مع إنّ ضرورة مذهب الإمامية، وصريح المتضافر الصحيح من أخبار أئمّتهم ـ كما وافقهم عليه جملة من عرفاء أهل السُـنّة(1) ـ أنّ المهديّ هو الولد الصُلبي للإمام الحسـن العسـكري عليهما السلام، وُلد بسـامرّاء من أُمّ ولد اسـمها نرجس، ليلة النصف من شـعبان سـنة المائتين وسـتّ وخمسـين من الهجرة(2).
والإمام أبوه أراه لبعض الشـيعة، ونصّ على أنّه هو المهديّ المنتظر صاحب الغَيبة(3).
____________
(1) من هؤلاء:
1 ـ محيي الدين ابن العربي (560 ـ 638 هـ) في " الفتوحات المكّية " باب 366، ونُقل ذلك عنه في مشـارق الأنوار ـ للشـيخ حسن العدوي الحمزاوي ـ: 131، وفي اليواقيت والجواهر ـ للشـعراني ـ: 288.
2 ـ عبـد الوهّاب الشـعراني (973 هـ) في لواقح الأنوار في طبقات الأخيار 2 / 139 رقم 25، واليواقيت والجواهر: 287 ـ 288، ونقل ذلك عنه في اسـتقصاء الإفحام: 92.
3 ـ عبـد الحقّ الدهلوي، في مناقب وأحوال أئمّه أطهار، ونقل ذلك عنه في اسـتقصاء الإفحام: 106.
4 ـ الشـيخ العطّار النيسابوري، في مظهر الصفات، ونقل ذلك عنه في ينابيع المودّة 3 / 348 و 350 و 397 ح 50 و 51.
5 ـ شـمس الدين التبريزي، كما في ينابيع المودّة 3 / 348.
انظر كلمات هؤلاء وغيرهم في: كشـف الأسـتار: 46 ـ 93، وكتاب " الإمام الثاني عشـر (عليه السلام) ".
(2) أُصول الكافي 1 / 587 ح 1، إكمال الدين: 424 ـ 432 ح 1 ـ 3 و 9 و 12، الإرشاد 2 / 339 وفيه: سـنة خمس وخمسـين ومائتين، الغَيبة ـ للطوسي ـ: 231 ح 198 و ص 234 ح 204 وفيه: " سنة خمس وخمسين ومائتين " و ص 239 ح 207 و ص 240 ح 208 و ص 245 ح 212.
(3) أُصول الكافي 1 / 368 ح 3 و 4 و 6 باب الإشارة والنصّ إلى صاحب الدار (عليه السلام)، وانظر الصفحة 371 ـ 372 ح 12 ـ 14 باب في تسـمية من رآه (عليه السلام) و ص 588 ذ ح 2 باب مولـد الصـاحب (عليه السلام)، إكمال الدين: 431 ـ 432 ح 8 و 9 و ص 433 ح 16 و ص 434 ـ 436 ح 1 ـ 5، الإرشاد 2 / 348، إعلام الورى 2 / 220 و ص 248 ـ 253.
وإليك فاسـتمع أخبار النبيّ وأهل بيته في ما قلناه، ثمّ إنّا نذكر لك من كلّ حديث نصّ فقراته في هذا المطلوب، ونترك باقيه طلباً للاختصار، وحذراً من الإطالة، ولكنّا ندلّ على الكتب التي نسـتخرج منها هذه الأخبار، ونذكر مصنّفيها، وتاريخ عصرهم، ليتيسّـر لك مراجعتها، لتطّلع على الأخبار بطولها ونصّها وسـندها..
فنروي من كتاب سُليم، وهو ممّن أدرك أمير المؤمنين (عليه السلام) وسلمان وروى عنهما.
ومن كتاب الغَيـبة، للفضل بن شـاذان، وهو من خواصّ أصحاب الرضـا (عليه السلام)، وأدرك ولادة الحجّة، وتوفّي في أيّام العسـكري (عليه السلام).
____________
(1) وفيات الأعيان 4 / 176 رقم 562.
(2) الصواعق المحرقة: 255 و 314.
(3) التفصّي: الاسـتقصاء، والتخلّص من المضيق أو البلية ; انظر مادّة " فصي " في: المصباح المنير: 181، لسان العرب 10 / 276، تاج العروس 20 / 50.
(4) أُصول الكافي 1 / 577 ذ ح 1، إكمال الدين: 43.
