لما نزلت * (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين أوجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما(4).
وروى فنونا جمة غير هذا من البواعث على محبة أهل البيت، فقال:
أخبرنا أبو حسان المزكي [ قال ] أخبرنا أبو العباس، محمد بن إسحاق [ قال ]، حدثنا الحسن بن علي بن زياد السري، [ قال ] حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني(5) [ قال ] حدثنا حسين الأشقر [ قال ] حدثنا قيس [ قال ] حدثنا الأعمش، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: لما نزلت * (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * فقالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الذين أمرنا
____________
(1) ق: بدله فيها (محمد بن علي).
(2) ق: حسن.
(3) ج: الأسفر.
(4) وذكر الزمخشري في الكشاف في تفسير قوله تعالى: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قال: وروى أنها لما نزلت، قيل: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما.
وذكر ذلك أيضا الرازي في تفسيره: في تفسير الآية. وأورد أيضا السيوطي في الدر المنثور: في تفسير الآية المذكورة قال: وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟
قال: علي وفاطمة وولداهما.
وذكره أيضا المحب الطبري في ذخائر العقبى: ص 25 وقال: أخرجه أحمد في المناقب.
وأيضا ذكر ذلك الهيثمي في مجمع الزوائد: 7 / 103 و 9 / 168 وابن حجر في صواعقه:
ص 101 والشبلنجي في نور الأبصار ص 101 نقلا عن البغوي في تفسيره.
(5) ن: الجماني.
وقال: أخبرنا أبو بكر بن الحرث [ قال ] حدثنا أبو السبح(2) [ قال ]، حدثنا عبد الله(3) محمد بن زكريا [ قال ]، أخبرنا إسماعيل بن يزيد [ قال ] حدثنا قتيبة بن مهران [ قال ] حدثنا عبد الغفور أبو الصباح عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن علي - رضي الله عنه -، قال: فينا في آل حم، إنه لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن، ثم قرأ(4) * (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *.
قال الكلبي: قل(5) لا أسئلكم على الإيمان جعلا إلا أن توادوا قرابتي(6) وقد رأيت أن أذكر شيئا من الآي الذي يحسن أن تتحدث(7) عنده.
[ و ](8) تعلق(9) بقوله تعالى: * (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) *(10) وليس هذا دافعا كون القرابة إذا كان ذا دين وأهلية(11) أن يكون أولى من غيره وأحق ممن سواه بالرئاسة.
وتعلق بقول رسول الله لجماعة من بني عبد المطلب " إني لا أغني عنكم من الله شيئا "(12) وهي رواية لم يسندها عن(13) رجال ولم يضفها إلى كتاب.
____________
(1) ن: وولدهما.
(2) ق: أبو الشبح.
(3) ن: عبد الله بن محمد بن زكريا.
(4) ن: اقرأ.
(5) ج: قال.
(6) الكشف والبيان: مخطوط.
(7) ق ون: يتحدث.
(8) لا توجد في: ج و ن.
(9) العثمانية: 206.
(10) النجم: 39.
(11) ن: أهل.
(12) العثمانية: 207.
(13) ق: إلى.
____________
(1) ن: حدثني.
(2) لا توجد في: ق.
(3) ن: أجازيه.
(4) لا توجد في: ق.
(5) الكشف والبيان: مخطوط.
وذكره أيضا الزمخشري في الكشاف في تفسير قوله تعالى * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * إلا أنه فيه: فإنا أجازيه عليها. وكذلك ذكره الشبلنجي في نور الأبصار: 100، والمحب الطبري في ذخائر العقبى: 20 باختلاف في اللفظ. وأيضا في ذخائر العقبى: 19 من صنع إلى أحد من أهل بيتي معروفا فعجز عن مكافأته في الدنيا فإنا المكافئ له يوم القيامة.
(6) محمد بن عمران بن موسى بن سعيد بن عبيد الله المرزباني الخراساني الأصل البغدادي.
