الصفحة 360
[ وذكر شيئا يتعلق بحال عمار وطعنه على عثمان(1) وليس هذا غرضا طائلا فنتحدث عليه، وأنه ما كان ذلك قبل إحداثه. ](2). وذكر شيئا يتعلق بطاعة عمار لعمر، وأن أبا ذر كان يعظم عمر(3)، قال: (ولو اعترضتم مائة من أصحاب النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - فقلتم: إنهم كانوا طعانين على أبي بكر، مؤكدين خلافة علي، ما كان عندنا في أمرهم حديث قائم، ولا خبر شاهد)(4).

وقال: (إن حكم الممسك الرضا والتسليم)(5).

وأقول: إن هذا غلط، لأنه إذا كانت الخلافة فرع الوفاق، وثبت أنه لا ينسب إلى ساكت قول، وقف الدليل، إلا أن يقال: إنا نعلم، أن كل ساكت راض بباطنه وهو من الباطل الذي لا يشتبه على بصير.

ومدح سيرة أبي بكر - رضوان الله عليه - وهو يشكل، إذ خلافة المشار إليه مبنية على الإجماع، وإذا امتنع أشكل شكر شئ مما جرى فرعا عليها، والإجماع متعذر، فالشكر ممتنع، بيانه:

أن الإجماع إنما يتقرر(6)، إذا اتفق جميع أهل الإسلام ما بين المشرق إلى المغرب والجنوب(7) والشمال، والعلم بهذا ممتنع، فامتنع ما يبنى عليه، فامتنع شكر ما تفرع عن الخلافة، فتبرهن الإشكال على مذاهب الجارودية،

____________

(1) العثمانية: 182.

(2) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(3) العثمانية: 182.

(4) العثمانية: 183.

(5) المصدر السابق.

(6) ن: تقرر.

(7) ن: إلى.


الصفحة 361
وإن ادعى مدع: أن محصل الإمامة(1) غير ذلك من صنوف الإجماع، فلنذكره(2) ولا أرى إلى ذلك سبيلا.

[ و ](3) قال: (ما الشئ الذي كان علي أجزأ منه فيه، ولم تكن الفتن إلا على رأسه ولم تغلق الفتوح إلا في زمانه)(4).

والذي يقال على هذا: إنه تعرض برسول الله - صلى الله عليه وآله - وسب له، إذ سبه سبه - كما سلف(5) - وأذاه أذاه، وقد سلف أن عليا على الحق(6)، فإن كان الجاحظ أراد أنه كان(7) على الخطأ، فقد كذب رسول الله، وإن ذهب إلى أنه كان فيما فعل على الحق فلا عيب، وإن قال:

لم يكن فيه على غلط ولا صواب، بل هو أمر عارض فلا حيلة ولا ذنب على من لم يجن، وكلام الجاحظ يظهر منه التنقص(8).

وأما الفتن إذا اعتبرت فإن لسان الجارودية يقول: إن مسببها " الشورى " إذ جعل علي أسوة بغيره من أصحاب الشورى، مع الذي روى من لا يتهم من كون عمر - رضوان الله عليه - قال: إن ولوها عليا حملهم على المحجة.

وسنذكر دليل قوله، وربما ذكرنا عيبة غير علي، وإنما أخذ على علي الدعابة، وقد بينا أنها أخلاق النبوة، فالطعن على علي بها مشكل، فلما كان أحد ستة

____________

(1) ن: الإمامية.

(2) ن: فليذكره.

(3) لا توجد في: ن.

(4) العثمانية: 185.

(5) تقدم ص: (104).

(6) تقدم ص: (94).

(7) لا يوجد في: ن.

(8) ن: النقض.


الصفحة 362
تعلقت خواطر الحمية(1) بها، وعلي كان يرى نفسه - حقا - المحل(2) القابل لها، وأنه مستحق الخلافة(3) فلما ولي عثمان، ولي علي ضعف بمن عداه من رجال " الشورى " المتشوقين إلى الخلافة، المتقوين بإدخالهم في " الشورى "، وضم إلى ذلك حوادثه، فقتل، وكان الحادث الذي جرى بالبصرة بسبب قتله، واختلاف الجماعة على علي - عليه السلام -، ثم كان فرع قتل عثمان، صفين وقيام معاوية في الأخذ بثأره. ثم كانت الواقعة الخارجية بسبب حرب صفين.

