وأخذ(5) يصغر من حال عمرو بن عبد ود، وحال الوليد بن عتبة، متعصبا على أمير المؤمنين - عليه السلام - وهو بما أشار إليه مكذب رسول الله - صلى الله عليه وآله -، إذ كانت الرواية من طرق القوم: " لضربة علي بن أبي طالب عمرو بن عبد ود تعدل عمل أمتي إلى يوم القيامة "(6) ولا يقال لمن قتل نكسا(7) أو صادم خائما(8) أو لاقى جبانا.
هذا وروى أخطب خطباء خوارزم(9) في إسناده: أن عليا عليه السلام لما قتل عمروا قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ]: اللهم اعط علي بن أبي طالب فضيلة لم تعطها أحدا قبله، ولا تعطيها أحدا بعده(10).
____________
(1) ن: يعدم.
(2) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن، وبدله: عنه حروبه.
(3) ن: التعين.
(4) ن: ساهرة.
(5) العثمانية: 59.
(6) تقدمت الإشارة إلى بعض المصادر التي ذكرت هذا الحديث هامش ص (59).
(7) النكس بالكسر فالسكون: الرجل الضعيف (المنجد).
(8) ن: حاتما، والخائم: الجبان المنكسر والمتراجع (لسان العرب - خيم -).
(9) هو الحافظ الموفق بن أحمد بن محمد (أو إسحاق) البكري المكي الحنفي المعروف بأخطب خوارزم، يكنى بأبي المؤيد وأبي محمد وأبي الوليد، كان فقيها حافظا ومحدثا خطيبا طائر الصيت وأديبا شاعرا وكان يخطب بجامع خوارزم سنين كثيرة، ولد سنة 484 هـ وتوفي في اليوم الحادي عشر من صفر سنة 568 هـ وقيل غير ذلك له مؤلفات كثيرة منها: مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وكتاب الأربعين وكتاب مقتل الحسين عليه السلام.
ترجم له: معجم المؤلفين: 13 / 52 الغدير. 4 / 398 وأنباه الرواة: 3 / 332 أعلام الزركلي: 7 / 333.
(10) مناقب الخوارزمي: 105 و 106.
وقد ذكر الثعلبي: أن الجراح أثبتت عمروا يوم بدر فلم يحضر أحدا(2).
ومن أثبتته(3) الجراح وبعد شرب كأسه أقدم على الحرب متقدما أبطالا كثيرة كانوا معه في الجيش يطلب المبارزة عين الندب الشجاع، وقلب أنجاد البهم المكافحين.
وحكى الثعلبي صورة حال محاورته عليا قبل مصاولته تشهد بأن المشار إليه كان من النجدة في قلتها، والشجاعة في ذروتها(4).
____________
(1) ن: ثليين (كذا).
(2) الكشف والبيان: مخطوط.
(3) ن: أثبته.
(4) روى الحاكم في المستدرك: 3 / 32 بسنده عن ابن إسحاق، قال: كان عمرو بن عبد ود ثالث قريش وكان قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة ولم يشهد أحدا، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مشهده، فلما وقف هو وخيله قال له علي - عليه السلام -: يا عمرو قد كنت تعاهد الله لقريش أن لا يدعوك رجل إلى خلتين إلا قبلت منه إحداهما، فقال عمرو: أجل، فقال له علي - عليه السلام -: فإني أدعوك إلى الله عز وجل وإلى رسوله وإلى الإسلام. فقال: لا حاجة لي في ذلك، قال: فإني أدعوك إلى البراز، قال: يا ابن أخي لم؟ فوالله ما أحب أن أقتلك فقال علي عليه السلام: لكني والله أحب أن أقتلك، فحمى عمرو فاقتحم عن فرسه فعقره ثم أقبل فجاء إلى علي عليه السلام وقال: من يبارز؟ فقال علي عليه السلام وهو مقنع في الحديد فقال: أنا له يا نبي الله، فقال إنه عمرو بن عبد ود، اجلس فنادى عمرو: ألا رجل؟ فأذن له رسول الله - صلى الله عليه (وآله) وسلم - فمشى إليه علي عليه السلام وهو يقول:
فقال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا علي، قال ابن من؟ قال: ابن عبد مناف، أنا علي ابن أبي طالب، فقال: عندك يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك فانصرف فإني أكره أن أهريق دمك، فقال علي عليه السلام: لكني والله ما أكره أن أهريق دمك، فغضب فنزل فسل
=>
ثم من المستغرب أن يكون لمنصور ملقح الفتن شرف بمحاربة مستجيبيه، ولا يكون لأمير المؤمنين - عليه السلام - الشرف بمحاربة يمينه [ كما أسلفت ](1).
