الصفحة 123
وكذا الرواية الشهيرة، أن جبرئيل عليه السلام كان ينادي:


لا سيف إلا ذو الفقارولا فتى إلا علي

وروي أنه نادى بها رضوان، والملكان كريمان(1).

وروى [ في العمدة ](2) بإسناده عن ابن المغازلي، متصلا بمحمد بن عبيد الله بن أبي رافع(3)، قال: نادى مناد يوم أحد:


لا سيف إلا ذو الفقارولا فتى إلا علي

____________

<=

تلخيص المستدرك (المطبوع بذيل المستدرك) 3 / 32.

وكذلك أورده الأمر تسري في أرجح المطالب: 481 إلا أنه ذكر بدل أعمال: عمل.

وذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج: 4 / 334 قال:

فأما الخرجة التي خرجها يوم الخندق إلى عمرو بن عبد ود، فإنها أجل من أن يقال جليلة، وأعظم من أن يقال عظيمة، وما هي إلا كما قال شيخنا أبو الهذيل وقد سأله سائل: أيما أعظم منزلة عند الله، علي أم أبو بكر؟ فقال: يا ابن أخي والله لمبارزة علي عمروا يوم الخندق، تعدل أعمال المهاجرين والأنصار وطاعاتهم كلها تربى عليها فضلا عن أبي بكر وحده.

(1) كنز العمال: 3 / 154.

روى بسنده عن أبي ذر قال: لما كان أول يوم في البيعة لعثمان اجتمع المهاجرون، والأنصار في المسجد، وجاء علي بن أبي طالب - عليه السلام - فأنشأ يقول: إن أحق ما ابتدأ به المبتدؤون ونطق به الناطقون، حمد الله (وساق الخطبة إلى أن قال:) ثم قال علي - عليه السلام - أناشدكم الله أن جبريل نزل على رسول الله - صلى الله عليه (وآله) وسلم - فقال: يا محمد، لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، فهل تعلمون هذا كان لغيري؟ الحديث.

ذخائر العقبى: ص 74 قال:

عن أبي جعفر محمد بن علي - عليه السلام - قال: نادى ملك من السماء يوم بدر يقال له رضوان.

أن: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي.

وجاء أيضا في الرياض النضرة: 2 / 190.

(2) ورد في كل النسخ حرف (ع) والظاهر هو رمز لكتاب عمدة ابن بطريق ولذا أبدلنا الإشارة بالتصريح.

(3) في ج و ق: محمد بن أبي عبد الله بن رافع، وفي ن: محمد بن عبد الله ابن أبي رافع وفي المصدر: محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده.


الصفحة 124
(1) وعن أبي جعفر محمد بن علي، قال: نادى ملك من السماء يوم بدر يقول له رضوان(2):


لا سيف إلا ذو الفقارولا فتى إلا علي(3)

ينبه(4) على شرف مقامه على من عداه، وتفضيله على من سواه، مقررا أن الإيعاز إليه بمقاتلة(5) الناكثين والقاسطين والمارقين كان بعد وقائعه المحمودة.

وقد كان الجاحظ التمس منا تقرير ذلك ليتضح فجر فضيلة مولانا، وقد تبرهن بمدح الله تعالى له، وأيضا فإن إيراد الجاحظ إنما يتوجه بعض التوجه لو ثبت أن مولانا كان عند النزال منبها(6) بقاه بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله -، وذلك منفي(7) على تقرير الجاحظ، بيانه:

شكر الله تعالى [ له ](8) وأن الإيعاز إليه كان بعد الوقائع حسب الثناء(9) من الله تعالى عليه بذلك ونقول:(10).

إن الإيعاز إليه كان قبل مشكور منازلاته، وأنه [ غير ](11) ذاكر عندها حصول نجاته، لكن حيث تقرر عند الخائن أنه لا مدح لآمن من المتالف عند

____________

(1) ن بزيادة: وبالسند عن.....

