وتقول الجارودية إن الذي من الفتوح كان ببركة الإسلام وجهاد من جاهد من المسلمين وإشارة أمير المؤمنين - عليه السلام - بإنفاذ الجيوش إلى فارس وتخلف عمر عنهم، وذلك أصل روح الفتوح.
وقد ذكر(2) أبو عمر يوسف بن عبد البر صاحب كتاب " الاستيعاب " أنه لما ورد على عمر، إجماع أهل أصبهان وهمدان والري وأذربيجان وأن ذلك أقلقه شاور أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فأشار عليه علي بن أبي طالب - عليه السلام -(3) أن يبعث إلى أهل الكوفة فيسير ثلثاهم (كذا) ويبقى ثلثهم على ذراريهم [ وأيضا ](4) إلى أهل البصرة، وأن الله تعالى فتح عليه أصبهان وذلك ببركة رأي أمير المؤمنين - صلوات الله عليه -.
وهذا عاضد لما وصفناه به من حكمته ومجيد رأيه(5) وشرف بصيرته.
قال - بعد ما حكينا عنه من الخرافات الرادة على رسول الله - صلى الله عليه وآله - في وصفه أمير المؤمنين - عليه السلام - بالحكمة والفضل الجم والخيرية على جميع البشر -: (إن عليا ما كان يساوي أبا بكر ولا يجاريه ولا يدانيه ولا يقاربه، وأنه كان في طبقة أمثاله، طلحة، والزبير وعبد الرحمن وسعد)(6).
والجواب عن هذا السبب بما أنه غير مستغرب(7) ممن سب الله تعالى أن
____________
(1) ن: مصدوفا.
(2) لم أعثر عليه في كتاب الاستيعاب ولكن أبا نعيم أيضا ذكره في أخبار أصفهان: 1 / 19.
(3) ن: ويبعث.
(4) لا توجد في: ن.
(5) ن: اراءه.
(6) العثمانية: 97.
(7) ن: بعيد.
كان علي قبل تحكيمه | جلدة بين العين والحاجب |
ولو أن هذا الخبيث عول على عمدة يبني عليها، أو سيرة بينة يشار إليها، كان لقوله وجه، ولكنه يتفوه(1) بما تفوه به، غير معتمد على أس ولا بان على أصل، شغل الحنق(2) الشانئ، وقاعدة المبغض القالي.
وقد ذكرنا ما يرد عليه من ذلك ونزيده(3) إيضاحا بعد حديثين نذكرهما شاهدين بفضله على جميع العرب، أحدهما(4) يقتضي الفضل على جميع المسلمين.
روى(5) [ صاحب العمدة ](6) عن ابن المغازلي بإسناده المتصل عن رسول الله: إن عليا سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين(7).
____________
(1) ن: تفوه.
(2) الحنق: الحاقد.
(3) ج و ق: يزيده.
(4) في كل النسخ: وأحدهما.
(5) في كل النسخ: وروى.
(6) في كل النسخ رمز إليه بحرف (ع) انظر: العمدة لابن البطريق: 356.
(7) مناقب ابن المغازلي: 104 قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد البيع البغدادي فيما كتب به إلي يخبرني أن أبا أحمد عبيد الله بن أبي مسلم الفرضي حدثهم قال: حدثنا: أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ حدثنا محمد بن إسماعيل بن إسحاق حدثنا محمد بن عديس حدثنا جعفر الأحمر حدثنا هلال الصواف عن عبد الله بن كثير - أو كثير بن عبد الله - عن ابن أخطب عن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة الأنصاري عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم: - لما كان ليلة أسري بي إلى السماء إذا قصر أحمر بن ياقوت يتلألأ فأوحى إلي في علي أنه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين.
=>
____________
<=
وبطريق ثان عن عبد الله بن أسعد بن زرارة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
انتهيت ليلة أسري بي إلى سدرة المنتهى، فأوحى إلي في علي ثلاث: إنه إمام المتقين وسيد
المسلمين وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم.
ورواه أيضا الحاكم في مستدركه: 3 / 137 بزيادة في أوله: أوحي إلي في على ثلاث.
وذكره أيضا المتقي في كنز العمال: 6 / 157 بزيادة في أوله: لما عرج بي إلى السماء انتهى بي
إلى قصر من لؤلؤ من ذهب يتلألأ فأوحى إلي ربي في علي ثلاث خصال (وساق الحديث).
