الصفحة 253

مزايا إذا ما قابل الشمس ضوؤهامحي ضوؤها منه السناء المحلق(1)
يحلي ذرى تيجانها الحق إذ حوى(2)شوارد قد أضنى(3) علاها التفرق(4)

قال: (واجتمع أهل التأويل على أن قوله: * (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم) *(5) نزلت في أبي بكر وأبي جهل)(6).

أقول: إني اعتبرت ما اتفق من كتب التفسير، تصانيف أهل السنة، فما رأيت لما ادعى الاتفاق عليه ذكرا [ أصلا ](7) ومن فظيع سوء الأدب قوله:

[ " قوله " إشارة ](8) إلى إله الوجود غير معظم، ولا مفخم، ولا ذاكر له أصلا(9).

[ و ](10) قال: ([ وقال ](11) تعالى: * (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى) * الآية(12) يعني أبا بكر في إنفاقه المال وعتقه الرقاب، والمعذبين، * (وتولى) *(13) يعني أبا جهل، وليس في الأرض صاحب تأويل خالف تأويلنا، ولا

____________

(1) في الهامش: للمصنف لا عدمت الدنيا أنواره.

(2) ن: هوى.

(3) ن: أخنى. وق: أضبى. وأضنى: إذا تمكن منه الضعف والهزال (المنجد).

(4) ن: التعلق.

(5) الملك: 22.

(6) العثمانية: 113 - 114.

(7) لا توجد في: ن.

(8) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(9) فإن الجاحظ قال: واجتمع أهل التأويل على أن " قوله ": أفمن يمشي... إلى آخره فلم يأت بكلمة تدل على تفخيم الإله سبحانه وتعالى.

(10) لا يوجد في: ق.

(11) لا يوجد في: ن.

(12) الليل: 5 و 6.

(13) إشارة إلى الآية 16 من سورة الليل: * (الذي كذب وتولى) *.


الصفحة 254
رد قولنا أن هذه الآية نزلت في أبي بكر)(1).

والذي أقول على هذا: إنه كذب من عدة وجوه أنا حاكيها عن(2) جهة لا تتهم ولا تستغش.

قال الثعلبي الشيخ [ المقدم ](3) في علم التفسير الشافعي: وقال أبو عبد الرحمن السلمي: والضحاك، * (وصدق بالحسنى) * لا إله إلا الله، وهي رواية عطية عن ابن عباس وقال مجاهد: بالجنة ودليله: قوله: * (للذين أحسنوا الحسنى) *(4) وقال قتادة ومقاتل والكلبي: موعود الله.

وقال ما صورته: وقيل نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ولم يسند ذلك ولا حكاه عن مفسر(5).

ورواه أيضا مرفوعا من طريق هشام بن عروة عن سالم وعن هشام بن عروة عن أبيه، وآل الزبير وجههم عبد الله وشيخهم ومقدمهم، وكان عدوا للبيت العلوي.

ورواها أيضا عن ابن الزبير عن سعيد بن المسيب غير مرفوع وهذا الذي حكيناه يظهر منه كذب المشار إليه، لأنه ادعى أن معنى * (الحسنى) * الصدقة التي وقعت منه إجماعا.

وقد حكيت عن جماعة ليس المراد " بالحسنى " الصدقة.

وجه ثان في الأخذ عليه، إذ حكى أن الجملة الأخيرة نزلت في أبي جهل

____________

(1) العثمانية: 114.

(2) ن: من.

(3) لا توجد في: ن.

(4) يونس: 26 وتتمتها: * (وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة، أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) *.

(5) الكشف والبيان: مخطوط.


الصفحة 255
إجماعا، وحكى الثعلبي عن الكلبي: أنها نزلت في أبي سفيان بن حرب(1).