ومن كتاب الغَيبة، للشـيخ أبي عبـد الله محمّـد بن إبراهيم، الكاتب النعماني، وقد ألّفه سـنة الثلاثمائة واثنين وأربعين من الهجرة.
ومن كتاب الاختصاص والأمالي والإرشـاد، للشـيخ الأجلّ الشـيخ المفيـد، المولود سـنة ثلاثمائة وثلاث وثلاثين.
ومن كتاب إكمال الدين وكتاب عيون الأخبار، للشـيخ الصدوق أبي جعفر محمّـد بن عليّ بن بابويه القمّي، المتوفّى سـنة الثلاثمائة وإحدى وثمانين من الهجرة.
ومن كتاب كفاية الأثر، للشـيخ الجليل عليّ بن محمّـد بن عليّ الخزّاز، المعاصر للصدوق أبي جعفر.
ومن كتاب مقتضب الأثر، للشـيخ أحمد بن محمّـد بن عيّـاش، المتوفّى سـنة إحدى وأربعمائة.
ومن كتاب الغَيـبة، لشـيخ الطائفة أبي جعفر محمّـد بن الحسـن الطوسـي، المتوفّى سـنة أربعمائة وسـتّين.
ومن كتاب فرائد السـمطين، للحمويني الشـافعي.
ومن كتاب المناقب، للخطيب الفقيه ابن المغازلي الشـافعي.
وغيرها من الكتب التي نصرّح بأسـمائها..
[1 ـ فصـل
في ما روي عن رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
وحديث اللوح وصحيفة الزهـراء (عليها السلام)]
1 ـ أسـند الكليني في " أُصول الكافي "، والنعماني في كتاب " الغَيبة "، من سـماعه من شـيخ كتب هذا الحديث في كتابه سـنة الثلاثمائة والثلاث عشـر، والصدوق في كتاب " العيون "، والباب الثامن والعشـرين من " إكمال الدين "، والمفيد في كتاب " الاختصاص "، والشـيخ الطوسـي في كتاب " الغَيبة "، والطبرسـي في " الاحتجاج "، والحمويني الشـافعي في الباب الثاني والثلاثين من السـمط الثاني من " فرائد السـمطين " ; بأسـانيد متعدّدة عن جابر بن عبـد الله الأنصاري ; في ذِكر اللوح الذي رآه عند الزهراء (عليها السلام)، من قول الله في ذِكر الأئمّة وتعدادهم، قوله تعالى ـ بعد ذِكر الحسـن العسـكري ـ: ثمّ أُكملُ ذلك بابنـه محمّـد رحمة للعالمين، عليه كمال(1) موسـى، وبهاء عيسـى، وصبر أيّوب(2).
2 ـ وأسـند الصدوق أيضاً في الباب الثامن والعشـرين من " إكمال
____________
(1) كان في الأصل المطبوع: " جمال "، وهو تصحيف، وما أثبتناه هو الموافق لِما في المصادر والسـياق.
(2) أُصول الكافي 1 / 603 ذ ح 3، الغَيـبة ـ للنعماني ـ: 66 ذ ح 5، عيـون أخبار الرضـا (عليه السلام) 1 / 50 ذ ح 2، إكمال الـدين: 310 ذ ح 1، الاختصـاص: 212، الغَيـبة ـ للطوسي ـ: 146 ذ ح 108، الاحتجاج 1 / 166 ذ ح 33، فرائد السمطين 2 / 138 ذ ح 432 ـ 435.
3 ـ وأسـند الصدوق أيضاً في الباب المذكور من " إكمال الدين "، وفي " العيون " بسـند مغاير أيضاً لِما تقدّم، عن الصادق (عليه السلام)، قال: وجدنا صحيفة بإملاء رسـول الله...
وذكر فيها ما ذُكر في اللوح المتقدّم بتمامه(2).
4 ـ وأسـند الصـدوق أيضاً في الباب الثامن(3) والعشـرين من " إكمال الدين "، والخزّاز في " كفاية الأثر "، عن جابر الأنصاري، عن رسـول الله (صلى الله عليه وآله) في تعـداد الأئمّـة (عليهم السلام)، قوله (صلى الله عليه وآله): ثمّ الحسـن بن عليّ(4)، ثمّ سـميّي وكنيّي، حجّة الله في أرضه، وبقـيّته في عباده، ابن الحسـن بن عليّ، ذاك الذي يفتح الله على يديه مشـارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن شـيعته [وأوليائه] غَيبة لا يثبت [فيها] على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان(5).