ولقد ضرب مقدم العلماء في زمنه ابن الخطيب الرازي(2) المثل بأمير المؤمنين عليه السلام وحاتم، هذا في شجاعته، وهذا في سخاوته، جاعلا ذلك في جانب الأمور الضرورية والعلوم الجلية.
ولقد بلغنا خبر طريف عن رجل يقال له مفرج الفرنجي وقد حضر
____________
<=
سيفه كان شعلة نار، ثم أقبل نحو علي عليه السلام مغضبا واستقبله علي - عليه السلام - بدرقته
فضربه عمرو في الدرقة فقدها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه، وضربه علي - عليه
السلام - على حبل العاتق فسقط وثار العجاج فسمع رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] وسلم -
التكبير فعرف أن عليا عليه السلام قتله (إلى آخر الحديث).
وذكره الشبلنجي أيضا في نور الأبصار: ص 79.
وزاد أبياتا لعمرو يقول:
ووقفت إذا وقف الشجاع مواقف القرن المناجز
وكذاك أني لم أزل متسرعا قبل الهزاهز
إن الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرائز
فأجابه علي عليه السلام:
(إلى آخر الأبيات المتقدمة).
(1) لا توجد في: ن.
(2) هو محمد بن عمر بن الحسن، التميمي البكري الرازي الشافعي المعروف بالفخر الرازي وبابن خطيب الري. مفسر متكلم فقيه أصولي أديب شاعر طبيب، ولد بالري سنة 543 وقيل 544 وتوفي سنة 606 هـ له تآليف كثيرة منها التفسير الكبير.
انظر: وفيات الأعيان: 1 / 600 وطبقات الشافعية: 5 / 35. ميزان الاعتدال: 2 / 324 لسان الميزان: 4 / 426.
وإن شروعنا في التنبيه على هذا يلحقنا بملقح الفتن في عبارة أو عقلية(2)، فلنقتصر على هذا حذارا من خطر زلته.
قال عدو السنة ما معناه: (إن الشيعة ترى أن الذي(3) منع العرب من تقديمه كونه قتل منهم الأحبة، في كلام بسيط، ودافع بأن أبا سفيان - وكان وجها - [ كان ](4) مع بني هاشم على أبي بكر وذكر أبا حذيفة(5) وأطراه، وكان علي قتل أخاه)(6).
واعلم أن هذا كلام لا حاصل له، ناصرا(7) لملقح الفتن، إذ الإمامية تقول: إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - منصوص عليه.
فسواء بايعته العرب أو لم تبايعه لا ينقص ذلك ما(8) ثبت من النص المعلوم عليه، وإن دوفعت عن النص، فهم قائلون أنه كان أفضل الصحابة، والأفضل مقدم سواء وقعت الموافقة على بيعته أولا.
فإن قال: إنما أردت أن الشيعة تقول: إنه منصوص عليه، وإنما عدلوا عن النص لتلك العلة وهي قتل الأحبة من العرب.
____________
(1) ن: بإيطاليا.
(2) ق: غفلة.
(3) ن: الذين.
(4) لا توجد في: ق.
(5) يعني أبا حذيفة بن عتبة.
(6) العثمانية: 60.
(7) ن: ناصر.
(8) ق: مما.
ولقد تضمنت السيرة أنه قتل يوم " أحد " من أرباب الألوية تسعة، فكيف من عداهم؟ وله المناقب المأثورة في بني قريظة، وما صنعه في خيبر، والأحزاب، وغير ذلك من المقامات المعلومة، والمصادمات المفهومة، وقد فهم عمر ذلك وهو أقرب عهدا وأعرف بالقواعد، فقال: إن قريشا تنظر إليكم - يعني بني هاشم - نظر الثور إلى جازره.
ولو لم تبن الإمامية دفع النص على قتل أمير المؤمنين - عليه السلام - لأحبة(1) المشركين لكان له وجه، بما أنه - عليه السلام - كان مشغولا بجهاز النبي - عليه السلام - وخلا الجمهور بالملك فغلبوا عليه والحكم للحاضر.