وجه ثالث في الأخذ عليه في ادعائه الإجماع على أنها نزلت في أبي بكر: قال الثعلبي: وأخبرنا أبو القاسم، يعقوب بن أحمد بن السروي العروضي في " درب الحاجب "، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله العماني الحفيد، حدثنا محمد بن سوار بن شبان(2) حدثنا علي بن حجر، عن إسحاق بن نجيح عن عطاء، قال: كان لرجل من الأنصار نخلة وكان له جار، وكان يسقط من نخلها في دار(3) جاره، وكان صبيانه يتناولون، فشكى ذلك إلى النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - فقال له النبي - صلى الله عليه [ وآله ] -: بعينها بنخلة في الجنة، فأبى، قال: فخرج فلقيه أبو الدحداح فقال [ له ](4): هل لك أن تبعنيها(5) بحبس؟ يعني حائطا فقال: هي لك، فأتى النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - فقال: يا رسول الله أتشتريها مني بنخلة في الجنة؟ قال: نعم، هي لك فدعى النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - جار الأنصاري فقال: خذها، فأنزل الله تعالى: * (والليل إذا يغشى) * إلى قوله: * (إن سعيكم لشتى) *(6) أبو الدحداح، والأنصاري صاحب النخلة، * (فأما من أعطى واتقى) *(7) أبو الدحداح، وصدق " بالحسنى "(8) يعني الثواب وأن * (الأشقى) *(9) صاحب

____________

(1) الكشف والبيان: مخطوط.

(2) ن: سنان.

(3) ن: داره ولا توجد فيها كلمة (جاره).

(4) لا توجد في: ج و ن.

(5) ن: تبيعنيها.

(6) * (والليل إذا يغشى. والنهار إذا تجلى. وما خلق الذكر والأنثى. إن سعيكم لشتى) * الليل:

1 - 4.

(7) الليل: 5.

(8) الليل: 6.

(9) إشارة إلى الآية: * (لا يصلاها إلا الأشقى) * الليل: 15.


الصفحة 256
النخلة قال: * (وسيجنبها الأتقى) *(1) يعني أبا الدحداح * (الذي يؤتى ماله يتزكى) *(2) أبا الدحداح، * (وما لأحد عنده من نعمة تجزى) *(3) يكافئه بها، يعني أبا الدحداح، فكان النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - يمر بذلك الحبس وعذوقه دانية فيقول: عذوق وأي عذوق لأبي الدحداح في الجنة.

وروى بعض أشياخنا(4) عن ابن عباس، أنها نزلت في أبي الدحداح وروى الواحدي في الوسيط(5) - وما يبعد أن يكون منحرفا عن أهل بيت النبوة - قال حدثنا الشيخ أبو معمر المفضل بن إسماعيل، إملاءا بجرجان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ، حدثنا(6) أبو الحسن علي بن الحسين(7) بن هارون، حدثنا العباس بن عبد الله اليرفعي(8) حدثنا حفص بن عمر، حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة، عن ابن عباس وذكر قصة النخلة(9) وبين القصتين تفاوت، ولم يذكر أبا الدحداح بل ذكر رجلا

____________

(1) الليل: 17.

(2) الليل: 18.

(3) الليل: 19.

(4) لعله الشيخ الطبرسي فقد ذكر ذلك في تفسير مجمع البيان: 10 / 501 و 502.

(5) الوسيط: مخطوط.

(6) في المصدر: أخبرنا وكذلك البقية.

(7) ن: الحسن وكذا في المصدر.

(8) ن: اليرفقى وفي المصدر الترقفى.

