الصفحة 386
لكنّ القوم لم يبالوا بتكذيب الله ورسوله إذا صدّقوا هواهم!!

وقد اجترأ هذا الناصب على إمام الحقّ وسيّد الخلق بما هو أعظم من ذلك(1)، ضاعف الله تعالى له جزاء ما عمل، إنّه خير الحاكمين.

وما أكثر ما لغا في المقام بنقل أخبار قومه التي لا تقوم حجّةً على خصمه، وبذِكر الأُمور الواهية التي لا يليق بنا نقلها وردّها.

ثمّ إنّ من جملة ما نقله المصنّف (رحمه الله) قول ابن عبّـاس: " ما نزل في أحد من كتاب الله ما نزل في عليّ (عليه السلام) "، وهو ممّا نقله ابن حجر في " الصواعق "(2) عن ابن عساكر(3).

ويشهد لصحّته وصحّة قول مجاهد ـ الذي ذكره المصنّـف(4) ـ الأخبار المسـتفيضة الدالّة على نزول ما سـبق من الآيات وغيرها فيـه.

بل حكى ابن حجر أيضاً، عن ابن عساكر، عن ابن عبّـاس، أنّه قال: " نزل في عليّ ثلاثمئـة آيـة "(5).

بل في " ينابيع المودّة " عن الطبراني، عن ابن عبّـاس، أنّه قال: " نزل في عليّ أكثر من ثلاثمئـة آيـة في مدحـه "(6).

وأنت تعلم أنّ كثرة نزول الكتاب بمدح شخص ـ ولو لأدنى مناسبة ـ دليلٌ على فضله على غيره، وعظمته عند الله سبحانه، والأفضل هو الإمام،

____________

(1) منهاج السُـنّة 7 / 232 و 237.

(2) في المقام السابق [ ص 196 ]. منـه (قدس سره).

(3) انظر: تاريخ دمشق 42 / 363.

(4) انظر الصفحة 361.

(5) الصواعق المحرقة: 196، وانظر: تاريخ دمشق 42 / 364، تاريخ بغداد 6 / 221 رقم 3275.

(6) ينابيع المودّة 1 / 377 ح 15.


الصفحة 387
لا سـيّما وقد كانت الآيات مختلفة البيان، فبعضها يفيد تفضيله، وبعضها يفيد عصمته، وبعضها وجوب اتّباعه، وبعضها أنّه المسؤول عن ولايته، إلى غير ذلك ممّا سـبق.

وأمّا قول الفضل: " إنّ ما ينقله المصنّف (رحمه الله) عن مسند أحمد يدلّ على أنّ أهل السُـنّة لا يألون جهداً في ذِكر فضائل أمير المؤمنين، وأنّه لو كان نصٌّ في إمامته لنقلوه "..

فباطل ; إذ كيف يروون ما يرونه نصّاً مع ما عرفت في المقدّمة من أحوال ملوكهم وعلمائهم وعوامّهم مع من يروي له فضيلةً(1)؟!

فكيف بمن يروي ما يرونه نصّـاً عليه؟!

وقد عرفت أيضاً في الآية الخامسة والعشرين، أنّ الزمخشري حكم بكراهة الصلاة على آل محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أُفردوا بالذِكر ; لأنّه يؤدّي إلى الاتّهام بالرفض، مع اعترافه برجحان الصلاة عليهم بالكتاب والسُـنّة(2).

فكيف يروي أحدهم النصّ الصريح على إمامة عليّ (عليه السلام)؟!

بل كيف يروون النصّ عليه وهو خلاف مذهبهم؟! كما يشهد له ما في " مسند أحمد "(3)، حيث أخرج عن أبي هريرة، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: يُـهلك أُمّـتي هذا الحيّ من قريش.

قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟

قال: لو أنّ الناس اعتزلوهم.

قال عبـد الله بن أحمد: قال أبي في مرضه: " إضرب على هذا

____________

(1) راجع ج 1 / 7 وما بعدها من هذا الكتاب.

(2) انظر الصفحة 109 من هذا الجزء.

(3) ص 301 من الجزء الثاني. منـه (قدس سره).


الصفحة 388
الحديث، فإنّه خلاف الأحاديث عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) " يعني قوله: " اسمعوا وأطيعوا واصبروا "(1).

فأنت ترى أنّ أحمد أمر بالضرب على هذا الحديث مع صحّة سنده عندهم ; لمخالفته للأحاديث الدالّة على السمع والطاعة لأئمّة الجور والضلالة، فكيف يروي هو أو غيره ما يعتقدونه نصّاً على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) وخلافته للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، المستلزم لظلم الأَوّلَين له وبطلان خلافتهـم؟!