(2) ن: من السماء يوم بدر ملك يقال له رضوان.

(3) مناقب ابن المغازلي: 197، 198، 199.

(4) ن: فهذا ينسبه.

(5) ن: بمقاتلته.

(6) ن: مستحضرا.

(7) ج و ق: ينبغي.

(8) لا توجد في: ج و ق.

(9) في ج و ق: النبأ.

(10) ن: يقول.

(11) لا توجد في: ج و ق.


الصفحة 125
الإقدام، تعين أن يكون الباري - تقدس جلالا -(1) علم من حاله أنه بمقام النجدة، ولو لم يوعز [ إليه بالسلامة ](2) من الحمام، إذ لولا ذلك امتنع شكره له وقد ثبت وتبرهن ما قلناه...

ويرد على عدو الله: أن الشيعة كما روت " تقاتل الناكثين بعدي " كذا روى الخصوم أن منصوره خليفة بعده، ومع ذلك فلم ينهض إلى لقاء الأقران، ونزال الشجعان، وخوض غمرات المعارك، وارتصاص(3) المآزم(4)، بالبيض السوافك، فظهرت فضيلة من كان من وطيس الحرب في أواره(5). ومن لجة الموت في أعماق تياره.

هذه المباحث بحثناها في بيان فضيلة أمير المؤمنين على غيره في زمن رسول الله - صلى الله عليه وآله - حراسة لمجده من أن يتقدم غيره عليه.

وإن كانت بعض مباحث عدو رسول الله في غير هذا المقام من كون أمير المؤمنين (إذا ثبتت شجاعته لا يلزمه(6) تقدمه على غير بها، إذ الرئيس لا يباشر القتال)(7) فإن الجواب عن ذلك: بما أن الرئيس تارة يباشر القتال ولهذا كان أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - يرى ضرورته إلى ذلك ماسة في حرب صفين، فقتل في ليلة خمسمائة إنسان: ولو لم يباشر(8) فإن من ضرورة الرئيس العام قوة المزاج، وشجاعة النفس، إذ الرئيس الجبان يضعف قلبه

____________

(1) ن: جلاله.

(2) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ج و ق.

(3) ج و ق: ارتضاض.

(4) المآزم: مفرده مأزم وهو موضع الحرب.

(5) ن: أوامره والأوار: الحر.

(6) ن: يلزمها.

(7) العثمانية: 46 منقول بالمعنى.

(8) ن: يباشره.


الصفحة 126
عن مصادمة الجيوش بعساكره، وإن كان قارا في منزله، آمنا في محاله.

وبتقدير ذلك يظهر العدو عليه، وعلى عساكره ورعيته، وعلى مجد الإسلام وعزته، وهو محذور عند من حامى عن الإسلام بدينه الثابت وحميته.

قال خاذل السنة: (فإذا كان رئيس الجيش أعظم عناءا(1) وأشدهم احتمالا(2)، فلا أجد(3) أشبه بالرئيس ممن اختاره الرئيس وزيرا وصاحبا(4) ومعينا، لأن الرجل إذا كان في رأي العين صاحب أمر الرئيس، والمستولي(5) على الخاصة والعامة(6) والقربة منه في ظعنه ومقامه وخلواته وهديه(7) واستحقاقه(8) وكان هو المبتدئ بالكلام عنده، والمفزع في الحوائج بعده، والثاني في الدعاء إلى الله ودينه، ولا نعلم هذه الخصال اجتمعت في غير أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وأن الناس كانوا يقولون:

أبو بكر [ الصديق ](9))(10) وسرد المشار إليه من غث الكلام نحو هذا.

والذي يقال عليه: إنه مخمد نار البلاغة، مقيد لسان اليراعة(11)، إذ البهت المحض، والكذب الصراح، يقطع مواد الاعتبارات اللطيفة في دفعه

____________

(1) في المصدر: غناءا.

