دراسة ونقد آراء إحسان إلهي ظهير
نظرة لكتاب "الشيعة والقرآن" لإحسان إلهي ظهير
دعاوي إحسان إلهي ظهير في ميزان النقد
نـظرة في كتاب "الشيعة والقرآن" لإحسان إلهي ظهير
كنت قد أزمعت أولاً على مناقشة ونقد كتاب "الشيعة والقرآن" لإحسان إلهي ظهير وبشكل تفصيلي خصوصاً وأنّ المؤلف قد تحدى الآخرين مراراً في الإجابة على الإشكالات التي أوردها في كتابه فقد كتب:
"وتوقعنا أن يتصدى له أحد علماء الشيعة ويفنّد ما أثبتناه ويغلط ما أوردناه"(1).
|
وبالرغم من وجود كتاب قيّم تحت عنوان "القرآن الكريم وروايات المدرستين" وفي ثلاثة أجزاء للسيد مرتضى العسكري والذي خصص جزءه الثالث لـ "مناقشة ما زعمه الأستاذ إحسان إلهي ظهير، ألف كتاب شيعي في تحريف القرآن بيان زيف ما ادّعاه" فلمّا رأيت بأنّ الكتاب المذكور قد ناقش وفنّد الآراء المذكورة في كتاب الشيعة والقرآن لم أجد ضرورة الخوض في هذاالمعترك،
____________
1 ـ الشيعة والقرآن: ص 7 ـ 8، والملفت للنظر أنّ إحسان إلهي ظهير يتحدى الآخرين ويتوقع منهم نقد آرائه مع علمه بأنّ روايات تحريف القرآن قد وردت في كتب أهل السنة كما لاحظه هو على أقل التقديرات في كتاب مع الخطيب في خطوطه العريضة: ص 102 و106 ومع هذا تراه يلتزم جانب الصمت ليشعر الآخرين بأنّ هذه الروايات لا توجد عند السنة.
حينما يتصفح القارئ كتاب الشيعة والقرآن سيلاحظ بادئ ذي بدء العبارة التالية وبخط جلىّ وواضح: "حديث شيعي: قال رسول الله [صلّى الله عليه وآله وسلّم]: إني تارك فيكم كتاب الله وعترتي وقال أبو جعفر [عليه السلام]: أمّا كتاب الله فحرّفوا وأمّا العترة فقتلوا"(1).
لقد أورد إحسان إلهي ظهير هذا الحديث في مطلع كتابه ليصّور للقارئ بأنّ الشيعة تقول بتحريف القرآن، في حين تغافل عن أنّ معنى "التحريف" في هذا الحديث على فرض صحّة السند هو التحريف في معاني الآيات والتفسير بخلاف ما يريده الله(2)، وهذا النوع من التحريف واقع قطعاً وليس لهذا الأمر علاقة بما يدّعيه
____________
1 ـ الشيعة والقرآن: ص 4.
2 ـ انظر تفصيله في مبحث: "دراسة روايات التحريف في كتب الشيعة" المقام الأوّل.
وفي الصفحة التالية ذكر إحسان إلهي ظهير دوافع تأليف هذا الكتاب، وأشار في مقدّمته الطويلة إلى الهدف الذي دعاه لكتابة هذا الكتاب، فيقول إنّهُ أُصيب بالدهشة والإنفعال حينما عرف رد الصافي على كتاب "الخطوط العريضة" لمحب الدين الخطيب، الذي طبع تحت عنوان "مع الخطيب في خطوطه العريضة" وقال إحسان إلهي ظهير في معرض الحكم على رد آية الله الصافي: إنّ الصافي في كتابه هذا اكتفى بالرمي والسب والشتم وإنكار الحقائق فقط. ثم يكمِّل قائلاً:
"ولم يجد [الصافي] في جعبته نبلاً إلاّ أرشقه به، ولا في جيبه شتيمة إلاّ ورماه بها، وياليته اكتفى بسبه ورميه إيّاه، ولكنه تجاوز الحدود، وطعن أصحاب رسول الله وخلفائه الراشدين المهديين، وأزواجه أمّهات المؤمنين رضوان الله عليهم أجمعين... كما أنكر جلّ معتقدات الشيعة... ومنها عقيدتهم حول القرآن بأنّه محرّف ومغيّر فيه... وإن لم يستند في إنكاره إلى دليل ولا إلى برهان"(2).
|
ويبرر إحسان إلهي ظهير السبب والداعي الذي دفعه إلى كتابة هذا المؤلف بما
____________
1 ـ انظر بحث "إبن بابويه وإنكاره لما ينسب لطائفته" في المقام الثاني.