وما روى أكثر الخصوم فضائل أهل البيت إلاّ لتوهينها، أو دفع وصمة النصب الخبيثة عنهم، أو للفخر بالاطّلاع، أو غير ذلك من الغايات الفاسـدة.

ومع ذلك ترى جملة ممّن رواها ساقطاً عندهم إذا توهّموا فيه حبّ أهل البيت (عليهم السلام)، وإن كان من أعلامهم!

فكان من إتمام الله تعـالى الحجّـة عليهم أن أجراها على ألسـنة أقلامهم ; لئلاّ يقولوا يوم القيامة: (إنّـا كـنّـا عن هذا غافلين)(2).

ولا يضرّها الطعن بالسند ; لصحّة الكثير منها عندهم، واسـتفاضة أكثرها ـ مع ما بيّـنّـاه في المقـدّمة(3) ـ.

كما لا يضرّها توهين الدلالة، فإنّ الكثير منها صريح الدلالة، وما آفتها إلاّ عناد المخاصمين، كما عرفته في جملة ممّا سـبق، وتعرفه في حديث المنزلة والثقلين ونحوهما.

____________

(1) مسند أحمد 2 / 301.

(2) سورة الأعراف 7: 172.

(3) انظر: ج 1 / 7 ـ 25 من هذا الكتاب.


الصفحة 389
ولو نقلوا أحاديث فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) على وجهها، لظهر لك كيف دلالتها على إمامته! حتّى إنّهم لم ينقلوا من نصّ الغدير إلاّ اليسير، وأخفوا أكثر ما فيه الصراحة الذي يقطع كلُّ غافل بوجوده ; إذ لا يمكن أن يجمع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) نحو مئة ألف من المسلمين ويقوم فيهم بحرِّ الحجاز وقت الظهيرة على منبر يُقام له من الأحداج(1)، ويخطبهم لداعي حضور أجله وهو لا يقول إلاّ: " من كنت مولاه فعليٌّ مولاه "(2)، أو بزيادة قليلة عليه، ومع ذلك لا يريد إلاّ بيان أنّ عليّـاً ناصرٌ لمن كنت ناصره أو نحوه، ما أظـنّ أنّ عاقلا يرتضيه!!


*    *    *

____________

(1) الأحداج: جمع الحدج: أي الحِمْل، والحدج: من مراكب النساء يشبه المحفّة، ويقال: أحداج وحدوج، والحدوج: الإبل برحالها.

انظر: لسان العرب 3 / 77 مادّة " حدج ".

(2) انظر: ج 1 / 19 ـ 22 من هذا الكتاب.


الصفحة 390

83 ـ آيـة: (فاسألوا أهل الذِكر)

قال المصنّـف ـ أجزل الله ثوابـه ـ(1):

الثالثة والثمانون: روى الحافظ محمّـد بن موسى الشيرازي(2) من علماء الجمهور، واستخرجه من التفاسير الاثني عشر، عن ابن عبّـاس في قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذِكر)(3)، قال: " هم: محمّـد وعليٌّ وفاطمة والحسـن والحسـين، هم أهل الذِكر والعِلم والعقل والبيان، وهم أهل بيت النبـوّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائـكـة ; واللهِ ما سُمّي المؤمن مؤمناً إلاّ كرامة لأمير المؤمنين(4).

ورواه سفيان الثوري، عن السُّـدّي، عن الحارث(5).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 210.

(2) كذا في الأصل وفي " نهج الإيمان " لابن جبر، الذي ينقل عنه العلاّمة (قدس سره) ; والظاهر أنّ الصحيح هو: محمّـد بن مؤمن الشيرازي ; انظر: معجم المؤلّفين 3 / 745 رقم 16217.

(3) سورة النحل 16: 43، سورة الأنبياء 21: 7.

(4) أخرجه محمّـد بن مؤمن الشيرازي في " المستخرج من التفاسير الاثني عشر " كما في كفاية الخصام: 338.

(5) رواه الحسكاني بهذا الإسناد في شواهد التنزيل 1 / 334 ح 459 و ص 335 ـ 337 ح 460 ـ 466 ; وانظر مؤدّاه: تفسير الطبري 7 / 587 ح 21603، تفسير الثعلبي 6 / 270، تفسير ابن كثير 2 / 551، تفسير الآلوسي 14 / 217 ـ 218، ينابيع المودّة 1 / 145 ـ 146 الآية التاسعة.


الصفحة 391

وقال الفضـل(1):

ليس هذا من روايات أهل السُـنّة، وهي أشياء تدلّ على فضيلة آل العباء، وهذا أمر لا ريب فيه، ولا ينكره إلاّ المنافق، ولا يعتقده إلاّ المؤمن الخالص، ولكن لا يثبت به النصّ.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 484.


