____________
<=
ولد من أبوين أباضيين ناصبيين عدوين لأمير المؤمنين عليه السلام.
قال أبو الفرج الأصفهاني: كان منزلهما بالبصرة في غرفة بني ضبة وكان السيد يقول: طالما
سب أمير المؤمنين في هذه الغرفة. فإذا سئل عن التشيع عن أين وقع له؟ قال: غاصت علي
الرحمة غوصا.
ولادته في عمان - واد قريب من الشام - ونشأ في البصرة في بيت أبويه وحين أرشد انتقل إلى بيت
الأمير عقبة بن سلم، وظل في كنفه إلى أن مات والداه فغادر البصرة إلى الكوفة وأخذ فيها
الحديث عن الأعمش وتربى هناك وعاش مدة مديدة وهو يعتنق مذهب الكيسانية القائلين بإمامة
محمد بن الحنفية وغيبته وله في ذلك شعر، ثم أدركته السعادة ببركة الإمام الصادق صلوات الله
عليه حتى قال قصيدته الشهيرة.
تجعفرت باسم الله والله أكبر وأيقنت أن الله يعفو ويغفر
توفي السيد بالرميلة ببغداد في خلافة الرشيد ودفن في جنينة ناحية من الكرخ وأرخ سنة وفاته المرزباني بسنة 173 ونقله القاضي المرعشي في مجالسه عن خط الكفعمي.
وشعره في أهل البيت كثير جدا منه القصيدة العينية الشهيرة.
لأم عمرو باللوى مربع | طامسة أعلامها بلقع |
انظر: الأغاني: 7 / 30 لسان الميزان: 1 / 438 العقد الفريد: 2 / 289، تنقيح المقال: 1 / 142.
(1) هو منصور بن سلمة بن الزبرقان النمري -.
ولد في رأس العين في الشام وكان مع الرشيد مقدما وكان يمت إليه بأم العباس بن عبد المطلب وهي نمرية واسمها: نتيلة.
وكان مع هذا شيعيا مواليا لأهل البيت عليهم السلام وهو القائل من قصيدة يرثي بها الحسين عليه السلام.
شاء من الناس راتع هامل | يعللون النفوس بالباطل |
تقتل ذرية النبي ويرجون | جنان الخلود للقاتل |
ويلك يا قاتل الحسين لقد | بؤت بحمل ينوء بالحامل |
وهو القائل أيضا:
آل النبي ومن يحبهم | يتطامنون مخافة القتل |
آمنوا النصارى واليهود وهم | عن أمة التوحيد في أزل |
=>
والحميري مدح والخليفة المنصور بن العباس وهو عدو هذا البيت، يصطلم أرواح أكابره مجدا في هدم سور مفاخره.
والنمري كان على ما أرى في أيام الرشيد وما يتخيل لي(2) أن بني أمية كثرته(3) في اصطلامهم وترشيفهم كؤوس حمامهم(4) فأين المادح وهو آمن راغب من المادح وهو خائف آيس؟ مع أن الذين أشار إليهم إن أوردوا(5) أشعار من ذكر فليس على جهة البرهان، فإن كان الجاحظ توهم غير ذلك فقد غلط.
وتعلق بقول أين عباس لعائشة: (نحن سمينا أباك صديقا)(6) وهذا، إن ثبت فمعناه بطريقنا(7) " سمي أبوك صديقا "، والقرائن دالة على ذلك إن فنون
____________
<=
إلا مصاليت ينصرونهم بظبا الصوارم والقنا الذابل
أنشد الرشيد هذه القصيدة بعد موته فقال: لقد هممت أن أنبشه ثم أحرقه انظر: الشعر والشعراء: 736 الأغاني: 12 / 16 تاريخ بغداد: 13 / 65 وطبقات ابن المعتز: 242.
(1) ن: بغضه.
(2) ق: إلي.
(3) ن: كسرته.
(4) ق: جماجمهم.
(5) ن: إذ أورد.
(6) العثمانية: 128.
(7) ن: بطريقتنا.
