الفصل السادس
دليل آخر
9ـ زينب ورقية ربيبتان للنبي(ص)
1 ـ قال أبو القاسم الكوفي ما ملخصه:
إنه قد كانت لخديجة أخت أسمها "هالة"، تزوجها رجل مخزومي، فولدت له بنتاً اسمها هالة. ثم خلف عليها أي على هالة الأولى – رجل تميمي – يقال له: أبو هند، فأولدها ولداً اسمه هند.
وكانت لهذا التميمي امرأة أخرى قد ولدت له
وبعد ان تزوجت بالرسول صلى الله عليه وآله ماتت هالة، فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول صلى الله عليه وآله.
وكان العرب يزعمون: أن الربيبة بنت، فلأجل ذلك نسبتا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، مع أنهما بنتان لأبي هند زوج أخت خديجة الخ(74).
2 ـ وقال ابن شهر آشوب، وهو يتحدث عن أن النبي(ص) قد تزوج خديجة وهي عذراء.
وقال أيضاً: "وفي الأنوار والكشف، واللمع، وكتاب البلاذري: أن زينب ورقية كانتا ربيبتيه من جحش"(76).
ولم نفهم المقصود من كلمته الأخيرة: "من جحش" فهل هي تصحيف كلمة هند، أو هالة، أو نحو ذلك؟ ام أن العبارة كانت هكذا: "ربيبة ابن جحش"؟!
فصحفت كلمة "ابن" فصارت: "من"؟!
كل ذلك محتمل ولابد لترجيح أي من الاحتمالات من شاهد ودليل.
خديجة لم تتزوج أحداً قبل النبي(ص):
ولابد لنا من أجل تأييد ما رواه أبو القاسم الكوفي من أن نشير إلى أن البحث العلمي الموضوعي لا يؤيد دعوى البعض: أن خديجة قد تزوجت برجلين قبل النبي(ص).
ولعل هذه الدعوى قد صنعتها يد السياسة، أو أنها قد جاءت لتكريس فضيلة لعائشة أم المؤمنين، مفادها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يتزوج بكراً غيرها.
إذ أن المتتبع للتاريخ والحديث يلمس حرصاً ظاهراً من أم المؤمنين، ومن محبيها، وخصوصاً الزبيريين منهم، على تسطير الفضائل لها، ولو بالإغارة على فضائل غيرها، ونسبتها إليها، كما كان الحال في قضية الإفك، كما أثبتناه في كتاب لنا مطبوع منذ سنوات.
الشواهد والأدلة
وما نستند إليه في شكنا بما يدَّعيه هؤلاء بالنسبة لزواج خديجة بأحدٍ قبل النبي(ص)، بالإضافة إلى ما تقدم نقله عن الاستغاثة، هو ما يلي:
أولاً: اضطراب المعلومات التي يقدمها مدّعو تزوجها عليها السلام برجلين قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فقد جاءت هذه المعلومات متناقضة ومتضاربة إلى حد كبير.
فهل اسم أبي هلالة هو "النباش بن زرارة"، أو "زرارة بن النباش"!
أو اسمه "هند"، أو "مالك"؟!
وهل تزوجته قبل عتيق؟ أو بعده(77)؟!
وبالنسبة إلى "هند" الذي ولدته خديجة، هل هو ابن هذا الزوج؟ أو ابن ذاك؟! فإذا كان ابن عتيق، فهو أنثى(78)، وإن كان ابن ذاك الآخر فهو ذكر.
وهذا الولد الذكر هل مات بالطاعون؟، أم أنه قتل مع علي أمير المؤمنين عليه السلام في حرب الجمل بالبصرة(79)؟
"إن الإجماع من الخاص والعام، من أهل الآنال (الآثار ظ)، ونقله الأخبار عن أنه لم يبق من أشراف قريش، ومن ساداتهم، وذوي النجدة منهم إلا من خطب خديجة، ورام تزويجها، فامتنعت على جميعهم من ذلك.
فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غضب عليها نساء قريش، وهجرنها، وقلن لها:
خطبك أشراف قريش، وأمراؤهم، فلم تتزوجي أحداً منهم؟ وتزوجت محمداً يتيم أبي طالب، فقيراً، لا مال له؟!
