وذكـر الحـاكم(1)، أنّ مسـلماً أخـرج حـديث أبي موسـى، عـن النبـيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): " خير نساء العالمين أربع "، ولم أجده في " صحيح مسلم "، لا في فضائل خديجـة! ولا في فضائل فاطمـة (عليها السلام)!!
نعم، روى في فضائل خديجـة، عن أبي موسى: " لم يكمل من النساء غير مريم وآسـية، وإنّ فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام "(2).
فلعلّ النّساخ حرّفوا الحديث، إيثاراً لعائشة بالفضـل، كما يشهد له أنّ هذا الحديث لم يشتمل على ذِكر خديجة، فكيف أخرجه مسلم في فضائلها؟!(3).
ولو لم يكن أصٌل لِما ذكره الحاكم، لتعقّبه الذهبيّ في " تلخيصه "!
وكيف كان! فلا ريب عندنا أنّ فاطمـة (عليها السلام) أفضلُ الأربع، وسيّدةُ نسـاء العالمين أجمع، كما قضت به أخبارنا(4)، وكذا أكـثر أخبار القوم;
____________
1- ص 154 ج 3 [ 3 / 168 ح 4733 ]. منـه (قدس سره).
2- صحيح مسلم 7 / 133.
3- انظر: ج 4 / 231 ـ 232 من هذا الكـتاب.
4- انظر: علل الشرائع 1 / 216 ب 146 ح 1، الأمالي ـ للصدوق ـ: 575، معاني الأخبار: 107 ح 1، دلائل الإمامة: 11 و 54 و 56، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 1 / 37، الأمالي ـ للطوسي ـ: 575، إعلام الورى 1 / 295 ـ 296، مناقـب آل أبي طالـب 3 / 369 ـ 371، عمدة عيون صحاح الأخبار: 445 ح 684 و ص 448 ـ 449 ح 692 ـ 696.
____________
1- تقـدّمت آنفاً في الصفحات السابقة.
2- وبعضها مخصّصة بمريم; ولا يبعد أنّه من الحسـد لسـيّدة النساء، كما يشهد له أنّ بعض روايات التخصيص واهية اللفظ والمعنى; قال فيها: " إلاّ ما كان من مريم " أو " لمريم "; إذ لا معنى للعدول عن اســتـثـناء مريم إلى ما كان منها!
وبعضها متنافية المراد، كالتي رواها في " الاسـتيعاب " [ 4 / 1895 ]، عن عمران ابن حصين، قال: " قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لفاطمـة: أمَا ترضين أنّـك سـيّدة نساء العالمين؟! قالت: فأين مريم؟! قال: تلك سـيّدة نساء عالَمِها، وأنتِ سـيّدة نسـاء عالَمِك "..
فإنّ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "... أنّـك سـيّدة نساء العالَمِين " دالٌّ ـ بلحاظ أنّ " العالَمِين " جمعٌ محلّـىً باللام ـ على أنّ سـيادتها لا تختصّ بعالَمها، وهو مناف لقوله: " أنتِ سـيّدة نسـاء عالَمِك "..
وإطلاق " العالَمِـين " على العالَم الواحد ـ مع مخالفته للظاهر ـ خال عن الفائدة في المقـام..
ولا يبعد أنّ في الحديث تحريفاً بإبدال " العالَمِـين " بـ " عالَمِـك "، فيكون آخر الحديث كأوّله مفيداً للعموم ولا يحصل التنافي، ويكون موافقاً لِما ورد عندنا، فإنّـه جاء في أخبارنا [ كما في الهامش 4 من الصفحة السابقة ]، أنّ النبيّ قال: " فاطمـة سـيّدة نساء العالمين; فقيل له: أليـسـت تلك مريم؟! فقال: مريم سـيّدة نساء عالمها، وفاطمـة سـيّدة نساء العالمين ".
وأمّـا قوله تعالى: (وفضّـلك على نساء العالمين)، فالمراد به: أكـثر العوالم، بقرينة ما سـبق.
ثمّ إنّ بعض الرواة لم يكتفِ باســتـثـناء مريم، بل أضاف إليها غيرها! فقد نقل في " كـنز العمّـال " [ انظر: كنز العمّال 12 / 110 ح 34233، مصنّف ابن أبي شـيبة 7 / 527 ب 33 ح 5 ]، عن ابن أبي شـيبة، عن عبـد الرحمـن بن أبي ليلى، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " فاطمـة سـيّدة نساء العالمين بعد مريم وآسـية وخديجـة "..
