الصفحة 15

10 - أبو جعفر ابن بابويه القمي المتوفى 381 في كتابيه: علل الشرايع ومعاني الأخبار.

11 - أبو أحمد الحسن بن عبد الله العسكري المتوفى 382. حكى عنه شيخنا الصدوق شرح الخطبة في معاني الأخبار والعلل.

* (لفت نظر) *

عده السيد العلامة الشهرستاني في (ما هو نهج البلاغة) ص 22 ممن روى الشقشقية فأرخ وفاته بسنة 395، وذكره في ص 23 فقال: من أبناء القرن الثالث. لا يتم هذا ولا يصح ذاك، وقد خفي عليه أن الحسن بن عبد الله العسكري راوي الشقشقية هو أبو أحمد صاحب كتاب الزواجر وقد توفي سنة 382 وولد 293، وحسبه أبا هلال الحسن بن عبد الله العسكري صاحب كتاب " الأوائل " تلميذ أبي أحمد العسكري والتاريخ الذي ذكره تاريخ فراغه من كتابه الأوائل لا تاريخ وفاته. توجد ترجمة كلا الحسنين العسكريين فمعجم الأدباء 8: 233 - 268، وبغية الوعاة ص 221.

12 - أبو عبد الله المفيد المتوفى 412، أستاذ الشريف الرضي رواها في كتابه (الارشاد) ص 135.

13 - القاضي عبد الجبار المعتزلي المتوفى 415: ذكر في كتابه " المغني " تأويل بعض جمل الخطبة ومنع دلالتها على الطعن في خلافة من تقدم على أمير المؤمنين من دون أي إيعاز إلى الغمز في إسنادها.

14 - الحافظ أبو بكر ابن مردويه المتوفى 416، كما في طريق الراوندي في شرح النهج.

15 - الوزير أبو سعيد الآبي المتوفى 422 في كتابه (نثر الدرر ونزهة الأديب.

16 - الشريف المرتضى أخو الشريف الرضي الأكبر توفي سنة 436 ذكر جملة منها في الشافي ص 203 فقال: مشهور: وذكر صدرها في ص 204 فقال: معروف.

17 - شيخ الطائفة الطوسي المتوفى 460 رواها في أماليه ص 327 عن السيد أبي الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار المترجم في مستدرك العلامة النوري 3: 509 من طريق الخزاعيين. وفي تلخيص الشافي.

م 18 - أبو الفضل الميداني المتوفى 518 في مجمع الأمثال ص 383 قال: و

الصفحة 16
لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه خطبة تعرف بالشقشقية لأن ابن عباس رضي الله عنهما قال له حين قطع كلامه: يا أمير المؤمنين! لو اطردت مقالتك من حيث أفضيت فقال:

هيهات يا ابن عباس! تلك شقشقة هدرت ثم قرت ].

19 - أبو محمد عبد الله بن أحمد البغدادي الشهير بابن الخشاب المتوفى 567 قرأها عليه أبو الخبر مصدق الواسطي النحوي، وسيوافيك بعيد هذا كلامه فيها.

20 - أبو الحسن قطب الدين الراوندي المتوفى 573 رواها في شرح نهج البلاغة من طريق الحافظين: ابن مردويه والطبراني وقال: أقول: وجدتها في موضعين تاريخهما قبل مولد الرضي بمدة، أحدهما: أنها مضمنة كتاب " الانصاف " لأبي جعفر ابن قبة تلميذ أبي القاسم الكعبي أحد شيوخ المعتزلة وكانت وفاته قبل مولد الرضي. الثاني: وجدتها بنسخة عليها خط الوزير أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات وكان وزير المقتدر بالله، وذلك قبل مولد الرضي بنيف وستين سنة، والذي يغلب على ظني أن تلك النسخة كانت كتبت قبل وجود ابن الفرات بمدة.

21 - أبو منصور الطبرسي أحد مشايخ ابن شهر آشوب المتوفى 588 في كتابه " الاحتجاج " ص 95 فقال: روى جماعة من أهل النقل من طرق مختلفة عن ابن عباس.