قال: (ثم الذي كان من تأمير النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - أبا بكر عليه حين ولاه الموسم وبعثه(3) على الحاج سنة تسع، وبعث عليا يقرأ(4) آيات من سورة " براءة " وكان(5) الإمام وعلي المأموم، وكان أبو بكر الدافع(6) ولم يكن لعلي أن يدفع(7) حتى يدفع أبو بكر)(8).
والذي يقال على هذا: إن رسول الله - صلوات الله عليه - بعثه على الموسم مقدما حيث عرف أنه لا طعن ولا ضرب ولا قتال ولا حرب، أميرا على من كان بعثه إليهم، وليس لأمير المؤمنين - صلوات الله عليه - نصيب في تقديمه عليه، إذ لم يكن عزم رسول الله أن يبعثه إلى مكة قبل أمر الله برد أبي بكر وأخذ الآيات منه، فلما أخذها منه، وفيها نوع منابذة للكفار، بعث بها مع من لا يهاب اللقاء، ولا يخاف الأعداء(9).
وإذا اعتبر هذا المعنى، دل على فضيلة أمير المؤمنين على من سواه، وأن غيره لا يسد مسده، ولا ينهض معناه بمعناه، وما برهانه على أن أبا بكر
____________
(1) لا توجد في: ن.
(2) ج و ق: الذي.
(3) في المصدر: وبعثه أميرا على الحاج.
(4) في المصدر بزيادة: على الناس.
(5) المصدر: وكان أبو بكر الإمام.
(6) في المصدر بزيادة: بالموسم.
(7) المصدر: ن يندفع.
(8) العثمانية: 129.
(9) ن: الإغراء.
ثم الوجه المانع(2) لكونه كان أميرا على أمير المؤمنين قوة للدافعين، ما ثبت من كونه - صلى الله عليه - مسمى الله من رسول الله " بأمير المؤمنين " فإذن هو أمير كل ثبت كونه مؤمنا من المؤمنين إلى يوم الدين.
مع أن أبا الفرج الأصفهاني الأموي روى(3) في إسناد(4) متصل بعبد الله(5) بن عمر ما يشهد بأن(6) رسول الله خير أبا بكر على لسان أمير المؤمنين أن يتوجه مع علي وعلي أمير عليه أو يرجع فرجع، وما ذكر [ أنه عاد ](7).
وأما أنه إمام في الصلاة(8) فإنهم يروون أن رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - قال: " يؤمكم أقرؤكم " ولا يختلف الناس في أن أمير المؤمنين أقرأ في أبي بكر - رضوان الله عليه - وهذا مما لا يحتاج إلى برهان يدل عليه [ و ](9) لأنه
____________
(1) ما بين المعقوفتين لا توجد في: ن.
(2) ن: الساطع.
(3) ما نزل من القرآن في أهل البيت: مخطوط.
(4) ق: بإسناد.
(5) ق: إلى عبد الله.
(6) ق: إن.
(7) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن ويوجد فيها: إمامته.
(8) قال الجاحظ: ثم الذي كان من تفضيله عليه وعلى الناس جميعا أيام شكاته حيث أمره أن يؤم الناس ويقوم مقامه في صلاته وعلى منبره حتى أن عائشة وحفصة أرادتا صرف ذلك عنه لعلل سنذكرها في موضعها إن شاء الله فقال النبي (ص): إليكن عني صواحب يوسف، أبى الله ورسوله إلا أن يصلي أبو بكر. انظر: العثمانية: 130.
(9) لا يوجد في: ن.
" إنه إمام المتقين "(2) فكل من ثبت أنه متق فهو إمامه بالنص، فكيف يتقدم المأموم الإمام والعجز السنام(3)؟.
وصادم الجاحظ - ولم أكن تأملت كلامه في وجه - (بما أن مصادمة علي بقراءة الآيات لم يكن أبو بكر خاليا من خطر قراءتها لأنه الأمير)(4).
