17 - عن أنس بن مالك قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من أصحابه يقال له سفينة بكتاب إلى معاذ إلى اليمن فلما صار في الطريق إذا بالسبع رابض في وسط الطريق فخاف أن يجوز فيقوم إليه فقال: أيها السبع إني رسول رسول الله إلى معاذ، وهذا كتاب رسول الله. فقام السبع فهرول قدامه غلوة ثم همهم ثم صرخ وتنحي عن الطريق، فمضى بكتاب رسول الله إلى معاذ، ثم رجع بالجواب فإذا هو بالسبع فخاف أن يجوز فقال: أيها السبع إني رسول رسول الله من عند معاذ، وهذا جواب كتاب رسول الله من معاذ. فقام السبع فصرخ ثم همهم ثم تنحى عن الطريق، فلما قدم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: أو تدرون ما قال أول مرة؟ قال: كيف رسول الله وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟ وأما الثاني:
فقال: إقرأ رسول الله وأبا بكر وعمر وعثمان وعليا وسلمان وصهيبا وبلالا مني السلام.
(تاريخ ابن عساكر 3: 314).
قال الأميني: مثل هذه الرواية التي فيها أعلام النبوة، وكرامة الخلفاء، وفضل جمع من الصحابة لا بد من أن تلوكه الأشداق، وتتداوله الألسن، وتكثر روايته في المجامع والأندية، ولا تخص بحافظ الشام بين أئمة الحديث وحفاظه، وقد تفرد به ابن عساكر، وقال ابن بدران في غير موضع: كل ما تفرد به ابن عساكر فهو ضعيف راجع تاريخه ج 4: 236، و ج 5: 183، 184، وعلى الرواية نفسها من ملامح الافتعال ما لا يخفي.
وما أعرف هذا السبع بالخلفاء حتى ذكرهم مرتين، وأهدى إليهم السلام على ترتيب خلافتهم، فكأن علم الغيب القي إلى السباع شطره فعرفوا خلفاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يستخلفوا، وعرفت من الصحابة أناسا ليسوا هم في الغارب والسنام، كما أنها جهلت بأناس هم في الذروة العالية من جلالة الصحبة وعظمتها، فحذفت عمن سلم عليهم أسمائهم وبلغ تزلفها إلى الطبقة الواطئة من الموالي، أو هكذا تكون رشحات عالم الغيب؟ أم هكذا تخبط السباع خبط عشواء؟ أم هذه كلها جناية الغلو في الفضائل؟.
____________
(1) لسان الميزان 6: 293.
إن من له عند الله حق فليأت، قلنا: يا رسول الله؟ ومن له على الله حق؟ قال: من أحب أبا بكر وعمر وعثمان، ومن لم يفضل عليهم أحدا.
قال الأميني: قال ابن عساكر: هذا الحديث غريب جدا والعهدة فيه على أحمد ابن محمد الجبيلي.
والأنصاري ترجمه الذهبي في ميزان الاعتدال 1: 73 فقال: ليس بثقة نزل الجزيرة، وهاه ابن حبان وغير واحد. وقال ابن حجر في لسان الميزان 1: 302: حديث منكر.
ومتن الحديث كما ترى أقوى شاهد على بطلانه، وإنما هو رأي ابن عمر فحسب يشذ عن الكتاب والسنة كما فصلنا القول حوله في الحديث الرابع، فليضرب به عرض الحائط.
19 - أخرج ابن عساكر من طريق إبراهيم بن محمد بن أحمد القرميسيني عن أنس بن مالك مرفوعا: من أحب أن ينظر إلى إبراهيم عليه السلام في خلته فلينظر إلى أبي بكر في سماحته، ومن أحب أن ينظر إلى نوح في شدته فلينظر إلى عمر بن الخطاب في شجاعته ومن أحب أن ينظر إلى إدريس في رفعته فلينظر إلى عثمان في رحمته، ومن أحب أن ينظر إلى يحيي بن زكريا في جهادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب في طهارته.