22 - أبو الخير مصدق بن شبيب الصلحي النحوي المتوفى 605 قرأها على أبي محمد ابن الخشاب وقال: لما قرأت هذه الخطبة على شيخي أبي محمد ابن الخشاب ووصلت إلى قول ابن عباس: ما أسفت على شئ قط كأسفي على هذا الكلام. قال: لو كنت حاضرا لقلت لابن عباس: وهل ترك ابن عمك في نفسه شيئا لم يقله في هذه الخطبة؟ فإنه ما ترك لا الأولين ولا الآخرين. قال مصدق: وكانت فيه دعابة فقلت له: يا سيدي؟ فلعلها منحولة إليه. فقال: لا والله إني أعرف أنها من كلامه كما أعرف أنك مصدق، قال فقلت: إن الناس ينسبونها إلى الشريف الرضي فقال: لا والله، ومن أين للرضي هذا الكلام وهذا الأسلوب؟ فقد رأينا كلامه في نظمه ونثره لا يقرب من هذا الكلام ولا ينتظم في سلكه ثم قال: والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنف قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها وأعرف خطوط من هو من العلماء وأهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضي " راجع

الصفحة 17
شرح ابن ميثم. وشرح ابن أبي الحديد 1: 69 ".

23 - مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير الجزري المتوفى 606، أوعز إليها في كلمة " شقشق " في النهاية ج 2: 294 فقال: ومنه حديث علي في خطبة له: تلك شقشقة هدرت ثم قرت.

24 - أبو المظفر سبط ابن الجوزي المتوفى 654 في تذكرته ص 73 من طريق شيخه أبي القاسم النفيس الأنباري بإسناده عن ابن عباس فقال: تعرف بالشقشقية ذكر بعضها صاحب نهج البلاغة وأخل بالبعض وقد أتيت بها مستوفاة ثم ذكرها مع اختلاف ألفاظها.

25 - عز الدين ابن أبي الحديد المعتزلي المتوفى 655 قال في شرح النهج 1: 69.

قلت: وقد وجدت أنا كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي إمام البغداديين من المعتزلة وكان في دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدة طويلة. ووجدت أيضا كثيرا منها في كتاب أبي جعفر ابن قبة أحد متكلمي الإمامية وهو الكتاب المشهور بكتاب " الانصاف " وكان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي رحمه الله تعالى ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضي رحمه الله تعالى موجودا.

26 - كمال الدين ابن ميثم البحراني المتوفى 679، حكاها عن نسخة قديمة عليها خط الوزير علي بن الفرات المتوفى 312، وعن كتاب " الانصاف " لابن قبة، وذكر كلمة ابن الخشاب المذكورة وقراءة أبي الخير إياها عليه.

27 - أبو الفضل جمال الدين ابن منظور الأفريقي المصري المتوفى 711 قال في مادة (شقشق) من كتابه (لسان العرب) ج 12: 53: وفي حديث علي رضوان الله عليه في خطبة له: تلك شقشقة هدرت ثم قرت.

28 - مجد الدين الفيروز آبادي المتوفى 816 / 17 أوعز إليها في القاموس ج 3: 251 قال: والخطبة الشقشقية العلوية لقوله لابن عباس لما قال له: لو اطردت مقالتك من حيث أفضيت: يا بن عباس! هيهات تلك شقشقة هدرت ثم قرت.

ثم ما عساني أن أقول بعد ما يعربد شاعر النيل (1) اليوم، ويأجج النيران الخامدة

____________

(1) محمد حافظ إبراهيم المتوفى سنة 1933 م 1351 ه‍.

الصفحة 18
ويجدد تلكم الجنايات المنسية (لاها الله لا تنسى مع الأبد) ويعدها ثناء على السلف، ويرفع عقيرته بعد مضي قرون على تلكم المعرات، ويتبهج ويتبجح بقوله في القصيدة (العمرية) تحت عنوان: عمر وعلي:

وقولة لعلي قالها عمر * أكرم بسامعها أعظم بملقيها
: حرقت دارك لا أبقي عليك بها * إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان غير أبي حفص يفوه بها * أمام فارس عدنان وحاميها

ماذا أقول بعد ما تحتفل الأمة المصرية في حفلة جامعة في أوائل سنة 1918 بإنشاد هذه القصيدة العمرية التي تتضمن ما ذكر من الأبيات؟ وتنشرها الجرائد في أرجاء العالم، ويأتي رجال مصر نظراء أحمد أمين. وأحمد الزين. وإبراهيم الأبياري (1) و علي جارم. وعلي أمين (2) وخليل مطران (3) ومصطفى الدمياطي بك (4) وغيرهم (5) ويعتنون بنشر ديوان هذا شعره، وبتقدير شاعر هذا شعوره، ويخدشون العواطف في هذه الأزمة في هذا اليوم العصبصب، ويعكرون بهذه النعرات الطائفية صوف السلام الوئام في جامعة الاسلام ويشتتون بها شمل المسلمين، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا.

