الصفحة 19

الفـقه وأُصوله والفـقه المقارن

29 ـ العقود المفصّلة في حلّ المسائل المشكلة.

وهي 14 عقداً في الفقه وأُصوله، وهي:

    أ ـ رسالة في العلم الإجمالي (أُصول الفقه).

    ب ـ رسالة قاعدة على اليد ما أخذت (أُصول الفقه).

    ج ـ رسالة في تنجيس المتنجّس.

    د ـ رسالة في اللباس المشكوك.

    طُبعت الرسائل الأربع هذه في النجف الأشرف، مع تعليقته على كتاب " المكاسـب " للشيخ مرتضى الأنصاري (ت 1281).

    هـ ـ رسالة في ذبائح أهل الكتاب.

    و ـ رسالة في ضبط الكُـرّ.

    ز ـ رسالة في ماء الغُسالة.

    ح ـ رسالة في حرمة مسّ المصحف على المُحْدِث.

    ط ـ رسالة في إقرار المريض.

    ي ـ رسالة في منجّزات المريض.

    ك ـ رسالة في مواقيت الإحرام.

    ل ـ رسالة في القِبلة وتعيين مواقع البلدان المهمّة في العالم من مكّة المكرّمة بحسب الاختلاف في الطول والعرض (علم الهيئة).

    م ـ رسالة في إلزام غير الإمامي بأحكام نحلته (أُصول الفقه).

    طُبعت بتصحيح علي أكبر الغفّاري في إيران سنة 1378.


الصفحة 20
    حصلتُ على مصوّرة لها عن نسخة الأصل بخطّ المصنّـف (قدس سره)، وشرعتُ بإعدادها وتحقيقها، أسأله جلّ شأنه أن يوفّقني لإتمام ذلك ونشـرها.

    ن ـ رسالة في الرضاع.

30 ـ رسالة أُخرى في فروع الرضاع على مذهب الإمامية والمذاهب الأربعـة.

31 ـ رسالة في وضوء الإمامية وصلاتهم وصومهم.

طُبعت بالإنكليزية، أمّا الأصل العربي فلم يُطبع.

32 ـ رسالة في الخيارات.

33 ـ رسالة في التقليـد.

34 ـ رسالة في صلاة الجمعة لمن سافر بعد الزوال.

35 ـ رسالة في بطلان العول والتعصيب.

36 ـ رسالة في حرمة حلق اللحية.

طُبعت أوّلا في قم ـ مستقلّة ـ بتقديم الشيخ رضا الأُستادي، ثمّ أعاد طبعها بتحقيقه ضمن كتاب " الرسائل الأربعة عشر "، الصادر عن مؤسّـسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في الحوزة العلمية في قم سنة 1415.

37 ـ تعليقة على " العروة الوثقى " للسيّد محمّـد كاظم اليزدي (ت 1337).

38 ـ تعليقة على مباحث كتاب البيع من كتاب " المكاسـب " للشيخ الأنصاري.

طُبعت في النجف الأشرف سنة 1343.


الصفحة 21

39 ـ تعليقة على كتاب الشفعة من كتاب " جواهر الكلام " للشيخ محمّـد حسن النجفي (ت 1266).

40 ـ أجوبة المسائل الحلّـيّـة.

41 ـ أجوبة المسائل التبريزية.

في الطلاق وتعدّد الزوجات والحجاب.

42 ـ رسالة في الأوامر والنواهي (أُصول الفقه).

43 ـ كتاب في الاحتجاج لكلّ ما انفردت به الإمامية بما جاء من الأحاديث في كتب غيرهم (فقه مقارن).

تـمّ منه كتابا الطهارة والصلاة.

تغمّـد الله الشيخ البلاغي برحمته، ونوّر مرقده، وأسكنه فسـيح جنّـتـه.


*    *    *


الصفحة 22

هذا الكتاب والعمل فيه

طبعات الكـتاب:

كان قد طُبع لأوّل مرّة في مطبعة دار السلام في بغـداد سنة 1339، وجاء في 156 صفحة، بقياس 17 × 11 سـم، وهو كالمعتاد لم يحمل اسـم المؤلّف الصريح أو ما تخلّص به من أسماء مستعارة، وإنّما حمل اسم ناشره، وهو: عبـد الأمير الحيـدري البغـدادي.

