وقال الفضـل(1):
هذا من روايات الصحاح، وهذا لا يدلّ على النصّ كما ذكره العلمـاء(2).
ووجه الاسـتدلال به أنّه نفى النبـوّة من عليّ، وأثبت له كلّ شيء سواه، ومن جملته الخلافة.
والجواب: إنّ هارون لم يكن خليفةَ موسى; لأنّه مات قبل موسى، بل المراد: استخلافه بالمدينة حين ذهابه إلى تبوك، كما استخلف موسى هارونَ عند ذهابه إلى الطور; لقوله تعالى: { اخلفني في قومي }(3).
وأيضاً: يثبـت به لأميـر المؤمنيـن فضيلـةُ الأُخـوّة والمـؤازرة لرسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في تبليغ الرسالة وغيرها من الفضائل، وهي مثـبّـتة يقيناً لا شـكّ فيـه.
____________
1- إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 7 / 429.
2- انظر: الأربعين في أُصول الدين ـ للفخر الرازي ـ 2 / 283 ـ 285، شرح المقاصد 5 / 275، شرح المواقف 8 / 362 ـ 363.
3- سورة الأعراف 7: 142.
وأقـول:
لا ريب أنّ الاسـتـثناءَ دليـلُ العموم(1)، فتـثبت لعليّ (عليه السلام) جميـعُ منـازل هـارون الثابتـة له في الآيـة سوى النبـوّة.
ومن منازل هارون: الإمامة; لأنّ المراد بالأمر في قوله تعالى: { وأَشرِكه في أمري }(2) هو الأعمّ من النبـوّة ـ التي هي التبليغ عن الله تعالى ـ، ومن الإمامة ـ التي هي الرئاسة العامّة ـ، فإنّهما أمران مختلفان..
ولذا جعل اللهُ سـبحانه إبراهيمَ نبـيّـاً وإماماً بجعلَين مسـتقلَّين، وكان كـثيرٌ من الأنبياء غير أئمّـة، كمن كانوا بزمن إبراهيم وموسى، فإنّهم أتباع لهما، وخاضعون لسلطانهما.
ويشهد للحاظ الإمامة وإرادتها من الأمر في الآية، الأخبارُ السابقة المتعلّقة بآخر الآيات التي ذكرناها في الخاتمة(3)، المصرّحةُ ـ تلك ـ بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا فقال:
" اللّهمّ إنّي أسألُكَ بما سألَكَ أخي موسى، أن تشرحَ لي
____________
1- قال البيضاوي: " ومعيار العموم جواز الاسـتـثناء، فإنّـه يخرج ما يجب اندراجه لولاه، وإلاّ لجاز من الجمع المنكر... " انظر: منهاج الوصول في معرفة علم الأُصـول: 76.
وقال نظام الدين الأنصاري في شرحه المزجيّ لكلام محبّ الله البهاري: " (لنا جواز الاسـتـثناء) ثابت في الكلمات المذكورة، (وهو معيار العموم)، فإنّـه لإخـراج ما لولاه لدخل... " انظر: فواتح الرحموت ـ بهامش المسـتصفى ـ 1 / 261.
وراجع مبحث " دلالة الحديث على عموم المنزلة " في: نفحات الأزهار 17 / 259 ـ 380.
2- سورة طـه 20: 32.
3- راجـع: ج 5 / 408 وما بعـدها من هذا الكـتاب.
فـإنّ المـراد هنـا بـ (الإشـراك فـي أمـره) هـو: الإشـراك بالإمـامـة، لا الإشراك بالنبـوّة، كما هو ظاهـر، ولا المعاونة على تنفيذ ما بُعث فيه; لأنّـه قد دعا له أوّلا بأن يكون وزيراً له.
وبالجملـة: معنى الآية الكريمة: أَشرِكه في أمانتي الشاملة لجهتَي النبـوّة والإمامـة.
ولذا نقول: إنّ خلافة هارون لموسى لمّا ذهب إلى الطور ليسـت كخلافة سائر الناس ممّن لا حكم ولا رئاسة له ذاتاً، بل هي خلافة شريك لشريك أقوى، ولذا لا يتصرّف بحضوره.
فكذا عليٌّ (عليه السلام) بحكم الحديث; لدلالته على أنّ له جميع منازل هـارون التي منها شركته لموسى في أمره سوى النبـوّة، فيكون عليٌّ إماماً مـع النبيّ في حياتـه، كما أوضحنـاه عند الكلام على الأُولى من الآيـات التي ذكرها المصنّـف (رحمه الله)(2)، فلا بُـدّ أن تسـتمرّ إمامتُه إلى ما بعد وفاته، ولا سـيّما أنّ النظر في الحديث إلى ما بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً; ولذا قال: " إلاّ أنّـه لا نبيّ بعدي ".
