الصفحة 54
عن أبيه: (ما أنكر حديث الحسين بن واقد عن أبي المنيب) وقال العقيلي: (أنكر أحمد بن حنبل حديثه) وقال الأثرم: (قال أحمد: في أحاديثه زيادة ما أدري أي شيء هي؟! ونفض يده)(1).

وفيها (عكرمة البربري) مولى عبد الله بن عباس، وهو ممن اشتهر كذبه على مولاه ابن عباس! فهذا سعيد بن المسيب يقول لغلامه (برد): (يا برد إياك وأن تكذب عليّ كما يكذب عكرمة على ابن عباس)(2)، وقد قيّده علي بن عبد الله بن عباس على باب الكنيف! ولما قيل له عن سبب ذلك، قال: (إنه يكذب على أبي) وقد كذبه سعيد بن جبير وابن سيرين، وذكروا أنه من الخوارج(3)، ورأي الخوارج معروف في أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام.

____________

(1) تهذيب التهذيب 2/321.

(2) تهذيب التهذيب 7/238، تهذيب الكمال 7/213.

(3) تهذيب التهذيب 7/238، تهذيب الكمال 7/213 – 214.


الصفحة 55

لم تدع أيٌّ من زوجات النبي صلى الله عليه وآله
ما ادّعاه لهن عثمان الخميس

الدليل السادس: أثبت عثمان الخميس أنه ملكيٌّ أكثر من الملك نفسه! حيث لم تدع أي واحدة من زوجات النبي صلى الله عليه وآله اختصاص الآية الكريمة بهن ولا حتى شمولها لهن، ولا أثر ذلك عن أيٍّ منهن! مع أن المعلوم للجميع أن عائشة كانت حريصة على بيان ما يمكن أن يكون فضيلة لها! بل نلاحظ أنها والسيدة أم سلمة روتا اختصاص الآية بأصحاب الكساء عليهم السلام.

يقول ابن الجوزي: (والثاني: أنه خاص في رسول الله (ص) وفاطمة وعلي والحسن والحسين، قاله أبو سعيد الخدري، وروي عن أنس وعائشة وأم سلمة نحو ذلك)(1).

ولهذا ينبغي أن نقدم العزاء للشيخ عثمان الخميس لأن عائشة بنفسها روت اختصاص الآية بعلي وفاطمة والحسنين عليهم السلام، فهدمت ما أراد أن يثبته لها!.

____________

(1) زاد المسير في علم التفسير 6/381 – 382.


الصفحة 56

النبي صلى الله عليه وآله يمنع أم سلمة من الدخول تحت الكساء

الدليل السابع: أن بعض روايات حديث الكساء التي رواها أحمد وغيره صرحت بأن النبي صلى الله عليه وآله منع أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها من الدخول تحت الكساء عندما أرادت ذلك، فلو كانت الآية تعنيهن أو تشملهن لما كان لهذا المنع وجه، أو لقال لها عبارة أخرى غير قوله: (إنك إلى خير)! فعلم من فعل النبي صلى الله عليه وآله وقوله أنهن غير مقصودات بالآية ولا بمفهوم أهل البيت فيها.

عثمان الخميس يجذب الكساء من النبي صلى الله عليه وآله

روى أحمد في مسنده(1): (عن أم سلمة أن رسول الله (ص) قال لفاطمة ائتيني بزوجك وابنيك، فجاءت بهم فألقى عليهم كساءً فدكياً، قال ثم وضع يده عليهم ثم قال: اللهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد إنك حميد مجيد، قالت أم سلمة فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي! وقال: إنك على خير). انتهى.

ورواه أبو يعلى في مينده(2)، والطبراني في المعجم الكبير(3)، وغيرهم.

____________

(1) مسند أحمد 6/323.

(2) مسند أبي يعلى 21/344و 456.

(3) المعجم الكبير 3/53، 32/336.


الصفحة 57
وعلى هذا لا يصح دعوى الخميس بأن الآية في نساء النبي صلى الله عليه وآله أو أنها تشملهن إلاّ بأن يجذب الكساء من يد النبي صلى الله عليه وآله ويدخل معهم عائشة وإن تلطف يدخل أم سلمة ونساء النبي صلى الله عليه وآله!!.

