أبي بكر مع اهتمامه بإكثار عددها وذلك لبداهة الكذب فيه، وركة لفظه، ووضوح الاختلاق في معانيه وألفاظه، وظهور التهافت بين جمله كما ترى. نعم لكل من الوضاعين في وضع الحديث ذوق، ولكل واحد منهم طريقة وسليقة، وليس أمرهم سلكي.
أما الحديث الثالث
فمن المنكر الواضح وهو لدة ما سبق عن عمر في الجزء السادس صفحة 162 ط 2 من قوله: إن الميت يعذب ببكاء الحي. وقد أنكرته عليه عائشة، وهو مخالف للكتاب المجيد حيث يقول: ولا تزر وازرة وزر أخرى، وأمثالها وقد فصلنا القول فيه تفصيلا في الجزء السابق فراجع ص 159 167 ط 2.
ومخالف للعدل فإن تعذيب أي أحد لما اجترحه غيره من سيئة - بعد تسليم كون البكاء عليه سيئة - يرفضه ناموس العدل الآلهي، وتلفظه العقول السليمة، ويتوجه إلى قائله اللوم من كل ذي مسكة، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
أما الحديث الرابع: إنما حر جهنم على أمتي مثل الحمام.
فإنه أشبه شئ بمخاريق المعتوهين، أو من يريد تحطيما من عظمة أمر المولى سبحانه، أو إغراء لبسطاء الأمة على اقتحام الجرائر بحسبان أن حر الجحيم الشديد الذي أوقده المنتقم الجبار للعصاة عامة لا يصيب هذه الأمة وإنما هو للأمم السابقة ومن لم يعتنق الاسلام من الموجودين، وأنت إذا تأملت في نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة (1) التي وقودها الناس والحجارة (2) يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم (3) إذا الجحيم سعرت (4) وبرزت الجحيم لمن يرى (5) ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر (6) كلا إنها لظى نزاعة للشوى (7) يوم يسحبون
____________
(1) سورة الهمزة آية 7.
(2) سورة البقرة آية 24.
(3) سورة التوبة آية 35.
(4) سورة التكوير آية 12.
(5) سورة النازعات آية 36.
(6) سورة المرسلات آية 33.
(7) سورة المعارج آية 15.
أو تأملت فيما هدد به المولى سبحانه المتثاقلين عن النفر للجهاد في الحر بقوله:
قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون (5) ومن يأكل أموال اليتامى بقوله: إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا (6) إلى كثير من أمثال هذه لا ترتاب في أن الأمم كلها بالنسبة إليها شرع سواء، بل إن توجيه تلكم الخطابات إلى الأمة المرحومة المعنية بالتهذيب وإيقافها عن المعصية بالتهديد أولى من توجيهها إلى الأمم البائدة التي جرى عليها ما جرى من عاقبة طاعة، أو مغبة عصيان، فذهبوا رهائن أعمالهم، وبه يتم اللطف، وتحسن التربية، وهو الذي كان يبكي الصالح، ويفجع المتقين، ويدر عبرات الأولياء، ويجعل سيدهم أمير المؤمنين يتململ في جنح الليل البهيم تململ السليم قابضا على لحيته، يبكي بكاء الحزين وهو يقول: يا ربنا! يا ربنا! - يتضرع إليه - ثم يقول للدنيا: إلي تغررت؟ إلي تشوقت؟ هيهات هيهات، غري غيري قد بتتك ثلاثا، فعمرك قصير، ومجلسك حقير، وخطرك يسير، آه آه من قلة الزاد، وبعد السفر ووحشة الطريق (7).
ثم أي مشابهة بين ذلك اللهب المصطلم وبين الحمام الذي لا يكون الحر فيه إلا صحيا تزاح به الأوساخ، وتعرق به الأبدان وترفع به الأتعاب، وترتاح به الأجسام؟ وهل يهدد بمثله عصاة البشر الذي خلق ظلوما جهولا جموحا، البشر الذي هذا عقله ورشده وحديثه؟
____________
(1) سورة القمر آية 48.
(2) سورة المدثر آية 29.
(3) سورة المدثر آية 45.
(4) سورة الدخان آية 46.