(9) قال في أسباب النزول ص 254:

إن رجلا كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي عيال وكان الرجل إذا جاء ودخل الدار فصعد النخلة ليأخذ منها التمر فربما سقطت التمرة فيأخذها صبيان الفقير فينزل الرجل من نخلته حتى يأخذه التمرة من فمهم، فإن وجدها في فم أحدهم أدخل إصبعه حتى يخرج التمرة من فيه فشكا الرجل ذلك إلى النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وأخبره بما يلقى من صاحب النخلة فقال له النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم: اذهب ولقى صاحب النخلة وقال: تعطيني نخلتك الماثلة التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنة؟ فقال له الرجل: إن لي نخلا كثيرا وما فيها نخلة أعجب إلي ثمرة منها، ثم ذهب الرجل فلقى رجلا هو ابن الدحداح كان يسمع الكلام من

=>


الصفحة 257
مجهولا فقال(1) بعد ذلك: فأنزل(2) الله تعالى: * (والليل إذا يغشى، والنهار إذا تجلى، وما خلق الذكر والأنثى، إن سعيكم لشتى) *(3) ثم حكى عن المفسرين بعد ذلك أنها نزلت في أبي بكر(4) ولا أعرف في رجال الحديثين الذين رويناهما مقولا فيها، متهما في الافتراء.

إذا عرفت هذا، ظهر لك أن أبا عثمان رجل ردئ جدا أو جاهل جدا وكيف تقلبت الحال فهو غير صالح للقاء الخصوم ومبارزة فرسان المباحث ومتى فتح باب الجهل والعناد فتح على أبي عثمان من ذلك من لا طاقة له به وهو يأباه.

قال: (وأما قوله تعالى: * (قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد) * إلى قوله تعالى * (أليما) *(5) فزعم ابن عباس: أن القوم بنو حنيفة وأن أبا بكر تولى حربهم وزعم غيره أنهم فارس والروم فإن المستشير إلى

____________

<=

رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فقال: يا رسول الله أتعطيني ما أعطيت الرجل نخلة في الجنة إن أنا أخذتها؟ قال: نعم، فذهب الرجل فلقى صاحب النخلة فساومها منه فقال له:

أشعرت أن محمدا أعطاني بها نخلة في الجنة؟ فقلت: يعجبني ثمرها، فقال له الآخر، أتريد بيعها، قال: لا إلا أن أعطي بها ما لا أظنه أعطى، قال: فما مناك؟ قال: أربعون نخلة قال له الرجل: لقد جئت بعظيم تطلب بنخلتك المائلة أربعين نخلة ثم سكت عنه، فقال له: أنا أعطيك أربعين نخلة، فقال له: اشهد لي إن كنت صادقا فمر ناس فدعاهم فأشهد له بأربعين نخلة، ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فقال: يا رسول الله إن النخلة قد صارت في ملكي فهي لك، فذهب رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم إلى صاحب الدار فقال: إن النخلة لك ولعيالك، فأنزل الله تبارك وتعالى * (والليل إذا يغشى. والنهار إذا تجلى. وما خلق الذكر والأنثى. إن سعيكم لشتى) *.

(1) قد: وبعد ذلك.

(2) ق: أنزل.

(3) الليل: 1 - 4.

(4) أنظر أسباب النزول: 254 و 255.

(5) الفتح: 16 والآية كاملة هي * (قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله إجراء حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما) *.


الصفحة 258
قتال الروم، أبو بكر وإن كان عمر هو المقاتل لكسرى، فإن ذلك راجع إلى أبي بكر)(1). قال: (ومثل هذا كثير، ولم يجئ المجى الذي يحتج به المنصف والمرشد ولكن الحجة القاطعة، وإجماع المفسرين في الآيات التي ذكرناها من قبل في قصة الغار والنصرة وفي قصة مسطح، وفي قصة عبد الرحمن بن أبي بكر وأبويه ودعائهما(2) إلى الإسلام وقصة أبي بكر وأبي جهل)(3) والذي أقول على هذا: إنه لا يلزم من الدعاء إلى قتال المشركين رئاسة من دعاهم، بل كل مدعو إلى الصواب يتعين عليه الانبعاث، سواء كان ذلك من رئيس أو مرءوس، شريف أو مشروف.