لو قبلنا أن آية التطهير في سياق آيات نساء النبي صلى الله عليه وآله

الدليل الثامن: (إن الكلام البليغ قد يدخله الإستطراد والإعتراض، وتتخلله جملة أجنبية كقوله تعالى في حكاية خطاب العزيز لزوجته إذ يقول لها: { إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ }(1) فقوله: { يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا } مستطرد بين خطابيه معها كما ترى، ومثله قوله تعالى: { إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ }(2) فقوله: { وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } مستطرد من جهة الله تعالى بين كلام بلقيس، ونحوه قوله عز من قائل: { فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ *إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ }(3) تقديره فلا أقسم بمواقع النجوم إنه لقرآن كريم، وما بينهما

____________

(1) سورة يوسف الآية: 28 – 29.

(2) سورة النمل الآية: 34- 35.

(3) سورة الواقعة الآية: 75 – 77.


الصفحة 58
استطراد على استطراد، وهذا كثير في الكتاب والسنة وكلام العرب البلغاء.

وآية التطهير من هذا القبيل جاءت مستطردة بين آيات النسياء فتبيّن بسبب استطرادها أن خطاب الله لهن بتلك الأوامر والنواهي والنصائح والآداب لم يكن إلاّ لعناية الله تعالى بأهل البيت " أعني الخمسة " لئلا ينالهم من جهتهن لوم، أو ينسب إليهم ولو بواسطتهن هنات، أو يكون عليهم للمنافقين ولو بسببهن سبيل، ولولا هذا الاستطراد ما حصلت هذه النكة الشريفة التي عظمت بها بلاغة الذكر الحكيم، وكمل إعجازه الباهر كما لا يخفى)(1).

قال عثمان الخميس: (ذكر ميم الجمع بدل نون النسوة، لأن النساء دخل معهن النبي (ص) وهو رأس أهل بيته (ص) كما قال الله تبارك وتعالى عن زوجة إبراهيم: { قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ }(2) وكانت معه زوجته، وقال تعالى عن موسى: { فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ }(3) وكانت معه زوجته، فالرجل من أهل البيت فقول الله: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } قال عنكم لدخول النبي (ص) مع نسائه في هذه الآية، لا أن علياً وفاطمة والحسن والحسين دخلوا ضمن هذه الآية، وإنما كان علي والحسن والحسين وفاطمة رضي الله عنهم من أهل بيت النبي (ص) بدليل حديث الكساء لا بدليل الآية، فحديث الكساء هو الذي يدل على أنّ علياً

____________

(1) الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء 25- 26.

(2) سورة هود الآية: 29.

(3) سورة القصص الآية: 29.


الصفحة 59
وفاطمة والحسن والحسين من آل بيت النبي (ص)، وذلك لما غطاهم بالكساء قرأ: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } فأدخلهم في أهل بيته)(1).

أقول: وفي هذا الوجه أيضاً لم يأت بدليل ولا ردّ ينقض فيه قول الشيعة بأن الإرادة في آية التطهير إرادة تكوينية، وأنها إخبار عن عصمة المخاطبين بها، وإنما أتى فيه بمحاولة أخرى من محاولاته اليائسة لإثبات اختصاص الآية الكريمة بنساء النبي صلى الله عليه وآله، وادّعى دعوى باطلة وهي أن آية التطهير لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بأصحاب الكساء، وأنهم إنما دخلوا في مفهوم أهل البيت من خلال حديث الكساء!! وما عشت أراك الدهر عجبا!

وردّنا عليه:

أولاً: قد أثبتنا بطلان زعمه أن آية التطهير نزلت في زوجات النبي صلى الله عليه وآله وأنها خاصة بهنّ أو أنها تشملهن بالروايات الصريحة في تخصيص الآية الكريمة بأصحاب الكساء عليهم السلام، وذكرنا تأييداً وتأكيداً لذلك أقولاً لبعض علماء أهل السنة الذين فهموا من الأحاديث الشريفة اختصاصها بهم عليهم السلام، وأبطلنا عمدة ما استدل به وهو السياق.