(5) سورة التوبة آية 81.
(6) سورة النساء آية 10.
(7) حلية الأولياء 1 ص 85، الاستيعاب 2 ص 463، الرياض النضرة 2 ص 212،، زهر الآداب للقيرواني 1 ص 38، تذكرة السبط ص 270، مطالب السؤول ص 33، إتحاف الشبراوي ص 7.
غاية جهد الباحث
هذه غاية جهد الباحث عن علم الخليفة بالسنة وهذه سعة إطلاعه عليها، فنحن إذا قسنا مجموع ما ورد عن الخليفة من الصحيح والموضوع في التفسير والأحكام والفوائد من المائة وأربعة حديثا أو المائة واثنين وأربعين حديثا إلى ما جاء عن النبي الأقدس من السنة الشريفة لتجدها كقطرة من بحر لجي، لا تقام بها قائمة للاسلام، ولا تدعم بها أي دعامة للدين، ولا تروى بها غلة صاد، ولا تنحل بها عقدة أية مشكلة. هذا أبو هريرة، وأنس بن مالك، وعبد الله عمر، وعبد الله بن العباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن مسعود، و و و يروون آلافا من السنة النبوية فقد أخرج تقي ابن مخلد في مسنده من حديث أبي هريرة فحسب خمسة آلاف وثلثمائة حديث وكسرا (1) وأبو هريرة لم يصحب النبي إلا ثلاث سنين.
وهذا أحمد بن الفرات كتب ألف ألف وخمسمائة ألف حديث، وانتخب منها ثلاثمائة ألف في التفسير والأحكام والفوائد: " خلاصة التهذيب ص 9 "
وهذا حرمة بن يحيى أبو حفص المصري صاحب الشافعي يروي عن طريق ابن وهب فحسب مائة ألف حديث. " خلاصة التهذيب ص 63 "
وهذا أبو بكر الباغندي يجيب عن ثلثمائة ألف مسألة في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله " تاريخ الطبري 3 ص 210 ".
وهذا الحافظ روح بن عبادة القيسي له أكثر من مائة ألف حديث. " ميزان الاعتدال 1 ص 342 "
وهذا الحافظ مسلم صاحب الصحيح عنده ثلاثمائة ألف حديث مسموعة. " طبقات الحفاظ 2 ص 151 ".
وهذا الحافظ أبو محمد عبدان الأهوازي يحفظ مائة ألف حديث " تاريخ ابن عساكر 7 ص 288 "
وهذا الحافظ أبو بكر ابن الأنباري يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهد في القرآن
____________
(1) الإصابة 4 ص 205.
وهذا الحافظ أبو زرعة حفظ مائة ألف حديث كما يحفظ الانسان قل هو الله أحد، ويقال: سبعمائة ألف حديث (تاريخ ابن كثير 11 ص 37، تهذيب التهذيب 7 ص 33).
وهذا الحافظ ابن عقدة يجيب في ثلاثمائة ألف حديث من حديث أهل البيت عليهم السلام وبني هاشم حدث بها عنه الدارقطني (تذكرة الحفاظ 2 ص 56).
وهذا الحافظ أبو العباس أحمد بن منصور الشيرازي كتب عن الطبراني ثلاثمائة ألف حديث (تذكرة الحفاظ 3 ص 122).
وهذا الحافظ أبو داود السجستاني كتب عن النبي صلى الله عليه وآله خمسمائة ألف حديث (تذكرة الحفاظ 2 ص 154).
وهذا عبد الله بن إمام الحنابلة أحمد سمع من أبيه مائة ألف وبضعة أحاديث طبقات الحفاظ 2 ص 214).
وهذا ثعلب البغدادي سمع من القواريري مائة ألف حديث [ طبقات الحفاظ 2 ص 214 ].
وهذا أبو داود الطيالسي يملي من حفظه مائة ألف حديث (شذرات الذهب 2 ص 12).
وهذا أبو بكر الجعابي يحفظ أربعمائة ألف حديث بأسانيد ها ومتونها ويذاكر ستمائة ألف حديث، ويحفظ من المراسيل والمقاطيع والخطابات قريبا من ذلك (تاريخ ابن كثير 11 ص 261).