وقد بينا مع قطع النظر عن النصوص الناصرة أمير المؤمنين - عليه السلام - أنه لم يكن سبب شئ مما جرى، وأنه بمقام من بغي عليه عن قرب، فكيف وقد ثبت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبر بما جرى من مخاصمته للناكثين والقاسطين والمارقين وأن عمارا - رحمه الله تعالى - تقتله الفئة الباغية في " الصحيح "، وتلك المحاربات كانت الشاغلة عليا - عليه السلام - عن الفتوح، فليس عليه درك، ولأن ألزم الدرك غير مهمل لزم ذلك الأنبياء في تخلف من تخلف عنهم. واختلال أحوال الرعية فيما صدر منهم، وهو باطل لا محالة.

وذكر (شيئا يتعلق بحال سلمان في موافقته(4))(5) وليس ذلك مما يثبت حقا أو ينقض(6) باطلا لضعف أصله.

الإشارة إلى ما وعدت به من ذكر قول عمر - رضوان الله عليه -: إن ولوها

____________

(1) ن: الخمسة.

(2) ق: والمحل.

(3) ق ون: للخلافة.

(4) ن: موافقة.

(5) العثمانية: 186.

(6) ن: ينقص.


الصفحة 363
عليا حملهم على المحجة، فأقول(1): إن السيد المعظم المرتضى حكاه عن البلاذري في تاريخه. صورة اللفظ: " إن ولوها الأجيلح سلك بهم الطريق).

قال ابن عمر: فما يمنعك منه، قال: أكره أن أتحملها حيا وميتا(2).

ونقلنا من كتاب " السقيفة " - تصنيف الجوهري - ما يناسب هذا.

وقد روى صاحب كتاب " الاستيعاب " في إسناد(3) - لا أتهم فيه أحدا على السنة معروفا بقول باطل - متصل يقول في سياق الحديث:

فقال: ويحك يا ابن عباس ما أدري ما أصنع بأمة محمد؟ قلت:

ولم(4) وأنت بمحمد الله قادر على أن تضع ذلك مكان الثقة، قال: إن أراك تقول: إن صاحبك أولى الناس بها - يعني عليا - قلت: أجل والله إني لأقول(5) ذلك في سابقته(6)، وصهره، قال: إنه كما ذكرت، ولكنه كثير الدعابة(7).

____________

(1) ن: وأقول.

(2) الشافعي: 258.

(3) والحديث كما جاء في المصدر:

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قراءة مني عليه من كتابي وهو ينظر في كتابه، قال: حدثنا أبو محمد قاسم بن أصبغ، حدثنا أبو عبيد بن عبد الواحد البزار، حدثنا محمد بن أحمد بن أيوب، قال قاسم: وحدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ، حدثنا سليمان بن داود، قالا حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا: محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، قال: بينا أنا أمشي مع عمر يوما إذ تنفس نفسا ظننت إنه قد قبضت أضلاعه، فقلت: سبحان الله، والله ما أخرج منك هذا يا أمير المؤمنين إلا أمر عظيم، فقال: ويحك يا ابن عباس... إلى آخره.

(4) ق: وهم.

(5) ق: لا أقول.

(6) في المصدر بزيادة: وعلمه وقرابته.

(7) الاستيعاب: 3 / 1119.


الصفحة 364
ولم أثبت ما أعرفه من الطرق(1) في ذلك، إذ هذا الموضع موضع إيجاز(2) الغرض منه ما ينهض بالرد على الجاحظ. ومنع (أن يكون سلمان - رضي الله عنه - قال ما قال من الكلام الفارسي، لأنه كان يريد تثبيت إمامة علي - عليه السلام - والحاضرون عرب)(3).