5 ـ وأسـند الصدوق في كتاب " العيون "، وفي الباب السـابع والعشـرين من " إكمال الدين "، والطبرسـي في " الاحتجاج "، والحمويني في البـاب الثـاني والثـلاثيـن من السـمط الثـاني من " فرائـد السـمطيـن "، أنّ الباقر (عليه السلام) قال لجابر الأنصاري: حدّثنا بما عاينت من الصحيفة ; فذكر
____________
(1) إكمال الدين: 312 ذ ح 3، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 / 51 ح 4.
(2) إكمال الدين: 312 ذ ح 3، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 / 50 ح 3.
(3) كذا في الأصل المطبوع، والصحيح: الثالث.
(4) أي: العسـكري. منه (قدس سره).
(5) إكمال الدين: 253 ح 3 باب 23، كفاية الأثر: 54.
6 ـ وأسـند الشـيخ الطوسـي في (أماليه) في حديث الصحيفة ومقابلة الباقر للنسـخة التي عنده مع نسـخة جابر الأنصاري، فذكر بعد تعداد الأئمّة الهادي والعسـكري عليهما السلام ما نصّه: والخَلَف محمّـد... وهو المهديّ من آل محمّـد، يملأُ الأرض عدلا كما ملئت جوراً(2).
بـيان:
والمراد من الخَلَف: هو الولد الصُلبي الذي يخلف والده عند موته في مقامه الحميد وآثاره الكريمة، فالخلف هنا هو من يقوم بالإمامة عند موت الحسـن العسـكري (عليه السلام)، وهو ولده الحجّة.
7 ـ وأسـند الخزّاز في " كفاية الأثر " عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حديثاً فيه تعداد الأئمّة إلى الحسـن العسـكري، ووصفه بأنّه أبو حجّة الله، قال: ويخرج من صلب الحسـن قائمنا أهل البيت، يملأُها قسـطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً(3).
8 ـ وأسـند الخزّاز في " كفاية الأثر " أيضاً، والحمويني الشـافعي في الباب الحادي والثلاثين من السـمط الثاني من " فرائد السـمطين "، عن ابن عبّـاس عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، حديثاً مع اليهودي فيه تعداد الأئمّة واحداً بعد
____________
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 / 47 ـ 48 ح 1، إكمال الدين: 305 ـ 307 ح 1، الاحتجاج 2 / 296 ـ 298 ح 247، فرائد السـمطين 2 / 140 ـ 141 ذ ح 432 ـ 435.
(2) الأمالي: 291 ـ 292 ح 566.
(3) كفاية الأثر: 84.
ورواه الفضل بن شـاذان في كتاب " الغَيبة " عن محمّـد بن أبي عمير وأحمد بن محمّـد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن عبـد الله بن عبّـاس، عن رسـول الله (صلى الله عليه وآله)(2).
9 ـ وأسـند الخزّاز في " كفاية الأثر " حديثـاً عن ابن عبّـاس عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيه تعداد الأئمّـة واحداً بعد واحـد إلى الحسـن العسـكري وقـال (صلى الله عليه وآله وسلم): وإذا انقضى الحسـن فابنه الحجّـة(3).
10 ـ وأسـند الخزّاز في " كفاية الأثر " بأسـانيد ثلاثة عن الأصبغ بن نباتة، وشـريح بن هاني، وعبـد الرحمن بن أبي ليلى، كلّهم، عن أمير المؤمنين، عن النبيّ، حديثاً طويلا في أمر الوصاية والإمامة من آدم (عليه السلام)إلى أن بلغ إلى الحسـن العسـكري فقال: والحسـن يدفعها إلى ابنه القائم، ثمّ يغيب عنهم ما شـاء الله، وتكون له غَيبتان، إحداهما أطول من الأُخرى.
ثمّ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): الحذر الحذر إذا فُقد الخامس من وُلد السابع(4).
11 ـ وأسـند أيضاً عن محمّـد بن الحنفيّة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ في حديث ـ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ومن ذرّيّتك الأئمّة
____________
(1) كفاية الأثر: 14، فرائد السـمطين 2 / 133 ـ 134 ح 431.
(2) الغَيـبة: مفقود.
(3) كفاية الأثر: 18.
(4) كفاية الأثر: 146 ـ 150.
