هذه طرق الرواية وتلك نصوص البخاري وابن السكن وأبي عمر وابن حجر على بطلانها وإنها ليس فيها ما يصح، على أن المؤاخاة بين المهاجرين وقعت بمكة قبل الهجرة والتي حدثت بالمدينة بعد الهجرة بخمسة أشهر، هي المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار فأبو بكر فيها أخو خارجة بن زيد الأنصاري، وعمر أخو عتبان بن مالك، وعثمان أخو أوس بن ثابت، والزبير أخو سلمة بن سلامة، وطلحة أخو كعب بن مالك، وعبد الرحمن بن عوف أخو سعد بن الربيع. (1)
فقول مختلق الرواية: دخلت على رسول الله مسجده. أو قوله: خرج علينا رسول الله ونحن في مسجد المدينة. أقوى شاهد على اختلاقها.
وإن تعجب فعجب إخراج غير واحد من الحفاظ هذه الرواية بين من أرسلها إرسال المسلم محذوف الاسناد كالمحب الطبري في الرياض النضرة 1 ص 13، وبين من أسندها بهذه الطرق الوعرة من دون أي غمز فيها كابن عساكر في تاريخه والعاصمي في زين الفتى، وأعجب من ذلك تدعيم الحجة على الخصم بها، والركون إليها في تشييد الأحداث والمبادي الساقطة قال العاصمي: في هذا الحديث من العلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أثنى على أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وآخا بينهم، وأشار إلى ما يصيب عثمان من القوم، ولم يجعله في ذلك مليما ولا سماه ذميما، فلا ينبغي لمسلم أن يبسط لسانه فيهم بما كان من بعضهم إلى بعض لأنه عليه السلام لم يواخ بينهم في الدنيا إلا وهم يكونون إخوة في الآخرة، وفيه من العلم أيضا: إن النبي صلى الله عليه وسلم سمى المرتضى أخا ووارثا ثم بين إرثه وجعلها كتاب الله وسنة الرسول، ولم يجعل فدك وخيبر إرثا منه، تبين من ذلك بطلان قول الرافضة والله المستعان. ا هـ
ومن العجب جدا حسبان العاصمي انفتاح بابين من العلم له من هذه الرواية الباطلة، وأي علم هذا مصدره شكوك وأوهام وأكاذيب؟ أنا لست أدري كيف راق العاصمي الاحتجاج بمثلها من رواية تافهة فضلا عن أن يستخرج منها كنز علمه الدفين ويرجع إليها في الحكم كأنه يستند إلى ركن وثيق ويغفل أو يغافل عن أنه مرتكن
____________
(1) راجع ما أسلفناه من المصادر في الجزء التاسع صفحة 316 طبع 1.
ثم إن هذه المقولات التي تضمنتها الرواية على فرض صدورها كانت بمشهد ومسمع من الصحابة، أو سمعها على الأقل كثيرون منهم، ومن أولئك السامعين الذين وعوها طلحة والزبير وعمار، فلماذا لم يرجع إليها أحد منهم يوم تشديد الوطئة على عثمان، وفي الحصارين، وحول واقعة الدار؟ فهل اتخذوها ظهريا يومئذ مستخفين بها؟
حاشاهم وهم الصحابة العدول كما يزعمون، أو أنهم نسووها كما نسيت مثلها أمهم عائشة من حديث الحوأب (1) فلم يذكروها حتى وضعت الفتنة أوزارها، وهذا كما ترى ولعله لا يفوه به ذو مسكة.