وأما ما يتعلق بالغار، فقد ذكرنا من عندنا فيه، وقد ذكرنا ما يتعلق بمسطح، وكذا ما يتعلق بعبد الرحمن، وذكرنا ما يصلح للورود على كونه - رضوان الله عليه - دعا أبويه إلى الإسلام، وذكرنا الجواب عن قصة أبي بكر وأبي جهل، ومع ذلك فإن أبا عثمان أكثر ما يفيده التعلق بقصة أبي بكر - رضوان الله عليه - وأبي جهل أنه - رضوان الله عليه - مسلم أو نحو هذا، وهذا لا ينبغي أن يذكر في معرض المفاخرة لأمير المؤمنين - عليه السلام - إذ قد روينا من طريق أرباب الحديث أنه ما نزلت آية: * (يا أيها الذين آمنوا) * إلا وعلي أميرها، حسب ما سلف(4).

وروى الثعلبي الشافعي السني بإسناده - ولا أعرف فيه إماميا - عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - سباق الأمم ثلاثة، لم يكفروا بالله طرفة عين: علي بن أبي طالب،

____________

(1) العثمانية: 114.

(2) في المصدر بزيادة: له.

(3) العثمانية: 115.

(4) تقدمت الإشارة إليه ص (70).


الصفحة 259
وصاحب " يس " ومؤمن آل فرعون، فهم الصديقون، حبيب النجار مؤمن آل فرعون يس وحزقيل مؤمن آل فرعون وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم، الغرض من الحديث(1).

وأغفلت شيئا ذكره أبو عثمان فإنه قال: (وقد زعم جويبر عن الضحاك في قوله: * (يا أيها الذين آمنوا، اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) *(2) قال: أبو بكر وعمر ولم يسند [ أبو عثمان ](3) ذلك)(4).

قال: (وقد زعم(5) عن الفضل بن دلهم عن الحسن في قوله: * (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) *(6) قال: وهم والله أبو بكر وأصحابه)(7) ولم يسند ذلك.

____________

(1) الكشف والبيان: مخطوط. وذكر المتقي في كنز العمال: 6 / 152 قال: الصديقون ثلاثة:

حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجار صاحب آل يس، وعلي بن أبي طالب. وذكر هذا أيضا السيوطي في الدر المنثور: 2 في ذيل تفسير قوله تعالى واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون قال: وأخرجه البخاري في تاريخه عن ابن عباس. وذكره أيضا المناوي في فيض القدير: 4 / 237 وابن حجر في الصواعق المحرقة: ص 74. وأيضا في كنز العمال:

6 / 152 قال: الصديقون ثلاثة، حبيب النجار مؤمن آل يس، قال: يا قوم اتبعوا المرسلين، وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم، وذكره أيضا السيوطي في الدر المنثور: في ذيل تفسير قوله تعالى: * (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه) * وذكره كذلك المناوي في فيض القدير: 4 / 238 والمحب الطبري في ذخائر العقبى: ص 56 وفي رياض النضرة: 2 / 153.

(2) التوبة: 119.

(3) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.

(4) العثمانية: 114.

(5) في المصدر بزيادة: وكيع.

(6) المائدة: 54: * (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) *.

(7) العثمانية: 115.


الصفحة 260
والعجب ممن يصادم الرجال مهملا الاحتياط والتحرز.

والذي أقول عند هذا:

إن أبا عثمان كفانا مؤونة البحث في هذه الجملة. لأنه ضعفها وزيفها، ونضرب عن هذا ونقول: إن أبا نعيم الحافظ - وليس من عداد الإمامية - قال:

حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد، [ قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون ](1) قال: حدثنا محمد بن مروان عن محمد بن السائب، عن أبي صالح عن ابن عباس: 2 * (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) *(3) قال: هو علي بن أبي طالب عليه السلام(4).

وروى الثعلبي عن ابن عباس، أنها نزلت في علي وأصحابه وذكر غير ذلك(5).

وأما الآية الأخرى، فإن الواحدي(6) حكى حكاية أنها في أبي بكر

____________

(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(2) ن بزيادة: في.