وهذا إمام الحنابلة أحمد عنده أكثر من سبعمائة وخمسين ألفا (راجع آخر الجزء الأول من مسنده).
وهذا الحافظ أبو عبد الله الختلي يحدث من حفظه بخمسين ألف حديث (تاريخ ابن كثير 11 ص 217).
وهذا يحيى بن يمان العجلي يحفظ عن سفيان أربعة آلاف حديث في التفسير فقط (تاريخ الطبري 14 ص 121).
وهذا الحافظ أبو قلابة عبد الملك حدث من حفظه ستين ألف حديث (طبقات الحفاظ 2 ص 143).
وهذا أبو العباس السراج كتب لمالك سبعين ألف مسألة (تاريخ بغداد 1 ص 251).
وهذا الحافظ ابن راهويه يملي سبعين ألف حديث من حفظه (تاريخ ابن عساكر 2 ص 413).
وهذا الحافظ إسحاق الحنظلي يحفظ سبعين ألف حديث (تاريخ الخطيب 6 ص 352).
وهذا إسحاق بن بهلول التنوخي يحدث من حفظه خمسين ألف حديث (تاريخ الخطيب 6 ص 368).
وهذا محمد بن عيسى الطباع كان يحفظ نحوا من أربعين ألف حديث (تاريخ بغداد 2 ص 396).
وهذا الحافظ ابن شاهين يكتب من حفظه بعد ما ذهبت كتبه عشرين أو ثلاثين ألف حديث (تاريخ بغداد 11 ص 268).
وهذا الحافظ يزيد بن هارون يحفظ أربعة وعشرين ألف حديث بإسنادها (شذرات الذهب 2 ص 16).
فهلم معي نرى أن إسلاما هذه سعة نطاق علمه، وكثرة طقوسه وسننه، وغزارة فنونه وعلومه، ونبيا هذا حديثه وسنته، وهذا ودايعه المصلحة لأمته، وهذا شأن الأعلام أمناء ودايع العلم والدين، وهذه سيرة حفظة السنة الشريفة، كيف يجب أن يتحلى خليفة ذلك النبي الأقدس بأبراد علوم الكتاب والسنة؟ وكيف يحق أن يكون حاملا بأعباء علوم مستخلفه ومعالمه، وراثا مآثره وآثاره؟ أفهل يقتصر منه بمائة وأربعة حديثا؟ أو تقبل الأمة المسكينة أو تجديها هذه الكمية اليسيرة من ذلك الحوش الحايش؟ أو يسد ذلك الفراغ، ويمثل تلك العلوم الاسلامية الجمة من هذا شأنه وشعاره، وهذه سيرته وسنته، وهذا علمه وحديثه؟ أو يتلقى
ثم أنى يسوغ للخليفة؟ أن تثقله أعباء الخلافة، وتعييه معضلات المسائل و ويتترس بمثل قوله: أي سماء تظلني. إلخ. أو قوله: سأقول فيها برأيي. أو يخطب بعد أيام قلائل من خلافته وقد أهرجته المواقف، ويتطلب الفوز منها بقوله: لوددت أن هذا كفانيه غيري، ولئن أخذ ولئن أخذتموني بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم لا أطيقها، إن كان لمعصوما من الشيطان، وإن كان لينزل عليه الوحي من السماء (1).
أو بقوله: أما والله ما أنا بخيركم، ولقد كنت لمقامي هذا كارها، ولوددت أن فيكم من يكفيني، أفتظنون أني أعمل فيكم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إذن لا أقوم بها إن رسول الله كان يعصم بالوحي، وكان معه ملك، وإن لي شيطانا يعتريني، فإذا غضبت فاجتنبوني أن لا أوثر في أشعاركم وأبشاركم، ألا فراعوني فإن استقمت فأعينوني وإن زغت فقوموني
وفي لفظ ابن سعيد: ألا وإنما أنا بشر ولست بخير من أحد منكم فراعوني، فإذا رأيتموني استقمت فاتبعوني، وإن رأيتموني غضبت فاجتنبوني لا أوثر في أشعاركم وأبشاركم (2)
أو بقوله: إني وليت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على الحق فأعينوني وإن رأيتموني على الباطل فسددوني (3).