ثانياً: واجه صاحبنا إشكالاً قوياً وهو: أنه إذا كانت آية التطهير خاصة بزوجات النبي صلى الله عليه وآله وأنها نزلت فيهن والخطاب موجه إليهن فلماذا قال الله سبحانه وتعالى: (عنكم، ويطهركم) ولم يقل (عنكن، ويطهركن)؟!

____________

(1) حقبة من التاريخ: 188 – 189.


الصفحة 60
وتخلص عثمان الخميس منه بالقول إن النبي صلى الله عليه وآله داخل في هذا الخطاب لكونه رأس أهل بيته، ولذلك جاء الضمير مذكراً!.

وجوابنا له: أنه إذا أدخل النبي صلى الله عليه وآله في الذين أذهب الله عنهم الرجس يلزم على مبناه أن يكون النبي صلى الله عليه وآله من أهل الرجس والعياذ بالله! لأنّ الإرادة تشريعية، ومعنى الآية عنده أن الله تعالى يريد بتوجيهكم أن يذهب عنكم الرجس الموجود فيكم! فالآية حسب فهمه تدل على أن المخاطبين بها متلبسون بالرجس والله تعالى أراد رفعه عنهم. ثم يقول عثمان الخميس أن النبي من المخاطبين ولذلك قال تعالى (عنكم) و (يطهركم) ولم يقل: (عنكن) و (يطهركن)!.

أما نحن فلا يرد علينا هذا الإشكال لأن الإرادة عندنا في الآية تكوينية، إذ لو كانت تشريعية لما كان فيها مدح لأهل البيت عليهم السلام، لأنّه سبحانه وتعالى أراد بإرادته التشريعية لكل فرد تطهير نفسه من الأرجاس بامتثاله التكاليف الشرعية المتوجة إليه، وليس ذلك خاصاً بأهل البيت المخاطبين في الآية عليهم السلام، وعليه يكون قوله تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } إخباراً عن إذهاب الرجس من أساسه عن أهل البيت عليهم السلام، فتكون الآية إخباراً عن عصمتهم لأنها تثبت عدم تلبسهم بالرجس، وتكون زوجات النبي صلى الله عليه وآله خارجات قطعاً

الصفحة 61
من الآية الكريمة، وذلك لإجماع الأمة بأنهن غير معصومات! ولأن بعضهن تلبس بالشرك قبل إسلامهن، والشرك أحد مصاديق الرجس، بل قد ثبت عند الجميع ارتكاب بعضهن للمخالفات الشرعية واعتراف بعضهن بذلك!.

تحطيب ما هو خارج عن الموضوع

ثالثاً: استشهد عثمان الخميس لإثبات اختصاص الآية بزوجات النبي صلى الله عليه وآله بآية لا علاقة لها في الموضوع من قريب ولا بعيد! وهي قوله تعالى: { فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ } ليثبت أن الله سبحانه وتعالى قال عن زوجة موسى بأنها (أهله) وعليه فزوجات النبي صلى الله عليه وآله من أهله أيضاً!! وهذا خلط كبير سببه قلة الفهم أو التزوير، فلا أحد ينكر أن لفظة (أهل) قد تستخدم مع القرينة ويراد بها الزوجة كما في الآية التي ذكرها، فالمراد فيها هنا زوجة موسى لوجود قرينة أنها كانت معه في سفره، وكما في قول النبي صلى الله عليه وآله لزوجته أم سلمة كما في بعض روايات حديث الكساء: (إنك من أهلي).

ولكن الكلام ليس في لفظة الأهل، بل في مفهوم (أهل البيت) في آية التطهير، وهل هو مختص بهن أو يشملهن أو أنه يراد به فقط أصحاب الكساء الذين حددهم النبي صلى الله عليه وآله؟ والأدلة تامة على أنهم أولئك الذين جللهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالكساء عليهم السلام.