ولو تنزّلنا عن ذلك فلا إشكال بأنّ مِن منازل هارون أن يكون خليفةً
____________
1- انظر: فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ 2 / 843 ـ 844 ح 1158، شواهد التنزيل 1 / 368 ـ 371 ح 510 ـ 513، تاريخ دمشق 42 / 52، تفسير الفخر الرازي 12 / 28، الرياض النضرة 3 / 118، ذخائر العقبى: 119.
2- راجـع: ج 4 / 305 وما بعـدها من هذا الكـتاب.
وقد عُلِم على جميع الوجوه أنّه لا ينافي الاسـتدلالَ بالحديث على المدّعى موتُ هارون قبل موسى، كما عُلِم بطلانُ أن يكون المراد مجـرّد اسـتـخلاف أميـر المؤمنيـن فـي المدينـة خاصّـة، فـإنّ خصـوص المـورد لا يُخصّص العموم الوارد، ولا سـيّما أنّ الاسـتخلاف بالمدينة ليـس مختصّـاً بأمير المؤمنين (عليه السلام); لاسـتخلاف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) غيره بها في باقي الغـزوات.
ومقتضى الحديث أنّ الاسـتخلاف منزلة خاصّـة به، كمنزلة هارون من موسى التي لم يسـتثن منها إلاّ النبوّة، فلا بُـدّ أن يكون المراد بالحديث إثبات تلك المنزلة العامّـة له إلى ما بعـد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
واسـتدلّ الفضل على إرادة الاستخلاف بالمدينة خاصّة حين ذهاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى تبوك بقوله تعالى: { اخلفني في قومي }(1)، وهو خطأٌ ظاهر; لأنّ مجرّد وقوع الاسـتخلاف الخاصّ من موسى لا يدلّ على اختصـاص خلافـة هارون في ذلك المورد دون غيره، فكذا اسـتخلاف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ (عليه السلام)، بل العبرة بعموم الحديث، مع اقتضاء شركة هـارون لموسى في أمره ثبوت الخلافة العامّة، فكذا عليٌّ (عليه السلام).
ويدلّ على عدم إرادة ذلك الاسـتخلاف الخاصّ بخصوصه، ورود الحديث في موارد لا دخل له بها..
____________
1- سورة الأعراف 7: 142.
ومنهـا: مـا رواه فـي " كـنـز العمّـال "(2)، عـن أُمّ سُـلَيـم(3)، أنّ
____________
1- انظر مثلا: مسند أحمد 4 / 369 و ج 1 / 175 و 331 و ج 2 / 26، سنن الترمذي 4 / 599 ح 3732، المعجم الكبير 2 / 246 ح 2031.
وسـيأتي الكلام عليه وتخريجه مفصّـلا في الحديث الثاني عشـر.
2- ص 164 من الجزء السادس [ 11 / 607 ح 32936 ]. منـه (قدس سره).
وانظر: الضعفاء الكبير ـ للعقيلي ـ 2 / 46 ـ 47 رقم 477 وصحّح الحديث فقال: " وأمّا (أنت منّي بمنزلة هارون من موسى) فصحيح من غير هذا الوجه "، المعجم الكبير 12 / 14 ـ 15 ح 12341، تاريخ دمشق 42 / 169، كفاية الطالب: 168، فرائد السمطين 1 / 150 ذ ح 113، ميزان الاعتدال 3 / 3 رقم 2590 و ج 4 / 92 رقم 4300، مجمع الزوائد 9 / 111، ينابيع المودّة 1 / 171 ح 18.
3- كذا في الأصل والمصدر، وفي بقيّـة المصادر المذكورة في الهامش السابق: " أُمّ سـلمة "; ولعلّ ما في المصدر تصحيف فانجـرّ إلى أصل كـتابنا هذا; فلاحـظ!
أمّـا السـيّدة أُمّ سلمة رضوان الله عليها فغنـيّـة عن التعريف والتوثيـق.
وأمّا أُمّ سُلَيم، فقد اخـتُـلف في اسمها، وهي: ابنة مِلْحان ـ واسمه: مالك ـ ابن خالد الأنصارية، وهي أُخت حرام بن ملحان، اسـتُـشهد أبوها وأخوها بين يدي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكانت على جانب من الفضل والعقل، روت عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)أحاديث، وروى عنها ابنها أنس، وابن عبّـاس، وزيد بن ثابت، وأبو سلمة بن عبـد الرحمن، وآخرون.. وتُعدّ في أهل السوابق، وهي من الدعاة إلى الإسلام.
كانت في الجاهلية تحت مالك بن النضر، فأولدها أنس بن مالك، فلمّا جاء الله بالإسلام كانت في السابقين إليه، ودعت مالكاً زوجها إلى الله ورسوله، فأبى أن يسلم، فهجرته، فخرج مغاضباً إلى الشام، فهلك هناك كافراً، وقد نصحت لابنها أنس إذ أمرته وهو ابن عشر سـنين أن يخدم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقبله النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إكراماً لهـا.
