الصفحة 351
عبد الرحمن قال: قمت في الحجر فقلت: لا يغلبني عليه أحد الليلة فجاء رجل من خلفي فغمزني فأبيت أن التفت، ثم غمزني فأبيت أن ألتفت، ثم غمزني الثالثة فالتفت فإذا عثمان فتأخرت عن الحجر فقرأ القرآن في ركعة ثم انصرف.

وأخرجه أبو نعيم بالإسناد في حلية الأولياء 1: 56، 57 ولفظه: قال عبد الرحمن: لأغلبن الليلة على المقام، فلما صليت العتمة تخلصت إلى المقام حتى قمت فيه قال: فبينا أنا قائم إذا رجل وضع يده بين كتفي فإذا هو عثمان بن عفان. قال: فبدأ بأم القرآن فقرأ حتى ختم القرآن فركع وسجد، ثم أخذ نعليه فلا أدري أصلى قبل ذلك شيئا أم لا؟.

قال الأميني: سل عن راوي هذه الفضيلة الحافظ ابن عدي أنه قال: الحسين بن علي كان يسرق الحديث، وأحاديثه لا يتابع عليها. وسل عنه الأزدي فإنه قال: إنه ضعيف جدا يتكلمون في حديثه. وسل عنه أحمد إمام الحنابلة فإنك تسمع منه ما سمعه أبو بكر المروزي لما سأله عنه من قوله: لا أعرفه (1).

ثم هلم معي نسائل عبد الرحمن التيمي هلا كان من واجبه أن يخبر ابن عمه طلحة بن عبيد الله التيمي بهذه السيرة الصالحة يوم ضيق على صاحبها الخناق، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، يوم هتك حرمته، وأباح دمه، وأورده المنية، ومنع جنازته عن أن تدفن في مقابر المسلمين؟.

ولنا أن نسائل الممدوح " عثمان " ألم يكن في الحجر مكانا يسعه إلا موقف عبد الرحمن؟ وهل كان له أن يغمز الرجل مرة بعد أخرى وهو في محراب الطاعة؟

أو أن يزيحه عن مكانه والوقف لمن سبق؟ وقد جاء في السنة الشريفة من طريق جابر مرفوعا: لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم ليخالف إلى مقعده فيقعد فيه ولكن يقول: افسحوا " صحيح مسلم 7: 10 ".

ومن طريق ابن عمر مرفوعا: لا يقيم الرجل الرجل من مقعده ثم يجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا. وزاد في حديث ابن جريج قلت: في يوم الجمعة؟ قال: في الجمعة وغيرها. صحيح مسلم 7: 10، مسند أحمد 2: 22، صحيح البخار ي 2: 94.

____________

(1) راجع تهذيب التهذيب 2: 243.

الصفحة 352
وفي لفظ لمسلم: لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه. وفي لفظ له أيضا: لا يقيمن أحدكم أخاه ثم يجلس في مجلسه.

قال النووي في شرح مسلم هامش إرشاد الساري 8: 479: هذا النهي للتحريم فمن سبق إلى موضع مباح في المسجد وغيره يوم الجمعة أو غيره لصلاة أو غير ها فهو أحق به، ويحرم على غيره إقامته منه لهذا الحديث.

وقال القسطلاني في إرشاد الساري 2: 169: ظاهر النهي التحريم فلا يصرف عنه إلا بدليل، فلا يجوز أن يقيم أحدا من مكانه ويجلس فيه، لأن من سبق إلى مباح فهو أحق به، ولأحمد (1) حديث إن الذي يتخطى رقاب الناس أو يفرق بين اثنين بعد خروج الإمام كالجار قصبه (2) في النار، والتفرقة صادقة بأن يزحزح رجلين عن مكانهما ويجلس بينهما.

وقال الشوكاني في نيل الأوطار 3: 306. من سبق إلى موضع مباح سواء كان مسجدا أو غيره في يوم الجمعة أو غيرها لصلاة أو لغيرها من الطاعات فهو أحق به، و يحرم على غيره إقامته منه والقعود فيه.

فإقامة عثمان عبد الرحمن من مكانه الذي كان هو أحق به وغمزه إياه مرة بعد أخرى محظور محرم شاذ عن السنة الثابتة.