بـيان:
ولعلّ الناظر إلى هذين الحديثين، قبل سـنة الألف ومائتين وسـتّين، يسـتعظم مضمونهما ويسـتغربه ويقول:
ما عسـى أن يحدث من الفتن بعد الغَيـبة؟!
وماذا حدث حتّى يمتاز عن الفتن التي حدثت بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من اختلاف أُمّته، وإراقة الدماء بينهم، وقتل ذرّيّته، وسـبي حريمه، وشـيوع الظلم والجور والفسـق والفجور، وسـفك الدماء الزكية، وقتل النفوس المحترمة، ودفع الأئمّة عن حقّهم؟!
ولكنّ هذا الرجل لو عاين ما حدث في المسـلمين بعد سـنة الألف والمائتين وسـتّين، لعرف السـرّ المودع في هاتين الروايتين، وبان له امتياز هذه الفتنة عن الفتن السـابقة، وعرف أنّها هي التي يجب التحذير منها، حيث كانت طليعتها الدعوة إلى اطّراح القرآن الكريم لقول القائل: " إنّا جعلناك جرداناً جريداً للجادرين "!! وما أشـبه ذلك.
ومن فواظع هذه الدعوة:
أنّ بارعة الحسـن، فريدة الجمال، زرّين تاج القزوينية، الملقّبة بقُرّة العين، رقت المنبر في قرية دشـت، قريب مدينة بسـطام، وهي بادية المحاسـن الفتّانة، في ريعان الشـباب وزهوّ الجمال، ونادت في الناس مجاهرة بأنّ الشـريعة المحمّـدية قد بطلت بظهور الباب، وأحكام الشـريعة الجديدة البابية لم تصل إلينا، ونحن الآن
____________
(1) كفاية الأثر: 157 ـ 158.
وأمرت بهتك حجاب النسـاء، ثمّ سـارت المنازلَ بين قوم أخلاط، ليس لها فيهم محرم ولا قرابة ولا حميّ، بعدما أطلقتهم من قيود التكليف!
فكان ما كان ممّا لسـتُ أذكره | فظُنَّ خيراً ولا تسـأل عن الخبرِ |
ومن فظائع هذه الفتنة:
أنّ الملاّ حسـين البشـروئي لَـمّا انهزم مقاتلوه والتجأوا إلى قرية " فراد " من أعمال مازندران، وأفناهم جميعاً، عطف على أهل القرية، الّذين هم لم يشـتركوا في القتال، وذبحهم طرّاً، إناثاً وذكوراً، أطفالا وشـيوخاً، ودمّر القرية، وأحرقها بالنار!(1).
ومن فظائع هذه الفتنة:
قول البهاء حسـين علي في الصفحة المائة والثامنة والثمانين، من كتابه المسـمّى " إيقان "، في شـأن الملاّ حسـين البشـروئي المذكور، ما نصّه بالفارسـية: " وأز إين جمله ملاّ حسـين اسـت كه محل إشـراق ظهور شـدند "!(2).
ثمّ قال بالعربية: " ولولاه(3) ما اسـتوى الله على عرش رحمانية، وما اسـتقرّ على كرسـيّ صمدانية "!
وإنّ عندنا نسـخة خطّيّة في ثمانين ورقة، تكون هذه الفقرات فيها قبل الآخر بنحو ثمان أوراق.
____________
(1) كذا في الأصل ; ولعلّ الصواب: عطف على أهل القرية، الّذين هم لم يشـتركوا في القتال، وأفناهم جميعاً، وذبحهم طرّاً، إناثاً وذكوراً، أطفالا وشـيوخاً، ودمّر القرية، وأحرقها بالنار!
(2) أي: ومن هؤلاء كان الملاّ حسـين محلّ تجلّي الظهور.
(3) أي: لولا الملاّ حسـين. منه (قدس سره).
ومن فظائع هذه الفتنة:
أنّ كثيراً ممّن وُلد على فطرة الإسـلام قد أنكروا ضروريّات الدين، وارتدّوا عن فطرة، وبدّلوا الشـريعة، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم.
ولنرجع إلى ما نحن الآن بصدده..
12 ـ وأسـنـد ابـن المغـازلي في (منـاقبـه)، عـن جـابر، عـن رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حديثـاً فيه تعداد الأئمّة لجندل اليهودي، إلى أن بلغ الحسـن العسـكري (عليه السلام) فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): وبعده ابنه محمّـد، يُدعى بالمهديّ والقائم والحجّـة، فيغيب ثمّ يخرج، فإذا خرج يملأُ الأرض عدلا وقسـطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، طوبى للصابرين في غَيـبته(1).