وخطبها أشراف العرب، فكانت تقول: لا أتزوّج حتّى يبلغ أنس ويجلس مجلس الرجال; فكان أنس يقول: جزى الله أُمّي خيراً، أحسـنَـتْ ولايتي.
وقد أسلم على يدها أبو طلحة الأنصاري، إذ خطبها وهو كافر، فأبت أن تتزوّجه أو يسلم، فأسلم بدعوتها، وكان صداقها منه إسلامه.
أولدها أبو طلحة ولداً فمرض ومات، فقالت: لا يذكرنّ أحدٌ موته لأبيه قبلي; فلمّا جاء وسأل عن ولده، قالت: هو أسكن ما كان; فظنّ أنّه نائم، فقدّمت له الطعام فتعشّى، ثمّ تزيّنت له وتطـيّبت، فنام معها وأصاب منها، فلمّا أصبح قالت له: احتسـب ولدك; فذكر أبو طلحة قصّتها لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: بارك الله لكما في ليلتكما; وقالت: لقد دعا لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى ما أُريد زيادة.
وعلقت في تلك الليلة بعبـد الله بن أبي طلحة، فأنجب ورُزق أولاداً، وهو والد إسحاق بن عبـد الله بن أبي طلحة الفقيه وإخوته، وكانوا عشرة كلّهم من حملة العلـم.
وكانت أُمّ سليم تغزو مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فتداوي الجرحى، وتقوم بالمرضى، واتّخذت في غزاة خنجراً لتبقر به بطن مَن دنا إليها من المشركين، وكانت من أحسن النساء بلاءً في الإسلام، ولا تُعرف امرأة سواها كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يزورها في بيتها فتتحفه بالشيء تصنعه له، فقيل له، فقال: إنّي أرحمها، قُـتل أخوها وأبوها معي.
انظـر: معرفـة الصحابة 6 / 3504 رقم 4093، الاسـتيعاب 4 / 1940 رقم 4163، أُسد الغابة 6 / 345 رقم 7471، الإصابة 8 / 227 رقم 12073.
ومنها: ما رواه في " الكنز " أيضاً(1)، عن ابن عبّـاس، أنّ عمر قال: " كُـفّوا عن ذِكـر عليّ بن أبي طالـب، فإنّي سمعت رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يقـول في عليّ ثلاثُ خصال، لاَنْ يكونَ لي واحدةٌ منهنّ أحبّ إليَّ ممّا طلعت عليه الشمس; كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيـدة ونفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والنبيّ متّـكئ على عليّ حتّى ضرب على منكبه، ثمّ قال: أنت يا عليُّ أوّل المؤمنين إيمانـاً، وأوّلهم إسلاماً.
ثمّ قال: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، وكذب [ علَيَّ ] مَن
____________
1- ص 395 من الجزء المذكور [ 13 / 122 ـ 123 ح 36392 ]. منـه (قدس سره).
ومنها: ما في " الكنز " أيضاً(1)، عن زيد بن أبي أوفى، في قصّة المؤاخاة، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " والذي بعثني بالحقّ! ما أخّرتُك إلاّ لنفسي، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى، غير أنّه لا نبيّ بعـدي... " الحـديث.
ومنها: ما رواه النسائي في " الخصائص "، بالنسبة إلى ما يتعلّق ببنت حمزة، حيث اختصم بتربيتها عليٌّ وجعفر وزيد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا عليّ! أنت منّي بمنزلة هارون من موسى... "(2) الحـديث.
.. إلى غيرها من الموارد الكـثيـرة.
ويشهد أيضاً لعموم المنزلة ما ورد أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) سمّى الحسنين بالحسـنين، اقـتفاء لهارون في تسمية ولديه بشـبّر وشـبير، كما في " مسند أحمد " بموارد عديـدة(3).
فإنّ ذلك ونحوه شاهد بأنّ عليّـاً (عليه السلام) شبيه بهارون بجميع المزايا، وأنّ له خصائصه كلّها، وأظهرها الإمامة، بل يسـتفاد من حديث التسمية إمامـة الحسـنين أيضاً، كولَـدَيْ هارون (عليه السلام)(4).
____________
1- ص 390 من الجزء المذكور [ 13 / 105 ح 36345 ]، و ص 40 من الجزء الخامـس [ 9 / 167 ح 25554 ]. منـه (قدس سره).
2- خصائص الإمام عليّ (عليه السلام): 65 ح 66.
3- ص 98 و 118 و 159 من الجزء الأوّل. منـه (قدس سره).