وتراهم يجددون طبع ديوان الشاعر وقصيدته العمرية خاصة مرة بعد أخرى ويعلق عليها شارحها الدمياطي قوله في البيت الثاني: المراد أن عليا لا يعصمه عن عمر سكنى بنت المصطفى في هذه الدار.

وقال في ص 39 من الشرح: وفي رواية لابن جرير الطبري قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن زياد بن كليب قال: أتى عمر بن الخطاب منزل علي وبه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال: والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة فخرج عليه

____________

(1) ضبط وصحح وشرح هؤلاء الثلاث الديوان طبعة سنة 1937 م بدار الكتب في جزئين والأبيات المذكورة توجد فيها ج 1 ص 82.

(2) هما ومعهما ثالث التزموا تصحيح الديوان في طبعة أخرى.

(3) له مقدمة لديوان الحافظ في طبعة مكتبة الهلال سنة 1935 م 1353 ه‍ والأبيات فيها ص 184 غير أن الشطر الثاني من البيت الثاني محرف: إن لم تبالغ وبنت المصطفى فيها.

(4) شارح القصيدة العمرية طبع بمطبعة السعادة في مصر في 90 صفحة. توجد الأبيات فيه مشروحة ص 38.

(5) في عدة طبعات أخرى.

الصفحة 19
الزبير مصلتا بالسيف فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه. فإن كان زياد هذا هو الحنظلي أبو معشر الكوفي فهو موثق. والظاهر أن حافظا رحمه الله عول على هذه الرواية ه‍.

وتراهم بالغوا في الثناء على الشاعر وقصيدته هذه كأنه جاء للأمة بعلم جم، أو رأي صالح جديد، أو أتى لعمر بفضيلة رابية تسر بها الأمة ونبيها المقدس، فبشرى بل بشريان لنبي الأعظم بأن بضعته الصديقة لم تكن لها أي حرمة وكرامة عند من يلهج بهذا القول، ولم يكن سكناها في دار طهر الله أهلها يعصمهم منه ومن حرق الدار عليهم فزه زه بانتخاب هذا شأنه وبخ بخ ببيعة تمت بذلك الإرهاب قضت بتلك الوصمات.

لا تهمنا هذه كلها وإنما يهمنا الساعة " بعد أن درسنا تاريخ حياة الخليفة الأول فوجدناه لدة غيره من الناس العاديين في نفسياته قبل إسلامه وبعده، وإنما سنمه عرش الخلافة الانتخاب فحسب " البحث في موضوعين ألا وهما: فضائله المأثورة. وملكاته النفسية.

- 1 -
(فضائله المأثورة)

هل صح عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله فيه حديث فضيلة؟ وهل صحيح ما رووه فيه من الثناء الكثير الحافل؟ نحن هيهنا نقف موقف المستشف للحقيقة، ولا ننبس في القضاء ببنت شفة، غير ما ننقله عن أئمة فن الحديث المميزين بين صحيحه وسقيمه، ثم نردفه بالاعتبار الذي يساعده.

قال الفيروز آبادي في خاتمة كتابه " سفر السعادة المطبوع: خاتمة الكتاب في الإشارة إلى أبواب روي فيها أحاديث وليس منها شيئ صحيح، ولم يثبت منها عند جهابذة علماء الحديث شيئ. ثم عد أبوابا إلى أن قال:

باب فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه. أشهر المشهورات من الموضوعات أن الله يتجلى للناس عامة ولأبي بكر خاصة. وحديث: ما صب الله في صدري شيئا

الصفحة 20
إلا وصبه في صدر أبي بكر. وحديث: كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا اشتاق الجنة قبل شيبة أبي بكر. وحديث: أنا وأبو بكر كفرسي رهان. وحديث: إن الله لما اختار الأرواح اختار روح أبي بكر. وأمثال هذا من المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل ا ه‍.

وعد العجلوني في كتابه كشف الخفا ص 419 - 424 مائة باب من أبواب الفقه وغيره فقال: لم يصح فيه حديث. أو: ليس فيه حديث صحيح. وما يقاربهما وقال في ص 419: فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه أشهر المشهورات من الموضوعات كحديث إن الله يتجلى للناس عامة ولأبي بكر خاصة. إلى آخر عبارة الفيروز آبادي المذكورة.