الصفحة 62

أراد عثمان الخميس أن يطببها فعماها

رابعاً: ادعى عثمان الخميس أن علياً وفاطمة والحسن والحسين إنما دخلوا في أهل البيت بدعاء النبي صلى الله عليه وآله عندما جللهم بالكساء، لا أن آية التطهير نزلت فيهم! وردنا عليه:

(أ): إن النبي صلى الله عليه وآله لما أن جمعهم تحت الكساء تلا عليهم هذه الآية كما في العديد من نصوص حديث الكساء، ومنها رواية عائشة والتي أخرجها مسلم بن الحجاج في صحيحه وغيره، ففيه قالت عائسة: (خرج النبي (ص) غداة وعليه مرط من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً })(1).

وكما في رواية ابن عباس التي أخرجها النسائي في خصائص الإمام علي عليه السلام والسنن الكبرى، وأحمد في مسنده وفضائل الصحابة، والحاكم في المستدرك، وهي رواية طويلة نقلتها فيما سبق حيث قال: (وأخذ رسول الله (ص) ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين فقال: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }...)(2).

فهذا نبي الله صلى الله عليه وآله يجمعهم تحت الكساء ثم يخاطبهم بهذه الآية الكريمة

____________

(1) صحيح مسلم 4/1883.

(2) خصائص الإمام علي 44 برقم: 33، السنن الكبرى 5/112 برقم: 8409، مسند أحمد 1/330 برقم: 3062، فضائل الصحابة 2/682 برقم: 1168.


الصفحة 63
كما خاطبهم الله عزّ وجل من قبل بها، وهو دليل على أنها نزلت فيهم ومختصة بهم، وأن اسم أهل البيت كان لهم قبل نزولها أو أن الله تعالى سماهم به، فلو لم تكن مختصة بهم لما خاطبهم النبي صلى الله عليه وآله بها.

(ب): أخرج الهيثمي في مجمع الزوائد فقال: (إن الحسن بن علي حين قتل علي استخلف، فبينا هو يصلي بالناس إذ وثب إليه رجل فطعنه بخنجر في وركه فتمرض منها أشهر، ثم قام فخطب على المنبر فقال: يا أهل العراق اتقوا الله فينا، فإنا أمراؤكم وضيفانكم، ونحن أهل البيت الذي قال الله عزّ وجل: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } فما زال يومئذ يتكلم حتى ما ترى في المسجد إلاّ باكياً) قال الهيثمي: (رواه الطبراني ورجاله ثقات)(1).

قهذا أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام يستشهد بهذه الآية الكريمة ويذكر أنهم المعنيون بها.

(ج) لقد ورد في الأثر أن النبي صلى الله عليه وآله وعلى مدى ستة أشهر أو تسعة كان يأتي كل صباح ويقف عند باب بيت علي وفاطمة عليهما السلام وينادي: الصلاة يا أهل البيت، ثم يتلو الآية الكريمة مخاطباً إياهم بها: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }! وهذا دليل أيضاً على أنهم المعنيون والمخاطبون بهذه الآية المباركة.

ففي المستدرك على الصحيحين قال الحاكم النيسابوري: (حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحفيد، حدثنا الحسين بن الفضل البجلي، حدثنا عفان بن

____________

(1) مجمع الزوائد 9/172.


الصفحة 64
مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرني حميد وعلي بن زيد عن أنس بن مالك (رض) أن رسول الله (ص) كان يمر بباب فاطمة رضي الله عنها ستة أشهر إذا خرج لصلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }) ثم قال الحاكم: (هذا حديث على شرط مسلم ولم يخرجاه)(1).

وأخرجه الترمذي في جامعه الصحيح(2) وأحمد بن حنبل في مسنده(3) وعبد حميد في مسنده(4) وأبو داود الطيالسي في مسنده(5) والطبراني في المعجم الكبير(6) وابن أبي شيبة في مصنفه(7) وأخرجه من طريق أبي الحمراء عبد حميد في مسنده(8) والطبراني في المعجم الكبير(9) وأخرجه من طريق أبي سعيد الخدري الطبراني في المعجم الأوسط(10).

____________

(1) المستدرك على الصحيحين 3/172 برقم: 4748.

(2) الجامع الصحيح (سنن الترمذي) 5/352 برقم: 3206.

(3) مسند أحمد 3/259 برقم: 13754 و 3/285 برقم: 14072.

(4) مسند عبد بن حميد 1/367 برقم: 1223.