والجواب: بما أن أمير المؤمنين - صلى الله عليه - المخاطر، وأنه صاحب الخطر بها، والأمير المشار إليه عيال عليه.
وأورد على فضيلة أمير المؤمنين (بكون رسول الله قال: " لا يؤديها إلا أنا أو رجل مني " بأنه لم يكن بحضرته أبو بكر)(5) والذي يقال على هذا أنه كذب.
بيان ذلك:.
من مسند ابن حنبل يرفع الحديث إلى أنس بن مالك: أن رسول الله بعث براءة مع أبي بكر إلى أهل مكة، فلما بلغ ذا الحليفة بعث إليه فرده وقال: لا يذهب بها إلا رجل من أهل بيتي فبعث عليا عليه السلام(6).
____________
(1) ق: فإن.
(2) مرت الإشارة إليه ص: (111).
(3) السنام: حدبة في ظهر البعير كناية عن أن الداني لا يساوي السامي.
(4) العثمانية: 130.
(5) العثمانية: 130.
(6) فضائل الصحابة: 2 / 641 وأيضا رواه الترمذي في صحيحه: 2 / 183.
بسنده عن أنس بن مالك قال: بعث النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ببراءة مع أبي بكر ثم دعاه فقال: لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي فدعا عليا (عليه السلام) فأعطاه إياه.
ورواه أيضا النسائي في خصائصه: ص 20 وأحمد بن حنبل في مسنده: 3 / 283 والسيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى * (براءة من الله ورسوله) *.
=>
____________
<=
وأيضا الترمذي في صحيحه: 2 / 183.
بسنده عن ابن عباس قال: بعث النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أبا بكر وأمره إن ينادي بهؤلاء
الكلمات ثم أتبعه عليا (عليه السلام) فبينا أبو بكر في بعض الطريق إذ سمع رغاء ناقة رسول الله
صلى الله عليه (وآله) وسلم القصواء فخرج أبو بكر فزعا فظن أنه رسول الله صلى الله عليه (وآله)
وسلم فإذا هو علي (عليه السلام) فدفع إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وأمر
عليا (عليه السلام) أن ينادي بهؤلاء الكلمات (الحديث).
النسائي في خصائصه: ص 20.
روى بسنده عن زيد بن يثيع عن علي عليه السلام: أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم بعث
ببراءة إلى أهل مكة مع أبي بكر، ثم أتبعه بعلي (عليه السلام) فقال له: خذ الكتاب فامض به
إلى أهل مكة، قال: فلحقه فأخذ الكتاب منه فانصرف أبو بكر وهو كئيب فقال لرسول الله صلى
الله عليه (وآله) وسلم: أنزل في شئ؟ قال: لا، إلا أني أمرت أن أبلغه أنا أو رجل من أهل
بيتي.
تفسير ابن جرير: 10 / 46.
روى بسنده عن زيد بن يثيع قال: نزلت براءة فبعث بها رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم
أبا بكر ثم أرسل عليا (عليه السلام) فأخذها منه، فلما رجع أبو بكر قال: هل نزل في شئ؟
قال: لا، ولكني أمرت أن أبلغها أنا أو رجل من أهل بيتي.
وأيضا تفسير ابن جرير: 10 / 47.
روى بسنده عن السدي قال: لما نزلت هذه الآية إلى رأس أربعين آية بعث بهن رسول الله
صلى الله عليه (وآله) وسلم مع أبي بكر وأمره على الحج، فلما سار فبلغ الشجرة من ذي
الحليفة أتبعه بعلي عليه السلام فأخذها منه، فرجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه (وآله)
وسلم فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أنزل في شأني شئ؟ قال: لا ولكن لا يبلغ عني
غيري أو رجل مني.
أحمد بن حنبل في مسنده: 1 / 3.
