الصفحة 194
ثم القول: (بأنه كان أحد الفقهاء) فيه تكذيب لرسول الله - صلى الله عليه وآله - إذ قد روى المخالف الذي لا يتهم، أن رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال: (علي أقضاكم)(1).

ومن كان أقضى الناس كان عيبة علم رسول الله - صلى الله عليه وآله -(2) على ما رواه الواحدي عند قوله تعالى: * (وتعيها أذن واعية) *(3): إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وتعي وحق على الله أن تعي(4).

ولا شبهة عنده أن عمر أحد الفقهاء العظماء العلماء، وقد كان يضطر إليه اضطرار الفقير إلى الغني، والضعيف إلى القوي.

فإذن هو على هذا قادح في عمر - رضوان الله عليه - إذ كان أمير المؤمنين - عليه السلام - عيانا على ما ترويه(5) السنة، وقد نبهنا عن قرب على [ تفوقه ](6) في العلوم، فما ظنك بمن يأخذ عنه، ويستثمر الأحكام منه، ويقول: " لولا علي لهلك عمر(7) ".

____________

(1) روى الحديث بهذا اللفظ وبلفظ، (أقضى أمتي علي)، أو بلفظ متقارب إلى ذلك جماعة من الرواة والمحدثين نذكر منهم: الخوارزمي في مناقبه: 41 والحمويني في فرائد السمطين: 1 / 166 وابن ماجة في صحيحه في باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: 14 وابن عبد البر في الاستيعاب: 1 / 8 وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1 / 66 والهيثمي في مجمعه:

9 / 165 والمحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 198 وفي ذخائر العقبى: 83 والكنجي في كفاية الطالب: 190.

(2) ن بزيادة: قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله.

(3) الحاقة: 12.

(4) أسباب النزول: 329 وقد مرت الإشارة إلى بعض المصادر بشأن نزول هذه الآية في هامش ص: 82.

(5) ن: رواه.

(6) في جميع النسخ: فوقه.

(7) قد روى حديث: (لولا علي لهلك عمر) و (لا عشت لمعضلة لا يكون لها أبو الحسن) و (اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب) أو بمعنى قريب من ذلك جمع كثير من رواة العامة

=>


الصفحة 195
شرع في تنقص علي عليه السلام فبالغ في تنقص أحبته، وطعن بما قال في أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله - وقرابته، وقد بينا ما يلزمه من المحذور، وسنذكر بعد إن شاء الله تعالى ما يتفق عند سقطات ترد منه بما يكشف الحق ويسفر عنه.

قال: (ومما يقررهم(1) به، ما(2) رواه حمال الآثار من رجوعه، وما لا يجوز من فتياه من(3) قوله: أجمع رأيي(4) ورأي عمر على عتق أمهات الأولاد ثم رأيت أن أرثهن(5))(6) وقال: (إنه رجع إلى رأي عمر في الجد)(7).

[ وذكر ](8): (أن زيدا حاج عليا في المكاتب فقال له: أرأيت إن زنا أكنت راجمه قال: لا. قال: أرأيت إن شهد أتقبل شهادته؟ قال: لا. قال زيد: فهو إذن عبد ما بقي عليه درهم. فسكت علي)(9).

____________

<=

ومحدثيهم وسطورها في كتبهم منها:

السنن الكبرى: 8 / 442 الرياض النضرة: 2 / 194 ذخائر العقبى: 82 تفسير الرازي:

7 / 484 كفاية الطالب: 105 مناقب الخوارزمي: 39 كنز العمال: 3 / 96 المستدرك:

1 / 457 إرشاد الساري: 3 / 195 شرح ابن أبي الحديد: 3 / 122 صحيح البخاري في كتاب المحاربين في باب لا يرجم المجنون والمجنونة ضمن حديث له مسند أحمد بن حنبل:

1 / 140 فيض القدير: 4 / 356 فتح الباري: 15 / 131.