وذكر السيوطي في " اللئالي المصنوعة " ج 1 ص 186 - 302 ثلثين حديثا من أشهر فضائل أبي بكر " مما اتخذه المؤلفون في القرون الأخيرة من المتسالم عليه، و أرسلوه إرسال المسلم بلا أي سند أو أي مبالات " وزيفها وحكم فيها بالوضع وذكر رأي الحفاظ فيها.

كان السيوطي يهملج وراء القوم فبهظه أن لا يستصح حتى حديثا واحدا من تلكم الثلثين فقال في ص 296 فيما عزى إليه صلى الله عليه وآله من قوله " عرج بي إلى السماء فما مررت بسماء إلا وجدت فيها مكتوبا: محمد رسول الله، أبو بكر الصديق من خلفي " بعد ما حكم عليه بالوضع لمكان عبد الله بن إبراهيم الغفاري (1) الوضاع.

وكان شيخه عبد الرحمن بن زيد المتفق على ضعفه ينص منه عليهما بذلك ما لفظه:

قلت: الذي أستخير الله فيه الحكم على هذا الحديث بالحسن لا بالوضع ولا بالضعف لكثرة شواهده. ثم ذكر شواهد عن طرق لا يصح شئ منها، وفي كل واحد منها وضاع أو كذاب، أو من أتفق على ضعفه، أو مجهول لا يعرف يروي عن مجهول مثله، وقد عزب عنه أن الاستخارة لا تقلب خيرا، ولا يعيد السقيم صحيحا. ولا المنكر معروفا.

وراحت إلى العطار تبغي شبابها * فهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟

والله سبحانه لا يجازف في إسداء الخير، والشواهد المكذوبة لا تقوي الضعف مع

____________

(1) راجع الجزء الخامس من هذا الكتاب ص 303 ط 2.

الصفحة 21
نص الحفاظ على كل واحد منها بالوضع أو الضعف، وإليك بيان طرف تلك الشواهد.

1 - طريق الخطيب البغدادي مر في الجزء الخامس ص 303، 325 ط 3.

2 - طريق البزار في مسنده وفيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري الوضاع، وشيخه عبد الرحمن بن زيد المتفق على ضعفه كما في تهذيب التهذيب 6 ص 178، واللئالي المصنوعة 1 ص 296.

3 - طريق ابن شاهين في السنة وهو طريق الخطيب البغدادي وحديثه، وقد حكم الذهبي وابن حجر ببطلانه كما مر في الجزء الخامس.

4 - طريق الدارقطني في الأفراد قال السيوطي في " اللئالي " 1 ص 297 بعد ذكره قال الدارقطني: تفرد به (محمد) بن فضيل عن ابن جريج لا أعلم أحدا حدث به غير هذين. وأورده المؤلف في الواهيات من طريق السري وقال: لا يصح. قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج بالسري بن عاصم.

قال الأميني: السري بن عاصم راوي الحديث أحد الكذابين مرت ترجمته في الجزء الخامس ص 231 ط 2، وللدارقطني طريق آخر وفيه عمر بن إسماعيل بن مجالد أحد الكذابين (1) وبهذا الطريق ذكره السيوطي في " اللئالي 1 ص 309 فقال: لا يصح آفته عمر كذاب.

5 - طريق الديلمي في مسند الفردوس فيه بعد رجال مجاهيل عبد المنعم بن بشير أبو الخير الكذاب الوضاع الذي له مائتا حديث كذب (2) وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم المجمع على ضعفه كما مر.

6 - طريق الختلي في ديباجة عن نصر بن حريش (3) عن أبي سهل مسلم الخراساني عن عبد الله بن إسماعيل عن الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مكتوب على ساق العرش: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، محمد رسول الله، ووزيراه أبو بكر الصديق وعمر الفاروق.

____________

(1) راجع الجزء الخامس من كتابنا هذا ص 246 ط 2:

(2) راجع الجزء الخامس من الكتاب ص 241 ط 2.

(3) في اللئالي: جريش: والصحيح ما ذكرناه

الصفحة 22
قال الدارقطني كما في تاريخ بغداد 3 ص 286: هذا إسناد ضعيف لا يثبت، أبو سهل ونصر بن حريش ضعيفان. وقال العقيلي كما في لسان الميزان 3 ص 260: عبد الله بن إسماعيل منكر الحديث لا يتابع على شيئ من حديثه. والحديث مع هذا مرسل والحسن البصري لا يروي عن رسول الله ولم يدركه. وللخطيب طريق بهذا اللفظ ليست فيه كلمة (ساق. ووزيراه) وفي إسناده أحمد برجاء بن عبيدة قال الخطيب في تاريخه 4 ص 158: مجهول.