2 ـ الشيعة والقرآن: ص 6.
"لمّا رأيت هذا الكتيب [رد الصافي على الخطيب] اندهشت لما فيه من المخادعة الواضحة والكذب الظاهر، وإنكار الحقائق الثابتة. فاستعنت الله وكتبت ذلك الكتاب... وأثبتنا فيه صدق ما قاله الخطيب لا بالكلام والعواطف، بل بالأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة، والنصوص الثابتة والعبارات الصريحة والروايات الجليّة والقطعيّة حيث الثبوت والنسبة"(1).
|
ولم يذكر إحسان إلهي نموذجاً واحداً على إنّ آية الله الصافي وفي معرض ردّه على كتاب الخطيب قد سبّ أو رمى أو شتم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وخلفائه أو زوجات النبي صلّى الله عليه وآله وسلم، بل لم يذكر رقم الصفحة التي تهجّم فيها آية الله الصافي على أولئك. ولذلك نراه يتهرب عن ذكر نموذج من هذا الكتاب بل يذكر موارد أخرى في كتاب لآية الله الصافي هو "صوت الحق ودعوة الصدق" ويسعى هناك إلى إقامة دليل على إنّ كتاب الصافي ليس فيه سوى السبّ والرمي وإنّ إنكاره لتحريف القرآن هو المخادعة الواضحة والكذب الظاهر وإنكار الحقائق الثابثة، ويكرّر كلامه السابق للقول بأنّ الصافي من جملة من يتطاولون على سيّد الخلق وأشرف الأنبياء ويشتمون أهله فيقول:
"ما الذي يرجى من الذين يتطاولون على سيد الخلق وأشرف الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه ويشتمون أزواجه الطاهرات وذريّته الطيبين وخلفائه المهديين"(2).
|
____________
1 ـ الشيعة والقرآن: ص 7.
2 ـ يذكر إحسان إلهي ظهير بعض نصائح ومواعظ آية الله الصافي في هذا الكتاب والذي دون في وقتنا الحاضر الملئ بالحساسيات والمخاطر الجمّة. ويدعوا فيه العالم الإسلامي إلى وحدة الصف ومن جملتها العبارة التالية: "من اعظم الواجبات الملقاة على عواتق العلماء وقادة الأمّة والكتّاب لاسيّما في هذا العصر أن يخلصوا نيّاتهم وينزّهوا أقلامهم عن كل ما يورث الوهن والفشل ويؤدي إلى الضعف في صفوف المسلمين ويبعدوا نفوسهم عن سوء الظن وأن يتقوا الله فيما يقولون ولا يكتمون الحقائق، ولا ينشرون الباطل ولا يعتمدون فيما يكتبون على الزور والبهتان والإفتراءات الظالمة [التي] تؤي بالناس إلى الظلال وإثارة العصبيّات البغيضة الممزقة لجسم الأمة والجماعة [الشيعة والقرآن: ص 9].
"نسوا أي أهل السنة اعتماد عمر بن الخطاب وعثمان ومعاوية وعلمائهم ومحدثيهم على كعب الأحبار اليهودي الذي كان من أوثق الناس عند عمر ومعاوية وكانا يرجعان إليه ويأخذان بقوله كحجة شرعية".
|
وعبارة:
"والثورة على عثمان لم تقم عليه إلاّ بأسباب كلّها ترجع إلى سيرة عثمان وما ارتكب من الأحداث والأعمال ممّا لا يرتضيه المسلمون وكان خارجاً عن روح العدل الاسلامي"(1).
|
ويعلّق إحسان إلهي على هذا الكلام بالعبارة التالية:
"وانظر إلى الحقد والضغينة التي تنطوي عليها الصدور وكيف يكفّرون صحابي رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلم الذي أسلم على |
____________
1 ـ الشيعة والقرآن: ص 12.
يديه وتشرّف برؤيته..."(1).
|
ولا نريد خلال هذا البحث أن نتحدث عن شخصية كعب الأحبار وكذلك الأسباب التي أدّت إلى مقتل عثمان الأمر الذي أثار نقمة واستياء إحسان إلهي ظهير وبهذا الشكل الذي أبرزه تجاه الصافي، بل نودّ أن نشير ومن باب كشف الحقيقة إلى نبذة إجمالية من حياة كعب الأحبار، فالقدر المتيقن أنّ الكثير من كبار علماء السنة أثاروا شكوكاً وترديداً في شخصية كعب الأحبار، فهو وخلافاً لما ذكره إحسان إلهي ظهير لا يعدّ من الصحابة بل كان إسلامه في عهد عمر بن الخطاب و كان الأخير يعتمد على آرائه، انظر على سبيل المثال إلى نص كلام ابن كثير حيث يقول:
"لما أسلم كعب في الدولة العمرية جعل يحدّث عمر رضى الله عنه عن كتبه قديماً فربّما استمع له عمر فترخّص الناس في استماع ماعنده ونقلوا ما عنده من غثها وسمينها وليس لهذه الأمّة والله أعلم حاجة إلى حرف واحد عنده"(2).