(3) التوبة: 119 وقبلها: * (يا أيها الذين آمنوا) * (4) ما نزل من القرآن في علي: مخطوط.

(5) الكشف والبيان: مخطوط. وذكر نزول هذه الآية بشأن علي عليه السلام:

الكنجي الشافعي في كفاية الطالب: 111 وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: 20 والسيوطي في الدر المنثور: 3 / 290 وقال:

وأخرج ابن عساكر عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: * (وكونوا مع الصادقين) * قال:

مع علي بن أبي طالب عليه السلام.

والآلوسي في روح المعاني: 11 / 41 والقندوزي في ينابيع المودة: 119.

(6) لم أعثر عليه في (أسباب النزول)، بالطبعة التي بين يدي. أقول روى نزول آية * (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) * الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان (على ما في إحقاق الحق 3 / 198) والرازي في تفسير: 12 / 20 والنيشابوري في تفسيره: 6 / 143 (بهامش الطبري ط الميمنية بمصر).


الصفحة 261
وأصحابه في قتال أهل الردة. ورواه عن النبي مرفوعا: أنهم قوم أبي موسى الأشعري عن عياض الأشعري، قال: ورواه الحاكم في صحيحه عن عثمان ابن السماك عن عبد الملك بن محمد، عن وهب عن جرير عن شعبة.

[ أقول: و ](1) قال محمد بن حبان أبو حاتم - صاحب كتاب " المجروحين " - وهو غير متهم فيما يذكره على رجال المخالفين في الفضل بن دلهم: سمعت الحنبلي يقول: سمعت أحمد بن زهير يقول: سألت يحيى بن معن(2) عن الفضل بن دلهم فقال: ضعيف الحديث(3).

وأما ما يتعلق بالضحاك فقد ذكر ابن حبان ثلاثة بهذا الاسم وضعفهم وهم: الضحاك(4) بن بيراس(5)، والضحاك بن الأهوار(6)، والضحاك(7) ابن حجرة المسبحي(8).

وقال: وأما ما يتعلق بجويبر بن سعد(9) أصله من بلخ، ضعفه يحيى بن

____________

(1) ما بين المعقوفتين لا توجد في: ن.

(2) ن: معين وكذا المصدر.

(3) المجروحين: 2 / 201.

(4) قال ابن حبان:

أخبرنا الحنبلي قال: حدثنا أحمد بن زهير عن يحيى بن معين، قال: الضحاك بن نبراس ليس بشئ. المجروحين: 1 / 379.

(5) ن: نيراس وفي المصدر: نبراس.

(6) ن: الضحاك بن زيد الأهوازي وكذا في المصدر. قال محمد بن حبان: يروي عن إسماعيل ابن أبي خالد وروى عنه عبد الملك بن مروان الأهوازي وكان ممن يرفع المراسيل ويسند الموقوف، لا يجوز الاحتجاج به، لما كثر منه. رجاع المجروحين: 1 / 379.

(7) في المصدر: الضحاك بن حجوة المنبجي وقال عنه: يروي عن ابن عيينة وأهل بلده، العجائب أخبرنا عنه عمر بن سعيد بن سنان بنسخة مقلوبة يطول ذكرها، لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا للمعرفة فقط. انظر المجروحين 1 / 379.

(8) ن: المسيحي.

(9) ن: وقال جويبر بن سعيد... إلى آخره.


الصفحة 262
سعد(1) يروي عن الضحاك أشياء(2) مقلوبة، فقال: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن جويبر بن سعد، سمعت محمد بن محمود(3) يقول: قلت ليحيى بن معن(4): جويبر كيف حديثه؟ فقال: ضعيف(5).

قال: (وقالت العثمانية: فإن زعمت الرافضة، أن الله أنزل في علي آيا كثيرا وذكر قوله تعالى * (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *(6) وضعف الرواية ورجح قصة الغار ومسطح)(7).