ثم هل تسع الليلة لقراءة القرآن ختمة واحدة؟ ولعلها تسع بالتمحل من كون الليلة من ليالي الشتاء الطويلة، ومن قدوم عثمان الحجر بعد فريضة العشاء بلا فصل، وإنه كان طلق اللسان خفيفه، وإن كنا لا نعلم شيئا من ذلك.

أليس عثمان هذا هو الذي صعد المنبر وأرتج عليه وقام مليا لا يتكلم فقال: إن أبا بكر وعمر كانا يعدان لهذا المقام مقالا وإني لم أزور له خطبة ولا أعددت له كلاما وسنعود فنقول؟ (3) أي خطيب يعوزه الكلام ويفتقر إلى تزوير مقال وفي ذاكرته كلام الله المجيد؟ وفيه بلغة وكفاية عن كل تلفيق وترميق وترميغ.

____________

(1) أخرجه أحمد في مسنده 3: 417.

(2) القصب بضم القاف: الظهر. المعي. ج: أقصاب.

(3) راجع الجزء الثامن ص 163، 164 ط 2.

الصفحة 353
وهلا كان على الرجل أن يعمل بالقرآن الذي كان يختمه في صلاته؟ ألم يك في قرآنه قوله تعالى: الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا "؟ (1) أو لم يكن أبو ذر وعمار وابن مسعود والأمة الصالحة أمثالهم من المؤمنين؟ وقد آذاهم بالنفي والضرب والتنكيل وبكل ما كان يمكنه.

أما كان فيه قوله تعالى: " الذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم "؟ وقد آذى الرسول في كريمته أم كلثوم باقترافه ليلة وفاتها. وبإيواء من طرده ولعنه. وبإزراء صحابته الأكرمين وفي مقدمهم ابن عمه الطاهر. وبتبديل سنته والحياد عن محجته.

أما كان فيه قوله تعالى: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم "؟

وقد خالف الله ورسوله ولم يطعهما ونبذ الكتاب والسنة وراء ظهره في غير موضع من الأموال والصدقات والزكاة والصلاة والصلاة والقطايع والأوقاف والحج والنكاح والحدود والديات (2).

أما كان فيه ذكر لحدود الله؟ أو لم يكن فيه قوله سبحانه: " ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون "؟ وقد تعدى الحدود، ونسي العهود، ونقض التوبة، وحنث الإل، وجاء بما لا يحمد عقباه، وأتى بنهابير أوردته القتل الذريع، وجرت عليه الويلات كما جرتها على الأمة حتى اليوم.

أما كانت في قرآنه آية المباهلة أو آية التطهير؟ والله يعد في الأولى عليا نفس النبي الأعظم، ويطهره من الرجس بالثانية كما طهر نبيه. وكان عثمان يرى مروان لعين رسول الله وطريده أفضل منه عليه السلام (3).

وليت الرجل ترك تلك التلاوة المتعبة والتزم بالعمل بالقرآن الكريم وأقام حدوده واقتصر من التلاوة على ما تيسر.

42 - أخرج البلاذري في " الأنساب " 5: 7 عن خلف البزار عن عبد الوهاب ابن عطاء (4) الخفاف البصري عن سعيد بن أبي عروبة أبي النضر البصري عن ابن

____________

(1) سورة الأحزاب: آية 58.

(2) فصلنا القول في ذلك كله في الجزء الثامن.

(3) مضى حديثه في الجزء الثامن ص 297 ط 2.

(4) في النسخة: عبد الوهاب عن عطاء والصحيح ما ذكرناه.

الصفحة 354
أخي (1) مطرف بن عبد الله بن الشخير عن مطرف البصري قال: لقيت عليا يوم الجمل فأسرع إلي بدابته فقلت: أنا أحق أن أسرع إليك فقال: أحسب عثمان منعك من إتياننا فأقبلت أعتذر إليه فقال: لئن أحببته لقد كان أبرنا وأوصلنا.

* (رجال الاسناد) *

1 - خلف البزار، الثقة الأمين السكير. راجع من الجزء الخامس ص 295 ط 2.