فكيف يجوز في نظر أهل الفهم: أن تكون خديجة يتزوجها أعرابي من تميم، وتمتنع من
ألا يعلم ذوو التمييز والنظر: أنه من أبين المحال، وأفظع المقال(80) وثالثاً: كيف لم يعيّرها زعماء قريش، الذين خطبوها فردّتهم، بزوجها من أعرابي، بوال على عقبيه، لا قيمة له ولا شأن؟! ألم تكن هذه فرصة سانحة لهم للانتقام لأنفسهم، من امرأة لم تكترث بهم، ولا بزعامتهم، ورفضت عروضهم عليها، وتقربهم منها، وتزلّفهم إليها؟!
ورابعاً: قال ابن شهرآشوب: "روى أحمد البلاذري، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما، والمرتضى في الشافي، وأبو جعفر في التلخيص: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تزوج بها، وكانت
يؤكد ذلك: ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع: أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة"(81) وقد ذكرنا نحن فيما سبق شواهد أخرى كثيرة على ذلك أيضاً.
تـحـذيـر:
ربما يحاول البعض أن يدعي: أن الحارث ابن أبي هالة، الذي يقال: إنه أول شهيد في الإسلام كان ابناً لخديجة من أبي هالة، وذلك يدل على تزوجها رحمها الله برجل غير النبي صلى الله عليه وآله.
ونقول:
1 ـ لم يثبت لدينا أن الحارث هذا قد كان ابناً
2 ـ دعواهم: أن الحارث هذا هو أول شهيد في الإسلام – والمدعي لذلك هو الشرقي ابن القطامي – يعارضها:
ألف ـ قول ابن عباس: "فقتل أبو عمار، وأم عمار وهما أول قتيلين قتلا من المسلمين"(82)).
ب ـ ما روي بسند صحيح، من أن أول شهيد في الإسلام هو سمية رحمها الله(83)، وكذا روي عن مجاهد أيضاً"(84).
ودعوى: أن سمية كانت هي أول من استشهد من
ليس لها ما يبررها مادام أن كلمة "شهيد"، تطلق على الرجل والمرأة على حد سواء، مثل قتيل وجريح، ولأجل ذلك نجد أبا هلال العسكري قد جعل القول: بأن سمية أول شهيد، في مقابل قول الشرقي ابن القطامي في الحارث بن أبي هلالة، فراجع(85).
الفصل السابع
أحد عشر كوكباً
10 ـ نفي النبي(ص) مصاهرة غير علي(ع)
وثمة دليل آخر على أن أحداً غير علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام لم يكن صهراً لرسول الله(ص)، لا عثمان بن عفان، ولا أبو العاص بن الربيع، ولا غيرهما.
وهو ما روي عن أبي الحمراء، قال:
"قال النبي(ص): يا علي، أوتيت ثلاثاً لم يؤتهن أحد ولا أنا:
وأوتيت صدّيقة مثل ابنتي، ولم أوت مثلها [زوجة].
وأوتيت الحسن والحسين من صلبك ولم أوت من صلبي مثلهما، ولكنكم مني، وأنا منكم"(86).
فلو كان عثمان أو أبو العاص قد تزوجا بنات رسول الله(ص) لم يصح منه (ص) ذلك القول، لاسيما وأن هذا الكلام قد صدر منه (ص) بعد ولادة الحسنين عليهما السلام.
لأنهم يقولون: أن عثمان قد تزوج أم كثلوم بعد وفاة رقية بقليل، أي في سنة ثلاث(87).
وربما يمكن أن يؤيد ذلك بما روي عن أبي ذر الغفاري(ره)، مرفوعاً:
"إن الله تعالى اطلع إلى الأرض إطلاعة من عرشه – بلا كيف ولا زوال – فاختارني، واختار علياً صهراً، وأعطى له فاطمة العذراء البتول، ولم يعط ذلك أحداً من النبيين.
وأعطي الحسن والحسين، ولم يعط أحداً مثلهما.
وأعطي الحوض.
وجعل إليه قسمة الجنة والنار.
ولم يعط ذلك الملائكة الخ.."(88).
