الصفحة 98
الثالث والثلاثين من " إكمال الدين "، والشيخ الطوسي في كتاب " الغَيبة "، عن منـصور الصيقـل، أنّ الصـادق قـال لـه: يا منصـور! إنّ هـذا الأمـر لا يأتيـكم إلاّ بعد يـأس، ولا والله لا يأتيكم حتّـى تميّـزوا، ولا والله لا يأتيكم حتّى يشـقى من شـقي ويسـعد من سـعد(1).

66 ـ وروى الشـيخ الطوسـي في كتاب " الغَيبة "، عن جابر الجعفي، قال: قلت لأبي عبـد الله (عليه السلام): متى يكون فرجكم؟

فقال (عليه السلام): هيهات هيهات! لا يكون فرجنا حتّى تغربلوا، ثمّ تغربلوا، [ثمّ تغربلوا] ـ يقولها ثلاثاً ـ، حتّى يُذهب اللهُ الكدرَ ويُبقي الصفـوَ(2).

67 ـ وأسـند النعماني والشـيخ الطوسـي في كتابيهما في " الغَيبة "، عن أبي جعفر عليهما السلام، أنّه قال: لمتحّصنّ يا معاشـر الشـيعة تمحيص الكحـل في العيـن ; لأنّ صاحـب الكحـل يعلم متى يقـع في العيـن ولا يعلم متى يذهب، فيُصبح أحدُكم وهو يحسـب أنّه على شـريعة من أمرنا فيمسـي وقد خرج منها، ويمسـي وهو على شـريعة من أمرنا فيُصبح وقد خرج منها(3).

68 ـ وأسند [الشيخ الطوسي] أيضاً عن أبي عبـد الله الصادق (عليه السلام)قوله: واللهِ لَـتُكَسَّـرنّ كسـر الزجاج، وإنّ الزجاج يعاد فيعود كما كان، واللهِ لَتكسّـرنّ كسـر الفخار، وإنّ الفخار لا يعود كما كان، واللهِ

____________

(1) أُصول الكافي 1 / 417 ح 3 و 6، إكمال الدين: 346 ح 32، الغَيبة: 335 ـ 336 ح 281.

(2) الغَيبة: 339 ح 287.

(3) الغَيبة ـ للنعماني ـ: 206 ح 12، الغَيبة ـ للطوسـي ـ: 339 ح 288.


الصفحة 99
لَـتُمحّصنّ، والله لَـتُغربلنّ كما يغربل الزُوَان(1) من القمح(2).

69 ـ وأسند النعماني عن الرضا (عليه السلام): والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تُمحّصوا وتُميّزوا، وحتّى لا يبقى منكم إلاّ الأندر فالأنـدر(3).

70 ـ وأسـند أيضاً عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: فوالذي نفسـي بيده، ما ترون ما تحبّون [حتّى يتفل بعضكم في وجوه بعض و] حتّى يسـمّي بعضكـم بعضـاً كـذّابين ـ إلى أن قال: ـ وكذلك تميَّـزون حتّى لا تبقى منكم إلاّ عصابة لا تضرّها الفتنة شـيئاً(4).

71 ـ وأسـند أيضاً عن الباقر (عليه السلام) نحو هذا(5).

  • بـيان:

    والمراد أنّ الفتن وأهواء الضُلاّل تغربل الشـيعة، وتميّز منهم فرقاً مبتدعة، حتّى لا يبقى على دين الحقّ وسُـنّته إلاّ السـعداء الخلّص، الّذين لا تضرّهم ولا تزعزعهم عواصف الفتن.

  • إيـقـاظ:

    وإنّك لترى من هذه الأخبار الشـريفة أنّ صعوبة التمسّـك بالدين

    ____________

    (1) الزُوَان والزِوَان والزَوَان ـ وقد يهمز ـ: ما يخرج من الطعام فيرمى به، وهو الرديء منه، وهو أيضاً حبّ يخالط البُرّ.

    انظر مادّة " زون " في: الصحاح 5 / 2132، لسـان العرب 6 / 118 ; ومادّة " زأن " في: الصحاح 5 / 2129، لسـان العرب 6 / 7.

    (2) الغَيبة: 340 ح 289.

    (3) الغَيبة: 208 ح 15.