وذكره أيضا بطريق ثان: 6 / 157 قال في أوله: ليلة أسري بي أتيت على ربي عز وجل فأوحى
إلي في علي بثلاث... إلى آخره.
وذكره أيضا ابن حجر في الإصابة: ج 4 القسم 1 ص 33 وابن الأثير في أسد الغابة: 1 / 69
و 3 / 116 والمحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 177 والهيثمي في مجمع الزوائد:
9 / 121.
وذكر أبو نعيم في حلية الأولياء: 1 / 66.
بسنده عن الشعبي قال: قال علي عليه السلام: قال لي رسول الله صلى الله عليه (وآله)
وسلم: مرحبا بسيد المسلمين وإمام المتقين فقيل لعلي عليه السلام: فأي شئ كان من
شكرك؟ قال: حمدت تعالى على ما أتاني، وسألته الشكر على ما أولاني وأن يزيدني مما
أعطاني.
وذكر أيضا أبو نعيم في حليته: 1 / 63.
بسنده عن أنس: قال: قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: يا أنس اسكب لي وضوء،
ثم قام فصلى ركعتين ثم قال: يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد
المسلمين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين، قال أنس: قلت اللهم اجعله رجلا من
الأنصار، وكتمته إذ جاء علي عليه السلام فقال: من هذا يا أنس؟ فقلت: علي فقام مستبشرا
فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه ويمسح عرق علي عليه السلام بوجهه، قال علي عليه
السلام: يا رسول الله لقد رايتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبل، قال: وما يمنعني وأنت
تؤدي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي.
(1) في كل النسخ: تنظرين.
(2) لا توجد في: ن.
____________
(1) مناقب ابن المغازلي: 213.
بسنده عن سلمة بن كهيل قال: مر علي بن أبي طالب على رسول الله (ص) وعنده عائشة فقال:
يا عائشة إذا سرك أن تنظري إلى سيد العرب فانظري إلى علي بن أبي طالب فقلت: ألست سيد العرب؟ فقال: أنا إمام المسلمين وسيد المتقين فإذا سرك أن تنظري إلى سيد العرب فانظري إلى علي بن أبي طالب.
وذكر حديثين آخرين أحدهما بسنده عن سعيد بن جبير عن عائشة قالت: أقبل علي بن أبي طالب فقال النبي (ص): من سره أن ينظر إلى سيد شباب العرب فلينظر إلى علي، فقلت: يا رسول الله ألست سيد شباب العرب؟ قال: أنا سيد ولد آدم وعلي سيد شباب العرب.
والحديث الآخر بسنده عن سعيد بن جبير عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب.
وأيضا رواه الخطيب البغدادي في تاريخه: 11 / 89.
بسنده عن سلمة بن كهيل قال: مر علي بن أبي طالب عليه السلام على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم وعنده عائشة فقال لها إذا سرك أن تنظري إلى سيد العرب فانظري إلى علي بن أبي طالب، فقالت: يا نبي الله ألست سيد العرب؟ فقال: أنا إمام المسلمين وسيد المتقين، وإذا سرك أن تنظري إلى سيد العرب فانظري إلى علي بن أبي طالب.
وذكره أيضا المتقي في كنز العمال: 6 / 157 وأيضا في كنز العمال: 6 / 400 قال:
عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله أنت سيد العرب، قال: أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب.
وذكر أبو نعيم في حلية الأولياء: 5 / 38.
بسنده عن الحسين بن علي عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: يا أنس إن عليا سيد العرب فقالت عائشة ألست سيد العرب؟ قال: أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب.
وروى الحاكم في مستدرك الصحيحين: 3 / 124.
بسنده عن سعيد بن جبير عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه (وآله) وسلم - قال: أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب.
وأيضا الحاكم في مستدركه: 3 / 124.
بسنده عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: ادعو لي سيد
=>
قال رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] وسلم -: إن الله عز وجل خلق خلقا ليس من ولد آدم ولا من ولد إبليس، يلعنون مبغض(1) علي بن أبي طالب، قيل(2) يا رسول الله و(3) من هم؟ قال:(4) القنابر ينادون في السحر على رؤوس الشجر، ألا لعنة الله على مبغض(5) علي بن أبي طالب(6).