وأما العلم الثاني الذي استخرج كنزه العاصمي من حصر إرث أمير المؤمنين علي من رسول الله بالكتاب والسنة، وفند حديث فدك وخيبر، وشنع على الشيعة بذلك فأتفه مما قبله فإن الشيعة لا تدعي لأمير المؤمنين عليه السلام الإرث المالي ولا ادعاه هو صلوات الله عليه لنفسه يوم كان يطالبهم بفدك، وإنما كان يبغيها لأنها حق لابنة عمه الصديقة الطاهرة سواء كانت نحلة لها من أبيها كما هو الصحيح أو إرثا على أصول المواريث التي جاء بها الكتاب والسنة على تفصيل عسى أن نتفرغ له، في غير هذا الموضع من الكتاب، فمؤاخذة الشيعة بتلك المزعمة المختلقة تقول عليهم، وما أكثر ما افتعلت عليهم الأكاذيب، فإن ما تدعيه الشيعة من إرث الإمام عليه السلام عن مخلفه ومشرفه صلى الله عليه وآله لا يشذ عما أجمعت عليه أهل السنة، وهو من براهين الخلافة له عليه السلام قال الحاكم: لا خلاف بين أهل العلم أن ابن عم لا يرث من العم فقد ظهر بهذا الإجماع أن عليا ورث العلم من النبي دونهم (2) فهذه الوراثة الخاصة لعلي عليه السلام من بين الأمة عبارة أخرى عن الخلافة عنه صلى الله عليه وآله وسلم التي من أجلها كان ترث الأوصياء الأنبياء.
29 - في الصحيحين (3) من حديث محمد بن مسكين البصري عن يحيي بن حسان البصري عن سليمان بن بلال عن شريك بن أبي نمر عن سعيد بن المسيب عن أبي موسى
____________
(1) راجع الجزء الثالث ص 188 - 191 طبع 2.
(2) راجع الجزء الثالث ص 100 طبع 2.
(3) صحيح البخاري 5: 250، 251 كتاب المناقب، صحيح مسلم 7: 118، 119 كتاب المناقب.
يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن، فقال: ائذن له وبشره بالجنة، قال: فخرجت مسرعا حتى قلت لأبي بكر: ادخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة، قال: فدخل حتى جلس إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم في القف على يمينه ودلى رجليه وكشف عن ساقيه كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثم رجعت وقد كنت تركت أخي يتوضأ وقد كان قال لي:
أنا على إثرك، فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا يأت به، قال: فسمعت تحريك الباب، فقلت: من هذا؟ قال: عمر. قلت: على رسلك، قال: وجئت النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وأخبرته، فقال: ائذن له وبشره بالجنة، قال: فجئت وأذنت له وقلت له: رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة، قال: فدخل حتى جلس مع رسول الله على يساره، وكشف عن ساقيه ودلى رجليه في البئر كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قال: ثم رجعت فقلت:
إن يرد الله بفلان خيرا يأت به، يريد أخاه، فإذا تحريك الباب، فقلت: من هذا، قال: عثمان بن عفان، قلت: على رسلك، وذهبت إلى رسول الله فقلت: هذا عثمان يستأذن، فقال: ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، قال: فجئت فقلت: رسول الله صلى الله عليه وسلم يأذن لك ويبشرك بالجنة على بلوى أو بلاء يصيبك، فدخل وهو يقول: الله المستعان فلم يجد في القف مجلسا فجلس وجاههم من شق البئر، وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر كما صنع أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم اجتمعت وانفرد عثمان.
قال الأميني: نحن لا نناقش في إسناد هذه الرواية للاضطراب الواقع فيه، فإنها
____________
(1) قف البئر: الدكة التي تجعل حولها.
(2) بستان في قباء قرب المدينة المشرفة.
إنه ليس ممن يعتمد على حديثه (1) ولا نزيفها لمكان ابن أبي نمر لقول النسائي وابن الجارود: إنه ليس بالقوي، وقول ابن حبان: ربما أخطأ، وقول ابن الجارود أيضا:
كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه. وقول الساجي: كان يرى القدر (2) ولا نغمز فيها بمكان سعيد بن المسيب الذي مر الايعاز إلى ترجمته في الجزء الثامن ص 9، ولا نتكلم في منتهى السلسة أبي موسى الأشعري الصحابي، إذ الصحابة كلهم عدول عند القوم، وإن لا يسعنا الاخبات إلى مثل هذا الرأي البهرج المحدث والصفح عن قول الإمام الطاهر أمير المؤمنين عليه السلام الوارد في أبي موسى الأشعري وصاحبه عمرو بن العاص: ألا إن هذين الرجلين اللذين اخترتموهما حكمين قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما، وأحييا ما أمات القرآن، وأماتا ما أحيى القرآن، واتبع كل واحد منهما هواه بغير هدى من الله فحكما بغير حجة بينة، ولا سنة ماضية، واختلفا في حكمهما، وكلاهما لم يرشد، فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين (3) فأي جرح أعظم من هذا؟ وأي عدل يتصور في الرجل عندئذ؟
ولا نقول أيضا بأن عناية القوم بتخصيص الخلفاء الثلاث من بين الصحابة بالبشارة بالجنة، وإكثارهم وضع الرواية واختلاق القصص فيها تنبأنا عن أسرار مستسرة ونحن لا نميط الستار عنها، ولا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم.