وهذا الحديث رواه الفضل بن شاذان في كتاب " الغَيبة "، عن محمّـد ابن الحسن الواسطي، عن زفر بن هذيل، عن سليمان بن مهران الأعمش، عن مورق، عن جابر بن عبـد الله الأنصاري، عن رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(2).
13 ـ وأسـند الخزّاز أيضاً في (الكفاية) مع تفاوت يسـير في روايتهما عن رواية ابن المغازلي، ومن التفاوت قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ بعد ذِكر الحسـن العسـكري ـ: ثمّ يغيب عنهم إمامهم.
فقال جندل: هو الحسـن يغيب [عنهم] ؟!
____________
(1) لم أجده في " المناقب " المطبوع، ونقله القندوزي عن " المناقب " في ينابـيع المودّة 3 / 283 ـ 285 ح 2.
(2) الغَيـبة: مفقود.
14 ـ وأسـند الخزّاز في (الكفاية) عن الحسـن السـبط (عليه السلام)، قال: خطب رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)..، وذكر الخطبة وتعداد النبيّ للأئمّة واحداً بعد واحد إلى الحسـن العسـكري، وبعده قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ويُخرج الله من صلب الحسـن الحجّـةَ القـائم، إمـام زمانـه [ومنـقذ أوليـائه] يغيـب حتّـى لا يُرى(2).
15 ـ وأسـند أيضاً عن الحسـن(3) السـبط (عليه السلام) عن رسـول الله (صلى الله عليه وآله)حديثاً ذكر فيه أنّه (صلى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السلام) أَوْلى بالمؤمنين من أنفسـهم، وذكر الأئمّة واحداً بعد واحد إلى الحسـن العسـكري (عليه السلام)، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): والحجّـة ابن الحسـن أَوْلى بالمؤمنين من أنفسـهم(4).
16 ـ وبسـند آخر عن الحسـين (عليه السلام) عن رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، في حديث أنّه قال لجبرئيل: ومَن قائمنا أهل البيت؟
فقال: هو التاسـع من وُلد الحسـين.
ثمّ ذكر جبرئيلُ الأئمّةَ واحداً بعد واحد حتّى بلغ الحسـن العسكري فقال: ويخرج من صلبه كلمة الحقّ، ولسـان الصدق، ومظهر الحقّ، حجّة الله على بريّته، له غَيبة طويلة، يظهر الله به الإسـلام وأهله، ويخسـف به الكفر وأهله(5).
17 ـ وأسـند أيضاً عن الصادق، عن آبائه، عن الحسـين (عليهم السلام)، عن
____________
(1) كفاية الأثر: 59.
(2) كفاية الأثر: 165.
(3) كذا في الأصل، وفي المصدر: " الحسـين ".
(4) كفاية الأثر: 177.
(5) كفاية الأثر: 187 ـ 189 وفيه: عن عائشـة.
18 ـ وأخرج أبو المؤيّد موفّق بن أحمد الخوارزمي بسـنده، والحمويني في " فرائد السمطين "، عن أبي سلمى(2) ـ راعي رسول الله ـ مثله، وفيه: ومحمّـد بن الحسـن المهديّ، كأنّه كوكب دُرّيّ بـينهم(3).
19 ـ وأسـند الشـيخ الطوسـي في (غَيبته)، عن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، في وصيّة النبيّ بتسـليم عهد الإمامة من إمام إلى إمام، وعدَّد الأئمّة.. إلى أن قال في ذِكر الهادي: فلْيسـلّمها إلى ابنه الحسـن [الفاضل] ، فإذا حضرته الوفاة فلْيسـلّمها إلى ابنه محمّـد المسـتحفَظ من آل محمّـد (صلى الله عليه وآله)(4).
____________
(1) كفاية الأثر: 185 ـ 186 بلفظ آخر، وفيه: عن أُمّ سـلمة.
(2) كان في الأصل: " أبي سليمان "، وهو تصحيف ; وما أثبتـناه هو الصحيح، انظـر: الإصابة 7 / 188 رقم 10047، الاستيعاب 4 / 1683 رقم 3015، أُسد الغابة 5 / 153 رقم 5974.