7 - طريق ابن عساكر فيه عبد العزيز الكتاني لينه الذهبي كما في لسان الميزان 4 ص 33، وفيه الحارث بن زياد المحاربي قال الذهبي وغيره: ضعيف مجهول كما في اللسان 2 ص 149، وفيه من لا يعرف ولا توجد له ترجمة في المعاجم، ولابن عساكر طريق آخر بالإسناد عن محمد بن عبد بن عامر المعروف بوضع الحديث (1) عن عصام بن يوسف ضعفه ابن سعد. وخطأه ابن حبان، وقال ابن عدي: روى أحاديث لا يتابع عليها كما في لسان الميزان 4 ص 168.

ويرشدك إلى صحة قول الفيروز آبادي والعجلوني ما أوضحناه في الجزء الخامس ص 297 - 332 ط 2 من تفنيد مائة منقبة مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مختلفة لأبي بكر ولزبائنه بحكم الأئمة والحفاظ. وكذا ما زيفناه من خمس وأربعين رواية موضوعة في الخلافة في صفحة 333 - 356 ط 2 كل ذلك بقضاء من رجالات الفن نظراء.

ابن عدي، الطبراني، ابن حبان، النسائي، الحاكم، الدار قطني، العقيلي، ابن المديني، أبو عمر، الجوزقاني، المحب الطبري، الخطيب البغدادي ابن الجوزي، أبو زرعة، ابن عساكر، الفيروز آبادي، إسحاق الحنظلي ابن كثير، ابن القيم، الذهبي، ابن تيمية، ابن أبي الحديد، ابن حجر الهيثمي، ابن حجر العسقلاني الحافظ المقدسي، السيوطي الصغاني، الملا علي القاري، العجلوني، ابن درويش الحوت، وغيرهم.

ويشهد لبطلان تلكم الروايات الجمة في فضائل الخليفة الأول خلو الصحاح الست والسنن والمسانيد القديمة عنها، فلو كان مؤلفوها يجدون على شيئ منها مسحة

____________

(1) راجع الجزء الخامس من كتابنا هذا ص 259 ط 2.


الصفحة 23
من الصحة بل لو كانوا واقفين عليها ولو على واحدة منها لما أجمعوا على تركها فيرويها متحروا الزوايا، ونباشة الدفاين، فيبرزوها إلى الملأ من تحت غبار الهجر، أو وراء نسج عناكب النسيان، فيرشدنا ذلك إلى أن مواليد هذه الروايات متأخر تاريخها عن عهد أرباب الصحاح وحسبها ذلك مهانة وضعة. كما أن ما في الصحاح من النزر اليسير ولائد متأخرة عن عهد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله.

على أن الخليفة نفسه لو كان على ثقة من صدور شئ من تلكم الأحاديث ولو يسيرا منها من قائلها صلى الله عليه وآله لما كان يرى مثل أبي عبيدة الجراح حفار القبور أولى منه بالخلافة، ولما قدمه على نفسه، ولما ترك الاحتجاج بها يوم كانت حاجته إليه مسيسة، ويوم كان الحوار في أمر الخلافة قائما على قدم وساق، وطفق كل ذي فضل يدلي بحججه، وقد احتدم الجدال حتى كاد أن يكون جلادا، واستحر الحجاج حتى عاد لجاجا، لكن الرجل لم يكن عنده حجة ولا لزبانيته إلا أنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وثاني اثنين إذ هما في الغار، وأنه أكبر القوم سنا وكان أبوه أكبر منه لا محالة وقد اختارته الجماعة وانعقدت له البيعة بعد هوس وهياج ركونا إلى أمثال هذه مما لا تثبت بها حجة، ولا يخضع لها ذو مسكة، ولا يصلح بها شأن الأمة، ولا يجمع بها شمل.

ولا يتم بها الأمر.

نعم: روي عن أبي بكر أنه ذكر في الحجاج له أشياء حذفتها الرواة ولم يذكروا منها إلا أنه أول من أسلم. أو: أول من صلى. عن أبي سعيد الخدري قال: قال أبو بكر: ألست أحق الناس بها؟ ألست أول من أسلم؟ ألست صاحب كذا؟ ألست صاحب كذا؟ (1) وعن أبي نضرة قال: لما أبطأ الناس عن أبي بكر قال: من أحق بهذا الأمر مني؟

ألست أول من صلى؟ ألست؟ ألست؟ ألست؟ فذكر خصالا فعلها مع النبي صلى الله عليه وسلم (2)

____________

(1) أخرجه الترمذي، والبزار، وابن حبان، وأبو نعيم في المعرفة، وابن مندة في غرائب شعبة، وسعيد بن منصور، وأبو داود كما في كنز العمال 3 ص 125، وذكره ابن الأثير في أسد الغابة 3: 209، وابن كثير في تأريخه 3: 27.