2 - عبد الوهاب بن عطاء: قال المروزي: قلت لأحمد: عبد الوهاب ثقة؟ فقال: ما تقول: إنما الثقة يحيى القطان. وقال الساجي: صدوق ليس بالقوي عندهم وقال البخاري: ليس بالقوي عندهم وهو يحتمل. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال أبو حاتم: ليس عندهم بقوي في الحديث. وقال ابن أبي شيبة: ليس بكذاب ولكن ليس هو ممن يتكل عليه. وقال الميموني عن أحمد بن حنبل: ضعيف الحديث. وقال البزار: ليس بالقوي وقد احتمل أهل العلم حديثه (2) تهذيب التهذيب 6: 451.

3 - سعيد بن أبي عروبة. قال أبو حاتم: هو قبل أن يختلط ثقة. وقال دحيم: اختلط. وقال الأزدي: إختلط اختلاطا قبيحا. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث ثم اختلط في آخر عمره. وقال ابن حبان: بقي في اختلاطه خمس سنين ولا يحتج إلا بما روى عنه القدماء مثل يزيد بن زريع وابن المبارك، وقال عبد الوهاب (الراوي عنه): خولط سعيد سنة 47 وعاش بعد ما خولط تسع سنين. وقال النسائي: من سمع منه بعد الاختلاط فليس بشئ. وقال ابن عدي: من سمع منه قبل الاختلاط فإن ذلك صحيح حجة ومن سمع منه بعد الاختلاط لا يعتمد عليه. وقال أبو بكر البزار: ابتدأ به الاختلاط سنة 133 (3).

فعلى الأخذ بقول أبي بكر البزار في ابتداء اختلاطه وقول ابن حبان من أنه مات سنة 155 تربو أعوام اختلاطه على اثنتين وعشرين سنة. هذا أكثر ما قيل في مدة اختلاطه وأقله خمس سنين وبينهما أقوال أخر.

____________

(1) هو عبد الله بن هاني بن عبد الله بن الشخير البصري.

(2) احتمال الحديث إنما هو للاعتبار كما جاء مصرحا به في كثير من الضعفاء.

(3) تهذيب التهذيب 4: 63 - 66.

الصفحة 355
هذه علل الرواية إسنادا، وأما هي من ناحية المتن فسل عنها مولانا أمير المؤمنين ورأيه المدعوم في عثمان وقد أسلفناه في هذا الجزء ص 69 - 77: أتراه صلوات الله عليه يرى الرجل أبرهم وأوصلهم ثم يرفع عقيرته على صهوة الخطابة بمثل قوله فيه: قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع، إلى أن انتكث فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به بطنته (1).

وقوله فيه: إن بني أمية ليفوقونني تراث محمد صلى الله عليه وآله وسلم تفويقا (2).

وقوله في أقطاعه وأعطياته: ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان، وكل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال، فإن الحق القديم لا يبطله شئ، ولو وجدته قد تزوج به النساء، وفرق في البلدان لرددته إلى حاله.    راجع ج 8: 287 ط 2.

أنى كانت صلات عثمان مشروعة مرضية عند أمير المؤمنين حتى يثني بها عليه ويراه أبرهم وأوصلهم، وقد أوقفناك في الجزء الثامن على شطر مهم من هباته ومدرها فاقرأ وتبصر.

43 - أخرج ابن عساكر عن يزيد بن أبي حبيب كما في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 110، أنه قال: بلغني أن عامة الركب الذين ساروا إلى عثمان عامتهم جنوا. و في لفظ القرماني في أخبار الدول هامش الكامل لابن الأثير 1: 213: إن عامة من أشار إلى قتل عثمان جنوا.

قال الأميني: أليست هذه المهزأة من فنون الجنون؟ انظر إلى عقل من جاء بها أولا: (يزيد بن أبي حبيب) ثم أرجع البصر كرتين إلى عقل أولئك الحفاظ الذين عدوا مثل هذا التره التافه من فضائل عثمان وكراماته، وإني أحسب أن في قول ابن سعد في ترجمة يزيد بن أبي حبيب: " إنه كان حليما عاقلا " دفعا لما يدخل هاجسة القاري من روايته هذه، لكنه لا يثبت له العقل بعد ما حفظها له التاريخ، كيف يصدق ذو مسكة هذه السفسطة والركب السائرون إلى عثمان تعد بالآلاف من رجال الحواضر الإسلامية وهم معروفون مشهورون ولم يعرف أحد منهم بما قذفهم ابن

____________

(1) راجع الجزء السابع ص 81.