(3) مقتل الحسـين (عليه السلام): 95 ـ 96، فرائد السـمطين 2 / 319 ـ 320 ح 571 وفيه: والمهديّ في ضحضاح من نور قياماً يصلّون، هو في وسطهم ـ يعني المهدي ـ كأنّه كوكب درّيّ.
(4) الغَيبة: 150 ـ 151 ح 111.
2 ـ فصـل
[في ما روي عن أمير المؤمنين الإمام عليّ (عليه السلام)]
20 ـ وأسـند الكليني في " أُصول الكافي " في باب الغَيبة، والنعماني في كتاب " الغَيبة "، والصدوق في الباب السـادس والعشـرين من " إكمال الدين "، والمفيد في " الاختصاص "، والشيخ الطوسي في كتاب " الغَيبة "، والخزّاز في " كفاية الأثر "، بأسـانيد مختلفة عن الأصبغ بن نباتة، من قول أمير المؤمنين (عليه السلام): فكّرت في مولود يكون في ظهر الحادي عشـر، مِن وُلدي، هو المهديّ الذي يملأُها قسـطاً وعدلا كما مُلئت ظلماً وجوراً، له حيرة وغَيبة، تضلّ بها أقوام، ويهتدي بها آخرون(1).
بـيان:
المراد أنّ المهديّ يكون من وُلد أمير المؤمنين، من ظهر الحادي عشـر من الأئمّة.
21 ـ وذكر الشـيخ المفيد في كتاب " الجوابات " ـ وهي رسـالة مختصرة ـ أنّه ممّا روته العامّة والخاصّة خبر كميل بن زياد عن أمير المؤمنين، وفيه قوله (عليه السلام): ولكنّي أُفكّر في التاسـع من وُلد الحسـين، هو الذي يملأُ الأرض قسـطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً، تكون له غَيْبة يرتاب فيها المبطلون.
يا كميل! لا بُـدّ لله في أرضه من حجّة، إمّا ظاهر [مشهور]
____________
(1) أُصول الكافي 1 / 379 ح 7، الغَيبة ـ للنعماني ـ: 60 ـ 61 ح 4، إكمال الدين: 288 ـ 289 ح 1، الاختصاص: 209، الغَيبة ـ للطوسـي ـ: 164 ـ 165 ح 127، كفاية الأثر: 219 ـ 220.
22 ـ وأسـند الصدوق في الباب المتقدّم من " إكمال الدين "، عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) ـ في حديث ـ أنّه قال: التاسـع من وُلدك يا حسـين هو القائم بالحقّ، والمُظهِر للدين، والباسـط للعـدل.
قال الحسـين (عليه السلام): فقلت: يا أمير المؤمنين! وإنّ ذلك لكائن؟
فقال: إي والذي بعث محمّـداً بالنبوّة واصطفاه على جميع البريّة، ولكن بعد غَيبة وحَيرة لا يثبت فيها على دينه إلاّ المخلصون المباشـرون لروح اليقين، الّذين أخذ الله ميثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الإيمان، وأيّدهم بروح منه(2).
بـيان:
قوله (عليه السلام): " لا يثبـت فيها على دينـه إلاّ المخلصـون " لا يُعرف الوجهُ فيه وسـرّه العيني إلاّ بعد سـنة الألف ومائتين وسـتّين.
23 ـ وأسـند ابن عيّـاش في كتاب " مقتضب الأثر " سـماعاً في سـنة خمس وثمانين ومائتين، عن جماعة من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ في حديث ـ أنّه قيل له: ومَن ابن خيرة الإماء؟
فقال: ذلك الفقيد [الطريد] الشـريد، محمّـد بن الحسـن بن عليّ بن محمّـد بن عليّ بن موسـى بن جعفر بن محمّـد بن عليّ بن الحسـين هـذا ; ووضع يده على رأس الحسـين (عليه السلام)(3).
____________
(1) الرسالة الثانية في الغَيبة: 12.
(2) إكمال الدين: 304 ح 16.
(3) مقتضب الأثر: 31.
25 ـ ونقل ابن أبي الحديد، عن أصحابه المعتزلة، أنّ المهديّ الذي يملأُ الأرض قسـطاً وعدلا هو لأُمّ ولد، كما ورد في هذا الأثر وغيره من الآثـار(3).
26 ـ وأسـنـد النعماني في كتاب " الغَيبة " عن الصادق (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنّه قال على منبر الكوفة: وإنّ من ورائكم فتناً مظلمة، عمياء منكسـفة، لا ينجو منها إلاّ النُـوَمة.