وإنما نقول: إن هذه البشارة الصادرة من الصادع الكريم إن سلمت، وكان المبشر مصدقا عند سامعيها، فلماذا كان عمر يسأل حذيفة اليماني - صاحب السر المكنون
____________
(1) تهذيب التهذيب 4: 176.
(2) تهذيب التهذيب 4: 338.
(3) راجع الجزء الثاني ص 131 ط 2.
وهل يتأتى الجمع بين تلك البشارة وبين ما صح عن عثمان من حديث (2) اعتذاره عن خروجه إلى مكة أيام حوصر بقوله: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يلحد بمكة رجل من قريش عليه نصف عذاب هذه الأمة من الإنس والجن فلن أكون ذلك الرجل؟ فهل هذا مقال من وثق بإيمانه بالله وبرسوله واطمأن به وعمل صالحا ثم اهتدى فضلا عمن بشر بالجنة بلسان النبي الصادق الأمين؟.
30 - أخرج البيهقي في الدلائل من حديث عبد الأعلى بن أبي المساور عن إبراهيم ابن محمد بن حاطب عن عبد الرحمن بن بجيد (3) عن زيد بن أرقم قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انطلق حتى تأتي أبا بكر فتجده في داره جالسا محتبيا فقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول: أبشر بالجنة، ثم انطلق حتى تأتي الثنية فتلقى عمر راكبا على حمار تلوح صلعته فقل: إن رسول الله يقرأ عليك السلام ويقول: أبشر بالجنة، ثم انصرف حتى تأتي عثمان فتجده في السوق يبيع ويبتاع فقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول: أبشر بالجنة بعد بلاء شديد، فذكر الحديث في ذهابه إليهم فوجد كلا منهم كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلا منهم يقول: أين رسول الله؟ فيقول: في مكان كذا وكذا، فيذهب إليه، وإن عثمان لما رجع قال: يا رسول الله وأي بلاء يصيبني؟ والذي بعثك بالحق ما تغيبت [وفي لفظ: ما تغنيت] ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعتك، فأي بلاء تصيبني؟ فقال: هو ذاك.
قال الأميني: إن الباحث في غنى عن عرفان رجال إسناد الرواية بعد وقوفه على ما أسلفناه في هذا الجزء ص 74 في ترجمة عبد الأعلى بن أبي المساور من أنه كذاب
____________
(1) تاريخ ابن عساكر 4: 97، التمهيد للباقلاني ص 196، بهجة النفوس لابن أبي جمرة 4: 48، إحياء العلوم 1: 129، كنز العمال 7: 24.
(2) راجع ص 153 من الجزء التاسع ط 1.
(3) بالباء والجيم الموحدتين والدال المهملة كما في التقريب.
فمثل هذا الاسناد يوصف في مصطلح الفن بالوضع لا بالضعف كما وصفه البيهقي بذلك راجع فتح الباري 7: 29.