|
وقال الذهبي:
كعب [الأحبار] كان يهودياً فأسلم بعد وفاة النبي [صلّى الله عليه وآله وسلم] وقدم المدينة من اليمن في أيّام عمر رضى الله عنه فجالس أصحاب محمد [صلّى الله عليه وآله وسلم] فكان يحدّثهم عن الكتب الإسرائيلية ويحفظ العجائب"(3).
|
واستناداً إلى بحوث محمود أبو ريّة في شخصية كعب الأحبار والتي اعتمد فيها
____________
1 ـ الشيعة والقرآن: ص 12.
2 ـ تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ج 4، ص 17 في تفسير سورة الصافات، الآية 107 وانظر أيضاً ج 3، ص 366 في تفسير سورة النمل.
3 ـ سير أعلام النبلاء: ج 3، ص 489 ـ 490.
وأمّا بالنسبة للدواعي التي أدّت إلى مقتل الخليفة الثالث فيمكن القول ليس لإحسان إلهي ظهير وغيره أن يخفي أو يظهر هذا الأمر لأنّه بات من الأمور القطعية التي لا يشوبها الشك، فسيرة الخليفة والمحيطين به هي التي أدّت إلى قيام بعض المسلمين بالثورة ضده ومقتله أخيراً(2)، وعلى كل حال فحينما تحدث الصافي عن موضوع كعب الأحبار ومكانته عند الخليفة الثاني وهكذا مقتل عثمان اعتبر إحسان إلهي ظهير ذلك طعناً وتعريضاً ونفاقاً(3)، وعلى هذا الأساس فلابد له من القول بأنّ بيان الحقائق ولو من قبل أهل السنة كابن كثير وآخرين هو أيضاً وقوع في الطعن والنفاق!!
وبعد هذا فالرجل يسعى إلى أن يظهر نموذجاً آخر من نفاق وكذب آية الله الصافي ولذلك نراه يركّز البحث على "سورة مزعومة تحت عنوان سورة الولاية" ويعتقد بأنّ ردّ الصافي على كتاب "الخطوط العريضة" لمحب الدين الخطيب وكتاب "الشيعة والسنة" لإحسان إلهي ظهير نفسه ليس سوى العمل بالتقية والخداع وإنكار الحقائق ولا يستند إلى دليل وبرهان (كما زعم إلهي إحسان ظهير)، لأنّ الخطيب كان قد دوّن في كتابه:
____________
1 ـ أضواء على السنة المحمدية: ص 152 ـ 176.
2 ـ انظر: تاريخ المدينة المنورة ص 1147 ـ 1108 وتاريخ الطبري: ص 415 ـ 314 الفتنة الكبرى للدكتور طه حسين، وترجمة مروان بن الحكم وأبي ذر الغفاري وعمّار بن ياسر و... من سير أعلام النبلاء وتاريخ دمشق وغيرهما.
3 ـ الشيعة والقرآن: ص 13.
"إن الشيعة يعتقدون بسورة "الولاية" في القرآن وإنّها أُسقطت والنوري أوردها في ص 180 من كتابه فصل الخطاب"(1).
|
وقد كتب آية الله الصافي في الرد على الخطيب بما يلي:
"فانظر ما في كلام هذا من الكذب الفاحش والإفتراء البيّن ليس في فصل الخطاب ولا في ص 180 ولا في غيرها من أول الكتاب إلى آخره ذكر من هذه السورة المكذوبة على الله"(2).
|
ثم يقول إحسان إلهي في ردّه على آية الله الصافي:
"فنقول في جوابه وفي أسلوبه: أيّها الصافي، ألا تستحي من الله؟ ولا تفكّر بأنّ في الناس من يظهر كذبك؟ إتق الله أيّها الصافي! ما مات العلم بموت الخطيب وإنّ من أهل السنة من يستطيعون أن يبيّنوا عواركم وكذبكم فهذا هو الطبرسي النوري يمثل للنقصان في القرآن بسورة الولاية"(3). ولعلّه ظنّ الشيخ الشيعي [أي آية الله الصافي] بأنّ الكتاب [فصل الخطاب] لا يوجد عند أحد غيره ولذلك اجترأ على هذا القول، وها نحن نورد هذه السورة الكاملة من فصل الخطاب وننقلها حرفياً كما أوردها النوري الطبرسي نقلاً عن كتاب [دبستان المذاهب] ومن الصفحة 180و 181"(4).
|
ثم يظهر إحسان إلهي ظهير صورة فتوغرافية من الصفحتين 180 و181 من كتاب فصل الخطاب ويكتب عن ذلك:
____________
1 ـ الشيعة والقرآن: ص 16.