(5) مسند أبي داود 1/274 برقم: 205.

(6) المعجم الكبير 3/56 و 22/402.

(7) مصنف ابن أبي شيبة 6/388 برقم: 32272.

(8) مسند عبد بن حميد 1/173 برقم: 475.

(9) المعجم الكبير 3/56 و 22/200.

(10) المعجم الأوسط 8/111 برقم: 8127.


الصفحة 65

الصفحة 66

الصفحة 67

الصفحة 68

الفصل الثالث
محاولة عثمان الخميس تعميم أهل البيت عليهم السلام
لكل بني هاشم!

قال عثمان الخميس:

(ثالثاً: معنى أهل بيت النبي (ص) يتعدى زوجات النبي (ص) ويتعدى علياً والحسن والحسين وفاطمة إلى غيرهم كما في حديث زيد بن أرقم، وأنه لما قيل له نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته الذين حرموا الصدقة وهم آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس، إذاً اتسع مفهوم أهل بيت النبي (ص) إلى أكثر من ذلك فهم نساؤه بدليل الآية، وعلي وفاطمة والحسن والحسين بدليل حديث الكساء، وبدليل حديث زيد بن أرقم وآل العباس بن عبد المطلب وآل عقيل بن أبي طالب وآل جعفر بن أبي طالب بدليل حديث زيد بن أرقم، وآل الحارث بن عبد المطلب فكل هؤلاء هم أهل بيت النبي (ص) بل جميع بني هاشم من آل البيت وهم كل من حرم الصدقة)(1).

____________

(1) حقبة من التاريخ: 189.


الصفحة 69

تعمّده الخلط بين مصطلح أهل البيت عليهم السلام ومعناه اللغوي!

أولاً: إن صاحبنا يخلط بين مفهوم أهل البيت عليهم السلام في آية التطهير الذي له معنى خاص وبين مفهوم أهل البيت بمعناه العام، الذي يندرج تحته أقرباء النبي صلى الله عليه وآله ممن حرمت عليهم الصدقة!

وهذا ينبىء عن قلة فهم أو تزوبر عند هذا الرجل، فمن المعلوم أن لدينا مفهوماً عاماً باسم (أهل البيت) يندرج تحته كل من حرمت عليه الصدقة من بني هاشم، ولكن كلامنا حول مفهوم أهل البيت في آية التطهير فإنه مفهوم خاص فقط بأولئك الذين جللهم النبي صلى الله عليه وآله بالكساء ودعا لهم بقوله: (اللهم هؤلاء أهل البيت فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) وقد خاطبهم بالآية الكريمة وذلك للنصوص الصريحة والصحيحة التي تثبت تخصيص مفهوم أهل البيت في آية التطهير بهؤلاء فقط عليهم السلام.

وقد أثبتنا أيضاً بما لا مزيد عليه أن مفهوم أهل البيت في هذه الآية لا علاقة له بنساء النبي صلى الله عليه وآله لأن الآية خاصة بأهل البيت بهذا المصطلح النبوي ولم تنزل في الزوجات ولا تختص بهن ولا تشملهن أيضاً لما سقناه من أدلة.

فدعواه أن النساء تدخل في مفهوم أهل البيت للآية الكريمة دعوى باطلة وهي اجتهاد في مقابل النص والتحديد النبوي لهم.

وإني أتعجب كيف يرى عثمان الخميس هذه النصوص النبوية الصريحة التي تحدد أهل بيته بالأسماء والكساء تحديداً حسّياً وتجعل ذلك مصطلحاً

الصفحة 70
إسلامياً، ثم يتجرأ أن يوسع على هذا التحديد النبوي ويدخل فلانة وفلانة فيه؟! فهل يرضى عثمان الخميس إذا سئل من هم أولادك؟ فأتى بكساء وأداره على خمسة وقال هؤلاء هم أولادي أن يأتي شخص ويقول إن فلانة وفلانة منهم؟! وهل ذلك إلاّ من باب المكابرة وكسر حدود النص النبوي؟!