4- وقد توسّع السـيّد عليّ الحسـيني الميلاني ـ حفظه الله ورعاه ـ في دراسة حديث المنزلة دراسة مفصّـلة، وتناول كلّ المباحث المتعلّقة به، سـنداً ودلالة، في الجزءين 17 و 18 من موسوعته " نفحـات الأزهار "; فراجـع!
وانظر كذلك ما يخصّ حديث المنزلة من مباحث في: الإمامة في أهمّ الكـتب الكلامية: 214 ـ 219، الأحاديث المقلوبة في مناقب الصحابة: 6 ـ 12 وهي الرسالة السابعة من كـتاب " الرسائل العشر "، تشـييد المراجعات وتفنيد المكابرات 3 / 205 ـ 242.
10 ـ حـديث: إنّي دافـعٌ الرايـةَ غداً
قال المصنّـف ـ شـرّف الله منزلته ـ(1):
العاشر: في مسند أحمد ـ من عدّة طرق ـ، وصحيحَي مسلم والبخاري ـ من طرق متعدّدة ـ، وفي الجمع بين الصحاح السـتّة أيضاً، عن عبـد الله بن بريدة، قال: سمعت أبي يقول: حاصرنا خيبر، وأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له، ثمّ أخذه عمر من الغد فرجع ولم يفتح له، وأصاب الناس يومئذ شدّة وجهد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إنّي دافع الراية غداً إلى رجل يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، كـرّار غير فـرّار، لا يرجع حتّى يفتح الله له ".
فبات الناس يتداولون ليلتهم أيّهم يُعطاها، فلمّا أصبح الناس غدوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كلّهم يرجو أن يعطاها.
فقال: أين عليّ بن أبي طالب؟
فقالوا: إنّـه أرمد العين!
فأرسل إليه، فأتى، فبصق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عينيه، ودعا له
____________
1- نهج الحقّ: 216.
____________
1- انظر: مسند أحمد 5 / 353 ـ 354 و 358 ـ 359 و ج 2 / 384، صحيح مسلم 7 / 120 ـ 122 فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)، صحيح البخاري 4 / 145 ح 213 و ج 5 / 87 ـ 88 ح 197 و 198 و ص 279 ح 230 و 231.
وانظر: سنن الترمذي 5 / 596 ح 3724، سنن ابن ماجة 1 / 43 ح 117، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5 / 46 ح 8149 ـ 8151 و ص 108 ـ 113 ح 8399 ـ 8409 و ص 178 ـ 180 ح 8600 ـ 8603، مسند الطيالسي: 320 ح 2441، مصنّف عبـد الرزّاق 5 / 287 ح 9637 و ج 11 / 228 ح 20395، سـنن سعيد بن منصور 2 / 178 ـ 179 ح 2472 ـ 2474، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 497 ح 17 و ص 500 ح 33 و 35 و 37 و ج 8 / 520 ـ 522 ح 2 و 7 و 10 و 11 و ص 525 ح 22 و 23، فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ 2 / 697 ح 950 و ص 722 ح 988 و ص 734 ـ 735 ح 1009 و ص 746 ح 1030 و 1031 و ص 748 ح 1034 و ص 751 ـ 752 ح 1036 و 1037 و ص 756 ـ 757 ح 1044 و ص 764 ـ 765 ح 1054 و 1056 و ص 791 ح 1084 و ص 818 ح 1122، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ 2 / 84 و 85، مسـند سـعد بن أبي وقّـاص ـ للـدورقـي ـ: 51 ح 19، التـاريـخ الـكـبـيـر ـ للبخاري ـ 2 / 115 رقم 1881 و ج 7 / 263 رقم 1110، كتاب السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ: 594 ح 1377 ـ 1380، مسند البزّار 2 / 135 ـ 136 ح 496 و ج 3 / 22 ح 770 و ص 281 ح 1071 و 1072 و ص 324 ح 1120، مسند أبي يعلى 1 / 291 ح 354 و ج 13 / 522 ح 7527 و ص 531 ح 7537، مسند الروياني 2 / 124 ح 1023 و ص 166 ح 1149، مسند أبي عوانة 4 / 306 ذ ح 6820 و ص 310 ـ 311 ذ ح 6821 و 6823، مسند الشاشي 1 / 146 ح 82 و ص 166 ح 106، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 9 / 43 ـ 45 ح 6893 ـ 6896، المعجم الكبير 6 / 152 ح 5818 و ص 167 ح 5877 و ص 187 ح 5950 و ص 198 ح 5991 و ج 7 / 13 ح 6233 و ص 17 ح 6243 و ص 31 ح 6287 و ص 35 ـ 36 ح 6303 و 6304 و ص 77 ح 6421 و ج 18 / 237 ـ 238 ح 594 ـ 598، المعجم الأوسط 3 / 241 ح 2836 و ج 6 / 116 ح 5789، المـعـجـم الصغيـر 2 / 10 ـ 11، العلل الواردة في الأحاديث ـ للدارقطني ـ 3 / 277 رقم 404، المستدرك على الصحيحين 3 / 40 ح 4342 و ص 117 ح 4575 و ص 143 ح 4652 و ص 494 ح 5844، حلية الأولياء 1 / 62 و ج 4 / 356، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 6 / 362 و ج 9 / 107 و 131، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ 4 / 205 ـ 213 من عدّة طرق، الاستيعاب 3 / 1099، تاريخ بغداد 8 / 5 رقم 4036، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ لابن المغازلي ـ: 176 ـ 185 ح 213 ـ 224 من عـدّة طرق، تاريخ دمشق 42 / 103 ـ 123.