____________
(1) مسند أحمد 1 ص 14، الرياض النضرة 1 ص 177، كنز العمال 3 ص 126.
(2) طبقات ابن سعد 3 ص 151، الإمامة والسياسة 1 ص 16، تاريخ الطبري 3 ص 210، الصفوة 1 ص 99، شرح نهج البلاغة: 3 ص 8، ج 4: 167. كنز العمال 3 ص 126.
(3) طبقات ابن سعد 3 ص 139، المجتنى لابن دريد ص 27، عيون الأخبار لابن قتيبة 2 ص 234، تاريخ الطبري 3 ص 203، سيرة ابن هشام 4 ص 340، تهذيب الكامل 1 ص 6، العقد الفريد 2 ص 158، إعجاز القرآن ص 115، الرياض النضرة 1 ص 167، 177، تاريخ ابن كثير ص 247 وصححه، شرح ابن أبي الحديد 1 ص 134، تاريخ الخلفاء السيوطي ص 47، 48 السيرة الحلبية 3 ص 388.
وهل الخليفة حري بأن ترعاه أمته ورعيته فتعينه وتسدده وتقومه عند الخطل والزيغ؟ وكيف لا يؤاخذ الخليفة بالسنة وهو وارث علم النبي وحامل سنته وقد أكمل الله دينه وأوحى إلى نبيه ما تحتاج إليه أمته، وبلغ صلى الله عليه وآله كل ما جاء به حتى حق له أن ينهى عن الرأي والقياس في دين الله، أو يقول: ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا تركت شيئا مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه (1).
وقد فتح الخليفة لقصر باعه في علوم الكتاب والسنة باب القول بالرأي بمصراعيه بعد ما سده النبي الأعظم على أمته، ولم تكن عند الخليفة مندوحة سواه، قال ابن سعد في الطبقات، وأبو عمر في كتاب العلم 2: 51، وابن القيم في أعلام الموقعين ص 19، إن أبا بكر نزلت به قضية فلم يجد في كتاب الله منها أصلا، ولا في السنة أثرا، فاجتهد رأيه ثم قال: هذا رأيي فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني واستغفر الله. " وذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء عن ابن سعد ص 71 ".
وقال ميمون بن مهران: كان أبو بكر إذ ورد عليه الخصم فإن وجد في الكتاب أو علم من رسول الله ما يقضي بينهم قضى به، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين وقال:
أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسول الله قضى في ذلك بقضاء؟ فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكر من رسول الله فيه قضاءا، فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ نبينا، فإن أعياه أن يجد فيه سنة من رسول الله جمع رؤس الناس و خيارهم فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به (2).
هكذا كان شأن الخليفة في القضاء، وهذا مبلغ علمه، وهذه سيرته في العمل بالرأي المجرد وقد قال عمر بن الخطاب: أصبح أهل الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يعوها، وتفلتت منهم أن يرووها فاشتقوا الرأي، أيها الناس إن الرأي إن كان من
____________
(1) كتاب العلم لأبي عمر، وفي مختصره ص 222.
(2) سنن الدارمي 1 ص 58، وأخرجه البغوي كما في الصواعق ص 10.
ثم ما المسوغ لمن سد فراغ النبي وأشغل منصته أن يسأل الناس عن السنة الشريفة، ويأخذها ممن هو خليفة عليه؟ ولماذا خالف سيرته هذه لما سئل عن الأب والكلالة و ترك سؤال الصحابة واستشارتهم فأفتى برأيه ما أفتى وقال بحريته ما قال.
وفيما اتفق لأبي بكر من القضايا غير ما مر مع قلته غنية وكفاية في عرفان مبلغ علمه وإليك منها:
- 1 -
رأي الخليفة في الجدة
عن قبيصة بن ذؤيب قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه تسأله عن ميراثها فقال لها أبو بكر: ما لك في كتاب الله شئ وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فارجعي حتى أسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس. فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة فأنفذه لها أبو بكر رضي الله عنه. الحديث (2).