الصفحة 392

وأقـول:

الحافظ المذكور هو من علماء القوم، والتفاسير الاثنا عشر من أشهر تفاسير قدمائهم كما سـيذكرها المصنّـف (رحمه الله) في " مطاعن الصحابة ".

فإنكار الفضل لكونه من روايات تفاسيرهم إنكار بارد، وظنّي أنّه لم يرَ كتاب الحافظ المذكور، وأنكر رجماً بالغيب.

ويعضد هذه الرواية ما نقله في " ينابيع المودّة "(1)، عن تفسير الثعلبي(2)، عن جابر بن عبـد الله، قال: قال عليٌّ (عليه السلام): نحن أهل الذِكر.

و " الذِكر " في القرآن قد أُطلق على معنيين مناسبين للمقام، نبّه عليهما إمامنا الصادق (عليه السلام) وقال: " نحن أهل الذِكر بكلا المعنـيَـين:

أحدهما: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال تعالى في سورة الطلاق: (قد أنزل الله إليكم ذِكراً * رسولا يتلو عليكُم آياتِ الله)(3).

وثانيهما: القرآن، وهو في الكتاب العزيز كثير، كقوله تعالى: (وأنزلنا إليك الذِكر لتبيّن للناس ما نُـزِّل إليهم)(4).

وقوله تعالى: (إنّا نحن نزّلنا الذِكر وإنّا له لحافظون)(5) "(6).

____________

(1) في الباب التاسع والثلاثين [ 1 / 357 ح 12 ]. منـه (قدس سره).

(2) انظر: تفسير الثعلبي 6 / 270.

(3) سورة الطلاق 65: 10 و 11.

(4) سورة النحل 16: 44.

(5) سورة الحجر 15: 9.

(6) انظر: مجمع البيان 6 / 150 و 151 و ج 10 / 43.


الصفحة 393
ومن الواضح أنّ أهلَ البيت: أهلُ الذِكر، بكلا المعنيين، كما سبق عن إمامنا (عليه السلام) ; لأنّهم أهل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأهل القرآن ; لأنّ علم القرآن عندهم، وهما الثقلان اللذان لا يفترقان.

والأظهر إرادة المعنى الثاني في قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذِكر)، ولا ينافي إرادة الأوّل دخول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أهل الذِكر على الرواية التي نقلها المصنّف (رحمه الله) ; لصحّة إطلاق أهل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على ما يشمله تغليباً(1).

وعلى كِلا المعنيين، فأَمْرُ اللهِ سبحانه بسؤالهم، دليلٌ على أنّ لهم العلم الوافر، والامتياز والفضل على الناس، فتكون الإمامة فيهم، مع أنّ قوله في الحديث: " والله، ما سُمّي المؤمن مؤمناً إلاّ كرامة لأمير المؤمنين "، قد تضمّن من بيان الفضل على غيره ما لا يوازيه بـيان.

وقريب منه قوله: " هم أهل الذِكر، والعلم، والعقل، والبيان... " إلى آخـره.


*    *    *

____________

(1) انظر: الكافي 1 / 327 ح 761.


الصفحة 394

84 ـ آيـة: (عمّ يتساءلون)

قال المصنّـف ـ قـدّس سرّه ـ(1):

الرابعة والثمانون: وعن الحافظ في قوله تعالى: (عمّ يتساءلون * عن النبأ العظيم)(2)، بإسناده ا لى السُّدّي، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ ولاية عليّ يتساءلون عنها في قبورهم، فلا يبقى ميّت في شرق ولا غرب، ولا في برّ ولا بحر، إلاّ ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)بعد الموت، يقولون للميّت: من ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ ومن إمامك؟(3).

وعنه: عن ابن مسعود، قال: " وقعت الخلافة من الله تعالى لثلاثة نفـر:

آدم، في قوله تعالى: (إنّي جاعل في الأرض خليفة)(4).

وداود: (إنّـا جعلناك خليفة في الأرض)(5).

وأمير المؤمنين: (لَيسـتخلفـنّهم في الأرض كما اسـتخلف الّذين

____________

(1) نهج الحقّ: 211.

(2) سورة النبأ 78: 1 و 2.

(3) انظر: شواهد التنزيل 2 / 318 ح 1075، مناقب آل أبي طالب 3 / 96، نهج الإيمان: 507.

(4) سورة البقرة 2: 30.

(5) سورة ص 38: 26.


الصفحة 395
مِن قبلهم)(1)، داود وسليمان(2)..

(وليمكّـننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم)(3)، يعني: الإسلام..

(وليبدلنّهم من بعد خوفهم)، يعني: من أهل مكّة..

(أمنـاً)، يعني: في المدينة..

(يعبدونني لا يشركون بي شـيئاً)، يعني: يوحّدونني..

(ومن كفر بعد ذلك)، بولاية عليّ..

(فأُولئك هم الفاسقون)(4)، يعني: العاصين لله ولرسوله ".

وهذا كلّه نقله الجمهور واشـتهر عنهم وتواتر(5).


*    *    *

____________

(1) سورة النور 24: 55.

(2) في نهج الحقّ: " يعني: آدم وداود " وفي نسخة منه: " يعني: داود وسليمان "، والأوّل هو الصواب، والثاني وما في المتن تصحيف.

(3) سورة النور 24: 55.

(4) سورة النور 24: 55.

(5) انظر: شواهد التنزيل 1 / 75 ـ 76 ح 114، ونحوه في تفسير أبي عبيدة والطائي كما ذكره في مناقب آل أبي طالب 3 / 77 ـ 78، نهج الإيمان: 389 ـ 390، الصراط المسـتقيم 2 / 47.


الصفحة 396

وقال الفضـل(1):

ما ذكر أنّ المراد بـ (عمَّ): عليٌّ، فلا يصحّ بحسب المعنى والتركيب، ويكون هكذا: " عليٌّ يتساءلون، عن النبأ العظيم "، وأنت تعلم أن هذا تركيب فاسد.

وأمّا ما ذُكر من السؤال في القبر عن ولاية عليّ، فلم يثبت هذا في الكتاب ولا السُـنّـة، ولو كان من المسؤولات في القبر، لكان ينبغي أن يُعْلِمَنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتواتر واشتهر كما اشتهر باقي أركان الإسلام.

وأمّا ما نقل عن ابن مسعود، أنّه وقعت الخلافة من الله لثلاثة: آدم، وداود، وعليّ ; فآدم وداود قد صرّح باسمهما في الخلافة في القرآن.

وأمّا أن يكون المراد من قوله: (ليستخلفنّهم) عليٌّ(2) فحسب، فغير ظاهر، ولا خبر صحيح يدلّ على هذا، بل الظاهر يشمل الخلفاء الأربع وملوك العرب في الإسلام..

فإنّ ظاهر الآية: أنّ الله وعد المؤمنين بأن يجعلهم خلفاء الأرض، وينزع الملك من كسرى وقيصر ويؤتيه المؤمنين، وهذا مضمون الآية، وما فسّره في الآية فكلّه من باب التفسـير بالرأي.

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 485.

(2) كذا في جميع النسخ، والصواب لغةً: عليّـاً.


الصفحة 397
وما ذكر أنّ كلّ الأشياء التي ذكرها نقله الجمهور، واشتهر عنهم، وتواتر ; فهذا كذب أظهر وأبين من كذب مسيلمة الكذّاب ; لأنّ مراده من الجمهور: أهل السُـنّة والجماعة، وليس كلّ ما ذكر متواتر عند أهل السُـنّة، وكأنّه لا يعلم معنى التواتر.


*    *    *


الصفحة 398

وأقـول:

ما ذكره في صدر كلامه دليل الغفلة أو المغالطة ; إذ لا يتصوّر أحد أنّ الرواية، أو ذِكر المصنّف (رحمه الله) نزول الآية في عليّ (عليه السلام) يقتضي كون مجموع الجار والمجرور عليّـاً، ضرورة أنّ صريح الرواية أنّ المراد بالمجرور، وهو " ما " الاستفهامية: ولاية عليّ (عليه السلام)، التي هي النبأ العظيم.

ويحتمل أن يكون النبأُ العظيم عليّـاً نفسه، وأنّه المسؤول عنه، لكن لمّا كان السؤال عنه لأجل التقرير بولايته، عبّرت الرواية بالسؤال عن ولايته، وأشار الشاعر إلى أنّه المراد بالنبأ العظيم بقوله [ من الوافر ]:


هو النبأُ العظيمُ وفُلْكُ نُوحوبابُ اللهِ وانقطعَ الخطابُ(1)

وأمّا ما زعمه من عدم ثبوت السؤال عن ولاية عليّ في القبر، فيكفي في ثبوته هذه الرواية المؤيَّـدة بالأخبار السابقة في الآية الحادية عشرة(2)، وهي قوله تعالى: (وقِفوهم إنّهم مسؤولون)(3).

وأمّا قوله: " ولو كان من المسؤولات [ في القبر ]، لكان ينبغي أن يُـعْلِـمَـنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتواتر... "..