وقال الفضـل(1):
حديث خيبـر صحيـح، وهذا من الفضـائل العليّـة لأمير المؤمنيـن، لا يكاد يشاركه فيها أحد، وكم له من فضائل مثل هذا!
العجب أنّ كلّ هذه الفضـائل يرويه من كتب أصحابنا، ويعلم أنّهم في غاية الاهتمام بنشر مناقب أمير المؤمنين وفضائله، وما هم كالروافض والشيعة في إخفاء مناقب مشايخ الصحابة.
فلو كان هناك نصٌّ كانوا مهتمّين لنقله ونشره كاهتمامهم في نشر فضائله ومناقبه; لخلوِّهم عن الأغراض والإعراض عن الحـقّ.
____________
1- إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 7 / 433.
وأقـول:
إذا حكم بصحّة الحديث لزم أن يحكم بأنّه منقصة للشيخين، كما هو كمال وفضيلة لأمير المؤمنين (عليه السلام); لأنّ مدحه بهذا المدح ـ بعد انصرافهما باللـواء ـ صريـح بالتعريض بهمـا، وأنّهما ليسـا على ذلك الوصـف، فهما لا يحبّان الله ورسوله، ولا يحبّهما الله ورسوله، وهما فرّاران غير كرّارين، كما لا يخفى على من لحظ النظائر، فإنّ من أرسل رسولا بمهمّة له ولم يقضِ المهمّة فقال: لأبعثنّ رسولا حازماً يقضي المهمّ، أُحبّه ويُحبّني; دلّ على أنّ الرسول الأوّل ليس على هذا الوصف.
على أنّ وصف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لمن يدفع إليه اللواء بأنّه يحبّ الله ورسـوله ويحبّـانه، غير مرتبط في المقام إلاّ من حيث بيـان أنّ من يُحبّ الله ورسوله لا بُـدّ أن يبذل نفسه في سـبيلهما ولا يجبن عند الجهاد، وأنّ من يحبّه الله ورسوله لا يعصيهما بالفرار من الزحف، الذي هو من أكبر الذنوب وأسوأ المعاصي، فينبغي أن لا يكون الرجلان بهذا الوصف الجميـل.
وحينـئذ: فإذا اختصّ عليٌّ (عليه السلام) دونهما بحبّه لله ورسوله، وحبّهما لـه، تعـيّن للإمامـة; إذ كيف يكون إمام الأُمّـة وزعيم الدين مَن لا يحـبّ الله ورسـوله، ولا يحبّـانه، فَـرّاراً جباناً؟!
واعلم أنّ أخذ الشيخين للّواء وانصرافهما به غير موجود في الروايات التي رواها البخاري في غزوة خيبر، ورواها مسلم في باب فضائل
فلعـلّ نسـبة المصنّـف (رحمه الله) الحديث إليهما وإلى غيرهما باعتبار مجموعه، وإنْ لم يرويا إلاّ محاربة عليّ (عليه السلام) وقول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه.
ويمكن أن يكون تمام الحديث مرويّـاً في مقامات أُخر من الصحيحين لم أطّلع عليها، أو يكون ما يتعلّق بالشيخين مُسقَطاً من الحديث حفظاً لشأنهما!
وممّا وجدته من الأحاديث المشتملة عليه، ما رواه أحمد في مسـنده(2)، عن بريدة، قال: " حاصرنا خيبر، فأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له، ثمّ أخذه عمر من الغد فخرج فرجع ولم يفتح له، وأصاب الناس يومئـذ شدّة وجهد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّي دافع الراية غداً إلى رجل يُحبّه الله ورسوله، ويحبّ الله ورسوله، لا يرجع حتّى يفتح لـه.
فبتنا طيّبة أنفسنا أنّ الفتح غداً، فلمّا أن أصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)صلّى الغداة، ثمّ قام قائماً فدعا باللواء والناس على مصافّهم، فدعا عليّـاً وهو أرمد، فتفل في عينه ودفع إليه اللواء وفتح له ".
ومنها: ما رواه أحمد أيضاً(3)، قال: " لمّا نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بحصن أهل خيبر أعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اللواء عمر بن الخطّاب، ونهض معه من نهض من المسلمين، فلقوا أهل خيبر.