روى بسنده عن زيد بن يثيع عن أبي بكر: أن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم بعثه ببراءة لأهل
مكة لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، من
كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم مدة فأجله إلى مدته، والله برئ من
المشركين ورسوله، قال: فسار بها ثلاثا ثم قال لعلي (عليه السلام): الحقه فرد علي أبا بكر
=>
ومن تفسير الثعلبي من حديث مطول: فخرج علي - عليه السلام - على ناقة رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - العضباء حتى أدرك أبا بكر بذي الحليفة فأخذها(3) منه فرجع أبو بكر إلى النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي(4) أنزل في شئ، قال: لا، ولكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني(5).
____________
<=
وبلغها أنت، قال: ففعل، قال: فلما قدم على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أبو بكر بكى
وقال: يا رسول الله حدث في شئ؟ قال: ما حدث فيك إلا خير ولكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا
أو رجل مني.
ذكره أيضا المتقي في كنز العمال: 1 / 264 والمحب الطبري في ذخائر العقبى: ص 69 وقد
ذكر أيضا الحاكم في مستدركه: 3 / 51 وأحمد بن حنبل في مسنده: 1 / 51 وأيضا في:
1 / 330 والسيوطي في الدر المنثور.
(1) ق: نقطع.
(2) فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل قال:
حدثنا أبو الجهم، العلاء ابن موسى الباهلي سنة سبع وعشرين ومائتين قال: حدثنا سواء بن
مصعب، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه
[ وآله ] وسلم أبا بكر بسورة براءة على الموسم، وأربع كلمات إلى الناس فلحقه علي في الطريق
فأخذ السورة والكلمات، فكان علي يبلغ وأبو بكر على الموسم، فإذا قرأ السورة، نادى: ألا
لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ولا يقرب المسجد مشرك بعد عامه هذه، ولا يطوف بالبيت
عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم عقد، فأجله مدته حتى قال
رجل: لولا أن نقطع الذي بيننا وبين ابن عمك من الحلف، لبدأنا بك، فقال علي: لولا أن
رسول الله أمرني أن لا أحدث شيئا حتى آتيه لقتلتك. انظر: فضائل الصحابة: 2 / 640.
(3) ق ون: وأخذها.
(4) ج و ن: وزيادة (يا رسول الله).
(5) الكشف والبيان: مخطوط.
ثم بيان(2) نقصه في البصيرة أنه فرق في غير موضع الفرق، إذ كلمة رسول الله - صلى الله عليه وآله -، " لا يبلغها عني إلا رجل مني " لا يفرق الحاصل منها بين حضور أبي بكر وغيبته.
واعترض على لسان " العثمانية " تفضيل علي بهذه الكلمة، (بما أن العقود وحلها ترجع إلى الحال أو بعض رهطه كأخ، وابن عم)(3) وهذه دعوى لا نعرفها ولا دليل عليها. وعلى قود ما قال كانت تقف حال من لا نسب له [ قريبا ](4) في هذه الصورة(5).
وذكر (تقديمه له في الصلاة)(6) ولا يعرف(7) برهان ذلك، وليست الإمامة عندهم في الصلاة برهان الفضيلة التامة.
وقال حاكيا فيما(8) يدل على تفضيل النبي صلى الله عليه [ وآله ] عليا قوله يوم غدير خم وهو قابض على يده، وقد أشخصه قائما لمن بحضرته: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم عاد من عاداه ووال من والاه ".
____________
(1) ق: (كذب) بدل (بهت).
(2) ن: بان.
(3) قال الجاحظ: وقد زعم ناس من العثمانية أن النبي (ص) لم يقل ذلك لعلي تفضيلا منه له على غيره في الدين ولكن النبي (ص) عامل العرب على مثل ما كان بعضهم يتعرفه من بعض، وكعادتهم في عقد الحلف وحل العقد فكان السيد منهم إذا عقد لقوم حلفا أو عاهد عهدا لم يحل ذلك العقد غيره أو رجل من رهطه دنيا كأخ أو ابن أو عم أو ابن عم لذلك قال النبي (ص) ذلك القول. انظر العثمانية: 130.
(4) لا يوجد في: ق.
(5) ج و ق: الصور.
(6) العثمانية: 130.
(7) ق: نعرف.