(2) في المصدر بزيادة: للذي وصفنا فأشبه القوم حالا به أعظم غناءا وأشدهم احتمالا على قياس في الرئيس والكثير المشي بالسيف... إلى آخره.

(3) في المصدر: ولا أحد.

(4) في المصدر بزيادة: ومكانفا.

(5) في المصدر: المتولي.

(6) لا توجد في المصدر.

(7) في المصدر: هربه.

(8) في المصدر: استخفائه.

(9) لا توجد في: ن.

(10) العثمانية: 50.

(11) ق: الفصاحة.


الصفحة 127
والتدقيقات الشريفة في قمعه، كمن يقول: هذه الشمس ليل، والليل نهار، والحجر رخو، والماء صلب، والنار باردة، والثلج حار، ولا بأس(1) أن نذكر مع هذا شيئا من التفصيل القامع زخارفه، والكاشف عن بهته.

ادعى الوزارة لمن أشار إليه، والروايات المتكاثرة عن المخالف الذي لا يتهم أن ذلك وصف أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - وما هو أبلغ منه.

روى الحافظ(2) أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، قال: حدثنا محمد ابن أحمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن العباس(3) حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا علي بن هاشم بن البريد، عن عمرو بن حريث.

وحدثنا الحسن بن محمد السكوني، حدثنا محمد بن إبراهيم العامري حدثنا يحيى بن الحسن بن الفرات، حدثنا أبو عبد الرحمن المسعودي، عن عمرو بن حريث، عن إبراهيم بن سليمان، عن الحصين الثعلبي، عن أسماء بنت عميس، قالت: رأيت النبي - صلى الله عليه وآله - بإزاء ثبير وهو

____________

(1) ق و ج: يأمن.

(2) الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك بن موسى بن جعفر الإصبهاني محدث إصبهان صاحب التفسير الكبير والتاريخ.

كان من فرسان الحديث، فهما ويقظا ومتقنا كثير الحديث جدا.

مولده سنة 323 هـ وروى عن أبيه وعن أبي سهل بن زياد القطان وميمون بن إسحاق وعبد الله ابن إسحاق الخراساني.

وروى عنه خلق كبير منهم: محمد بن إبراهيم العطار وأبو عمرو عبد الوهاب وأبو القاسم عبد الرحمن ابنا الحافظ ابن مندة له كتاب (المستخرج على صحيح البخاري) و (التشهد وطرقه وألفاظه) وتفسير للقرآن في سبع مجلدات.

مات لست بقين من شهر رمضان سنة 410 هـ عن سبع وثمانين سنة.

انظر: سير أعلام النبلاء: 17 / 308 وتاريخ أصفهان: 1 / 168 والوافي بالوفيات: 8 / 201 والنجوم الزاهرة: 4 / 245 وطبقات الحفاظ: 412.

(3) ن: العياش.


الصفحة 128
يقول: أشرق(1) ثبير، اللهم إني أسألك بما(2) سألك أخي موسى، أن تشرح لي صدري، وأن تيسر لي أمري، وأن تحلل عقدة من لساني، كي يفقهوا قولي، وأن تجعل لي وزيرا من أهلي، عليا أخي، أشركه في أمري، واشدد به أزري، كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا... الآية(3).

وروى أبو إسحاق الثعلبي، عن الحسين بن محمد، حدثنا موسى بن محمد، حدثنا الحسين(4) بن علي بن شبيب المقري، حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا علي بن هاشم، عن صباح بن يحيى المزني، عن زكريا بن

____________

(1) ن: أشرف.

(2) ج: مما.

(3) اقتباس من الآيات: * (قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * والحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * أشدد به أزري * واشركه في أمري * كي نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا) *. طه: 25 - 34.

وقد جاء هذا الحديث في كتاب " تجهيز الجيش " على ما في (إحقاق الحق): 4 / 58 باختلاف يسير في بعض ألفاظه.