____________
1- انظر: صحيح البخاري 5 / 279 ح 230 و 231، صحيح مسلم 7 / 120 ـ 122.
2- ص 353 من الجزء الخامـس بسـنده. منـه (قدس سره).
3- ص 358 من هذا الجـزء. منـه (قدس سره).
فلمّا كان الغد دعا عليّـاً وهو أرمد، فتفل في عينه وأعطاه اللواء، ونهض الناس معه فلقي مرحب ـ إلى أن قال: ـ فضربه على هامته حتّى عضّ السيف منها بأضراسه، وسمع أهل العسكر صوت ضربته.
قال: وما تـتامّ آخرُ الناس مع عليّ حتّى فُتح له ".
ومنها: ما رواه الحاكم في كتاب المغازي من " المستدرك "(1)، عن أبي ليلى، عن عليّ (عليه السلام)، أنّه قال: " يا أبا ليلى! أما كنت معنا بخيبر؟!
قال: بلى والله، كنت معكم.
قال: فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث أبا بكر إلى خيبر فسار بالناس وانهزم حتّى رجع ".
وروى الحاكم أيضاً، عن عليّ (عليه السلام)، قال: " سار النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى خيبر، فلمّا أتاها بعث عمر وبعث معه الناس... فقاتَلوهم، فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه، فجاؤوا يجـبّـنونه ويجـبّـنهم... "(2) الحـديث.
وروى الحاكم أيضاً عن جابر نحو هذا(3)، وصحّح الأحاديث كلّها، وما تعـقّب الذهبيُّ إلاّ الحـديث الأخير بالمناقشة في سـنده، وهو غير ضـائر كما مـرّ مراراً، لا سـيّما مع ثبوت مضمونه بالصحاح الأُخـر.
ثـمّ روى الحـاكم، عن جابر، قال: لمّـا كان يـوم خيـبر بعـث رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجـلا فـجـبـن، فجـاء محـمّـد بـن مَـسـلمـة فـقـال:
____________
1- ص 37 من الجزء الثالث [ 3 / 39 ح 4338 أ ]. منـه (قدس سره).
2- المستدرك على الصحيحين 3 / 40 ح 4340.
3- المستدرك على الصحيحين 3 / 40 ح 4341.
.. إلى أن قال: ثمّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لأبعثنّ غداً رجلا يُحبّ اللهَ ورسولَـه، ويحـبّـانه، لا يولّي الدُبر، يفتح اللهُ على يديـه.
فَـتَـشَـوَّف(1) لها الناس، وعليٌّ يومئـذ أرمـد..
فقال له رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): سِـرْ.
فقال: يا رسول الله! ما أُبصر موضعاً!
فتفل في عينيه، وعقد له ودفع إليه الراية ـ إلى أن قال: ـ فلقيهم ففتـح الله عليه(2).
أقـول: المراد بالرجل الذي جبن هو أبو بكر، أو عمر، بدلالة الأخبار الأُخر، على أنّ الفارّ هو أحدهما لا غيرهما!
ومنها: ما نقله في " كنز العمّال "(3) في فضائل عليّ (عليه السلام)، عن ابن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، وابن ماجة، والبزّار، وابن جرير، قال: وصحّحه، والطبراني، والحاكم، والبيهقي، والضياء المقدسي في
____________
1- في المصدر: " فَـتَـشَـرَّف ".
وتشـوّف لها: تَـطاول ونظر وتَـطَـلَّـعَ; انظر: لسان العرب 7 / 238 مادّة " شوف ".
وتشـرّف لها: تَـطَـلَّـعَ إليها وتَـعَـرَّض لها; انظر: لسان العرب 7 / 91 مادّة " شرف ".
والكـلام يســتـقيم بأيّ منهمـا.
2- المستدرك على الصحيحين 3 / 40 ـ 41 ح 4342.
3- ص 394 من الجزء السادس [ 13 / 121 ـ 122 ح 36388 ]. منـه (قدس سره).
وانظر: سنن ابن ماجة 1 / 43 ـ 44 ح 117، مسند أحمد 1 / 99، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 497 ح 17، مسند البزّار 2 / 135 ـ 136 ح 496، المعجم الأوسط 3 / 51 ح 2307، المسـتـدرك على الصحـيـحيـن 3 / 39 ح 4338 أ، دلائـل النبـوّة ـ للبيهقي ـ 4 / 213.
" كان عليٌّ يخرج في الشتاء في إزار ورداء، ثوبين خفيفين، وفي الصيف في القباء المحشوّ والثوب الثقيل، فقال الناس: لو قلت لأبيك فإنّه يسمُرُ معه، فسألت أبي ـ إلى أن قال: ـ فسمر معه(1)، فقال: يا أمير المؤمنين! إنّ الناس قد تفقّدوا منك شيئاً ـ إلى أن قال: ـ قال: أَوَما كنتَ معنا يا أبا ليلى بخيبر؟!