(تاريخ الشام 2: 251)
قال ابن عساكر: هذا الحديث شاذ بالمرة، وفي إسناده جماعة ممن أمرهم مجهول لا يعرف حالهم فلا يوثق بهم وهو إلى الوضع أقرب منه إلى الضعف. ا هـ.
قال الأميني: حذف ابن بدران مهذب التاريخ سند الرواية وهو كما في لسان الميزان 4: 317، القرميسيني عن عمر بن علي بن سعيد عن يونس عن محمد بن القاسم عن أبي يعلى عن محمد بن بكار عن ابن أبي ثابت البناني عن أنس.
وقال: قال عقبة: هذا إسناد عمر، وفي إسناده غير واحد مجهول. وقال الذهبي في الميزان 2: 266: إسناد مظلم بخبر لم يصح.
____________
(1) في لسان الميزان الحنبلي.
قال ابن السمعاني في حديث رواه بالطريق المذكور: هذا حديث باطل ورجاله مجاهيل. لسان الميزان 3: 155.
وقال الذهبي: أبو الدنيا الأشج كذاب طرقي. وقال: حدث بقلة حياء بعد الثلاث مائة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فافتضح بذلك وكذبه النقادون، قال الخطيب: علماء النقل لا يثبتون قوله، مات سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وللحفاظ فيه وفي بطلان حديثه كلمات ضافية راجع لسان الميزان 4: 134 - 140.
21 - أخرج العقيلي في الضعفاء من طريق المقري عن عمر بن عبيد البصري أبي حفص الخزاز عن سهيل بن ذكوان المدني عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان.
قال الأميني: عمر بن عبيد ضعفه أبو حاتم كان بياع الخمر كما ذكره ابن حبان والذهبي (2) وفيه سهيل قال الدوري عن ابن معين: سهيل والعلاء بن عبد الرحمن حديثهما قريب من السواء وليس حديثهما بحجة، وقال: لم يزل أصحاب الحديث يثقون حديثه وقال: ضعيف، وسئل مرة فقال: ليس بذاك، وقال غيره: إنما أخذ عنه مالك قبل التغير. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ. وذكر العقيلي عن يحيى أنه قال: هو صويلح وفيه لين. ميزان الاعتدال 1: 432، تهذيب التهذيب 4: 264.
22 - ذكر القاضي أبو يوسف في الآثار ص 207 عن أبي حنيفة: إن رجلا أتى عليا رضي الله عنه فقال: ما رأيت أحدا خيرا منك فقال له: هل رأيت النبي صلى الله عليه وسلم؟
قال: لا. قال: فهل رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما؟ قال: لا. قال: لو أخبرتني: أنك
____________
(1) اسمه عثمان، ومحمد تصحيف.
(2) راجع ميزان الاعتدال 2: 265، لسان الميزان 4: 316.
قال الأميني: إنك لو أمعنت النظر فيما ذكرناه في ترجمة أبي يوسف في ج 8 ص 30، 31 طبع 1، لأغناك عن مؤنة البرهنة على تفنيد هذه الرواية وما يجري مجراها.
على أنها مضادة لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله من أن عليا خير البشر وما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم من تأويل قوله سبحانه: أولئك هم خير البرية. بعلي عليه السلام وشيعته (1) فالرواية مخالفة للكتاب والسنة فأحر بها أن تضرب عرض الجدار. وإنها على طرف نقيض مع نظرية أمير المؤمنين عليه السلام في نفسه عند مقايستها مع القوم، فهو الذي يقول:
متى وقع الشك في مع الأول حتى صرت أقرن بهذه النظائر. ويقول: لقد تقمصها ابن أبي قحافة وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى. إلى كثير مما يشبه بعضه بعضا من نظائر هذا القول. راجع غير واحد من أجزاء هذا الكتاب.
23 - أخرج ابن عدي عن محمد بن نوح، ثنا جعفر بن محمد الناقد، ثنا عمار بن هارون المستملي البصري، نا قزعة بن سويد البصري، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس رفعه: ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر. وفيه: وأبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.