حيث ذكرت الرواية عدة أمور اختص بها علي عليه السلام دون سواه، ولم يعط احد مثلها، وذكر من ضمنها اختيار علي عليه السلام صهراً له صلى الله عليه وآله.
11 ـ ابن عمر ماذا يقول:
قال البخاري:
"محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما:
فقال: يمنعني: أن الله حرم دم أخي.
فقالا: ألم يقل الله: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة؟
فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة، وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة، ويكون الدين لغير الله.
وزاد عثمان بن صالح، عن ابن وهب، قال: أخبرني فلان، وحيوة بن شريح، عن بكر بن عمرو المعافري: أن بكير بن عبد الله حدثه، عن نافع: أن رجلاً أتى ابن عمر، فقال:
يا أبا عبد الرحمن، ما حملك على أن تحج عاماً، وتعتمر عاماً، وتترك الجهاد في سبيل الله عز وجل،
قال: يا ابن أخي، بُني الإسلامُ على خمس: إيمان بالله ورسوله، والصلوات الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت.
قال: يا أبا عبد الرحمن، ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله. قاتلوهم حتى لا تكون فتنة؟!
قال: فعلنا على عهد رسول الله(ص)، وكان الإسلام قليلاً، حتى كثر الإسلام، فلم تكن فتنة.
قال: فما قولك في علي، وعثمان؟!
قال: أما عثمان، فكان الله عفا عنه، وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه.
التوضيح:
إن محل الشاهد هو الفقرة الأخيرة من الرواية، وإنما ذكرناها بطولها ليتضح ما يريد ابن عمر أن يقوله لذلك السائل.
وقد صرح شرّاح البخاري بأن السائل رجل خارجي، يريد تسجيل إدانة لعثمان وعلي عليه السلام على حد سواء، أي أنه يريد أن يعترف له ابن عمر بأنهما من مثيري الفتن، الذين يجب قتالهم، استناداً إلى نص القرآن الكريم.
وقد حاول ابن عمر أن يدافع عن عثمان، لكنه لم
ولكنه بالنسبة لعلي، الذي حارب عائشة، وطلحة، والزبير، في الجمل. ومعاوية في صفين، ثم خوارج النهروان، قد ذكر أموراً ثلاثة، اعتبرها كافية لدفع ما يريد ذلك السائل إلصاقه به.
وهذه الأمور تشير إلى مزيد قربه عليه الصلاة والسلام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومكانته لديه، واختصاصه به. وهي التالية:
1 ـ كونه عليه السلام ابن عم رسول الله(ص).
2 ـ كونه صهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وختنه على ابنته.
3 ـ كون بيته في ضمن بيوت رسول الله صلى
فلو كان عثمان أيضاً صهراً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكان المناسب لابن عمر أن يستدل به على السائل، بل كان أنسب من غيره، وذلك للحاجة الماسة إلى كل ما من شأنه أن يظهر قربه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومقامه منه – لو كان – بغية دفع الشبهة عنه، والتي كانت في أمره أقوى منها بالنسبة إلى علي عليه السلام، لسبق صدور المخالفة منه، حتى استحق العفو.
فإلى متى يؤجل ابن عمر هذا الاستدلال القوي والحساس، فإنه – كما يقال – لا عطر بعد عروس.
وبما ذكرناه يتضح عدم صحة القول بأن كلام ابن عمر هذا لا يدل على نفي صهرية عثمان، لأن إثبات أمر في مورد لا يدل على نفي ذلك الأمر عن مورد
فإنه إذا كان ابن عمر في صدد الاستدلال بكل ما من شأنه أن يدفع التهمة عن عثمان، فإن عليه أن يأتي بأظهر الأدلة والشواهد على بطلانها. كما فعل بالنسبة إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام.
لا أن يهمل الدليل القوي، ويتشبث بأمر آخر أقل ما يقال فيه: إنه ضعيف وسخيف.
ووجه ضعفه وسخافته:
1 ـ أن العفو عن الفارين يوم أحد قد كان مشروطاً بالتوبة والإنابة منهم. وهذا إنما حصل بالنسبة لخصوص أولئك الذين عادوا بعد معرفتهم بسلامة النبي(ص)، ولا يشمل الذي عاد من فراره بعد ثلاثة أيام – مثل عثمان.
