الصفحة 80
ويكلف بعد الإسلام)(1) فقول هاذ(2)، أي برهان قام على ما ذكر أو أمارة؟

وأما أن أمير المؤمنين كان يمان ويكلف بعد إسلامه، فرد ظاهر على رسول الله - صلى الله عليه وآله - إذ لو كان إسلامه ضعيف القواعد ما مدحه رسول الله في عدة روايات مشرفات له على غيره(3)، فيلحقه - إذن - من الوعيد ثمرات قوله تعالى: * (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) *(4) وأما أنه كان يكلف بعد الإسلام فدعوى لا برهان عليها.

ومتى فتح باب البحث كيف كان، ساغ أن يقول قائل: إن أبا عثمان ملحد، من غير دليل، وكما أن هذا لا يقوم به حجة قبل إقامة برهانه(5) فكذا هذا.

وأما أنه فرق بين إسلام الحدث والكهل فقد أجبنا عن مثله قال شانئ أمير المؤمنين عليه السلام ما حاصله: (أن أبا بكر كان فيه معاضدة لرسول الله - صلى الله عليه (وآله) - بعد إسلامه)(6) وليس هذا معنى يتعلق بالإسلام الذي البحث فيه، بل هو شئ خارج عن ذلك.

ولو(7) كان ذلك في مقابلة قول من قال: إنه ما دافع ولا نصر رسول الله أصلا، كان لذلك وجه، لكن هذا ما جرى، - فإذن -(8) المذكور " يسر

____________

(1) العثمانية: 26.

(2) ن: هاز.

(3) قد مرت الإشارة إلى بعضها هامش ص (13 و 14).

(4) النساء: 115.

(5) ن: برهان.

(6) العثمانية: 28.

(7) ق: فلو.

(8) ن: فإن.


الصفحة 81
حسوا في ارتغاء "(1) من بغضه أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - ومع الإضراب عن هذا فسوف يأتي الكلام(2) في نصرة أمير المؤمنين رسول الله ونصرة غيره له.

وادعى (أن أبا بكر ضرب على إسلامه وليس المفتون كالوادع، قال الله تعالى: * (والفتنة أشد من القتل) *(3).

وبنى الناصب على أن المراد بالفتنة، العنت والأذى متعرضا بأمير المؤمنين(4) - عليه السلام -.

والجواب عن ذلك: بما أن هذا شئ لا تعلق له بتقدم الإسلام ولا بشرف إسلام هذا من إسلام ذاك، إذ الذي يدعي وقوعه من الضرب كان بعد الإسلام لا معه، وما ثبت أيضا، وهو متهم في حكايته وروايته، - فإذن - هذا من باب المفاخرة خاصة، مقطوع عما نحن وهو فيه.

والجواب عنه، مع ثبوته وثبوت مرتبة له بذلك: بما أن إسلام أبي بكر - رضوان الله عليه - كان فرعا لإسلام أمير المؤمنين عليه السلام وليس ببعيد أن يحث المقتبل الكهل على فعل المحاسن واعتماد الفضائل، إذ يقول الشيخ:

كيف يصلح لي أن أسبق وأنا ذو سن، وأغلب [ وأنا ](5) ذو حنكة، يغلبني الأحداث ويتقدمني الناشئون؟

____________

(1) الحسو: الشرب شيئا فشيئا، الارتغاء: شرب الرغوة وهي زبد اللبن وهو مثل يضرب لمن يظهر طلب القليل ويسر أخذ الكثير.

(2) ص: (59).

(3) البقرة: 191.

(4) العثمانية: 29.

(5) أضفنا الكلمة ليستقيم الكلام، وفي ن: وكان هو ذا حنكة يأبى أن يغلبه الأحداث ويتقدمه الناشئون.


الصفحة 82
وإذا كان الأمر كذا فمناسب أن يكون لإسلام أمير المؤمنين - عليه السلام - حصة في إسلام أبي بكر - رضوان الله عليه -، ومهما حصل به من ثواب الإسلام، وتوابع ذلك كان له فيه النصيب الأوفر اعتبارا بما أنه كان الأصل بما وصل إليه.

ومن المنقول: " من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة "(1) وكذا نقول في إسلام غيره من الصحابة والتابعين ومن يتلوهم من المسلمين.

وأرى كلام الجاحظ حاصله: أن أبا بكر - رضوان الله عليه - ذو ثواب فيما وصل إليه من الضرب، أو بكونه لم يرجع عن الإسلام ولم يحد عنه.

والأول غير مفضل له على أمير المؤمنين وغيره من الهاشميين، إذ حصل لهم من المتاعب وحصر قريش لهم في الشعب والترهيب ما يرجح على ذلك إذ كانوا معرضين للموت جوعا أو غير جوع، وهو من أشد المجاهدات.