(1) المصدر: نفررهم.

(2) المصدر: مما.

(3) لا توجد (من) في المصدر.

(4) ن: رأى.

(5) المصدر: اربهن.

(6) العثمانية: 89.

(7) المصدر السابق.

(8) لا توجد في: ن.

(9) العثمانية: 89.


الصفحة 196
وحكى (عن الشعبي أنه رجع عن قوله في الحرام ثلث(1))(2) (وكلم عثمان في الحجر على عبد الله بن جعفر فاحتج عثمان بأن شريكه الزبير وأن عليا سكت)(3) وقال في المكاتب: (إنه: إن(4) أدى من ثمنه شيئا أنه يسترق بحساب ويعتق بحساب)(5).

وقال في النصرانية تسلم وهي تحت النصراني، قال (فهو(6) أحق بها ما لم يخرجها من دار الهجرة)(7).

وقال (في رجل قال لامرأته: اختاري، فاختاره: [ ثم قال لها: اختاري فاختارته، ثم قال [ لها ](8) الثالثة اختاري فاختارته ](9)، قال: أفق بينهما فإذا(10) زنى فعلت كذا وكذا)(11).

و (قال في أعور، فقأ عين صحيح فأراد الصحيح أن يفقأ عين الأعور الذي فقأ فقال(12): لا تفقأها إلا أن تؤدي(13) نصف الدية)(14).

____________

(1) المصدر: ثلاث.

(2) العثمانية: 89.

(3) المصدر السابق: 90.

(4) المصدر: إذا.

(5) العثمانية: 90.

(6) المصدر: هو.

(7) العثمانية: 90.

(8) لا توجد في المصدر.

(9) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(10) المصدر: فإن.

(11) العثمانية: 90.

(12) المصدر: قال.

(13) ن: يؤدى.

(14) العثمانية: 90.


الصفحة 197
و (قال في الجد إنه سادس ستة وسابع سبعة، وكتب إلى عبد الله(1) وقال:

قطع الكتاب واجعله سابعا(2)(3).

(وقال في جارية وثبت عليها امرأة رجل غائب فافتضت عذرتها(4) ثم قذفتها لتسقطها من عين بعلها وكانت خافت أن يتزوجها فرفع ذلك إليه فقال لبعض بنيه، قل في هذه المسألة، قال: عليها صداق مثلها، قال: لو كلفت الإبل الطحين(5) طحنت، فاشتد تعجب أصحاب عبد الله من هذه المقالة)(6).

و (كان يرى حك أصابع الصبيان إذا سرقوا)(7).

(وكان إذا قطع الرجل قطع القدم وترك العقب ليمشي عليه المقطوع(8))(9). (وكان يقطع اليد من أصول الأصابع ويدع الكف)(10).

(قال: وزعم عبد الله بن سلمة وغيره عن الأعمش عن الشعبي أو عن غيره، أنه سئل عن رجل قال لامرأته: أنت طالق ألف تطليقة، وله أربع نسوة، فقال: تبين بثلاث، وتقسم الباقية على نسائه)(11).

وذكر بعد هذا تعرضا بالأنبياء، وغرضه من ذلك: فإذا كان الأنبياء كذا

____________

(1) المصدر بزيادة: بذلك.

(2) ن: سابقا.

(3) العثمانية: 90.

(4) المصدر بزيادة: بإصبعها.

(5) المصدر: الطحن.

(6) العثمانية: 90.

(7) المصدر السابق.

(8) المصدر بزيادة: وليعتمد به.

(9) العثمانية: 90.

(10) المصدر السابق:

(11) العثمانية: 91.


الصفحة 198
فكيف يكون علي منزها عن الغلط والخطأ(1).

وسأذكر الجواب عن ذلك - إن شاء الله تعالى - بعد الجواب عن هذه الخرافات، الساقط من قصدها، الهابط من اعتمدها.