فانظر إلى ما عزب عنه علم الخليفة في مسألة تكثر بها البلوى ويطرد الحكم فيها، حتى اضطرته الحاجة إلى الركون إلى رواية مثل المغيرة أزنى ثقيف وأكذب الأمة (3) وكان من تغييره للسنة ولعبه بها أنه صلى صلاة العيد يوم عرفة مخافة أن يعزل سنة أربعين (4) وكان ينال من أمير المؤمنين عليه السلام كلما رقى صهوة المنبر (5).
- 2 -
رأي الخليفة في الجدتين
عن القاسم بن محمد أنه قال: أتت الجدتان إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه
____________
(1) كتاب العلم لأبي عمر 2: 134، وفي مختصره ص 185، أعلام الموقعين ص 19.
(2) موطأ مالك 1 ص 335، سنن الدارمي 2 ص 359، سنن أبي داود 2 ص 17، سنن ابن ماجة 3 ص 163، مسند أحمد 4 ص 224، سنن البيهقي 6 ص 234، بداية المجتهد 2 ص 344، مصابيح السنة 2 ص 22.
(3) راج الجزء السادس من كتابنا هذا ص 141 ط 2.
(4) الأغاني 14 ص 142.
(5) مر في الجزء السادس ص 143، 144 ط 2.
* (لفظ آخر) *
إن جدتين أتتا أبا بكر الصديق رضي الله عنه أم الأم وأم الأب فأعطى الميراث أم الأم دون أم الأب فقال له عبد الرحمن بن سهيل - سهل - أخو بني حارثة: يا خليفة رسول الله! لقد أعطيت التي لو أنها ماتت لم يرثها. فجعله أبو بكر بينهما يعني السدس.
راجع موطأ مالك 1 ص 335، سنن البيهقي 1 ص 235، بداية المجتهد 2 ص 344، الاستيعاب 2 ص 400، الإصابة 2 ص 402 وقال: رجاله ثقات، كنز العمال 6 ص 6 نقلا عن مالك، وسعيد بن منصور، وعبد الرزاق، والدارقطني، والبيهقي.
قال الأميني: أو لا تعجب عن جهل الرجل بحكم إرث الجدتين، وسرعة انقلابه عما ارتآه أو لا بنقد رجل من الأنصار أو أخي بني حارثة؟ وكان ذلك النقد يستدعي حرمان الجدة من قبل الأم لكنه شركهما في الميراث واتخذته الفقهاء مصدرا لحكمهم، وأصل الحكم مأخوذ من رواية المغيرة المخصوصة بالجدة الواحدة فانظر واعتبر.
وأما رأي الرجل الأنصاري في الجدة الذي زحزح الخليفة عن حكمه فلم يكن أخذا بالكتاب والسنة بل كان مخالفا لهما وفقا لقول الشاعر:
فخص القوم به قول الله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين (1) لعقب الأبناء دون من عقبته البنات، وذهبوا إلى عدم شمول أحكام الأولاد في الفروض وغيرها على وليد بنت الرجل محتجين بقول الشاعر.
قال ابن كثير في تفسيره 2 ص 155: قالوا: إذا أعطى الرجل بنيه أو وقف عليهم فإنه يختص بذلك بنوه لصلبه وبنو بنيه واحتجوا بقول الشاعر:
وقال البغدادي في خزانة الأدب 1 ص 300: هذا البيت لا يعرف قائله مع
____________
(1) سورة النساء آية: 11.
وقال: رأيت في شرح الكرماني في شواهد شرح الكافية للخبيصي (1) أنه قال:
هذا البيت قائله أبو فراس همام الفرزدق ابن غالب (2) ثم ترجمه والله أعلم بحقيقة الحال. ا ه.
سبحانك اللهم ما أجرأهم على هذا الرأي - السياسي - في دين الله لإخراج آل الله عن نبوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ ما قيمة قول الشاعر تجاه قول الله تعالى: قل تعالوا ندع أبنائنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم؟ (3) فهو نص صريح على أن الحسنين السبطين ابني النبي الأقدس.
وقد سمى الله سبحانه أسباط نوح ذرية له وليست الذرية إلا ولد الرجل كما في القاموس 2 ص 34 فقال سبحانه: ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله: ويحيى وعيسى (4) فعد عيسى من ذريه نوح وهو ابن بنته مريم.