والجواب: بما أن المصدور ينفث ولو كان خاليا، ويتأوه ولو كان فريدا، ولما رأى سلمان أن الرئاسة قد خرجت عن يد أربابها، وغلب عليها الأبعد دون الأقرب، والمفضول دون الأفضل، قال ما قال، اتباعا لعادة المكروب عند كربته وشدته.

قال: (وإذا كان جميع من حضر لا يعرف تفسير الكلمة، تعين أن يكون سلمان فسرها لهم، ولو كان كذا، لنقل).(4) وأقول:.

إن هذا فاسد، وما يدري الجاحظ أنه ما حضر المجلس من يفهم الكلمة؟ إذ العرب كانوا مترددين إلا بلاد فارس وغيرها، فبين مستجد(5) وتاجر، أو معاشرين لمن كان هذا فنه.

أما إن العرب الذين حاضروا ما خلطوا أعجميا، ولا من خالط أعجميا عرفوا منه شيئا من كلام العجم فتحكم ساقط، مدفوع، لا يذهب إليه ذو حس. [ وأما أنه لو كان فسرها لنقل، فممنوع، إذ الجمهور ممن حضر، كانوا

____________

(1) ن: الطريق.

(2) قال: إنجاز.

(3) قال الجاحظ: وإن كان سلمان على ما قد وصفتم، وبالمكان الذي وصفتم من الحكمة والبيان، فما دعاه إلى أن يكلم العرب والأعراب بالفارسية، وهو عربي اللسان فصيح الكلام، وهو يعلم أنه لم يكن بحضرة المدينة فرس ولا من يتكلم بالفارسية ولا من يفهمها. انظر العثمانية: 187.

(4) العثمانية: 188 نقله بالمعنى.

(5) ق: مستنجد.


الصفحة 365
بمقام الانحراف عن أمير المؤمنين عليه السلام، مع أنه ليس كل مقول منقولا ولا كل منقول متصلا. ](1).

وتعلق: (بأن سلمان لو قال ذلك وعرف أنكر عليه شيع أبي بكر)(2) والجواب عن هذا: بما أن أبا عثمان بعيد عن الحكمة، نازح عن التدبير الموزون ذو لفظ، غثه أكثر من سمينه، لا يعرف وجوه الرأي، ولا يستوي زند الاعتبار، فلهذا يتفوه بما يتفوه به، وينهض تارة مع أمير المؤمنين عليه السلام وتارة مع العباسية، وتارة مع العثمانية، يريد بذلك رضا الجميع، وذلك موضع السفه، إذ الجميع عند ذلك ساخطون عليه، ذامون له، عائبون عليه فعله قادحون في دينه.

وإذا عرفت هذا، فإن الحكمة قاضية بأن الأمور إذا استقرت أو ما استقرت وطعن فيها طاعن، يريد نقض إبرامها، وتهويشها، أن يلغى(3) حديثه. ويقع الإضراب عن مراجعته، لئلا يتسع الحديث ويتنبه المتنبه، ويراجع ذهنه الغافل، ويعطف عن تنقيبه العاقل، ويكون ذلك مادة لنقض الإبرام، ودحض ما أظفر به الوقت من المرام.

واعترض التعلق (بمخالفة)(4) خالد بقوله: " يا بني عبد مناف، أرضيتم بأن يلي هذا الأمر غيركم "؟ بأن قال: إن خالدا إن كان أراد عموم بني عبد مناف، فليس لقول خالد معنى، وإن كان في(5) قوم دون قوم فليس هو عاما، وإن كان في عبد مناف للشرف والقرابة، فالعباس أولى بذلك من علي

____________

(1) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.

(2) العثمانية: 189 منقول بالمعنى.

(3) ق: نلغى.

(4) ق: مخالفة.

(5) ن: من.


الصفحة 366
وجميع بني عبد مناف)(1).