كاتب. راوية للآداب، كثير السماع ولد ببغداد في جمادى الآخرة سنة 296 وقيل 297 وحدث عن البغوي وابن دريد ونفطويه وغيرهم وروى عنه الصيمري وأبو القاسم التنوخي وأبو محمد الجوهري. توفي في 2 شوال سنة 384 ببغداد وتصانيفه كثيرة منها: " أخبار الشعراء " و " الأوائل في أخبار الفرس القدماء " و " الشباب والشيب " و " الزهد وأخبار الزهاد " و " أشعار النساء " و " أخبار البرامكة ". انظر: سير أعلام النبلاء: 10 / 259 وتاريخ بغداد: 3 / 135 وفيات الأعيان:
5 / 95 معجم الأدباء: 18 / 268.
(7) ن بزيادة: الذي صنفه.
ومن سورة النساء، حدثنا علي بن محمد، قال: حدثني(1) بن الحكم الجبري قال: حدثنا حسن بن حسين، قال: حدثنا حيان(2) بن(3) الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) *. الآية(4) نزلت(5) في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته وذوي أرحامه، وذلك أن كل سبب ونسب منقطع [ يوم القيامة ](6) إلا ما كان من سبب ونسبه، * (إن الله كان عليكم رقيبا) *(7).
والرواية عن عمر - رضوان الله عليه - شاهدة(8) بمعنى هذه الرواية حيث ألح بالتزويج عند أمير المؤمنين صلوات الله عليه(9)..
____________
(1) ن: الحسين.
(2) ن: حبان.
(3) ن: عن.
(4) النساء: 1 - * (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منها رجالا كثيرا والنساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) *.
(5) لا توجد في: ن وفيها: يعني حفيظا.
(6) ما بين المعقوفين لا يوجد في: ن.
(7) ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين: مخطوط.
(8) لا توجد في: ن.
(9) حلية الأولياء: 7 / 314.
روى بسنده عن جابر: قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يقول: ينقطع يوم القيامة كل سبب ونسب إلا سببي ونسبي. وفي مجمع الزوائد:
9 / 173.
عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قال: كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي. ورواه أيضا الهيثمي بطريق آخر، والمناوي في فيض القدير: 5 / 20 وفي ص 35 باختلاف يسير. وروى الحاكم في مستدركه: 3 / 158.
بسنده عن المسور بن مخرمة، أنه بعث إليه حسن بن حسن عليه السلام يخطب ابنته فقال له:
=>
أقول: إن الجاحظ جهل أو تجاهل، إذ هي في شأن الكافرين، لا في
____________
<=
قل فليأتني في العتمة. قال: فلقيه فحمد الله المسور، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد أيم الله ما
من نسب ولا سبب ولا صهر أحب إلي من نسبكم وسببكم وصهركم، ولكن رسول الله صلى الله
عليه [ وآله ] وسلم قال: فاطمة بضعة مني، يقبضني ما يقبضها، ويبسطني ما يبسطها، وأن
الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي وسببي وصهري، وعندك ابنتها ولو زوجتك لقبضها ذلك،
فانطلق عاذرا له. والهيثمي في مجمعه: 8 / 216.
عن ابن عباس قال: وتوفي ابن لصفية عمة رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم، فبكت
عليه، وصاحت، فأتاها النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فقال لها: يا عمة ما يبكيك؟
قالت: توفي ابني، قال: يا عمة من توفي له ولد في الإسلام فصبر، بنى الله له بيتا في الجنة
فسكتت ثم خرجت من عند رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فاستقبلها عمر بن الخطاب
فقال: يا صفية قد سمعت صراخك إن قرابتك من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لن
تغني عنك من الله شيئا فبكت، فسمعها النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم وكان يكرمها
ويحبها، فقال: يا عمة أتبكين وقد قلت لك ما قلت؟ قالت: ليس ذاك يا رسول الله وكان يكرمها
ويحبها، فقال: يا عمة أتبكين وقد قلت لك ما قلت؟ قالت: ليس ذاك يا رسول الله استقبلني
عمر بن الخطاب فقال: إن قرابتك من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لم تغني عنك من
الله شيئا، قال: فغضب النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم وقال: يا بلال هجر بالصلاة فهجر
بلال بالصلاة فصعد المنبر النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما
بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع. كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي فإنها
موصولة في الدنيا والآخرة. وذكره أيضا ابن حجر في صواعقه: ص 138، والمحب الطبري
في ذخائر العقبى: ص 6 بدون تصريح باسم عمر بن الخطاب. وذكر المتقي في كنز العمال:
1 / 98.
