء) وما بعده خبر لـ (محمّـد) وما عُطف عليه، لا للمعطوف فقط، أعني (الّذين معه)، فيكون الركّـعُ السجودُ محمّـداً وعليّـاً.

وحينـئـذ: فتدلّ الآية على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) ; لتعبيرها عنه بصيغة الجمع، وهي: (الّذين معه)، مشيراً بها إلى أنّه بمنزلة جميع مَن مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، من حيث إنّه قِـوامُهـم.

فيثبت فضله عليهم بالجهاد والتقوى وجميع صفات الكمال، لا سيّما بضميمـة ما أخبـر به عن محمّـد والّذين معـه من الأوصـاف الجليلة، التي لا تثبت بمجموعها لأكثر الصحابة، بل ولا لبعضهم على وجه الكمال، وإنّما تثبت كاملة للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعليّ (عليه السلام)، فهو نظيره ونفسـه.

____________

(1) كشف الغمّـة 1 / 322.

(2) سورة الفتح 48: 29.


الصفحة 311
ويؤيّـد الروايـة التي أشار إليها المصنّـف نزولُ أبعاضِ الآيةِ الأُخـرِ في عليّ (عليه السلام) أيضاً، كما عرفته في قوله تعالى: (فاسـتوى على سوقه)(1)، وما سـيأتي في قوله تعالى: (يُعجب الـزُّرّاعَ ليغيظ بهم الكـفّار)(2).


*    *    *

____________

(1) راجع ذلك في الصفحة 196 من هذا الجزء.

(2) سـيأتي ذلك في الصفحة 340 من هذا الجزء ; فراجـع!


الصفحة 312

65 ـ آيـة: (والّذين يؤذون المؤمنين)

قال المصنّـف ـ قـدّس سرّه ـ(1):

الخامسة والسـتّون: (والّذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغيـر ما اكـتـسـبوا)(2).

نزلت في عليّ ; لأنّ نفراً من المنافقين كانوا يؤذونه ويكذبون عليـه(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 203.

(2) سورة الأحزاب 33: 58.

(3) انظر: تفسير الثعلبي 8 / 63، شواهد التنزيل 2 / 93 ـ 94 ح 775، زاد المسير 6 / 224، تفسير القرطبي 14 / 154، تفسير النسفي 3 / 312 ـ 313، تفسـير الخازن 3 / 478، تفسير البيضاوي 2 / 252.


الصفحة 313

وقال الفضـل(1):

ظاهر الآية العموم، وإنْ خُصّ فلا دلالة له على النصّ المقصود.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 418.


الصفحة 314

وأقـول:

هذا أيضاً ممّا نقله في " كشف الغمّة "، عن ابن مردويه، عن مقاتل(1).

ونقله عنه الواحدي في " أسباب النزول "، إلاّ أنّه قال: " يُسمعونه " بدل " يكذبون عليه "(2).

وأشار إليه الزمخشري بقوله: " وقيل: نزلت في ناس من المنافقين يؤذون عليّـاً ويُسمعونه "(3).

ووجه الدلالة على المطلوب: إنّ قوله تعالى: (بغير ما اكتسبوا)(4)شهادة ببراءة عليّ (عليه السلام) ممّا يقولون، وإنّ قولهم بهتان، كما قال سبحانه في تمام الآية: (فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مُبيناً)(5).

ومن المعلوم أنّ اهتمام الآية ببراءة عليّ (عليه السلام)، وبيان أنّ من آذاه احتمل إثماً مُبيناً ـ مع كثرة ما يصدر من الناس من قول البهتان والإيذاء للمؤمنين ـ، دليلٌ على عظمته عند الله تعالى وفضله على غيره، ولا سيّما مع التعبير عنه بصيغة الجمع، وذِكر إيذائه مع إيذاء الله ورسوله ; والأفضل أحـقُّ بالإمامـة.

____________

(1) كشف الغمّـة 1 / 322.

(2) أسباب النزول: 202.

(3) تفسير الكشّاف 3 / 273.

(4) أي: بغير جناية واسـتحقاق للأذى، كما في الكشّاف 3 / 273.

(5) سورة الأحزاب 33: 58.


الصفحة 315
ثمّ إنّه لا منافاة بين ذِكر المؤمنات في الآية وبين نزولها في عليّ (عليه السلام)ومَن يؤذيه ; إذ لا مانع من التعرّض لهنَّ بالتّبَع، ولا سيّما أنّ المنصرف من المؤمنات عند إرادة عليّ بالمؤمنين هو فاطمةُ المظلومة، فتزيد فائدة الآية في المطلوب.