2 ـ إننا لو قبلنا بشمول العفو حتى لمثل عثمان
3 ـ بل إن عفو الله عنه يوم أحد لمصلحة يعلمها تعالى، مثل التأليف، وتقوية التضامن الإسلامي في مقابل العدو الراصد. لا يلازم عفوه تعالى عنه بعدها، إذا كان قد ارتكب ما يوجب العقاب، خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بالعدوان على الناس، في أبشارهم، وأموالهم، وغير ذلك.
وليس ثمة ما يوجب العفو لا من تأليف ولا غيره.
الفصل الثامن
اللمسات الأخيرة
ربما يكون الحل الأمثل!!
ومما تقدم كله يتضح: أن رقية التي تزوجها عثمان لم تكن بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فإذا كنا نريد أن نكون أكثر دقة في حكمنا على الروايات التاريخية، فإننا لابد ان نفترض – على تقدير التسليم بولادة بنات النبي(ص) من خديجة ـ: أنهن قد متن وهن صغار، ولم يتزوجن من أحد.
فإن كان عثمان قد تزوج بمن اسمها رقية، وبعد
ولعل تشابه الأسماء بين زوجتي عثمان، وبين من ولدن للنبي(ص) بعد البعثة على الأكثر، ومتن وهن صغار، قد أوقع البعض بالاشتباه، أو سوّغ له أن يدعي: أن هاتين البنتين أعني زوجتي عثمان، هن نفس رقية وأم كلثوم بنات النبي(ص).
وربما أكد هذه الشبهة وقواها كون زوجتي عثمان قد كن ربيبتين لرسول الله(ص) أيضاً، وقد كان العرب يطلقون على ربيبة الرجل: إنها ابنته، كما هو معروف، الأمر الذي أفسح المجال لتكريس هذا الاشتباه المعنوي أو العمدي في بداياته على الأقل لأهداف ومرامي لا تخفى.
صهر رسول الله!
وإذا كانت رقية وأم كلثوم اللتان تزوجهما عثمان
ومن هنا يتضح لنا الوجه فيما نسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام، من أنه قد قرّر لعثمان: أن نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من نسبة سلفيه أبي بكر وعمر إليه، حيث قال له فيما روي:
"وقد نلت من صهره ما لم ينالا"(90) ولكن يبقى البحث حول أن ذلك الصهر على البنتين الربيبتين، هل قام بواجبه تجاه ذلك الرجل
سرّ تزويج رقية لعثمان:
وإذا كان عثمان قد تزوج رقية ربيبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الإسلام، فإن ما يلفت نظرنا هو أنهم يذكرون أن رقية كانت ذات جمال رائع(91).
وقد قال البعض: إن عثمان "تعاهد مع أبي بكر: لو زوَّج مني رقية لأسلمت"، وذلك بعد أن بشرته
ومعنى ذلك هو أن النبي(ص) قد زوّج عثمان برقية تألفاً له على الإسلام. وقد روي أنه لما طلب سعد بن معاذ من علي أن يخطب فاطمة قال (ع) في جملة ما قال:
".. وما أنا بالكافر الذي يترفق بها عن دينه، يعني بتألفه، إني لأول من أسلم"(93).
وقال (ع) في جواب أسماء بنت عميس، حينما اقترحت عليه الزواج بفاطمة عليها السلام:
"مالي صفراء، ولا بيضاء، ولست بمأبور – يعني
فلعل هذا الكلام قد جاء تعريضاً لعثمان الذي زوجه النبي(ص) لكي يجره إلى قبول هذا الدين. وفقاً للنص المتقدم. لاسيما وأن أبا العاص زوج زينب كان لا يزال على شركه حتى عام الحديبية وهو: إنما زوج زينب في الجاهلية(95).
وقد تقدم قول النبي(ص) لعلي: هي لك يا علي لست بدجال.
وقد حاول البزار وابن سعد جل التاء في (لست) مضمومة، قال ابن سعد:
"وذلك أنه كان قد وعد علياً بها قبل أن يخطب
ونقول:
لو صح ذلك لم يكن (ص) قد اعتذر عن تزويجها لأبي بكر وعمر بصغرها، بل كان اعتذر لهما بالوعد الذي كان قد قطعه على نفسه لعلي عليه الصلاة والسلام.