قال: عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وهو يقول على
المنبر: ما بال رجال يقولون: رحم رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لا تنفع يوم القيامة
والله إن رحمي لموصولة في الدنيا والآخرة. وذكره أيضا في: 8 / 42 وقال: أخرجه أبو داود
الطيالسي وأحمد بن حنبل وعبد بن حميد وأبو يعلى والحاكم وابن أبي شيبة عن أبي سعيد.
وذكره أيضا ابن حجر في صواعقه: ص 138.
(1) العثمانية: 208.
(2) البقرة: 48.
بيانه قوله تعالى: * (ولا هم ينصرون) *.
وتعلق(1) بقوله تعالى: * (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا) *(2) ولم يتمم الآية، تدليسا وانحرافا، أو جهلا، أو غير ذلك، والأقرب بالأمارات الأول، لأن(3) الله تعالى تمم ذلك بقوله: * (ولا هم ينصرون إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم) *.
وخلصاء الذرية والقرابة مرحومون بالآي والأثر، فسقط تعلقه، مع أن هذا جميعه ليس داخلا في كون ذي الدين والأهلية لا يكون له ترجيح في الرئاسة وتعلق له بالرئاسة.
وتعلق(4) بقوله تعالى: * (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) *(5) وليس هذا مما يدخل في تقريره الذي شرع فيه، وإن كان حديثا خارجا عن ذلك، فالجواب عنه: بما أن المفسرين أو بعضهم قالوا في معنى قوله تعالى: " سليم " أي: لا يشرك(6) وهذا صحيح.
وتعلق(7) بقوله تعالى: * (اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده، ولا مولود) *(8). وليس هذا من الرئاسة الدنياوية في شئ.
____________
(1) العثمانية: 208.
(2) الدخان: 41.
(3) ن: إن.
(4) العثمانية: 208.
(5) الشعراء: 88 و 89.
(6) ن: لا شريك.
(7) العثمانية: 208.
(8) لقمان: 33.
* (يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده
=>
وبعد فإن المفسرين قالوا عند قوله تعالى: * (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) *(2) قالوا(3): الشفاعة وإذا كان الرسول شافعا في عموم الناس فأولى أن يشفع في ذريته ورحمه وكذا قيل في قوله تعالى: * (ولسوف يعطيك ربك فترضى) *(4) إنها الشفاعة.
وتعلق(5) بقوله تعالى: * (واتل عليهم نبأ ابني آدم) *(6) وليس هذا مما حاوله من سابق تقريره في شئ.
وتعلق في قصة نوح وكنعمان(7)، وليس هذا مما(8) نحن فيه في شئ، أين كنعان من سادات الإسلام؟.
وتعلق(9) بقوله تعالى: * (لا ينال عهدي الظالمين) *(10) وللإمامية في هذا
____________
<=
شيئا إن وعد الله حتى فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله بالغرور) *.
(1) ن بزيادة: هذا.
(2) الإسراء: 79.
* (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) *.
(3) ج و ق: قال.
(4) الضحى: 5.
(5) العثمانية: 208 و 209.
(6) المائدة: 27.
والآية كاملة: * (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من
الآخر قال: لأقتلنك قال: إنما يتقبل الله من المتقين) *.
(7) العثمانية: 209 - 210.
(8) ق: فيما.
(9) العثمانية: 210.
(10) البقرة: 124 * (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال: ومن
ذريتي؟ قال: لا ينال عهدي الظالمين) *.
رواه(1) في شئ من ذلك الرواية من طرق(2) القوم، وساق مالا صيور(3) له فيما نحن بصدده.
وقال في تضاعيف ذلك: (ثم الدليل الذين ليس فوقه دليل، قوله - وعنده أصحاب الشورى وكبار المهاجرين وجلة الأنصار وعلية العرب، وهو موف على قبره، ينتظر(4) خروج نفسه - " لو كان سالم حيا لم(5) يخالجني فيه شك "(6).