*    *    *


الصفحة 316

66 ـ آيـة: (وأُولـو الأرحام)

قال المصنّـف ـ رفع الله درجته ـ(1):

السادسة والسـتّون: (وأُولو الأرحام بعضهم أَوْلى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين)(2).

هو عليٌّ ; لأنّه كان مؤمناً مهاجراً ذا رحم(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 203.

(2) سورة الأحزاب 33: 6.

(3) ذكره ابن مردويه في " المناقب "، كما في كشف الغمّة 1 / 322.


الصفحة 317

وقال الفضـل(1):

ظاهر الآية العموم، ولم يذكر المفسّرون تخصيصاً بأحد، ولو خُصّ فلا دلالة له على النصّ، والاستدلال بأنّه مؤمن مهاجر ذو رحم لا يوجب التخصيص ; لشمول الأوصاف المذكورة لغيره.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 419.


الصفحة 318

وأقـول:

لا نُسلّم شمول الأوصاف المذكورة لغيره ; فإنّ العبّـاس ليس من المهاجرين ; إذ لا هجرة بعد الفتح، فلا يستحقّ من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ميراثاً ; لأنّه تعالى قيّد في الآية أُولي الأرحام بكونهم من المؤمنين والمهاجرين.

ولو سُلّم أنّ (مِن) في هذه الآية ليست بيانيّة، بل هي الداخلة على المفضّل عليه، كفى في الدلالة ـ على اعتبار الهجرة في الأَولوية ـ قولُه تعالى في آخر سورة الأنفال: (إنّ الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والّذين آووا ونصروا أُولئك بعضهم أولياء بعض والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتّى يُهاجروا)(1) الآيـة.

بل يظهر من هذه الآية اعتبار الجهاد حين الهجرة أيضاً في الأَولوية، ولا جهاد للعبّـاس حينئذ، كما لا هجرة له.

ولو تنازلنا عن ذلك، فعليٌّ (عليه السلام) أقرب رحماً من العبّـاس، وإن كان ابن عمّ للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ; لأنّ ابن العمّ للأبوين أقرب عندنا رحماً وأَوْلى بميراث ابن عمّه من العمّ للأب فقط(2).

ولو أعرضنا عن هذا وأخذنا بإطلاق (أُولو الأرحام) في الآية،

____________

(1) سورة الأنفال 8: 72.

(2) انظر: المقنعة: 692 باب ميراث الأعمام والعمّات والأخوال والخالات، التهـذيب 9 / 326 ح 1172، الاستبصار 4 / 170 ح 644، اللمعة الدمشقية 8 / 54، وسائل الشيعة 26 / 192 ح 32800.


الصفحة 319
فغاية الأمر أن يستويَ عليّ والعبّـاس بميراث الإمامة، بلحاظ إطلاق الآية، إلاّ أنّه لا بُـدّ من تقديم عليّ (عليه السلام) ; لأفضليّته، وتسليم العبّـاس لإمامته، ولذا طلب مبايعته عند وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)(1).

وممّا بيّـنّا يُعلم ما في قول الرازي والمنصور الدوانيقي في جواب محمّـد بن عبـد الله(2)..

قال الرازي بتفسيره: " المسألة الثانية: تمسّك محمّـد بن عبـد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب في كتابه إلى أبي جعفر المنصور بهذه الآية، في أنّ الإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو عليّ بن أبي طالب.

فقال: قوله تعالى: (وأُولو الأرحام بعضهم أَوْلى ببعض)(3) يدلّ على ثبوت الأَولوية(4).

وليس في الآية شيء معيّن في ثبوت هذه الأَولوية، فوجب حمله على الكلّ، إلاّ ما خصّه الدليل، وحينئذ يندرج فيه الإمامة.

ولا يجوز أن يقال: إنّ أبا بكر كان من أُولي الأرحام ; لِما نُقل أنّه عليه الصلاة والسلام أعطاه سورة براءة ليبلّغها إلى القوم، ثمّ بعث عليّـاً خلفه، وأمر بأن يكون المبلِّغ هو عليّ، وقال: " لا يؤدّيها إلاّ رجل منّي ".

____________

(1) الإمامة والسياسة 1 / 21، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 1 / 160 و ج 9 / 196، الأحكام السلطانية ـ للماوردي ـ: 7، المواقف: 401، شرح تجريد الاعتقاد ـ للقوشجي ـ: 476.

(2) هو: محمّـد بن عبـد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ذو النفس الزكية، المستشهَد سنة 145 هـ.

انظر ترجمته في مقاتل الطالبيّين: 206 رقم 27.

(3) سورة الأحزاب 33: 6.

(4) في المصدر: " الولاية ".


الصفحة 320
وذلك يدلّ على أنّ أبا بكر ما كان منه ; فهذا هو وجه الاستدلال بهذه الآيـة.