أقول: إما ما ادعاه المشار إليه من كون علي رجع، فلا نعرف لذلك أصلا، أصلا، ومتى قبلت دعاوي كل قبيل على قبيل كان ذلك قدحا في جميع البرية، إذ كل يقدح في صاحبه ويقذعه ويرفعه ويضعه.

وأما باقي الأسئلة فإني أقول على ساب رسول الله - صلى الله عليه وآله - [ ما رواه البخاري عنه قال الراوي: سمعت ](2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: اللهم أدر الحق مع علي حيث دار(3).

وروى أحمد بن موسى بن مردويه في كتاب (المناقب) من عدة طرق منها: بإسناده إلى محمد بن أبي بكر: قال: حدثتني عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - قال: الحق مع علي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض(4).

____________

(1) العثمانية: 91.

(2) ما بين المعكوفتين لا يوجد في ن وبدله: إن رسول الله (ص) يقول: اللهم أدر الحق...

الخ.

(3) لا يوجد في صحيح البخاري بالطبعة الموجودة عندي، ولعل يد التحريف امتدت إليه لأن يحيى ابن الحسن في كتابه (العمدة) ينقل ذلك عن البخاري وكذلك السيد هاشم البحراني في غاية المرام. انظر عمدة عيون صحاح الأخبار: 300 وغاية المرام: 539 أقول: ذكر هذا الحديث أيضا الترمذي في صحيحه: 5 / 633 بسنده عن علي عليه السلام وفيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] وسلم -: رحم الله عليا، اللهم أدر الحق معه حيث دار.

ورواه أيضا الحاكم في مستدركه: 3 / 124.

(4) مرت الإشارة إلى بعض مصادر هذا الحديث في هامش ص: 94.


الصفحة 199
وروى أخطب الخطباء خوارزم بإسناده إلى ثابت مولى أبي ذر، عن أم سلمة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: علي مع القرآن والقرآن معه(1)، لا يفترقان(2) حتى يردا علي الحوض(3).

____________

(1) ق: مع علي.

(2) في المصدر: لن يفترقا.

(3) مناقب الخوارزمي: 110 والحديث كاملا هو:

عن شهر بن حوشب قال: كنت عند أم سلمة - رضي الله عنها - فسلم رجل فقالت: من أنت؟

قال: أنا أبو ثابت مولى أبي ذر، قالت: مرحبا بأبي ثابت، ادخل فدخل فرحبت به، فقالت:

ابن طار قلبك حين طارت القلوب مطارها؟ قال: مع علي بن أبي طالب - عليه السلام - قالت:

وفقت للهدى، والذي نفس أم سلمة بيده لقد سمعت رسول الله - ص - يقول: علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ولقد بعثت ابني عمر وابن أخي عبد الله أبي أمية فأمرتهما بأن يقاتلا مع علي - عليه السلام - من قاتله، ولولا أن رسول الله (ص) أمرنا أن نقر في محالنا أو في بيوتنا لخرجت حتى أقف في صف علي بن أبي طالب عليه السلام.

أقول: قد روى حديث " علي مع القرآن والقرآن مع علي " جماعة منهم: الهيثمي في مجمعه:

9 / 134.

عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول: علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض.

وذكره أيضا ابن حجر في صواعقه: ص 74 والشبلنجي في نور الأبصار: ص 72 الصواعق المحرقة: ص 75 قال:

وفي رواية أنه صلى الله عليه (وآله) وسلم قال في مرض موته: أيها الناس يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم: ألا إني مخلف فيكم كتاب ربي عز وجل وعترتي أهل بيتي، ثم أخذ بيد علي عليه السلام فرفعها فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض فاسألوهما ما خلفت فيهما.

مستدرك الصحيحين: 3 / 124.

روى بسنده عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال: كنت مع علي عليه السلام يوم الجمل (وساق الحديث إلى أن قال) سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول: علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

وذكره أيضا المناوي في فيض القدير: 4 / 356 والمتقي في كنز العمال: 6 / 153.