31 - أخرج ابن عساكر في تاريخه 4: 312 من طريق أبي عمرو الزاهد عن علي بن محمد الصائغ عن أبيه أنه قال: رأيت الحسين وقد وفد على معاوية زائرا فأتاه في يوم جمعة وهو قائم على المنبر خطيبا فقال له رجل من القوم: يا أمير المؤمنين! ائذن للحسين يصعد المنبر، فقال له: معاوية: ويلك دعني أفتخر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
سألتك بالله يا أبا عبد الله! أليس أنا ابن بطحاء مكة؟ فقال: أي والذي بعث جدي بالحق بشيرا، ثم قال: سألتك بالله يا أبا عبد الله! أليس أنا خال المؤمنين؟ فقال أي والذي بعث جدي نبيا، ثم قال: سألتك بالله يا أبا عبد الله! أليس أنا كاتب الوحي؟ فقال: أي والذي بعث جدي نذيرا، ثم نزل معاوية وصعد الحسين بن علي فحمد الله بمحامد لم يحمده الأولون والآخرون بمثلها، ثم قال: حدثني أبي عن جدي عن جبرئيل عن الله تعالى إن تحت قائمة كرسي العرش ورقة آس خضراء مكتوب عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله، يا شيعة آل محمد لا يأتي أحدكم يوم القيامة يقول: لا إله إلا الله أدخله الله الجنة، فقال له معاوية: سألتك بالله يا أبا عبد الله! من شيعة آل محمد؟ فقال: الذين لا يشتمون الشيخين أبا بكر وعمر، ولا يشتمون عثمان، ولا يشتمون أبي، ولا يشتمونك يا معاوية.
قال الأميني: قال ابن عساكر: هذا حديث منكر، ولا أرى إسناده متصلا إلى الحسين. ونحن نقول: إنه كذب صراح وإسناده متفكك العرى واهي الحلقات، أما أبو عمرو الزاهد فهو الكذاب صاحب الطامات والبلايا الذي ألف جزؤا في مناقب معاوية من الموضوعات كما أسلفناه في الجزء الخامس ص 226 توفي سنة 345.
وأما شيخه علي الصائغ فهو ضعيف جدا وصفه بهذا الخطيب في تاريخه 3: 222، وضعفه الدارقطني كما في لسان الميزان 2: 489.
وأما والده فهو مجهول لا يذكر بشئ وهو في طبقة من يروي عن مالك المتوفى سنة 179.
ثم لو صدقنا الأحلام فإن مقتضى هذه الأسطورة أن لا يكون معاوية من شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله الذين يدخلهم الله الجنة لأنه كان يقنت بلعن علي أمير المؤمنين عليه السلام وولديه الإمامين سيدي شباب أهل الجنة، إلى جماعة من الصلحاء الأبرار، وحسبه ذلك مخزاة، وهذا الأمر فيه وفي الطغام من بني أبيه المقتصين أثره وأتباعه المتبعين له على ذلك شرع سواسيه.
ومن مقتضياتها أيضا خروج مولانا أمير المؤمنين عليه السلام عن أولئك الزمرة المرحومة لأنه كان يقنت باللعن على معاوية وحثالة من زبانيته. كبرت كلمة تخرج من أفواههم.
ولازم هذا التلفيق إخراج من نال من عثمان فضلا عمن أجهز عليه وقتله عن شيعة آل محمد وهم أعيان الصحابة ووجوه المهاجرين والأنصار العدول كلهم عند القوم فضلا عن التشيع فحسب، وهل يجسر على هذا التحامل أحد؟ ففي قصارى القول أن أصدق كلمة حول هذه المهزأة إنه حديث زور لا مقيل له من الصحة ولا يسوغ الاعتماد عليه.
32 - روى الخطيب عن أحمد بن محمد بن أبي بكر الأشناني عن محمد بن يعقوب الأصم عن السري بن يحيى عن شعيب بن إبراهيم عن سيف بن عمر عن وائل بن داود عن يزيد (1) البهي عن الزبير مرفوعا: أللهم إنك باركت لأمتي في صحابتي فلا تسلبهم البركة، وبارك لأصحابي في أبي بكر فلا تسلبه البركة، وأجمعهم عليه، ولا تنشر أمره، أللهم وأعز عمر بن الخطاب، وصبر عثمان بن عفان، ووفق عليا، واغفر لطلحة، وثبت الزبير، وسلم سعدا، ووقر عبد الرحمن، وألحق بي السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان.