أقول: إن الجارودية تستفسر أبا عثمان، فإن قال: أردت بالشرف، العلم والفضل والزهد والجهاد والمعاني النفسانية والكسبية، فإن العيان يكذبه، ولسان النبوة ولسان السيرة، وإن أراد بالشرف تعظيم الرسول له، وتعظيم الله له، فقد كذب، وإن أراد بالشرف، أن العباس كان أكبر من علي، فليس ذلك موضع الشرف، وإن أراد، أنه كان عند الصحابة أكبر(2) قدرا من علي، فقد كذب. ولأن كان هذا فهو قدح في الصحابة عظيم، إذ يرجحون العباس - رضي الله عنه - على علي عليه السلام ويؤيد ذلك أن عمر لم يدخله في " الشورى " ولا أهله - رضي الله عنه - لها.

قال: (وأما قوله: " أرضيتم يا بني عبد مناف " فإنه لم يرد عليا بالتخصيص)(3).

وأطال كلامه الغث الذي لا ينهض بحجة، إذ غرض الخصم أنه ما وافق على خلافة أبي بكر - رضوان الله عليه -، والإجماع إنما ينتظم باتفاق الجميع، وهو أصل الخلافة، فإذا انتفى، انتفت.

وليس الجارودية متعلقين(4) بخلاف خالد، في أن ذلك مثبت خلافة علي، ولو صرح خالد بخلافة علي ما قامت من ذلك حجة عند عاقل، إذ الرواية من طريق الخصم واردة باستخلافه، وما قامت عنده بذلك حجة، فكيف تقوم بقول خالد؟ هذا محال.

____________

(1) العثمانية: 190.

(2) ج و ق: أكثر.

(3) العثمانية: 191 منقول بالمعنى.

(4) ق: في الجارودية من يتعلق.


الصفحة 367
وقال: (إن الخارج رجع)(1) وهذه دعوى.

وقال: (إن الأنصار بعد قولهم: منا أمير، رجعوا)(2). وهذا قول رجل بالسيرة أو معاند، إذ رأس الأنصار مات على الخلاف وهو سعد ابن عبادة والأنصار خصمتهم رواية(3) أبي بكر " الأئمة من قريش ".

[ و ](4) قال عن علي عليه السلام: (ولو ذكروه(5) - إشارة إلى من خالف - ما كان لذكرهم دليل على أنه أولى بالإمامة من أبي بكر، مع ما(6) عددناه من خصاله التي لا يفي بها علي ولا غيره)(7).

والذي يقول لسان الجارودية في هذا: إن النبي (صلى الله عليه وآله) بنى عليه. وأثبت(8)، قصة الغار والعريش، وربما تعلق بقصة مسطح وصدقة أبي بكر، وقال: إن ما سوى ذلك مما لا يبرئ من سقم ولا يرد من حيرة(9) يجب تركه في الجانبين.

والذي يقول لسان الجارودية في هذا: إنا قد أجبنا عن حديث الغار والعريش والصدقة، وعن حال مسطح وكذا أجبنا عن غير ذلك من فنون عددها(10) في السيرة.

____________

(1) العثمانية: 192.

(2) العثمانية: 193.

(3) ق: برواية.

(4) لا توجد في: ق.

(5) ن: ولو لاما.

(6) في المصدر: مهما.

(7) العثمانية: 193.

(8) ج و ق: أثبته.

(9) ن: حرة.

(10) ق: عددتها.


الصفحة 368
وإذا عرفت هذا، فاعلم أن عدو أمير المؤمنين محجوج بقوله في كون الذي روى غير ما أشار إليه، لا عبرة به، وقد بينا الجواب عما أشار إليه.

ولنذكر شيئا جمليا من ممادح أمير المؤمنين عليه السلام الثابتة، عند القوم فنقول:

- ولقد أحسن ابن عبد البر وهو ممن لا يتهم في قوله - قال أبو عمر:

فضائله لا يحيط بها كتاب، وقد أكثر الناس من جمعها، فرأيت الاقتصار منها على النكت التي يحسن المذاكرة بها. وحكى عن أحمد بن حنبل ما صورته:

قال أحمد بن حنبل، وإسماعيل بن إسحاق القاضي: لم يرو في فضل أحد من الصحابة بالأحاديث(1) الحسان ما روي في فضائل علي بن أبي طالب. وكذلك قال أحمد بن شعيب(2) بن علي النسائي(3).