وقال السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى: * (قال رب اشرح لي صدري) * في أوائل سورة طه:

وأخرج السلفي في الطيوريات، عن أبي جعفر محمد بن علي - عليهما السلام - قال: لما نزلت:

* (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي * أشدد به أزري) * كان رسول الله - صلى الله عليه (وآله) وسلم - على جبل ثم دعا ربه وقال: اللهم اشدد أزري بأخي علي، فأجابه إلى ذلك.

الحسكاني في شواهد التنزيل: 1 / 368.

بسنده عن حذيفة بن أسيد، قال: أخذ النبي بيد علي بن أبي طالب، فقال: ابشر وابشر، إن موسى دعا ربه أن يجعل له وزيرا من أهله هارون، وإني أدعو ربي أن يجعل لي وزيرا من أهلي علي أخي، أشدد به ظهري، واشركه في أمري.

وأيضا فيه: بسنده عن أسماء بنت عميس، تقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: اللهم إني أقول كما قال أخي موسى، اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي، عليا أخي، أشدد به أزري، واشركه في أمري إلى قوله: بصيرا.

(4) ن: الحسن.


الصفحة 129
منشر(1)، عن أبي إسحاق، عن البراء قال:

لما نزلت: * (ونذر عشيرتك الأقربين) *(2)... وذكر متنا مطولا أثبته في كتاب " الأزهار " منه: ثم أنذرهم رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - فقال: يا بني عبد المطلب، إني أن النذير إليكم من الله - عز وجل - والبشير لما يجيء به أحد، جئتكم بالدنيا والآخر، فأسلموا، وأطيعوني تهتدوا من يؤاخيني ويؤازرني، ويكون وليي، ووصيي بعدي، وخليفتي في أهلي ويقضي ديني؟ فأسكت القوم، وأعاد ذلك ثلاثا، كل ذلك يسكت القوم ويقول علي: أنا، فقال: أنت، فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمر عليك(3).

____________

(1) ن: مبشر.

(2) الشعراء: 214.

(3) الكشف والبيان: مخطوط.

وقد جاء في كنز العمال: 6 / 397 قال:

عن علي عليه السلام قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه (وآله) وسلم - " وأنذر عشيرتك الأقربين) * دعاني رسول الله - صلى الله عليه (وآله) وسلم - فقال: يا علي إن الله أمرني أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا، وعرفت أني مهما أناديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمت عليه حتى جاءني جبريل فقال: يا محمد إنك إن لم تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك، فاصنع لي صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة واجعل لنا عسا من لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغ ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه، فيهم أعمامه أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه، دعاني بالطعام الذي صنعته لهم، فجئت به فلما وضعته تناول النبي - صلى الله عليه (وآله) وسلم - حسبت خربة من اللحم - فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصفحة. ثم قال: كلوا بسم الله، فأكل القوم، حتى نهلوا عنه ما نرى إلا آثار أصابعهم والله إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم، ثم قال:

اسق القوم يا علي، فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه حتى رووا جميعا، وأيم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله، فلما أراد النبي - صلى الله عليه (وآله) وسلم - أن يكلمهم. بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لقد سحركم صاحبكم فتفرق القوم ولم يكلمهم النبي - صلى الله

=>


الصفحة 130
ومن طريف ما يذكر في هذا المقام ما وقفت عليه من(1) كتاب " جاماسب "(2) ويقال: إن تاريخ المصنف أربعة ألف (كذا) سنة، قال بعد أن ذكر فنونا:

واسم هذا النبي - إشارة(3) إلى الرسول محمد - صلى الله عليه وآله - " مهرازماي " ويكون عمرو ثلاث قرانات وسدس من يوم مولده، ويكون موته بغتة، لأنه(4) اتفق طالع مولده الميزان، وصاحب بيت الطالع في الخامس في بيت العافية، يدل على أنه يعتمد في زمن هذا النبي [ شابا مذكر

____________

<=

عليه (وآله) وسلم -.