وأخرجه من طريق ابن جرير الطبري عن بشير بن دحية عن قزعة بن سويد. (2) أقول: في الاسناد عمار المستملي الدلال، قال أبو الضريس: سألت ابن المديني عنه فلم يرضه، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ. وقال أيضا: يسرق الحديث. وقال العقيلي: قال لي موسى بن هارون: عمار أبو ياسر متروك الحديث. وقال الخطيب: سمع منه أبو حاتم ولم يرو عنه وقال: متروك الحديث وقال ابن حبان: ربما أخطأ.
[ميزان الاعتدال 2: 245، تهذيب التهذيب 7: 407]
وفيه قزعة أبو محمد البصري، قال أحمد: مضطرب الحديث وقال أيضا: شبه المتروك.
وقال أبو حاتم: ليس بذاك القوي محله الصدق وليس بالمتين يكتب حديثه ولا يحتج به،
____________
(1) راجع ما مر في ج 2: 57 ط 2، و ج 3: 22 ط 2.
(2) ميزان الاعتدال 2: 245، لسان الميزان 2: 23.
وفي إسناد الطبري بشر بن دحية، ضعفه الذهبي وقال بعد رواية هذا الحديث عنه: هذا كذب ومن بشر؟ وقال: قزعة ليس بشئ (2).
24 - أخرج الحافظ العاصمي في زين الفتى شرح سورة هل أتى من طريق الحاكم أبي أحمد عن أبي ميمون أحمد بن محمد بن ميمون بن كوثر بن حكيم الهمداني بحلب عن إسحاق بن إبراهيم بن الأخيل العبسي عن ميسر (3) بن إسماعيل، عن الكوثر بن حكيم الهمداني عن نافع عن ابن عمر مرفوعا: إن أرأف أمتي لها أبو بكر، وإن أجلها في أمر الله لعمر، وإن أشدها حياء عثمان، وإن أقضاها لعلي، وإن اقرأها لأبي، وإن أفرضها زيد بن ثابت، وإن أصدقها لهجة أبو ذر، وإن أعلمها بالحلال والحرام لمعاذ بن جبل، وإن حبر هذه الأمة عبد الله بن عباس، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة الجراح.
قال الأميني: في الاسناد مجاهيل يروي واحد عن آخر عن كوثر وهو كما قال أبو زرعة: ضعيف. وقال يحيى بن معين: ليس بشئ. وقال أحمد بن حنبل: أحاديثه بواطيل ليس بشئ. وقال الدارقطني وغيره مجهول، وقال: ضعيف منكر الحديث، وقال الجوزجاني: لا يحل كتابة حديثه عندي لأنه متروك، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ، وقال ابن أبي حاتم؟ سألت أبي عنه فقال: ضعيف الحديث، قلت: هو متروك؟
قال: لا، ولا أعلم له حديثا مستقيما وهو ليس بشئ، وقال الساجي: ضعيف. وقال - البرقاني والدارقطني: متروك الحديث، وقال الحاكم وأبو نعيم: روى أحاديث مناكير
____________
(1) ميزان الاعتدال 2: 347.
(2) ميزان الاعتدال 2: 245، لسان الميزان 2: 23.
(3) كذا والصحيح بشر بن إسماعيل. ولا يهمنا عرفان الصحيح من السقيم في المقام إذ بشر أيضا كميسر مجهول منكر لا يعرف كما في لسان الميزان.
ضعيف. (1)
25 - أخرج الحافظ العاصمي في زين الفتى عن سلسلة مجاهيل تنتهي إلى علي بن يزيد عن أبي سعد البقال عن أبي محجن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أرأف الناس بهذه الأمة أبو بكر الصديق، وأقواها بأمر الله عمر، وأشدها حياء عثمان، وأعلمها بفصل قضاء علي بن أبي طالب، وأعلمها بحساب الفرائض زيد بن ثابت، وأعلمها بناسخ من منسوخ معاذ بن جبل، وأقرأها أبي بن كعب، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.