قال الأميني: عقبه الخطيب بقوله: موضوع فيه ضعفاء أشدهم سيف وأوقفناك على ترجمة السري وشعيب وسيف من رجال الاسناد في الجزء الثامن ص 86، 143، 144، 335 ويكفي كل واحد منهم في اعتلال السند فضلا عن أن يجتمعوا.
____________
(1) كذا والصحيح: عبد الله. هو مولى مصعب بن الزبير.
قال السيوطي في اللئالي 1: 388: موضوع، صدقة يحدث عن المجاهيل، ومحمد بن جعفر ترك أحمد التحديث عنه، وموسى متروك.
ونحن نقول: لعل رواية هذه السفسطة وأمثالها هي التي جعل المؤتمن الساجي سيئ الرأي في شيخ الخطيب المبارك بن عبد الجبار فرماه بالكذب وصرح بذلك كما في لسان الميزان 5: 10 وهي التي تعرفك بقية رجال الاسناد، والعاقل قط لا يثق بمن تكون هذه روايته، وإليك البيان.
1 - أبو طالب العشاري محمد بن علي بن الفتح، ذكر الذهبي له في الميزان أحاديث حكم بوضعها فقال: قبح الله من وضعه، والعتب إنما هو على محدثي بغداد كيف تركوا العشاري يروي هذه الأباطيل. وقال بعد ذكر توثيق الخطيب إياه: ليس بحجة. راجع ميزان الاعتدال 2: 107.
2 - أبو الحسن البردعي. قال الخطيب في تاريخه 2: 253: كتبت عنه وكان فيه
3 - أبو الحبيش الفقيه. مجهول لا يعرف.
4 - صدقة، مجهول لا يذكر بخير، ولا يعرف بجميل.
5 - عمر بن الليث مجهول منكر.
6 - محمد بن جعفر هو المدائني، قال أحمد: سمعت منه ولكن لم أرو عنه قط ولا أحدث عنه بشئ أبدا، وذكره العقيلي في الضعفاء وحكى قول أحمد، وقال ابن قانع: ضعيف، وقال ابن عبد البر: ليس هو بالقوي عندهم، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه و لا يحتج به. (1)
7 - موسى بن خلف العمي البصري. قال الآجري: ليس بذاك القوي، وعن ابن معين ضعيف. وقال ابن حبان: أكثر من مناكير. وقال الدارقطني: ليس بالقوي يعتبر به. (2)
8 - إبراهيم بن أبي سعيد الخدري، لم يذكر لأبي سعيد ابن بهذا الاسم وأحسب أن الصحيح [إبراهيم النخعي عن أبي سعيد الخدري] والله العالم.
34 - أخرج النحاس في كتاب معاني القرآن قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن علي بن سهل قال: حدثنا محمد بن حميد قال: حدثنا يحيى بن الضريس عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: إن أعرابيا قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات على ناقته العضباء فقال: إني رجل مسلم فأخبرني عن هذه الآية: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا، أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب و يلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق. الآية. (3) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنت منهم ببعيد ولا هم ببعيد منك هم هؤلاء الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فاعلم قومك إن هذه الآية نزلت فيهم. ذكره القرطبي في تفسيره 10: 398: وقد روينا جميع
____________
(1) تهذيب التهذيب 9: 99.
(2) تهذيب التهذيب 10: 342.
(3) سورة الكهف: 30، 31.
قال الأميني: ألا تعجب من رجل التفسير العظيم يروي بالاجازة مثل هذا الكذب الصراح بالإسناد لواهي، ويحمد ربه على تحريفه لكلم عن مواضعه وتقوله على ربه وعلى رسوله صلى الله عليه وآله؟؟! أعوذ بالله من الرواية بلا دراية.