(2) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ط ليدن 3: 129، وخيثمة الطرابلسي في فضائل الصحابة كما في كنز العمال 3: 126.

الصفحة 24
ونحن لا نعرف شيئا مما حذفوه من فضائله المزعومة أو اختلقوا نسبته إليه إذ من الممكن - بل المحقق - أنه لم يقل شيئا، وإنما اصطنعوا له هذه الصورة لإيهام أنه كانت له يوم ذاك فضائل مسلمة، لكن نعطف النظرة على المذكور من تلك المناقب وهو كون الخليفة أول من أسلم. أو: أول من صلى، ولم يكن كذلك. والقول به يخالف رأي النبي الأعظم ونصوص الصحابة، وقد فصلنا القول فيه في الجزء الثالث ص 219 - 243 ط 2 وذكرنا مائة نص عن النبي الأقدس وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما، وعن الصحابة الأولين والتابعين لهم بإحسان على أن أول من أسلم وأول من صلى من ذكر هو مولانا أمير المؤمنين عليه السلام. وأوضحنا هنالك أن أبا بكر ليس أول من أسلم. أو: صلى بل في صحيحة الطبري: إنه أسلم بعد أكثر من خمسين رجلا. فراجع.

ولو كانت الصحابة الأولون يعرفون شيئا من تلكم الموضوعات الجمة لما تركوا الاحتجاج به يوم ذاك يوم إخضاع الناس بدلا عن إشفاع الدعوة بالإرهاب والترعيد، و لما يقتصر عمر بن الخطاب يوم السقيفة بقوله: من له مثل هذه الثلاث: ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن. إن الله معنا.

وبقوله: إن أولى الناس بأمر نبي الله ثاني اثنين إذ هما في الغار. أبو بكر السباق المسن.

وبقوله يوم بيعة العامة: إن أبا بكر صاحب رسول الله. وثاني اثنين إذ هما في الغار (1).

ولما قال سلمان للصحابة. أصبتم ذا السن منكم ولكنكم أخطأتم أهل بيت نبيكم (2)، ولما يكتفي عثمان بن عفان في الدعوة إلى أبي بكر بقوله: إن أبا بكر الصديق أحق الناس بها، إنه لصديق وثاني اثنين وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم (3)

____________

(1) سيرة ابن هشام 4: 340، الرياض النضرة 1: 162، 166، تأريخ ابن كثير 5: 247 248، شرح ابن أبي الحديد 2: 16، السيرة الحلبية 3: 388.

(2) شرح ابن أبي الحديد 1: 131، ج 2: 17.

(3) أخرج الأطرابلسي في فضائل الصحابة كما في كنز العمال 3: 140.


الصفحة 25
ولما فاه المغيرة بن شعبة بمقاله لأبي بكر وعمر: تلقوا العباس فتجعلوا له في هذا الأمر نصيبا فيكون له ولعقبه فتقطعوا به من ناحية علي ويكون لكم حجة عند الناس على علي إذا مال معكم العباس.

ولما دخل أبو بكر وعمر وأبو عبيدة والمغيرة على العباس ليلا، ولما قال أبو بكر له: لقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا يكون لك ويكون لمن بعدك من عقبك، إذ كنت عم رسول الله (1).

ولما تم الأمر له ببيعة اثنين فحسب: عمر وأبي عبيدة. أو: ببيعة أربع: هما مع أسيد وبشر. أو بخمسة: هم مع سالم مولى أبي حذيفة كما يأتي تفصيله.

ولما تخلف عن بيعته رؤس المهاجرين والأنصار: علي وابناه السبطان. والعباس وبنوه في بني هاشم. وسعد بن عبادة وولده وأسرته. والحباب بن المنذر وتابعوه. والزبير وطلحة. وسلمان. وعمار. وأبو ذر. والمقداد. وخالد بن سعيد. وسعد بن أبي وقاص.

وعتبة بن أبي لهب. والبراء بن عازب. وأبي بن كعب. وأبو سفيان بن حرب. وغيرهم (2).