قال الأميني: من رجال الاسناد بعد المجاهيل علي بن يزيد وهو أبو الحسن الكوفي الأكفاني نظرا إلى طبقته، قال أبو حاتم: ليس بقوي منكر الحديث عن الثقات، وقال ابن عدي: أحاديثه لا تشبه أحاديث الثقات وعامة ما يرويه لا يتابع عليه. (2)
عن أبي سعد البقال الكوفي سعيد بن المرزبان الأعور قال ابن معين: ليس بشئ لا يكتب حديثه، وقال عمرو بن علي: ضعيف الحديث، متروك الحديث، وقال أبو زرعة:
لين الحديث مدلس، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه، وقال النسائي: ضعيف، وقال أيضا، ليس بثقة ولا يكتب حديثه، وقال الدارقطني:
متروك. وقال الساجي: صدوق فيه ضعف، وقال العجلي: ضعيف، وقال ابن حبان:
كثير الوهم فاحش الخطأ (3) وقال ابن حجر في الإصابة 4: 174: أبو سعيد ضعيف ولم يدرك أبا محجن. عن
أبي محجن الثقفي وما أدراك ما الثقفي: كان يدمن الخمر، منهمكا في الشراب، حده عمر في سبع مرات ونفاه إلى جزيرة في البحر، وبعث معه رجلا فهرب منه، وهو صاحب الشعر الدائر السائر:
____________
(1) ميزان الاعتدال 2: 359، لسان الميزان 4: 491.
(2) تهذيب التهذيب 7: 395.
(3) تهذيب التهذيب 4: 79.
هذا أبو محجن فانظر ماذا ترى، وأنت بين أمرين إما أن تأخذ بكتاب الله وفيه قوله تعالى: إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا (1) وإما أن تجنح إلى ما جاء به القوم من خرافة: الصحابة كلهم عدول. لا يستوي الحسنة ولا السيئة، لا يستوي أصحاب النار و أصحاب الجنة، لا يستوي الخبيث والطيب، أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون.
26 - أخرج الحافظ العاصمي في زين الفتى بإسناده عن أبي علي الهروي عن المأمون عن أحمد بن سعد العبادي عن يزيد بن هارون عن عبد الأعلى بن مسافر عن الشعبي عن المصطلقي رجل من بني المصطلق قال: بعثني قومي بنو المصطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون إلى من يدفعون صدقاتهم بعد وفاته فلقيني علي بن أبي طالب فسألني فقلت:
أرسلني قومي بنو المصطلق إلى رسول الله فسألونه إلى من يدفعون صدقاتهم بعده فقال علي: إذا سألته فأخبرني ما قال لك فأتى رسول الله فأخبره أن قومه أرسلوه يسألونه إلى من يدفعون صدقاتهم بعدك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إدفعوها إلى أبي بكر فرجع المصطلقي إلى علي فأخبره فقال له علي: ارجع إليه فسائله إن كان أبو بكر يموت إلى من يدفعونها؟ فأتاه فسأله فقال: ادفعوها إلى عمر. فرجع إلى علي فأخبره فقال له علي:
ارجع فقل له: إن كان عمر يموت إلى من يدفعونها؟ فقال: ادفعوها إلى عثمان. فرجع إلى علي فأخبره فقال له علي: ارجع فسائله إلى من يدفعونها بعد عثمان، فقال له - الرجل: إني لأستحي أن أرجع بعد هذا.
قال الأميني: هلم معي نقرأ صحيفة مما جاء في رجال إسناد هذه الرواية التي تبنى عليها وعلى أمثالها الخلافة الإسلامية عند بعض رجالات القوم.
1 - أبو علي الهروي هو أحمد بن عبد الله الجويباري (2) قال ابن عدي: كان يضع الحديث لابن كرام على ما يريده، فكان ابن كرام يخرجها في كتبه عنه. وقال ابن حبان:
دجال من الدجاجلة، روى عن الأئمة ألوف حديث ما حدثوا بشئ عنها. وقال النسائي: كذاب. وقال الذهبي: ممن يضرب المثل بكذبه، وقال البيهقي: إني أعرفه
____________
(1) الحجرات: 49.
(2) الجويبار من أعمال الهراة ويعرف بستوق.
ميزان الاعتدال 1: 50، لسان الميزان 1: 193، اللئالي المصنوعة 1: 21، الغدير 5: 214 ط 2.