في الاسناد: أحمد بن علي بن سهل المروزي ترجمه الخطيب البغدادي في تاريخه 4: 303. ولم يذكر كلمة في الثناء عليه كأنه لا يعرف منه إلا اسمه، وذكره الذهبي في - الميزان وذكر له حديثا فقال: أورده ابن حزم وقال: أحمد مجهول. (1)
وفيه محمد بن حميد أبو عبد الله الرازي التميمي، قال يعقوب بن شيبة: كثير المناكير وقال البخاري: في حديثه نظر، وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الجوزجاني: ردي المذهب غير ثقة. وقال فضلك الرازي: عندي عن ابن حميد خمسون ألفا لا أحدث عنه بحرف. وقال صالح الأسدي: كان كلما بلغه عن سفيان يحيله على مهران، وما بلغه عن منصور يحيله على عمرو بن أبي قيس، ثم قال: كل شيئ كان يحدثنا ابن حميد كنا نتهمه فيه. وقال في موضع آخر: كانت أحاديثه تزيد، وما رأيت أحدا أجرأ على الله منه، كان يأخذ أحاديث الناس فيقلب بعضه على بعض. وقال أيضا: ما رأيت أحدا أحذق بالكذب من رجلين: سليمان الشاذكوني، ومحمد بن حميد كان يحفظ حديثه كله. وقال محمد بن عيسى الدامغاني: لما مات هارون بن المغيرة سألت محمد بن حميد أن يخرج إلي جميع ما سمع فأخرج إلي جزازات فأحصيت جميع ما فيه: ثلاثمائة ونيفا وستين حديثا.
قال جعفر: وأخرج ابن حميد عن هارون بعد بضعة عشر ألف حديث. وقال أبو القاسم ابن أخي أبي زرعة: سألت أبا زرعة عن محمد بن حميد فأومى بإصبعه إلى فمه فقلت له: كان يكذب؟ فقال برأسه: نعم. فقلت له: كان قد شاخ لعله كان يعمل عليه و يدلس عليه، فقال: لا يا بني كان يتعمد، وقال أبو نعيم بن عدي: سمعت أبا حاتم الرازي في منزله وعنده ابن خراش وجماعة من مشايخ أهل الري وحفاظهم فذكروا ابن حميد فأجمعوا على أنه ضعيف في الحديث جدا، وأنه يحدث بما لم يسمعه، وإنه يأخذ أحاديث أهل البصرة والكوفة فيحدث بها عن الرازيين. وقال أبو العباس ابن سعيد:
____________
(1) لسان الميزان 1: 222.
وقال سعيد بن عمرو البرذعي: قلت لأبي حاتم: أصح ما صح عندك في محمد بن حميد الرازي أي شيئ هو؟ فقال لي: كان بلغني عن شيخ من الخلقانيين: إن عنده كتابا عن أبي زهير فأتيته فنظرت فيه فإذا الكتاب ليس هو من حديث أبي زهير وهي من حديث علي بن مجاهد فأبى أن يرجع عنه فقمت وقلت لصاحبي: هذا كذاب لا يحسن أن يكذب. قال: ثم أتيت محمد بن حميد بعد ذاك فأخرج إلي ذلك الجزء بعينه فقلت لمحمد بن حميد: ممن سمعت هذا؟ قال: من علي بن مجاهد، فقرأه وقال فيه: ثنا علي ابن مجاهد فتحيرت فأتيت الشاب الذي كان معي فأخذت بيده فصرنا إلى ذلك الشيخ فسألناه عن الكتاب الذي أخرجه إلينا فقال: قد استعاره مني محمد بن حميد. وقال أبو حاتم: فبهذا استدللت على أنه كان يومي إلى أنه أمر مكشوف.
وقال ابن خزيمة: لا يروى عنه، وقال النسائي: ليس بشئ قال الكتاني: فقلت له: البتة؟ قال: نعم. قلت: ما أخرجت له شيئا؟ قال: لا. وقال في موضع آخر: كذاب وكذا قال ابن وارة، وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالمقلوبات (1).