الصفحة 200
وروى المشار إليه عدة أحاديث تقتضي أن النجاة في متابعته، ومشايعته(1).

ومن طريق أخطب خطباء خوارزم في إسناده إلى أبي بكر بن مردويه، إلى الأصبغ بن نباتة في حديث عن زيد بن صوحان، أنه سمعه من حذيفة بن اليمان، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: علي أمير البررة، قاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، ألا وإن الحق معه يتبعه ألا فميلوا معه(2).

وقال صاحب كتاب " الاستيعاب ":

وروى عنه عليه السلام أنه قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه(3).

ورواه ابن المغازلي الشافعي مرفوعا من عدة طرق(4).

____________

(1) انظر مناقب الخوارزمي: 56 و 57.

(2) مناقب الخوارزمي: 111.

وذكره أيضا الحاكم في المستدرك: 3 / 129 والخطيب في تاريخ بغداد: 4 / 219 والحمويني في فرائد السمطين: 1 / 157 وابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق: 2 / 478 وابن حجر في الصواعق المحرقة: 123 والقندوزي في ينابيع المودة: 284.

(3) الاستيعاب: 3 / 1102.

وذكره طائفة من أعلام المحدثين منهم: الحاكم في المستدرك: 3 / 126 والخطيب في تاريخ بغداد: 2 / 377 والخوارزمي في مناقبه: 40 ومقتل الحسين: 43 والجزري في أسد الغابة:

4 / 22 والكنجي في كفاية الطالب: 99 والحمويني في فرائد السمطين: 1 / 98 والذهبي في ميزان الاعتدال: 1 / 193 وتذكرة الحفاظ: 4 / 28 وابن كثير في البداية والنهاية: 7 / 358 والهيثمي في مجمع الزوائد: 9 / 114 والعسقلاني في لسان الميزان: 1 / 432 وتهذيب التهذيب: 6 / 320 والقندوزي في ينابيع المودة: 183 والسيوطي في تاريخ الخلفاء: 170 وابن حجر في الصواعق المحرقة: 37.

(4) انظر مناقب ابن المغازلي: 80 - 85 الأحاديث رقم 120 و 121 و 122 و 123 و 124 و 125 و 126.


الصفحة 201
وقال صلى الله عليه وآله: أقضاكم(1) علي.

وقال عمر بن الخطاب: أقضانا علي(2).

وروى(3) بإسناده عن إسماعيل بن خالد(4) وقال: قلت للشعبي: إن مغيرة(5) حلف بالله، ما أخطأ علي في قضاء(6) قط، فقال الشعبي(7): لقد أفرط.

أقول لقد أفرط الشعبي سارق الدراهم في خفه، خليط عبد الملك في

____________

(1) ن: أقضاهم.

وقد مرت الإشارة إلى بعض مصادر الحديث بالطرق المختلفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله في هامش ص 95.

(2) أما الأحاديث الواردة بالسند المتصل عن عمر بن الخطاب فنذكر منها: الاستيعاب: 3 / 1102 إلا أنه ذكره على نحو: علي أقضانا.

وصحيح البخاري في كتاب التفسير في باب قوله تعالى: * (ما ننسخ من آية أو ننسها) * روى بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس حديثا قال فيه: قال عمر: وأقضانا علي.

ورواه الحاكم أيضا في مستدركه: 3 / 305 وأحمد بن حنبل في مسنده: 5 / 113 بطرق ثلاثة وأبو نعيم في حلية الأولياء: 1 / 65 وروى ابن سعد في طبقاته: ج 2 القسم 2 ص 102 بسنده عن أبي هريرة قال: قال عمر بن الخطاب: علي أقضانا. والمحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 198 قال: وعن عمر بن الخطاب قال: أقضانا علي بن أبي طالب.