(2) راجع الجزء الثامن ص 287 ط 2.

الصفحة 356
حبيب؟ وما الذي أخفى ما عرف منهم الرجل على كل الصحابة والتابعين في الأوساط ولم يعلم به إلا هو فحسب؟

على أنا نعرف جماهير من القوم لا نشك ولا يشك عاقل في ثبوت كمال العقل لهم إلى أن ماتوا أو قتلوا كسيدنا عمار بن باسر ومالك الأشتر، وكعب بن عبدة، وزيد بن صوحان، وصعصعة بن صوحان، وعمرو بن بديل الورقاء، ومحمد بن أبي بكر، وعمرو بن الحمق، إلى نظرائهم الكثيرين وجلهم من رجال الصحاح والمسانيد أخرج أئمة الحديث من طرقهم أحاديث جمة وصححوها، ولم يتوقف أحد منهم في شئ منها للجهل بصدورها قبل جنونهم أو بعده ولو أخذنا بلفظ القرماني فلا يشذ من الجنون جل الصحابة من المهاجرين والأنصار إن لم نقل كلهم لإطباقهم على قتل الرجل وفي مقدمهم طلحة والزبير وعمرو بن العاص والسيدة عائشة أم المؤمنين.

ولعمر الحق أن المعتوه من شوه صحيفة التاريخ بهذه الخزايات غلوا منه في فضائل أناس من الشجرة المنعوتة في القرآن. والله هو الحكم العدل.

44 - أخرج الواحدي في أسباب النزول ص 210 قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو بكر الأنباري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر قال: حدثنا عفان. قال: حدثنا وهيب. قال: حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إبراهيم عن عكرمة عن ابن عباس قال: نزلت: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ (1) في هشام بن عمرو وهو الذي ينفق ماله سرا وجهرا ومولاه أبو الخوراء الذي كان ينهاه فنزلت. وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ (2) فالأبكم منهما الكل على مولاه هذا السيد أسد بن أبي العيص. ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم هو عثمان بن عفان رضي الله عنه. وبهذا الاسناد أخرجه البلاذري في الأنساب 5: 3.

وذكر ابن سعد في طبقاته 3: 41 مرسلا عن عكرمة عن ابن عباس نزول: هل

____________

(1) سورة النحل: 75 وتمام الآية: ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستون الحمد لله بل لأكثرهم لا يعلمون.

(2) وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم. تمام الآية. سورة النحل: 76.

الصفحة 357
يستوي هو ومن يأمر بالعدل. الآية. في عثمان. وكذلك المحب الطبري في الرياض النضرة 2: 103.

قال الأميني: لعل الباحث لا يطالبنا البحث عن إسناد هذه الأكذوبة التي حرفوا بها الكلم عن مواضعها ويراها شاهد صدق علي قول سعيد بن المسيب لبرد مولاه: يا برد!

إياك وأن تكذب علي كما يكذب عكرمة على ابن عباس (1).

ولك أن ترجع البصر كرتين، وتمعن النظر دواليك في صحيفة تاريخ عثمان، في أي يوميه تجد منه ما يعاضد هذه الأسطورة؟ ومتى كان يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم؟ أما أيامه مع النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم فحسبك منها ما ذكرناه في الجزء الثامن ص 231، 280، وفي هذا الجزء ص 327 وأما أيام خلافته فحدث عنها ولا حرج و قد سجل التاريخ له فيها هنات لا تغفر وعثرات لا تقال. وقد وصف مولانا أمير المؤمنين عليه السلام تلكم الأيام في كتابه إلى أهل مصر بقوله: إلى القوم الذين غضبوا لله حين عصي في أرضه، وذهب بحقه، فذهب الجور سرادقه على البر والفاجر، والمقيم والظاعن، فلا معروف يستراح إليه، ولا منكر يتناهى عنه. راجع ص 74 من هذا الجزء.