وقال أخطب خطباء خوارزم في أول كتابه(4) - المناقب - وذكر فضائل

____________

(1) قال: الأحاديث.

(2) كل النسخ: أحمد بن سعيد بن علي النسوي وفي ق: السري.

(3) الاستيعاب: 2 / 466.

وذكره أيضا ابن حجر في صواعقه: 72، والعسقلاني في فتح الباري: 8 / 71 والشبلنجي في نور الأبصار: 73.

وفي مستدرك الصحيحين: 3 / 107.

روى بسنده عن محمد بن منصور الطوسي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب (عليه السلام).

وجاء في الإمامة والسياسة: 93.

قال: وذكروا إن رجلا من همدان يقال له برد قدم على معاوية فسمع عمروا يقع في علي عليه السلام فقال له: يا عمرو إن أشياخنا سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. فحق ذلك أم باطل؟ فقال عمرو: حق! وأنا أزيدك أنه ليس أحد من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) له مناقب مثل مناقب علي. ففزع الفتى... الحديث.

(4) ق: كتاب.


الصفحة 369
أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب هذا لفظه: بل ذكر شئ منها، فإن(1) ذكر جميعها يقصر عنه باع الإحصاء بل ذكر أكثرها يضيق عنه نطاق طاقة الاستقصاء ويدل(2) على صدق ما ذكرت(3) ما أنبأني الإمام الحافظ، صدر الحفاظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني، و(4) قاضي القضاة، الإمام الأجل نجم الدين أبو منصور، محمد بن الحسين بن محمد البغدادي، قالا(5): أخبرنا الشريف الإمام الأجل نور الهدى أبو طالب، الحسين بن محمد ابن علي الزينبي - رحمه الله - عن الإمام، محمد بن أحمد بن(6) علي بن الحسن بن شاذان، قال: حدثنا المعافا بن زكريا، أبو الفرج، عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج، عن الحسن بن محمد بن بهرام، عن يوسف بن موسى القطان عن جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ]: لو أن الغياض أقلام، والبحر مداد، والجن حساب، والإنس كتاب، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب(7).

قال: وبهذا الإسناد، عن ابن شاذان، قال: حدثني أبو محمد

____________

(1) المصدر: إذ.

(2) في المصدر: يدلك.

(3) في المصدر بزيادة: ما أخبرني به السيد الإمام الأول المرتضى شرف الدين، عز الإسلام، علم الهدى، نقيب نقباء الشرق والغرب، أبو الفضل محمد بن علي بن محمد بن المطهر بن المرتضى الحسيني في كتابه إلي من مدينة الري، جزاه الله عني خيرا. قال: أخبرني السيد أبو الحسن علي بن أبي طالب الحسيني السيلقي (وفي نسخة السيلقي) بقراءتي عليه قال: أخبرني الشيخ العالم أبو النجم محمد بن عبد الوهاب بن عيسى السمان الرازي، قال: أخبرني الشيخ العالم أبو سعيد محمد بن أحمد بن الحسين النيسابوري الخزاعي، أخبرني محمد بن علي بن محمد بن جعفر الأديب بقراءتي عليه. وأنبأني الإمام الحافظ... إلى آخر.

(4) في المصدر: قال انبأني.

(5) في المصدر: قال أنبأنا.

(6) ق: أبي الثلج عن الحسن بن محمد بن بهرام عن يوسف بن موسى القطان... إلى آخره.

(7) مناقب الخوارزمي: 2.


الصفحة 370
الحسين(1) بن أحمد بن مخلد المخلدي، من(2) كتابه عن الحسين بن إسحاق عن محمد بن زكريا، عن جعفر بن محمد بن عمار عن أبيه، عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] -: إن الله تعالى جعل لأخي علي، فضائل لا تحصى كثرة(3)، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها، غفر الله له ما تقدم، من ذنبه(4) ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة(5) رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله، غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع(6).

ثم قال: النظر إلى علي(7) عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل الله إيمان عبد إلا بولايته، والبراءة من أعدائه(8).