وهو مناف لجميع أخبارهم! ويا ليتهم اكـتفوا بذلك ولم يأتوا بما يناقضه في فضـل عائشة!!
مـنـه (قدس سره).
وهو ظاهر الوضع; إذ لا يحسن نسـبة هذا التشـبيه الواهي إلى من أُعطي جوامع الكلم، وكان أفصح من نطق بالضـاد.
وكيف لا يجزم بكذبه من عرف طريقة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في لطف كلامه، وحُسـن بـيانه، وبديع تشـبيهاته؟!
وأين هو من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " فاطمـة سـيّدة نساء العالمين "(2)؟!
وليت شعري، أيكون الفضلُ جُزافاً، وقد خالفَتْ أمرَ الله في كتابه بقرارها في بيتها(3)، وخرجت على إمام زمانها الذي قال فيه رسول الله: " حربك حربي "(4)؟!
____________
1- تقـدّم في الصفحة السابقة عن " صحيح مسلم ".
2- انظر: سنن الترمذي 5 / 619 ح 3781، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5 / 146 ـ 147 ح 8515 ـ 8517، مسـند أحمـد 5 / 391، فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ 2 / 990 ح 1406، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 527 ح 3، حلية الأولياء 4 / 190، الاعتقاد على مذهب السلف: 187.
وانظر ما مرّ آنفاً في الصفحات السابقة، وكذا ما تقـدّم في ج 4 / 231 من هذا الكـتاب.
3- إشارة إلى قوله تعالى: (وقرن في بيوتكنّ ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأُولى)سورة الأحزاب 33: 33.
4- تقـدّم تخريجه في الصفحة 432 هـ 1 من هذا الجـزء; فراجــع!
واسـتمرّت على بغضه(3)، وقد جعل الرسـولُ بغضَه دليـلُ
____________
1- وذلك بيّنٌ مِن حملها الناسَ وقيادة الجيوش لقتال الإمام عليّ (عليه السلام) يوم الجمل فتسـبّبت بشقّ كلمة المسلمين وقتل الآلاف منهم!
وكذا لمّا جاءها خبر مبايعة الناس لأمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) خليفة للمسلمين قالت: " لَودِدْتُ أنّ السماء انطبقت على الأرض إنْ تمّ هذا الأمر "!
وقد وصف أميرُ المؤمنين عليٌّ (عليه السلام) عداوتها له بقوله: " ضِغْنٌ غَلا في صدرِها كمِـرْجَـلِ القَـيْـنِ، ولو دُعِيَتْ لِتنالَ مِن غيري ما أَتتْ إليَّ، لم تفعلْ ".
انظر: تاريخ الطبري 3 / 12، الإمامة والسـياسة 1 / 71، تذكرة الخواصّ: 64، نهج البلاغة: 218، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 6 / 215.
وراجع الصفحات 149 ـ 151 من هذا الجـزء!
2- لم نعثر عليه بهذا اللفظ، وقد جاء فيه (عليه السلام) عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) بلفظ: " اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه " ضمن حديث الغـدير; فراجع تخريجه مفصّـلا في كـتابنا هذا في: ج 1 / 19 ـ 21 هـ 1، وفي مبحث آية (يا أيّها الرسول بلّغ...) في ج 4 / 314 ـ 332، وفي مبحث آية (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي...) في ج 5 / 165 هـ 1.
كما ورد بلفظ: " عادى اللهُ مَن عادى عليّـاً "; انظر: أُسد الغابة 2 / 42 رقم 1589، الجامع الصغير: 332 رقم 5362، كـنز العمّال 11 / 601 ح 32899، ينابيع المودّة 2 / 77 ح 69.
3- نذكر من ذلك مثلا:
n قـول ابن عبّـاس (رضي الله عنه): إنّ عائشة لا تطيـب لعليّ نفساً بخير.
انظر: مسـند أحمد 6 / 34 و 228، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ 2 / 179، تاريخ الطبري 2 / 226.
n ونكرانها وصيّـة رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ في مرضه الذي توفّي فيه (صلى الله عليه وآله وسلم).