____________

(1) البيت للناشئ الصغير من قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين الإمام عليّ (عليه السلام)، مطلعها:


بآلِ محمّـد عُرِفَ الصَّوابُوفي أبياتِـهم نَزَلَ الكِتابُ

انظر: نسمة السحر 2 / 407، وأخرج ياقوت الحموي قسماً من القصيدة في معجم الأُدباء 4 / 148.

(2) انظر الصفحات 7 ـ 11 من هذا الجزء.

(3) سورة الصافّات 37: 24.


الصفحة 399
فيـرِد عليـه: إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أعلمهم به، كما في هذه الرواية ونحوها، وقد تواتر عندنا، وإنّما لم يتواتر عندهم ; لأنّه على خلاف رأي ملوكهم.

وكيف لا يُسأل عن ولاية عليّ وإمامته، والإمامة كالنبوّة من أركان الإيمان وأُصول الدين كما سـبق(1)؟!

فإذا كان عليٌّ (عليه السلام) هو المسؤول عن إمامته، فيقال للميّت: مَن إمامك؟، كان هو الإمام لا مَن قبله، وإلاّ لوقع السؤال عنه بالأولويّة.

وأمّا ما رواه المصنّف (رحمه الله) عن ابن مسعود، فيؤيّده أنّ الاستخلاف المذكور في قوله تعالى: (ليستخلفنّهم) مسند إلى الله تعالى، وهو مطابق بظاهره لمذهبنا في الإمامة، لا لمذهب القوم فيها ; فإنّها عندهم إنّما تثبت بالاختيار لا باستخلاف الله سبحانه، مع أنّ الآية صريحة بتمكين الخليفة من دين الله الذي ارتضاه، وهو فرع العلم بالدين كلّه، والخلفاء الثلاثة ليسوا كـذلك.

وأظهر منهم بعدم الإرادة، بقيّةُ ملوك العرب، كمعاوية ويزيد والوليد وأشباههم، بل الظاهر دخولهم في قوله تعالى بعد هذا القول: (ومَن كفر بعد ذلك فأُولئك هم الفاسقون)(2) كما بيّنه الزمخشري بقوله في تفسير الآية: " أنجز الله وعده، وأظهرهم على جزيرة العرب، وافتتحوا بعدُ بلاد المشرق والمغرب، ومزّقوا مُلك الأكاسرة، وملكوا خزائنهم، واستولوا على الدنيـا، ثمّ خرج الّذين على خلاف سيرتهم، فكفروا بتلك النعم، وفسقوا، وذلك قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثمّ يُملّك الله من يشاء،

____________

(1) انظر: ج 4 / 211 وما بعدها.

(2) سورة النور 24: 55.


الصفحة 400
فتصير مُلكاً، ثمّ تصير بِـزِّيزَى(1) قطع سبيل، وسفك دماء، وأخذ أموال بغير حقّـها "(2).

فإنّ كلامه كما ترى دالٌّ على ما قلناه من كفر بقيّة ملوك العرب، وإن أخطأ في دعوى إرادة الاستخلاف للخلفاء الأربعة جميعاً ; لِما عرفت من عدم تمكين الثلاثة من الدين الذي ارتضاه ; ولأنّ الاستخلاف من الله تعالى إنّما هو لعليّ، وأمّا غيره فإمامتـه بالاختيار.

ولنذكر كلام الرازي هنا ; لأنّ به وبِـردّه تمام المطلوب، قال:

" المسألة الثامنة: دلّت الآية على إمامة الأئمّة الأربعـة ; وذلك لأنّه تعـالى وعد الّـذين آمنـوا وعملوا الصالحات من الحاضرين في زمـان محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو المراد بقوله: (ليسـتخلفـنّهم في الأرض كما اسـتخلف الّذين من قبلهم)(3)، وأن يمكّن لهم دينهم المرْضي، وأن يبدلهم بعد الخوف أمنـاً.

ومعلوم أنّ المراد بهذا الوعد بعد الرسول هؤلاء ; لأنّ استخلاف غيره لا يكون إلاّ بعده..

ومعلوم أنّه لا نبيّ بعده ; لأنّه خاتم النبيّـين..

فإذاً المراد بهذا الاستخلاف: طريقة الإمامـة.

ومعلوم أنّ بعد الرسول الاستخلاف الذي هذا وصفه إنّما كان في أيّام أبي بكر وعمر وعثمان ; لأنّ في أيّامهم كانت الفتوح العظيمة، وحصل

____________

(1) البِـزِّيزى ـ بكسر الباء وتشديد الزاي الأُولى والقصر ـ: السلب والـتّغـلُّب.