    (4) الغَيبة: 209 ـ 210 ح 17.

    (5) الغَيبة: 210 ـ 211 ح 18.


    الصفحة 100
    المشـبّهة لخرط العوسـج(1) باليد، والانكفاء كما تنكفئ السـفينة في أمواج البحر، والتمييز والتمحيص، وبيان شـقاوة الشـقيّ وسـعادة السـعيد، والخروج من الشـريعة، والتكسّـر تكسّـر الفخار، والارتداد عن الدين، كما صرّحت به وحذّرت منه الأخبار المتقدّمة.

    هذه كلّها تكون في زمن الغَيبة وقبل ظهور قائم الحقّ من آل محمّـد صلوات الله عليهم.

    وهذه الأخبار وغيرها تخبر أنّ هذه الأحوال تقع في الشيعة من أجل ضلال الأهواء في شأن الغَيبة وبطئها، فيكون الارتداد عن الدين والخروج عن الشـريعة من هذه الجهة!

    وهل سـمعت بوقوع هذه الحوادث المذكورة في الروايات، وارتداد الكثير من الشـيعة عن دينهم، وخلعهم ربقة الإسـلام من أعناقهم، وخروجهم من الشـريعة قبل سـنة الألف ومائتين وسـتّين؟!

    وهل ترى في الفرقة الجديدة البابية شـيئاً وأثراً من أُصول دين الإسـلام وفروعه وأحكامه وشـريعته؟!

    فقد بدّلوا الشـريعة، وخالفوا أحكام القرآن حتّى قوله تعـالى: ( إنّ عِدَّةَ الشُهورِ عندَ اللهِ اثنا عَشَرَ شَهْراً )(2) فجعلوا السـنة تسـعة عشر شـهراً!

    وقد أوضح أئمّة الهدى (عليهم السلام) نهجَ الهدى والنجاة في هذه الفتنة بأنواع الإيضاح، منها ما تقدّم وقرع سـمعك من الروايات، ويقرعه مِنَ الأمر

    ____________

    (1) العَوْسَـج: شـجر كثير الشَـوْك، وهو ضروب، واحدته عَوْسَـجة ; انظر مادّة " عسج " في: الصحاح 1 / 329، لسان العرب 9 / 199.

    (2) سـورة التوبة 9: 36.


    الصفحة 101
    بالثبات على الدين والتمسّك به، ومدح الثابتين عليه، وأنّهم ممّن أخذ الله ميثاقهم، وكتب الإيمان في قلوبهم، وأيّدهم بروح منه، وبالحذر من الارتداد عن الدين، وأنّ المرتدّ عن الدين هو من كانت طينته خبيثة من الشـيعة.

    وإنّك لتجد من كلمات أُولي العصمة في ما ذكرناه أنّها ترمي قصدها إلى الحال الحاضر منذ خمس وسـبعين سـنة كأنّه بمنظر منهم ومسـمع.

    ولنرجـع في طـرد الفصـل إلى المـرويّ عـن الإمـام موسـى بن جعفـر (عليه السلام)..

    72 ـ أسـند الصدوق في الباب الثالث والثلاثين من " إكمال الدين "، والخزّاز في " كفاية الأثر " بسـنديهما عن الإمام الكاظم (عليه السلام) قوله: النعمة الظاهرة الإمام الظاهر، والنعمة الباطنة الإمام الغائب.

    فقلت له: ويكون في الأئمّة من يغيب؟!

    قال: نعم، يغيب عن أبصار الناس شـخصُه، ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذِكرُه، وهو الثاني عشـر [منّـا...] ، يُفني به كلّ جبّار عنيد، ويُهلك على يديه كلّ شـيطان مريد، ابن سـيّدة الإماء، الذي تخفى [على الناس] ولادته... حتّى يظهره الله فيملأ الأرض قسـطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً(1).


    *    *    *

    ____________

    (1) إكمال الدين: 368 ـ 369 ح 6، كفاية الأثر: 266 ـ 267.