وسوف نعتبر أصل هذه الرواية، كذا حكى عن الأصحاب، أن قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا، ادخلوا في السلم كافة) *(8) أنها نزلت في علي، وسوف نعتبر أصل هذه الرواية إن شاء الله تعالى.

أقول: إني اعتبرت كتاب الشيخ العالم أبي الفرج الأصفهاني الأموي في الآي النازل(9) في أهل البيت - عليهم السلام - فرأيته قد روى من عدة طرق، منها: أخبرني أحمد بن الحسن قال حدثنا أبي، قال: حدثنا حصين بن مخارق عن سعيد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي - عليه السلام - في

____________

(1) ن: سعيد وكذا المصدر.

(2) ن: أسانيد.

(3) ن بزيادة: سمعت الدارمي يقول. وكذا في المصدر.

(4) ن: معين. وكذلك في المصدر.

(5) راجع المجروحين: 1 / 217.

(6) النساء: 59.

والآية كاملة هي: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) *.

(7) العثمانية: 115 و 117.

(8) البقرة: 208.

وتتمتها: * (ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) *.

(9) ن: النازلة.


الصفحة 263
قوله تعالى * (ادخلوا في السلم كافة) *(1) فقال:(2) ولايتنا أهل البيت(3).

وروى من طريقين: أحدهما عن الباقر، والآخر عن علي بن الحسين عليه السلام أن الدخول في السلم ولاية آل محمد.

في رواية أخرى في (الآية) عن الباقر أنه قال: أمروا - والله - بولاية علي ابن أبي طالب وآل محمد - عليهم السلام -(4).

وأما الأولى: فرواها الشيخ المذكور بإسناده إلى أبي مريم، قال:

سألت جعفر بن محمد الصادق عن هذه الآية: * (يا أيها الذين آمنوا، أطيعوا الله) * الآية. فقال: كان أمير المؤمنين - عليه السلام - منهم فقلت: يا بن رسول الله، أكانت طاعته مفترضة؟ فقال: والله - ما كانت لأحد من هذه الأمة إلا لرسول الله - صلى الله عليه وآله - خاصة، من أطاع رسول الله فليطع أمير المؤمنين من طاعة الله عز وجل(5).

ورواه(6) بهذا الطريق، أنها نزلت في علي بن أبي طالب وآل محمد عليهم السلام(7) قال: (وزعموا أن الله أنزل: * (إنما وليكم الله ورسوله) *...

____________

(1) البقرة: 208.

والآية كاملة: * (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) *.

(2) ن: قال.

(3) ما نزل من القرآن في أهل البيت: مخطوط ومفقود.

(4) روى نزول الآية بشأن أمير المؤمنين بالإضافة إلى أبي الفرج الأصفهاني القندوزي في ينابيع المودة: 111.

(5) ن: من أطاع رسول الله - صلى الله عليه وآله - أطاع الله عز وجل.

(6) ن: ورواية هذا الطريق.

(7) ما نزل من القرآن في أهل البيت: مخطوط.

وروى نزول هذه الآية بشأن أمير المؤمنين عليه السلام جماعة منهم:

النشابوري في تفسيره: 5 / 79 والقندوزي في ينابيع المودة: 116 والحسكاني في شواهد التنزيل: 1 / 148 وابن حيان الأندلسي المغربي في تفسيره (على ما في إحقاق الحق:

3 / 424).


الصفحة 264
الآية)(1).

أقول: والكلام ناقص: إذ يفوته(2) (في علي).

وروى هو غير ذلك من كونها نزلت في قصة أشار إليها(3) قال: وإن يكن الأمر على غير ذلك [ فليس ](4) تأويل الرافضة بأقرب التأويل(5).

والذي أقول على هذا: إن أبا عثمان لم يسند روايته، وكذا الواحدي - وهو إلى العداوة أقرب - لم يسند قوله أنها في غير علي - عليه السلام - وإنما حكى ذلك حكاية.