ووصفها أبو أيوب الأنصاري بقوله: عباد الله أليس إنما عهدكم بالجور والعدوان أمس؟ وقد شمل العباد، وشاع في الاسلام، فذو حق محروم مشتوم عرضه، و مضروب ظهره، وملطوم وجهه، وموطوء بطنه، وملقى بالعراء. إلى آخر ما مر في هذا الجزء ص 125.

أكان من العدل وعلى الصراط المستقيم إيواءه طريد رسول الله ولعينه؟ أم خضمه مع أبناء بيته مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع؟ أم أياديه عند أهل العيث والفساد و أعطياته من مال المسلمين أبناء بيته الساقط من فاسق مستهتر إلى لعين طريد إلى شاب مترف إلى أغيلمة سفهاء، وتسليطهم على ناموس الاسلام ورقاب المسلمين بتوليهم الأمر في البلاد وبين يديه قوله صلى الله عليه وآله وسلم من تولى من أمر المسلمين شيئا فاستعمل عليهم رجلا وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك وأعلم منه بكتاب الله وسنة رسوله فقد خان الله

____________

(1) معارف ابن قتيبة ص 194.

الصفحة 358
ورسوله وجميع المؤمنين؟ (1) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في صحيحة الحاكم من طريق ابن عباس:

من استعمل رجلا من عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في صحيحة أخرى من طريق أبي بكر: من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمر عليهم أحدا محاماة فعليه لعنة الله: لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم.    " إزالة الخفا 1: 16 "

أكان من العدل وعلى الصراط المستقيم إزرائه صلحاء الأمة وعظماء الصحابة و إيذائهم بغير ما اكتسبوا وقد احتمل بهتانا وإثما مبينا، وهم بين مسيرها لك في تسييره، ومعذب في قعر السجون وظلم المطامير، ومشتوم مهان ينادى عليه بذل الاستخفاف، ومضروب قد دقت بالضرب أضلاعه، وآخرا عذر متنه وفتق بطنه، ومحروم عن مال الله لأمره بالمعروف وإنكاره المنكر؟ أم سبه الصحابة - العدول - وتكفيره إياهم بكتابه وخطابه؟ أم مجابهته صنو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونفسه بتلكم القوارص؟ أم عده مروان الوزغ الطريد اللعين أفضل من سيد العترة؟ أم رأيه فيه سلام الله عليه بأنه أولى الناس بالنفي من جوار النبي الأقدس؟ أم إبعاده إياه، عن المدينة مرة بعد أخرى؟ أم نقضه العهود و المواثيق المؤكدة؟ أم نبذه كتاب الله وراء ظهره، وشذوذه عن السنة الشريفة في صلاته وصلاته وحجه وزكاته وإدخال آرائه الشاذة في جميع ذلك؟ أم أم إلى ما شاء الله.

هلا عرفت الصحابة عدل هذا الانسان وكونه على الصراط المستقيم يوم حسبوه جائرا في الحكم، حائدا عن العدل، متنكبا عن الصراط، باغيا ساعيا في الأرض فسادا ولم يبرحوا ناقمين مؤلبين عليه إلبا واحدا حتى تمخضت عليه البلاد، وأسعرت وراءه نارا، ولم تنطفئ إلا باختلاسه وإخماد أنفاسه؟ أو أنهم عرفوا ذلك غير أن الضغائن حدتهم إلى ما ارتكبوا منه؟ فأين إذن عدالة الصحابة؟.

وإن كان الرجل آمرا بالعدل وهو على صراط مستقيم فعهده على نفسه سنة 35 بأن يعمل بالكتاب والسنة لماذا؟ وتوبته مرة بعد أخرى على صهوات المنابر عماذا؟

والتزامه بالإقلاع عما هو عليه وتغيير خطته لماذا؟ وما تلكم الأقوال من الصحابة الواقفين عليه وعلى أعماله من كثب؟ مثل قول علي أمير المؤمنين له: ما رضيت من

____________

(1) مجمع الزوائد 5: 211.

الصفحة 359
مروان ولا رضي منك إلا بتحرفك عن دينك وعقلك مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به. وقوله: أذهبت شرفك وغلبت على أمرك. وقول عمار: امضوا معي عباد الله إلى قوم يطلبون فيما يزعمون بدم الظالم لنفسه، الحاكم على عباد الله بغير ما في كتاب الله.