وهذا كما قال بعض الوعاظ وقد سئل عن خبر السقيفة فقال: ضاق نطاق الوقت عن شرح ما تم، ثم مات الشاه، فاشتغل(2) الرخ(3) بتجهيزه، تفرزن(4) البيذق(5).
أو نقول: إنهم أحسوا من أمير المؤمنين بخشونته في الدين وحموسته في الحق فتجافاه من تجافاه لذلك.
____________
(1) ق: أحبة.
(2) ق و ج: اشتغل.
(3) الرخ بالضم فالسكون: قطعة من قطع الشطرنج المنجد).
(4) ق و ج: تفرزت.
(5) ق و ج: البيدق. والبيذق هو الماشي راجلا ومنه بيدق الشطرنج وتفرزن البيذق، صار فرزانا، والفرزان: الملكة في لعب الشطرنج. (المنجد).
وأقول: إن عمر فهم ما يشبه هذا في قوله: إن قومكم كرهوا أن تجتمع لكم الخلافة والنبوة.
وقال: (إنه لم يحضر من بني هاشم غير علي، وحضر من بني تيم رجلان أبو بكر وطلحة) وربما كانت إشارته بذلك إلى وقعة أحد(1).
أقول: إن تمام المعنى على مذهب عدو الإسلام: فبنو تيم أفضل من بني هاشم وأدفع وأشد عناء.
والجواب عن هذا: بما أنه لم يجعل لرسول الله - صلى الله عليه (وآله) - نصيبا في الحضور، وأن وجوده وعدمه سيان، فإن قال: إنما أردت بذلك من عدا رسول الله - صلى الله عليه (وآله) -: قلت: من اعتبر(2) عرف أن حاصل الكلام يفيد بظاهره أن شرف القبيلة التيمية أشرف من القبيلة الهاشمية، وإلا فقد كان يكفي أن يقول: إن بلاء علي دون بلاء فلان وفلان، لكنه تلفظ بلفظ حاصله:
إن القبيلة أشرف من القبيلة، وهو كذب [ و ](3) تكذيب لرسول الله - صلى الله عليه وآله - فيكون كفرا.
سلمنا أنه قال: إن بلاء اثنين من بني تيم أفضل وأحمد(4) من بلاء علي، وهو كذب متعمد أو قول جاهل جدا، لا يصلح له أن يجري في
____________
(1) العثمانية: 63 نقله بالمعنى.
(2) ق: اعترف.
(3) فقط في: ن.
(4) ن وق: أكمل.
وقتل الواحد الفرد من أرباب الألوية يقاوم قتال جيش، لاكتناف الصناديد بهاتيك البنود، ومعرفتهم أن الحراسة بعزها(2) المعقود، وبكونهم(3) روح الأنجاد الأمجاد الصابرين على الجلاد، قوام العساكر قوام عزها الباهر، وما عرفنا لمن أشار إليه اصطلام قرن أو كشف غمة، بل الذي نقله السدي: أن طلحة استسلم وعزم على ما لا أقدم(4) على حكاية، ولا أرى التهجم بروايته.
وأما ابن عمه فما عرفت أنه ذكر في تلك الوقعة بمقام صيال ومحل جلاد.
وتعلق(5) في شجاعة منصوره، بشتم بديل بن ورقاء يوم الحديبية وشتم عروة بن مسعود(6)، وكان ذلك وهو مع رسول الله ومعه أصحابه، هذا هو
____________
(1): ن يراعة.
(2) ن: يعزها.
(3) ن: يلويهم.
(4) ق: أقدر.
(5) قال الجاحظ في العثمانية: 64.
" وأبو بكر الذي لما أتى بديل بن ورقاء الخزاعي يوم الحديبية في نفر من أصحابه فأقبل على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد لقد اغتررت بقتال قومك، وإن قريشا ستقاتلكم عن ذراريهم وأموالهم، قد استنفروا الأحابيش وخرجوا إلى بلدح معهم العوذ المطافيل، والله ما أرى معك أحدا له وجه مع أني أراكم قوما لا سلاح لكم، ولد قد عض هؤلاء الحديد لقد أسلموكم. قال أبو بكر: عضضت ببظر اللات، أنحن نسلمه؟ قال له بديل: أما والله لولا يدلك عندي لأجبتك والله إني وقومي لنحب أن يظهر محمد ".