لماذا لم يجلل النبي صلى الله عليه وآله بكساءه أحداً غير هؤلاء؟

ثانياً: إذا كان مفهوم أهل البيت في آية التطهير كما يزعم عثمان الخميس يشمل كل هؤلاء الذين ذكرهم فلماذا لم يجلل النبي صلى الله عليه وآله جميع هؤلاء بالكساء ويقول: (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)؟ ولماذا خص نفسه صلى الله عليه وآله وعلياً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام بالتجليل فقط؟ لماذا لم يقبل بدخول نسائه معهم؟

إن هذا العمل النبوي يفيدنا قطعاً أنه لا الزوجات ولا بقية بني هاشم يدخلون أو يندرجون تحت مفهوم أهل البيت المطهرين عليهم السلام في الآية.


الصفحة 71

زيد بن أرقم ينفي أن تكون نساء النبي صلى الله عليه وآله من أهل بيته

ثالثاً: إن القول الذي نسبوه إلى زيد بن أرقم وأنه وسع أهل البيت لكل بني هاشم إنما رووه عنه بعد حديث الثقلين وليس بعد حديث الكساء! فهذا تدليس من الخميس وتمويه على القارىء وتشويه! وقد أثبتنا في ردّنا عليه حول حديث الثقلين أن لفظ (عترتي، أهل بيتي) الوارد فيه لا يراد به كل هؤلاء لأن النبي صلى الله عليه وآله فيه يأمر بالتمسك بالكتاب والعترة، ويجعل التمسك بهما عاصماً من الضلالة.

وبنو هاشم كما أن فيهم المتقي والورع والملتزم بالشريعة الإسلامية ومن له حظ من العلم بالكتاب والسنة فإن فيهم الجاهل والفاسق ومن لا يصلح أن يتمسك به، فكيف يكون اتباع مثل هؤلاء عاصماً من الضلالة؟

فالأمر بالتمسك بهم مع القرآن يفيد أن النبي صلى الله عليه وآله أراد جماعة خاصة وفئة معينة في قوله: (وعترتي أهل بيتي).

على أن الذي يستفاد من القول المنسوب لزيد بن أرقم عندما سئل: (نساؤه من أهل بيته؟) هو نفي أن تكون النساء من أهل بيته حتى في حديث الثقلين وليس إثبات ذلك! وذلك لأن قوله: (نساؤه من أهل بيته) هو استفهام استنكاري بدليل أنه استدرك هذه العبارة بقوله: (ولكن أهل بيته أصله...) ولوجود خبر صحيح في صحيح مسلم ينفي أن تكون النساء داخلة في مفهوم أهل البيت في حديث الثقلين، ففي صحيح مسلم جاء فيه: (فقلنا من أهل بيته نساؤه؟ قال: لا، وأيم الله إن المرأة تكون مع الرجل

الصفحة 72
العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده)(1).

عثمان الخميس لم يفهم الإرادة التشريعية والتكوينية!

قال الشيخ عثمان الخميس:

(رابعاً: الآية ليس فيها أن الله أذهب عنهم الرجس، لأنّ هذه الإرادة إرادة شرعية، إرادة محبة، وهي غير الإرادة القدرية، يعني الله يحب أن يذهب عنكم الرجس، ولا شك أن الله أذهب الرجس عن فاطمة والحسن والحسين وعلي وزوجات النبي (ص) وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، ولكن الإرادة هنا في هذه الآية هي الإرادة الشرعية، ولذلك في الحديث نفسه أن النبي لما جللهم بالكساء قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس، فإذا كان الله أذهب عنهم الرجس لماذا يدعو لهم بإذهاب الرجس؟!! ودعاء النبي دليل أن هذه الإرادة الشرعية، مثل قول الله تبارك وتعالى: { يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً }(2). كل هذه الإرادات التي ذكرها الله تبارك وتعالى إنما هي

____________

(1) صحييح مسلم 7/123.

(2) سورة النساء الآية: 26- 28.


الصفحة 73
الإرادات الشرعية، الله يريد أن يخفف عن الناس جميعاً، يريد أن يتوب على الناس جميعاً، ولكن هل تاب الله على جميع الناس؟! { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ }(1) من الناس مؤمن ومن الناس كافر، فلم يتب الله على جميع الناس)(2).