    الصفحة 102

    9 ـ فصـل
    [في ما روي عن الإمام عليّ الرضـا (عليه السلام)]

    73 ـ وأسـند الصدوق في الباب الخامس والثلاثين من " إكمال الدين "، والخزّاز في " كفاية الأثر "، والحمويني الشـافعي في " فرائد السـمطين "، عن الرضا (عليه السلام)، أنّه قيل له: ومن القائم منكم أهل البيت؟

    قال: الرابع من وُلدي، ابن سـيّدة الإماء، يطهّر اللهُ به الأرض من كلّ جور، ويقدّسـها من كلّ ظلم، وهو الذي يشـكّ الناس في ولادته، وهو صاحب الغَيـبة(1).

  • بـيان:

    قوله (عليه السلام): " وهو صاحب الغَيبة " يدلّ على أنّ غَيبة المهديّ كانت معهودة عند الإمامية وغيرهم ; لكثرة ما تضافرت بها الأخبار عن النبيّ وآله صلوات الله عليهم.

    ولقد كانت معلومة في زمان محمّـد بن الحنفيّة، حيث زعم الكيسـانية(2) أنّه هو المهديّ صاحب الغَيبة، وأنّه غاب في جبل

    ____________

    (1) إكمال الدين: 372 ذ ح 5، كفاية الأثر: 271، فرائد السـمطين 2 / 337 ذ ح 590.

    (2) الكيسـانية: قيل: هم أصحاب كيسـان، مولى أمير المؤمنين الإمام عليّ (عليه السلام)، أو تلميذ محمّـد بن الحنفية، وقيل: إنّهم أصحاب المختار بن أبي عبيـد الثقفي، سُـمّوا بذلك لأنّه لُقّب باسم صاحب شـرطته أبي عمرة، وأيّـاً كان سـبب التسـمية فقد قالوا بإمامة ابن الحنفيـة، وأنّه المهديّ المنتظَر، وهو حيّ لم يمت، وأنّه في جبل رضوى إلى حين خروجه.

    انظر: فرق الشـيعة: 23 ـ 29، الفَرق بين الفِرق: 27 ـ 29، الملل والنحل 1 / 145.


    الصفحة 103
    رَضْوى(1)، حتّى قال فيه السـيّد الحميري(2) إذ كان كيسـانياً:


    ألا إنّ الأئمّةَ مِنْ قُرَيْشوُلاةُ الأمْرِ أرْبَعَةٌ سَواءُ
    عليٌّ والثلاثَـةُ مِنْ بَنِـيـهِهُمُ أسْباطُنا وَالأوصياءُ
    فَسِبْطٌ سِبْطُ إيمان وَبِرّوَسِبْطٌ قَدْ حَوَتْهُ كَرْبَلاءُ
    وَسِبْطٌ لا يَذُوقُ المَوْتَ حتّىيَقُودَ الجَيْشَ يَقْدِمُهُ اللِواءُ
    يَغِيبُ لا يُرى عَنّا زماناًبِرَضْوى عِنْدَهُ عَسَلٌ وماءُ(3)

    وقال أيضـاً(4):


    أيا شِعْبَ رَضْوى ما لِمَنْ فيكَ لا يُرىفَحتّى مَتى تَخْفى وَأنْتَ قَرِيبُ؟!

    ____________

    (1) رَضْوى ـ بفتح أوّله وسكون ثانيه ـ: جبل بين مكّة والمدينة، قرب ينبع، على مسيرة يوم منها، ويبعد عن المدينة سـبع مراحل، به مياه كثيرة وأشـجار في شـعابه، قفاه حجارةٌ وبطنه غَوْرٌ يضربه السـاحل.

    انظر: معجم البلدان 3 / 58 رقم 5519.

    (2) هو: أبو هاشم إسماعيل بن محمّد بن يزيد بن ربيعة الحِمْيَري (105 ـ 173 هـ)، الشـاعر المفلّق، له مدائح بديعة في أهل البيت (عليهم السلام)، ونظمه في الذروة، حتّى إنّ بشـار بن برد قال له: لولا أنّ الله شـغلك بمدح أهل البيت لافتقرنا!

    انظر: سير أعلام النبلاء 8 / 44 رقم 8، لسان الميزان 1 / 436 رقم 1354، أعيان الشـيعة 3 / 405 ـ 430، الأعلام 1 / 322.

    (3) إكمال الدين: 32، ديوان السـيّد الحميري: 51 ولم يرد فيه البيت الأخير.