قال الرازي في تفسيره 2 ص 488: هذه الآية " يعني آية قل تعالوا " دالة على أن الحسن والحسين عليهما السلام كانا ابني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعد أن يدعو أبناءه فدعا الحسن والحسين فوجب أن يكونا ابنيه، ومما يؤكد هذا قوله تعالى في سورة الأنعام: ومن ذريته داود وسليمان - إلى قوله -: وزكريا ويحيى وعيسى، ومعلوم أن عيسى إنما انتسب إلى إبراهيم عليه السلام بالأم لا الأب فثبت أن ابن البنت قد يسمى ابنا والله أعلم.
وقال القرطبي في تفسيره 4 ص 104: فيها " يعني آية تعالوا " دليل على أن
____________
(1) شمس الدين أبو بكر الخبيصي أسمى شرحه بالمرشح
(2) نسبه صاحب جامع الشاهد إلى عمر في صفحة 91 فقال: هو من أبيات لعمر ابن الخطاب. وهذا أقرب إلى ما يشاهد فيه من الالمام بالسياسة.
(3) سورة آل عمران آية 61.
(4) سورة الأنعام آية 84، 85.
إلى أن قال:
وقال مالك: لا يدخل في ذلك ولد البنات، وقد تقدم نحو هذا عن الشافعي ج 4 ص 104 - والحجة لهما قوله سبحانه -: يوصيكم الله في أولادكم. فلم يعقل المسلمون (1) من ظاهر الآية إلا ولد الصلب وولد الابن خاصة. إلى أن قال: وقال ابن القصار. وحجة من أدخل البنات في الأقارب قوله عليه السلام للحسن بن علي: إن ابني هذا سيد. ولا نعلم أحدا يمتنع أن يقول في ولد البنات لأنهم ولد لأبي أمهم. و المعنى يقتضي ذلك لأن الولد مشتق من التولد وهم متولدون عن أبي أمهم لا محالة، والتولد من جهة الأم كالتولد من جهة الأب، وقد دل القرآن على ذلك، قال الله تعالى: ومن ذريته داود وسليمان. إلى قوله: من الصالحين فجعل عيسى من ذريته وهو ابن بنته. ا ه.
وأخرج ابن أبي حاتم بإسناده عن أبي حرب بن الأسود قال: أرسل الحجاج، إلى يحيى بن يعمر فقال: بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي صلى الله عليه وآله تجده في كتاب؟ وقد قرأته من أوله إلى آخره فلم أجده. قال: أليس تقرأ سورة الأنعام: ومن ذريته داود وسليمان. حتى بلغ: ويحيى وعيسى؟ قال بلى.
قال: أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب؟ قال: صدقت. فلهذا إذا أوصى الرجل لذريته أو وقف على ذريته أو وهبهم دخل أولاد البنات فيهم. الخ. تفسير ابن كثير 2 ص 155.
فبعد كون ذرية الرجل ولده على الإطلاق ودخل فيهم أولاد البنا ت لا ينبغي
____________
(1) هذه فرية على المسلمين وحاشاهم أن يعقلوا من الآية خلاف ظاهرها من دون أي دليل صارف.
ويشهد على لغة القرآن المجيد وأن ولد البنت ابن أبيها على الحقيقة قول رسول الله صلى الله عليه وآله: أخبرني جبريل: إن ابني هذا - يعني الحسين - يقتل. وفي لفظ: إن أمتي ستقتل ابني هذا.
طبقات ابن سعد، مستدرك الحاكم 3: 177، أعلام النبوة للماوردي: 83، ذخاير العقبى: 148، الصواعق: 115.
2 - وقوله: إبني هذا يقتل بأرض من العراق.
دلائل النبوة لأبي نعيم 3، 202، ذخاير العقبى ص 146.
3 - وقوله للحسن السبط: ابني هذا سيد.
المستدرك 3: 175، أعلام الماوردي ص 83، تفسير ابن كثير 3: 155.
4 - وقوله لعلي: أنت أخي وأبو ولدي
ذخاير العقبى ص 66.
5 - وقوله: إن جبريل أخبرني أن الله عز وجل قتل بدم يحيى بن زكريا سبعين ألفا وهو قاتل بدم ولدك الحسين سبعين ألفا.