الإرادة في آية التطهير تكوينية لا تشريعية

يعطينا الشيخ الخميس في قوله هذا دليلاً على سوء فهمه وخلطه وتخبطه أو تعمده وتحريفه! فهو يخلط بين الإرادة في آية التطهير والإرادة في بقية الآيات الكريمة التي أوردها، فيدعي أن الإرادة في آية التطهير إرادة تشريعية لا تكوينية وكما يعبر عنها بقوله: (إرادة محبة) ويستدل لذلك بدعاء النبي (ص) لأهل الكساء بقوله: (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) حيث يقول مستفهماً: إذا كان الله أذهب عنهم الرجس فلماذا يدعو لهم النبي بإذهاب الرجس؟! ثم يأت بمزعومة لم يسبقه إليها أحد، وهي دعواه بأن الله سبحانه وتعالى أذهب الرجس ليس فقط عن أصحاب الكساء وإنما عن زوجات النبي (ص) وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، وهو بهذه الجعوى ينقض قوله بأن الإرادة في آية التطهير إرادة تشريعية، لأنّه إذا كانت الآية تفيد أن الله أذهب عن المخاطبين بها الرجس

____________

(1) سورة التغابن الآية: 2.

(2) حقبة من التاريخ: 191.


الصفحة 74
وطهرهم تطهيرا، فقطعاً لا تكون الإرادة فيها إرادة تشريعية بل تكوينية، فلينظر كيف يناقض هذا الرجل نفسه بنفسه!!

ونضيف في الجواب عليه:

أولاً: إن الإرادة تنقسم إلى قسمين: الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية، وقد ذكر ذلك علماء أصول الفقه وعلماء التفسير وغيرهم!.

فالإرادة التكوينية هي إرادة الشخص صدور الفعل عنه بنفسه من دون تخلل إرادة غيره في صدوره، كما في إرادة الله تعالى خلق العالم وإيجاد الأرض والسماء، قال عزّ وجل: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }(1)، أما الإرادة التشريعية فهي إرادة الشخص صدور الفعل من غيره بإرادة ذلك الغير واختياره، كإرادة الله عزّ وجل من عباده الصلاة والصوم بإرادتهم واختيارهم فليست الإرادة هنا بمعنى إجبارهم عليها! قال عزّ وجل: { وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً }(2) فإرادته عز وجل التبوة عليهم هنا ليست تكوينية، والإّ لكان معناها حصول التوبة عن جميع المسلمين! بل يريد منهم أن يعملوا بشريعته التي أمرهم بها، فيتوب عليهم، وهي الإرادة التشريعية.

والإرادة في آية التطهير { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } من القسم الأول (التكوينية) التي لا تتخلف، ولو كانت تشريعية بمعنى أنه يريد أن تتطهروا فيطهركم لما كان فيها فضيلة

____________

(1) سورة يس الآية: 82.

(2) سورة النساء الآية: 27.


الصفحة 75
لأحد، لأن إرادة التطهير التشريعية لجميع المسلمين بل لجميع البشر! فهي ليست كالتطهير الذي أراده الله لكل المسلمين من الوضوء والتيمم حيث قال عز وجل: { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }(1)، لأن إرادة التطهير هنا تشريعية وهي خاصة لا عامة للتطهير للصلاة، ومشروطة بوضوئهم أو تيممهم، بينما إرادة التطهير في آية أهل البيت عليهم السلام تكوينية عامة لكل طهارة.

ويجب ملاحظة ما امتازت به هذه الآية عن غيرها حيث نصت على إرادة إذهاب الرجس مطلقاً، وهو تعبير خاص بأهل البيت عليهم السلام، وإذهاب الرجس هنا عام بعكس إذهاب رجز الشيطان عن بعض الذين هربوا في أحد فغشيهم النعاس ليطهرهم من معصيتهم.

وقد روى المسلمون أن النعاس كان خاصاً لبعض الصحابة دون بعضهم! فالمنافقون لم يلق عليهم النعاس، قال الله تعالى: { إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقْدَامَ }(2) فأهل البيت عليهم السلام بنص الآية مطهرون تكويناً بقدرة الله تعالى من كل أنواع الرجس صغيراً أو كبيراً، وهذا معنى العصمة التي لم يدعها أحد، ولم تدع لأحد غيرهم بعد النبي صلى الله عليه وآله.