وقد ترجمه إلى الفارسـية السـيّد علي العـلاّمة الفـاني الأصفهـاني (ت 1409) تحت عنوان: " نصيحت بفريب خوردگان باب وبهاء "، وصدر في أصفهان سنة 1369، ثمّ أُعيد طبع هذه الترجمة في قم سنة 1405.

منهجيّـة الكـتاب:

كتبه العلاّمة البلاغي (قدس سره) أساساً للردّ على ضلالات البابية والبهائية، إلاّ أنّ فوائده شملت غير هذا الجانب ـ كما أسلفتُ في أوّل المقدِّمة ـ، وقد عرض العلاّمة البلاغي لمجمل عقائد البابية والبهائية وادّعاءاتهم وشبهاتهم، فنقضها وردّها في أقسام ثلاثة بعد تمهيده ومقـدِّمته..

فأورد في القسم الأوّل ثلاث مقالات في ما كان يفترض بالبابية أن تقـوله..

وذكر في القسم الثاني نحو عشرة من موانع الاعتقاد بالبابية والبهائية، ضمّن المانع الثاني 14 فصلا في ما روي عن أهل البيت المعصومين المطهَّرين (عليهم السلام) من روايات وأحاديث، استقاها من مصادر الفريقين، كيما

الصفحة 23
يكون البرهان أقوى والحجّة ألزم ; وقد اشتملت هذه الفصول على 110 أحاديث، وجاء في الفصول الأُخرى عشرات غيرها من الأحاديث، فَرَبَا ما في الكتاب كلّه عن 149 حديثاً..

وخصّص القسم الثالث من كتابه لذِكر ثماني شبهات، هي عمدة ما احتجّت بها البابية والبهائية للتمسّك بعقيدتهم الباطلة، وأجاب عنها الجواب الشافي، بالأدلّة البيّنة والحجج المفحِمة ; وبذا تمّ الكتاب.

وقد ضمّن العلاّمة البلاغي (قدس سره) فصول كتابه مباحث لغوية وكلامية وتاريخية، كما ترجم لرؤوس هذه الفرق الضالّة، وعرض تاريخ حياتهم ونشوء فرقهم، موزّعةً بين ثنايا الكتاب.

كـتابا " الغَيـبة " و " الرجـعة " لابن شاذان:

هـذا، وعلاوة على كلّ خصوصيّات الكتاب وفوائده، فإنّ فيه ميزة نادرة أُخرى، وربّما فريدة في نوعها، ألا وهي نقله مباشرة من كتابَي " الغَيبة " و " الرجعة " للشيخ الجليل أبي محمّـد الفضل بن شاذان بن الخليل الأزدي النيشابوري، المتوفّى سنة 260.

وهما كتابان يُعدّان من الكتب المفقودة التي لا أثر لها اليوم! إذ لم تذكر فهارس المخطوطات للمكتبات المعنية بذلك في العراق وإيران وغيرهما ـ بحسب تتبّعي ـ ولو نسخةً واحدةً لأحد هذين الكتابين، فضلا عن كليهما!

وقد صرّح العلاّمة البلاغي (قدس سره) بنقله من كتاب " الغَيبة " لمّا عدّه ضمن المصادر التي استخرج منها منقولاته، فقال: " ولكنّا ندلّ على الكتب التي نسـتخرج منها هذه الأخبار، ونذكر مصنّفيها، وتاريخ عصرهم، ليتيسّـر لك

الصفحة 24
مراجعتها، لتطّلع على الأخبار بطولها ونصّها وسـندها... ومن كتاب الغَيـبة، للفضل بن شـاذان... "(1)..

وقال كذلك: " ولكن لا بأس أن نذكر شـيئاً ممّا في... وكتاب الغَيـبة، للشـيخ الجليـل، عظيم المنـزلة في الطائـفة، الفضـل بن شـاذان... "(2).