وسالم مولى امرأة من الأنصار، وكان حليفا لأبي حذيفة بن عتبة بمكة فلذلك كان يقال، مولى أبي حذيفة)(7).
والذي أقول على هذا: إن الجاحظ أراد أن ينصر(8) فخذل، وأن يعرف فجهل، بيانه: أن أبا بكر - رضوان الله عليه - دفع الأنصار عن الرتبة بقوله: " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: الأئمة من قريش(9) "،
____________
(1) ن: وروي.
(2) ن: طريق.
(3) ج: صبور، والصيور: منتهى الأمر وعاقبته (المنجد).
(4) ق: منتظر.
(5) ق ون: ما.
(5) ق ون: ما.
(6) في المصدر: ما تخالجني فيه الشك.
(7) العثمانية: 217.
(8) ن: ينتصر.
(9) ذكره الطيالسي في مسند حديث 926 وتكملته: ما عملوا بثلاث وحديث 2133 عن أنس بتكملة: إذا حكموا عدلوا، وإذا عاهدوا وفوا، وإن استرحموا رحموا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعلية لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لأقبل منهم صرف ولا عدل. وذكر الحديث السيوطي في الجامع الصغير: 1 / 124 وفيض القدير: 3 / 189.
وروى الجوهري، أن عمر روى: " أن الأئمة من قريش " عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد روى ابن حنبل في " المسند " حديثا متصلا بأبي رافع(2) من متنه: قال عمر(3): لو أدركني أحد رجلين جعلت هذا الأمر إليه، سالم مولى أبي حذيفة، وأبو عبيدة بن الجراح(4).
وحكى الجاحظ: (أن عمر فرض لولده في ألفين ولأسامة في ألفين وخمسمائة، وعلل بأن أسامة خير من عبد الله، وزيد بن حارث كان أحب إلى رسول الله من عمر)(5).
وقال بعد هذا(6) بعد أن أثنى على عمر: (فهل يقدر(7) أحد أن يحكي عن علي مثل الذي حكيناه عن عمر في التسوية أو شطره؟ إذ أكثر ما رأينا في أيدينا عنه قوله: " إني قرأت ما بين دفتي المصحف فلم أجد فيه لبني إسماعيل على بني إسحاق فضلا " فهذا قول - إن قاله(8) - فليس فيه دليل على أنه أراد به الطعن على عمر وإظهار خلافه، لأن عليا قد ملك الأرض أكثر من
____________
(1) ن بزيادة: بل قد روى الجوهري....
(2) ن: بابن أبي رافع.
(3) ن بزيادة: الواقدي.
(4) مسند أحمد بن حنبل: 1 / 20.
وذكره ابن سعد في طبقاته: 3 / 248 وأبو عمر في الاستيعاب: 2 / 561.
(5) العثمانية: 216.
(6) ن بزيادة: و.
(7) ن: يقدم.
(8) في المصدر بزيادة: على.
والذي أقول على هذا: إني أراه كلاما مختلا(4) بنى على أنه فضل أسامة على ابنه ثم شرع يذكر أنه كان يسوي.
وأما قوله: " فهل يقدر أحد أن يحكي عن علي مثل الذي حكيناه عن عمر أو شطره " فإن الجواب عنه: نعم، نقدر أن نحكي من تسوية أمير المؤمنين عليه السلام وعدله ما لا مدفع(5) عنه، بشهود ثلاثة:
الأول: رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله: " إن الحق مع علي ".
الثاني: سيرته، نقل ذلك من لا يتهم.
الثالث: قول عمر: " إن ولوها الأجيلح، حملهم على المحجة ".
وأما حكايته عن أمير المؤمنين - عليه السلام - أنه لا يفضل ولد إسماعيل على ولد إسحاق، فليس منافيا لتقرير عدل عمر، ولا مثبتا له وقد كان ينبغي أن يحكي عن الإمامية(6) الطعن بهذا على عمر، ثم تنازعهم(7) في مدلوله.
وأما قوله: " إن عليا كان يغير دواوين عمر عند مخالفته له في التدبير " فقول ساقط إذ ما كل مراد مفعولا، ولا كل قول مقبولا، وقد كان أمير المؤمنين - عليه السلام - نهى عن التراويح ومعه سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
____________
(1) في المصدر: أكثر الأرض خمس حجج.