وقد بذل أمير المؤمنين - صلى الله عليه - نفسه في مرضاة الله وأثنى عليه في قوله تعالى: * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) *(2) رواه من لا يتهم للإمامية، بل هو إلى التهمة عليهم أقرب، أبو إسحاق الثعلبي(3) في كتابه

____________

(1) مسند أحمد بن حنبل: 4 / 362، سنن ابن ماجة 1 / 90 سنن الدارمي: 1 / 130 باختلاف في اللفظ يسير.

(2) البقرة: 207.

(3) أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، النيسابوري، المفسر المشهور، كان أوحد زمانه في علم التفسير، حدث عن أبي طاهر بن خزيمة والإمام أبي بكر بن مهران المقرئ، وكان كثير الحديث، كثير الشيوخ، توفي سنة سبع وعشرين وأربعمائة وقيل غير ذلك، انظر: وفيات الأعيان: 1 / 79، معجم الأدباء: 5 / 36، النجوم الزاهرة: 4 / 283.


الصفحة 83
" كشف البيان "(1) وأن أمير المؤمنين آثر رسول الله - صلى الله عليه وآله - بعمره، وما ثبت ذلك لغيره عند ضربه مثبتا له ثوابا يشهد له(2) لسان كلام(3) الكتاب العزيز، وإن كان يريد بالفضيلة كونه لم يرجع عن الإسلام، فلا ينبغي أن يوصف عين من أعيان الصحابة بالمبالغة في أنه ما ارتد عند ضرب، وقد صبر على ذلك غيره أو أشد منه ممن صبر.

وأما تفسير مبغض أمير المؤمنين - عليه السلام - الفتنة بالأذى والعنت، فإنه إن كان ما عرف ما ذكر أهل التفسير في ذلك فهو ناقص جدا، إذ كان بمقام الغفلة عن اعتبار معاني كتاب الله تعالى، خائضا في تفسيره برأيه، بانيا له على غير أسه، وملعون [ على ما روي ](4) من فسر القرآن برأيه.

وروى الواحدي(5) بإسناده المتصل عن ابن عباس عن رسول الله - صلى

____________

(1) الكشف والبيان في تفسير القرآن: مخطوط.

ولقد روى نزول هذه الآية في شأن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام جماعة من أعلام القوم غير الثعلبي ونحن نذكر قسما منهم بذكر مصادرها:

تفسير الطبري: 9 / 140، مسند أحمد بن حنبل: 1 / 331 ضمن حديث ساقه عن ابن عباس، مستدرك الصحيحين: 3 / 4، تلخيص المستدرك 3 / 4، مناقب الخوارزمي: 74 تفسير الفخر الرازي: 5 / 223 أسد الغابة: 4 / 25 تذكرة الخواص: ص 208 كفاية الطالب: ص 114، الجامع لأحكام القرآن: 2 / 377، تفسير النيشابوري (المطبوع بهامش تفسير الطبري: 2 / 208، البحر المحيط: 2 / 118 الفصول المهمة: ص 30، حبيب السير:

2 / 12 تفسير روح المعاني: 2 / 83، ينابيع المودة: ص 92.

(2) ن: به.

(3) لا توجد في: ن.

(4) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ج و ق.

(5) هو أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي بن متويه الواحدي المتوي، صاحب التفاسير المشهورة: كان أستاذ عصره في النحو والتفسير، منها: " البسيط " في تفسير القرآن الكريم، وكذلك " الوسيط " و " الوجيز "، و " أسباب النزول " وغيرها من الكتب.

وكان الواحدي المذكور تلميذ الثعلبي صاحب تفسير " الكشف والبيان "، وعنه أخذ علم

=>


الصفحة 84
الله عليه وآله - قال: " من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار "(1).

وإن ادعى فيه عن المفسرين النقل فهو بعيد، إذ المفسرون فسروا الآية، بأن المراد من الفتنة، الكفر.

فسره الثعلبي(2) والواحدي(3) إذ الكفار عيروا المسلمين بالقتل في الشهر الحرام، فقال الله تعالى: والفتنة التي أنتم عليها من الكفر أشد من القتل في الشهر الحرام، في قصة معروفة جرت، وكيف يتقدر أن يقول إله العالم: إن شيئا مما كان يجري من آذى المسلمين أعظم من القتل.

قال مبغض أمير المؤمنين - صلوات الله عليه -: (فلو كان علي بن أبي طالب قد ساوى أبا بكر في الإسلام، لقد كان فضله أبو بكر، بأن أعتق من المعذبين المفتونين بمكة، وأنه كان يلقى الأذى مدة المقام بمكة وعلي وادع)(4).