فنقل من كتاب " الغَيـبة " الأحاديث 8، 12، 32، 33، 39، 58، 80، 88، 97، 98، 101، 102، 103، 104، 105، 106، 107، 108، 148.

ونـوّه كذلك بنقله من مصادر أُخرى فقال: " وغيرها من الكتب التي نصرّح بأسـمائها "(3).. فنقل من كتاب " الرجعـة " حديثاً واحداً، هو الحديث 140.

ولذلك اضطُرِرت إلى تطبيق النصوص المنقولة عنهما على كتاب " مختصر إثبات الرجعة " لابن شاذان، وكذا على الكتب التي وقع ابن شاذان في طرق أسانيدها، مثل: " كفاية الأثر " للخزّاز القمّي، و " الغَيبة " للشيخ الطوسي، أو التي نقلت عن هذين الكتابين كـ " إثبات الهداة " للشيخ الحرّ العاملي ; لعلّي أعثر على أحد الأحاديث المنقولة ـ المذكورة آنفاً ـ في إحداها، غير إنّي لم أجد منها إلاّ الأحاديث: 80، 88، 97، 98!

ممّا تقـدّم يظهر جليّـاً مدى خطر ونفاسة ما كان يمتلكه العلاّمة البلاغي (قدس سره) في مكتبته من أُمّهات مصادرنا الحديثية، ولا سيّما التي تختصّ

____________

(1) انظر الصفحة 62.

(2) انظر الصفحة 117.

(3) انظر الصفحة 63.


الصفحة 25
بعقيدتنا بالإمام المهديّ المنتظَر (عليه السلام) ; وفي ذلك بارقة أمل لأن يسعى ذوو النخوة والهمّة والحرص على تراثنا النفيس، لاسـتحصال نسختَي الكتابين وإحيائهما، لِما فيـهما من ثروة علمية عظيمة ربّما لا نجد منها في غيرهما إلاّ النزر اليسـير!

أُسلوب العمل في الكـتاب:

1 ـ قمت بتقطيع النصّ وتوزيعه بالاستفادة من علامات الترقيم الحديثة، كيما يناسب أُسلوب العصر الحاضر.

2 ـ وتوحيداً لنسـق الإخراج الفنّي للكتاب، فقد أثبـتُّ في الهامش الإحالات أو التوضيحات التي كان قد أدرجها المؤلّف (قدس سره) في المتن، وأتبعتها بجملة: " منـه (قدس سره) " تمييزاً لها عمّا أثبـتُّه.

3 ـ خرّجت الآيات الكريمة، وكذا الأحاديث والروايات الشريفة وبقيّة المطالب الواردة في الكتاب اعتماداً على مصادرها الأصلية التي نقل عنها المؤلّف (قدس سره) قدر الإمكان، وربّما خرّجت عن مصادر أُخرى إذا عُدِمْـتُ المصدر الأصلي، أو تطلّب المقام التوسّع والإكثار في التخريج إمعاناً في إقامة الحجّـة وتوكيدها.

4 ـ أدرجت في الهامش التعليقات الضرورية، توضيحاً وشرحاً لبعض مطالب الكتاب وكلمات المتن.

وأدرجت فيه ـ كذلك ـ الترجمة العربية للكلمات والجمل الفارسـية الواردة في مباحث الكتاب المختلفة ; لتتمّ الفائدة لمن لا يفهم الفارسية.

5 ـ أصلحت الأغلاط الإملائية والطباعية، ولم أُشر إلى ذلك في الهامش، وربّما أورد العلاّمة البلاغي (قدس سره) استخداماً لغوياً نادراً، فلم أُشِـر

الصفحة 26
إلى ذلك لصحّته وإنْ كان ضعيفاً.

6 ـ لم أُترجم للأعلام الواردة أسماؤهم في الكتاب، إلاّ لمن وجدتُ ترجمته في حدود المصادر الموجودة لديّ، كما لم أُترجم لرؤوس البابية والبهائية وأتباعهم الواردة أسماؤهم في الكتاب، مكتفياً بما أورده العلاّمة البلاغي (قدس سره) من تراجمهم في مطاوي الكتاب.