    كما وردت الأبيات في كثير من المصادر باختلاف في بعض الألفاظ، وقد نُسـبت في بعضها إلى الشاعر كثيّر عزّة، فانظر مثلا: الفَرق بين الفِرق: 28 ـ 29، الملل والنحل 1 / 148 ـ 149.

    (4) إكمال الدين: 32، ديوان السـيّد الحميري: 68 ـ 69، وقد جاء عجز البيت الثاني فيهما غير موزون، هكذا: " منّا النفوس بأنّه سـيؤوب ".


    الصفحة 104

    فَلَوْ غابَ عَنّا عُمْرَ نُوح لاَيْقَنَتْبِهِ النَفْسُ مِنّا أنّهُ سَيَؤوبُ

    ثمّ إنّ السـيّد الحميري تاب من مقال الكيسانية، واهتدى إلى الحقّ ببركة الصـادق (عليه السلام)، وصار يقول في ذلك الأشـعار.

    74 ـ أسـند الصدوق في أوائل " إكمال الدين " عن السـيّد الحميري، قال: قلت للصادق (عليه السلام): قد روي لنا أخبار عن آبائك (عليهم السلام) في الغَيبة وصحّة كونها، فأخبرني بمن تقع الغَيبة؟

    فقال (عليه السلام): إنّ الغَيبة سـتقع بالسـادس من وُلدي، وهو الثاني عشـر من الأئمّة الهداة بعد رسـول الله، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وآخرهم القائم بالحقّ، بقيّة الله في الأرض، وصاحب الزمان، واللهِ لو بقي في غَيبته ما بقي نوح في الأرض لم يخرج من الدنيا حتّى يظهر فيملأ الأرض قسـطاً وعـدلا كما ملئت ظلماً وجـوراً(1).

    وممّا قال الحميري في توبته وأمر الغَيبة ـ كما رواه الصدوق في أوائل " إكمال الدين "، والشـيخ المفيد في كتاب " الجوابات " ـ قوله(2):


    أيا راكِباً نَحْوَ المَدينةِ جَسْرَةًعَذافِرَةً يَطوي بها كُلَّ سَبْسَبِ
    إذا ما هداكَ اللهُ عايَنْتَ جَعْـفراًفَقُلْ لِوَليِّ اللهِ وابنِ المُهَذَّبِ
    ألا يا أمينَ اللهِ وابنَ أمِيـنِـهِأتُوبُ إلى الرحمنِ ثمّ تأوُّبي
    وما كان قولي في ابنِ خَوْلَة مُطنِباًمعانَـدَةً مِنّي لِنَسْلِ المُطَـيَّبِ

    ____________

    (1) إكمال الدين: 33.

    (2) إكمال الدين: 33 ـ 35، الرسالة الثانية في الغَيـبة: 13 ـ 14، وانظـر: ديوان السـيّد الحميري: 114 ـ 117.


    الصفحة 105

    ولـكِنْ رُوينا عَنْ وَصيِّ مُحمّـدوَلَمْ يَكُ فِي ما قالَهُ بالمُكَذّبِ
    بأنّ وليَّ اللهِ يُفْقَدُ لا يُرىسِنينَ كِفعْلِ الخائِفِ المُتَرَقِّبِ
    وَتُقْسَمُ أموالُ الفَقيدِ كأنّماتَغَيّبَ ما بينَ الصَفِيحِ المُنَصَّبِ
    فَيَمْكُثُ حِيناً ثُمّ يَنْبَعُ نَبْعَةًكَنَبْعَةِ دُرّيّ مِنَ الأُفْقِ كَوْكَبِ
    يَسـيرُ بِنَصْرِ اللهِ ِمنْ بَيْتِ رَبّهِعلى سُؤْدَد مِنْهُ وَأمْر مُسَبَّبِ
    يَسـيرُ إلى أعدائِهِ بِلِوائِهِفَيَقْتُلُهُمْ قَتْلا كَحَرّانَ مُغْضِبِ
    لَهُ غَيْـبةٌ لا بُـدّ أنْ سَـيَغِيـبَهافَصَلّى عليهِ اللهُ مِنْ مُتَغَيِّبِ


