المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم من كل دنس تطهيرا، وعلى أصحاب محمد الميامين ومن تبع نهج الثقلين الكتاب والعترة إلى قيام يوم الدّين.
هذا الكتاب الذي بين يديك أخي القارىء هو رد على مجموعة من الشبهات التي أوردها الشيخ عثمان الخميس في كتابه (حقبة من التاريخ) على بعض الأدلة التي يستند إليها الشيعة الإمامية الإثنا عشرية في إثبات إمامة العترة الطاهرة من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وعلى رأسهم الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، حيث فنّدت فيه جميع محاولاته للخدش في هذه النصوص سواء كان ذلك من حيث السند أو الدلالة، فالحمد لله على توفيقه وتسديده.
والله من وراء القصد
حسن عبد الله
رد أباطيل عثمان الخميس
على آية التطهير وحديث الكساء
الفصل الأول
رد محاولة عثمان الخميس حصر آية
التطهير بأزواج النبي صلى الله عليه وآله
رد محاولة عثمان الخميس
حصر آية التطهير بأزواج النبي صلى الله عليه وآله
قال عثمان الخميس: (حديث الكساء، وقد روته عائشة رضي الله عنها قالت: خرج النبي غداة وعليه مرط مرجل (وهو الكساء) فأدخل علياً وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنه ثم قال: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }(1))(2).
وقد أورد الحديث وكأن روايته محصورة بعائشة، مع أنه كما يقول متخصص بالحديث وعالم بالجرح والتعديل!
لا يصح حصر رواية حديث الكساء بعائشة
أقول: لم تنحصر رواية حديث الكساء من طريق عائشة وليست هي الراوي الوحيد له، بل رواه كثيرون غيرها من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله منهم:
____________
(1) سورة الأحزاب الآية: 33.
(2) حقبة من التاريخ: 187.
أم سلمة روت حديث الكساء
فقد روت هذه السيدة الجليلة الموالية لأهل البيت عليهم السلام حادثة تجليل النبي صلى الله عليه وآله بكسائه لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام بعد نزول آية التطهير ودعائه لهم بقوله: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا))، وقد روى عنها هذه الحادثة جماعة من الصحابة والتابعين وأخرجه عنها العديد من المحدثين السنيين، فروايته عنها مستفيضة إن لم نقل انها متواترة.
رواة حديث الكساء عن أم سلمة
1- عطاء بن يسار
وممن أخرجه عنه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين(1) قال: (حدثنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه، وأبو العباس محمد بن يعقوب قالا: حدثنا الحسن بن مكرم البزار، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار عن أم سلمة قالت: في بيتي نزلت: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } قالت: فأرسل رسول الله (ص) إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: هؤلاء أهل بيتي) ثم قال الحاكم النيسابوري: (هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه).
____________
(1) المستدرك على الصحيحين 3/158 برقم: 4705، وأخرجه أيضاً في نفس المصدر 2/451 برقم: 3558.
2- شهر بن حوشب
وممن أخرجه عنه الطبراني في المعجم الكبير(3) قال: (حدثنا الحسين بن إسحاق، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا أبو إسرائيل، عن زبيد، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة: أن الآية نزلت في بيتها: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } ورسول الله (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين فأخذ عباءة فجللهم بها ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فقلت وأنا عند عتبة الباب: يا رسول الله وأنا معهم؟ قال: إنك بخير وإلى خير).
وأخرجه في المعجم الأوسط(4)، وكذلك الطبري في تفسيره(5)، وابن عساكر في تاريخ دمشق(6)، وغيرهم.
____________
(1) السنن الكبرى 2/105 برقم: 2683.
(2) تاريخ دمشق 14/138.
(3) المعجم الكبير 23/333.
(4) المعجم الأوسط 4/134 برقم: 3799.
(5) تفسير الطبري 22/6.
(6) تاريخ دمشق 13/203 – 204.
3- أبو سعيد الخدري
أخرج روايته عنها الطبري في تفسيره(1) قال: (حدثني أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد، عن أم سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }، دعا رسول الله (ص) علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فجلل عليهم كساءً خيبرياً فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرّجس وطهرهم تطهيرا، قالت أم سلمة: ألست منهم؟ قال: إنك إلى خير).
وفي رواية أخرى أخرجها الطحاوي في " مشكل الآثار " قال: (حدثنا فهد، حدثنا أبو غسان، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية عن أبي سعيد، عن أم سلمة، قالت: نزلت هذه الآية في بيتي: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ فقال: إنك على خير، إنك من أزواج النبي، وفي البيت علي وفاطمة والحسن والحسين)(2).
وأخرجها الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل(3) وفيه أكثر من رواية رواها بسنده عن أبي سعيد الخدري عنها رضوان الله تعالى عليها.