والجواب: إنْ صحّت هذه الدلالة كان العبّـاس أَوْلى بالإمامة ; لأنّه كان أقرب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من عليّ ; وبهذا الوجه أجاب أبو جعفر المنصور عنه "(1).

وإنّما قلنا: إنّه يُعلم الجواب عن هذا ممّا ذُكر ; لِما عرفت من أنّ العبّـاس ليس من المهاجرين، فلا ولاية بينه وبين النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ; ولو سُلّم، فعليٌّ أقرب منه رحماً.

ولو تمسّكنا بإطلاق (أُولو الأرحام) فعليٌّ أفضل، والأفضل أحقّ بالإمامـة.

ولعلّه لهذه الأُمور طلب العبّـاس مبايعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، لكن الحقّ أنّ المنشأ في الطلب علمه ببيعة الغـدير وغيرها.

ثمّ إنّ الأمر المهمّ هو أَولويّة أمير المؤمنين (عليه السلام) من أبي بكر بميراث النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي حاصلة ; لعدم الرحميّة لأبي بكر، كما يدلّ عليه حديث عزله عن أداء سورة براءة(2) ; فتكون خلافته باطلة، وأنّ الحقّ لعليّ (عليه السلام).

____________

(1) تفسير الفخر الرازي 15 / 221.

(2) انظر: مسند أحمد 1 / 3 و 151 و ج 3 / 212 و 283، سنن الترمذي 5 / 256 ـ 257 ح 3090 و 3091، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5 / 128 ـ 129 ح 8460 ـ 8462، سنن ابن ماجة 1 / 44 ح 119، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 506 ح 72، مسند البزّار 2 / 308 ح 733، المعجم الكبير 12 / 77 ح 12593، تفسير الطبري 6 / 306 ـ 307 ح 16386 و 16389 و 16392، تاريخ الطبري 2 / 192 حوادث سنة 9 هـ، سيرة ابن هشام 5 / 232، المستدرك على الصحيحين 3 / 53 ح 4374، تفسير الماوردي 2 / 337، تفسير البغوي 2 / 225.


الصفحة 321
وقول الرازي: " إنْ صحّت هذه الدلالة "، إن أراد به منع دلالة آية أُولي الأرحام على أَولويّة أرحام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإمامة، فظاهر البطلان ; لأنّ الآية أطلقت الأَولوية، والمطلق حجّـة في الإطلاق بالإجماع.

وإنْ أراد به منع دلالة حديث عزل أبي بكر على أنّه ليس بذي رحم، فالأمر أشـنع!

ولو كان أبو بكر رحماً للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، لكانت قريش كلّها أرحاماً، بل الناس كلّهم كذلك ; لاجتماعهم في آدم ونوح عليهما السلام.

ولو سُلّم، فعليٌّ أقرب منه رحماً للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيحجبه عن الميراث اتّـفاقاً، وتكون الخلافة لعليّ (عليه السلام).


*    *    *


الصفحة 322

67 ـ آيـة: (وبشِّـر الّـذين آمنوا)

قال المصنّـف ـ أعلى الله مقامه ـ(1):

السابعة والسـتّون: (وبشّر الّذين آمنوا أنّ لهم قَـدمَ صدْق)(2).

نزلت في ولاية عليّ (عليه السلام)(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 203.

(2) سورة يونـس 10: 2.

(3) انظر: تفسير الحبري: 235 ح 4، شواهد التنزيل 1 / 74 ح 113.


الصفحة 323

وقال الفضـل(1):

لم يذكره المفسّرون، فإنْ صحّ فهو في حكم أخواته.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 423.


الصفحة 324

وأقـول:

حكاه في " كشف الغمّة " عن ابن مردويـه(1).

وعليه: فدلالة الآية على إمامة أمير المؤمنين واضحة ; لأنّ مَن تثبت قـدم الصدق للمؤمنين بولايتـه، ويبشّر الله تعالى بثبوتهـا في كتابه العزيز، لا بُـدّ أن يكون أفضلهم وخيرهم جميعاً، فيكون إمامهـم.

ولو أُريد بالولاية في الحديث الإمامة، كانت الآية نصّـاً فيها.


*    *    *

____________

(1) كشف الغمّـة 1 / 322.


الصفحة 325

68 ـ آيـة: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول)

قال المصنّـف ـ طاب ثراه ـ(1):

الثامنة والسـتّون: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منـكم)(2).

كان عليٌّ منهم(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 203.

(2) سورة النساء 4: 59.

(3) كشف الغمّـة 1 / 323 عن ابن مردويـه، شـواهد التنزيـل 1 / 148 ـ 149 ح 203 و 204، تفسير البحر المحيط 3 / 278، ينابيع المودّة 1 / 341 ح 2 و ص 351 ح 5.