(2) ن: العلماء.
(3) العثمانية: 218.
(4) ق: مخلا.
(5) ن: يدفع.
(6) ق: الإمام.
(7) ن: ينازعهم.
وصادم أهل الإمامة (بكونهم يوجبون الإمامة بالقرابة ويقولون إن عليا قال: إن ولد إسماعيل وإسحاق سواء)(1).
والذي أقول على هذا: إنه بهتان: إذ الإمامية لا تجعل الإمامة ميراثا كالأموال. وأما قوله: " إن ولد إسماعيل وإسحاق سواء " فأراد أنه لا فضل لأحد على أحد بشئ إلا بالتقوى، وهذا حق.
قال: (وكيف غضبتم على عمر، لأنه فضل قريشا على العرب، والعرب على العجم، ولم تغضبوا على أنفسكم حين فضلتم بني عبد المطلب على بني هاشم؟)(2) وساق الكلام، وهذا كلام ساقط، دال على جهل قائله، إذ كان ينبغي أن يكون معكوسا، وهو تفضيل(3) بني هاشم على ولد عبد المطلب، وهو أيضا غلط لأن هاشما لم يعقب إلا من عبد المطلب، ومن أسد في فاطمة بنت أسد أم علي - عليه السلام - إذ يكون الحاصل منه، أنا نفضل عبد المطلب على بنيه. ويلزم على صورة ما قال أن نكون(4) مفضلين(5) عبد المطلب وأسد على بني عبد المطلب على التقديرين معا، فإن هذا الإطلاق في الدعوى علينا كذب.
وأما وجه الإشكال على أصحاب الإمامة، فإنه غلط لأن أرباب الإمامة إذا فضلوا بني هاشم على غيرهم، فإنما يفضلونهم بالنسب لا في قسمة أموال
____________
(1) العثمانية: 219.
(2) العثمانية: 219.
(3) ق: يفضل.
(4) ج و ق: يكون.
(5) ج و ق: مفضلي.
قال: (ولو أن قائلا قال: أنا أزعم أن الناس كلهم بعد بني عبد المطلب لصلبه سواء، كما قلتم إن الناس كلهم بعد بني هاشم سواء)(1) ورتب على هذا حديثا أطال فيه، وإذا(2) كان الأصل مهدوما فما ظنك بفرعه، إذ لا يقول أحد، " إن الناس كلهم بعد بني هاشم سواء في شرف الأنساب، وذكر غير هذا مما لا صيور له.
قال: (وأما ما ذكروا من(3) أن الزبير خرج شادا بسيفه يوم السقيفة)(4) وبعد ذلك في كلام فيه بسط، وقال بعده: (وكيف علمتم أن الزبير إنما شد بسيفه(5) ليؤكد لعلي إمامة)(6) في فنون من هذا ساقطة.
والذي يقال على هذا: إن أبا بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري صاحب كتاب " السقيفة " - ولا أعرفه في عدادنا بوجه من الوجوه - قال(7): أخبرنا أبو زيد، عمر بن شبة، قال: حدثنا أحمد بن معاوية قال: حدثنا النضر بن شميل(8)، قال حدثنا محمد بن عمرو، عن سلمان(9) بن عبد الرحمن قال:
رجع أبو بكر فجلس على المنبر، وبايعه الناس، ودخل علي والزبير وناس من بني هاشم بيت(10) فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] - فجاء
____________
(1) العثمانية: 219، 220.
(2) ق: فإذا.
(3) لا توجد في: ق.
(4) العثمانية: 221.
(5) في المصدر: سل سيفه.
(6) ن والمصدر إمامته. انظر العثمانية: 222.
(7) لا يوجد في: ق.
(8) ق: شبيل.
(9) في المصدر: مسلمة.
(10) في المصدر: لما جلس أبو بكر على المنبر، كان علي والزبير وناس من بني هاشم في بيت فاطمة...
وروى غير ذلك مرفوعا، من كون عمر حضر عند فاطمة وتهددها بأن يحرق على علي والزبير إذا دخلا منزلها.