(6) قال الجاحظ:
" وأقبل عروة بن مسعود في نفر من قومه حتى أناخ راحلته عند النبي (صلى الله عليه وآله) وقال:
أني تركت كعبا وعامرا على أعداد الحديبية، معهم العوذ المطافيل وما أرى معك أحدا أعرف
=>
أين السباب لمفردين مسالمي | عز الرسول وحزبه الكرار(1) |
ألقى سلاحهما الأمان فلا يد | ترجو الدفاع بصارم بتار |
من خوض ملتطم الحتوف فسائح | أو سابح(2) في موجة التيار(3) |
تستسلم الأنجاد فيه لضيغم | وترى الفرار منزها من عار(4) |
لولا غلاب الموت كل مدرع | لكسا الممات ملابس الفرار |
شهدت له الأسماع بعد وقبلها | عين العيان لحاضر نظار(5) |
صهر الرسول وسيفه ووصيه | وأخوه، وارث علمه الزخار |
حاز العلاء تقاصرت عن شأوه | شمس النهار ببرجها السيار |
فليصمت المثني عليه وشانئ | حلى الجميع بحلية الإحصار |
وتعلق في شجاعته (بتجهيز الجيش إلى أهل الردة وإصباءه(6) على ذلك)(7).
وهذا تعلق واه، إذ هو قار(8) والجيش هو المصادم، وعدة أولئك بالأخلق القلة وعدة الجيش بالكثرة، فأين البسالة الباهرة الراجحة على
____________
<=
وجه ونسبه، وأنهم لخلقاء أن يخذلوك - والقوم سكوت - فغضب أبو بكر وقال: امصص بظر
اللات، أنحن نخذله؟ قال عروة: أما والله لولا يدلك عندي لأجبتك " أنظر
العثمانية: 64.
(1) في الهامش: للمصنف جزاه الله أفضل الجزاء.
(2) ق: سارح.
(3) ن: من خوض ملتطم الحضوف (كذا) لضيغم وترى الفرار - منزها عن عار.
(4) لا يوجد هذا البيت في: ن.
(5) ن: النظار.
(6) أصبأ القوم: هجم عليهم (المنجد).
(7) العثمانية: 65.
(8) ن: فار.
وتعلق في شجاعته (بأن رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - جعله على ميمنته " يوم حنين " ولم يذكر أن عليا عليه السلام ثبت وذكر أن أبا بكر ثبت في موضعه)(1).
والذي يقال على هذا: إنا لا نعرف ثبوت ما قال، وقد حكينا ما جرت عليه الحال وفي وقعة " هوازن " وهي وقعة " يوم حنين " من طريق المفضل بن سلمة، ولو ثبت، فما عرفنا للمشار إليه قتيلا، ولو ثبت فما ذهب أحد إلى أن المشار إليه - رضوان الله عليه - ما كان بمقام من لا يحضر حربا، ولا يقف في صف حتى يتوجه الطعن بما قال، بل هو في مقام المفاخرة بينه في النجدة وبين أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - ولا نسبة بين نجدة أمير المؤمنين وصورة ما أشار إليه، بل المروي(2) أن أمير المؤمنين - عليه السلام - كان من الثابتين المحاربين الصابرين المصاولين.
وذكر (مخاطبة أبي بكر رسول الله في أسرى " بدر "، وإشارته بأخذ الفدية)(3).
وروى الثعلبي: أن رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - [ قال ](4) في سياق حديث: أبكي للذي على أصحابك في أخذهم الفداء، ولقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة - شجرة قريبة من نبي الله(5).
وذكر شيئا لا نعرفه وإذا فتح تصديق الخصم أعضل على الفريقين.
____________
(1) العثمانية: 66.
(2) ج و ن: عن.
(3) العثمانية: 67 - 68.
(4) لا توجد في: ن.
(5) الكشف والبيان: مخطوط.
إن المبارزين يوم " بدر " والصابرين " يوم حنين " لما ولى الناس مدبرين - سبعة:: علي والعباس وابنه الفضل وأبو سفيان بن الحارث وأخوان له، ورجل من ولد الزبير بن عبد المطلب، وكان ثامنهم أيمن بن أم أيمن، وهو أيمن بن عبيد وكانت أم أيمن مولاة رسول الله - صلى الله عليه وآله - اسمها بركة، واستشهد أيمن يومئذ.