(3) الاستيعاب: 3 / 1102.

(4) المصدر: ابن أبي خالد.

(5) المصدر: المغيرة.

(6) المصدر بزيادة: قضى به.

(7) عامر بن شرحبيل بن عبد، أبو عمرو الشعبي الكوفي ولد لست سنين خلت من إمرة عمر بن الخطاب وقيل ولد سنة 21 وقيل غير ذلك.

ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق: قيل لأبي إسحاق السبيعي: إن الشعبي يقول: إن الحارث من الكذابين، قال: وهو مثله! الشعبي دخل بيت المال فأخذ في حفنة ثلاثمائة درهم والحارث أعطى من السبي فلم يأخذ حتى خمس. مات الشعبي سنة 104 وقيل 105 وقيل غير ذلك.

انظر: تاريخ دمشق حرف العين: 235. والجرح والتعديل: 6 / 322 ووفيات الأعيان:

3 / 12 وسير أعلام النبلاء: 4 / 294 وتاريخ بغداد: 12 / 227.


الصفحة 202
الرد على رسول الله - صلى الله عليه وآله -.

وروى قول عمر: " علي أقضانا " مرفوعا عنه(1).

و [ روى مرفوعا ](2) عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها أبو الحسن(3).

ورفع حديثا إلى عبد الله قال: كما نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب(4).

وروى حديثا رفعه إلى سعيد بن المسيب قال: ما كان أحد من الناس يقول " سلوني " غير علي بن أبي طالب(5).

____________

(1) الاستيعاب: 3 / 1102 قال: حدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أبو بكر أحمد بن زهير، قال: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا أبو سلمة التبوذكي، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا أبو قروة قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى قال، قال عمر: علي أقضانا.

(2) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(3) الاستيعاب: 2 / 1102 قال: قال أحمد بن زهير، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا مؤمل بن إسماعيل، حدثنا سفيان الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن.

أقول: وقد مرت الإشارة إلى بعض مصادره هامش ص 85.

(4) الاستيعاب: 3 / 1103 قال: حدثنا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن علقمة، عن عبد الله، قال: كنا نتحدث... الحديث.

أقول: وذكره أيضا الحاكم في مستدركه: 3 / 135 والجزري في أسد الغابة: 4 / 32 ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة: 2 / 198 والذهبي في تاريخ الإسلام: 1 / 199 والسيوطي في تاريخ الخلفاء: 66 والهيثمي في الصواعق المحرقة: 76 والهيثمي في مجمع الزوائد:

9 / 116 والقندوزي في ينابيع المودة: 286 والشبلنجي في نور الأبصار: 74.

(5) الاستيعاب: 3 / 1103. قال: قال أحمد بن زهير، وأخبرنا إبراهيم بن بشار، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: ما كان أحد من الناس يقول سلوني غير علي بن أبي طالب.

أقول: ولقد تقدمت الإشارة منا إلى مصادره الأخرى في هامش ص 49 فلاحظ


الصفحة 203
أقول: ومثل أمير المؤمنين عليه السلام لا يقول ذلك مع كثرة الأعداء ووفور الشانئين إلا وهو بمقام المستظهر على الجواب.

ورفع حديثا إلى عائشة، قال: قالت عائشة: من أفتاكم بصوم يوم عاشوراء؟ قالوا: علي، قالت: أما إنه أعلم(1) الناس بالسنة(2).

وفي إسناد متصل عن ابن عباس: والله لقد أعطي علي(3) تسعة أعشار العلم وأيم الله، لقد شاركهم(4) في العشر العاشر(5).

وروى حديثا عن الحسن الحلواني، رفعه إلى ابن مسعود: إن أقضى

____________

(1) المصدر: لا علم.

(2) الاستيعاب: 3 / 1104.

قال ابن عبد البر: قال أحمد بن زهير، وحدثنا محمد بن سعيد الأصفهاني قال: حدثنا معاوية ابن هشام عن سفيان عن قليب عن جبير قال: قالت عائشة... الحديث.