    *    *    *


    الصفحة 106

    10 ـ فصـل [آخـر
    في ما روي عن الإمام عليّ الرضـا (عليه السلام)]

    75 ـ وأسـند الصدوق في الباب المذكور(1)، والخزّاز في " كفاية الأثر "، والحمويني في " فرائد السـمطين "، عن دعبل الخزاعي، قال: لَمّا انتهيت في إنشـاد قصيدة للرضـا (عليه السلام) إلى قولي:


    خُرُوجُ إمام لا محَالةَ خارجٌيَقومُ على اسـمِ اللهِ والبركاتِ
    يَمِيزُ فِينا كُلَّ حَقّ وباطلوَيَجْزي على النَعْماءِ والنَقِماتِ

    بكى الرضـا (عليه السلام) بكاءً شـديداً وقال في ما قال: هل تدري من هذا الإمام، ومتى يقوم؟!

    قلت: لا يا مولاي، إلاّ أنّي سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفسـاد، ويملأها قسـطاً وعدلا.

    قال: يا دعبل! الإمام بعدي محمّـد [ابني] ، وبعد محمّـد ابنه عليّ، وبعد عليّ ابنه الحسـن، وبعد الحسـن ابنه الحجّة القائم، المنتظَر في غَيبته، المطاع في ظهوره(2).

    76 ـ وأسـند الصدوق أيضاً في الباب المذكور، عن الريّان بن الصلت، قال: قلت للرضـا (عليه السلام): أنت صاحب [هذا] الأمر؟

    ____________

    (1) كذا في الأصل هنا وفي الحديث التالي، والمراد فيهما هو: الباب 35، وهو في ما روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) في النصّ على الإمام المهديّ (عليه السلام) ; لاحـظ المصدر!

    (2) إكمال الدين: 372 ح 6، كفاية الأثر: 272 ـ 273، فرائد السـمطين 2 / 337 ـ 338 ح 591.


    الصفحة 107
    قال: أنا صاحب [هذا] الأمر، ولكنّي لسـت بالذي أملأُها عدلا كما ملئت جوراً... ولكنّ القائم هو الذي إذا خرج كان بسـنّ الشـيوخ ومنظر الشـبّان ـ إلى أن قال: ـ ذاك الرابع من وُلدي، يغيّبه الله في سـتره ما شـاء الله، ثمّ يظهره فيملأ الأرض قسـطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً(1).

    77 ـ وأسـند الحافظ أبو نعيم في (أربعينه)، عن الرضا (عليه السلام)، أنّه قال: الخلف الصالح من وُلد الحسـن بن عليّ العسكري، هو صاحب الزمان، وهو المهديّ(2).

    ورواه ابن الخشّاب البغـدادي في " مواليد الأئمّـة "(3)، وكلاهما من أجلاّء علماء أهل السُـنّة.


    *    *    *

    ____________

    (1) إكمال الدين: 376 ح 7.

    (2) الأربعين:

    (3) تاريخ مواليد الأئمّة ووفياتهم ـ ضمن " مجموعة نفيسة " ـ: 200.


    الصفحة 108

    11 ـ فصـل
    [في ما روي عن الإمام محمّـد الجواد (عليه السلام)]

    78 ـ وأسـند الصدوق في الباب السـادس والثلاثين من " إكمال الدين "، والخزّاز في " كفاية الأثر "، عن عبـد العظيم الحسـني، قال: دخلت على سـيّدي محمّـد الجواد (عليه السلام) وأنا أُريد أن أسـأله عن القائم [أهو المهديّ أو غيره] ؟

    فابتدأني فقال لي: يا أبا القاسـم! إنّ القائم منّا هو المهديّ الذي يجب أن يُنتظر في غَيبته [ويطاع في ظهوره] ، وهو الثالث من وُلـدي(1).

    79 ـ وأسـند الصدوق أيضاً في الباب المذكور، والخزّاز في (الكفاية)، عنه (عليه السلام) قوله: إنّ الإمام من بعدي ابني عليّ... والإمام بعده ابنه الحسـن...

    قال الرواي: ثمّ سـكت، فقلت: يا بن رسـول الله! فمن الإمام بعد الحسـن؟

    فبكى بكاءً شـديداً، ثمّ قال: إنّ من بعد الحسـن ابنه القائم بالحقّ المنتـظَر.