وقد رأيت الاقتصار على هذا. إذ الشروع في أمثال هذا يقطعنا عما نحن بصدده من مبادرة الانتصار لمولانا أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - في فنون، سوف يأتي في مطاوي هذه الأوراق.

وذكر القصة في مناظرة علي أصحاب " الشورى " وهي جميلة جدا، في إسناد مرفوع(9).

____________

(1) المصدر: الحسن.

(2) المصدر: في.

(3) ن والمصدر: كثيرة.

(4) في المصدر بزيادة: وما تأخر.

(5) في المصدر: لذلك الكتاب.

(6) في المصدر بزيادة: ومن نظر إلى كتاب من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر (7) في المصدر: النظر إلى أخي علي بن أبي طالب عبادة.

(8) مناقب الخوارزمي: 1 و 2.

(9) قال الخوارزمي في مناقبه: 221. وأخبرني الشيخ الإمام شهاب الدين أفضل الحفاظ أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي، فيما كتب إلي من همدان، أخبرني

=>


الصفحة 371

____________

<=

الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد، فيما أذن لي في الرواية عنه، أخبرني الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، أخبرني الإمام الحافظ طرز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الإصبهاني، قال الشيخ الإمام شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني، وأخبرنا بهذا الحديث عاليا الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الإصبهاني في كتابه إلي من إصبهان سنة 488، عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثني سليمان بن محمد بن أحمد، حدثني يعلى بن سعد الرازي، حدثني محمد بن حميد، حدثني زاهر بن سليمان بن الحرث بن محمد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال:

كنت مع علي في البيت يوم الشورى، وسمعته يقول لهم: لأحتجن عليكم بما لا يستطيع عربيكم ولا عجميكم تغيير ذلك، ثم قال: أنشدكم الله أيها النفر جميعا أفيكم أحد وحد الله قبلي؟ قالوا: لا. قال: فأنشدكم الله، هل منكم أحد له أخ مثل جعفر الطيار في الجنة مع الملائكة؟ قالوا: اللهم لا. قال: أنشدكم الله، هل فيكم أحد له عم كعمي حمزة أسد الله وأسد رسوله سيد الشهداء غيري؟ قالوا: اللهم، لا. قال: أنشدكم بالله، هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت محمد سيدة نساء أهل الجنة غيري؟ قالوا: اللهم، لا. قال:

أنشدكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة غيري؟ قالوا: اللهم، لا. قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد ناجى رسول الله صلى الله عليه وآله عشر مرات، قدم بين يدي نجواه صدقة، قبلي؟ قالوا: اللهم، لا. قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد قال له رسول الله من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، ليبلغ الشاهد الغايب غيري؟ قالوا: اللهم، لا. قال: فأنشدكم الله، هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) اللهم ائتني بأحب خلقك إليك والي، وأشدهم لك حبا ولي حبا يأكل معي من هذا الطير فأتاه وأكل معه غيري؟ قالوا:

اللهم، لا. قال: فأنشدكم الله، هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح الله على يده إذ رجع غيري منهزما غيري؟ قالوا: اللهم، لا قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال فيه رسول الله لوفد بني وليعة لتنتهين، أو لأبعثن إليكم رجلا نفسه كنفسي، وطاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي، يقتلكم بالسيف غيري؟ قالوا: اللهم، لا. قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال رسول الله كذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا غيري؟ قالوا: اللهم، لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد سلم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف ملك من الملائكة، منهم جبرئيل، وميكائيل وإسرافيل حيث جئت بالماء إلى رسول الله من القليب غيري؟ قالوا: اللهم، لا.