انظر: لسان العرب 1 / 398 ـ 399 مادّة " بزز ".

(2) الكشّاف 3 / 73.

(3) سورة النور 24: 55.


الصفحة 401
التمكين، وظهور الدين، والأمن، ولم يحصل في أيّام عليّ ; لأنّه لم يتفرّغ للجهاد ; لاشتغاله بمحاربة مَن خالفه مِن أهل الصلاة.

فثبت بهذا دلالة الآية على صحّة خلافة هؤلاء.

فإن قيل: الآية متروكةُ الظاهر ; لأنّها تقتضي حصول الخلافة لكلّ من آمن وعمل صالحاً، ولم يكن الأمر كذلك.

نزلنا عنه ; لكن لِـمَ لا يجوز أن يكون المراد من قوله: (ليستخلفنّهم): هو أنّه تعالى يُسكنهم في الأرض ويمكّنهم من التصرّف، لا أنّ المراد منه: خلافة الله تعالى؟!

وممّا يدلّ عليه قوله: (كما استخلف الّذين من قبلهم)، واستخلاف مَن كان قبلهم لم يكن بطريق الإمامة، فوجب أن يكون الأمر في حقّـهم أيضاً كذلك.

نزلنا عنه ; لكن ها هنا ما يدلّ على أنّه لا يجوز حمله على خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ; لأنّ [ من ] مذهبكم أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يسـتخلف أحداً، وروي عن عليّ أنّه قال: " أترككم كما ترككم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ".

نزلنا عنه ; لكن لِـمَ لا يجوز أن يكون المرادُ منه عليّـاً، والواحد قد يُعبّر عنه بلفظ الجمع على سبيل التعظيم، كقوله تعالى: (إنّا أنزلناه في ليلة القدر)(1)، وقال تعالى في حقّ عليّ: (الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)(2)؟!

نزلنا عنه ; ولكن نحمله على الأئمّـة الاثني عشر.

والجواب عن الأوّل: إنّ كلمة " من " للتبعيض، فقوله: (منكم)،

____________

(1) سورة القدر 97: 1.

(2) سورة المائدة 5: 55.


الصفحة 402
يدلّ على أنّ المراد بهذا الخطاب: بعضهم.

وعن الثاني: إنّ الاستخلاف بالمعنى الذي ذكرتموه حاصل لجميع الخلق، فالمذكور هنا في معرض البشارة لا بُـدّ أن يكون مغايراً له.

وأمّا قوله: (كما استخلف الّذين من قبلهم)، فالّذين كانوا قبلهم خلفاء تارةً بسبب النبوّة، وتارةً بسبب الإمامة، والخلافة حاصلة بالصورتين.

وعن الثالث: إنّه وإن كان من مذهبنا أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يستخلف أحداً بالتعيين، ولكنّه قد استخلف بذِكر الوصف والأمر بالاختيار، فلا يمتنع في هؤلاء الأئمّة الأربعة أنّه تعالى يستخلفهم، وأنّ الرسول استخلفهم.

وعلى هذا الوجه قالوا في أبي بكر: يا خليفة رسول الله!

فالذي قيل: إنّه (عليه السلام) لم يستخلف ; أُريد به على وجه التعيين ; وإذا قيل: اسـتخلف ; فالمراد على طريقة الوصف والأمر.

وعن الرابع: إنّ حمل لفظ الجمع على الواحد مجاز، وهو خلاف الأصـل.

وعن الخامس: إنّه باطل لوجهين:

أحدهما: قوله تعالى: (منكم) يدلّ على أنّ هذا الخطاب كان مع الحاضرين، وهؤلاء الأئمّـة ما كانوا حاضرين.

الثاني: إنّه تعالى وعدهم القوّة والشوكة والنفاذ في العالم، ولم يوجد ذلك فيهم.

فثبت بهذا صحّة إمامة الأئمّة الأربعة، وبطل قول الرافضة الطاعنين على أبي بكر وعمر وعثمان، وبطلان قول الخوارج الطاعنين على عثمان وعليّ ".


الصفحة 403
انتهى كلام الرازي(1).

وأقـول:

الكلام معه في هذه الآية الكريمة إنّما هو بالنظر إلى ما يُستفاد من ظاهرها، بلا نظر إلى ما ورد في تفسيرها، فإنّها ـ عليه ـ نازلة في أمير المؤمنين (عليه السلام) كما عرفته في رواياتهم، أو في الحجّة المنتظر، كما ورد في أخبارنا(2)، ويمكن الجمع بين الأخبار بإرادة الاسـتخلاف لهما معاً.