قال: بلى والله، كنت معكم.
قال: فإنّ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعـث أبا بكر فسار بالناس، فانهزم حـتّى رجع عليه(2)، وبعث عمر فانهزم بالناس حتّى انتهى إليه، فقال رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لأُعطينّ الراية رجلا يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسـوله، يفـتح الله له، ليـس بفـرّار.
فأرسل إليَّ فدعاني فأتيته وأنا أرمد لا أُبصر شيئاً، فتفل في عيني وقال: اللّهمّ اكفه الحرّ والبرد; فما آذاني بعده حرّ ولا برد ".
ونحوه في " خصائص " النسائي(3).
ومنها: ما نقله في " كنز العمّال "(4) في غزوة خيبر، عن ابن أبي شيبة والبزّار ـ قال: وسنده حسن ـ، عن عليّ (عليه السلام)، قال: " سار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)إلى خيبر، فلمّا أتاها بعث عمر ومعه الناس إلى مدينتهم [ وإلى قصرهم ]
____________
1- في المصدر: " عنده ".
2- في المصدر: " إليه ".
3- خصائص الإمام عليّ (عليه السلام): 27 ح 13 و ص 108 ـ 109 ح 145، وانظر: السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5 / 108 ـ 109 ح 8401 و ص 152 ح 8536.
4- ص 283 من الجزء الخامس [ 10 / 462 ح 30119 ]. منـه (قدس سره).
وانظر: مصنّف ابن أبي شيبة 8 / 525 ح 22، مسند البزّار 3 / 22 ـ 23 ح 770.
ونقل أيضاً في المقام المذكور عن ابن جرير، عن بريدة، قال: " لمّا كان يوم خيبر أخذ اللواء أبو بكر فرجع ولم يُفتح له، فلمّا كان من الغد أخذ عمر اللواء ولم يُـفتح له، وقُـتل ابن مَسلمة، ورجع الناس، فقال رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لأدفعنَّ لوائي هذا إلى رجل يحبّ الله ورسوله، ويحبّـه الله ورسوله، لن يرجع حتّى يُـفتح عليه... "(1).. الحديث.
ونحوه في " خصائص " النسائي أيضاً(2).
ونقل في " الكـنز " أيضـاً، عن ابن أبي شـيبة، عـن بريـدة، قـال: " لمّـا نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحصن(3) خيبر فزع أهلُ خيبر... فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عمر بن الخطّاب بالناس، فلقي أهل خيبر، فردّوه وكشفوه هو وأصحابه، فرجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجـبّن أصحابَـه ويجـبّـنُـه أصحابُـه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لأُعطينّ اللواء غداً رجلا يحبّ الله ورسـوله، ويحـبّـه الله ورسـوله.
فلمّا كان الغد تَصادَر(4) لها أبو بكر وعمر، فدعا عليّـاً وهو يومئذ
____________
1- كنز العمّال 10 / 463 ح 30120.
2- خصائص الإمام عليّ (عليه السلام): 28 ح 14، وانظر: السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5 / 109 ح 8402.
3- في كنز العمّال ومصنّف ابن أبي شيبة: بحضرة.
4- كذا في مصنّف ابن أبي شيبة، وفي كنز العمّال: " تطاول ".
و " تَصادَرَ ": تقـدَّمَ القومَ بصدره، ووقف في صدر الصفّ ومقـدَّم الجيش ليكون أحدهما هو المختار لحمل اللواء وقيادة الحملة; انظر: لسان العرب 7 / 300 مادّة " صدر ".
و " تَـطاوَلَ ": هو أن يقوم قائماً ثمّ يَـتَـطاول في قيامه ثمّ يَرفع رأسه ويَمُدّ قوامَـه للنظر إلى الشيء; انظر: لسان العرب 8 / 228 مادّة " طول ".
فالمعنـى صحيـح بأيّ من الكلمتيـن.
ونحوه في " تاريخ الطبري "(2).
ومنها: ما أخرجه الطبري بعد الحديث المذكور، عن بريدة، قال: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ربّما أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس، وإنّ أبا بكر أخذ راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ نهض فقاتل قتالا شديداً، ثمّ رجع; فأخذها عمر فقاتل قتالا شديداً هو أشدّ من القتال الأوّل، ثمّ رجع.
فأُخبر بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: أما والله لأُعطينّـها رجلا يحبّ الله ورسوله، ويحـبّـه الله ورسوله، يأخذها عنوة ".
.. إلى أن قال: " وخرج مرحب... فبدره عليٌّ فضربه، فقدّ الحجر والمغفر ورأسه حتّى وقع في الأضراس، وأخذ المدينة "(3).
____________
1- كنز العمّال 10 / 463 ـ 464 ح 30121، وانظر: مصنّف ابن أبي شيبة 8 / 521 ـ 522 ح 7.