2 ـ نفس المصدر: ص 16.
3 ـ نفس المصدر: ص 16.
4 ـ نفس المصدر: ص 17.
"فهذه كل حقيقة الرد علينا من قبل السيد لطف الله الصافي "المحترم" ويكفي هذه الشهادة من أهله عليه وتكذيبه إيّاه وبيان سيرة أسلافه الروافض من الفحش وإسناد الكذب إلى أهل الصدق"(1).
|
وهنا يمكننا أن نتسائل، هل وردت سورة تحت عنوان "سورة الولاية" في كتاب المحدث النوري وهل أورد محب الدين الخطيب سورة الولاية في كتاب الخطوط العريضة نقلاً عن كتاب فصل الخطاب؟ وهل كذب آية الله الصافي حين قال لا توجد هذه السورة في فصل الخطاب؟. وفي الجواب على هذه الاسئلة اؤكد كما قال الصافي بأنّ هذه السورة لا توجد في الصفحة 180 ولا في الصفحة 181، بل لا نجد أثراً لها في جميع ما ورد في هذا الكتاب. وما عرضه إحسان إلهي ظهير من صورة فتوغرافية للصفحتين 180 و181 هي "سورة النورين" المكونة من 41 آية مزعومة إنّما نقلها النوري من كتاب دبستان المذاهب. في حين أن ما ذكره الخطيب في كتاب الخطوط العريضة هي سورة الولاية المكونة من سبعة آيات ويدّعي محب الدين الخطيب بأنّ مصدر هذه السورة هو قرآن ايراني فلنقرأ ما كتبه:
"إنّها سورة مصورة من مصحف ايراني!(2) مخطوط عند المستشرق مستر براين".
|
وبناءً على ما ذكر فهاتين السورتين متباينتين نقل كل منهما من مصدر مستقل مع وجود تفاوت في تعداد كل واحدة من حجم هاتين السورتين. والطريف إنّ إحسان إلهي ظهير اعترف ـ من حيث لا يشعر ـ بأنّ السورة التي نقلها النوري هي
____________
1 ـ الشيعة والقرآن: ص 22.
2 ـ إنّ هذا الأمر يعتبر إكذوبة من أكاذيب هؤلاء الأشخاص إذ يقولون رجماً بالغيب هذا المصحف ايراني! وهو إدعاء لا يعضده الدليل بل لم يذكره حتى المستشرق المستر براين. وقد قلنا سابقاً واستناداً إلى قرائن وشواهد بأنّ هذه النسخة المخطوطة نسخة مجهولة وقد كتبت في القرن السابع عشر الميلادي في الهند واشترتها مكتبة بانكيبور في سنة 1912 م. (انظر: مبحث "هل لدى الشيعة مصحف سري يتداولونه").
"إنّ السورة التي ذكرت في كتاب "دبستان مذاهب" ونقلها المحدّث النوري هي سورة النورين وليس سورة الولاية"(1).
|
بل يتجاوز ذلك فينقل السورة التي يزعم أنّها سورة الولاية بعينها ويقول:
"وهذه هي السورة بعينها التي ذكرها الخطيب في رسالته الخطوط العريضة"(2).
|
وبناءً على هذا كذب إحسان إلهي ظهير مرةً أخرى، ولعلّه تصوّر بأنّ ادعائه الكاذب سينطوي على الآخرين ولا يظهره غيره. ولا أريد هنا أن أستخدم أسلوبه في السباب والفحش واستخدام العبارات البذيئة ولا أود الإستهزاء به كما فعل هو عندما ناقش آية الله الصافي بل أدعوا القارئ للتمعّن في ما كتب لكي يتعرف على الحقائق والأشخاص(3).
____________
1 ـ الشيعة والقرآن: ص 15.
2 ـ نفس المصدر: ص 104 و105. وأوردنا متن تلك السورة الاُسطورية في ص 387.