فلما كان الغد فقال: يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا مثل الذي صنعت بالأمس من الطعام والشراب، ثم اجمعهم لي ففعلت، ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام فقربته، ففعل به كما فعل بالأمس، فأكلوا وشربوا حتى نهلوا، ثم تكلم النبي - صلى الله عليه (وآله) وسلم - فقال: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يوآزرني على أمري هذا؟ فقلت: - وأنا أحدثهم سنا، وأرمصهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأحمشهم ساقا، - أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي فقال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطيع لعلي.

قال: أخرجه ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل.

ورواه ابن سعد ملخصا في طبقاته: ج 1 القسم 1 ص 124 وابن جرير في تاريخه باختلاف يسير: 2 / 62.

(1) إن: في.

(2) جاماسب نامه أو فرهنك ملوك وأسرار عجم، وهو مكتوب باللغة الفارسية القديمة وهو لجاماسب ابن لهراسب المولود سنة 4994 بعد هبوط آدم من الجنة (حسب ما ورد في مقدمته) والكتاب مطبوع في بمبي سنة 1321 هـ.

(3) ج و ق: وأشار.

(4) ق و ج: أنه.


الصفحة 131
(كذا) ](1) ويخرجون على أهله ووصيه وعقبه(2) جماعة يكونون مقرين بدينه، ويذكرونه بالقبيح ويقتلون أولاده، وسبب ذلك أن اليد التي فيها الجوهر واليد التي فيها الكتاب للمشتري إلى جهة زحل - وهو ناظر إلى سائر [ أيدي ](3) الكواكب - تدل وتوجب(4) أنه يقع في دينهم الضعف، بل على الحقيقة، لأنهم يخالفون دينه [ ويكونون يزيحون تنزيله ](5) ووزيره عن الحق(6).

وذكر قبل ذلك وبعده فنونا عجيبة باهرة، وفي ذلك تقوية لسواد وجه المخذول.

وأما الصحبة، فقد ذكرنا(7) بعض ما يتعلق [ بالكلام ](8) عليها.

وأما كون منصوره مغنيا ترجيحا لذلك على جانب أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - فإنه بغي ظاهر، إذ كان أمير المؤمنين - عليه السلام - ردأه من حال الطفولية إلى حين مفارقته الدنيا، تارة بالسيوف المشرفية، وتارة باحتمال الأثقال حسب ما تضمنته هذه الرواية وغيرها من السير الجلية ما بين محاجزة(9) أعدائه، واحتمال المخاطرة من جرائه، إلى إصلاح حذائه مختصا به إلى أن أدخل ضريحه، وقد أهمله أكثر خلصائه، حتى أن

____________

(1) ن: بدل هذه العبارة: بعد وفاته ما لا يذكر.

(2) ج و ق: عقب.

(3) لا توجد في: ق.

(4) ن: يدل ويوجب.

(5) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن، وبدله: ويعزلون شريكه.

(6) جاماسب نامه: 16 و 17.

(7) مرص: (55).

(8) لا توجد في: ن.

(9) في ن: بزيادة: رؤساء.


الصفحة 132
الله تعالى قرن معونته له - صلى الله عليه وآله - بمعونته له، ومعونة جبرئيل أخص ملائكته في قوله تعالى في شأن عائشة وحفصة - رضوان الله عليهما -:

* (وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين، والملائكة بعد ذلك ظهيرا) *(1) إذ المراد بصالح المؤمنين علي - عليه السلام - ورواه الثعلبي(2) ورفعه أبو نعيم(3) إلى النبي - صلى الله عليه وآله -(4) قال صاحب كتاب الاستيعاب: حدثنا أحمد بن محمد، قال:

حدثنا أحمد بن الفضل، قال: حدثنا محمد بن جرير، قال: حدثنا

____________

(1) التحريم: 4 والآية كاملة: * (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرا) *.