أقول: إنا قد بينا ما جرى لبني هاشم من الأذى الشديد، والخوف القاهر، وبذل أمير المؤمنين نفسه، فكيف يكون وادعا من هذا سبيله؟ هذا بغض صريح من أبي عثمان لأمير المؤمنين - عليه السلام -: فالوعيد المناط

____________

<=

التفسير، وتوفي عن مرض طويل في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وأربعمائة بمدينة نيسابور.

انظر: وفيات الأعيان: 3 / 303 وأنباه الرواة: 2 / 223.

(1) ما ورد في المصدر هو:

عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] وسلم -: اتقوا الحديث إلا ما علمتم، فإنه من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار، انظر أسباب النزول: 4.

(2) الكشف والبيان: مخطوط.

(3) أسباب النزول: 35، 36.

(4) العثمانية: 30.


الصفحة 85
بالكافرين(1) لاحق به لا محالة، إذ بغضته(2) - بما ثبت في الصحيح عند القوم - كفر(3).

وأما أن أبا بكر - رضوان الله عليه - أعتق من المعذبين من أعتق فمما لم يثبت برهانه، ولو ثبت فإنه فرق بين من أعتق شخصا أو شخصين من الأذى الدنيوي، وبين من أعتق من لا يحصى من العذاب الأخروي الأبدي، إذ بأمير المؤمنين قامت دعائم الإسلام، وقعدت قوائم الشرك، وقد تأتي الرواية، " بك يهتدي المهتدون بعدي " وتقرير المعنى منها(4).

وذكر شانئ أمير المؤمنين - عليه السلام -، حديث الغار(5)، وهذا غير ما نحن فيه، وقد سلف تقرير ذلك، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.

وادعى (أن جماعة أسلموا على يده، منهم: خمسة من أصحاب الشورى، وكلهم يفي بالخلافة، وهم أكفاء علي ومنازعوه الرياسة والإمامة، فقد أسلم على يده أكثر ممن أسلم بالسيف، لأن هؤلاء أكثر من جميع الناس)(6).

والذي أقول على شانئ أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - ثم عدو الله:

إنه شرع معظما الجماعة المشار إليهم من أصحاب الشورى، وأن كلهم يفون بالخلافة، فإن الذي يقال عليه: إن الشورى ليست فخرا دينيا لمن كان داخلا فيها.

____________

(1) إشارة إلى قوله تعالى: * (إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا) * الأحزاب: 64 وغيره المتضمن لهذا المعنى.

(2) ن: بغضه.

(3) تقدمت الإشارة إلى قسم منها ص: (19).

(4) ص: (70).

(5) العثمانية: 43.

(6) العثمانية: 32.


الصفحة 86
فإن قيل: لو لم يكونوا أرباب خصائص ما عول عمر عليهم، قلنا:

هذا ليس دالا على فضيلة باطنة توازي [ فضيلة ](1) من شهد له الخصم بصلاح الباطن وشهد له النبي - عليه السلام - بأن الشاك فيه بائر، وسوف يأتي الحديث [ في هذا ](2) بفصه(3) عند الحاجة إليه(4).

ويقول لسان الجارودية:(5) إن إدخال من أدخل في الشورى إنما يثبت فضلهم لو كان المدخل لهم رسول الله، أو من لا يتهم في تدبيره بوجه من الوجوه، وأين ذاك؟ أضربنا عن هذا، فإن المدخل لهم في الشورى عابهم وتنقصهم(6).

____________

(1) لا توجد في: ق.

(2) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(3) ن: نقصه.

(4) ص: (39).

(5) الجارودية أصحاب أبي الجارود، يذهبون إلى أن النبي صلى الله عليه وآله نص على علي عليه السلام بالوصف دون التسمية والإمام بعده علي والناس قصروا حيث لم يتعرفوا الوصف ولم يطلبوا الموصوف وإنما نصبوا أبا بكر باختيارهم فكفروا بذلك. واختلفت الجارودية فساق بعضهم الإمامة من علي عليه السلام إلى الحسن ثم إلى الحسين ثم إلى علي بن الحسين ثم إلى زيد بن علي ثم منه إلى الإمام محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين وقالوا بإمامته ثم اختلفوا فمنهم من قال إنه لم يقتل وهو بعد حي وسيخرج فيملأ الأرض عدلا ومنهم من أقر بموته وساق الإمامة إلى محمد بن القاسم بن علي بن الحسين بن علي بن صاحب الطالقان ومنهم من قال بإمامة يحيى بن عمر صاحب الكوفة وقد قتل في أيام المستعين، الملل والنحل 1 / 163 و 164.

(6) ذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج: 1 / 185.