2 - المأمون بن أحمد السلمي الهروي يروي عنه الجويباري، قال ابن حبان:
دجال. وقال ابن حبان أيضا: سألته متى دخلت الشام؟ قال: سنة خمسين ومأتين، قلت:
فإن هشاما الذي تروي عنه مات سنة خمس وأربعين ومائتين، فقال: هذا هشام بن عمار آخر. ومما وضع على الثقات (فذكر حديثا) ثم قال: وإنما ذكرته ليعرف كذبه لأن الأحداث كتبوا عنه بخراسان. وقال أبو نعيم: خبيث وضاع يأتي عن الثقات مثل هشام ودحيم بالموضوعات، ومثله يستحق من الله تعالى ومن الرسول ومن المسلمين اللعنة. و قال الحاكم في المدخل بعد ذكر حديث عنه: ومثل هذه الأحاديث يشهد من رزقه الله أدنى معرفة بأنها موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كما قال. وقال الذهبي: أتى بطامات وفضائح. ميزان الاعتدال 3: 4، لسان الميزان 5: 7.
3 - أحمد بن سعد العبادي، لا أعرفه ولم أجد له ذكرا في الكتب والمعاجم.
4 - عبد الأعلى بن مسافر (الصحيح: ابن أبي المساور) الزهري أبو مسعود الجرار الكوفي نزيل المدائن. قال ابن معين: ليس بشئ. زاد إبراهيم: كذاب، وعن ابن معين أيضا ليست بثقة. وعن علي بن المديني: ضعيف ليس بشئ. وقال ابن عمار الموصلي:
ضعيف ليس بحجة. وقال أبو زرعة: ضعيف جدا، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث يشبه المتروك، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو داود: ليس بشئ. وقال النسائي:
متروك الحديث. وقال في موضع آخر: ليس بثقة ولا مأمون. وقال ابن نمير: متروك الحديث. وقال الدارقطني: ضعيف: وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقوي عندهم.
وقال الساجي: منكر الحديث. وقال أبو نعيم الاصبهاني: ضعيف جدا ليس بشئ.
27 - أخرج البخاري في تاريخه الكبير 4 ق 2: 442 عن إسحاق بن إبراهيم عن عمرو بن الحارث الزبيدي عن ابن سالم عن الزبيدي قال حميد بن عبد الله عن عبد - الرحمن بن أبي عوف، عن ابن عبد ربه عن عاصم بن حميد قال: كان أبو ذر يقول: إلتمست النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حوائط المدينة فإذا هو قاعد تحت نخلة فسلم علي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما جاء بك؟ فقال: جئت النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يجلس وقال: ليأتينا رجل صالح فسلم أبو بكر، ثم قال: ليأتينا رجل صالح فجاء عمر فسلم، وقال: ليأتينا رجل صالح فأقبل عثمان بن عفان، ثم جاء علي فسلم فرد عليه مثله، ومع النبي صلى الله عليه وسلم حصيات فسبحن في يده فناولهن أبا بكر فسبحن في يده، ثم عمر فسبحن في يده، ثم عثمان فسبحن في يده.
رجال الاسناد.
1 - إسحق بن إبراهيم الحمصي المعروف بابن زبريق، قال النسائي: ليس بثقة وقال محمد بن عون: ما أشك أن إسحاق بن زبريق يكذب (1).
2 - عمرو بن الحارث الحمصي، قال الذهبي: لا تعرف عدالته (2).
3 - عبد الله بن سالم الشامي الحمصي. كان يذمه أبو داود لقوله: أعان علي على قتل أبي بكر وعمر (3) فالرجل ناصبي لا يصغى إلى قيله وأحسب أنه آفة الرواية وهي كما ترى يطفح النصب من جوانبها.
4 - حميد بن عبد الله أو حميد بن عبد الرحمن، مجهول لا يعرف.
5 - ابن عبد ربه، إن كان هو محمد المروزي فهو ضعيف كما في لسان الميزان 5: 244، وإن كان غيره فهو مجهول، ونفس البخاري الذي ذكره لا يعرف منه إلا أنه [ابن عبد ربه] ولا يسميه ولا يذكر له غير روايته هذه.