(2) الكشف والبيان: مخطوط.

(3) معرفة الصحابة: مخطوط.

(4) قال السيوطي في الدر المنثور، في ذيل تفسير الآية الشريفة في سورة التحريم:

وأخرج ابن مردويه، عن أسماء بنت عميس، سمعت رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] وسلم - يقول: وصالح المؤمنين، قال: علي بن أبي طالب عليه السلام.

وقال أيضا:

وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس في قوله: وصالح المؤمنين، قال: هو علي بن أبي طالب عليه السلام.

وفي كنز العمال: 1 / 237. قال:

عن علي - عليه السلام - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] وسلم - في قوله: وصالح المؤمنين، قال: هو علي بن أبي طالب عليه السلام.

وقال ابن حجر في صواعقه: ص 144.

بل في حديث ورد موقوفا ومرفوعا صالح المؤمنين علي كرم الله وجهه.

الهيثمي في مجمعه: 9 / 194 قال:

وعن حبيب بن يسار، لما أصيب الحسين بن علي - عليهما السلام - قام زيد بن أرقم على باب المسجد فقال: أفعلتموها؟ أشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] وسلم - يقول:

اللهم إني أستودعكهما وصالح المؤمنين، فقيل لعبيد الله بن زياد: إن زيد بن أرقم قال كذا وكذا، قال: ذاك شيخ قد ذهب عقله.


الصفحة 133
علي(1) بن عبد الله الدهقان(2)، قال: حدثنا مفضل(3) بن صالح، عن سماك ابن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لعلي أربع خصال ليست لأحد غيره، وهو أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - وهو الذي كان معه لواءه(4) في كل زحف، وهو الذي صبر معه يوم فر عنه غيره، وهو الذي غسله وأدخله قبره(5).

قال صاحب كتاب الاستيعاب: ولم يتخلف عن مشهد شهده رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] -(6) منذ قدم المدينة إلا " تبوك " فإنه خلفه رسول الله على المدينة وعلى عياله بعده في غزوة " تبوك " فقال(7)) له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي(8).

وروى قوله - عليه السلام - " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " جماعة من الصحابة وهو من أثبت الآثار وأصحها(9).

____________

(1) في المصدر: أحمد، وفي هامشه عن نسخة أخرى حدثنا علي بن عبد الله أبو هفان.

(2) في المصدر: الدقاق.

(3) ق: محمد.

(4) في المصدر: لواءه معه.

(5) الاستيعاب: 3 / 1090 وذكره أيضا الحاكم في مستدركه: 3 / 111 إلا أنه ذكر فيه: والذي صبر معه يوم المهراس.

(6) في المصدر: مذ.

(7) في المصدر: وقال.

(8) الاستيعاب: 3 / 1097.

(9) أنظر: صحيح البخاري: في كتاب بدء الخلق، صحيح مسلم: في كتاب فضائل الصحابة في باب فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام. صحيح ابن ماجة: ص 12، مسند أحمد بن حنبل: 1 / 174، مسند أبي داود الطيالسي: 1 / 28، حلية الأولياء: 7 / 194، خصائص النسائي بطريقين ص 15 و 16، صحيح الترمذي: 2 / 301، تاريخ بغداد 1 / 324 و 4 / 204 و 9 / 394، مستدرك الصحيحين: 2 / 337 الدر المنثور: في تفسير قوله تعالى: * (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله) * في أواخر سورة التوبة،

=>


الصفحة 134
أقول: هذا جزء(1) لا صيور(2) له من كل(3) ذكرته عند كلام عدو الإسلام، لئلا يخلو كلامه من جواب، وباقي دعاويه من الاختصاص وفنونه(4) أحاله(5) على ما لا أعرفه من طرقنا، ولا أعرف أن من خالفنا يذهب إليه على الحد الذي عول عليه.