____________
(1) تفسير الطبري 22/6.
(2) تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار 8/474 برقم: 6151.
(3) شواهد التنزيل 2/57.
4- أبو هريرة الدوسي
ورواه عن أم سلمة أبو هريرة الدوسي، أخرج روايته عنها الطبري في تفسيره(2) قال: (حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا مصعب بن المقدام، قال: (حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا مصعب بن المقدام، قال: حدثنا سعيد بن زربي، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن أم سلمة قالت: جتءت فاطمة إلى رسول الله (ص) ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحملها على طبق فوضعته بين يديه فقال: أين ابن عمك وإبناك؟ فقالت: في البيت، فقال: ادعيهم، فجاءت إلى علي فقالت: أجب النبي (ص) أنت وابناك، قالت أم سلمة: فلما رآهم مقبلين مدّ يده إلى كساء كان على المقامة، فمدّه وبسطه وأجلسهم عليه، ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله، فضمّه فوق رؤوسهم وأومأ بيده اليمنى إلى ربّه فقال: هؤلاء أهل البيت فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا).
____________
(1) تاريخ دمشق 13/206.
(2) تفسير الطبري 1/297 برقم: 28497.
5- أبو ليلى
وأخرج روايته إمام الحنابلة أحمد بن حنبل في مسنده(1) وفيه:
(حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن نمير، قال: حدثنا عبد الملك يعني ابن أبي سليمان، عن عطاء بن رباح قال: حدثني من سمع أم سلمة تذكر أن النبي (ص) كان في بيتها فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة، فدخلت عليه فقال لها: ادعي زوجك وابنيك، قالت: فجاء علي والحسن والحسين فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة، وهو على منامة على دكان تحته كساء له خيبري، قالت: وأنا أصلي في الحجرة، فأنزل الله عز وجل هذه الآية: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }، قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قالت: فأدخلت رأسي البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول الله، قال: إنك إلى خير، إنك إلى خير.
قال: قال عبد الملك: وحدثني أبو ليلى عن أم سلمة مثل حديث عطاء سواء.
وقال عبد الملك: وحدثني داود بن أبي الجحاف عن شهر بن حوشب عن أم سلمة بمثله سواء) وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط عن هذا الحديث بسنده الثاني – وهو الذي رواه أبو ليلى عن أم سلمة 0 أنه (صحيح).
____________
(1) مسند أحمد 6/292 برقم: 26551.
وأخرجه أيضاً الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل(1).
6- حكيم بن سعد
وقد أخرج روايته عنها الطبراني في المعجم الكبير(2) قال: (حدثنا الحسين بن إسحاق، حدثنا عثمان، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن جعفر بن عبد الرحمن، عن حكيم بن سعد، عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } في رسول الله (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين).
وأخرجها الطحاوي في " مشكل ألاثار "(3) وعلق عليه بقوله:
(ففي هذا الحديث مثل الذي في الأول) وقد قال عن الحديث الأول وهو الحديث الذي رواه بسنده عن عامر بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص: (ففي هذا الحديث أن المرادين بما في هذه الآية هم رسول الله (ص) وعلي وفاطمة وحسن وحسين).
وفي رواية أخرجها محمد بن جرير الطبري في تفسيره عنه عن أم سلمة قال: (حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش
____________
(1) شواهد التنزيل 2/86.
(2) المعجم الكبير 23/327.
(3) تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار 8/470 برقم: 6146.
7- عبد الله بن وهب بن زمعة
أخرج روايته عنها الطبري في تفسيره(2) قال: (حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا موسى بن يعقوب، قال: حدثني هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن عبد الله بن وهب بن زمعة، قال: أخبرتني أم سلمة أن رسول الله (ص) جمع علياً والحسنين ثم أدخلهم تحت ثوبه، ثم جأر إلى الله ثم قال: هؤلاء أهل بيتي، فقالت أم سلمة: يا رسول الله أدخلني معهم، قال: إنك من أهلي).
____________
(1) تفسير الطبري 10/298 برقم: 28502.
(2) تفسير الطبري 10/298 برقم: 28498.
وأخرجها أيضاً الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل(2) والطحاوي في مشكل الآثار(3).
8- عمرة الهدانية
أخرج روايتها عن أم سلمة الطحاوي في مشكل الآثار(4) قال: (وما قد حدثنا فهد، حدثنا سعيد بن كثير بن عفير، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن عمرة الهمدانية قالت: أتيت أم سلمة، فسلمت عليها فقالت: من أنت؟ فقلت: عمرة الهمدانية، فقلت: يا أم المؤمنين أخبريني عن هذا الرجل الذي قتل بين أظهرنا فمحب ومبغض، تريد علي بن أبي طالب، قالت أم سلمة: أتحبينه أم تبغضينه؟ قالت: ما أحبه ولا أبغضه!، فقالت: أنزل الله هذه الآية: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ
____________
(1) المعجم الكبير 3/53.