7 ـ ولم أُخرّج في الهامش نصوص فقرات كتب البابية والبهائية المنقولة في الكتاب، وعذري في ذلك عذر الشيخ البلاغي (قدس سره)، فلم أُوفَّق كما وُفِّق للحصول على نسخ منها بالرغم من الجدّ والاجتهاد في ذلك، مطمئنّـاً بصحّة نقله (قدس سره)، معتمداً في ذلك على تصافق غيره ـ ممّن ألّف عن البابية وحصلوا على مصادرهم ـ على نقل هذه الفقرات وغيرها.

8 ـ ولم أُشِر في الهامش لِما وضعته بين القوسين المعقوفتين [ ] ، لوضوح المراد منه، وإنّما هو أحد ثلاثة:

  • إمّا عنوان وضعته بين الفقرات أو المطالب أو أوائل الفصول لزيادة الإيضـاح..

  • أو إضافة من المصدر المنقول عنه تتميماً لنسـق المطلب..

  • أو زيادة من عند نفسي يقتضيـها السـياق.

    فجاء الكتاب ـ بحمد الله ـ مُـعَـدّاً إعداداً طَويتُ فيه عدّة من مراحل التحقيق بما مكّـنّي فيه ربّي، ليكون قاعدة ينطلق منها مَن يأتي مِن بعدي ويرغب بتحقيـقه تحقيقاً أوسع وأشمل.

    شـكر لا بُـدّ منـه:

    أرى لزاماً علَيَّ أن أُزجي آيات الشكر والثناء لكلّ مَن ساهم في إحياء

    الصفحة 27
    هذا الأثر النفيس، مِن قريب أو بعيد، قلَّ أو كثر، وأخصّ بالذِكر:

    مؤسّـسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث، راجياً من الله تعالى أن يوفّـق العاملين على إحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام) وبثّ علومهم ونشـر معارفهم، لِما يحـبّ ويرضى.

    وكلمة أخيرة خاتمة لِما سـبق:

    لا يسعني القول: إنّ عملي هذا كان تحقيقاً ; وإنّما هو تصحيح وإعداد لأثر نفيس طالما تمنّيت على الله تعالى أن يوفّـقني لإحيائه، خدمةً للدين والمذهب الحقّ، ابتغاء غفرانه ورضوانه، فما هو إلاّ من منّه وفضله وحسن توفيقه، عسى الله أن ينفعَ به، فهو وليُّ ذلك، والله من وراء القصد، وهو يهدي السـبيل.

    وما هو إلاّ صفحات متواضعة أُضيفها إلى صحيفة أعمالي، أعددتها ليوم فقري وفاقتي، أرفعها إلى سُـدّة الناحية المقدّسة، الإمام الحجّة المهديّ، المحفوف بالجلال والقدس (عليه السلام)، راجياً منه نظرة لطف وعطف وقبول، لتـنفعني يوم لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسـبت في إيمانها خيراً.

    والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله على سـيّدنا ونبـيّنا محمّـد وآله الطـيّبين الطاهرين، وسلّم تسليماً كـثيراً.


    محمّـد علي الحكيم         
    دمشق ـ السـيّدة زينب (عليها السلام)
    9 / 3 / 1423           


    الصفحة 28


    الصفحة 29

    [تمهـيد..]

    بسم الله الرحمن الرحيم

    يا أخي البَشَـري! ورجائي من الله أن يسـعدنا بالتوفيق..

    فأدعوك يا أخي الديني! إنّك قد كنت معتنقاً لدين الإسـلام، معتقداً لمعارفه، مقرّاً برسـالة نبيّه، متديّناً بشـريعته، متمسّـكاً بكتابه، تابعاً لهدي أئمّته، جازماً بأنّ هذا كلّه حقّ اليقين، وعلى فطرته وُلِدتَ، وعلى انتحاله نشـأت.

    وأراك انتحلت ـ جديداً ـ طريقة البابية، وهي مباينة لطريقة الإسـلام، مادّةً وصورةً، أُصولا وفروعاً، كتاباً وأحكاماً، فكان من حقّي عليك وحقّك علَيَّ أن أسـتقصي معك في السـؤال، وأمشـي معك حيث تبلغ الحاجة إلى الاسـتفسـار.