إن عمر لما طعنه أبو لؤلؤة، وعلم أنه ميت، استشار فيمن يوليه الأمر بعده فأشير عليه بابنه عبد الله، فقال: لاها الله إذا لا يليها رجلان من ولد الخطاب، حسب عمر ما حمل، حسب عمر ما احتقب، لاها الله لا أتحملها حيا وميتا.

ثم قال: إن رسول الله مات وهو راض عن هذه الستة من قريش: علي، وعثمان، وطلحة، والزبير وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، وقد رأيت أن أجعلها شورى بينهم ليختاروا لأنفسهم.

ثم قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني - يعني أبا بكر - وإن أترك فقد ترك من هو خير مني - يعني رسول الله صلى الله عليه وآله -.

=>


الصفحة 87

____________

<=

ثم قال: ادعوهم لي، فدعوهم فدخلوا عليه وهو ملقى على فراشه يجود بنفسه، فنظر إليهم فقال: أكلكم يطمع في الخلافة بعدي! فوجموا، فقال لهم ثانية، فأجابه الزبير وقال: وما الذي يبعدنا منها؟ وليتها أنت فقمت بها ولسنا دونك في قريش ولا في السابقة ولا في القرابة.

فقال عمر: أفلا أخبركم عن أنفسكم؟ قال: قل: فإنا لو استعفيناك لم تعفنا. فقال: أما أنت يا زبير فوعق لقس (أ) مؤمن الرضا، كافر الغضب، يوما إنسان ويوما شيطان، ولعلها لو أفضت إليك ظلت يومك تلاطم بالبطحاء على مد من شعير، أفرأيت إن أفضت إليك فليت شعري، من يكون للناس يوم تكون شيطانا، ومن يكون يوم تغضب؟ وما كان الله ليجمع لك أمر هذه الأمة وأنت على هذه الصفة.

ثم أقبل على طلحة - وكان له مبغضا منذ قال لأبي بكر يوم وفاته ما قال في عمر - فقال له: أقول أم أسكت؟ قال: قل، فإنك لا تقول من الخير شيئا قال: أما إني أعرفك منذ أصيبت أصبعك يوم أحد والبأو (ب) الذي حدث لك، ولقد مات رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم - ساخطا عليك بالكلمة التي قلتها يوم أنزلت آية الحجاب.

قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ: الكلمة المذكورة، أن طلحة لما أنزلت آية الحجاب قال بمحضر ممن نقل عنه إلى رسول الله - صلى الله عليه (وآله) وسلم - ما الذي يغنيه حجابهن اليوم، وسيموت غدا فننكحهن، قال ابن عثمان أيضا: لو قال لعمر قائل: أنت قلت: إن رسول الله - صلى الله عليه (وآله) وسلم - مات وهو راض عن الستة، فكيف تقول الآن لطلحة إنه مات عليه السلام ساخطا عليك للكلمة التي قلتها؟ لكان قد رماه بمشاقصة ولكن من الذي كان يجسر على عمر أن يقول له ما دون هذا. فكيف هذا.

قال: ثم أقبل على سعد بن أبي وقاص فقال: إنما أنت صاحب مقنب (ج) من هذه المقانب، تقاتل به وصاحب قنص وقوس وأسهم وما زهرة والخلافة وأمور الناس.

ثم أقبل على عبد الرحمن بن عوف فقال: وأما أنت يا عبد الرحمن فلو وزن نصف إيمان المسلمين بإيمانك لرجح إيمانك به، ولكن ليس يصلح هذا الأمر لمن فيه ضعف كضعفك، وما زهرة وهذا الأمر.

ثم أقبل على علي عليه السلام فقال: لله أنت لولا دعابة فيك، أما والله لأن وليتهم لتحملنهم على الحق الواضح، والمحجة البيضاء.

ثم أقبل على عثمان، فقال: هيها إليك، كأني بك قد قلدتك قريش هذا الأمر لحبها إياك، فحملت بني أمية وبني أبي معيط على رقاب الناس وآثرتهم بالفئ، فسارت إليك عصابة من ذؤبان العرب، فذبحوك على فراشك ذبحا، والله لأن فعلوا لتفعلن، ولأن فعلت ليفعلن ثم أخذ بناصيته فقال: فإذا كان ذلك فاذكر قولي، فإنه كائن.

=>


الصفحة 88
[ أضربنا عن هذا ](1)، فإن الذي نحن فيه حال الإسلام وتقدمه،

____________

<=

ثم قال ابن أبي الحديد: ذكر هذا الخبر كله شيخنا أبو عثمان في كتاب (السفيانية) وذكره جماعة غيره في باب فراسة عمر.