انظر: صحيح البخاري 6 / 37 ح 442، صحيح مسلم 5 / 75، سنن النسائي 6 / 241، سنن ابن ماجة 1 / 519 ح 1626.
n وروايتها افتراءً على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ عليّـاً والعبّـاس يموتان على غير ملّـته، وأنّـهما من أهل النـار.
انظر: شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 4 / 63 ـ 64.
n وسـجدت لله شكراً لمّا سمعت باسـتـشهاد الإمام عليّ (عليه السلام)، وتمثّلت قائلـة:
فألقت عصاها واسـتقرّ بها النوى | كما قـرّ عيناً بالإيابِ المسافـرُ |
ثمّ قالت: مَن قتله؟ فقيل: رجل من مراد; فقالت:
فإن يكُ نائياً فلقد بَغاهُ (نَعاهُ) | غـلامٌ ليـس في فيـهِ الـتُّـرابُ |
انظر: الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ 3 / 29، تاريخ الطبري 3 / 159، مقاتل الطالبيّـين: 55.
وراجع الصفحات 149 ـ 151 من هذا الجـزء!
وكيف تكون أفضـلَ النسـاء وقد ضرب الله سـبحانه مَـثَـلها وصاحبتها في كـتابه المجيد بقوله تعالى: { ضرب الله مثلا للّـذين كفروا امرأةَ نوح وامرأةَ لوط كانتا تحتَ عبـدين من عبادنا صالِحَـيْنِ فخانَـتاهما فلم يُـغنيـا عنهمـا من الله شـيئاً وقيل ادخلا النارَ مع الداخليـن }(3)؟!
ثمّ إنّه بعد ثبوت حديث سيادتها الجامع لأصناف الفضل، لا نحتاج إلى إثبات الحديث الذي ذكره المصنّف (رحمه الله) في زفافها; فإنّه من بعض ما يقتضيه سيادتُها وشرفُها، ولا سيّما بعدما زوّجها الله تعالى في السماء من
____________
1- انظر تفصيل ذلك في مبحث حديث: " لا يحبّـك إلاّ مؤمن "، في الصفحات 147 ـ 151 من هذا الجزء.
2- انظر: تاريخ بغـداد 13 / 32 رقم 6988، مجمع الزوائد 9 / 129 ـ 132، كنز العمّال 13 / 109 ح 36358.
وراجـع الصفحة 432 من هذا الجزء.
3- سورة التحريم 66: 10.
ولنذكر عوضه ما هو أعظم منه، بل أعظم من حديث سـيادتها، وهو ما رواه الحـاكم(3)، وصحّـحه على شـرط الشـيخين، عن عائشة، قالـت: " ما رأيت أحداً كان أشـبه كلاماً وحديثاً برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من فاطمة.
وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبّلها ورحّب بها، وأخذ بيدها فأجلسها في مجلسه.
وكانت هي إذا دخل عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قامت إليه مستقبلة وقـبّلت يده ".
ورواه أيضاً(4) إلى قوله: " فأجلسها في مجلسه "، وصحّحه أيضاً على شرط الشيخين، وأقـرّ الذهبيّ بصحّـته لكن لا على شرطهما.
وروى الترمذي نحو الأوّل، في فضل فاطمـة، وحسّـنه، ثمّ قال: " وروي [ هذا الحديث ] من غير وجه عن عائشة "(5).
____________
1- كذا في الأصل، وهو سهو، فإنّ الحديث جاء في ترجمة " توبة بن عُـلْوان "، ويبدو أنّ الشـيخ المظـفّر (قدس سره) قد سـبق نظره إلى ترجمة " توبة بن عبـد الله " التي جاءت قبل ترجمـة " ابن عُـلوان " مباشرة; فلاحـظ!
انظر: ميزان الاعتدال 2 / 79 ـ 80 رقمَي 1351 و 1352.
2- نـقـول: إنّ مراد الشـيخ المظـفّر (قدس سره) هنا أنّ حديث زفاف سـيّدة نساء العالمين الزهـراء البتـول (عليها السلام) ـ الذي أورده العلاّمة الحلّي (قدس سره) ـ هو من المسلّمات، وهو فرعٌ لحديث سـيادتها (عليها السلام)، فهو في غنىً عن الإثبات لولا جـرأة من كـذّبه!