(2) شواهد التنزيل 2/61.
(3) تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار 8/471 برقم: 6174.
(4) تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار 8/476 برقم 6155.
وأخرجها أيضاً الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل(1).
9- والد عطية الطفاوي
وقد أخرج روايته عنها غير واحد من علمائهم منهم أحمد بن حنبل في مسنده(2) وفيه:
(حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا عوف عن أبي المعدل عطية الطفاوي قال: حدثني أبي عن أم سلمة زوج النبي (ص) قالت: بينما رسول الله (ص) في بيتي إذ قالت الخادم علياً وفاطمة بالسّدة، قال: قومي عن أهل بيتي، قالت: فقمت فتنحيت في ناحية البيت قريباً فدخل علي وفاطمة ومعهم الحسن والحسين صبيان صغيران، فأخذ الصبيين فقبلهما ووضعهما في حجره واعتنق علياً وفاطمة، ثم أغدف عليهما ببردة له وقال: اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي، قالت: فقلت يا رسول الله وأنا؟ فقال: وأنت).
____________
(1) شواهد التنزيل 2/87.
(2) مسند أحمد بن حنبل 6/304 برقم: 26642.
فكيف يصح لعثمان الخميس أن يصوّر الأمر وكأن الحديث محصور برواية عائشة، ولا يوجد من رواه غيرها؟!.
الصحابي الثاني من رواة الحديث: سعد بن أبي وقاص
وممن روى حديث الكساء من الصحابة سعد بن أبي وقاص، ففي خصائص الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام للنسائي(1) قال:
(أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي وهشام بن عمّار الدمشقي قالا: حدثنا حاتم عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية سعداً(2) فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب؟ فقال: إني ذكرت ثلاثاً قالهن رسول الله (ص) فلن أسبّه لأن تكون لي واحدة منها أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله (ص) يقول له وخلفه في بعض مغازيه، فقال علي: يا رسول الله أتخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال رسول الله (ص): أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي؟ وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله
____________
(1) خصائص الإمام علي 32 برقم: 9.
(2) يظهر من هذه الرّواية أن معاوية بن أبي سفيان أمر سعد بن أبي وقاص بسب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فامتنع عن ذلك بسبب ماذكره من ثلاث خصال لعلي عليه السلام قالهن له رسول الله كان يود سعد أن تكون له واحدة منهن فإنها أحب إليه من حمر النعم، وتقدير الرواية هكذا (أمر معاوية سعد بسب علي فامتنع فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب...) كما يؤيد ذلك الحديث الذي رواه ابن ماجة في سننه 1/45 بسنده عن عبد الرحمن بن سابط عن سعد بن أبي وقاص قال: (قدم معاوية في بعض حجاته، فدخل عليه سعد فذكروا علياً فنال منه فغضب سعد وقال: تقول هذا لرجل سمعت رسول الله (ص) يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه " وسمعته يقول: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي " وسمعته يقول: " لأعطين الراية اليوم رجلاً يحب الله ورسوله ") وسب معاوية لعلي بن أبي طالب عليه السلام أشهر من نار على علم.
قال الشيخ أبو إسحاق الحويني ألأثري محقق كتاب الخصائص عن هذا الحديث: (إسناده صحيح)، ورواه النسائي أيضاً بنفس السند في كتابه السنن الكبرى(1).
وفي المستدرك على الصحيحين قال الحاكم:
(حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سنان القزاز، حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، وأخبرني أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا بكير بن مسمار قال: سمعت عامر بن سعد يقول: قال معاوية لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: ما يمنعك أن تسبّ ابن أبي طالب؟ قال: فقال: لا أسبّه ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله (ص) لأن تكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النعم، قال له معاوية: ما هنّ يا أبا إسحاق؟ قال: لا أسبّه ما ذكرت حين نزل عليه الوحي فأخذ علياً وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ثم قال: رب إن هؤلاء أهل بيتي.
ولا أسبّه ما ذكرت حين خلّفه في غزوة تبوك غزاها رسول الله (ص)
____________
(1) السنن الكبرى 5/107 برقم: 8399.
ولا أسبّه ما ذكرت يوم خيبر، قال رسول الله (ص): لأعطين هذه الرّاية رجلاً يحب الله ورسوله ويفتح الله على يديه، فتطاولنا لرسول الله (ص) فقال: أين علي؟ قالوا: هو أرمد، فقال: ادعوه، فدعوه فبصق في وجهه ثم أعطاه الراية ففتح الله عليه، قال: فلا والله ما ذكره معاوية بحرف حتى خرج من المدينة).