وعليه: فبالنظر إلى ظاهرها يرِد على كلامه أُمور:

الأوّل: إنّ قوله: " إنّ المراد بهذا الوعد بعد الرسول هؤلاء ; لأنّ استخلاف غيره لا يكون إلاّ بعده... " إلى آخره..

غير متّجه ; لأنّ المراد بقوله تعالى: (ليستخلفنّهم) بحسب ظاهره هو الاستخلاف عمّن قبلهم من الأُمم لا عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيمكن أن يُراد اسـتخلاف المؤمنين، وتمكينهم من الدين وتبديل خوفهم أمناً في زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

ولو سُلّم أنّ المراد الاستخلاف عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلا يتّجه حمله على الاستخلاف في أيّام الثلاثة ; إذ لم يحصل لهم التمكين من الدين الذي ارتضاه الله تعالى وأكمله ; لجهلهم بكثيـر منه.

بل قد يقال: إنّ ظاهر الآية لا يلائم الحمل على الاستخلاف في أيّام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي أيّام الثلاثة وأيّام أمير المؤمنين (عليه السلام) ; لظهور الآية في

____________

(1) تفسير الفخر الرازي 24 / 26 و 27.

(2) الغَيبة ـ للنعماني ـ: 160، الغَيبة ـ للطوسي ـ: 177 ح 133، مجمع البيان 7 / 238.


الصفحة 404
وقوع الاستخلاف في الأرض كلّها، أو أكثرها، فينبغي حمله على الاسـتخلاف أيّـام الحجّـة المنـتـظر عجّـل الله فرجـه.

الثاني: إنّ قوله: " ولم يحصل ذلك في أيّام عليّ... " إلى آخره..

مناف لِما زعمه في صدر كلامه من دلالة الآية على خلافة الأربعة جميعاً!

على أنّ تعليله له بقوله: " لأنّه لم يتفرّغ لجهاد الكـفّار " عليلٌ ; إذ لم تشـترط الآية في حصول الاسـتخلاف أن يكون بجهاد المسـتخلَف نفسه للكـفّار.

ولعلّه أشار بقوله: " لاشتغاله بمحاربة من خالفه من أهل الصلاة " إلى الطعن في حرب أمير المؤمنين بأنّه حارب المصلّين، أو إلى تفضيل حرب من سبقه على حربه ; لأنّهم حاربوا الكفّار وهو حارب أهل الصلاة، وكأنّه لم يعلم بما رواه أصحابه من أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ".

فقام إليه أبو بكر، ثمّ عمر، وقال كلٌّ منهما: أنا هو؟

فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا، ولكنّه خاصف النعل ـ يعني عليّـاً ـ "(1).

فإنّه دالٌّ على أنّ حرب عليّ (عليه السلام) كحربه (صلى الله عليه وآله وسلم)، مأمور به من الله سبحانه دون حرب الرجلَين، فلم يحارب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلاّ مهدور الدم، ومَن لا تقبل صلاته، ولم يحارب الرجلان حرباً مشروعاً واقعاً على تنزيل القرآن أو تأويله، فإنّهما عزلا مَن له المنصب والحرب الإلهيّة، وحاربا بلا أمر منه، فكانا كمن عزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحارب باسـتقلاله.

____________

(1) مسند أحمد 3 / 82، المستدرك على الصحيحين 3 / 132 ح 4621، مجمع الزوائد 5 / 186، وانظر: الصفحة 84 هـ 1 ـ 5 من هذا الجزء.


الصفحة 405
الثالث: إنّ جوابه عن الإشكال الثالث بدعوى ثبوت الاستخلاف بالوصف والأمـر، غيـر صحيـح ; لأنّـا لو لم نقـل بالنصّ على أمير المؤمنيـن (عليه السلام) فلا دليل على الاستخلاف أصلا، لا بالتعيين ولا بالوصف، كما هو ظاهر..

ولا بالأمر بالاختيار ; إذ غاية ما استدلّوا به على الأمر بالاختيار هو الإجماع، وقد أوضحنا لك كذبه في أوائل مباحث الإمامة(1).

وقوله: " وعلى هذا الوجه قالوا في أبي بكر: يا خليفة رسول الله "!!

تخمين محض، وفِـرية(2) أُخرى، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في أوّل مآخذ أبي بكر.

الرابع: إنّ دعواه ـ في الجواب عن الرابع ـ مجازيةُ حمل الجمع على الفرد مسلّمة، لكن لا بُـدّ من المصير إلى هذا المجاز ; لقيام القرينة عليه، كالرواية التي سمعتها، الدالّة على النزول بأمير المؤمنين، وكـنـسـبة الاستخلاف إلى الله لا إلى الناس، وكالقرينة العقليّة المانعة من النزول في الثلاثة، كعدم تمكينهم من الدين ونحوه.