ثم قال: وقال قوم كان علي والعباس والفضل وعقيل وأبو سفيان وربيعة ابنا الحرث وأيمن وأسامة بن زيد، وذكر: أن عليا كان لازم الثنية يمنع القوم أن يجوزوا إليه، وذكر شعر العباس(2) في ذلك
____________
(1) ذكره الأفندي في رياض العلماء في موضعين وقد اختلف في اسم جده فقد عبر عنه في موضع:
السيد أبو البقاء هبة الله بن ناصر بن الحسين بن نصر وفي موضع آخر: الشيخ الرئيس أبو البقاء هبة الله بن ناصر بن نصير، ثم ذهب إلى اتحادهما.
وقال عنه إنه كان من أكابر علماء الشيعة، وفي درجة الشيخ الطوسي وقبيله، وينقل عنه الشيخ أبو علي الطبرسي ويروي هو عن الشيخ أبي عبد الله محمد، بن هبة الله، بن جعفر الطرابلسي، عن الشيخ الطوسي. وقد روى عنه الحسين بن محمد بن طحال بمشهد علي - عليه السلام - في شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وأربعمائة على ما يظهر من كتاب (المزار الكبير (لمحمد بن جعفر المشهدي.
انظر: رياض العلماء: 5 / 314 و 316 وكذلك الثقات العيون في سادس القرون: 333.
(2) هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - المتوفى 32، وأما الأبيات فقد وردت في عدة مصادر بشكل مختلف بسبب عدها قتلى يوم حنين عشرة بدل ثمان وذلك بإضافة عتبة ومعتب ابني أبي لهب إليها فالأبيات حسب تلك المصادر كما يلي:
نصرنا رسول الله في الحرب تسعة | وقد فر من فر عنه فأقشعوا |
=>
نصرنا رسول الله في الحرب سبعة | وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا |
وثامننا لاقى الحمام بسيفه | لما مسه في الله لا يتوجع |
قال: وفي رواية أنهم كانوا تسعة، وسمى من روى ذلك السبعة المذكورين في الرواية الأولى، وسمى معهم عتبة ومعتبا ابني أبي لهب، واستشهد على ذلك بقول رجل من المسلمين(4):
لم يواس النبي غير بني هاشم | تحت السيوف يوم حنين |
حرب الناس غير تسعة رهط | فهم يهتفون فالناس أين |
ومضى أيمن شهيدا سعيدا | حائزا في الجنان قرة عين |
واعتبرت بعض المظان مما يرويه المفسرون من غيرنا، فما(5) رأيت
____________
<=
وقولي إذا ما الفضل كر بسيفه على القوم أخرى يا بني ليرجعوا وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه لما ناله في الله لا يتوجع
راجع: مجمع البيان: 5 / 18 والإرشاد: 71 - 76 وعنه البحار: 21 / 156.
(1) لا توجد في: ج و ق.
(2) ق و ج: الإشارة.
(3) لا توجد في: ق و ج.
(4) هو أبو موسى مالك بن عبادة الغافقي، لم أعثر على ترجمة وافية له غير أنه صحابي. انظر الإصابة: 3 / 347 و 4 / 187.
والأبيات كما جاءت في إرشاد المفيد: 71 والبحار: 21 / 156 عنه هي:
لم يواس النبي غير بني هاشم | عند السيوف يوم حنين |
هرب الناس غير تسعة رهط | فهم يهتفون بالناس أين |
ثم قاموا مع النبي على الموت | فأتوا زينا لنا غير شين |
وسوى أيمن الأمين من القوم | شهيدا فاعتاض قرة عين |
(5) ج و ق: وما.
وذكر (أن أبا سفيان دخل على أبي بكر - رضوان الله عليه - يستشفعه إلى رسول الله في زيادة الصلح فلم يفعل ثم أتى عمر ثم عثمان ثم فاطمة ثم عليا)(1): وجعل صاحب الرسالة هذا برهان شرفه على غيره.
والذي يقال على هذا: إنه بدأ بمن طمع في موافقته اعتبارا بشفاعته في أسارى " بدر " وأخذ الفدية منهم.