وأيضا ذكر ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج: 12 / 258 عن محمد بن سعد عن الواقدي، عن محمد بن عبد الله الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، قال:

قال عمر: لا أدري ما أصنع بأمة محمد - صلى الله عليه (وآله) وسلم -؟ وذلك قبل أن يطعن، فقلت: ولم تهتم وأنت تجد من تستخلفه عليهم؟ قال: أصحابكم؟ - يعني عليا - قلت نعم هو لها أهل، في قرابته من رسول الله - صلى الله عليه وآله - وصهره وسابقته وبلاءه، قال: إن فيه بطالة وفكاهة، فقلت: فأين أنت من طلحة؟ قال: فأين الزهو والنخوة!

قلت: عبد الرحمن؟ قال: هو رجل صالح على ضعف فيه، قلت: فسعد؟ قال: ذاك صاحب مقنب وقتال لا يوم بقرية لو حمل أمرها، قلت: فالزبير؟ قال: وعقة لقس (د)، مؤمن الرضا كافر الغضب، شحيح، وأن هذا الأمر لا يصلح إلا لقوي في غير عنف، رفيق في غير ضعف، وجواد في غير سوف، قلت: فأين أنت عن عثمان؟ قال: لو وليها لحمل بني أبي معيط على رقاب الناس ولو فعلها لقتلوه.

(ثم قال ابن أبي الحديد) وقد يروى من غير هذا الطريق أن عمر قال لأصحاب الشورى:

روحوا إلي، فلما نظر إليهم قال: قد جاءني كل واحد منهم يهز عفريته، يرجو أن يكون خليفة. أما أنت يا طلحة، أفلست القائل: إن قبض النبي - صلى الله عليه وآله - أنكح أزواجه من بعده! فما جعل الله محمدا أحق ببنات أعمامنا منا فأنزل الله تعالى فيك: * (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) * وأما أنت يا زبير فوالله ما لآن قلبك يوما ولا ليلة، وما زلت جلفا جافيا وأما أنت يا عثمان، فوالله لروثة خير منك، وأما أنت يا عبد الرحمن فإنك رجل عاجز تحب قومك جميعا، وأما أنت يا سعد، فصاحب عصبية.

وفتنة، وأما أنت يا علي فوالله لو وزن إيمانك بإيمان أهل الأرض لرجحهم، فقام علي موليا يخرج، فقال عمر: والله إني لا علم مكان رجل لو وليتموه أمركم لحملكم على المحجة البيضاء، قالوا: من هو؟ قال: هذا المولي من بينكم، قالوا: فما يمنعك من ذلك؟ قال:

ليس إلى ذلك سبيل.

أ - الوعق: الضجر المتبرم، واللقس: من لا يستقيم على وجه.

ب - البأو: الكبر والفخر.

ج - المقنب: صاحب الخيل.

د - رجل وعقة ولعقة: إذا كان فيه حرص ووقوع في الأمر.

(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.


الصفحة 89
وأي الإسلامين وقع حين ما وقع سريعا لا فيما(1) عقب من الفضائل والخصائص، إذ ذلك له باب مفتوح جدا، ولأمير المؤمنين عليه السلام فيه الفضل المتعين(2) الذي لا يشاركه فيه غيره ولا يدانيه فيه سواه. والسير تكشف عنه من طرق القوم، ليس هذا موضع الإبانة عنه.

أضربنا عن هذا، فإن شانئ أمير المؤمنين - عليه السلام - حاد عن الطريق اللاحب(3) في بحثه أما نقصا في قريحته أو بغضا لأمير المؤمنين عليه السلام متباعدا عن موالاته ومؤازرته، إذ علماء القوم وكتبهم محشوة من كون الفتنة العظمى كانت بين طلحة والزبير وعثمان - رضوان الله عليهم أجمعين -، فكان فرع ذلك قتله - رضوان الله عليه - ثم كان فرع ذلك وقعة الجمل فقتل طلحة والزبير وقتل من الفريقين أمة كبيرة.

ذكر الروحي(4): أن المقتولين من أصحاب طلحة والزبير ثمانية آلاف، وقيل: سبعة عشر ألفا، وقتل من أصحاب أمير المؤمنين - عليه السلام - نحو من ألف، وذكر أنه قطع على زمام الجمل سبعون يدا.

ثم كان فرع قتل عثمان بعد ذلك حرب صفين، فقتل من أصحاب

____________

(1) لا توجد في: ق.

(2) ن: المتفنن.

(3) اللاحب: الواضح (المنجد).

(4) هو أبو الحسن علي بن أبي عبد الله محمد بن أبي السرور بن عبد الرحمن الروحي فقيه مؤرخ.