وروى الحديث أيضا الخوارزمي في مناقبه: 46 ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى: 78 والرياض النضرة: 2 / 193 والسيوطي في تاريخ الخلفاء: 66 والآمرتسري في أرجح المطالب: 21 والحمويني في فرائد السمطين: 1 / 368 وابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين: 3 / 48 والمتقي الهندي في كنز العمال: 4 / 343.

(3) المصدر: علي بن أبي طالب.

(4) المصدر: شارككم.

(5) الاستيعاب: 3 / 1104 قال حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا عبد الله بن عمر الجوهري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج، قال حدثنا محمد بن أبي السري، إملاءا بمصر سنة أربع وعشرين ومائتين، قال:

حدثنا عمر بن هاشم الجنبي، قال: حدثنا جويبر، عن الضحاك بن مزاحم، عن عبد الله بن عباس، قال: والله لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر.

أقول ذكره أيضا: ابن الأثير في أسد الغابة: 4 / 22 ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى:

78 والرياض النضرة: 2 / 194 والقندوزي في ينابيع المودة: 70 و 210 و 407 والآمرتسري في أرجح المطالب: 105.


الصفحة 204
أهل المدينة علي بن أبي طالب(1).

هذا بعض من كل أثبته في هذا المقام. إذا عرفت هذا، فإن كان أبو عثمان عرف ما أثبته وقال ما قال، فهو عين المكذب رسول الله، الراد على أصحابه، عمر وغيره، وإن يكن غير عارف بما أثبتناه، فأراه رجلا جاهلا بالسنة جدا متقحما في أخطار يسأل عنها إذ العلم ومعرفة السنة مقدم على الخوض في المسائل الشرعية، وفنون السنة المحمدية.

أضربنا عن هذا، فإن الراد على رسول الله - صلى الله عليه (وآله) - ما ذكر ما يؤخذ على آحاد الفقهاء فكيف على سيد الفقهاء؟ إذ قد ثبت من غير خلاف، أن عليا من الفقهاء المعظمين، ومن اجتهد فلا لوم عليه، ولا نقص يلحقه، وإن خالفه غيره وتعدى قوله سواه.

ولا يقال: إن غيره بمقام الصواب فيما قال، [ وهو بمقام الخطأ فيما قال ](2) وقد ثبتت الرواية عن رسول الله (ص) عندهم، أن كل مجتهد مصيب(3)، وليس فيما ذكر ما يأباه العقل أو ترد عليه السنة، وهو - صلى الله عليه - كيف اختلفت(4) الحال صاحب الحكمة، نصا ذكرته فيما سلف(5)، واعتبارا بالعيان في خطاباته وفنون تسليكاته وتدقيقاته، وبليغ مناطقه وتنبيهاته فالظن به، إذن أحسن ممن لم يرم في مثل هذه المزايا المعظمة بسهم أو يحظ منها بنصيب.

____________

(1) الاستيعاب: 3 / 1105. قال: قال الحسن الحلواني وحدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة قال قال أبي مسعود: إن أقضى أهل المدينة علي ابن أبي طالب.

(2) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(3) راجع المستصفى: 2 / 359 وفواتح الرحموت المطبوع في هامش المستصفى: 2 / 382 عند نقله لحديث " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ".

(4) ن: اختلف.

(5) ص (91).


الصفحة 205
ولكن عدو الدين لا يهاب عارا، ولا يقف بإزاء سنة، ولنذكر من التفصيل ما يليق:

قوله: (إن عليا سكت لما راجعه عثمان في الحجر على عبد الله، بكون الزبير شريكه) غير دال على صواب فعل عثمان وزلل قول أمير المؤمنين - عليه السلام - إذ قد أغضى مقهورا على ما هو أعظم من هذا، ولم يكن عثمان سوقة بحكم أمير المؤمنين - عليه السلام - بل صاحب المنصب الذي يومأ إليه، ولو جد في المخالفة لكان الحاصل عن ذلك مصادمة عثمان وبني أمية وأتباع(1) عثمان، فرأى البلية في الإغضاء أقل من البلية في المنابذة، والحكمة تقتضي العمل بالراجح، وإلغاء(2) المرجوح.