(8) ج و ن: فمما.
وقوله: " اللهم ائتني بأحب الناس إليك يأكل معي من هذا الطير " ثلاثا، كل ذلك يحجبه أنس، طمعا أن يكون أنصاريا، فأبى الله إلا أن يجعله الآكل والآتي والأحب.
ومن ذلك أن النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - لما(1) آخى بين أصحابه فقرن بين الإشكال وقرد(2) بين الأمثال جعله أخاه(3) من بين جميع أمته.
وذكر ما حاصله: (أن المناط الأقوم الإنصاف)(4) يريد بذلك التسوية بين إثبات ما روي في فضل أمير المؤمنين وفضل غيره في كلام بسيط يأتي بعده فنون أحاديث في فضل جماعة من الصحابة.
والذي أقول عند هذا منصفا: إن الحال في الروايات والانتفاع بها، ينقسم قسمين، أحدهما فيما يرجع إلى البناء عليها، والثاني فيما يرجع إلى الإلزام بها.
فأما الذي ينتفع به فهو ما ثبتت عدالة رواته(5) أو كان المخبرون به متواترين، وأما ما يرجع إلى الإلزام فمهما كان مما يتعين على الخصم الالتزام(6) به، فإذا وردت رواية تختص بمذهب(7) ناصرة له، فلا تخلو أن تكون من طريق قويم أو لا قويم، فإن كان قويما فلا تخلو أن يكون بمقام الموافقة للخصم عليها أولا، فإن كان الأول، كانت حجة في نفس الأمر،
____________
(1) في المصدر: (حين) بدل (لما).
(2) ج: فرد وقرد أي جمع.
(3) المصدر: أخا.
(4) العثمانية: 134.
(5) ق: رواية.
(6) ق: الإلزام. ن: التزام.
(7) ق: مذهب.
وإذا تقرر ذلك، فإذا روى خصمنا حديثا ناصرا لنا، كان حجة عليه لا محالة، إذا كان مما يبنى عليه.
أو نقول إنه نوع حجة وإن لم يكن الحديث معتبرا بما أن التهمة زائلة عنه فالضعيف مما يرويه خصمنا بمقام القوي لهذه العلة.
وإن روى حديثا في نصرته كان بمقام التهمة لا يحتج به علينا، كما إذا روينا حديثا من جهتنا نصادم به خصمنا، فإنه لا يخصمه(5)، وهو باق على مذهبه إلا أن يقول، يتعين عليه النظر في أصل المذهب ليبني على ما رويناه وذلك لا ينفع في بادئ المدافعات، بل هو شئ يرجع إلى ما ينبغي للعاقل أن يعتمد عليه من تحرير المقاصد.
وإن روى الخصم لنا (له)(6) وعليه كان الترجيح لما عليه إذا كان ثبتا(7) إلزاما وصحة لبعد التهمة، وإن كان غير ثبت، فقد ذكرنا ما فيه من كون ذلك أرجع فيما يتعلق بنا لبعده عن التهمة إذ المدلس لا يتهم لنا إذا كان من جهتهم.
____________
(1) ق و ج: ولا يلزم.
(2) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ج.
(3) ن: عن.
(4) ن: تماما.
(5) ن: يخصه.
(6) لا توجد في: ن.
(7) ن: بنا.
وبإسناده الذي لا أعرف فيه رافضيا(6) - كما زعم - مرفوعا إلى زيد بن أرقم: وقال في السياق: فقال النبي: أو لستم تعلمون، أو لستم تشهدون أني
____________
(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.
(2) من سند أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا علي بن زيد، عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا، الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم تحت شجرتين، فصلى الظهر وأخذ بيد علي (عليه السلام)... الحديث.
(3) ق و ج: ولي المؤمنين.
(4) ن: وأخذ.
(5) مسند أحمد بن حنبل: 4 / 281.
ورواه أيضا ابن ماجة في صحيحه: 12 والمتقي الهندي في كنز العمال: 6 / 397 والمحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 169.