الصفحة 326

وقال الفضـل(1):

هذا يشمل سائر الخلفاء، فإنّ كلّهم كانوا أُولي الأمر، ولا دليل على مـدّعاه.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 426.


الصفحة 327

وأقـول:

لا يمكن أن يشمل سائر الخلفاء، سواءً أراد بهم خصوص الأربعة، أم الأعمّ منهم، ومن معاوية ويزيد والوليد وأشباههم ; لدلالة الآية على عصمة أُولي الأمر، وهؤلاء ليسوا كذلك ـ كما سبق موضّحاً في أوّل مباحث الإمامـة ـ(1).

فيتعيّن أن يُراد بأُولي الأمر: عليٌّ وأبناؤه الأطهار ; لانتفاء العصمة عن غيرهم بالضرورة والإجماع.


*    *    *

____________

(1) راجع ج 4 / 205 وما بعدها من هذا الكتاب.


الصفحة 328

69 ـ آيـة: (وأَذانٌ من الله ورسـوله)

قال المصنّـف ـ أجزل الله ثوابه ـ(1):

التاسعة والسـتّون: (وأَذانٌ من الله ورسوله إلى الناس يومَ الحجّ الأكبـر)(2).

في مسند أحمد: هو عليٌّ، حين أذّن بالآيات من سورة " براءة "، حين أنفذها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أبي بكر، وأتبعه بعليّ (عليه السلام) فردّه، ومضى عليّ.

وقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): " قد أُمِـرْتُ أن لا يبلّغها إلاّ أنا أو واحد منّي "(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 204.

(2) سورة التوبة 9: 3.

(3) مسـند أحمد 1 / 3 و 151 و ج 3 / 212 و 283.


الصفحة 329

وقال الفضـل(1):

سيرِد عليك: إنّ إنفاذ عليّ بعد أبي بكر كان لأجل أنّ العرب في العهود لا يعتبرون إلاّ قول صاحب العهد، أو واحد من قومه، ولأجل هذا أنفذ عليّـاً.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 439.


الصفحة 330

وأقـول:

لو كان العرب على ما ذكره لَما خفي على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه في أوّل الأمر، فلا بُـدّ أن يكون إرسال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي بكر ليس مخالفاً لقاعدة العرب، بل هو مع عزله بعليّ للتنبيه من الله ورسوله على فضل عليّ، وأنّه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دون سائر الناس ; وعلى أنّ أبا بكر ليس أهلا للقيام مقام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك، فكيف يقوم مقامه في الزعامة العظمى؟! ولو أرسل عليّـاً (عليه السلام) أوّلا لم يحصل هذا التنبيه!

ثمّ إنّ الضمير في قوله في الحديث: " هو عليٌّ " راجع إلى الأذان، أو المؤذّن المسـتفاد من الكلام.

ويشهد للأوّل ما في " الدرّ المنثور "، عن ابن أبي حاتم، أنّه أخرج عن حكيم بن حميد، قال: " قال لي عليّ بن الحسين (عليه السلام): إنّ لعليّ (عليه السلام)في كتاب الله اسماً، ولكن لا يعرفونه.

قلت: ما هو؟

قال: ألم تسمع قول الله تعالى: (وأَذانٌ من الله ورسوله إلى الناس يوم الحجّ الأكبر)، هو والله الأذان "(1).

____________

(1) الدرّ المنثور 4 / 126.


الصفحة 331

أقـول:

وأنت تعلم أنّ تسميته (عليه السلام) في كتاب الله تعالى بالأذان المنسوب إلى الله عزّ وجلّ، دليل على شرف محلّه، وخطر مقامه، فلا يُقاس به من لم يصلح لتأدية الرسالة.


*    *    *


الصفحة 332

70 ـ آيـة: (طوبى لهم وحُسـن مآب)

قال المصنّـف ـ شـيّد الله حجّـته ـ(1):

السـبعون: (طوبى لهم وحسن مآب)(2).

قال ابن سيرين: هي شجرة في الجنّة أصلُها في حُجرة عليّ، وليس في الجنّة حُجرة إلاّ وفيها غصن من أغصانها(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 204.

(2) سورة الرعد 13: 29.

(3) تفسـير الحبري: 284 ح 40، تفسـير الثعلبـي 5 / 290، مناقـب الإمـام عليّ (عليه السلام)ـ لابن المغازلي ـ: 234 ـ 235 ح 315، شواهد التنزيل 1 / 305 ـ 306 ح 418 ـ 421، تفسير القرطبي 9 / 208، كشف الغمّة 1 / 323، الدرّ المنثور 4 / 644، ينابيع المودّة 1 / 287 ح 1 و ص 394 ح 8.