وقول عمرو بن العاص لعثمان: ركبت بهذه الأمة نهابير من الأمور فركبوها منك وملت بهم فمالوا بك، اعدل أو اعتزل.

وقول سعد بن أبي وقاص: لكن عثمان غير وتغير، وأحسن وأساء.

وقول مالك الأشتر: الخليفة المبتلى الخاطئ الحائد عن سنة نبيه، النابذ لحكم القرآن وراء ظهره.

وقول صعصعة بن صوحان له: ملت فمالت أمتك، اعتدل يا أمير المؤمنين! تعتدل أمتك.

وقول هاشم المرقال: إنما قتله أصحاب محمد وقراء الناس حين أحدث أحداثا وخالف حكم الكتاب.

وقول عبد الرحمن العنزي: هو أول من فتح أبواب الظلم، وارتج أبواب الحق.

وقول أصحاب حجر بن عدي: هو أول من جار في الحكم، وعمل بغير الحق.

وقول الصحابة له: بلونا منك من الجور في الحكم، والأثرة في القسم، والعقوبة للأمر بالتبسط من الناس.

وقول نائلة بنت الفرافصة زوجته له: إتق الله وحده لا شريك له، واتبع سنة صاحبيك من قبلك.

إلى كلمات كثيرة لأمة كبيرة من الصحابة مرت في هذا الجزء، فنزول الآية الكريمة في عثمان لا تساعده تلكم الأقوال، وتضاده سيرته المعروفة، هكذا يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به.

45 - أخرج ابن عساكر كما في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 110 عن ابن عباس أنه قال: لو لم يطلب الناس بدم عثمان لرموا بالحجارة من السماء. وذكره القرماني في أخبار الدول هامش الكامل 1: 214.

قال الأميني: للباحث أن يسائل راوي هذه المزعمة المرسلة المعزوة إلى حبر

الصفحة 360
الأمة عن أن الطلب بدم عثمان هل كان أمرا مشروعا يرتضيه الله ورسوله؟ أو كان غير ذلك؟ فإن كان الأول؟ فلماذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعهد إلى علي أمير المؤمنين أن يقاتل الناكثين والقاسطين الطالبين بدم عثمان؟ ويحث عيون أصحابه على مناصرته عليه السلام متى واثبه القوم؟ ويحذر مناوئيه في المقامين وينهاهم عن قتاله عليه السلام، ويصفهم بالظلم إن فعلوا؟ راجع الجزء الثالث ص 188 - 195 ط 2.

ولماذا كان مولانا أمير المؤمنين يناضلهم، فضلا عن اشتراكه معهم في الطلب؟ ولا يسلم إليهم قتلة عثمان وآواهم؟ وهو الذي يدور الحق معه حيثما دار، وهو مع القرآن والقرآن معه لا يفترقان حتى يردا على النبي الحوض (1).

وكيف كانت الصحابة العدول يقاتلون معه عليه السلام الثائرين بدم عثمان؟ وفي يوم الجمل تحت رايته عيون الصحابة ووجهاء الأمة، وفي صفين شهد معه الإمامان السبطان الحسنان وممن بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة مائتان وخمسون كما في مستدرك الحاكم 3: 104 ويقال: ثمانمائة نفس فقتل منهم ثلاثمائة وستون نفسا (3) وكان معه ثمانون بدريا على رواية ابن ديزيل والحاكم (3) وجاء في خطبة سعيد بن قيس: سبعون بدريا (4) وفي كلام لمالك الأشتر: قريب من مائة بدري (5) ومن أولئك الصحابة وفي مقدمهم البدريون:

1 - أسيد بن ثعلبة الأنصاري. بدري.

2 - ثابت بن عبيد الأنصاري. بدري قتل بصفين.

3 - ثعلبة بن قيظي بن صخر الأنصاري. بدري.

4 - جبر بن أنس بن أبي زريق. بدري.

5 - جبلة بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي. بدري.

6 - الحارث بن حاطب بن عمرو الأنصاري الأوسي. بدري.

____________

(1) راجع ما ذكرناه في الجزء الثالث ص 176 - 180 ط 2.