وجعل آخر من خاطبه أبعدهم عن موافقته، لأن أبا سفيان صاحب رئاسة وانتقاد، والحكمة قاضية بأن يدخل الإنسان من أسهل الأبواب، وأيسر المطالب، فإذا ضاق عليه الباب السهل، وتعذر عليه الوجه المتيسر، عدل إلى غير ذلك من الوسائل الصعبة، والوجوه المتعسرة.
وبرهان ذلك: أنه مهما شك الناس فيه فلا يشكون في أن فاطمة - صلى الله عليهما - البضعة منه، العزيزة عليه، المعظمة عند الله تعالى، زوج أقرب الناس إليه، والدة ابنيه العزيز بن لديه، فلو كانت البداءة(2) دليل الشرف، ما كان أبو سفيان عداها ولهذا أن رسول الله - صلى الله عليه (وآله) - لما قال: ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صلى وصام: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، فعظم ذلك على الصحابة وهابوه أن يسألوه، فسألوا فاطمة أن تسأله.
ومن ذلك، أنه لما نزل قوله تعالى: * (وجئ يومئذ بجهنم) *(3).
____________
(1) العثمانية: 72.
(2) ق: البدأة وكلاهما بمعنى: أول الحال.
(3) تمام الآية الشريفة: * (وجئ يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى) * الفجر: 23.
وكم لأمير المؤمنين - عليه السلام - من مناقب تدفع(2) هباء هذه المقاصد، مقلدة جيد مجده أشرف القلائد.
وروى الثعلبي في تفسيره يقول: سمعت أبا منصور الخمشاذي(3) يقول: سمعت محمد بن عبد الله الحافظ يقول: سمعت أحمد ابن حنبل يقول: ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب(4).
وروى أخطب خطباء خوارزم في إسناده عن ابن عباس قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وآله - لو أن الغياض أقلام، والبحر مداد والجن حساب، والإنس كتاب، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب(5).
____________
(1) لا يوجد في: ن.
(2) ج: فدفع.
(3) ن: الجمشاذي.
(4) الكشف والبيان: مخطوط. وذكره أيضا الحاكم في مستدركه: 3 / 107.
وقال أخطب خطباء خوارزم (ضمن كلام له):
وهو ما أخبرني به الشيخ الإمام الزاهد فخر الأئمة أبو الفضل بن عبد الرحمن الحفرميدي الخوارزمي جزاه الله خيرا إجازة. قال: أخبرني الشيخ الإمام أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي قال: حدثني أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عبدان العطار وإسماعيل ابن أبي نصر عن عبد الرحمن الصابوني وأحمد بن الحسين البيهقي قالوا جميعا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ يقول: سمعت القاضي الإمام أبا الحسن علي بن الحسن وأبا الحسن محمد بن المظفر الحافظ يقولان: سمعنا أبا حامد محمد بن هارون الحضرمي يقول: سمعت محمد بن منصور الطوسي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله - من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب عليه السلام.
انظر المناقب: 3.
(5) مناقب الخوارزمي: 2.
هذه تنبيهات اقتضت الحال سطرها. والأمر(3) في ظهوره أشهر من أن يحتاج إلى تفصيل.
قال المباهت حكاية عن شيعة أمير المؤمنين - عليه السلام - وما يدعونه(4) (من فضله في العلم والتأويل، وأنه كان يسأل ولا يسأل، وأنه ليس لأبي بكر فتيا كثيرة ولا كثير رواية(5)، وغير ذلك من فنون ذكرها، أن العثمانية يعتبرون الفضل حين وفاة النبي - صلى الله عليه - لا بعده، إذ(6) الحادثات تحدث، وتظهر علم من أجاب عنها، ويعتبرون أيضا بمن كان أسد رأيا [ به ](7) في ذلك الوقت، وهو وقت وفاة النبي - عليه السلام -، وهذا لم يثبت)(8).
قال: (والبناء على أصالة الرأي وقوة العزم، ولم يكن لعلي من ذلك شئ يفضل به أبا بكر في ذلك الدهر، فإنا نستدل على صواب رأيه، وأنه كان المفزع والرشد بعد رسول الله في المعضلات وعند الشبهات)(9).
____________
(1) رسمت في النسخ: ألف.
(2) مناقب الخوارزمي: 3.
(3) ج و ق: للأمر.
(4) ن: يدعون.
(5) في المصدر: فتيا كبيرة ولا كبير رواية.
(6) ن: إذا.
(7) لا توجد في: ق.
(8) العثمانية: 74.