2- ص 93 من الجزء الثالث [ 2 / 136 ـ 137 حوادث سنة 7 هـ ]. منـه (قدس سره).
3- تاريخ الطبري 2 / 137 حوادث سنة 7 هـ، غزوة خيبر.
.. إلى غير ذلك من الأخبار التي يطول ذِكرها(2).
وليت شعري ما هذا القتال الشديد من الشيخين الذي لم يُصبْ فيه أحد بكلم، ولم يُهرقْ فيه دم؟!
وأمّا ما ذكره الفضل من أنّ المصنّف (رحمه الله) يروي هذه الفضائل من كتبهم، فمسلّم; لأنّ المطلوب إلزامهم بما هو حجّـة عليهم.
وليس ذِكرهم لهذه الفضائل دليلا على اهتمامهم بنقل ما يروونه نصّاً لو اطّلعوا عليه، كما سبق بيانه في الآية الثانية والثمانين(3)، وما رَوَوْا تلك الفضائل إلاّ لزعمهم عدم دلالتها على إمامته، لا لخلوّهم عن الأغراض!
ولذا لمّا نبّههم الشيعة على دلالتها على إمامته حذف المتأخّرون منهم ما يمكن حذفه من كتب المتقدّمين، كحديث النور ونحوه من مسند أحمد(4)، وأَوّلوا كثيراً منها بما هو أشبه بشُبَه السوفساطائية، وناقشوا في أسانيد الكثير منها مع تعدّد طرقها الكافي في اعتبارها، على أنّهم قلّ ما يروون فضائله على وجهها، ويوافون بالحقائق على حالها.
____________
1- ص 105 من الجزء الثاني [ 2 / 101 ـ 102 حوادث سنة 7 هـ ]. منـه (قدس سره).
2- انظر: مغازي الواقدي 2 / 653 ـ 655، السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ 4 / 305، تاريخ اليعقوبي 1 / 375، السيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ: 302، المنتظم 2 / 371 ـ 372 حوادث سنة 7 هـ، البداية والنهاية 4 / 150 ـ 154.
3- راجـع: ج 5 / 364 وما بعدهـا من هذا الكـتاب.
4- نقله ابنُ أبي الحديد عن " المسند " و " الفضائل " في شرح نهج البلاغة 9 / 171، ولم نجده في المسند، ورواه أحمد في فضائل الصحابة 2 / 823 ـ 824 ح 1130.
فلعمري لقد أراد أن يفضح فافتضح; لأنّه يطلب منّا أن نكذّب مثلهم ونحدّث بما لا أصل له، ممّا أحدثه حبّ الدنيا، وحدا إليه الرجاء والخوف في أيّـام معاوية وأشـباهه، كما سـبق في المقـدّمة(1)..
ويطلب منّـا أن نروي ما يخالف العقـل والدين، كالأخبار القائـلة: " إنّ أبا بكر وعمر لا يحبّان الباطل "; الدالّة على أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يحبّه، حيث غـنّى له المغـنّون والمغـنّيات كما يروون(2)..
وكالأخبار القائلة: " لو لم أُبعث لبعث عُمر " و " لو كان نبيّ بعدي لكان عمر "(3)، المسـتلزمة لجواز بعثة من سـبق منه الكفر..
وكروايات تبشير العشرة بالجنّة، التي عرفت حالها في الآية الثانية والثلاثين(4)..
وكرواية أنّ أبا بكر وعمر سيّدا كهول أهل الجنّة(5); مع أنّه لا كهول فيـها(6)..
____________
1- راجـع: ج 1 / 14 وما بعدهـا من هذا الكـتاب.
2- راجـع: ج 4 / 74 و 111 من هذا الكـتاب.
3- كـنز العمّال 11 / 581 ح 32761 ـ 32763، الكامل في ضعفاء الرجـال 3 / 155 رقم 669 و ص 216 رقم 713 و ج 4 / 194 رقم 1005، الموضوعات ـ لابن الجوزي ـ 1 / 320.
4- راجع: ج 5 / 145 وما بعـدها.
5- كنز العمّال 11 / 562 ح 32654.
6- وقد فصّل السـيّد عليّ الحسـيني الميلاني القولَ في سند هذا الحديث وطرقه ودلالته في كتابه " الرسائل العشر " في الحديث الثالث من " رسالة في الأحاديث المقلوبة في مناقب الصحابة "، ص 19 ـ 27; فراجـع!
____________
1- سنن الترمذي 5 / 645 ح 3842، مسند أحمد 4 / 216، الطبقات الكبرى 7 / 292 رقم 3746، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ 7 / 327 رقم 1405، حلية الأولياء 8 / 358، مشكاة المصابيح 3 / 392 ح 6244، البداية والنهاية 8 / 98 ـ 99.