الخامس: إنّ ما ذكره من الوجهين لإبطال الخامس ليس في محلّه..

أمّا الوجة الأوّل ; فلصحّة خطاب الجمع بحضور البعض، تغليباً للحاضرين على الغائبين، فلا يكون عدم حضور أئمّتنا الاثني عشر مانعاً من الوعد لهم، لا سيّما وقد حضر عظماؤهم، وهم أمير المؤمنين والحسـنان (عليهم السلام).

____________

(1) انظر: ج 4 / 248 وما بعدها.

(2) الفِـرية: الكذب أو الافتراء، وافتراه: اختلقه ; انظر: لسان العرب 10 / 256 مادّة " فرا ".


الصفحة 406
وأمّا الثاني ; فلأنّ الوعد للأئمّة بالقوّة(1) لا يتوقّف على ثبوتها لكلّ فرد منهم، بل يكفي ثبوتها لبعضهم، كأمير المؤمنين والإمام المنتظر ; لأنّ قوّة البعض قوّة للجميع، على أنّ القوّة حاصلة لكلّ منهم في الرجعة كما جاءت به أخبارنا(2).

واعلم، أنّ الآية التي نحن فيها وما قبلها وما بعدها من الآيات مرتبطة ظاهراً بعموم المسلمين الحاضرين حال الخطاب، ولكنّه تعالى خصّ الوعد ببعضهم، وهم الّذين وصفهم الله سبحانه بالّذين آمنوا وعملوا الصالحات، فينبغي أن يكون غير هذا البعض غير موصوفين بهذا الوصف ; إمّا لعدم عملهم بالصالحات، أو لكونهم غير مؤمنين، أي غير كاملي الإيمان، أو غير ثابتي الإيمان، لا أنّهم غير مسلمين ولا مؤمنين أصلا ; لفرض تعلّـق الآيات بالمسلمين.

فالبعض الموعود بالاستخلاف ممتاز، إمّا بعمل الصالحات، أو كمال الإيمان، أو ثباته، وما هو إلاّ أمير المؤمنين وأبناؤه الأطهار المعصومون ;

____________

(1) يقسم الوجود المطلق إلى: ما وجوده بالفعل، وإلى ما يقابله، وهو ما وجوده بالقـوّة..

والأوّل: وجود الشيء في الأعيان بحيث يترتّب عليه آثاره المطلوبة منه.

والثاني: إمكان وجود الشيء في الأعيان قبل تحقّـقه، وهو ليس جوهراً قائماً بذاته، بل هو عرض قائم بموضوع ـ مادّة ـ يحمل قوّة وجوده، وغير ممتنع عن الاتّحاد بالفعلية التي تحمل إمكانها، كالاستعداد الموجود في البذرة لأن تكون شجرة أو ثمرة، والنطفة التي هي قوّة بالنسبة للإنسان الذي هو فِعل، فكلّ قوّة تتقوّم بفعلية، ومادّتها واحدة وإن اختلفت الصور.

انظر: شرح تجريد الاعتقاد: 48، نهاية الحكمة: 196 ـ 200.

(2) انظر: المسائل السروية: 32، رسائل الشريف المرتضى 1 / 125 ـ 126 المسألة الثامنة.


الصفحة 407
لأنّ الخلفاء الثلاثة ـ فضلا عن غيرهم ـ ليسوا كذلك ; ولو لفرارهم من الزحف(1)، وتخلّفهم عن جيش أُسامة(2)، وشكّ عمر يوم الحديبية(3)، إلى كثير ممّا صدر عنهم، ممّا ينافي كمال الإيمان وعمل الصالحات.

هـذا، وأمّا قول الفضل: " وليس كلّ ما ذكر متواتراً عند أهل السُـنّة "..

فمسلّمٌ إذا أراد التواتر لفظاً، وأمّا معنىً ـ بلحاظ الإمامة ـ، فممنوع ; لأنّ كلّ واحد ممّا ذكر مفيد لإمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإمامته متواترة معنىً كما تواترت شـجاعته.

بل قد يُدّعى تواتر بعض ما ذكر بخصوصه، معنىً أو لفظاً، ولا سيّما مع ضـمّ أخبارنا إلى أخبارهم!


*    *    *

____________

(1) راجع الصفحة 56 هـ 1 من هذا الجزء.

(2) راجع الصفحة 213 هـ 1 من هذا الجزء.

(3) راجع الصفحة 214 ذيل الهامش 5 الفقرة 5، من هذا الجزء.