وأما قوله في " المكاتب " فهو عين الاعتبار الموزون، إذ من قرر له شئ في مقابلة شئ فعمل جزءه كان له بحساب الجزء الذي عمل من عمله، جزء ما قرر له.

أقول: وهذا عندنا في المكاتبة المطلقة، وأما امتناع رجمه فليس يلازم(3) كونه لم يتحرر منه شئ بل لأن الرجم إنما يكون في جانب الحر المحض.

وأما قوله في " النصرانية " فإن الذي يروى عن بعض بنيه(4) - وهم أعرف بمذهبه - أنه لا يمكن النصراني من المبيت عندها، ولكنه يأتيها بالنهار. وأما الاختيار فهو كلام أراه مختلا.

____________

(1) ن: أشياع.

(2) ق: القاء.

(3) ن: بلازم.

(4) عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أهل الكتاب وجميع من له ذمة إذا أسلم أحد الزوجين فهما على نكاحهما وليس له أن يخرجها من دار الإسلام إلى غيرها ولا يبيت معها لكنه يأتيها بالنهار.

الاستبصار: 3 / 183. تهذيب الأحكام: 7 / 302 وانظر أيضا فروع الكافي: 5 / 437.


الصفحة 206
وأما الأعور، فإن التدبير فيه موزون جدا، إذا كان في عين الأعور كمال نظره، وفي عين الصحيح شطر نظره، فإذا أفسد الأعور على الصحيح نصف بصره لم يكن للصحيح أن يفسد على الأعور جميع نظره من غير ما رد.

وأما قوله في " الجد " فإنا لا نعرفه مذهبا له، ولو كان فأي محذور يلزم في(1) ذلك؟.

وأما " الجارية " وإلزام المرأة التي افتضتها بالمهر فإنه مناسب، إذ الرجل لو افتض [ المرأة ](2) في نكاح استحقت كمال المهر فكذا هذا.

وأما أن أصحاب عبد الله تعجبوا من ذلك فإن الناقص لا بد يستغرب تدبيرات الكامل، لبعده منها ونزوحه عنها.

وأما أنه كان يحك أصابع الصبيان، فهو مذهبنا، وهو عين الحكمة، إذ المساواة له بالمكلفين غير داخلة في الحكمة لضعف روابطه من قيود العقل التام خلقة، والتجارب أخرى، والإهمال له بالكلية فتح لأبواب الفساد جدا، إذ كان الصبي إذا عدم المواخذة تابع ذلك وأسرعت متابعته في أموال المسلمين، وبتقدير أن يتقرر ذلك عند المفسدين يسلطونه على أموال البرية لأمنهم عليه، ويبلغ المفسدون أغراضهم بعدم الإنكار عليه وذلك خلل عظيم.

وأما ما يتعلق بالقطع فليس في القرآن دليل على قطع رجل السارق.

وأما ما يتعلق باليد، فإن الله تعالى قال: * (فاقطعوا أيديهما) *(3) وقال

____________

(1) ن: من.

(2) لا توجد في: ج.

(3) المائدة: 38.

والآية كاملة هي * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءا بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم) *.


الصفحة 207
تعالى: * (للذين يكتبون الكتاب بأيديهم) *(1) ومعلوم أن الكتابة بالأصابع لا(2) بالكف. وأما ما يتعلق بالطلاق، فإن في الطريق جهالة، والمتن واه. لا يليق بشرف أمير المؤمنين، وهذا عند أهل بيته وبنيه خلط من الحكم.