فمجمل القول في الرجل أنه كذاب مكثر والذي أثنى عليه فقد خفي عليه أمره أو كان ذلك قبل ظهور ما ظهر منه من سوء حاله، قال أبو العباس بن سعيد:
سمعت داود بن يحيى يقول: حدثنا عنه أبو حاتم قديما ثم تركه بآخره. وقال أبو حاتم الرازي سألني يحيى بن معين عن ابن حميد من قبل أن يظهر منه ما ظهر فقال أي شيئ ينقمون منه؟ فقلت: يكون في كتابه شيئ فيقول: ليس هذا هكذا فيأخذ القلم فيغيره، فقال: بئس هذه الخصلة. إلخ. وقال أبو علي النيسابوري: قلت لابن خزيمة:
لو حدث الأستاذ عن محمد بن حميد فإن أحمد قد أحسن الثناء عليه، فقال: إنه لم يعرفه ولو عرفه كما عرفناه ما أثنى عليه أصلا.
35 - أخرج ابن عساكر من طريق علي بن محمد بن شجاع الربعي عن عبد الوهاب الميداني الدمشقي عن محمد بن عبد الله بن ياسر عن محمد بن بكار عن محمد بن الوليد عن داود بن سليمان الشيباني عن حازم بن جبلة بن أبي نصرة عن أبيه عن جده عن أبي سعيد
____________
(1) تهذيب التهذيب 9: 127 - 131.
رجال الاسناد:
1 - عبد الوهاب الميداني. قال الذهبي نقلا عن الكتاني: كان فيه تساهل، واتهم في لقي أبي علي بن هارون الأنصاري، ميزان الاعتدال 2: 160.
2 - محمد بن عبد الله. في الميزان 3: 85: نكرة وحديثه [يعني هذا الحديث] منكر بمرة.
3 - محمد بن بكار. نكرة لا يعرف، قال ابن حزم: إنه مجهول. وقال الذهبي:
صحيح إنه مجهول. راجع ميزان الاعتدال 3: 31.
4 - محمد بن الوليد. أحسبه ابن أبان القلانسي. كذاب كان يضع الحديث ومن أباطيله ما مر في هذا الجزء في فضيلة أبي بكر.
5 - داود بن سليمان. قال الذهبي: قال الأزدي ضعيف جدا. الميزان 1: 318.
6 - خازم بن جبلة هو ووالده وجده مجاهيل لا يعرفون.
36 - أخرج الأزدي عن محمد بن عمر الأنصاري عن كثير النواء عن زكريا مولى طلحة عن حسن بن المعتمر قال: سئل علي عن أبي بكر وعمر فقال: إنهما من الوفد السابقين إلى الله مع محمد، ولقد سألهما موسى من ربه فأعطاهما محمدا. (2)
قال الأميني: قال الذهبي في الميزان 3: 113: خبر منكر: ضعفه الأزدي، أقول: في الاسناد كثير النواء قال أبو حاتم: ضعيف الحديث، بابه سعد (3) بن طريف، و قال الجوزجاني: زائغ. وقال النسائي: ضعيف. وقال في موضع آخر: فيه نظر. وقال
____________
(1) لسان الميزان 2: 418، ج 5: 229.
(2) لسان الميزان 5: 321.
(3) سعد بن طريف مفرط في التشيع ضعيف الحديث جدا، قال ابن حبان: كان يضع الحديث راجع تهذيب التهذيب 3: 473.
وزكريا مولى طلحة وشيخه مجهولان لا يعرفان، هذا ما في الاسناد من العلل و ليس في رجاله ثقة ولا واحد، ومتن الرواية أقوى شاهد على بطلانها.
37 - أخرج أحمد في المسند 1: 193 بإسناده عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، و علي في الجنة، وعثمان في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة ابن الجراح في الجنة.
وبهذا الاسناد أخرجه الترمذي في صحيحه 13: 182، 183 وعن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن رسول الله نحوه. والبغوي في المصابيح 2: 277.
وأخرج أبو داود في سننه 2: 264 من طريق عبد الله بن ظالم المازني قال: سمعت سعيد بن زيد بن عمرو قال: لما قدم فلان الكوفة أقام فلان خطيبا فأخذ بيدي سعيد بن زيد فقال: ألا ترى إلى هذا الظالم؟ فأشهد على التسعة أنهم في الجنة (فعدهم) قلت: ومن العاشر؟ فتلكأ هنيئة ثم قال: أنا.