كان الروحي معاصرا للخليفة المستعصم بالله كما قال في تاريخه ولقد طبع تاريخه في القاهرة عام 1909 باسم " بلغة الظرفاء في ذكرى تاريخ الخلفاء " والذي في كشف الظنون: 1 / 252 " بلغة الظرفاء إلى معرفة الخلفاء ". وصحف إلى الدوحي ولعله غلط مطبعي نقل عنه ابن خلكان في ترجمة الوزير " شاور " وكذلك في ترجمة نزار الفاطمي الملقب بالعزيز بالله، وفيات الأعيان: 2 / 440 و 5 / 372.

وكذلك نقل عنه ابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب: 2 / 1226 وذكره السخاوي في الإعلان بالتوبيخ: 95 وعده في مؤرخي الخلفاء وصحف إلى السروجي.


الصفحة 90
أمير المؤمنين عليه السلام خمسة وعشرون ألفا، ومن أصحاب معاوية خمسة وأربعون ألفا.

وفشا الضلال وولي عتاة بني أمية، وضربت المصاحف بالسهام من عتاتهم وسم الحسن (عليه السلام)، وقتل الحسين (عليه السلام) سيدا شباب أهل الجنة - صلى الله عليهما - وجرى غير ذلك من فنون الفتن.

هذه كانت العاقبة بالجماعة الذين من بهم أبو عثمان على الإسلام.

وأما أنهم كانوا يفون بالخلافة فبهت محض، إذ طلحة والزبير - رضوان الله عليهما - كذباه بطعنهما على عثمان - رضوان الله عليه - وبطعن عثمان عليهما ومحاربته(1) ومجاذبته.

قال لسان الجارودية: ولقد أحسن سعيد(2) بن زيد بن عمرو بن نفيل(3) في جوابه لطلحة إذ قال له: إن عمك أدخلني في الشورى ولم يدخلك، فقال له: إنه خافك على الإسلام أو على المسلمين ولم يخفني.

ثم بيان كونهما غير صالحين للخلافة، بما أنهما خرجا على الخليفة علي بن أبي طالب، والخروج على الإمام فسق عند قوم، وعند آخرين كفر.

أضربنا عن ذلك، فهو تدبير غير مقترن بالحكمة التي تليق بمن يستحق

____________

(1) ن: بمحاربته.

(2) ج و ق: سعد بن زيد بن هارون بن نفيل.

(3) هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى العدوي، أسلم قبل دخول رسول الله - صلى الله عليه وآله - دار الأرقم، وهاجر وشهد أحدا والمشاهد بعدها ولم يكن بالمدينة زمان بدر فلذلك لم يشهدها. وضرب له رسول الله - صلى الله عليه وآله - بسهمه يوم بدر لأنه كان غائبا بالشام وكان إسلامه قديما قبل عمر وكان إسلام عمر عنده في بيته لأنه كان زوج أخته فاطمة، توفي بالعقيق فحمل إلى المدينة في سنة خمسين وقيل إحدى وخمسين وقيل غير ذلك وعاش بضعا وسبعين سنة وقيل غير ذلك انظر: الإصابة: 2 / 46 المغازي: 1 / 19 و 20 و 156 و 2 / 770 و 1118.


الصفحة 91
الخلافة، وهو واف بها، إذ الرواية رويت بأنهما كانا يختصمان على الخلافة، وليس أحدهما أظهر من صاحبه، ويتجافيان أمير المؤمنين عليه السلام، ومفارقته مفارقة الله(1)، وحربه حرب الرسول، بما روي من طريق القوم وسوف أثبته بفصه(2)، ومن يكون بهذه الصفات كيف يفي بتدبير الخلافة أو يكون أهلا لها؟.

وأما أمير المؤمنين عليه السلام فإنه مهد قواعد الإسلام بإسلامه أولا، وبكونه وقى رسول الله بمهجته، وهو أصل الإسلام، فكل المسلمين حقا في ضيافة أمير المؤمنين - عليه السلام - لأنه وقى لهم بنفسه أصل الإسلام، وتعرض للحمام(3)، ثم بعد ذلك حطم قرون الشرك بصولته، وبدد جمعهم بمنازلته، حتى ذلت صعاب الشرك، وخامت(4) عزة الكفر، ولولا سيوفه البواتر وغروبها(5) القواطر، ما الذي كان يغني إسلام من(6) أشار إليه؟ وقد جرى لهما يوم أحد - أعني عثمان وطلحة - رضوان الله عليهما - ما رواه السدي(7) مما لا أرى حكايته، إذ متعين على الإنسان قطع لسانه [ عن

____________

(1) تقدمت الإشارة إلى الأحاديث الواردة بشأن ذلك ص: (21).

(2) يأتي: ص (114) فانتظر.

(3) الحمام: الموت.