6 - عاصم بن حميد الحمصي الشامي، قال البزار: لم يكن له من الحديث ما نعتبر
____________
(1) تهذيب التهذيب 1: 216.
(2) تهذيب التهذيب 8: 14.
(3) تهذيب التهذيب 5: 228.
ولعل الباحث بعد قرائة ما سردناه من حديث أبي ذر ومواقفه ونقمته على عثمان وما جرى بينهما لا يذعن قط بهذه الأفيكة ولا يصدق أن يكون أبو ذر الصادق المصدق هو صاحب هذه الرواية المختلقة.
وهذا الاسناد الملفق من رجال حمص (2) يذكرني قول ياقوت الحموي في معجم البلدان 3: 341 قال: ومن عجيب ما تأملته من أمر حمص فساد هوائها وتربتها اللذين يفسدان العقل حتى يضرب بحماقتهم المثل، إن أشد الناس على علي رضي الله عنه بصفين مع معاوية كان أهل حمص، وأكثرهم تحريضا عليه وجدا في حربه، فلما انقضت تلك الحروب ومضى ذلك الزمان صاروا من غلاة الشيعة، حتى أن في أهلها كثيرا ممن رأى مذهب النصيرية، وأصلهم الإمامية الذين يسبون السلف، فقد التزموا الضلال أولا وأخيرا، فليس لهم زمان كانوا فيه على الصواب.
لفظ آخر بإسناد آخر:
أخرج البيهقي عن أبي الحسن علي بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عبيد الصفار عن محمد بن يونس الكديمي عن قريش بن أنس عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن رجل يقال له: سويد بن يزيد السلمي [أو: الوليد بن سويد] قال: سمعت أبا ذر يقول:
لا أذكر عثمان إلا بخير بعد شئ رأيته، كنت رجلا أتبع خلوات رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته يوما جالسا وحده فاغتنمت خلوته فجئت حتى جلست إليه فجاء أبو بكر فسلم عليه ثم جلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء عمر فسلم وجلس عن يمين أبي بكر،
____________
(1) تهذيب التهذيب 5: 40.
(2) بالكسر ثم السكون والصاد المهملة بلد كبير بين الشام وحلب في نصف الطريق يذكر ويؤنث.
قال الأميني: هذا الاسناد مضافا إلى ما في رجاله من المجهول والضعيف ومن تغير عقله (2) وأسنده إليه من سمع عنه بعد اختلاطه كما في تهذيب التهذيب 8: 375.
فيه: محمد بن يونس الكديمي وقد عرفناك ترجمته في الجزء التاسع 311 ط 1، وإنه كذاب وضاع من بيت عرف بالكذب. كان يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى العلماء ولعله وضع على الثقات أكثر من ألف حديث.
اقرأ واعجب من خلافة تدعم بمثل هذه الخزاية، ثم اعجب من حفاظ أخرجوها في تآليفهم محتجين بها ساكتين عنها وهم يعلمون ما فيها من العلل، وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون.
لفت نظر:
من عجيب ما نراه في هذه الرواية وأمثالها من الموضوعات في مناقب الثلاثة أو الأربعة تنظيم هذا الصف المنضد كالبنيان المرصوص الذي لا اختلاف فيه. فلا يأتي قط أولا إلا أبو بكر، وثانيا إلا عمر، وثالثا إلا عثمان، ورابعا إن كان لهم رابع إلا علي عليه السلام سبحان الله فكأنهم متبانون على هذا الترتيب، فلا يتقدم أحد أحدا، ولا يتأخر أحد عن أحد، ففي حديث التسبيح: جاء أبو بكر فسلم، ثم جاء عمر فسلم، ثم جاء عثمان فسلم، ثم جاء علي فسلم.
____________
(1) تاريخ ابن كثير 6: 132، الخصايص الكبرى 2: 74.