____________

(1) سورة المائدة الآية: 6.

(2) سورة ألأنفال الآية: 11.


الصفحة 76
ومما يدل على أن الإرادة في الآية تكوينية أنها مصدرة بأداة الحصر (إنما) وهي من أقوى أدوات الحصر في اللغة العربية، وتفيد إثبات ما بعدها ونفي ما عداه.

قال ابن منظور: (ومعنى " إنما " إثبات لما يذكر بعدها ونفي ما سواه كقوله: وإنما يدافع عن أحسابهم أنا ومثلي. المعنى: ما يدافع عن أحسابهم إلاّ أنا ومثلي)(1).

وعليه فالآية تثبت إذهاب الرجس وتطهير المخاطبين بها " أصحاب الكساء " وتكشف عن تحقق عصمتهم.

ولو قلنا بأن الإرادة فيها تشريعية فيكون معنى الاية، إنما شرعنا لكم – أهل البيت – الأحكام لنذهب عنكم الرجس ونطهركم تطهيرا، وهذا يتنافى مع الحصر المستفاد بلفظة (إنما) فمن المعلوم أن الغاية من تشريع الأحكام إذهاب الرجس عن جميع المكلفين لا عن خصوص أهل البيت عليهم السلام ولا خصوصية لهم في تشريع الأحكام، وليست لهم أحكام مستقلة عن بقية المكلفين، فيكون الحصر لغواً! وحاشا لله أن يكون في كلامه لغو!

فهذا خير شاهد على أن الآية ليست بصدد الإنشاء والطلب كما يدعي الشيخ عثمان الخميس بل هي إخبار عن أمر خارجي متحقق، وهذا لا ينسجم إلا مع الإرادة التكوينية.

____________

(1) لسان العرب 13/31.


الصفحة 77
ثانياً: وأما قوله: (فإذا كان الله أذهب عنهم الرجس لماذا يدعو لهم بإذهاب الرجس؟!!).

فجوابه: أن عثمان الخميس يريد مغالطته هذه أن يقول إن دعاء النبي صلى الله عليه وآله لهم الله فأهذب عنهم الرجس يدل على أن الرجس كان فيهم فدعا النبي لهم!.

وهذا أسلوب من التلاعب بالألفاظ، والغرض منه ذم أهل البيت عليهم السلام وجعلهم قبل الآية من أهل الرجس كزوجات النبي صلى الله عليه وآله.

ولو صح كلامه لحرم على كل مسلم أن يقرأ في صلاته: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } لأنه مهتد إلى الصراط المستقيم.

والنبي صلى الله عليه وآله أراد بدعائه هذا نحديد المقصودين من أهل البيت عليهم السلام، فخاطب ربه وحدد في خطابه أن هؤلاء هم أهل بيتي حتى يعرف الناس من هم أهل البيت الذين أراد الله تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم.

وهناك وجه آخر لهذه الأدعية (المضمونة النتيجة) وهو الإقرار بالفقر والحاجة لدوام العطاء الإلهي واستمرار الفيض، فهذا النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ سورة الفاتحة كل يوم خمس مرات في صلاته الواجبة ويقول: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } فهل كان صلى الله عليه وآله غير مهتد عندما يطلب من الله أن يهديه؟!.

كما أن دعاء النبي صلى الله عليه وآله إشكال يرد على عثمان الخميس، لأنه لا يصح حصره فيهم إذا فرضنا أن الإرادة في الآية تشريعية، لأنه لا معنى لأن يخص

الصفحة 78
النبي صلى الله عليه وآله أهل بيته بالدعاء فيقول: اللهم اجعل أهل بيتي مشمولين بشريعتك وأمرك ونهيك، وأبعدهم عن معصية أمرك ونهيك؟! فإن التكليف والأوامر والنواهي متوجهة لهم ولغيرهم وإرادة التطهير باتباع الشريعة لهم ولغيرهم؟!

فبماذا يجيب عثمان الخميس؟


الصفحة 79

الصفحة 80

الصفحة 81