3- ص 160 من الجزء الثالث [ المسـتدرك على الصحيحيـن 3 / 174 ح 4753 ]. مـنـه (قدس سره).
4- ص 154 ج 3 [ 3 / 167 ح 4732 ]. منـه (قدس سره).
5- سـنن الترمذي 5 / 657 ـ 658 ح 3872.
فانظر إلى ما فيه من الدلالة على الفضل الباذخ والشرف الشامخ; إذ ليس من شأن البنت أن يقوم لها أبوها ويتنحّى عنها ويجلسها في مجلسه، لا سـيّما وهو سـيّد النبيّين وخير الأوّلين والآخِرين.
ولعلّه يريد بذلك من أُمّته تعظيمها بعده، ورعاية حرمتها، علماً منه بما تلقاه منهم من التقصير بحقّها، وغصبها ميراثها، والهجوم على بيتها، إلى أن ماتت غضبى عليهم.
وقد كان من تعظيمه لها أنّه إذا جاء من سفر أتى المسجد فصلّى فيه ركعتين، ثمّ ثنّى بفاطمة (عليها السلام)، كما رواه في " المستدرك " عن أبي ثعلبة(2).
وروى أيضاً(3)، عن ابن عمر، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا سافر كان آخر الناس عهداً به فاطمة، وإذ قدم من سفر كان أوّل الناس به عهداً فاطمة.
____________
1- الاسـتيعاب 4 / 1896، وانظر: سـنن أبي داود 4 / 356 ـ 357 ح 5217، السـنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5 / 96 ح 8369، الأدب المفرد: 255 ح 974، السـنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 7 / 101.
2- ص 155 من الجزء الثالث [ 3 / 169 ح 4737 ]. منـه (قدس سره).
3- ص 156 ج 3 [ 3 / 169 ـ 170 ح 4739 ]. منـه (قدس سره).
وانظر: سنن أبي داود 4 / 85 ح 4213، مسند أحمد 5 / 275، المعجم الكبير 2 / 103 ح 1453، حلية الأولياء 2 / 30، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 1 / 26، الاسـتيعاب 4 / 1895، ذخائر العقبى: 79.
قال المصنّـف ـ طاب ثراه ـ(1):
وكان سـبطاه الحسـنان أشرفَ الناس بعده..
روى أخطـب خـوارزم، بإسـناده إلى ابن مسـعود، قـال: قـال رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " الحسـن والحسـين سـيّدا شـباب أهل الجنّـة "(2).
وعن البراء، قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حامل الحسن وهو يقول: " اللّهمّ إنّي أُحبّـه فأَحِـبّـه "(3).
وقال أبو هريرة: " رأيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يمصُّ لعاب الحسن والحسين كما يمصُّ الرجل التمر "(4).
____________
1- نهج الحقّ: 255 ـ 259.
2- مقتل الحسـين (عليه السلام) 1 / 142 ح 14، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام): 294 ح 283.
3- صحيح البخاري 3 / 138 ـ 139 ح 73 و ج 5 / 101 ح 237 و ج 7 / 291 ح 100، صـحـيـح مسـلـم 7 / 130، سـنن الـتـرمـذي 5 / 620 ح 3783، السـنـن الكـبـرى ـ للنسائي ـ 5 / 49 ح 8163 ـ 8165، سنن ابن ماجة 1 / 51 ح 142، مسند أحمد 2 / 249 و 331 و 532، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 514 ح 18 و 19، الأدب المفرد: 45 ح 86 باب حمل الصبي على العاتق، المعجم الكبير 3 / 31 ح 2582 ـ 2585، المعجم الأوسط 2 / 91 ح 1371 و ص 326 ح 1993، مسند أبي يعلى 2 / 254 ح 960 و ج 11 / 279 ح 6391، مسند الحميدي 2 / 451 ح 1043، الجعـديات 2 / 66 ح 2023، الإحسـان بترتيـب صحيح ابن حبّـان 9 / 56 ح 6923 و 6924، المستدرك على الصحيحين 3 / 185 ح 4791 و ص 195 ح 4821، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 10 / 233، تاريخ بغداد 1 / 139 رقم 2، مصابيح السُـنّة 4 / 186 ح 4803 و 4804، شرح السُـنّة 8 / 101 ـ 102 ح 3931 و 3932، تاريخ دمشق 13 / 186 ـ 195.
4- مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ لابن المغازلي ـ: 298 ح 420، تاريخ دمشق 13 / 223 و ج 14 / 169، ميزان الاعتدال 1 / 365 رقم 820، كنز العمّال 13 / 650 ح 37645، وانظر: مسند أحمد 4 / 93، المعجم الكبير 3 / 50 ـ 51 ح 2656، مجمع الزوائد 9 / 180 ـ 181.
فقال: هذان ابناي وابنا بنتي، اللّهمّ إنّك تعلم أنّي أُحبُّهما فأَحِـبَّـهما " ثلاث مرّات(1).
وعن جابر، قال: دخلت على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى ظهره الحسن والحسـين وهو يقول: " نِعم الجمل جملكما، ونِعم العِدلان أنتما "(2).
وروى صاحب كتاب " [ نهاية ] الطلب وغاية السؤول " الحنبلي(3)، بإسناده إلى ابن عبّـاس، قال: " كنت عند النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى فخذه الأيسر
____________
1- انظر: سنن الترمذي 5 / 614 ح 3769، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5 / 149 ح 8524، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 512 ح 8، المعجم الصغير 1 / 199 ـ 200، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 9 / 58 ح 6928، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ لابن المغازلي ـ: 299 ح 421، مصابيح السُـنّة 4 / 194 ح 4829، تاريخ دمشق 14 / 155، أُسد الغابة 1 / 489 بترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)، مشكاة المصابيح 3 / 374 ح 6165، موارد الظمآن: 552 ح 2234، كـنز العمّال 12 / 114 ح 34255 و ج 13 / 671 ح 37711.
2- المعجم الكبير 3 / 52 ح 2661، الكنى والأسماء ـ للدولابي ـ 2 / 6، مقتل الحسـين (عليه السلام) ـ للخوارزمي ـ: 167 ح 74، تاريخ دمشق 13 / 217، التدوين في أخبار قزوين 3 / 191 رقم 2552، ذخائر العقبى: 226، البداية والنهاية 8 / 29، مجمـع الزوائـد 9 / 182، كـنز العـمّـال 13 / 663 ح 37687 و ص 664 ح 37689 و 37690.
3- هو: إبراهيم بن عليّ بن محمّـد الدينوري الحنبلي، له من المصنّـفات: نهاية الطلب وغاية السؤول في مناقب آل الرسول.
انظر: الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف: 302 رقم 388.
فنظـر إلى ولده إبراهيـم وبكى، ونظر إلى الحسـين وبكى، ثمّ قال: إنّ إبراهيم أُمّه أَمةٌ، إذا مات لم يحزن عليه غيري، وأُمّ الحسين فاطمة، وأبوه عليٌّ ابن عميّ، لحمه لحمي، ودمه دمي، ومتى مات حزنت عليه ابنتي، وحزن ابن عمّي، وحزنتُ، أنا أُؤثر حزني على حزنهما; يُقبض إبراهيم، فقد فديتُ الحسـينَ به; فقُبض إبراهيم بعد ثـلاث.
وكان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رأى الحسين مقبلا قبّله، وضمّه إلى صدره، ورشف ثناياه، وقال: فَـدَيتُ من فَـدَيـتُه بابني إبراهيمَ "(1).
وفي " صحيح مسلم "، في تفسير قوله تعالى: { فما بكت عليهم السماءُ والأرضُ }(2)، قال: " لمّا قُتل الحسـين بن عليّ بكت السماء، وبكاؤها حمرتها "(3).
____________
1- كشف اليقين: 321 نقلا عن كـتاب " نهاية الطلب وغاية السؤل "، تاريخ بغـداد 2 / 204 رقم 635.
2- سورة الدخان 44: 29.
3- عمدة عيون صحاح الأخبار: 467 ح 761 عن صحيح مسلم، وانظر: المعجم الكبير 3 / 113 ـ 114 ح 2836 ـ 2840، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ 6 / 471، المحاسن والمساوئ ـ للبيهقي ـ: 63، تفسير السدّي الكبير: 440، تفسير الطبري 11 / 237 ح 31120، تفسير الثعلبي 8 / 353، الفتوح ـ لابن أعثم ـ 4 / 330، تاريخ دمشق 14 / 228، تفسـير القرطبي 16 / 94، تذكرة الخواصّ: 246، تفسير ابن كثير 4 / 145، مجمع الزوائد 9 / 197، الدرّ المنثور 7 / 413، جواهر العقـدين: 416.