    راجياً منك ما هو الحقّ عليك في هدي نفسـك، ودَعَوْتُك ـ لغيرك ـ أن لا تخفي علَيَّ ـ في سـير البحث والسـؤال ـ شـيئاً من نحلتك الجديدة، من أُصول العقائد، وفروع الأحكام، ومباني الأدلّة، وحقيقة الطريقة، بغير تورية، ولا إدماج، ولا إيهام.

    فإنّ الإيضاح في البيان هو الواجب في سـبيل الحقّ، واتّباع الرشـد، وحسـن الطاعة، في صدق الدعوة، وإنارة البرهان، واجتناب الخداع والتدليس، الناشِـئَـيْن من وبال الضعف، ووهن الأسـاس، وداء الضلال.


    الصفحة 30
    على أنّه قد ارتفع الحَجْرُ، وأُطلِقَ سـراحُ الأفكار، وخُلِّيَت النِحَلُ في شـؤونها وآثارها.

    وإن التبس عليك شـيءٌ من أمر نحلتك في " البيان ".. فاسـتوضح حقيقته من كبار دعاتك، ومَن تعوّل عليه أو تأتمّ به في الطريقة الجديدة.

    فإنّي أراك ـ ويا أسـفي عليك ـ كأغلب هذه الناشـئة، قد اتّبعت طريقة علي محمّـد ـ مؤسّـس دعوة البابية ـ وأنت لا تدري بما فيها، ولم تطّلع على شـيء من كتبه التي ينسـبها إلى الوحي وكلام الله، ويجعلها معجزته وحجّته في دعوته!

    أفلا تدري بأنّه كتب في كربلاء كتابه الذي سـمّاه " أحسـن القصص " وكتابه الذي سـمّاة " قيّوم الأسـماء " وكتب في أصفهان كتابه الذي سـمّاه " نبوّه خاصّة " وكتب كتابه الذي سـمّاه " البيان " وهو عدّة مجلّدات، وجمع جميع دعاويه ـ في دعوته ـ وحججها، ومقاصده وشـريعته في هذه الكتب؟!

    فلماذا لم تطلب ولا تطلب ممّن ورّطك في هذا الأمر أن يطلعك على كتب علي محمّـد، لكي تعرف ما فيها وتكون على بصيرة من أمرك؟!

    أفلا تقول له: لعلّ الذي في هذه الكتب يكون لك حجّة قاطعة، وبرهاناً واضحاً، يؤمن بشـريعته ومعارفه وأحكامه وحججه أغلب من يراه، ويذعن لإعجازه جلّ من يطّلع عليه؟!

    فلماذا لا تجعلون هذه الكتب عَلَماً للدعوة وبياناً للحجّة؟!

    فإنّ كاتبهـا كتبهـا لتُنشـر وتنتـشـر بهـا شـريعته وكـمالاتـه وعلومـه، لا لتطوى بيد الإخفاء الشـديد!


    الصفحة 31
    وحرّرها لتُدرس علومها وحججها، لا لتـندرس!

    فلماذا تخفونها أشـدّ الإخفاء، وتتسـتّرون بها أشـدّ التسـتّر؟!

    لماذا لا تجعلونها فخر دعوتكم وزينة جامعتكم بين الناس؟!

    فهل تضيق أموالكم وهممكم عن اسـتنسـاخها ونشـرها؟!

    أفأنتم وحسين علي ويحيى وعبّاس لا تملكون ـ فوق قوت يومكم ـ ما تسـتنسـخونها به لكي تنشـروها؟!

    أفلا تنظرون إلى معاملة النصارى للعهد الجديد، ومعاملة المسـلمين للقرآن؟!

    فإنّا ما سـمعنا بمثل هذا الإخفاء والتسـتّر في كلّ أُمّة وفي كلّ نحلة! وفي كلّ كتاب وفي كلّ ناشـئة!

    فما هو السـبب في إخفائها وقد انتشـرت حرّية الأديان منذ سـنين عديدة؟!