(6) مسند أحمد، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا أبو عوانة، عن المغيرة، قال: عن أبي عبيدة، عن ميمون: أبي عبد الله قال: قال زيد بن أرقم - وأنا أسمع -: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] بواد يقال له
=>
وبإسناده عن أبي الطفيل، وذكره نحوه... وفي آخره: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه(2).
وبإسناده عن أبي الطفيل عن أبي السريحة أو زيد بن أرقم - شعبة الناسي - قال: من كنت مولاه فعلي مولاه(3).
[ وبإسناده عن رياح بن الحرث(4) وسمع أن أبا أيوم روى عن النبي: من
____________
<=
وادي خم فأمر بالصلاة، فصلاها بهجير، ثم قال: فخطبنا وظلل لرسول الله صلى الله عليه
[ وآله ] بثوب، على شجرة سمرة (شجرة صغار الورق قصار الشوك يأكلها الناس - لسان العرب)
من الشمس فقال النبي... الحديث.
(1) مسند أحمد بن حنبل: 4 / 372 وذكره أيضا في فضائله: 2 / 682 حديث 1167.
(2) والحديث كما جاء في مسند أحمد: 4 / 370 قال:
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال حدثنا عبد الله، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا حسين
ابن محمد وأبو نعيم، قالا: حدثنا فطر عن أبي الطفيل قال: جمع علي عليه السلام الناس في
الرحبة، ثم قال: أنشد بالله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يقول يوم
غدير خم: ما سمع لما قام، فقام ثلاثون من الناس. وقال أبو نعيم: فقام أناس كثير، فشهدوا
حين أخذ بيده فقال للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا
رسول الله، قال من كنت مولاه فهذا مولاه... الحديث. ورواه النسائي في خصائصه:
24، والمحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 169.
(3) فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل: 2 / 569 حديث 959 قال:
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا
شعبة، عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي السريحة أو زيد بن أرقم -
شك شعبة - عن النبي (ص) أنه قال: من كنت مولاه فعلي مولاه: قال سعيد بن جبير: وأنا قد
سمعت مثل هذا عن ابن عباس قال محمد: أظنه قال وكتمه.
(4) مسند أحمد بن حنبل: 5 / 419.
قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال:
حدثنا حنش بن الحارث بن لقيط النخعي الأشجعي، عن رياح الحرث، قال: جاء رهط إلى
=>
وبإسناده عن زاذان وأنه سمع ثلاثة عشر رجلا فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله - صلى الله عليه وآله - يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه(2).
وبإسناده عن عطية العوفي عن زيد بن أرقم وروى نحو هذا عن النبي(3)
____________
<=
علي عليه السلام بالرحبة، فقالوا: السلام عليك يا مولانا، قال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم
عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فإن
هذا مولاه، قال رياح: فلما مضوا، أتبعتهم وسألت من هؤلاء، قالوا، نفر من الأنصار فيهم
أبو أيوب الأنصاري.
وذكر هذا أيضا في فضائله: 2 / 572 حديث 967 وفيه فهذا مولاه.
(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.
(2) مسند أحمد: 1 / 84.
قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبي، حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا
عبد الملك، عن أبي عبد الرحيم الكندي: عن زاذان أبي عمر، قال: سمعت عليا عليه
السلام يقول في الرحبة وهو ينشد الناس: من شهد رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يوم غدير
خم وهو يقول ما قال فقام ثلاثة عشر رجلا. فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه [ وآله ]
وهو يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
وذكره أيضا في فضائله: 2 / 585 حديث 991 والهندي في كنز العمال: 6 / 407.
(3) مسند أحمد: 4 / 368.