(2) هو قريش بن أنس المترجم في تهذيب التهذيب لابن حجر
وفي حديث بئر أريس عن أبي موسى: جاء أبو بكر، ثم جاء عمر، ثم جاء عثمان (2)
وفي حديث استيذانهم على النبي صلى الله عليه وآله وهو مضطجع على فراشه عن عائشة: استأذن أبو بكر، ثم جاء عمر فاستأذن، ثم جاء عثمان فاستأذن. راجع ص 274 من الجزء التاسع وفي حديث الفخذ والركبة: استأذن أبو بكر، ثم جاء عمر فاستأذن، ثم جاء عثمان فاستأذن. كما مر في الجزء التاسع ص 274، 275 ط 2.
وفي حديث جابر بالأسواف: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة فطلع أبو بكر، ثم طلع عمر، ثم طلع عثمان. مجمع الزوائد 9: 57.
وفي حديث حائط من حوائط المدينة عن بلال جاء أبو بكر يستأذن، ثم جاء عمر، ثم جاء عثمان. فتح الباري 7: 30.
وفي حديث التبشير بالجنة عن عبد الله بن عمر: جاء أبو بكر فاستأذن، ثم جاء عمر فاستأذن، ثم جاء عثمان فاستأذن (3).
وفي حديث خطبة الزهراء فاطمة سلام الله عليها: جاء أبو بكر، ثم عمر، ثم علي. ذخائر العقبى ص 27.
وفي حديث بناء مسجد المدينة عن عايشة: جاء أبو بكر بحجر فوضعه، ثم جاء عمر بحجر فوضعه، ثم جاء عثمان بحجر فوضعه (4).
فهل هذا حكم القدر يأتي بهم متتابعين؟ أو قضية التباني طيلة حياة النبي الأقدس صلى الله عليه وآله وسلم فلا يقبلون إلا بهذا الترتيب؟ أو هو من حكم الطبيعة فلا يختلف ولا يتخلف؟ أو أنه من ولائد الاتفاق لكنه لم يتفاوت في أي من الموارد؟ أو أنه من مشتهيات الوضاعين الذين يتحرون ترتيب الفضيلة هكذا؟ ولعل القول بالأخير هو المتعين فحسب 28 - عن زيد بن أبي أوفى قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده. وفي لفظ:
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مسجد المدينة، فجعل يقول: أين فلان؟ أين
____________
(1) راجع الجزء الخامس ص 285.
(2) راجع الصحيحين وغيرهما وحسبك تاريخ ابن كثير 6: 204.
(3) تاريخ ابن كثير 7: 202.
(4) راجع الجزء الخامس ص 287.
ثم دعا عثمان فقال: ادن يا أبا عمرو! فلم يزل يدنو منه حتى ألصق ركبتيه بركبتيه فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء فقال: سبحان الله العظيم. ثلاث مرات. ثم نظر إلى عثمان وكانت أزراره محلولة فزرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال: اجمع عطفي رداءك على نحرك، إن لك شأنا في أهل السماء، أنت ممن يرد علي حوضي (وفي لفظ: يرد علي يوم القيامة) وأوداجك تشخب دما، فأقول لك: من فعل بك هذا؟ فتقول: فلان وفلان، وذلك كلام جبرئيل إذا هتف من السماء فقال: ألا إن عثمان أمير على كل مخذول.
ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: ادن يا أمين الله! أنت أمين الله، وتسمى في السماء:
الأمين، يسلطك الله على مالك بالحق، أما إن لك عندي دعوة وعدتكها وقد أخرتها فقال: خر لي يا رسول الله، قال: حملتني يا عبد الرحمن! أمانة ثم قال: إن لك شأنا يا عبد الرحمن! أما إنه أكثر الله مالك وجعل يقول بيده: هكذا وهكذا، ثم آخى بينه وبين عثمان.
ثم دعا طلحة والزبير فقال: ادنوا مني فدنوا منه فقال لهما: أنتما حواري كحواري عيسى بن مريم ثم آخى بينهما.