    أفلا تقول لهم: لماذا لا تُطْـلِعون عليها من يأتيكم ملبّياً لدعوتكم، طالباً لِما عندكم ; ليعرف رشـدَه من غيّه؟!

    هداك الله! ما هذا الاتّباع الأعمى؟!

    أفلا تقول لأصحابك: إنّ الناس يسـألوننا عن سـبب إخفائها هذا الإخفاء الشـديد، وينشـدوننا قول الشـاعر:


    * وكَم سـائل عَنْ أمرِهِ وهو عالِمُ *

    ويقولون: مهما بلغ الإخفاء بهذه الكتب، فإنّا رأيناها مجتمعة ومتفرّقة، فوجدناها تسـوء الأدب! تسـوء اللسـان العربي! تسـوء المعارف! تسـوء التوحيد! تسـوء الشـرائع! تسـوء الحكمة! تسـوء الفلسـفة! تسـوء الشـرف! تسـوء الاسـتقامة! تسـوء دعوتكم!!


    الصفحة 32
    فإنّها بما فيها من الخلل والتناقض والتخليط، حجّة واضحة ـ لكلّ ذي شـعور ـ على بطلان دعوتها، واضطراب كاتبها، وتناقض أقواله وسـخافتها، وضلال آرائه ووهنها.

    وإنّ أصحـاب دعوتـه شـعروا بذلك، ولكنّ مقاصـدهم اقـتضت أن لا ينقضوا أسـاسَ جامعتهم، ولا يبطلوا أوّلَ أمر لناشـئتهم، بعد أن راج أمرهم، وتمهّدت أُمورهم، فدفنوا تلك الكتب في قبور الإخفاء، سـتراً على أمرهم الخفيّ من معائبها، وإبقاءً على كلمتهم، فلعلّما تمرّ الدهور، وتُنسـى الأُمور، فيُبرزون ما يسـمّونه باسـمها، وإنْ غيّروا به مادّتها وصورتها.

    فإن قال أصحابك: ليس الأمر كما يقول الناس.

    فقل لأصحابك: إذاً فكذِّبوا الناسَ بإظهارها لهم، واحفظوا بذلك شـرف أمـركم وشـرف أسـاس ناشـئـتـكم أقـلاًّ، وإنْ لـم يحـسـن عنـدكم ـ كسـائر الأُمم، وكسـائر الكتب ـ جعلها لسـاناً للدعوة!

    ولكم أن تخفوا منها تعليمها بعمل الكيمياء(1)، واحرموا الناس من هذا الخير!

    وما يضرّكم أن يتعلّم الناس منها علوم العربية، والفصاحة، والبلاغة، واسـتقامة الكلام وارتباطه، وصحّة المعارف، وإنْ لم يؤمنوا بها؟!

    هداك الله إلى رشـدك..

    أفلا تقول لأصحابك: لماذا تخفون هذه الكتب عنّا وتُبرزون كتباً صغاراً، إمّا من أدعية ملفّقة من فقرات أدعية أهل البيت (عليهم السلام)، بعدما حُلَّ

    ____________

    (1) تعريفه عندهم هو تحويل المعادن الخسـيسـة إلى معادن نفيسـة.


    الصفحة 33
    نظامُها، وشُوِّهَت صورتُها بالخلل والغلط، وجُعِل في أثنائها شيئاً من كلمات المتصوّفة واصطلاحاتهم..

    وإمّا من خُطب فارسـية أُلّفت من كلمات المتصوّفة وأشـعارهم؟!

    أفلا تقول لأصحابك: إنّ الدعوة التي غيّرت الدينَ والشـريعةَ ماذا تفيد فيها الأدعية الملفّقة المغلّطة؟! وماذا تفيد فيها وجديات المتصوّفة؟!

    أرونا كتبَ علي محمّـد أسـاس الدعوة، وجوامعَ تعليمِها، وحلالَها وحرامَها!

    أفلا تقول لأصحابك: أُريد أن آخذ معارف هذه الناشـئة وشـريعتها وحججها من كتابها الأصلي، ولا أُريد أن أسـمعها من زيد وعمرو؟!