(4) خام: جبن ونكص.

(5) غروب: مفردة غرب (بالفتح فالسكون) حد كل شئ، وغرب السيف حده الذي يقطع به (المنجد).

(6) ن: الإسلام ممن.

(7) هو إسماعيل، بن عبد الرحمن، بن أبي كريمة، السدي، أبو محمد القرشي الكوفي، الأعور، مولى زينب بنت قيس بن محزمة، وقيل مولى بني هاشم، أصله حجازي، سكن الكوفة، وكان يقعد في سدة باب الجامع بالكوفة فسمي السدي، مات سنة 127 هـ. انظر: تهذيب الكمال: 3 / 132 (طبعة بيروت مؤسسة الرسالة)، الجرح والتعديل: 2 / 184 (حيدر أباد الدكن) سير أعلام النبلاء: 5 / 264.


الصفحة 92
القدح ](1) فيمن يجب تعظيمه، ولا تحل مسبته، فلا مسلم على وجه الأرض إلا ولأمير المؤمنين - عليه السلام - عليه حق السيد المحسن على عبده. ولا نسبة، إذ فرق بين مخلص من معاطب الغضب الإلهي، والعذاب الأبدي، موقع في سعادات الثواب الأبدي، وبين سيد أحسن إلى عبد إحسانا منقطع المدة، داثر الجدة.

ثم أي نسبة بين من أعتق نفرا من العذاب الدنيوي، وبين من أعتق من لا يحصي عددهم إلا الله من العذاب الأبدي؟ هذا القسم الأخير حلية أمير المؤمنين عليه السلام الواضحة براهينها، اللائح يقينها والقسم الأول، دعوى ومع ثوبتها فهي مقصرة عن مجد أمير المؤمنين عليه السلام الشامخ وشرفه الباذخ(2)، الذي تعدى ذرى الأفلاك، وزاحم شرف الأملاك، بل كان له الشرف عليهم، والسبق الأعظم لأخصهم، وهذا تأكيد لكلام سلف سؤالا وجوابا.

وأما(3) أن إسلام من ذكر أكثر من جميع الناس، فإنه قول غير مستند إلى أصل، ولا مبني على قاعدة، بل قد سلف عن قرب تقرير الضرر بجماعة ممن ذكر.

وتعلق(4) شانئ أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - في فضل من أشار إليه بقوله تعالى: * (أما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى...) * إلى قوله: * (وما لأحد عنده من نعمة تجزى) *(5) وذكر (أنه أنفق أربعين

____________

(1) لا توجد في: ق.

(2) الباذخ: العالي (المنجد).

(3) ن: فأما.

(4) العثمانية: 35.

(5) الليل: 5 - 19 وهي: * (فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى * وما يغني عنه ماله إذا تردى * إن

=>


الصفحة 93
ألفا على نوائب الإسلام)(1).

والذي يقال على هذا: إن شانئ أمير المؤمنين عليه السلام شرع في تنقص أمير المؤمنين، ثم اتبع ذلك بتنقص الكتاب المجيد نجاة العبيد إذ الآية: * (فأما من أعطى واتقى) *(2)، فاسقط من الكتاب المجيد حرفا أما عمدا أو جهلا. وادعى أن سبب نزول الآية صنع من صنع، وصدقة(3) من تصدق، وقد قال بعض الشيعة عند ذلك:

روى(4) أبو إسحاق الثعلبي(5) - وهو ممن لا يتهم -: أنها نزلت في أبي الدحداح، وإن كان قد روى ما ادعى الشانئ روايته وهو مرجوح، إذ هو ملتحف بالتهمة، مشتمل بالشك بخلاف غيره، إذ المحكي أن أبا بكر - رضوان الله عليه - كان خياطا، وقيل معلما، وهذا حال بعيد عن ضم الأموال النزرة، فكيف عن الجمة الدثرة.

[ وسوف يأتي الإيراد التام على (ما)(6) ادعاه من نزول الآية فيمن ذكر(7) وأما الصدقة بأربعين ألفا فإن الجارودية تبعد ](8).

فضل شانئ أمير المؤمنين عليه السلام غيره عليه (بأنه لم يكن للنبي

____________

<=

علينا للهدى * وإن لنا للآخرة والأولى * فأنذرتكم نارا تلظى * لا يصلاها إلا الأشقى * الذي كذب وتولى * وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتى ماله يتزكى * وما لأحد عنده من نعمة تجزى *).

(1) العثمانية: 35 و 36.

(2) لا توجد في: ق.

(3) ق: تصدق.

(4) في ن بزيادة: و.

(5) الكشف والبيان: مخطوط.

(6) في: ن.

(7) ن: ذكره.

(8) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.