3 ـ إنّ الحديث بهذا المقدار يكفي لإظهار واقع أمثال إحسان إلهي ظهير، ولو أردنا التفصيل في الموضوع لرأيتم أنّ إحسان قد سرد إدعائات واهية وجملة أكاذيب منها:
الف: يعتبر من دون دليل بأنّ كتاب "دبستان المذاهب" كتاباً شيعياً (الشيعة والقرآن: ص 15) وكما اتضح لكم مسبقاً فإنّ مؤلف كتاب دبستان المذاهب هو شخص مجوسي من عبدة النار يطلق عليه كيخسرو اسفنديار.
ب: يعتبر ومن دون بحث ومراجعة أنّ كتاب تذكرة الائمة تأليف محمد باقر المجلسي (الشيعة والقرآن: ص 15) ثم يسخر من المجلسي ويتهجّم عليه، في حين إنّ الكتاب ليس من تأليف المجلسي.
ج: يزعم إلهي ظهير بأنّ الصافي يقول في كتاب "الصوت الحق": "إنّ الأخبار القطعية الصريحة تدل على أنّ القرآن مصون من التحريف ولا شك في ذلك ولا ريب" ويورد على ذلك: إنّه [أي الصافي] لم يورد في الكتيّب كلّه ولا رواية واحدة تؤيده وتصدّقه فضلاً عن الأخبار الكثيرة المتواترة، كما لم يستطع أن يورد رواية واحدة من الروايات التي أوردناها في كتابنا [أي كتاب السنة والشيعة] في إثبات تحريف الكتاب حسب معتقداتهم أو يضعفها أو يوهنها من حيث السند أو ينكرها من حيث النسبة (الشيعة والسنة: ص 13) هذا في حين حوّل آية الله الصافي كتابه إلى شكوى ـ كما يظهر من عنوان الكتاب ـ إلى كافة علماء المسلمين، والصافي ـ في هذا الكتاب ـ ليس بصدد بيان الأدلة على سلامة القرآن الكريم من التحريف ونقد الروايات التي تدل بظاهرها على التحريف بل يتخذه منهجاً في إرجاع القارئ إلى كتابه "مع الخطيب في خطوطه العريضة" (انظر صوت الحق ص 30 وانظر أيضاً مع الخطيب في خطوطه العريضة) ذلك إنّ الصافي قد كتب كتاباً تحت عنوان "القرآن مصون عن التحريف" وفي هذا الكتاب وضمن سرده لأدلة سلامة القرآن من التحريف يستند إلى هذه الروايات المتواترة على عدم التحريف ويناقش وينتقد الروايات التي يظهر منها التحريف. انظر إلى القرآن المصون عن التحريف: ص 4.
والأمر الذي يثير الإستغراب هو أنّ إحسان إلهي ظهير يزعم أنّه قد قرأ كتاب الخطيب في خطوطه العريضة وفي نفس الوقت يتقوّل بهذه المزاعم، والأطرف من ذلك أنه يطبّل ويتقوّل حول هذا الكتاب، ولكنّه لا يذكر شيئاً حول الروايات التي يظهر منها التحريف في مصادر أهل السنة والتي أوردها الصافي في كتابه "مع الخطيب" لا نفياً ولا إثباتاً كي لا يشعر الآخرين بحقيقة أمره.
د: يزعم إحسان إلهي ظهير بأنّ إنكار الصافي لدعاء صنمي قريش ليس إلاّ إنكار المتعنت المجادل المتجاهل وإلاّ فقد ثبت هذا الدعاء في كتب القوم. والحقيقة هي إنّ الخطيب نقل الدعاء المذكور عن كتاب مفتاح الجنان ثم فسرّه بما يعني بعض الصحابة وقال هو [يعني كتاب مفتاح الجنان] بمنزلة دلائل الخيرات في بلاد العالم الاسلامي، فقال آية الله الصافي في جوابه على الخطيب: "لم أجد هذا الدعاء في أصل من أصول الشيعة... والكتاب الذي ذكره الخطيب ليس من الكتب المعتمدة [عندنا] وليس له هذا الشأن والإعتبار والإشتهار فقد تفحصّت عنه في عدّة من المكتبات فلم أجد فيها وفي فهارسها منه عيناً ولا أثر نعم يوجد عند الشيعة كتاب دعاء أسماه مؤلفه المحدّث عباس القمي "مفاتيح الجنان" وليس فيه هذا الدعاء بل هناك طعن شديد على الكتاب الموسوم بمفتاح الجنان ولعلّه هو الكتاب الذي ذكره... (مع الخطيب في خطوطه العريضة: ص 119 ـ 121).