    أفلا تقول لأصحابك: إنّ مؤسّـس هذه الطريقة ـ علي محمّـد ـ قد أمرَ أتباعه كلّهم أجمعين بتلاوة " البيان "، كما سـتسـمعه من الباب التاسـع من الواحد السـادس من " البيان "!!

    بل أَمرَ مَن يقدر بأن يتلو من " البيان " في كلّ يوم وليلة سـبعمائة آيـة، كما في الباب الرابع عشـر من الواحد الثامن.

    وأَمرَ بأن يكون عند كلّ نفس من " البيان " صحيفة أقلّ ما فيها ألف بيت، كما في الباب الأوّل من الواحد السـادس.

    فأين " البيان " لأتلوه؟!

    أفلا تقول لأصحابك: إنّ حسـين علي كتب كتاباً سـمّاه " إيقان " وكتاباً سـمّاه " أقدس " ذكر فيه شـريعته، فأين الكتابان؟! ولماذا أُخفيا؟! ولماذا لم يُطبعا؟!

    إنّ الناس يقولون: إنّ في كتب علي محمّـد، وكتب حسـين علي

    الصفحة 34
    شـطحاتِ الكفر، وادّعاءَهما الإلهيّة زيادة على النبوّة، وفيها إنكارُ المعاد الجسـماني، وإنكارُ معجزات المسـيح على ضدّ ما يقوله القرآن والأناجيل وكتب العهد الجديد!!

    فإنْ كان الناس يكذبون في ذلك، فأظهِروا كذبهم بإظهار هذه الكتب ; لكن بشـرط أن يتوافق على كتب علي محمّـد كلُّ فرقة من البابية والأزلية والبهائية، ويتوافق على كتب حسـين علي ولداه وأتباعهما: عبّـاس أفندي وأتباعه، وميرزا محمّـد علي وأتباعه.

    ومع ذلك تكون مطابقةً لِما ظفر به المسـلمون وغيرهم ـ رغماً على الإخفاء الشـديد ـ حيث أخذوها من أيدي البابية بحسـن الوسـائل.

    هداك الله إلى رشـدك ; وفي ما ذكرناه كفاية لهدي أُولي الألباب وتنبّههم من غفلتهم.

    هذا بعض ما عليك..

    وعَلَيَّ في شـرع الهدى أن أُجاريك في البحث، وأجري معك في الإيضاح قطعاً للمعاذير، والله وليّ التوفيق.

    ثمّ لا يخفى عليك ـ هداك الله ـ أنّ من الناس من انهمك بترويج نحلته، وحبّ الغلبة والاتّصاف بالعلم، وبغض المغلوبية وظهور صفة الجهل، فيحرّك هواهُ لسـانَه في المكالمة ـ على رغم الحقّ والكمال ـ باضطراب المكابرة والمباهتة، والتشـبّث بالواهيات، مغتنماً غرّة الجليس، أو خلوة المجلس، أو ميل الغالب من أهله إلى ما يقول.

    ولكنّ الغالب من هؤلاء إذا طلبت منه كتابة مطالبه، التزم فيها ـ مهما أمكن ـ بالتهذيب والتنقيح، حذراً من ظهور الجهل وذمائم الأخلاق بظهور الكتابة للعموم!


    الصفحة 35
    فلذا آثرتُ أن أقلع هذه الجذور الفاسـدة، منّي ومن غيري، في جعل السـير في نهج الحقّ كَـتْبِـيّـاً، والله الهادي إلى سـواء السـبيل.

    فأقول في السـؤال: لماذا تركتَ دينَ فطرتِك وشـريعةَ نشـأتِك والتمسّكَ بالقرآن الكريم، وعدلتَ إلى البابية، وهي مباينة للإسـلام كما ذكرنا؟!

    والذي يُفرض أن تقوله إحدى مقالات ثلاث:


    الصفحة 36


    المقالات الثلاث
    التي يفترض أن تقولها البابية
    والـردّ عليـها





    الصفحة 37

    الصفحة 38

    المقالة الأُولى

    أن تقول ـ عافاك الله ـ: إنّي وجدتُ دين الإسـلام ـ كشـريعته ـ باطل الأصل والفرع، لا علقة له بالله، ولا مسـاس له بالحقّ، فعدلتُ إلى دين الحقّ وشـريعة الرشـد!