ولما كان مجال لقول محمد بن إسحاق: كان عامة المهاجرين وجل الأنصار لا يشكون أن عليا صاحب الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله. شرح ابن أبي الحديد 2: 8.

ولما قال عتبة بن أبي لهب يوم ذاك بملأ من مدعي الفضائل:

ما كنت أحسب أن الأمر منصرف * عن هاشم ثم منهم عن أبي حسن
عن أول الناس إيمانا وسابقة * وأعلم الناس بالقرآن والسنن
وآخر الناس عهدا بالنبي ومن * جبريل عون له في الغسل والكفن
من فيه ما فيهم؟ لا يمترون به * وليس في القوم ما فيه من الحسن
ماذا الذي ردكم عنه؟ فنعلمه * ها إن بيعتكم من أول الفتن (3).

____________

(1) الإمامة والسياسة 1: 15 تأريخ اليعقوبي 2: 103، 104 شرح بن أبي الحديد 1: 132.

(2) تأريخ اليعقوبي 2: 103، الرياض النضرة 1: 167 تأريخ أبي الفدا ج 1: 156، روضة المناظر لابن شحنة هامش الكامل 7: 164 شرح ابن أبي الحديد 1: 134.

(3) تأريخ اليعقوبي 2: 103، رسائل الجاحظ 22، أسد الغابة 4 ص 40، تأريخ أبي الفدا ج 1 ص 164، شرح ابن أبي الحديد 3: 259، الغدير 3: 232. تعزى هذه الأبيات إلى عدة شعراء راجع المصادر المذكورة

الصفحة 26
ولما قال قصي يوم ذاك:

بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم * ولا سيما تيم بن مرة أو عدي
فما الأمر إلا فيكم وإليكم * وليس لها إلا أبو حسن علي
أبا حسن فاشدد بها كف حازم * فإنك بالأمر الذي يرتجى ملي
وإن امرءا يرمي قصيا وراءه * عزيز الحمى والناس من غالب قصي (1)

____________

(1) تاريخ اليعقوبي 2: 105.

الصفحة 27

- 2 -
ملكاته ونفسياته

يهمنا النظر إلى ملكات الخليفة وما انحنت عليه أضالعه من علوم أو نفسيات حتى نعلم أنها هل تجعل له صلة بفضيلة؟ أو تقرب مبوأه من التأهل لهاتيك المرويات؟

أو تعين له حدا يكون التفريط منه إجحافا به، وبخسا بحقه، وتحطيما لمقامه؟ أو يعرف الغلو بالإفراط فيه؟

أما هو قبل الاسلام فلا نفيض عنه قولا لأن الاسلام يجب ما قبله، فلا التفات إذن إلى ما جاء به عكرمة رضي الله تعالى عنه من قوله: كان أبو بكر رضي الله عنه يقامر أبي بن خلف وغيره من المشركين وذلك قبل أن يحرم القمار. ذكره الإمام الشعرائي في كتابه كشف الغمة ج 2: 154.

وقال الإمام أبو بكر الجصاص الرازي الحنفي المتوفى 370 في أحكام القرآن 1: 388: لا خلاف بين أهل العلم في تحريم القمار وإن المخاطرة من القمار، قال ابن عباس: إن المخاطرة قمار وإن أهل الجاهلية كانوا يخاطرون على المال والزوجة وقد كان ذلك مباحا إلى أن ورد تحريمه، وقد خاطر أبو بكر الصديق المشركين حين نزلت:

آلم غلبت الروم.

كما لا يلتفت إلى ما ذكره أبو بكر الاسكافي في الرد على الرسالة العثمانية للجاحظ (1) من أن أبا بكر كان قبل إسلامه مذكورا ورئيسا معروفا، يجتمع إليه كثير من أهل مكة فينشدون الأشعار، ويتذاكرون الأخبار، ويشربون الخمر، و قد سمع دلائل النبوة وحجج الرسالة، وسافر إلى البلدان، ووصلت إليه الأخبار.

وأخرج الفاكهي في كتاب مكة بإسناده عن أبي القموص قال: شرب أبو بكر الخمر في الجاهلية (2) فأنشأ يقول:

____________

(1) رسائل الجاحظ ص 34، شرح ابن أبي الحديد 3 ص 264.