    فقلت: ولِمَ سـمّي القائم؟

    قال: لأنّه يقوم بعد موت ذِكره، وارتداد أكثر القائلين بإمامته.

    ____________

    (1) إكمال الدين: 377 ح 1، كفاية الأثر: 276 ـ 277.


    الصفحة 109
    فقلت: ولِمَ سـمّي المنتظَر؟

    قال: لأنّ له غَيبة يكثر آياتها(1) ويطول أمدها، فينـتظر خروجه المخلصون، وينكره المرتابون، [ويسـتهزئ بذِكره الجاحدون] ، ويكذب فيه الوقّاتون، ويهلك فيه المسـتعجلون، وينجو فيه المسـلّمون(2).

    قلـت: وقد تقدّم منّا مراراً أنّ أخبارهم (عليهم السلام) بارتداد بعض الناس من أنباء الغيب، التي ظهر مصداقها فيمن ارتدّ بتغيـير الدين وتبديل الشـريعة، بادّعاء المهدوية في فرصة طول الغَيـبة وفتنـتها.


    *    *    *

    ____________

    (1) في المصدر: أيّـامها.

    (2) إكمال الدين: 378 ح 3، كفاية الأثر: 279 ـ 280.


    الصفحة 110

    12 ـ فصـل
    [في ما روي عن الإمام عليّ الهادي (عليه السلام)]

    80 ـ وأسـند الفضل بن شـاذان، عن سـهل بن زياد، عن عبد العظيم الحسـني، أنّـه عرض على الإمام عليّ الهادي دينه وإقراره بالأئمّة واحداً بعد واحد، إلى قوله: ثمّ أنت يا مولاي.

    فقال الهادي: ومن بعدي الحسـن ابني، فكيف للناس بالخلف من بعده؟!

    فقلت: وكيف ذاك يا مولاي.

    فقال (عليه السلام): لأنّه لا يُرى شـخصه، ولا يحلّ ذِكر اسـمه حتّى يخرج فيملأ الأرض قسـطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً(1).

    81 ـ وأسـند الكليني في " أُصول الكافي "، والصدوق في الباب المذكور(2)، والخزّاز في " كفاية الأثر "، عن أبي هاشـم داود بن القاسـم الجعفري، قال: سـمعت أبا الحسـن صاحب العسـكر (عليه السلام) يقول: الخلف من بعدي ابني الحسـن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟!(3).

    82 ـ وفي مسـند آخر عنه (عليه السلام)، في مكاتبته للشـيعة قوله: الأمر إليّ ما دمتُ حيّاً، فإذا نزلت بي مقادير الله أتاكم الخلف منّي، فأنّى لكم

    ____________

    (1) الغَيبة: مفقود، وانظر: كفاية الأثر: 282.

    (2) كذا في الأصل ; والمراد به هنا وفي الأحاديث التالية هو: الباب 37، وهو في ما روي عن الإمام الهادي (عليه السلام) في النصّ على الإمام المهديّ (عليه السلام) ; لاحـظ المصدر!

    (3) أُصول الكافي 1 / 367 ح 13، إكمال الدين: 381 ح 5، كفاية الأثر: 285.


    الصفحة 111
    بالخلف بعد الخلف(1).

    83 ـ وأسـند الصدوق في الباب المذكور، والخزّاز في (الكفاية)، عنه، قوله (عليه السلام): والخميس ابني [الحسـن] ، والجمعة ابن ابني، وإليه تجتمع عصابة الحقّ، وهو الذي يملأ الأرض قسـطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً(2).

    84 ـ وأسـند أيضاً قوله (عليه السلام): إنّ الإمام بعدي الحسـن ابني، وبعد الحسـن ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسـطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجـوراً(3).

    85 ـ وأسند الصدوق في الباب الرابع والأربعين(4) من " إكمال الدين "، والشيخ الطوسي في كتاب " الغَيبة "، في حديث شراء نرجس ـ أُمّ الحجّة (عليه السلام) ـ وتزويجها بالإمام الحسن العسكريّ، قول الإمام الهادي لها: أُبشّـرك بولد يملك الدنيا شـرقاً وغرباً، يملأ الأرض قسـطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً.