ثم دعا عمار بن ياسر وسعدا فقال: يا عمار! تقتلك الفئة الباغية، ثم آخى بينهما، ثم دعا عويمر بن زيد أبا الدرداء وسلمان الفارسي وقال: يا سلمان! أنت منا أهل البيت
ثم نظر في وجوه أصحابه فقال: أبشروا وقروا عينا، أنتم أول من يرد علي الحوض وأنتم في أعلى الغرف، ثم نظر إلى عبد الله بن عمر وقال: الحمد لله يهدي من الضلالة من يحب، ويلبس الضلالة على من أحب، فقال علي: يا رسول الله! لقد ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان هذا من سخط علي فلك العتبي والكرامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي، قال:
يا رسول الله! وما أرث منك؟ قال: ما ورثت الأنبياء من قبلي. قال: ما ورثته الأنبياء من قبلك؟ قال: كتاب ربهم وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي (وأنت أخي ورفيقي) (1) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إخوان على سرر متقابلين. الأخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض.
قال الأميني: قال أبو عمر في الاستيعاب 1: 191 في ترجمة زيد بن أبي أوفى: روى حديث المواخاة بتمامه إلا أن في إسناده ضعفا.
وقال ابن حجر في الإصابة 1: 510: روى حديثه ابن أبي حاتم والحسن بن سفيان والبخاري في التاريخ الصغير من طريق ابن شرحبيل عن رجل من قريش عن زيد بن أبي أوفى قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله مسجد المدينة فجعل يقول: أين فلان؟
أين فلان؟ فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا عنده. فذكر الحديث في إخاء النبي صلى الله عليه وآله ولحديثه طرق عن عبد الله بن شرحبيل، وقال ابن السكن: روي حديثه من ثلاث طرق ليس فيها ما يصح، وقال البخاري: لا يعرف سماع بعضهم من بعض، ولا يتابع عليه، رواه بعضهم عن ابن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفي ولا يصح.
وقفنا من طرق الرواية الثلاث المعزوة إليها على طريقين أحدهما طريق أبي إسحاق
____________
(1) هذه الزيادة في بعض الألفاظ.
محمد بن يحيى بن إسماعيل السهمي التمار، قال الدارقطني: ليس بالمرضي. عن نصر بن علي الثقة إن كان هو الجهضمي كما هو الظاهر. عن عبد المؤمن بن عباد، ضعفه أبو حاتم، وقال البخاري: لا يتابع على حديثه، وذكره الساجي وابن الجارود في الضعفاء (1). عن
يزيد بن سفيان، قال الذهبي: ضعفه ابن معين. وقال النسائي: متروك. وقال شعبة: لو يعطى درهما لوضع حديثا. له نسخة منكرة تكلم فيه ابن حبان. وقال ابن حبان: نسخة مقلوبة لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد لكثرة خطائه ومخالفة الثقات في الروايات، وقال العقيلي في الضعفاء: لا يعرف بالنقل ولا يتابع على حديثه (2) عن عبد الله بن شرحبيل عن
رجل من قريش. الله يعلم من الرجل، وهل ولد هو أو لم يخلق بعد، عن زيد بن أبي أوفى.
رجال الطريق الثاني:
عبد الرحيم بن واقد الواقدي الخراساني الراوي عن شعيب الأعرابي، قال الخطيب في تاريخه 11: 85: في حديثه مناكير لأنها عن الضعفاء والمجاهيل. عن
شعيب بن يوسن الأعرابي من أولئك الضعفاء أو المجاهيل الذين أو عز إليهم الخطيب في عبد الرحيم الواقدي: عن
موسى بن صهيب. قال ابن حجر في اللسان: لا يكاد يعرف، عن يحيي بن زكريا، قال ابن عدي: كان يضع الحديث ويسرق، وذكر ابن الجوزي حديثا باطلا وقال: هذا حديث موضوع بلا شك والمتهم به يحيى، قال يحيى بن معين:
هو دجال هذه الأمة (3) عن
عبد الله بن شرحبيل عن رجل من قريش، هذا الانسان الذي تنتهي إليه أسانيد
____________
(1) ميزان الاعتدال 2: 156، لسان الميزان 4: 76.
(2) ميزان الاعتدال 3: 312، لسان الميزان 6: 288.