وفي تفسـير الثعلبي، بإسـناده قـال: " مُـطـرنا دمـاً أيّـام قتـل الحسـين (عليه السلام) "(2).
وكان مولانا زينُ العابدين عليّ بن الحسـين أعبـدَ أهل زمانه وأزهدَهم، يحجّ ماشـياً والمحامل تُساق معه(3).
وولده الباقر; سلّم عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم); قال لجابر: أنت تُدرك ولدي محمّـدَ الباقر، إنّه يبقر العلم بقراً، فإذا رأيته فأَقرئه عنّي السـلام(4).
والصادق; أعلم أهل زمانه وأزهدهم، وكان يُخبر بالغيب، ولا أخبر
____________
1- لم نجده في " مسند أحمد "، وفي فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ 2 / 841 ح 1154 ما لفظه: " كان حسـين بن عليّ يقول: مَن دمعت عيناه فينـا دمعة، أو قطرت عيناه فينا قطرة، أثواه الله عزّ وجلّ الجنّـة "، وانظر: ذخائر العقبى: 52، رشـفة الصادي: 52، ينابيـع المودّة 2 / 117 ح 337 و ص 373 ح 56.
2- تفسير الثعلبي 8 / 353، وانطر: تاريخ دمشق 14 / 227 و 229، ذخائر العقبى: 248 و 249، مقتل الحسـين (عليه السلام) ـ للخوارزمي ـ 2 / 102 ح 16، تذكرة الخواصّ: 246، سير أعلام النبلاء 3 / 312، مختصر تاريخ دمشق 7 / 150، الصواعق المحرقة: 295، ينابيع المودّة 3 / 15 ح 18، جواهر العقدين: 416.
3- حلية الأولياء 3 / 136 و 141، تاريخ دمشق 41 / 377 ـ 378، كفاية الطالب: 449 ـ 450، مختصر تاريخ دمشق 17 / 236 ـ 237، تذكرة الحفّاظ 1 / 75 رقم 71، تهذيب التهذيب 5 / 670 ـ 671 رقم 4855، الفصول المهمّة ـ لابن الصبّاغ المالكي ـ: 201، الصواعق المحرقة: 302، نور الأبصار: 154.
4- انظر: عيون الأخبار 1 / 312، المعجم الأوسط 6 / 64 ح 5655، تاريخ دمشق 54 / 275 ـ 276، تذكرة الخواصّ: 303، مطالب السؤول: 281، سير أعلام النبلاء 4 / 404 رقم 158، مجمع الزوائد 10 / 22، الصواعق المحرقة: 304 ـ 305.
وكان الكاظمُ أزهدَ أهل زمانه وأعلمَهم(2)، وكذا ولده الرضـا(3)، والجواد(4)، والهادي(5)، والعسكري(6)، والمهدي(7).
فهؤلاء الأئمّة الاثنا عشر لم يسبقهم سابق، ولم يلحقهم لاحق،
____________
1- انظر: مروج الذهب 3 / 254 ـ 255، مقاتل الطالبيّين: 186، الصواعق المحرقة: 305 ـ 307، نور الأبصار: 161 ـ 162.
2- انظر: تاريخ بغداد 13 / 27 ـ 32 رقم 6987، مطالب السؤول: 289 ـ 293، تذكرة الخواصّ: 312 ـ 314، سير أعلام النبلاء 6 / 271 ـ 274 رقم 118، مرآة الجَنان 1 / 305، الفصول المهمّة ـ لابن الصبّاغ ـ: 231 ـ 242، جواهر العقدين: 445 ـ 446، الصواعق المحرقة: 307 ـ 309.
3- انظر: التدوين في أخبار قزوين 3 / 269 ـ 272 رقم 2709، مطالب السؤول: 295 ـ 302، تذكرة الخواصّ: 315 ـ 320، وفيات الأعيان 3 / 269 ـ 271 رقم 423، فرائد السمطين 2 / 188 ح 465 و ص 190 ح 467، سير أعلام النبلاء 9 / 387 ـ 393 رقم 125، مرآة الجَنان 2 / 10 ـ 11، الفصول المهمّة: 243 ـ 244، الصواعق المحرقة: 309 ـ 311.