____________

(1) العثمانية: 118.

(2) ن: بدل (يفوته) (تتمته).

(3) قال الجاحظ:

أما ظاهر الكلام، فيدل على ما قال أصحاب التأويل كابن عباس وغيره، حين زعموا أنها نزلت في عبد الله بن سلام ورهط من مشركي أهل الكتاب، وذلك أنهم أتوا النبي (ص) عند الظهر، فقالوا: يا رسول الله، إن بيوتنا قاصية، ولا نجد مسجدا دون هذا المسجد، وإن قومنا لما صدقنا الله ورسوله عادونا، وتركوا مخالطتنا، وأقسموا ألا يكلمونا، فبينما هم يشكون عداوة قومهم لهم، إذ نزلت: * (إنما وليكم الله ورسوله، والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *. فلما قرأها النبي (ص) قالوا: رضينا بولاية الله ورسوله والمؤمنين وأذن بلال للصلاة فخرج النبي (ص) إلى المسجد وهم معه، والناس من بين راكع وساجد وقائم وقاعد، فتلا النبي (ص) * (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) * فإن تكن هذه الآية كما قال ابن عباس ومجاهد، فليس لعلي فيها ذكر. انظر العثمانية:

118.

(4) لا توجد في ق.

(5) قال الجاحظ: وقد عرفنا أن تأويل هذا الكلام يشبه غير الذي قالوا، وليس لنا أن نجعله كما قالوا إلا بخبر عن النبي (ص) أو بإجماع من أصحاب التأويل على تفسيره وذلك أن قوله: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * يدل على العدد الكبير، وأنتم تزعمون أنه عنى عليا وحده، وليس لأحد أن يجعل * (الذين) * لواحد إلا بخبر يجمع عليه، فإن لم يقدر على ذلك فليس له أن يحول معنى الكلام عن ظاهر لفظه: انظر العثمانية: 119.


الصفحة 265
إذن(1) نحن نثبت ما يدعيه الأصحاب بالروايات المتكاثرات، المعتبرات وإذا تقرر ذلك، حملنا قوله تعالى: * (وهم راكعون) * بلفظ الجمع، على تفخيم أمير المؤمنين - عليه السلام - وقد يأتي لفظ الجمع ويراد به الواحد، قال الراجز:


جاء الشتاء وقميصي أخلاقشراذم يضحك مني النواق(2)

وهذا ظاهر في باب الأدب.

الإشارة إلى جملة من الروايات في ذلك من طرق شيخ لا يتهم، نحكي منها المعنى إيثارا للإيجاز، فنقول:.

روى الشيخ الحافظ أبو بكر، أحمد بن موسى بن مردويه، بإسناده المتصل إلى أبي رافع، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو نائم وحية في جانب البيت فكرهت أن أثب عليها وأوقظ رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - وخفت أن يكون يوحى(3) إليه، فاضطجعت بين الحية وبين النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - لأن كان فيها سوء كان النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - دونه، فمكثت ساعة، فاستيقظ النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - وهو يقول:

* (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * الحمد لله الذي أتم لعلي نعمه وهنيئا لعلي تفضيل الله تعالى إياه(4).

____________

(1) ق ون: بدل (إذن) (لكنا).

(2) النواق: اسم ابن الشاعر كما في الهامش.

(3) ن: أوحي.

(4) المائدة: 55. روى نزول هذه الآية بشأن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام طائفة من المفسرين والمحدثين منهم:

محب الدين الطبري في ذخائر العقبى: 88 والآلوسي في روح المعاني: 6 / 149 والشوكاني في فتح القدير: 2 / 50 وابن حيان الأندلسي في البحر المحيط: 3 / 513 وابن كثير في، تفسيره: 2 / 71 والنيسابوري في أسباب النزول: 148 والسيوطي في لباب النقول: 90 وسبط