وأخرج من طريق عبد الرحمن الأخينس أنه كان في المسجد فذكر رجل عليا عليه السلام فقام سعيد بن زيد فقال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إني سمعته وهو يقول: عشرة في الجنة: النبي في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير بن العوام في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، ولو شئت لسميت العاشر قال: فقالوا: من هو؟ فسكت قال: فقالوا: من هو؟ فقال: هو سعيد بن زيد، وبهذا الاسناد أخرجه الترمذي في جامعه 13: 183، 186، وابن الديبع في تيسير الوصول 3: 260، وذكره بالطريقين المحب الطبري في الرياض النضرة 1: 20.
قال الأميني: نحن لا نرى في هذه الرواية أهمية كبرى تدعم للعشرة المبشرة منقبة
____________
(1) ميزان الاعتدال 2: 352، لسان الميزان 5: 321، تهذيب التهذيب 8: 411.
وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار.
البقرة 25
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة.
التوبة 111
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم فأولئك أصحاب الجنة.
هود 23
إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار.
الحج 14
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى.
السجدة 19
ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة.
النساء 124
ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة.
غافر 40
ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار.
الفتح 7
ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار.
الطلاق 11
وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار.
التوبة 72
وما أكثر من يدخل الجنة من أمة محمد صلى الله عليه وآله وقد صح عن الصادع الكريم: إن عليا وشيعته هم في الجنة، وبشر صلى الله عليه وآله وسلم بذلك عليا عليه السلام (1) وصح عنه صلى الله عليه وآله قوله: آتاني جبريل فقال: بشر أمتك إنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، قلت: يا جبريل وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم. قلت: وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم. قلت: وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم وإن شرب الخمر (2).
____________
(1) الغدير 3: 78، 79 ط 2.
(2) أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان عن أبي ذر.
وصح عنه صلى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده لتدخلن الجنة كلكم إلا من أبى أو شرد على الله شراد البعير. قيل: يا رسول الله! ومن أبى أن يدخل الجنة؟ فقال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني دخل النار. (2)
وصح عن جابر. إنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول: إني لأرجو أن يكون من تبعني من أمتي ربع أهل الجنة قال: فكبرنا ثم قال: أرجو أن يكونوا ثلث الناس. قال: فكبرنا ثم قال: أرجو أن يكونوا الشطر. (3)
وصح عنه صلى الله عليه وآله: إن ربي وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ثم يشفع كل ألف لسبعين ألفا. (4) إلى صحاح كثيرة لدة هذه.
فهؤلاء العشرة المبشرة إن كانوا مؤمنين حقا آخذين بحجزة الكتاب والسنة فهم من آحاد أهل الجنة لا محالة كبقية من أسلم وجهه لله وهو محسن.
وهنالك أناس من الصحابة غير هؤلاء العشرة خصوا بالبشارة بالجنة وبشروا بلسان النبي الأقدس صلى الله عليه وآله منهم عمار بن ياسر وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عليه السلام قوله: بشره بالجنة حرمت النار على عمار. وقال صلى الله عليه وآله: دم عمار ولحمه حرام على النار تأكله أو تمسه.
وصح عنه صلى الله عليه وآله قوله: أبشروا آل ياسر موعدكم الجنة. وصح عنه صلى الله عليه وآله: إن الجنة مشتاق إلى أربعة: علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وسلمان الفارسي، والمقداد.
وفي رواية: اشتاقت الجنة إلى ثلاثة إلى علي وعمار وبلال. (الغدير) 9
وجاء في زيد بن صوحان عدة أحاديث في إنه من أهل الجنة. (الغدير 9: 41)
وصح من طريق مسلم في عبد الله بن سلام إنه من أهل الجنة. (صحيح مسلم 7: 160).
____________
(1) أخرجه أحمد والطبراني من طريق أبي موسى الأشعري.
(2) أخرجه الطبراني ورجاله رجال الصحيح كما في مجمع الزوايد 10: 70.
(3) أخرجه أحمد والبزار والطبراني ورجال البزار رجال الصحيح وكذلك أحد اسنادي أحمد (مجمع الزوايد 10: 403).