(2) الاستيعاب في ترجمة عمار، الإصابة 2: 389.

(3) مستدرك الحاكم 3 ص 104، تاريخ ابن كثير 7: 254.

(4) كتاب صفين لابن مزاحم ص 266، شرح ابن أبي الحديد 1: 483.

(5) كتاب صفين لابن مزاحم ص 268، شرح ابن أبي الحديد 1: 484.

الصفحة 361
7 - الحارث بن النعمان بن أمية الأنصاري الأوسي. بدري.

8 - حصين بن الحارث بن المطلب القرشي. بدري.

9 - خالد بن زيد بن كليب أبو أيوب الأنصاري. بدري.

10 - خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين الأنصاري الأوسي. بدري قتل بصفين.

11 - خليفة - ويقال: عليفة - بن عدي بن عمرو البياضي. بدري.

12 - خويلد بن عمرو الأنصاري السلمي. بدري.

13 - ربعي بن عمرو الأنصاري. بدري.

14 - رفاعة بن رافع بن مالك الأنصاري الخزرجي. بدري.

15 - زيد بن أسلم بن ثعلبة بن عدي البلوي. بدري.

16 - جابر بن عبد الله بن عمرو الأنصاري السلمي. بدري.

17 - خباب بن الأرت أبو عبد الله التميمي. بدري.

18 - سهل بن حنيف بن واهب الأنصاري الأوسي. بدري.

19 - سماك بن - أوس بن - خرشة الأنصاري الخزرجي. بدري.

20 - صالح الأنصاري. بدري.

21 - عبد الله بن عتيك الأنصاري. بدري.

22 - عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود الأنصاري. بدري.

23 - عمار بن ياسر المطيب الطيب الشهيد بصفين. بدري.

24 - عمرو بن أنس الأنصاري الخزرجي. بدري.

25 - عمرو بن الحمق الخزاعي الكعبي. بدري.

26 - قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي. بدري.

27 - كعب بن عامر السعدي. بدري.

28 - مسعود بن أوس بن أصرم الأنصاري. بدري.

29 - أبو الهيثم مالك بن التيهان البلوي المستشهد بصفين. بدري.

30 - أبو حبة عمرو بن غزية. بدري.

31 - أبو عمرة بشر بن عمرو بن محصن الأنصاري المستشهد بصفين. بدري

الصفحة 362
32 - أبو فضالة الأنصاري استشهد بصفين. بدري.

33 - أبو محمد الأنصاري. بدري.

34 - أ بو بردة هاني بن نيار - ويقال: نمر - بدري.

35 - أبو اليسر كعب بن عمرو بن عباد الأنصاري السلمي. بدري.

36 - أسود بن عيسى بن أسماء التميمي.

37 - أشعث بن قيس الكندي كان أميرا على الميمنة يوم صفين.

38 - أنس بن مدرك أبو سفيان الخثعمي.

39 - الأحنف بن قيس أبو بحر التميمي السعدي.

40 - أعين بن ضبيعة الحنظلي. أحد الأمراء بصفين.

41 - بريد الأسلمي. قتل بصفين وفيه يقول أمير المؤمنين:

جزى الله خيرا عصبة أسلمية * حسان الوجوه صرعوا حول هاشم.
بريد وعبد الله منهم ومنقذ * وعروة ابنا مالك في الأكارم.

42 - البراء بن عازب الأنصاري الخزرجي.

43 - بشر - بشير - بن أبي زيد الأنصاري.

44 - بشير بن أبي مسعود الأنصاري.

45 - ثابت بن قيس بن الخطيم الأنصاري.

46 - جارية بن زيد المستشهد بصفين.

47 - جارية بن قدامة بن مالك التميمي السعدي.

48 - جبلة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري.

49 - جبير بن الحباب بن المنذر الأنصاري.

50 - جندب بن زهير الأزدي الغامدي كان من أمراء الجيش بصفين.

51 - جندب بن كعب العبدي أبو عبد الله الأزدي الغامدي.

52 - الحارث بن عمرو بن حرام الأنصاري الخزرجي.

53 - حازم بن أبي حازم الأحمسي المستشهد بصفين.

54 - الحبشي بن جنادة نصر السلولي.