وروى أبو نعيم بإسناده إلى مقاتل بن سليمان في قول الله عز وجل: * (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا) * الآية(7) نزلت في علي بن أبي طالب - عليه السلام - وذلك أن نفرا من المنافقين كانوا يؤذونه ويكذبون عليه(8).
____________
<=
العرب فقلت: يا رسول الله ألست سيد العرب؟ قال: أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب.
وروى الهيثمي في مجمعه: 9 / 116 وابن حجر في صواعقه: ص 73 وأبو نعيم أيضا في حلية
الأولياء: 1 / 63 والمحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 177 أحاديث بالمضامين المتقدمة
(1) في المصدر: مبغضي.
(2) في المصدر: قالوا.
(3) في المصدر: من هم.
(4) في المصدر بإضافة: هم.
(5) في المصدر: مبغضي.
(6) مناقب ابن المغازلي: 142 حديث 187 قال:
أخبرنا أبو نصر بن الطحان إجازة عن القاضي أبي الفرج الخيوطي قال: حدثني أحمد بن
الحسن أخبرنا محمد بن الحسن حدثنا المقدام بن داود حدثنا أسد بن موسى حدثنا حماد بن
سلمة عن ثابت عن أنس... وساق الحديث وأخرجه عبد الله الشافعي في مناقبه وجمال الدين
ابن حسنويه في در بحر المناقب على ما في إحقاق الحق: 7 / 221.
(7) تتمها: * (فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) *. الأحزاب: 58.
(8) ما نزل من القرآن في علي: مخطوط وذكره أيضا الزمخشري في الكشاف في تفسير الآية قال:
وقيل: نزلت في ناس من المنافقين يؤذون عليا عليه السلام ويسمعونه وأيضا ذكره الواحدي في
أسباب النزول: ص 273.
وذكره الزمخشري أيضا في الكشاف في تفسير قوله: * (إن الذين أجرموا كانوا من الذين
آمنوا يضحكون) * في سورة المطففين قال:
=>
قال: (فإن قالوا: إن عليا كان أزهد فيما تناحر(4) الناس عليه، ولأن أزهد الناس في الدنيا أعلمهم بأعمال الآخرة(5)، قلنا: صدقتم في صفة الزهد، ولكن أبا بكر أزهد منه)(6).
وتعلق: (بأنه كان ذا مال كثير فأنفقه في سبيل الله، وكانت تركته يوم مات بعير ناضح(7) وعبد صيقل(8) مع الخلافة وكثرة الفتوح والغنائم والخراج والصدقة، وكان علي مخفقا، يعال ولا يعول، فاستفاد الرباع والمزارع، والعيون، والنخيل، ومات ذا مال وأوقاف وما يحسب ماله ووقفه بينبع إلا مثل كل شئ ملكه أبو بكر مذ كان في الدنيا إلى أن فارقها وتزوج فأكثر وطلق فأكثر حتى عابه بذلك معاوية)(9).
____________
<=
وقيل: جاء علي بن أبي طالب عليه السلام في نفر من المسلمين فسخر منهم المنافقون
وضحكوا وتغامزوا ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا: رأينا اليوم الأصلع، فضحكوا منه فنزلت قبل
أن يصل علي عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم.
وذكره أيضا الفخر الرازي في تفسيره في ذيل الآية المذكورة: 31 / 101.
(1) ج و ق: السديد.
(2) ن: التقبيح.
(3) ن: للصحابة.
(4) ق: شاجر. وتناحر الناس عليه: تخاصموا وتشاحوا فكاد بعضهم ينحر بعضا (المنجد).
(5) في المصدر: ولأن أزهد الناس في الدنيا أرغبهم في الآخرة، ولأن أرغبهم في الآخرة أعلمهم
بأحوال الآخرة.
(6) العثمانية: 97.
(7) ن بزيادة: كتابة.
(8) ن: عبد صقلبي، وعبد صيقل: نحيف، يقال: صقلت الناقة إذا أضمرتها وصقلها السير إذا
أضمرها (لسان العرب: صقل).
(9) العثمانية: 97 - 98.
وذكر: (إنه رد عمالته على بيت المال، أوصى بذلك بني تيم، ولم ينقل عن علي ذلك)(3).