=>


الصفحة 266
وروى بإسناده المتصل عن ابن عباس، في قول الله عز وجل: * (إنما وليكم الله ورسوله) *... إلى قوله تعالى: * (فإن حزب الله هم الغالبون) *(1) قال: أتى عبد الله بن سلام ورهطه من أهل الكتاب نبي الله، فقالوا يا رسول الله، إن بيوتنا قاصية، لا نجد أحدا يجالسنا ويخالطنا دون هذا المسجد، وإن قومنا لما رأونا صدقنا الله ورسوله، وتركنا دينهم، أظهروا العداوة وأقسموا لا يخالطونا ولا يؤاكلونا فشق ذلك علينا، فبينما(2) هم يشكون ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - إذ نزلت هذه الآية على رسوله:

* (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *. فنودي بالصلاة صلاة الظهر، وخرج رسول الله إلى المسجد، والناس يصلون، بين راكع وساجد، وقائم وقاعد، فإذا مسكين يسأل: فدخل رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - فقال: أعطاك أحد شيئا؟

قال: [ نعم، قال ](3): من؟ قال: ذاك الرجل القائم، قال: على أي حال

____________

<=

ابن الجوزي في تذكرة الخواص: 18 والشبلنجي في نور الأبصار: 105 والطبري في تفسيره: 6 / 165 والخازن في تفسيره: 1 / 475 والقندوزي في ينابيع المودة: 1 / 114 والزمخشري في الكشاف 1 / 347 والرازي في تفسيره: 12 / 26 والسيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير الآية. وذكر المتقي في كنز العمال: 7 / 305 قال:

عن أبي رافع دخلت على رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وهو نائم - أو يوحى إليه - وإذا حية في جانب البيت فكرهت أن أقتلها وأيقظه فاضطجعت بينه وبين الحية فإذا كان شئ كان بي دونه، فاستيقظ وهو يتلو هذه الآية: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * فقال: الحمد الله فرآني إلى جنبه فقال: ما أضجعك هنا؟

قلت: لمكان هذه الحية، قال: قم إليها فاقتلها فقتلتها، ثم أخذ بيدي فقال: يا أبا رافع سيكون بعدي قوم يقاتلون عليا، حقا على الله جهادهم. فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه ليس وراء ذلك شئ. قال أخرجه الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم.

(1) * (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) * المائدة: 56.

(2) ن: فبينا.

(3) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ج.


الصفحة 267
أعطاكها؟ قال: وهو راكع، قال: وذلك علي بن أبي طالب، فكبر رسول الله عند ذلك وهو يقول: * (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا، فإن حزب الله هم الغالبون) *(1).

ورواه بالسند المتصل إلى محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس، فأنشد حسان بن ثابت يقول في ذلك:


أبا حسن تفديك نفسي ومهجتيوكل بطئ في الهدى(2) ومسارع
أيذهب مدحي والمحبر ضائعاوما المدح في جنب الإله بضائع
فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاأقول: فدتك النفس يا خير راكع
فأنزل فيك الله خير ولايةفبينها(3) في محكمات الشرائع

[ وروى في إسناده المتصل عن جعفر بن محمد، أنها نزلت في علي.

وروي عن الباقر كلاما يشتبه الحال فيه ](4).

وروى بإسناده المتصل عن عبد الوهاب بن مجاهد عن ابن عباس:

* (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) * قال: علي بن أبي طالب.

[ وروى مسندا إلى مجاهد، أنها نزلت في علي بن أبي طالب ](5) ولم أحك اللفظ.

وروى ذلك في إسناد متصل بعلي بن أبي طالب - عليه السلام - ورواه مرفوعا إلى عمار بن ياسر. [ ورواه في إسناد متصل بميمون بن مهران، عن ابن

____________

(1) المائدة: 56 وذكره أيضا السيوطي في الدر المنثور في ذيل الآية الشريفة باختلاف في اللفظ.

(2) ق: الهوى.

(3) ن: وبينها.

(4) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(5) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.