4- تاريخ بغداد 3 / 54 ـ 55 رقم 997، مطالب السؤول: 303 ـ 305، تذكرة الخواصّ: 321، منهاج السُـنّة 4 / 68، مرآة الجَنان 2 / 60 ـ 61، الفصول المهمّة: 265 ـ 275، الصواعق المحرقة: 311 ـ 312، ينابيع المودّة 3 / 170.
5- انظر: تاريخ بغداد 12 / 56 ـ 57 رقم 6440، مطالب السؤول: 307 ـ 308، تذكرة الخواصّ: 321 ـ 323، مرآة الجَنان 2 / 119، الفصول المهمّة: 277 ـ 283، الصواعق المحرقة: 312 ـ 313.
6- انظر: تاريخ بغداد 7 / 366 رقم 3886، مطالب السؤول: 309 ـ 310، تذكرة الخواصّ: 324، وفيات الأعيان 2 / 94 ـ 95 رقم 169، مرآة الجَنان 2 / 127، الفصول المهمّة: 284 ـ 290، الصواعق المحرقة: 313 ـ 314.
7- انظر: مطالب السؤول: 311 ـ 316، تذكرة الخواصّ: 325، وفيات الأعيان 4 / 176 رقم 562، الفصول المهمّة: 291، الأئمّة الاثنا عشر ـ لابن طولون ـ: 117، الصواعق المحرقة: 314، الإتحاف بحبّ الأشراف: 179، ينابيع المودّة 3 / 171، سبائك الذهب ـ للسويدي ـ: 78.
فلينظر العاقل بعين البصيرة، هل يُنسـب هؤلاء الزُهّاد المعصومون العلماء إلى مَن لا يتوقّى المحارم، ولا يفعل الطاعات؟!
وقال الفضـل(1):
ما ذكر من فضائل فاطمة صلوات الله على أبيها وعليها وعلى سائر آل محمّـد والسلام، أمرٌ لا يُنكر; فإنّ الإنكار على البحر برحمته، وعلى البرّ بسـعته، وعلى الشمس بنورها، وعلى الأنوار بظهورها، وعلى الـسحاب بجوده، وعلى الملك بسـجوده، إنكار لا يزيد المنكر إلاّ الاسـتهزاء به.
ومَن هو قادر على أن يُنكر على جماعة، هم أهل السداد، وخُزّان معدن النبوّة، وحفّاظ آداب الفتـوّة، صلوات الله وسلامه عليهم؟!
ونِعم ما قلتُ فيهم منظوماً [ من المتقارب ]:
سلامٌ على المصطفى المجتبى | سلامٌ على السيّد المرتضى |
سلامٌ على سـتّـنا فاطمـة | مَنِ اختارها اللهُ خير النِّسا |
سلامٌ على المِسْكِ أنفاسه | على الحسن الألمعيّ الرضا |
سـلامٌ على الأروعـيِّ الحسـين | شهيدٌ بَرى جسمَه كربلا |
سلامٌ على سـيّد العابدين | عليّ بن الحسين المجتبى |
سلامٌ على الباقر المهتدي | سلامٌ على الصادق المُقتدى |
سلامٌ على الكاظم الممتحنْ | رضيِّ السجايا إمامِ التُّقى |
سلامٌ على الثامن المؤتمنْ | عليِّ الرضا سـيّد الأصفيا |
سلامٌ على المتّـقي التقي | محمّـدّ الطيّبِ المرتجى |
____________
1- إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ: 463 الطبعة الحجرية.
سلامٌ على الأريحـيّ النقي | عليِّ المكـرَّمِ هادي الورى |
سلامٌ على السـيّد العسكري | إمام يجـهّزُ جيـش الصفا |
سلامٌ على القائم المنتظر | أبي القاسم القَرْمِ نورِ الهدى |
سـيطلع كالشمس في غاسق | يُنجّيه مِن سيفه المنتضى |
يُرى يَملأُ الأرضَ مِن عدله | كما مُلئتْ جورَ أهلِ الهوى |
سـلامٌ عـلـيـه وآبـائـه | وأنصاره ما تدور السَّما |
وأقـول:
إنّ سـيّـدَ المرسلين وآلَه خِـيَرةَ الله من العالمين، لغنـيّون بمدح الله لهم في كـتابه العزيز(1)، عن مدحهم بمثل هذا الذي سمّاه منظوماً، لكنّا نشكره عليه، فإنّـه غايـةُ مقدوره، ومبلـغُ علمه.