    قالت: ممّن؟

    فبيّن لها أنّه من الإمام الحسـن العسـكريّ ; وقوله (عليه السلام) فيها أنّها زوجة الإمام أبي محمّـد وأُمّ القائم(5).


    *    *    *

    ____________

    (1) إكمال الدين: 382 ح 8.

    (2) إكمال الدين: 383 ذ ح 9، كفاية الأثر: 287.

    (3) إكمال الدين: 383 ح 10، كفاية الأثر: 292.

    (4) كذا في الأصل ; والصحيح: الباب 41 ; لاحـظ المصـدر!

    (5) إكمال الدين: 423 ذ ح 1، الغَيـبة: 214 ذ ح 178.


    الصفحة 112

    13 ـ فصـل
    [في ما روي عن الإمام الحسـن العسـكري (عليه السلام)]

    86 ـ وأسند الصدوق في الباب الثامن والثلاثين من " إكمال الدين "، عن أحمد بن إسـحاق الأشـعري، عن الإمام الحسـن العسـكريّ ـ في حديث ـ قال: قلت له: من الإمام والخليفة بعدك؟

    فنهض (عليه السلام) مسـرعاً ودخل البيت، وخرج وعلى عاتقه غلام... ابن ثلاث سـنين، وقال (عليه السلام): لولا كرامتك [على الله عزّ وجلّ وعلى حججه] ما عرضت عليك ابني هذا، إنّه سـمِيّ رسـول الله وكنيّه، الذي يملأ الأرض قسـطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً، مَثَلُه في هذه الأُمّة مَثَل الخضر... واللهِ ليغيبنّ غَيـبة لا ينجو من الهلكة فيها إلاّ من ثـبّته الله...

    فقلت: يا مولاي، هل من علامة؟

    فنطق الغلام بلسـان فصيح وقال: أنا بقيّـة الله في أرضه، والمنتقم من أعدائه، ولا تطلب أثراً بعد عين.

    قال: فعدت إلى الإمام العسـكريّ (عليه السلام) من الغد وسـألته: ما السُـنّة الجارية في ابنه المهديّ من الخضر؟

    قال (عليه السلام): طول الغَيـبة.

    قلت: وإنّ غَيـبته لَتطول؟!


    الصفحة 113
    فقال: إي وربّي، حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به(1).

    87 ـ وأسند الملاّ عبـد الرحمن الجامي ـ من أهل السُـنّة ـ في كتاب " شـواهد النبوّة " إلى قوله: ظلماً وجوراً(2).

    88 ـ وروى الفضل بن شـاذان، عن أحمد بن إسـحاق، والصدوق في الباب المذكور بسـنده عن أحمد بن إسـحاق أيضاً، عن الحسـن العسـكريّ، قوله (عليه السلام): الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتّى أراني الخلف من بعدي، أشـبه الناس برسـول الله، يحفظه الله في غَيبته، ثمّ يظهره فيملأ الأرض قسـطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجـوراً(3).

    89 ـ وأسـند الصدوق في الباب المذكور من " إكمال الدين "، والخزّاز في (الكفاية)، عن العسـكريّ (عليه السلام)، قوله (عليه السلام): أمَا إنّ المقرّ بالأئمّة [بعد رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)] المنكِر لولَدي، كمن أقرّ بجميع الأنبياء وأنكر نبوّة رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... أمَا إنّ لولَدي غَيبة يرتاب فيها النـاس(4).

    90 ـ وأسـند أيضاً قوله (عليه السلام): ابني محمّـد هو الإمام والحجّة بعدي، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية، أمَا إنّ له غَيبة يحار فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون، ويكذِّب فيها الوقّاتون(5).

    ____________

    (1) إكمال الدين. 384 ـ 385 ح 1.

    (2) شواهد النبوّة:

    (3) الغَيبة: مفقود، وانظر: إثبات الهداة 3 / 569 ح 682 عن " إثبات الرجعة " لابن شـاذان، وإكمال الدين: 408 ـ 409 ح 7.

    (4) إكمال الدين: 409 ح 8، كفاية الأثر: 291 ـ 292.

    (5) إكمال الدين: 409 ح 9، كفاية الأثر: 292.