هـ: يقول إحسان ظهير: "إنّ هذه العقيدة ـ أي عقيدة التحريف ـ مثبّتة في أمهات كتب الشيعة ولا يخلو كتاب من كتبهم من التفسير والحديث والفقه والعقائد خاصّة إلاّ وفيها ذكر هذه العقيدة المذكورة بالدلائل والبراهين... ولا يطبع كتاب تفسير للقوم إلاّ وفي مقدّمته بحث عن تحريف القرآن..." (الشيعة والقرآن: ص 24 و25).
وعلى هذا فإنّ إحسان ظهير لا يخلو أن يكون ضمن أحد هاتين الحالتين إمّا أن يكون جاهلاً بحيث لا يفقه كتب التفسير والحديث والفقه والعقائد أو أنّه يتغافل متعمّداً ليتّهم الآخرين من دون رادع. ويحق لي أن أسأل إحسان إلهي ظهير السؤال التالي: هل قرأت مصادر كتاب بحار الأنوار والذي يجمع في طيّاته 456 كتاباً شيعياً في التفسير والحديث والفقه والعقائد و... كي تطرح مثل هذه المزاعم؟ وهل قرأت مقدمة جميع الكتب الشيعية في التفسير لتكتب: "ولا يطبع كتاب تفسير للقوم إلاّ وفي مقدمته بحث عن تحريف القرآن"؟ إنّ من الحق أن يقال بأنّ مزاعم الرجل والتي سردها بلا دليل لا تؤدّي إلاّ إلى فضيحة أمثال إحسان إلهي ظهير وإلهاء المسلمين في مثل هذه الأمور.
وقد أوردنا في بحثنا "شهادات علماء الإمامية على نزاهة القرآن عن التحريف" آراء جمع غفير من المحدثين والمفسرين والمتكلمين وفقهاء الشيعة في القول بسلامة القرآن عن التحريف ليتضح لكم حقيقة مزاعم أمثال إحسان إلهي ظهير.
دعاوي إحسان إلهي ظهير في ميزان النقد
وقال إحسان إلهي ظهير بعد تلك المقدمة ما يلي:
"ولكننا مع ذلك نريد أن نبيّن الحق والحقيقة أكثر من ذلك وأصرح حتى لا يتصدّى بعد ذلك أحد لخداع المسلمين السنة حول هذه المسألة [أي مسألة تحريف القرآن] ولأجل ذلك أفردنا لها هذا الكتاب، وإنّ القارئ ليندهش حينما يرى أنّ الروايات التي تنبئ وتصرّح ببيان عقيدة القوم في القرآن وتغييره وتحريفه تزيد على ألفي حديث عند القوم، ونحن نورد في هذه العجالة أكثر من ألف حديث شيعي في هذا الخصوص"(1).
|
ثم يبدأ إحسان إلهي ظهير بتصنيف كتابه إلى أربعة أبواب:
الباب الأوّل: عقيدة الشيعة في الدور الأوّل من القرآن.
الباب الثاني: عقيدة الشيعة في الدور الثاني من القرآن.
الباب الثالث: بيان الرد على من أنكر التحريف من الشيعة في الدور الثالث.
الباب الرابع: نقل روايات وأحاديث القوم التي يتجاوز عددها ألف حديث نقلاً
____________
1 ـ الشيعة والقرآن: ص 22 ـ 23.
وقبل أن يبدأ إحسان إلهي ظهير بحثه في هذه الأبواب الأربعة يقول:
"وقبل أن آتي على آخر القول أريد أن أذكر إنني لست أنا ولا السيّد الخطيب رحمه الله أول من أنسب هذه العقيدة إلى القوم بل قبل ذلك اعترف وأقرّ بهذه العقيدة علماء الشيعة وكبراؤها في كل عصر وأثبتوها لأنفسهم كما سيأتي... وعلى ذلك صرح الحافظ ابن حزم الظاهري [المتوفى سنة 456 هجري ]بقوله: ومن قول الإمامية كلّها قديماً وحديثاً إنّ القرآن مبدّل زيد فيه ما ليس منه، ونقص منه كثير وبدل منه كثير"(1).
|
وسنكشف عاجلاً كذب مزاعم إحسان إلهي ظهير الذي يقول فيها: "وأقرّ بهذه العقيدة علماء الشيعة وكبراؤها في كل عصر" خصوصاً وقد ناقشنا من قبل واستناداً للأدلّة مزاعم جميع من نسبوا هذه التهمة للشيعة كابن حزم، وقد لاحظتم فيما سبق بأنّ ابن حزم لا يمتلك دليلاً سوى حفنة من الإتهامات الفارغة لا بل تعدّى ذلك حين وقع هو ومن حيث لا يشعر في القول بالتحريف، وللإطلاع على ذلك يمكن مراجعة بحث "شيوع هذه المقالة عندهم كما تقول كتب أهل السنة" في المقام الثاني.