وضعف مقابلة ذلك بكونه (كان ينضح بيت المال في كل جمعة ويصلي فيه ركعتين بما أنه فرق بين من يعطي ماله إلى من يعطي مال غيره)(4).
ويحسن أن أنشد عند هذا:
هتفت تبارى البدر والبدر كامل | منير بدت في الخافقين ذوائبه |
ترفع عن شبه ولو مد باعه | ضياءا تراءت زهره وثواقبه |
يحالفه من طاب فرعا ومحتدا | كما يتجافاه خبيث مناسبه |
سيجني ثمار البغي والعرض قائم | وقد رجفت أخطاره ونوائبه |
وكان قسيم الخلد والنار آمنا | به ري ظمآن عدته(5) مشاربه |
كما لأعاديه الشقاء وذائد | عن الحوض رصت بالنمير جوانبه |
وأقول بعد: هذا غير [ صالح ](6) في الطعن على الصحابة بل على من يسلط الطعن على الصحابة والقرابة مؤكدا بذلك الوقيعة بين المسلمين.
ومن الجواب له عما سبح فيه كلام أمير المؤمنين - عليه السلام -
____________
(1) لا توجد في: ق.
(2) العثمانية: 98.
(3) العثمانية: 98.
(4) العثمانية: 99.
(5) ج: غذته.
(6) في النسخ: سالح.
وأما أبو عثمان فليس من ذوي الأنساب العريقة، والمنازل في الدنيا الرفيعة، فيحسد عليها أربابها، وينازع(3) أصحابنا، ولا له بالقبيلين تعلق نسب(4) أو موالاة بعبودية على ما أعرف.
وهذا يدلك على أنه خبيث الولادة، ردئ الطبيعة: إذ النبي - صلى الله عليه وآله - قال: بوروا(5) أولادكم بحب علي(6).
____________
(1) الكتاب رقم 28 من نهج البلاغة.
(2) ق: عشرة.
(3) ن: يبارع.
(4) ق: كسب.
(5) ن: برروا وبوروا: اختبروا، باره يبوره: جربه واختبره.
(6) ذكره الحافظ الجرزي في أسنى المطالب: 8.
عن أبي سعيد الخدري قال: كنا معشر الأنصار نبور أولادنا بحبهم عليا - رضي الله عنه - فإذا ولد فينا مولود فلم يحبه عرفنا أنه ليس منا.
وأيضا في نفس الكتاب المذكور ص 8.
ذكر عن عبادة بن الصامت: كنا نبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، فإذا رأينا أحدهم لا يحب علي بن أبي طالب علمنا أنه ليس منا وأنه لغير رشدة.
ثم قال الحافظ المذكور بعد ذكر هذا الحديث:
وهذا مشهور من قديم وإلى اليوم أنه ما يبغض عليا - رضي الله عنه - إلا ولد زنا.
وكذلك ذكره الشيخ محمد طاهر بن علي الصديقي في مجمع بحار الأنوار 1 / 121 (على ما في إحقاق الحق: 7 / 266) قال:
=>
قال: إي ورب الكعبة(7).
____________
<=
ومنه: كنا نبور أولادنا بحب علي. وقال الزبيدي في تاج العروس في مادة (بور):
ومنه الحديث، كنا نبور أولادنا بحب علي رضي الله عنه -. وذكر الحديث أيضا ابن الأثير في
النهاية: 161 مادة (بور) وقد تقدم منا ذكر بعض المصادر التي أشارت إلى أن بغض علي دليل
على خبث الولادة وحبه على طيب الولادة هامش ص (23).
(1) ق: بثيع.
(2) في المصدر: فقال رسول الله (ص).
(3) في المصدر: وولي لمن والاهم وعدو لمن عاداهم.
(4) في المصدر: طيب المولد.
(5) في المصدر: لزيد.
(6) في المصدر: أنت سمعت أبا بكر يقول هذا؟.
(7) مناقب الخوارزمي: 211 قال: وبهذا الإسناد عن أبي سعد السمان هذا أخبرني أبو سعيد أحمد
ابن محمد الماليني بقرائتي عليه حدثني أبو بكر محمد بن يحيى بن حيان الدير عاقولي حدثني
محمد بن الحسين بن حفص الأشناني حدثني محمد بن علي الفارسي عن سليمان بن حرب عن
يونس بن سليمان التميمي عن أبيه عن زيد بن يثيع قال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: رأيت
رسول الله صلى الله عليه [ وآله ]... الحديث ورواه أيضا المحب الطبري في الرياض النضرة:
2 / 199.