قيل: يا أمير المؤمنين! وما النُوَمة؟
قال: الذي يعـرف النـاس ولا يعـرفـونـه ; واعلمـوا أنّ الأرض لا تخلو من حجّة الله، ولكنّ الله سـيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم وإسـرافهم على أنفسـهم، ولو خلت الأرض سـاعة واحدة من حجّة الله لسـاخت بأهلها، ولكنّ الحجّة يعرف الناس ولا يعرفونه(4).
____________
(1) الهَرْج: شدّة القتل وكثرته، والفتنة والاختلاط ; انظر مادّة " هرج " في: الصحاح 1 / 350، لسان العرب 15 / 69.
(2) شـرح نهج البلاغة 7 / 58.
(3) شـرح نهج البلاغة 7 / 59.
(4) الغَيبة: 141 ح 2.
أقـول:
وهذان الحديثان الأخيران، وإن لم تكن لهما صراحة في ما نحن الآن بصدده، مِن أنّ المهديّ هو ابن الحسـن العسـكريّ، ولكنّهما بانضمامهما وبيـان أنّ الأرض لا تخلو من حجّة سـاعة واحدة، كافيان في التعيين، والحجّة على نفي الغير.
3 ـ فصـل
[في ما روي عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)]
27 ـ وأسـند الصدوق في الباب التاسـع والعشـرين من " إكمال الدين "، والطبرسـي في " الاحتجاج "، والحمويني في الباب [السـابع] والعشـرين من السـمط الثاني من " فرائد السـمطين "، عن الحسـن السـبط المجتبى ـ في حديث ـ قوله (عليه السلام): القائم... يُخفي اللهُ ولادته، ويُغيّب شـخصه، لئلاّ يكون [لأحد] في عنقه بيعة إذا خرج، ذلك التاسـع من وُلد أخي الحسـين، ابن سـيّدة الإماء، يطيل الله عمره في غَيبته، ثمّ يظهره بقدرته في صورة شـابّ دون أربعين [سـنة] ، وذلك لِـيُـعْـلَـمَ أنّ الله على كلّ شـيء قدير(1).
بـيان:
ومقتضى هذا الحديث: أنّ طول العمر والغَيبة يبلغ حدّاً يخالف العادة في أعمار أهل زمانه، بحيث يرتاب وينكر ذلك مَن أمالته الأهواء عن الإذعان بأنّ الله على كلّ شـيء قدير.
____________
(1) إكمال الدين: 316 ذ ح 2، الاحتجاج 2 / 68 ذ ح 157، فرائد السمطين 2 / 124 ذ ح 424.
4 ـ فصـل
[في ما روي عن الإمام الحسـين الشهيد (عليه السلام)]
28 ـ وأسـند الخزّاز في (الكفاية) عن سـيّد الشـهداء حديثاً فيه تعداد الأئمّة (عليهم السلام)، إلى قوله: عليّ الهادي، وبعده الحسـن ابنه، فقال: وبعده الخلف المهديّ، هو التاسـع من وُلدي، يقوم بالدين في آخر الزمـان(1).
بـيان:
قوله (عليه السلام): " يقوم بالدين " أي يحيي معالمه بعدما دثرت وكادت أن تمحوها أهواء الضلال ـ كما سـنوضّح ذلك إن شـاء الله ـ بمقتضى دلالة الأخبار والقرآن من أنّ الدين عند الله الإسـلام.
29 ـ وأسـند الصدوق في الباب الثلاثين من " إكمال الدين "، عن الحسـين (عليه السلام) قوله: قائم هـذه الأُمّة هو التاسـع من وُلدي، وهو صـاحب الغَيـبة(2).
30 ـ وأسـند أيضاً قوله (عليه السلام): في التاسع من وُلدي سُـنّة من يوسف، وسُـنّة من موسى، وهو قائمنا أهل البيت(3).
31 ـ وأسـند الصدوق أيضاً في الباب المذكور، وابن عيّـاش في (المقتضب)، والخـزّاز في (الكفاية)، بأسانيد مختلفة، قوله: منّا اثـنا عشـر مهديّاً، أوّلهم أمير المؤمنين، وآخرهم التاسـع من وُلدي، وهو
____________
(1) كفاية الأثر: 232 ـ 234.
(2) إكمال الدين: 317 ح 2.
(3) إكمال الدين: 317 ح 1.