منافسون لعلي عليه السلام
وبعد ما تقدم، فإننا نسجل هنا النقاط التالية:
1 ـ ربما يكون إصرار الآخرين على بنوّة رقية، وأم كلثوم، وزينب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإرسال ذلك إرسال المسلمات، ومن دون أي تحقيق أو تمحيص، رغم وجود ما يقتضي الوقوف والتأمل ـ ربما يكون ذلك ـ راجعاً إلى الحرص على إيجاد منافسين لعلي عليه السلام في فضائله
وذلك نجدهم قد أطلقوا على عثمان لقب: "ذي النورين" مع العلم بأن فاطمة قد كانت أفضل نساء العالمين. ولكنهم لم يمنحوا الذي تزوجها أي لقب لأجل ذلك!!
2 ـ إن بعض القرائن تشير إلى أن حياة عثمان الزوجية مع رقية، ومع أم كلثوم أيضاً لم تكن على درجة من السعادة، والانسجام، ولا نريد هنا الدخول في تفاصيل ذلك، فلتراجع المصادر المعدة لذلك(97).
3 ـ إنه رغم تأكيدهم على أن ابني أبي لهب قد تزوجا هاتين البنتين: رقية وأم كلثوم. ثم فارقاهما
إلا إننا نلاحظ: أنه من أجل تسجيل منقبة لعثمان فقد حرص محبوه على إبقاء هاتين البنتين باكرتين، فلا يدخل بهما ابني أبي لهب، رغم أهلية البنتين وأهلية زوجيهما لذلك، وعدم وجود أي مانع أو رادع.
نعم، لابد من إبقائهما كذلك لينال عثمان الشرف الأوفى في هذا المجال!!
4 ـ إنهم يقولون: إنه لما ماتت البنت الثانية ـ أعني أم كلثوم ـ قال رسول الله: "لو كنَّ عشراً لزوجتهن عثمان"(98).
ونجد في المقابل الرواية المكذوبة التي تقول:
5 ـ لكننا نستغرب هنا: كيف أغفل الرواة عن تسجيل المدح لعثمان. وما هو وجه اختصاص أبي العاص بن الربيع بذلك؟! إلا أن يكون المقصود هو تشبيه علي عليه السلام برجل مشرك، ليكون ذلك أقذع في الهجاء، وأبلغ في التعريض.
عصمنا الله من الزلل، في القول وفي العمل. والحمد لله والصلاة على محمد وآله.
كلمة أخيرة
وبعد..
فقد اتضح: أن دعوى زواج عثمان، وأبي العاص بن الربيع ببنات رسول الله(ص)، ليس لها ما يبررها على صعيد البحث العلمي والموضوعي.
وإذا أردنا أن نفرط في إحسان الظن، ونبتعد بهذه القضية عن دائرة الإعلام السياسي الذكي والمدروس، فإننا لابد أن نفترض – حسبما ألمحنا
هذا بالنسبة إلينا نحن.
أما القارئ الكريم، فله أن يفسر هذا التزوير الإعلامي وفق ما يملكه من معطيات، وحسبما يروق له، ويطمئن إليه.
هذا، وقد حان الوقت لنترك القارئ الكريم الفرصة للتأمل في ما قدمناه له من أدلة وشواهد، مع اعترافنا بأنه قد كان بالإمكان إثراء هذا البحث بالمزيد من المصادر، وإعطاؤه المزيد من العناية والجهد، ليصبح بذلك أتم، ونفعه أعمّ.
ولكنّنا آثرنا الاقتصار على هذا القدر، إيماناً منّا بأنه لا ضرورة تدعو إلى ذلك، مادام أن بالإمكان
والله نسأل أن يقينا شرور أنفسنا، وسيِّئات أعمالنا.
وان يهدينا سبيل الحق والرشاد، ويأخذ بأيدينا في طريق الخير والسداد.
إنه ولي قدير، وبالإجابة حري وجدير.
والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين.
16 رجب 1413 هـ. ق
الموافق 20 دي 1371 هـ. ش
قم المشرفة
جعفر مرتضى الحسيني العاملي