وفي أسد الغابة: 3 / 11.
بسنده عن صبيح مولى أم سلمة قال: كنت بباب رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] وسلم - فجاء
علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فجلسوا ناحية، فخرج رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم فقال: إنكم على خير، وعلى كساء خيبري فجللهم به فقال: أنا حرب لمن
حاربكم، سلم لمن سالمكم.
وذكره أيضا الهيثمي في مجمعه: 9 / 169.
=>
وللجارودية من الزيدية أن يقولوا: فرق بين دعوى لم يعضدها البرهان ودعوى عضدها البرهان، إذ قد روى غيرنا ممن لا يتهم نزول الآي المتكاثر في صدقة علي، وشكر الله تعالى له على ذلك وثناءه عليه، مثل قوله تعالى: * (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا. ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكور إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا. متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها
____________
<=
وروى الترمذي في صحيحه: 2 / 319.
بسنده عن صبيح مولى أم سلمة عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال
لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام: أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم.
وروى هذا أيضا ابن ماجة في صحيحه: ص 14 والحاكم في مستدركه: 3 / 149 وابن الأثير في
أسد الغابة: 5 / 523 والمتقي في كنز العمال: 6 / 216 والمحب الطبري في ذخائر العقبى:
ص 25.
وروى أحمد بن حنبل في مسنده: 2 / 442.
بسنده عن أبي هريرة، قال: نظر النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم إلى علي والحسن والحسين
وفاطمة عليهم السلام فقال: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم.
ورواه أيضا الحاكم في مستدركه: ص 149 والخطيب البغدادي في تاريخه: 7 / 136 والمتقي
في كنز العمال: 6 / 216.
وذكر المحب الطبري في ذخائر العقبى: ص 23 قال:
وعنها: يعني أم سلمة قالت كان النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم عندنا منكسا رأسه فعملت له
فاطمة عليها السلام حريرة فجاءت ومعها حسن وحسين عليهما السلام فقال لها النبي صلى الله
عليه (وآله) وسلم: أين زوجك؟ اذهبي فادعيه فجاءت به فأكلوا فأخذ كساء فأداره عليهم
وأمسك طرفه بيده اليسرى، ثم رفع اليمنى إلى السماء وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي
وخاصتي، اللهم اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا أنا حرب لمن حاربهم، سلم لمن
سالمهم، عدو لمن عاداهم.
روى ذلك الثعلبي(2) وأبو نعيم الحافظ(3)، رواه الثعلبي بأسانيد متعددة، عن ابن عباس في قول الله عز وجل: * (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) *(4) قال: مرض الحسن والحسين فعادهما جدهما محمد رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - ومعه أبو بكر، وعمر، وعادهما عامة العرب، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت نذرا، وكل نذر لا يكون له وفاء فليس بشئ، فقال علي - رضي الله عنه -: إن برأ ولداي مما بهما، صمت لله ثلاثة أيام شكرا وذكر عن فاطمة وفضة نحو ذلك، فبرءا وليس عند آل محمد قليل ولا كثير، فانطلق علي إلى شمعون بن حانا(5) الخيبري، وكان يهوديا، فاستقرض منه ثلاثة أصوع من شعير.
وفي حديث المزني عن ابن مهران: فانطلق علي إلى جار له من اليهود يعالج الصوف، يقال له شمعون بن حانا(6) فقال: هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها ابنة محمد - صلى الله عليه [ وآله ] - بثلاثة أصوع من شعير؟
فقال - نعم فأعطاه، فجاء بالصوف والشعير فأخبر فاطمة بذلك، فقبلت
____________
(1) الدهر: 7 إلى 22.
(2) الكشف والبيان: مخطوط.
(3) ما نزل من القرآن في علي: مخطوط.
(4) الدهر: 7.
(5) ق: جانا.
(6) ق: جانا.