=>


الصفحة 372

____________

<=

قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له جبرئيل هذه هي المواساة فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنه مني وأنا منه وقال جبرئيل: وأنا منكما غيري؟ قالوا: اللهم، لا. قال:

فأنشدكم الله هل فيكم أحد نودي من السماء لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي غيري؟

قالوا: اللهم، لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين على لسان النبي غيري؟ قالوا: اللهم، لا. قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) إني قاتلت على تنزيل القرآن وتقاتل على تأويل القرآن غيري؟ قالوا:

اللهم، لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد ردت عليه الشمس حتى صلى العصر في وقتها غيري؟ قالوا: اللهم، لا. قال: فأنشدكم بالله هم فيكم أحد أمره رسول الله أن يأخذ براءة من أبي بكر، فقال أبو بكر: يا رسول الله نزل في شئ؟ فقال: إنه لا يؤدي عني إلا علي غيري؟ قالوا: اللهم، لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا كافر غيري؟ قالوا: اللهم، لا. قال: فأنشدكم بالله أتعلمون أنه تعالى أمر بسد أبوابكم وفتح بابي فقلتم في ذلك، فقال رسول الله ما سددت أبوابكم ولا فتحت بابه، بل الله سد أبوابكم، وفتح بابه غيري؟ قالوا: اللهم، نعم. قال: فأنشدكم بالله، أتعلمون أنه ناجاني يوم الطائف دون الناس فأطال ذلك فقلتم ناجاه دوننا، فقال: ما أنا انتجيته بل الله انتجاه غيري؟ قالوا: اللهم، نعم. قال: فأنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال الحق مع علي وعلي مع الحق يدور الحق مع علي كيف ما دار، قالوا: اللهم، نعم. قال: فأنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله قال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما أن تمسكتم بهما ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض. قالوا: اللهم، نعم. قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد وقى رسول الله من المشركين بنفسه، واضطجع في مضجعه غيري؟ قالوا: اللهم. لا. قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبد ود العامري حيث دعاكم إلى البراز غيري؟ قالوا: اللهم، لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير حيث قال: أما يريد... إلى آخره غيري؟ قالوا: اللهم، لا.

قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله: أنت سيد العرب غيري؟ قالوا: اللهم، لا قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما سألت الله شيئا إلا سألت لك غيري؟ قالوا: اللهم، لا. قال أبو الطفيل: كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات بينهم فسمعت عليا [ عليه السلام ] يقول: بايع الناس أبا بكر وأنا والله أولى بالأمر والحق به منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف. ثم بايع أبو بكر لعمر وأنا والله أحق بالأمر منه فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا، ثم أنتم تريدون أن تبايعوا لعثمان إذن لا أسمع ولا أطيع، إن عمر جعلني في خمس نفر

=>


الصفحة 373

____________

<=

أنا سادسهم، لأيم الله لا يعرف لي فضل في الصلاح ولا يعرفونه لي كما نحن فيه شرع سواء وأيم الله لو أشاء أن أتكلم ثم لا يستطيع عربهم ولا عجمهم، ولا المعاهد منهم، ولا المشرك أن يرد خصلة منها ثم قال: أنشدكم الله أيها الخمسة أمنكم أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد له عم مثل عمي حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد له ابن عم مثل ابن عمي رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد له أخ مثل أخي المزين بالجناحين يطير مع الملائكة في الجنة؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيدة نساء هذه الأمة؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد له سبطان مثل ولدي الحسن والحسين سبطي هذه الأمة ابني رسول الله (صلى الله عليه وآله) غيري؟ قالوا: لا. قال:

أمنكم أحد قتل مشركي قريش غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد وحد الله قبلي؟ قالوا:

لا. قال: أمنكم أحد صلى إلى القبلتين غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد أمر الله بمودته غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) غيري؟ قالوا:

لا. قال: أمنكم أحد سكن المسجد يمر فيه جنبا غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد ردت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلى العصر غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين قرب إليه الطير فأعجبه: اللهم ايتني بأحب خلقك إليك، يأكل معي من هذا الطير، فجئت وأنا لا أعلم ما كان من قوله فدخلت فقال: والي يا رب، والي يا رب غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد كان أقتل للمشركين عند كل شديدة تنزل برسول الله غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد كان أعظم عناء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مني حتى اضطجعت على فراشه ووقيته بنفسي وبذلت مهجتي غيري؟ قالوا: لا. قال:

أمنكم أحد كان يأخذ الخمس غيري وغير زوجتي فاطمة؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد كان له سهم في الخاص وسهم في العام غيري؟ قالوا: لا. قال: أمنكم أحد يظهره كتاب الله غيري حتى سد النبي أبواب المهاجرين وفتح بابي إليه حتى قام إليه عماه حمزة والعباس فقالا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) سددت أبوابنا وفتحت باب علي فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما أنا فتحت بابه، ولا سددت أبوابكم بل الله فتح بابه وسد أبوابكم؟

قالوا: لا. قال: أمنكم أحد تمم أحد تمم الله نوره من السماء حين قال فآت ذا القربى حقه غيري؟

قالوا: اللهم، لا قال: أمنكم أحد ناجى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ست عشر مرة غيري حين قال: * (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) * أعمل بها أحد غيري؟ قالوا: اللهم، لا. قال: أمنكم أحد ولى غمض رسول الله غيري؟

قالوا: اللهم، لا. قال: أمنكم أحد آخر عهده برسوله (صلى الله عليه وآله) حين وضعه في حفرته غيري؟ قالوا: لا.


الصفحة 374
وكذا مدح ابن عباد(1) مولانا - صلى الله عليه - بغرائب فنون معلومة، معروفة لا تدفع، وكذا غيره(2).

ونقلت من كتاب " مقاتل الطالبيين "، بعد أن ذكر مصنفه فنونا من فضائل أمير المؤمنين - عليه السلام - ما صورته:

قال أبو الفرج علي بن الحسين: قد أتينا على صدر من أخباره، فيه مقنع، وفضائله - رضوان الله عليه - أكثر من أن تحصى، والعامل(3) فيها لا

____________

(1) هو إسماعيل بن عباد بن العباس بن عباد بن أحمد بن إدريس الملقب بكافي الكفاة وبالصاحب (لأنه صحب الوزير ابن العميد من الصبا) كان أديبا شاعرا، كاتبا، مؤلفا، تولى الوزارة لآل بويه ولد سنة 320 وقيل 324 وقيل غير ذلك وتوفي عام 384 أو 385. وللصاحب قصائد كثيرة في مدح مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وقد أثبت له أخطب خوارزم أربع مقطوعات في ص:

55 و 65 و 108 و 240 ونحن نكتفي بذكر واحدة منها:


حب النبي وأهل البيت معتمديإذا الخطوب أساءت رأيها فينا
أيا ابن عم رسول الله أفضل منساد الأنام وساس الهاشمينا
يا قدوة الدين يا فرد الزمان الصخلمدح مولى يرى تفضيلكم دينا
هل مثل سبقك للإسلام لو عرفواوهذه الخصلة الغراء تلفينا
هل مثل علمك إن زلوا وإن وهنواوقد هديت كما أصبحت تهدينا
هل مثل جمعك للقرآن تعرفهلفظا ومعنى وتأويلا وتبيينا
هل مثل حالك عند الطير تحضرهبدعوة نلتها دون المصلينا
هل مثل بذلك للعاني الأسيروللطفل الصغير وقد أعطيت مسكينا
هل مثل ضبرك إذ خانوا وإذ خبرواحتى جرى ما جرى في يوم صفينا
هل مثل فتواك إذ قالوا مجاهرةلولا علي هلكنا في فتاوينا
يا رب سهل زياراتي مشاهدهمفإن روحي تهوى ذلك الطينا
يا رب صير حياتي في محبتهمومحشري معهم آمين آمينا

(2) كذلك أثبت قطعات من الشعر لجماعة يمدحون بها أمير المؤمنين عليه السلام منهم: العباس بن عبد المطلب: 8 وخزيمة بن ثابت الأنصاري: 16 وبديع الزمان الهمداني: 38 و 99 وحسان بن ثابت: 80 والسيد الحميري: 99 و 108 بالإضافة إلى قصائد أخطب خوارزم المنتشره في الكتاب.

(3) المصدر: القليل منها.