قال الحاكم النيسابوري: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)(1).
أقول: وهذا الحديث أخرجه النسائي في السنن الكبرى(2) والبزار في مسنده(3) وفي المصدر الأخير لم يذكر اسم معاوية وابدلت عبارة (قال معاوية لسعد) بعبارة (قال رجل لسعد) كما أبدلت عبارة (فلا والله ما ذكره معاوية بحرف حتى...) بعبارة (فلا والله ما ذكره ذلك الرجل بحرف...)!! ولا ندري من ارتكب هذه الخيانة العلمية، هل هو واحد من الرّواة أم البزّار نفسه، أم من طبع كتابه لأنه وجد في هذا الحديث دليلاً قاطعاً على أنّ سيّده الباغي معاوية بن أبي سفيان كان يتناول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ويسبّه! ولذلك لم تطاوعه نفسه أن يذكر اسمه!
____________
(1) المستدرك على الصحيحين 3/117 برقم: 4575.
(2) السنن الكبرى 5/122 برقم: 8493.
(3) مسند البزار 3/324 برقم: 1120.
(حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا ابو بكر الحنفي قال: حدثنا بكير بن مسمار قال: سمعت عامر بن سعد قال: قال سعد: قال رسول الله (ص) حين نزل الوحي فأخذ علياً وابنيه وفاطمة وأدخلهم تحت ثوبه ثم قال: ربّ هؤلاء أهلي وأهل بيتي).
ورواه الطحاوي في مشكل الآثار(2) باختلاف يسير في اللفظ فقال:
(حدثنا الربيع المرادي، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله (ص) علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللهم هؤلاء أهلي).
قال الطحاوي معلقاً على هذا الحديث: (ففي هذا الحديث أن المرادين بما في هذه الآية هم رسول الله (ص) وعلي وفاطمة وحسن وحسين).
____________
(1) تفسير الطبري 10/298 برقم: 28501.
(2) تحفة ألأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار 8/470 برقم: 6145.
الصحابي الثالث: عمر بن أبي سلمة
وممن رواه من الصحابة عمر بن أبي سلمة ربيب النبي (ص)، ففي صحيح الترمذي قال: (حدثنا قتيبة، حدثنا محمد بن سليمان بن الأصفهاني، عن يحيى بن عبيد عن عطاء بن أبي رباح عن عمر بن أبي سلمة – ربيب النبي (ص) – قال: لما نزلت هذه الآية على النبي (ص): { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } في بيت أم سلمة، فدعا فاطمة وحسناً وحسيناً فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فجلله بكساء ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قالت أم سلمة: وأنا معهم يا نبي الله؟ قال: أنت على مكانك، وإنّك على خير).
قال الشيخ الألباني (صحيح)(1)، وأخرجه الطبري في تفسيره(2)، والطحاوي في مشكل الآثار(3) فقال:
(وما حدثناه إبراهيم بن أحمد بن مروان الواسطي أبو إسحاق، حدثنا محمد بن أبان الواسطي، حدثنا محمد بن سليمان بن الأصفهاني عن يحيى بن عبيد المكي، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن أبي سلمة قال: نزلت
____________
(1) صحيح سنن الترمذي للألباني 3/305 برقم: 3205، وذكره الألباني في نفس المصدر وقال عنه أيضاً (صحيح) انظر صحيح سنن الترمذي 3/543 برقم: 3787.
(2) تفسير الطبري 10/298 برقم: 28499.
(3) تحفة الأخيار 8/475 برقم: 6154.
الصحابي الرابع: أبو سعيد الخدري
ففي تاريخ دمشق(1) قال ابن عساكر:
(أنبأنا أبو الفتح أحمد بن محمد بن سعيد الحدّاد، ح، أخبرني أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السنجي عنه، أنبأنا القاضي أبو بكر محمد بن الحسين بن جرير الدمشقي، أنبأنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، حدثنا أبو نعيم، حدثنا عمران بن أبي مسلم قال: سألت عطية عن هذه الآية: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }، قال: أخبرك عنها بعلم، أخبرني أبو سعيد أنها نزلت في بيت النبي (ص) وعلي وفاطمة وحسن وحسين فأدار عليهم الكساء قال: وكانت أم سلمة على باب البيت، قالت: وأنا يا نبي الله؟ قال: فإنك بخير وإلى خير).
وفي رواية أخرى أخرجها الطبري في تفسيره(2) قال:
(حدثني محمد بن المثنى، قال: حدثنا بكر بن يحيى بن زبان العنزي، قال: حدثنا مندل، عن الأعمش عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص): نزلت هذه الآية في خمسة: فيّ وفي علي وحسن وحسين وفاطمة: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }).
____________
(1) تاريخ دمشق 14/147.
(2) تفسير الطبري 10/296 برقم: 28487.