فلما كان اليوم الثاني، قامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزته(4) وصلى علي مع النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - ثم أتى المنزل، فوضع الطعام بين يديه فأتاهم يتيم فوقف بالباب، فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، يتيم من
____________
(1) ج و ق: قرصا.
(2) ن: أتى إلى المنزل.
(3) والشعر كما جاء في تفسير القرطبي: 19 / 129.
فاطم ذات الفضل واليقين | يا بنت خير الناس أجمعين |
أما ترين البائس المسكين | قد قام بالباب له حنين |
يشكوا إلى الله ويستكين | يشكو إلينا جائع حزين |
كل أمري بكسبه رهين | وفاعل الخيرات يستبين |
موعدنا جنة عليين | حرمها الله على الضنين |
وللبخيل موقف مهين | تهوى به النار إلى سجين |
شرابه الحميم والغسلين | من يفعل الخير يقم سمين |
فأنشات فاطمة رضي الله عنها تقول:
أمرك عندي يا بن عم طاعة | ما بي من لوم ولا وضاعة |
غديت في الخبز له صناعة | أطعمه ولا أبالي الساعة |
أرجو إذا أشبعت ذا المجاعة | أن ألحق الأخيار والجماعة |
(4) ق: وأخبزته.
فلما كان في اليوم الثالث قامت فاطمة - رضي الله عنها - إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته(2) وصلى علي مع النبي - صلى الله عليه [ وآله ] وسلم - ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم أسير فوقف بالباب، فقال:
السلام عليكم، أهل بيت محمد، تأسرونا وتشدونا ولا تطعمونا، أطعموني فإني أسير محمد أطعمكم الله من(3) موائد الجنة. فسمعه علي وذكر شعرا(4)
____________
(1) وهو أيضا كما جاء في المصدر السابق:
فاطم بنت السيد الكريم | بنت نبي ليس بالزنيم |
لقد أتى الله بذي اليتيم | من يرحم اليوم يكن رحيم |
ويدخل الجنة أي سليم | قد حرم الخلد على اللئيم |
إلا يجوز (كذا) الصراط المستقيم | يزل في النار إلى الجحيم |
فأنشات فاطمة رضي الله عنها تقول:
أطعمه اليوم ولا أبالي | وأؤثر الله على عيالي |
أمسوا جياعا وهم أشبالي | أصغرهم يقتل في القتال |
بكربلا يقتل باغتيال | يا ويل للقاتل من وبال |
تهوى به النار إلى سفال | وفي يديه الغل والأغلال |
(2) ق: أخبزته.
(3) ج: على.
(4) وهو أيضا كما جاء في تفسير القرطبي: 19 / 129.
فاطم يا بنت النبي أحمد | بنت نبي سيد مسود |
وسماه (كذا) الله فهو محمد | قد زانه الله بحسن اغيد |
=>
فلما أن كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم، أخذ علي - رضي الله عنه - بيده اليمنى الحسن، وبيده اليسرى الحسين، وأقبل نحو رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع، فلما بصر به النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - قال: يا أبا الحسن ما أشد ما يسوؤني(1) ما أرى بكم، انطلق إلى ابنتي فاطمة، فانطلقوا إليها وهي في محاربها، قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها، فلما رآها النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - قال: واغوثاه يا أهل بيت [ محمد ](2) تموتون جوعا، فهبط جبرئيل - عليه السلام - فقال: يا محمد، خذها هناك الله في أهل بيتك، قال: وما آخذ يا جبرئيل؟ فأقرأه * (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) * إلى قوله:
* (إنما نطعمكم لوجه الله، لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا) * إلى آخر السورة. قال: وزاد ابن مهران في هذا الحديث: فوثب النبي - صلى الله عليه
____________
<=
هذا أسير للنبي المهتد مثقل في غله مقيد يشكو إلينا الجوع قد تمدد من يطعم اليوم يجده في غد عتد العلى الواحد الموحد ما يزرع الزارع سوف يحصد
فأنشأت فاطمة رضي الله عنها تقول:
لم يبق مما جاء غير صاع | قد ذهبت كفى مع الذراع |
ابناي والله هما جياع | يا رب لا تتركهما ضياع |
أبوهما للخير ذو اصطناع | يصطنع المعروف بابتداع |
عبل الذراعين شديد الباع | وما على رأسي من قناع |
(1) ن: ساءني.