وإنما المشار إليه يأخذ العلم ويستطيب الكتابة فيكتب ما يرى ويستهدي قلمه ويؤم هواه.

والذي يظهر لي من حاله الشاهدة بعدواة الإسلام، أنه يأتي [ إلى ](6) أمير المؤمنين - عليه السلام - فيذكر فيه من المدائح والقول الجميل من يهيج به منافرة غير شيعته، ليسطو بذلك على شيعته وعليه، ثم يأتي متعصبا لغيره مجدا في التعرض بأمير المؤمنين - صلوات الله عليه - حتى يهيج خواطر ذريته وشيعته، ليسطوا(7) على غيره، قادحين فيه إن لم يزجرهم زاجر عنه، يقعد بمثابة متفرج، مشتف من القبيلين، يضرب هذا القبيل بهذا القبيل غير منصف لأحدهما، ولا حان عليهما، أسوة بمروان بن الحكم، إذ كان يرمي سهما في عسكر أمير المؤمنين - عليه السلام - وسهما في عسكره ويرى الفتح بأي القبيلين كانت النازلة.

____________

<=

طبقات ابن سعد: ج 3 القسم 1 ص 15، أسد الغابة: 5 / 8، كنز العمال 3 / 154 و 5 / 40 و 6 / 154 و 6 / 154 بلفظين، مجمع الزوائد: 9 / 109 و 9 / 110، الرياض النضرة: 2 / 164 و 2 / 195، ذخائر العقبى ص 120.

(1) ن: خبر.

(2) الصيور: المنتهى والغاية.

(3) ن: بزيادة ما.

(4) ق: معنونة.

(5) ن: إحالة.

(6) لا توجد في: ن.

(7) ن: يتسلطوا.


الصفحة 135
وذكر عدو أمير المؤمنين - عليه السلام - ألفاظا سردها من كون منصوره (كان مع رسول الله - صلى الله عليه (وآله) - ثاني اثنين في التقدم إلى الإسلام، وثاني اثنين في الدعاء إلى الإسلام، وثاني اثنين في كثرة المستجيبين وثاني اثنين في الغار، وثاني اثنين في الهجرة، وثاني اثنين في العريش)(1) والذي يقال على هذا:

إن أمير المؤمنين - عليه السلام - كان ثاني اثنين أحدهما رسول الله - صلى الله عليه (وآله) - في التقدم إلى الإسلام، وقد سبق تقريره حقا(2) ويأتي أيضا بعد، ما هو مؤكد له، وثاني اثنين أحدهما رسول الله في الحث على الإسلام، وقد ذكرنا حال المستجيبين له مع ثبوت ذلك(3).

وأما كونه ثاني اثنين إذ هما في الغار، فقد ذكرنا ما يتعلق بالغار(4)، وبأزائه أن عليا - عليه السلام - أوحد الكل في المبيت على الفراش.

وأما كونه ثاني اثنين في العريش مشرفا بذلك له على أمير المؤمنين - عليه السلام - خاطف أرواح الكفار، قاطف رؤوس الفجار، مسعر هاتيك المواقف بنار عزائمه وضرام صوارمه، بل مخمدها بسكب قواطر صوارمه، فطريف، إذ قد سبق له كلام في أنه ليس الوداع كالمفتون، ولا المستريح كالمتعب(5)، وأراه هاهنا، قد نسي ما قرره وأنكر ما حرره.

ثم هو بذلك راد على كتاب الله تعالى المجيد في قوله: * (لا يستوي

____________

(1) العثمانية: 54.

(2) مرت الإشارة إليه ص (31).

(3) ص: 40.

(4) ص: 54.

(5) مرص: (38).


الصفحة 136
القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، فضل الله المجاهدون بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى، وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) *(1).