وأما ما سبق الحديث فيه من طعنه على الأنبياء، فسأومئ إلى شئ منه - لا أحسن الله تعالى جزاه -.

وإن السنة قضت بالستر على من وقعت منه الزلة، وصدرت عنه الخطيئة، قال الله تعالى: * (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم) *(3) فكيف بسادات(4) المؤمنين لو وقع مثلا زلة، أو صدرت عنهم(5) خطيئة؟.

ومن المستغرب كونه يجادل بالهوى عن بعض الصحابة، ويقوى خلاف ذلك بضعف الدين في الطعن على الأنبياء ليقدح في عين الصحابة وسيدهم، وقد قال الله تعالى: * (ولا يغتب بعضكم بعضا) *(6) وهذا خذلان بين(7).

شرع(8) أولا في التعرض بآدم وقد قال الله تعالى: * (وبالوالدين

____________

(1) البقرة: 79.

والآية: * (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيدهم وويل لهم مما يكسبون) *.

(2) ق: دون الكف.

(3) النور: 19 وتمام الآية: * (في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون) *.

(4) ج و ق: سادات.

(5) ن: منهم.

(6) الحجرات: 12.

والآية كاملة: * (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم) *.

(7) ق: من.

(8) العثمانية: 91.


الصفحة 208
إحسانا) *(1). وقال تعالى: * (فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما) *(2).

وهذا عكس ما اعتمد أبو عثمان(3).

وقال تعالى: * (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا) *(4) ومن الآثار والسنة شاهد بتوقير الوالد وليس من توقيره ذكر نقائصه.

وطعن(5) على موسى بقتل النفس بعد مغفرة الله تعالى له ذلك، وقال الله تعالى: * (ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) *(6) وطعن على ذي النون وذلك بعد الرضا عنه.

____________

(1) النساء: 36.

والآية: * (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا) *.

(2) الإسراء: 23.

والآية: * (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما) *.

(3) فإنه قال رادا على الشيعة: ويقال لهم هل تعلمون أن الله ذكر آدم وهو أول النبيين فقال: * (فنسي ولم نجد له عزما) *. انظر العثمانية: 91.

(4) العنكبوت: 8.

وتتمة الآية: * (وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون) *.

(5) العثمانية: 91.

(6) الحجرات: 11.

والآية: * (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون) *.


الصفحة 209
وذكر(1) قصة داود وسليمان، وليس ذلك من الأخذ في شئ لأنه غاية(2) ما حكى أن قضية ذهبت عن داود وأصابها سليمان.

وطعن على داود بحديث الخصمين، وليس في ذلك الطعن، لأنهما جاءا(3) معرفين له أن منازعة " أوريا " مرجوحة لكثرة نساء داود دون " أوريا " ولم يقل أحد أن الأنبياء لا يعاتبون ويسلكون(4) وينتهون(5) من قبل الله تعالى.

وأورد(6) على رسول الله - صلى الله عليه وآله - قوله تعالى: * (عبس وتولى) *(7).

وقد ذكر بعض الأفاضل أن ذلك العتاب لم يكن له بل لغيره.

وأورد عليه: * (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) *(8).

وقد أجاب العلماء عن ذلك من وجوه:

أحدها ليغفر لغيرك ذنبه إليك.

وأورد عليه المعاتبة في الأسرى(9) والجواب عنه: بما أن عليا - عليه السلام - سلك الطريق وأوضحت له المحجة، وتبينت له الأحكام بما ثبت من

____________

(1) العثمانية: 91.

(2) ن: عاب.

(3) ن: جاء.

(4) ن: كلمة غير واضحة كذا رسمها: سايكون.

(5) ن: ينهون.

(6) العثمانية: 92.

(7) عبس: 1.

(8) الفتح: 2.

وتتمتها * (ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما) *.

(9) إشارة إلى قوله تعالى: * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم. لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) * الأنفال: 67 و 68.