الصفحة 94
عليه السلام عنده يد بخلاف علي في كونه تحت عناية رسول الله - صلى الله عليه وآله - وتقرير هذا: كون إسلام ذاك لألحق بخلاف إسلام علي ومتابعته لرسول الله - صلوات الله عليه - إذ يخشى العار في مخالفته)(1).

والذي يقال على هذا:

إن شانئ أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - تعدى حدود الخوارج المارقين شر الخلق والخليقة، بما ثبت من الرواية عن الرسول - صلوات الله عليه(2) - فهو لذلك أخفض وأخفض من اليهود والنصارى. وغيرهم من أصناف الكفار رتبة.

قوله: (إنه(3) لم يكن على من أشار إليه يد من رسول الله صلوات الله عليه) قول بغير علم وما يدريه بذلك حتى يدعيه؟

سلمنا أنه أراد: ما عرف أن له عليه يدا، وعرف أن له على أمير المؤمنين - عليه السلام - يدا، لكن قوله - إن أمير المؤمنين عليه السلام أسلم خوف العار، أو يجوز أن يكون أسلم خوف العار، فإن أراد الأول.

____________

(1) العثمانية: 36.

(2) روى أحمد بن حنبل في مسنده: 3 / 224 والحاكم في مستدركه: 2 / 147 بسندهما عن أنس بن مالك، أن رسول الله - صلى الله عليه (وآله) وسلم - قال:

سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، لا يرجع حتى يرد السهم على فوقه(*) وهم شرار الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شئ، من قاتلهم كان أولى بالله منهم، قالوا: يا رسول الله ما سيماهم؟ قال: التحليق.

(3) ن: إذ.

____________

(*) فوق، بالضم فالسكون: فوق السهم موضع الوتر منه.


الصفحة 95
فإن اللعن متوجه إليه، إذ هو ساب لرسول الله - صلى الله عليه وآله -.

قال ابن السمعاني(1) في كتابه: وحدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن أبي بكر، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على أم سلمة - رضي الله عنها - فقالت: أيسب رسول الله فيكم؟ فقلت لها: معاذ الله، أو سبحان الله، أو كلمة نحوها، قالت: سمعت رسول الله يقول من سب عليا فقد سبني.

ورواه ابن المغازلي(2) من طريق ابن عباس رضي الله عنه(3) فأشهد على

____________

(1) هو منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد، أبو المظفر ابن الإمام أبي منصور بن السمعاني، ولد في ذي الحجة سنة 426، وهو أحد الأئمة في الحديث، قد سمع من أبيه وجماعة، منهم: أحمد بن علي الحسين الكراعي، ومحمد بن عبد الصمد، ومحمد بن إسماعيل الاسترآبادي.

انظر: البداية والنهاية: 12 / 153 وشذرات الذهب: 3 / 393 والنجوم الزاهرة: 5 / 160 وطبقات الشافعية: 5 / 335 والكتاب الذي ينقل عنه هو مناقب الصحابة: مخطوط.

(2) هو الحافظ أبو الحسن علي بن محمد بن الطيب الواسطي الشهير بابن المغازلي (ووجه الاشتهار به لأن أحد أسلافه كان نزيلا بمحلة المغازليين في واسط) من أجلة حفاظ الحديث والتاريخ وقد اعتمد عليه ونقل عنه جماعة كثيرة من رواة الأحاديث منهم السمعاني والذهبي وابن حجر العسقلاني ومن الخاصة يحيى بن محمد البطريق الأسدي الحلي، ومولانا القاضي نور الله التستري وغيرهم له مؤلفات كثيرة منها ذيل تاريخ واسط وشرح الجامع الصحيح للبخاري وكتاب مناقب علي بن أبي طالب وغيرها من الكتب، مات سنة 534 وقيل 483 غرقا في دجلة ببغداد انظر: تاج العروس: 1 / 186 الأنساب 146.

(3) أول الحديث: عن يعقوب بن جعفر بن سليمان بن علي، قال: حدثني أبي عن أبيه عن أبيه قال: كنت مع عبد الله بن العباس، وسعيد بن جبير يقوده، فمر على ضفة زمزم، فإذا بقوم من أهل الشام يسبون عليا، فقال لسعيد: ردني إليهم فوقف عليهم فقال: أيكم الساب لله عز وجل؟ قالوا: سبحان الله ما فينا أحد يسب الله عز وجل، قال: فأيكم الساب رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قالوا: سبحان الله ما فينا أحد يسب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: فأيكم الساب علي بن أبي طالب؟ قالوا: أما هذا فقد! قال: فأشهد على رسول الله... إلى آخر الحديث. انظر مناقب ابن المغازلي: 394 و 395.

=>