وإنما الحكمة قضت بأن يعول في هاتيك المقامات على أرباب النجدة، ويستند فيها إلى أخدان العزائم:


بني هاشم لا ناكلين إذا القناتحطم والبيض(2) الرقاق تثلم
وقد سل باع الموت عضبا شفارهتدر(3) نفوس الصيد واليوم أيوم(4)
إذا التاحه الثبت الصؤول توهماأزال الحياة الخاطر المتوهم(5)

ولا إلى غيرهم ممن لم يحسن الظن به في خوض أعماق الجلاد، ومباشرة شفار الرقاق الحداد، والفراسة نبوية، بل مهذبة بالتدبيرات الإلهية.

وأما كونه ثاني اثنين في الهجرة، فإنه كذب صريح، إذ كان مصعب ابن عمير(6) سبق إلى الهجرة قبل توجه رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] -

____________

(1) النساء: 95.

(2) البيض: السيوف.

(3) ن: تدور.

(4) ق: أنوم، ويوم أيوم، يوم طويل لشدته (المنجد).

(5) في الهامش: لمنشيه أدام الله سعادته.

(6) مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، البدري القرشي الشهيد بيوم أحد.

كان أنعم غلام بمكة وأرفهه، أسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وشارك المسلمين الأوائل جشوبة العيش حتى أن رسول الله صلى الله عليه وآله رآه يوما وعليه بردة له مرقوعة بفروة فذرفت عيناه عليه. استشهد مصعب في غزوة أحد وكان على رأس جماعة أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالبقاء على الشعب ولما غلب المسلمون في الهجمة الأولى واستولوا على الغنائم، ترك المسلمون الشعب وانحدروا إلى الوادي للمشاركة في جمع الغنائم مع بقية المسلمين إلا مصعب ونفر قليل بقوا على الشعب فاستشهدوا.

انظر: سير أعلام النبلاء: 1 / 145 طبقات ابن سعد: 3 / 1 / 81 الجرح والتعديل: 8 / 303.

=>


الصفحة 137
إلى الجهات اليثربية والعرصات الطيبية.

ومن(1) عدو أمير المؤمنين على الإسلام بمسطح بن أثاثة وإسلامه على يد أبي بكر(2) وهو قاذف عائشة بالقبيح حكى ذلك عدو أمير المؤمنين الجاحظ وغيره.

وهذا قد ينبهك على أن عدو الإسلام " يسر حسوا في ارتغاء " ويريد القدح في المسلمين، وزوج سيد النبيين، إذ أي مدحة تتعلق بما ذكر توازي ما(3) حكاه من قدحه في عائشة بالزنا انتقم الله تعالى منه.

وذكر الناصب: (أن أبا بكر حث على المشركين ببدر(4) وكذا عمر)(5).

وأقول: إني لست مصححا ما يحكيه، ولا مستثبتا ما يرويه، لأني أراه عين المباهت في المعلومات فكيف في الروايات.

أضربنا عن هذا، فأين القول وتخلف الفعل عنه من الفعل التام، وقطف الثمرات منه؟ إذ بسيف أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - ذلت رقاب

____________

<=

حلية الأولياء: 1 / 106 الإصابة: 9 / 208 أسد الغابة: 5 / 181.

(1) ن: ورمز.

(2) قال الجاحظ في العثمانية: 54.

كمسطح بن أثاثة، فقد كان ربيبه، وابن خالته، وعلى يده أسلم، وبه استبصر، ولم يزل في مؤونته قبل بدر وبعد ذلك... إلى آخره.

ومسطح هذا هو ابن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف مهاجري بدري وهو المذكور في قصة الإفك، كان فقيرا ينفق عليه أبو بكر توفي سنة أربع وثلاثين عن ست وخمسين سنة.

انظر: طبقات ابن سعد: 3 / 1 / 36 وسير أعلام النبلاء: 1 / 187 والجرح والتعديل:

8 / 425 وأسد الغابة 5 / 156 والإصابة: 9 / 182.

(3) ق: بما.

(4) العثمانية: 56.

(5) المصدر السابق: 57.