وينبغي التعرّض لهذه الأخبار التي ذكرها المصنّف (رحمه الله)، لكنّها كثيرة يطول المقام ببيان مَن رواها، فإنْ شـئت أن تعرفها فارجع إلى " كنز العمّـال "، و " جامع الترمذي "، و " صواعق " ابن حجر، ونحوها، تجدها وأضعافَـهـا(2).
نعم، لا يجمل الإخلال بذِكرها أصلا، فالأَوْلى أن نتعرّض لبعضها بنحو الإشارة إلى مَن رواها من الصحابة، ومَن أخرجها، كحديث أنّ الحسـنين عليهما السلام سـيّدا شـباب أهل الجنّـة، " وكُلُّ الصَّـيدِ في جَوفِ الـفَـرَا "(3).
____________
1- كآية التطهيـر وآية المودّة وآية المباهلة، وسورة هل آتى; تجدها في ج 4 / 351 و 381 و 399 و ج 5 / 50 من هذا الكـتاب، وكذا غيرها تجدها في محالّها من الجزءين الرابع والخامـس من هذا الكـتاب; فراجـع!
2- انظر: كنز العمّال 12 / 112 ـ 123 ح 34246 ـ 34300 و ج 13 / 658 ـ 671 ح 37670 ـ 37712، سنن الترمذي 5 / 614 ـ 620 ح 3768 ـ 3784، الصواعق المحرقة: 211 ـ 213 و ص 290 ـ 292، مجمع الزوائد 9 / 179 ـ 185.
3- مثل مشهور، يُضرب لمن يُفضَّـل على أقرانه، الذي يقوم مقام الكثير لعِظمه.
وقد تألّف رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا سفيان بهذا المثل حين اسـتأذن على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)فحُجب قليلا ثمّ أُذن له.
والفَـرَا: حمار الوحش، وليـس ممّا يصيده الناس شيء أعظم منه.
انظر: مجمع الأمثال 3 / 11 ـ 12 رقم 3010، جمهرة الأمثال 2 / 162 ـ 163 رقم 1450، المسـتقصى في أمثال العرب 2 / 224 رقم 756.
وأخرجه الترمذي في " صحيحه "(2)..
والنسائي في " الخصائص "(3)..
والحاكم في " المسـتدرك "(4)..
وأحمد في " المسـند "(5)..
والضياء في " المختارة "(6)..
وابن عبـد البرّ في " الاسـتيعاب "(7)..
والطبراني في " الكبير " و " الأوسط "(8)..
____________
1- انظر: الدرر المنتثرة في الأحاديث المشـتهرة: 156 ح 214، الشذرة في الأحاديث المشـتهرة 1 / 255 ح 359، لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة: 149 ـ 151 ح 45، كشف الخفاء ومزيل الإلباس 1 / 358 ح 1139.
كما أخرجه السيوطي في " الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة " من خمسة عشـر طريقاً.
2- سنن الترمذي 5 / 614 ح 3768 و ص 619 ح 3781.
3- خصائص الإمام عليّ (عليه السلام): 99 ح 124 و 125 و ص 104 ـ 105 ح 135 ـ 137.
4- المسـتدرك على الصحيحين 3 / 182 ح 4778 ـ 4780.
5- مسـند أحمد 3 / 3 و 62 و 64 و 82 و ج 5 / 391 و 392.
6- انظر: كنز العمّال 12 / 120 ح 34288 عن " المختارة " للضياء المقدسي.
7- الاسـتيعاب 1 / 391.
8- الـمـعـجـم الـكبـيـر 3 / 35 ـ 40 ح 2598 ـ 2618 و ج 19 / 292 ح 650 و ج 22 / 402 ـ 403 ح 1005، المعـجـم الأوسـط 1 / 174 ح 368 و ج 3 / 8 ح 2211 و ج 4 / 520 ح 4332 و ج 5 / 388 ح 5208 و ج 6 / 60 ح 5644.