وضعف الخائن ما يروى في هذا (بما ثبت من محاربة الزبير لعلي، وبأنه كان بين الزبير وأبي بكر أسباب واشجة فمن ذلك: إسلامه على يده واحتماله مؤونته في مصاهرته، حيث رغب إليه في تزويجه ابنته أسماء)(11).
والذي يقال على هذا: إن الزبير ظهرت عداوته لعلي - عليه السلام - بعد أن شم روائح الملك واستنشق نسيم الخلافة بإدخاله في الشورى.
والذي أورده الخائن لا يرد على هذا.
وأما ما ذكر من الأسباب الواشجة بينه وبين أبي بكر فقد كان ينبغي أن
____________
(1) المصدر بزيادة: إليهم.
(2) في المصدر: لأحرقن البيت عليكم.
(3) لا يوجد في: ن. وفي المصدر: سيفه.
(4) في المصدر: فصاح به.
(5) في المصدر: أبو عمرو.
(6) ن: خماس.
(7) المصدر: فلقد.
(8) لا توجد في المصدر.
(9) لا توجد في: ق.
(10) السقيفة: 50.
(11) العثمانية: 222 - 226.
ويكفي أرباب الإمامة في مصادمة الزبير كون الإجماع ما حصل وهذا وارد على أوائل كلامه.
وذكر مناظرة الزبير لعلي يوم الشورى، قال: (أخبرني بهذا الكلام أبو زفر عن ضراب(2)، قال: وخبرني(3) جماعة من العثمانية عن محمد بن عائشة)(4) والذي يقال على هذا: إن الخائن متهم، وقد بينا وجوه تهمته، ولا حاجة إلى أن نذكر الفوائت بل الكتاب ليست منقطعة عنه موارد التهمات.
والعجب أن يستدل على الإمامية بروايته عن أبي زفر!! ومن أبو زفر؟
وعن ضراب!! ومن ضراب؟ ثم عمن روى ضراب(5)؟ إذا كان ليس من الصحابة ولا أراه من التابعين.
وأما الرواية عن جماعة من العثمانية فمن الطرائف إيرادها في مساقط النزاع ومآزم(6) المصاع على الإمامية، ولئن ثبتت فهي قادحة في الزبير، لأنها تكذيب لما ثبت عند القوم من تفضيل أمير المؤمنين - عليه السلام - بلسان الرسالة.
____________
(1) ن بزيادة: ما.
(2) ق: ضرار.
(3) ق: أخبرني.
(4) العثمانية: 225.
(5) ق و ج: أبو ضراب.
(6) مآزم: مفرده مأزم، المضيق. والمصاع: مصدر ماصع، المجالدة والمقاتلة، (المنجد).
وادعى (أن الروافض تقول: بأن حذيفة وعمارا كانا كافرين ثم تابا)(2) ولا أعرف هذا قولا لإمامي.
وزعم (أنهما قالا: لا يلي هذا الأمر بعد عمر إلا أصغر(3)، أبتر)(4) ولا نعرف هذا أيضا. بل مخالصتهما لأمير المؤمنين - صلوات الله عليه - وأن عمارا قتل بين يديه، وكان أحد الدلائل على أن معاوية وأصحابه الفئة الباغية بما ثبت عن القوم، وقد أسلفته في مطاوي هذا الكتاب(5). قال: (فإن قالوا:
فما تقول(6) في خطبة أبي بكر التي خطب بها أول خلافته: " وليتكم ولست بخيركم "؟)(7) وذكر وجه الطعن، وذكر وجوها تنافي كون هذا محمولا على الظاهر(8) وليس ذلك مما يوافق عليه الخصوم.
وتعلق أيضا (بكون عمر - رضوان الله عليه - قال: كل أحد أفقه من عمر، عند النهي عن المغالاة في المهور(9))(10).
وهذا التعلق مما تتعلق به الجارودية أيضا فهو محتاج إلى حمل(11)
____________
(1) ن: تصغير.
(2) العثمانية: 226.
(3) المصدر: أصفر.
(4) العثمانية: 226.
(5) تقدمت الإشارة إليه ص: 172.
(6) ن: فيما يقول. والمصدر: فما قول.
(7 و 8) العثمانية: 227.
(9) ق: المهر.
(10) العثمانية: 230.