    فنـقول لك: إنّ لنا أن نسـألك عن البرهان في ما قلت من توهين الإسـلام وتمجيد البابية، فلعلّك تفيدنا أو نفيدك.

    ولكن لنا معك طريقاً أقرب من هذا، وهو أنّ آسـاس(1) دعوتك ورؤسـاء نحلتك ـ وهم: علي محمّـد وحسـين علي ـ يكذّبانك في قولك هـذا!

    فإنّهما قد بَيّنا دعوتهما على أنّ الإسـلامَ دينُ حقّ، وأنّ محمّـداً رسـولُ الله، وأنّ القرآنَ كتابُ الله، وأنّ أميرَ المؤمنين عليّـاً والأئمّةَ من وُلده إلى الحسـن العسـكريّ (عليهم السلام) أئمّةُ حقّ، وأنّ المهديَّ ـ الموعود بظهوره في دين الإسـلام ـ إمامُ حقّ.

    فقد قال علي محمّـد في الباب الثاني، من الواحد السـادس، من كتاب الأسـماء، من " البيان ": " ولتشـهدنّ أنّ مَثَـلَ ظهور قائمكم كمَثَل ظهور محمّـد رسـول الله من قبل، إنّ الذي نزّل الفرقان من قبل قد نزّل تلك الآيات ".

    وفي الباب الثامن، من الواحد السادس، في معرفة اسم " المرئف ":

    ____________

    (1) آسـاس: جمع أَسَـس ـ مقصور أَساس ـ والأَسَـس والأُسُّ والأَساس: كلّ مُبتدإ شـيء، وأصل البناء ; انظر: لسـان العرب 1 / 141 مادّة " أسـس ".


    الصفحة 39
    " قد علّم الله محمّـداً آيات القرآن، وعلّم عليّـاً آيات... " إلى آخره.

    وقال أيضاً في " آثار النقطة "، في كتاب الفاء، المفتتح بقوله: " بسـم الله الأبهى الأبهى ".. ثمّ استمرّ على هذه المادّة ـ في البهيان والابتهان! ـ..

    .. حتّى قال فيها: " إنّا جعلناك جرداناً جريداً للجاردين "!!

    .. إلى أن قال: " قل إلى أن يُظهر الله مَن يُظهر الله، مِثلَ ما قد ظهر محمّـد رسـول الله "!

    وقال أيضاً في مقالته التي افتتحها بقوله: " يا خليل، بسـم الله الأقدم الأقدم ".. واسـتمرّ على هذه المادّة ـ بالقدّامين والقادمات والقدمان! ـ..

    .. إلى أن قال: " وإنّ هؤلاء لا يتّبعوني، ولو اتّبعوني لآمنوا بموسـى قبل عيسـى، ثمّ بمحمّـد بعد عيسـى ".

    وقال في مقالته التي قال فيها: " قضى الله عدد النفر بالنفي: لا إله، وحقّ على كلّ نفس أن تثبتنّ ألف الإثبات "!!..

    .. إلى أن قال: " كلّ الدِين لا إله إلاّ الله، ظاهراً وباطناً، أوّلا وآخراً، ثمّ محمّـد رسـول الله، ثمّ الأئمّة والورثة حجج الله "..

    .. إلى أن قال: " قد قدَّرنا أثمار شـجرة الأُولى لمحمّـد رسـول الله، هذا عطاء ربّك غير مقطوع ولا ممنوع، ثمّ لعليّ إمام حقّ محبوب، ثمّ لفاطمة ورقة من شـجرة الأُولى، كذلك أنتم تحشـرون، ثمّ الحسـن والحسـين اللذين قد جعلهما الله إماماً على العالمين ".

    وقال أيضاً ـ في ما قال في صناعة الإكسـير ـ: " قد سـمعت مثل محمّـد رسـول الله، قد وضع الحجر على بطنه ".

    وفي مقالته التي يقول فيها: " هو هذا وإنّي القائم الذي كلٌّ ينتظرون يومـه "..