(2) هذه الكلمة دخيلة في الرواية، وذيل الرواية يكذبها أيضا وسنوقفك على التاريخ الصحيح

الصفحة 28

تحيي أم بكر بالسلام * وهل لي بعد قومك من سلام؟

الأبيات

فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام يجر إزاره حتى دخل فتلقاه عمر وكان مع أبي بكر فلما نظر إلى وجهه محمرا قال: نعوذ بالله من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لا يلج لنا رأسا أبدا، فكان أول من حرمها على نفسه.

وذكره الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ص 66 فقال: هو مما تنكره القلوب.

فكأن الحكيم وجد الحديث دائرا سائرا في الألسن غير أنه رأى القلوب تنكره.

وذكره ابن حجر في الإصابة 4: 22 فقال: واعتمد نفطويه على هذه الرواية فقال:

شرب أبو بكر الخمر قبل أن تحرم ورثى قتلى بدر من المشركين.

وحديث أبي القموص هذا أخرجه الطبري في تفسيره 2: 203 وفي طبعة 211 عن ابن بشار (1) عن عبد الوهاب (2) عن عوف (3) عن أبي القموص زيد بن علي (4) قال: أنزل الله عز وجل في الخمر ثلاث مرات، فأول ما أنزل قال الله: يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما (5) قال: فشربها من المسلمين من شاء الله منهم على ذلك حتى شرب رجلان فدخلا في الصلاة فجعلا يهجران كلاما لا يدري عوف ما هو فأنزل الله عز وجل فيها: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون (6) فشربها من شربها منهم وجعلوا يتقونها عند الصلاة حتى شربها فيما زعم أبو القموص رجل فجعل ينوح على قتلى بدر:

تحيي بالسلامة أم عمرو * وهل لك بعد رهطك من سلام؟
ذريني أصطبح بكرا فإني * رأيت الموت نقب عن هشام
وود بنو المغيرة لو فدوه * بألف من رجال أو سوام

____________

(1) الحافظ أبو بكر محمد بن بشار العبدي البصري. من رجال الصحاح الست.

(2) ابن عبد المجيد البصري. من رجال الصحاح الست.

(3) ابن أبي جميلة العبدي البصري. من رجال الصحاح الست.

(4) ثقة كما في تهذيب التهذيب 3 ص 420.

(5) سورة البقرة آية: 219.

(6) سورة النساء. آية: 43.

الصفحة 29

كأني بالطوي طوي بدر * من الشيزى يكلل بالسنام
كأني بالطوي طوي بدر * من الفتيان والحلل الكرام

قال: فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فزعا يجر رداءه من الفزع حتى انتهي إليه فلما عاينه الرجل فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كان بيده ليضربه قال: أعوذ بالله من غضب الله ورسوله والله لا أطعمها أبدا فأنزل الله تحريمها: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس (1) إلى قوله: فهل أنتم منتهون. فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنتهينا. إنتهينا (2).

وأخرج البزار عن أنس بن مالك قال: كنت ساقي القوم تينا وزبيبا خلطناهما جميعا وكان في القوم رجل يقال له: أبو بكر فلما شرب قال:

أحيي أم بكر بالسلام * وهل لك بعد قومك من سلام؟
يحدثنا الرسول بأن سحتا * وكيف حياة أصل أو هشام (3)

فبينا نحن كذلك والقوم يشربون إذ دخل علينا رجل من المسلمين فقال: ما تصنعون؟ إن الله تبارك وتعالى قد نزل تحريم الخمر. الحديث.

وقال ابن حجر في فتح الباري 10: 30، والعيني في عمدة القاري 20: 84: من المستغربات ما أورده ابن مردويه في تفسيره من طريق عيسى بن طهمان (4) عن أنس أن أبا بكر وعمر كانا فيهم. وهو منكر مع نظافة سنده، وما أظنه إلا غلطا.

وقد أخرج أبو نعيم في الحلية في ترجمة شعبة من حديث عائشة قالت: حرم أبو بكر الخمر على نفسه فلم يشربها في جاهلية ولا إسلام.

ويحمل أن كان محفوظا أن يكون أبو بكر وعمر زارا أبا طلحة في ذلك اليوم

____________

(1) سورة المائدة. آية: 91.

(2) لا يخفى على القارئ أن الطبري حرف اسم أبي بكر وجعل مكانه: رجل. وحرف كلمة " أم بكر " في الشعر وبدلها بأم عمرو. صونا للكرامة.

(3) مجمع الزوائد 5: 51.

(4) وثقه أحمد. وابن معين. وأبو حاتم. ويعقوب بن سفيان. وأبو داود. والحاكم.

والدار قطني. تهذيب التهذيب 8 ص 216.