ذخاير العقبى ص 150
6 - وقوله: المهدي من ولدي وجهه كالكوكب الدري.
ذخاير العقبى ص 136.
7 - هذان ابناي من أحبهما فقد أحبني: " الحسن والحسين "
المستدرك 3: 166، تاريخ ابن عساكر 4: 204 كنز العمال 6: 221.
8 - وقوله لفاطمة الصديقة: ادعي لي إبني.
تاريخ ابن عساكر 4: 316.
9 وقوله لأنس: ادع لي إبني.
تاريخ ابن كثير 8: 205.
10 - وقوله ادعوا إبني. فأتى الحسن بن علي.
ذخاير العقبى ص 122.
11 - وقوله: أللهم إن هذا إبني - الحسن - وأنا أحبه فأحبه وأحب من يحبه.
تاريخ ابن عساكر 4: 203.
ذخاير العقبى ص 120.
13 - وقوله: أروني إبني ما سميتموه. قاله لما ولد الحسن، وفي ولادة الحسين، وكذلك في ولادة محسن بن علي.
المستدرك 3: 180، كنز العمال 7: 107، 108 عن الدار قطني، وأحمد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن حبان، والدولابي، والبيهقي، والحاكم، والخطيب.
14 - وقوله: اطلبوا ابني. لما ضل الحسن والحسين.
كنز العمال 7: 108.
15 - وقوله: إبني هذين ريحانتي من الدنيا. يعني الحسنين.
الصواعق، 114، كنز العمال 6: 220، ج 7: 109.
16 وقوله: إبني إرتحلني.
أخرجه أحمد. والبغوي. والطبراني. والحاكم. والبيهقي. وسعيد بن منصور. وابن عساكر في تاريخه 4: 317، وابن كثير في تاريخه 8: 36، وراجع كنز العمال 6: 222، و ج 7: 109.
17 - وقوله: هاتوا إبني أعوذهما بما عوذ به إبراهيم إبنيه.
تاريخ ابن عساكر 4: 209.
18 - وقوله لأنس: ويحك يا أنس دع إبني وثمرة فؤادي - يعني الحسن - كنز العمال 6: 222.
19 - وقوله: إبناي هذان: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
الصواعق لابن حجر ص 114.
20 - وقوله في علي: هذا أخي وابن عمي وصهري وأبو ولدي.
كنز العمال 6: 154.
21 - وقوله: سميت إبني هذين باسم ابني هارون شبر وشبير.
الصواعق ص 115 كنز العمال 6: 222.
22 - وقوله: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث
ذخاير العقبى ص 136.
23 - وقول الحسن السبط سلام الله عليه في خطبة له: أنا الحسن بن علي، و أنا ابن النبي، وأنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير.
المستدرك 3: 172، ذخاير العقبى ص 138 140، شرح ابن أبي الحديد 4: 11، مجمع الزوائد 9: 146، إتحاف الشبراوي ص 5.
24 - وقوله لأبي بكر وهو في منبر جده الأقدس: إنزل عن مجلس أبي فقال أبو بكر: صدقت إنه مجلس أبيك. وفي لفظ: إنزل عن منبر أبي. فقال أبو بكر: منبر أبيك لا منبر أبي.
الرياض النضرة 1، 139 شرح ابن أبي الحديد 2: 17، الصواعق ص 108، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 54، كنز العمال 3: 132.
25 - وقوله في وصيته: ادفنوني عند أبي - يعني المصطفى -.
إتحاف الشبراوي ص 11.
26 - وقول الحسين السبط عليه السلام لعمر: إنزل عن منبر أبي. فقال عمر: منبر أبيك لا منبر أبي، من أمرك بهذا؟
تاريخ ابن عساكر 4: 321.
27 - وقول ابن عباس: هذان - الحسن والحسين - ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله.
تاريخ ابن عساكر 4: 212، 322.
28 - وقول زهير بن قين مخاطبا الحسين عليه السلام: قد سمعنا يا بن رسول الله مقالتك.
جمهرة خطب العرب 2: 40.
29 - وقول الإمام السبط الحسن الزكي كما في الإتحاف للشبراوي 49:
30 - وقوله كما في الإتحاف ص 57: