الصفحة 256
قبولها قد وقعت في السادسة من البعثة فأين كانت عائشة يوم ذاك؟ أشاهدت موقف أبيها وهي على ثدي أمها بنت سنة أو سنتين؟ لماذا لم يرو ذلك عن أبيها أو عن أمها أو عن أم جميل؟ لعل الرواية من ولائد القرون المتأخرة عنهم، ولدتها أم الفضائل بعد قضاء الدهر على حياة من خلقت لأجله.

2 - إن في لفظ الرواية: لما اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا ثمانية و وثلاثين رجلا. فعلى هذا لم يكن أبو بكر يوم ذاك مسلما أخذا بقول النبي صلى الله عليه وآله صلت الملائكة علي وعلى علي سبع سنين لأنا كنا نصلي وليس معنا أحد يصلي غيرنا (1) وما مرت من الصحيحة عن أمير المؤمنين عليه السلام لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الناس بسبع سنين (2) وما أسلفنا من صحيحة الطبري: إن أبا بكر أسلم بعد أكثر من خمسين رجلا (3).

3 - في الرواية: ألح أبو بكر على رسول الله في الظهور فقال: يا أبا بكر! إنا قليل فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم. إلخ. يكذبه ما في السير من أن رسول الله صلى الله عليه وآله أظهر الدعوة قبل ذلك اليوم بثلاث سنين.

وروى ابن سعد وابن هشام والطبري وغيرهم: إن الله عز وجل أمر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بعد مبعثه بثلاث سنين أن يصدع بما جاءه منه، وأن ينادي الناس بأمره ويدعو إليه فقال له: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين (4) وكان قبل ذلك في السنين الثلاث من مبعثه إلى أن أمر بإظهار الدعوة إلى الله مستسرا مخفيا أمره صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه:

وأنذر عشيرتك الأقربين، واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين، فإن عصوك فقل إني برئ مما تعملون (سورة الشعراء 214 - 17) (5).

____________

(1) راجع الجزء الثالث ص 220 ط 2.

(2) راجع الجزء الثالث ص 221 ط 2.

(3) تاريخ الطبري 2: 215.

(4) سورة الحجر آية 94.

(5) تاريخ الطبري 2: 216، طبقات ابن سعد 1: 183، سيرة ابن هشام 1: 274.

الكامل 2: 23، تفسير القرطبي 10: 62، عيون الأثر لابن سيد الناس 1: 99، تاريخ أبي الفدا ج 1: 116، تفسير ابن كثير 2: 559، تفسير الخازن 3: 109، تفسير الشوكاني 3: 139.

الصفحة 257
فإظهار النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعوته كان بأمر من المولى سبحانه من دون سبق أي إلحاح من أي أحد عليه من أبي بكر أو غيره سواء كان أسلم أبو بكر يوم ذاك أولم يسلم.

على أن أبا بكر عد ممن كان يدعو سرا بعد ذلك اليوم بعد ظهور الدعوة من المسلمين فأين مقيل إلحاحه على رسول الله في الظهور من الصحة يوم ذاك؟ قال ابن سعد في طبقاته 1: 185: كان أبو بكر يدعو ناحية سرا، وكان سعد بن زيد مثل ذلك، وكان عثمان مثل ذلك، وكان عمر يدعو علانية وحمزة بن عبد المطلب فإسرار أبي بكر في الدعوة يوم إعلان عمر كان بعد ذلك اليوم، إذ أسلم عمر بعد خروج المهاجرين إلى أرض الحبشة. بعد أربعين رجلا (1) وقد مر في الرواية أن القضية وقعت والمسلمون ثمان وثلاثون نسمة.

وذكر الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 9: 259 حديثين في إسلام أم أبي بكر أحدهما عن ابن عباس قال أسلمت أم أبي بكر وأم عثمان وأم طلحة وأم الزبير وأم عبد الرحمن بن عوف وأم عمار فقال:

فيه: خازم بن الحسين وهو ضعيف. وقال الذهبي في الميزان 1: 315: قال ابن معين: خازم ليس بشئ. وقال أبو داود: روى مناكير وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه.

والحديث الثاني للهيثمي عن طريق الهيثم بن عدي قال: هلك أبو بكر فورثاه أبواه جميعا وكانا أسلما. ثم قال: إسناده منقطع.

قال الأميني: كأن الحافظ الهيثمي يوهم بكلمته الأخيرة أن علة الحديث هي انقطاعه فحسب ولم يذكر بقية رجاله حتى تقف عليها نظارة التنقيب غير أن في ذكر الهيثم بن عدي الكذاب كفاية. قال البخاري: ليس بثقة كان يكذب. وقال أبو داود: كذاب. وقال النسائي وغيره متروك الحديث. وقالت جارية الهيثم: كان مولاي يقوم عامة الليل يصلي فإذا أصبح جلس يكذب، وقال النسائي أيضا: منكر الحديث و ذكر حديثا وعده من افتراء الهيثم على هشام بن عروة. وقال أبو حاتم، متروك الحديث وقال أبو زرعة: ليس بشئ. وقال العجلي: كذاب وقد رأيته وقال الساجي: سكن

____________

(1) الاستيعاب هامش الإصابة 2: 459، تأريخ ابن كثير 3: 31

الصفحة 258
مكة وكان يكذب. وقال إمام الحنابلة أحمد: كان صاحب أخبار وتدليس. وقال الحاكم النقاش: حدث عن الثقات بأحاديث منكرة. وعد البيهقي والنقاش والجوزجاني الحديث من الموضوعات لكون الهيثم فيه. وقال أبو نعيم: يوجد في حديثه المناكير (1).

فإسلام أم أبي بكر كإسلام والده أبي قحافة قط لا يثبت. والذي ذكر إسلامهما من المؤرخين كابن كثير والديار بكري والحلبي وغيرهم لا يعول على قولهم بعد ما عرفت الحال في مستند أقوالهم، فلا قيمة للدعوى المجردة والتقول بلا دليل.

ويعرب عن جلية الحال بقاء أم الخير " أم أبي بكر " في حبالة أبي قحافة في مكة، وقد أسلمت هي على قول من يقول بإسلامها في السادسة من البعثة وأسلم أبو قحافة في الثامن من الهجرة سنة الفتح كما سمعت فتخللت بين إسلامهما ثلاثة عشر عاما، فبأي كتاب أم بأية سنة بقيت تلك المسلمة أم مثل أبي بكر تلك السنين المتطاولة في نكاح أبي قحافة الذي لم يسلم بعد؟ وما الذي جمع بينهما؟ والفراق بينهما كان أول شعار الإسلامية. فأين إسلامها؟ وبماذا يثبت والحال هذه؟

* (أبو بكر وأبواه في القرآن) *

لعبت أيدي الهوى بكتاب الله، وحرفت الكلم عن مواضعها، وجاء من يؤلف في التفسير وقد أعماه الحب وأصمه يخبط خبط عشواء، فتراه كحاطب ليل يروي في كتابه أساطير السلف الأولين من الوضاعين مرسلا إياها إرسال المسلم من دون أي تحقيق وتثبت وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ومع ذلك يرون أنفسهم أئمة وقادة في علم القرآن العزيز. حتى يرون أن قوله تعالى في الأحقاف 15: ووصينا الانسان بوالديه حسنا، حملته أمه كرها ووضعته كرها، وحمله وفصاله ثلاثون شهرا، حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه، وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين.

نزلت في أبي بكر.

ويروون عن علي أمير المؤمنين وابن عباس أن الآية نزلت في أبي بكر الصديق وكان حمله وفصاله ثلاثين شهرا، حملته أمة تسعة أشهر وأرضعته إحدى وعشرين

____________

(1) ميزان الاعتدال 3: 265، لسان الميزان 6: 209، الغدير 5: 270 ط 2.

الصفحة 259
شهرا، أسلم أبواه جميعا ولم يجتمع لأحد من المهاجرين أن أسلم أبواه وغيره. فأوصاه الله بهما ولزم ذلك من بعده. فلما نبئ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة صدق أبو بكر رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية وثلاثين سنة فلما بلغ أربعين سنة قال: رب أوزعني أن اشكر نعمتك أنعمت علي وعلى والدي، واستجاب الله له فأسلم والداه وأولاده كلهم.

الكشاف 3: 99، تفسير القرطبي 16: 193، 194، الرياض النضرة 1: 47، مرقاة الوصول ص 121، تفسير الخازن 4: 132، تفسير النسفي هامش الخازن 4: 132، تفسير الشوكاني 5: 18.

ألا مسائل هؤلاء الأعلام المغفلين عن أن كون مدة الحمل والفصال ثلاثين شهرا هل يخص بأبي بكر فحسب حتى يخص بالذكر؟ أم هو مطرد في خلق الله، إما بكون مدة الحمل ستة أشهر ومدة لإرضاع حولين كاملين، وإما بكون الحمل تسعة أشهر والارضاع واحدا وعشرين شهرا؟ وإن الحري بالذكر هو الأول شذوذه عن العادة المطردة.

ثم إن كان هذا من خاصة أبي بكر وحكاية لحمله وفصاله فكيف يصح لمولانا أمير المؤمنين وابن عباس الاستدلال بالآية مع ما في سورة لقمان على كون أقل الحمل ستة أشهر كما مر في الجزء السادس ص 93 - 95 ط 2 فالآية الكريمة لا تبين إلا ما هو السائر الدائر بين البشر بأحد الوجهين المذكورين وبهذا يتم الاستدلال. وفيه قال ابن كثير في تفسيره 4: 157: وهو استنباط قوي صحيح ووافقه عليه عثمان وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم. وابن كثير مع إكثاره بنقل الموضوعات لم يوعز إلى نزول الآية في أبي بكر لما يرى في نقله من الفضيحة على نفسه.

ثم إن في نص الآية: إن ذلك الانسان قال ما قاله وقد بلغ أشده وبلغ من عمره أربعين عاما. وأبو بكر لم يكن مسلما يوم ذاك لا هو ولا أبوه ولا أمه، أما هو فقد قدمنا أنه أسلم بعد سبع من البعثة بنصوص مرت في الجزء الثالث ص 220 - 223 ط 2 وأما أبوه فقد أسلم " إن أسلم " يوم الفتح في السنة الثامنة من الهجرة وكان لأبي بكر يومئذ ست وخمسون سنة أو أكثر.


الصفحة 260
وأما أمه فقد أسلمت " إن أسلمت " في السنة السادسة من البعثة وأبو بكر يوم ذاك ابن أربع وأربعين سنة أو أكثر منها.

فبماذا أنعم الله عليه وعلى والديه يوم قال: رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي. وكلهم غير مسلمين؟ والجملة دعائية بالنسبة إلى إلهام الشكر على ما أنعم الله به عليه وعلى والديه فحسب، وأما بالنسبة إلى كونهم من المنعم عليهم فخبرية تقتضي سبق تلك النعمة على ظرف الدعاء، فالقول بأن الله سبحانه استجاب له فأسلم والداه وأولاده كلهم مهزأة غير مدعومة بشاهد.

على أن أخبار إسلام والديه " بعد تسليمها والغض عما فيها " تدل على أن إسلام أمه كان بدعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لها بالاسلام، وإسلام أبيه من بركة مسحه صلى الله عليه وآله يده على صدره، فأين دعاء أبي بكر؟

وأما ما في ذيل الرواية مما عزي إلى أمير المؤمنين عليه السلام من أنه لم يجتمع لأحد من المهاجرين أن أسلم أبواه غير أبي بكر. فحاشا أمير المؤمنين بقول مثل ذلك، وقد عرفناك ص 310 - 312 زرافات من المهاجرين أسلموا هم وآبائهم وأمهاتهم ويقدمهم هو سلام الله عليه بالأولية والأولوية.

* (آية أخرى في أبي بكر وأبيه) *

وردت في قوله تعالى من سورة المجادلة: 62: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه، ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه، أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون.

من طريق ابن جريج: إن أبا قحافة سب النبي صلى الله عليه وآله فصكه أبو بكر ابنه صكة فسقط منها على وجهه، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: أو فعلته لا تعد إليه فقال والذي بعثك بالحق نبيا لو كان السيف مني قريبا لقتلته. فنزلت قوله: لا تجد قوما. الآية.

تفسير القرطبي 17: 307 تفسير الزمخشري 3: 172، مرقاة الوصول حاشية نوادر

الصفحة 261
الأصول ص 121، تفسير الآلوسي 28: 36.

قال الأميني: أصفق رجال التفسير على أن سورة الأحقاف التي مرت فيها الآية الأولى مكية، وعلى أن سورة المجادلة مدنية، وعلى أن هذه الآية نزلت بعد ردح من الزمن من نزول الأحقاف، ويظهر من تفسير القرطبي وابن كثير والرازي أنها نزلت بعد بدر واحد فيقع نزولها على هذا في السنة الرابعة من الهجرة تقريبا، فما وجه الجمع بين الآيتين على تقدير تسليم نزولهما في أبي بكر، والأولى منهما كما مر نص على أن أبا قحافة ممن أنعم الله عليه يوم كان لأبي بكر أربعون سنة، ولما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال: رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي. وهذه الآية كما ترى نص في أن أبا قحافة يوم نزولها - وكان يوم ذاك لأبي بكر ثلث و خمسون سنة تقريبا - كان ممن حاد الله ورسوله.

والذي يهون الخطب أن متن هذه الرواية كالرواية السبقة الوارد ة في الآية الأولى يكذب نفسها، إذ الآية كما سمعت نزلت بالمدينة، وظاهر الرواية وقوع القصة بها، و يوم ذاك كان أبو قحافة بمكة، فأين وأنى اجتمع أبو بكر مع أبيه وصكه؟

ثم هل يشترط وجوب قتل من سب رسول الله صلى الله عليه وآله بقرب السيف ممن سمعه؟ أو شرع هذا الحكم بعد القضية؟ أو خص أبو قحافة منه بالدليل، سل من أعماه الغلو في الفضائل وأصمه، إنهم ليقولون منكرا من القول وزورا، ويقولون هو من عند الله، و ما هو من عند الله، ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون.


الصفحة 262

عود إلى بدء
أحاديث الغلو في فضائل أبي بكر

- 29 -
ملك يرد على شاتم الخليفة

أخرج يوسف بن أبي يوسف في الآثار ص 208 عن أبيه يعقوب بن إبراهيم القاضي عن أبي حنيفة قال: بلغني أن رجلا شتم أبا بكر فحلم أبو بكر رضي الله عنه والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد ثم إن أبا بكر رد عليه فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: شتمني فلم تقم وقمت حين رددت عليه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن ملكا كان يرد عنك فلما رددت أنت ذهب فقمت.

وأخرجه أحمد في مسنده 2: 436 من طريق أبي هريرة: إن رجلا شتم أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعجب ويتبسم فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقام فلحقه أبو بكر فقال: يا رسول الله! كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت؟ قال: إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان.

قال الأميني: لم نعرف طريق بلاغ الحديث أبا حنيفة حتى نقف على مبلغه من الصحة ولعل أبا يوسف القاضي بمفرده يكفيه وهنا نظرا إلى بعض ما قيل فيه كقول الفلاس: صدوق كثير الخطاء.

وقول أبي حفص: صدوق كثير الغلط.

وقول البخاري: تركوه.

وقول يحيى بن آدم: شهد أبو يوسف عند شريك فرده وقال: لا أقبل من يزعم أن الصلاة ليست من الإيمان.

وقول ابن عدي: يروي عن الضعفاء.


الصفحة 263
وقول ابن المبارك بسند صحيح: إنه وهاه، وقوله لرجل: إن كنت صليت خلف أبي يوسف صلوات تحفظها فأعدها وقوله: لإن أخر من السماء إلى الأرض فتخطفني الطير أو تهوى بي الريح في مكان سحيق أحب إلي من أن أروي عن ذلك.

وقال رجل لابن المبارك: أيهما أصدق؟ أبو يوسف أو محمد؟ قال: لا تقل أيهما أصدق.

قل: أيهما أكذب.

وقول عبد الله بن إدريس: كان أبو يوسف فاسقا من الفاسقين.

وقول وكيع لرجل قال: أبو يوسف يقول كذا وكذا: أما تتقي الله بأبي يوسف تحتج عند الله عز وجل؟.

وقول أبي نعيم الفضل بن دكين: سمعت أبا حنيفة يقول لأبي يوسف: ويحكم كم تكذبون علي في هذه الكتب ما لم أقل؟.

وقول يحيى ين معين: لا يكتب حديثه. وقوله: كان ثقة إلا إنه كان ربما غلط .

وقول يزيد بن هارون: لا تحل الرواية عنه كان يعطي أموال اليتامى مضاربة و يجعل الربح لنفسه.

وقول ابن أبي كثير مولى بني الحارث أو النظام لما دفن أبو يوسف:

سقى جدثا به يعقوب أمسى * من الوسمي منبجس ركام
تلطف في القياس لنا فأضحت * حلالا بعد حرمتها المدام
ولولا أن مدته تقضت * وعاجله بميتته الحمام
لاعمل في القياس الفكر حتى * تحل لنا الخريدة والغلام (1)

وأما طريق أحمد ففيه سعيد بن أبي سعيد المدني وقد اختلطه قبل موته بأربع سنين كما في تهذيب التهذيب 4: 39، 40، ومتن الرواية يشهد على صدورها منه في أيام اختلاطه.

ومما لا ريب فيه إساءة الأدب من كلا المتسابين بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله ورفع أصواتهما بطبع من حال المتشاتم فإنه لا يؤتي به همسا والله يقول: يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول. الآية وقد نزلت في

____________

(1) تاريخ الخطيب البغدادي 14: 257، ميزان الاعتدال، لسان الميزان 6: 300.

الصفحة 264
أبي بكر وعمر تماريا عند رسول الله صلى الله عليه وآله كما مر حديثه في الجزء السابع ص 223.

وماذا على أبي بكر لو بقي متحلما مراعيا لأدب حضرة النبي إلى آخر مجلسه؟

كما فعله أولا لذلك أوان ما فعله أولا كان منه رمية من غير رام؟ فلا ينقلب إلى الإساءة وإزعاج رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قام عنه.

وماذا عليه لو قام معه فيقطع مادة البغضاء؟ وماذا عليه لو سكت عن النبي صلى الله عليه وآله ولم يسئ الأدب بالاعتراض والنقد على قيامه؟.

وماذا عليه لو أبقى الملك وهو يحسبه مظلوما فيسب الرجل ردا عليه؟ لكنه رآه مكافئ الظالم فتركه.

وعجبي مما في لفظ أحمد من قول النبي لأبي بكر: فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان. الخ. كيف كان ذلك المحفل خلوا من الشيطان إلى أن رد عليه أبو بكر والرجل كان يشتم أبا بكر ويكثر، ولما رد عليه وقع الشيطان؟ فكأن رد أبي بكر كان من همزات الشيطان دون سب الرجل إياه، وكأن النبي الأعظم لم تكن له مندوحة عن سماع شتم الرجل أبا بكر، أو لم تكن فيه مغضبة دون رد أبي بكر إياه؟

إن هذا لشئ عجاب.

ثم هل في عالم الملكوت من يقابل البذاءة بمثلها؟ أو إن هناك عالم القداسة لا يطرقه الفحش والسباب المقذع لقبحهما الذاتي؟ وهل لله سبحانه ملائكة قيضهم لذلك العمل القبيح؟ وهل هذا التقييض مخصوص بأبي بكر فحسب؟ أو إنه يكون لكل متسابين من المؤمنين إذا سكت أحدهما؟ وهل قيضت الملائكة للرد على من هجا رسول الله من المشركين؟ أنا لم أقف على أثر في هذه كلها، وليست المسألة عقلية فتعضدها البرهنة، مع قطع النظر عن استهجان العقل السليم لذلك، والمتيقن: إن جزاء الشاتم إن كان ظالما مرجئ إلى يوم الجزاء، وأما رده بقول لا يسمعه الظالم فيتأدب ويرتدع، ولا المظلوم فيشفي غليله، ولا أي أحد فيكون فضيحة لمرتكب القبيح فعساه يترك شنعته، فمن التافهات، نعم: أخرج الخطيب في تاريخه 5: 280 من طريق سهل بن صقين عن أبي هريرة مرفوعا: أن لله تعالى في السماء سبعين ألف ملك يلعنون من شتم أبا بكر وعمر.


الصفحة 265
غير أن الخطيب نفسه أردفه بقوله: سهل يضع. راجع ما أسلفناه في الجزء الخامس صفحة 280 ط 2.

- 30 -
خطبة النبي صلى الله عليه وآله في فضل الخليفة

أخرج البخاري في المناقب باب قول النبي: سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر ج 5: 242 وباب الهجرة ج 6: 44 من طريق أبي سعيد الخدري قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال: إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله قال: فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن إخوة الاسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر.

وزاد في لفظ ابن عساكر: فعلمنا أنه مستخلفه. وفي لفظ الرازي في تفسيره 2:

347: ما من الناس أحد أمن علينا في صحبته ولا ذات يده من ابن أبي قحافة.

قال الأميني: راجع الجزء الثالث من كتابنا هذا صفحة 176 - 187 ط 2 تزدد وثوقا بما تضمنته هذه الرواية من أكذوبة حديث الأبواب وسدها، وما لابن تيمية هنالك من مكاء وتصدية.

وأما بقية الحديث فمما فيه قول أبي سعيد: وكان أبو بكر أعلمنا. لم يخص هذا العلم بأبي بكر وإنما تحمله كل من سمعه صلى الله عليه وآله ووعى أقواله في حجة الوداع الذي كان يقول فيها: يوشك أن أدعى فأجيب. إلى ما يقارب ذلك مما هو مذكور في الجزء الأول. وهب أن العلم بذلك كان مقصورا على الخليفة لكنه أي علم هذا يباهى به؟ أهو حل عويصة من الفقه؟ أو بيان مشكلة من الفلسفة؟ أو شرح غوامض من علوم الدين؟ أو كشف مخبأ من أسرار الكون؟ لم يكن في هذا العلم شئ من ذلك كله وإنما هو على فرض الصحة تنبه منه إلى أنه صلى الله عليه وآله يريد نفسه، ولعله سمعه قبل ذلك فتذكره عندئذ، وقد أسلفناه في الجزء السابع عند البحث عن أعلمية الرجل بما لا مزيد عليه. فراجع.


الصفحة 266
وأما قوله: إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر. فأي من لأي أحد في صحبته. صلى الله عليه وآله وسلم وإنفاق ماله في دعوته؟ ومن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها (1)، إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها (2)، وكانت لرسول الله المنة على البشر عامة بالدعوة والهداية والتهذيب، وإن صاحبه أحد وناصره فلنفسه نظر ولها نصح، يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين (3)، لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (4).

على أن منة المال لأبي بكر سالبة بانتفاء الموضوع وسنوقفك على جلية الحال، وقصة الخلة في ذيل الرواية أوقفناك عليها في الجزء الثالث وإنها موضوعة، ويعارضها موضوع آخر أخرجه الحافظ السكري من طريق أبي بن كعب أنه قال: إن أحدث الناس عهدي بنبيكم صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بخمس ليال دخلت عليه وهو يقلب يديه وهو يقول:

إنه لم يكن نبي إلا وقد اتخذ من أمته خليلا وأن خليلي من أمتي أبو بكر ابن أبي قحافة، ألا وإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا (5).

وموضوع آخر أخرجه الطبراني من طريق أبي أمامة إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا وإن خليلي أبو بكر. كنز العمال 6: 138.

وموضع آخر أخرجه أبو نعيم من طريق أبي هريرة: لكل نبي خليل في أمته وإن خليلي أبو بكر. كنز العمال: 140.

هكذا تعارض سلسلة الموضوعات بعضها بعضا لجهل كل من واضعيها بما أتى به الآخر. ولكل منته وسعة باعه في نسج الأكاذيب، وما الله بغافل عما يعملون.

وقبل هذه كلها ما في رجال سند الرواة من الآفة لمكان إسماعيل بن عبد الله

____________

(1) سورة فصلت: 46.

(2) سورة الاسراء: 7.

(3) سورة الحجرات: 17.

(4) سورة آل عمران: 164.

(5) الرياض النضرة للمحب الطبري 1: 83، إرشاد الساري للقسطلاني 6: 83.

الصفحة 267
أبي عبد الله بن أبي أويس ابن أخت مالك ونسيبه والراوي عنه.

قال ابن أبي خيثمة: صدوق، ضعيف العقل ليس بذاك يعني إنه لا يحسن الحديث ولا يعرف أن يؤديه أو يقرأ من غير كتابه.

وقال معاوية بن صالح: هو وأبوه ضعيفان.

وقال ابن معين: هو وأبوه يسرقان الحديث. وقال إبراهيم بن الجنيد عن يحيى ابن معين: مخلط يكذب ليس بشئ.

وقال النسائي: ضعيف. وقال في موضع آخر: غير ثقة. وقال اللالكائي: بالغ النسائي في الكلام عليه إلى أن يؤدي إلى تركه، ولعله بان له ما لم يبن لغيره لأن كلام هؤلاء كلهم يؤل إلى أنه ضعيف.

وقال ابن عدي: روى عن خاله أحاديث غرائب لا يتابعه عليها أحد. قال الأميني هذه الرواية التي رواها عن خاله من تلك الغرائب.

وذكره الدولابي في الضعفاء وقال: سمعت النصر بن سلمة المروزي يقول: ابن أبي أويس كذاب كان يحدث عن مالك بمسائل ابن وهب.

وقال العقيلي في الضعفاء عن يحيى بن معين أنه قال: ابن أبي أويس لا يسوى فلسين وقال الدارقطني: لا أختاره في الصحيح.

وذكره الاسماعيلي في المدخل فقال: كان ينسب في الخفة والطيش إلى ما أكره ذكره.

وقال بعضهم: جانبناه للسنة.

وقال ابن حزم في المحلى: قال أبو الفتح الأزدي حدثني سيف بن محمد: إن ابن أبي أويس كان يضع الحديث.

وأخرج النسائي من طريق سلمة بن شبيب أنه قال: سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شئ فيما بينهم (1).

أليس من الجزاف والقول الزور، قول النووي في مقدمة شرح صحيح مسلم: إتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان: البخاري ومسلم؟.

____________

(1) تهذيب التهذيب 1: 312.

الصفحة 268
أكتاب هذا حديثه وهذه ترجمة رجال إسناده وهو أخف ما فيه من الطامات يصلح أن يكون أصح الكتب بعد القرآن؟ كبرت كلمة تخرج من أفواههم، ولو كان هذا شأن الأصح المتفق عليه فما قيمة غيره في سوق الاعتبار؟.

- 31 -
ثناء أمير المؤمنين عليه السلام على الخليفة

أخرج ابن الجوزي في صفة الصفوة 1: 97 من طريق الحسن قال قال علي عليه السلام:

لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرنا في أمرنا فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد قدم أبا بكر في الصلاة، فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا فقد منا أبا بكر.

وأخرجه مرسلا أيضا المحب الطبري في الرياض النضرة 1: 150 فقال: وعنه قال: قال علي: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر يصلي بالناس وقد رأى مكاني وما كنت غائبا ولا مريضا، ولو أراد أن يقدمني لقدمني فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا.

وعن قيس بن عبادة قال قال لي علي بن أبي طالب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض ليالي وأياما ينادي بالصلاة فيقول: مروا أبا بكر فليصل بالناس، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرت فإذا الصلاة علم الاسلام، وقوام الدين، فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا فبايعنا.

قال الأميني: ما أجرأ الحفاظ على رواية هذه الأكاذيب الفاحشة، وإغراء بسطاء الأمة المسكينة بالجهل، والتمويه على الحقائق بأمثال هذه الأفائك؟ وهم مهرة الفن ولا يغرب عن أي أحد منهم عرفان ما في تلكم المختلقات من الغمز والاعتلال.

نعم وكم وكم يجد الباحث في طيات أجزاء كتابنا هذا مما يكذب هذه الأفيكة من التاريخ المتسالم عليه، والحديث الصحيح، والنصوص الصريحة من كلمات مولانا أمير المؤمنين، وشتان بينه وبين كلمات الحفاظ والمؤرخين حول تخلف علي عليه السلام عن بيعة أبي بكر؟ مثل قول القرطبي في المفهم شرح صحيح مسلم في شرح حديث منه. قوله: كان لعلي من الناس جهة حياة فاطمة قال: جهة أي جاه واحترام كان الناس يحترمون عليا في حياتها كرامة لها كأنها بضعة من رسول الله وهو مباشر

الصفحة 269
لها فلما ماتت وهو لم يبايع أبا بكر. انصرف الناس عن ذلك الاحترام ليدخل فيما دخل فيه الناس ولا يفرق جماعتهم.

نعم: أكثر الوضاعون في الكذب على سيد العترة أمير المؤمنين وبان ذلك في الملاء حتى قال عامر بن شراحيل: أكثر من كذب عليه من الأمة الإسلامية هو أمير المؤمنين عليه السلام (1) وإليك نماذج مما يعزى إليه وهو سلام الله عليه برئ منه، أضفها إلى أحاديث الغلو في فضائل أبي بكر.

32 - عن علي: أول من يدخل من الأمة الجنة أبو بكر وعمر وإني لموقوف مع معاوية للحساب.

33 - عن علي مرفوعا: يا علي! لا تكتب جوازا لمن سب أبا بكر وعمر فإنهما سيدا كهول أهل الجنة بعد النبيين. ويأتي بلفظ آخر.

34 - عن علي مرفوعا: الخليفة بعدي أبو بكر وعمر ثم يقع الاختلاف.

35 - عن علي مرفوعا: يا علي! سألت الله ثلاثا أن يقدمك فأبى علي إلا أن يقدم أبا بكر.

36 - عن علي: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسر إلي: أن أبا بكر سيتولى بعده ثم عمر ثم عثمان ثم أنا.

37 - عن علي: إن الله فتح هذه الخلافة على يدي أبي بكر وثناه عمر وثلثه عثمان وختمها بي بخاتمة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

38 - عن علي: ما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من الدنيا حتى عهد إلي: إن أبا بكر يلي الأمر بعده ثم عمر ثم عثمان ثم إلي فلا يجتمع علي.

39 - عن علي مرفوعا: أتاني جبرئيل فقلت: من يهاجر معي؟ قال: أبو بكر، ويلي أمر أمتك من بعدك وهو أفضل أمتك من بعدك.

40 - عن علي مرفوعا: أعز أصحابي إلي، وخيرهم عندي، وأكرمهم على الله، وأفضلهم في الدنيا والآخرة أبو بكر الصديق. الحديث بطوله.

41 - عن علي إنا نرى أبا بكر أحق الناس بها بعد رسول الله، إنه لصاحب

____________

(1) تذكرة الحفاظ للذهبي 1: 77.

الصفحة 270
الغار، وثاني اثنين، وإنا لنعلم بشرفه وكبره. الحديث.

42 - عن علي مرفوعا: يا علي إن الله أمرني أن اتخذ أبا بكر وزيرا، وعمر مشيرا وعثمان سندا، وإياك ظهيرا، أنتم أربعة فقد أخذ الله ميثاقكم في أم الكتاب، لا يحبكم إلا مؤمن ولا يبغضكم إلا فاجر، أنتم خلائف نبوتي، وعقدة ذمتي، وحجتي على أمتي، لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تعافوا.

43 - قيل لعلي: يا أمير المؤمنين! من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال أبو بكر. قيل: ثم من؟ قال عمر. قيل: ثم من؟ قال: عثمان. قيل: ثم من؟

قال: أنا.

44 - خطب علي خطبة وقال في آخرها: واعلموا إن خير الناس بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم أنا. وقد رميت بها في رقابكم وراء ظهوركم فلا حجة لكم علي.

45 - سئل علي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا: أخبرنا عن أبي بكر ابن أبي قحافة قال: ذاك امرؤ سماه الله الصديق على لسان جبريل عليه السلام وعلى لسان محمد صلى الله عليه وآله كان خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله رضيه لديننا فرضينا لدنيانا.

46 - عن علي: إنه كان يحلف بالله إن الله تعالى أنزل اسم أبي بكر من السماء: الصديق.

47 - عن علي: أول من أسلم من الرجال أبو بكر، وأول من صلى إلى القبلة علي بن أبي طالب.

48 - عن عبد الرحمن (1) بن أبي الزناد عن أبيه قال: أقبل رجل فتخلص الناس حتى وقف على علي بن أبي طالب فقال: يا أمير المؤمنين! ما بال المهاجرين والأنصار قدموا أبا بكر وأنت أورى منقبة، وأقدم إسلاما، وأسبق سابقة؟ قال: إن كنت قرشيا فأحسبك من عائذة، قال نعم. قال: لولا إن المؤمن عائذ الله لقتلتك. ويحك إن أبا بكر سبقني لأربع لم أوتهن ولم اعتض منهن: سبقني إلى الإمامة. أو تقدم الإمامة. و

____________

(1) قال ابن معين. ليس ممن يحتج به أصحاب الحديث، ليس بشئ. وعن ابن المدني: كان عند أصحابنا ضعيفا. وكان عبد الرحمن يخط على حديثه، وضعفه الساجي وابن شيبة، وقال النسائي لا يحتج بحديثه. تهذيب التهذيب 6: 171.

الصفحة 271
تقدم الهجرة، وإلى الغار، وإفشاء الاسلام. الحديث بطوله وفي آخره: ثم قال: لا أجد أحدا يفضلني على أبي بكر إلا جلدته جلد المفتري.

49 - عن علي: جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يهاجر معي؟

فقال: أبو بكر، وهو الصديق. مر بلفظ آخر.

50 - جاء أبو بكر وعلي يزوران النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته بستة أيام فقال علي لأبي بكر: تقدم يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: ما كنت لأتقدم رجلا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي مني كمنزلتي من ربي. فقال علي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما منكم من أحد إلا وقد كذبني غير أبي بكر، وما منكم من أحد يصبح إلا على بابه " على باب قلبه " ظلمة إلا باب أبي بكر. فقال أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله؟ قال: نعم. فأخذ أبو بكر بيد علي ودخلا جميعا.

51 - عن علي مرفوعا: ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر.

52 - عن علي: دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله! ألا تستخلف؟

فقال: إن يعلم الله فيكم خيرا استعمل عليكم خيركم. فعلم الله فينا خيرا فأستعمل علينا أبا بكر.

53 - عن علي قال: أفضلنا أبو بكر.

54 - عن علي مرفوعا: ينادي مناد يوم القيامة: أين السابقون الأولون؟ فيقال من؟ فيقول: أين أبو بكر الصديق؟ فيتجلى الله لأبي بكر خاصة وللناس عامة.

55 - عن علي مرفوعا: الخير ثلثمائة وسبعون خصلة إذا أراد الله بعبد خيرا جعل فيه واحدة منهن فدخل بها الجنة قال: فقال أبو بكر: يا رسول الله! هل في شئ منها؟

قال: نعم جمع من كل.

56 - عن علي مرفوعا: يا أبا بكر! إن الله أعطاني ثواب من آمن به منذ خلق آدم إلى أن بعثني، وإن الله أعطاك ثواب من آمن بي منذ بعثني إلى أن تقوم الساعة.

57 - إلتقى أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب فتبسم أبو بكر في وجه علي فقال له علي: مالك تبسمت؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يجوز أحد الصراط