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثني ابن نمير، قال: حدثنا
عبد الملك يعني ابن أبي سليمان، عن عطية العوفي، قال: أتيت زيد بن أرقم، فقلت له:
إن ختنا لي حدثني عنك بحديث في شأن علي يوم غدير خم، فإنا أحب أن أسمعه منك،
فقال: إنكم معشر أهل العراق، فيكم ما فيكم، فقلت له: ليس عليك مني بأس قال: نعم
كنا بالجحفة، فخرج رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] إلينا ظهرا وهو آخذ بعضد علي عليه
السلام فقال أيها الناس: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال:
فمن كنت مولاه فعلي مولاه، قال: فقلت هل قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] اللهم وال من
والاه وعاد من عاداه؟ قال: إنما أخبرك كما سمعت.
وذكره أيضا في فضائله: 2 / 586 حديث 992. وكذلك ذكره المتقي الهندي في كنز العمال:
6 / 390.
وبإسناده عن سعيد بن وهب(1) قال: نشد علي الناس فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي - عليه السلام - فشهدوا أن رسول الله (ص) قال: من كنت مولاه فعلي مولاه(2).
وبإسناده عن أبي إسحاق: سمعت عمر وزاد فيه أن رسول الله (ص) قال: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، وأحب من أحبه(3) وأبغض من أبغضه(4).
وبإسناده عن البراء بن عازب(5) قال: أقبلنا مع النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - في حجة الوداع، وقال في السياق عن النبي - عليه السلام - في علي:
اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، فلقيه عمر فقال: هنيئا لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة(6).
____________
(1) ن: وهيب.
(2) مسند أحمد بن حنبل: 5 / 366.
وذكره في فضائل الصحابة أيضا: 2 / 98 و 599 حديث 1021 وذكره أيضا النسائي في خصائصه: 22 والهيثمي في مجمعه: 9 / 104.
(3) في المصدر بزيادة: قال شعبة: أو قال.
(4) انظر فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل: 2 / 599 حديث 1022.
(5) ن: وهو ابن عازب وكذلك في المصدر.
(6) فضائل الصحابة: 2 / 610 حديث 1042.
قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا إبراهيم، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء: وهو ابن عازب، قال: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه [ وآله ] في حجة الوداع حتى كنا بغدير خم، فنودي فينا: الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه [ وآله ] تحت شجرتين فأخذ بيد علي عليه السلام فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟
قالوا: بلى يا رسول الله، قال: هذا مولى من أنا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه فلقيه عمر فقال: هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.
وبإسناده عن طاووس عن أبيه عن النبي عليه السلام يقول في شأن علي:
من كنت مولاه فعلي مولاه(2).
وبإسناده عن بريدة(3) عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كنت مولاه فعلي مولاه(4).
وبإسناده عن بريدة عن النبي - عليه السلام - يقول في شأن علي: من كنت مولاه فعلي مولاه(5).
____________
(1) فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل: 2 / 613 حديث 1048.
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي، عن أبيه عن سلمة بن كهيل، عن أبي ليلى الكندي، أنه حدثه قال: سمعت زيد بن أرقم يقول - ونحن ننتظر جنازة - فسأله رجل من القوم، فقال: أبا عامر أسمعت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يوم غدير خم يقول لعلي عليه السلام: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ قال: نعم، قال أبو ليلى، فقلت لزيد بن أرقم: قالها رسول الله؟ قال: نعم قد قالها له أربع مرات.
(2) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 592 حديث 1007.
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، عن أبيه، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن ابن طاووس عن أبيه، قال: لما بعث رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] عليا عليه السلام إلى اليمن، خرج بريدة الأسلمي معه فعتب علي عليه السلام في بعض الشئ فشكاه بريدة إلى رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] فقال (ص) من كنت مولاه فعلي مولاه.
(3) ن: أبي بريدة.
(4) فضائل الصحابة: 2 / 563 حديث 947.
(5) مسند أحمد بن حنبل: 5 / 347.
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الفضل بن دكين، قال:
حدثنا ابن أبي غنية، عن الحسن، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن بريدة قال:
غزوت مع علي عليه السلام، إلى اليمن، فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله (ص) ذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله يتغير فقال يا بريدة: ألست أولى بالمؤمنين من