____________
1 ـ الشيعة والقرآن: ص 23 ـ 24.
الباب الأوّل: عقيدة الشيعة في الدور الأوّل من القرآن
يكتب إحسان إلهي ظهير في البداية مايلي:
"كل من يريد أن يعرف عقيدة الشيعة في القرآن ويتحقق فيه ويبحث لابدّ له من أن يرجع إلى أمهات كتب القوم ومراجعهم الأصليّة في الحديث والتفسير حتى يكون منصفاً في الحكم وعادلاً في الإستنتاج. ونحن نُلزم أنفسنا في هذا الباب أن لا نورد شيئاً إلاّ ومن كتب الشيعة أنفسهم المعتمدة لديهم والموثوقة عندهم"(1).
|
ثم يؤكد من جديد على هذا الأمر فيكتب:
"فيلزم الباحث المنصف أن لا ينسب شيئاً إلى القوم إلاّ أن يكون ثابتاً من أئمتهم والظاهر إنّه لا يثبت إلاّ حينما يكون وارداً في الكتب التي خصصت لإيراد مروياتهم وأحاديثهم وهذه الكتب أمّا أن تكون من كتب الحديث أو التفسير وخاصة الكتب القديمة التي روت هذه الروايات بالسند..."(2).
|
أ: الكافي للكليني:
في هذا المقام يستعرض إحسان إلهي ظهير كتاب الكافي لثقة الإسلام الكليني بعد أن تطرق إلى خلاصة لترجمته ذكر بعض الأحاديث التي يزعم أنّها تدل على التحريف. وقبل الخوض في دلالة وسند الأحاديث التي أوردها أود أن أخاطب إحسان إلهي ظهير بما يلي: إن كنت ترى بأنّ مراجعة كتب القوم (أي الشيعة) ومراجعهم الأصلية في الحديث والتفسير والكتب التي خصصت لإيراد مروياتهم وأحاديثهم يكفي في أن تكون منصفاً في الحكم وعادلاً في الاستنتاج، فعلى هذا يلزم أن تعطي النصف من نفسك في الحكم وتعدل في الاستنتاج عند
____________
1 ـ الشيعة والقرآن: ص 27 ـ 28.
2 ـ نفس المصدر: ص 28.
"إنّ القرآن الذي جاء به جبرئيل [عليه السلام] إلى محمد [صلّى الله عليه وآله وسلم] سبعة عشر ألف آية" |
ويعلّق على الحديث قائلاً:
"ومعناه إنّ ثلثي القرآن راح على أدراج الرياح..." |
ثم ينقل بعد ذلك روايات من نفس المصدر أي الكافي باب الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام وذلك للحصول على دليل يقول بأنّ ثلثي القرآن قد نقل إلى الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة!؟؟ ويستمر في سرد كلامه قائلاً:
"فأي قسم الذي حذف، يبينه الكليني أيضاً من إمامه المعصوم محمد |
الباقر [عليه السلام]... حيث يروي...: نزل القرآن أربعة أرباع ربع فينا وربع في عدوّنا وربع سنن وأمثال وربع فرائض وأحكام"(1).
|
وأخيراً ينقل الرجل بزعمه أمثلة لتحريف ثلثي القرآن المحذوفة ويتطرق في أثناء ذلك إلى مصحف الإمام علي [عليه السلام] ليكتب في النهاية مايلي:
"وهذه ومثل هذه الروايات كثيرة كثيرة في أوثق كتاب من كتب القوم"(2).
|
وللجواب على ذلك نقول:
"إنّ ما يستند عليه إحسان إلهي ظهير هو تكرار لما ذكره غيره من أمثال الدكتور القفاري وقد مرّ الجواب عليها ولا حاجة لذكر الجواب تفصيلياً هنا بل نذكر إجمالاً الأمور التالية:
أولاً: إنّ الحديث الذي ذكره إحسان إلهي موجود في كتب أهل السنة فقد ورد في الإتقان وكنز العمال عن الطبراني في الأوسط وابن مردويه وابن نصر السجزي في الإبانة عن الخليفة عمر بن الخطاب أنّه قال:
"القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف"(3).
|
وهذا يعني ذهب أكثر من ثلثي القرآن لأنّ عدد حروف القرآن هي: ثلاثمائة ألف حرف وأربعون ألفاً وسبعمائة وأربعون حرفاً(4).
ونقل عن عبد الله بن عمر مثل هذا الحديث الذي رواه الخليفة الثاني حيث قال:
"لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كلّه ما يدريه ما كلّه قد ذهب منه |
____________
1 ـ الشيعة والقرآن: ص 31 ـ 34.
2 ـ نفس المصدر: ص 34.
3 ـ الاتقان: ج 1، ص 72 في آخر النوع التاسع عشر والدر المنثور: ج 6، ص 422 وكنز العمال: ج 1، ص 460، الحديث 2309 وص 481، الحديث 2427.
4 ـ البرهان في علوم القرآن للزركشي: ج 1، ص 249.
قرآن كثير ولكن ليقل قد أخذت ما ظهر منه"(1).
|
فهل كتب إحسان ظهير في هذه الأحاديث بقوله: "ومعناه إنّ ثلثي القرآن راح على أدراج الرياح..." أو سيقول إنّها نسخ للتلاوة والّتي ظهر في أهل السنة بعد قرون وأنّها مرفوضة من قبل جملة من علماء أهل السنة! هذا في حين يحكم الرجل علينا بمجرّد وجود حديث في أحد الكتب الروائية ويلقي باتهاماته على مؤلف الكتاب وينعته بأنّه ممّن يؤمنون بتحريف القرآن، كلّ ذلك من دون ملاحظة طرق العلاج والحلول، ولذلك ينبغي على إحسان ظهير أن ينصف في الحكم هنا أيضاً ويتّهم الطبراني وأبو نصر السجزي والسيوطي والمتقي الهندي وقبلهم الخليفة عمر بن الخطاب وولده عبد الله بتحريف القرآن أو أن يرفع يده عن هذه العصبيات الباطلة.
ثانياً: ما الدليل الذي استند عليه إلهي ظهير حين زعم بأن الثلثين المفقودين من القرآن موجودين في كتاب الجفر والجامعة والصحيفة ومصحف فاطمة؟ وهل تدلّ رواية الكليني على ذلك؟ ماهو الدليل الذي يستند عليه لإثبات ما يزعمه؟ ولعلّه يستنتج ذلك من كلمة المصحف في مصحف فاطمة؟ وعليه فلا يدل هذا إلاّ على جهله أو تجاهله، لأنّ المصحف المقصود هو المصحف بمعناه اللغوي ولا علاقة له بالقرآن الذي يطلق عليه أحياناً مصحف وقد تناولنا موضوع مصحف فاطمة بشكل تفصيلي فيما يأتي فراجع ذلك إن شئت(2).
ثالثاً: إنّ حديث "نزل القرآن أربعة أرباع ربع فينا..." والذي استند إحسان إلهي ظهير به على ما يزعمه من نتائج و القول بأنّ الثلثين المحذوفين من القرآن هما في
____________
1 ـ فضائل القرآن لابن سلاّم: ص 190 وانظر أيضاً الإتقان: ج 3، ص 72 والدر المنثور: ج 1، ص 106 فقد أورد الرواية عن ابن الضريس وابن الانباري.
2 ـ انظر: "دراسة ونقد آراء محمد مال الله" بحث عدم معرفة المؤلف باصطلاحات الأحاديث.
ب: تفسير القمي: بعد بيان ترجمة علي بن إبراهيم القمي يستند إحسان إلهي ظهير إلى حديث ذكره في مقدمة تفسيره، وقد ناقشنا في المقام الثاني في بحث "تفسير القمي وأسطورة تفسير القرآن" مقدمة هذا التفسير ومواضيعه بإسهاب، وثبت هناك وبالأدلّة التامة والشواهد الواضحة إنّ مفسّر هذا التفسير هو شخص مجهول روى عن أبي الفضل العباس بن محمد بن القاسم العلوي الذي لا تجد له أثراً في كتب الأصول الرجالية، وأمّا التفسير ففي الواقع لأبي الفضل العلوي وإنّما نسبه إلى الشيخ القمي لأنّه الأصل من روايات هذا التفسير(6)، وناقشنا الروايات التي
____________
1 ـ مناقب الإمام علي بن أبي طالب: ص 3 ـ 8، ح 375.
2 ـ شواهد التنزيل: ج 1، ص 44 و45 و47.
3 ـ ينابيع المودة: ص 126.
4 ـ حبيب السير: ج 2، ص 13.
5 ـ انظر مفاتيح الأسرار ومصابيح الأنوار: ج 1، ص 121 وقد أوردنا تفصيل خبر مصحف الإمام علي في المقام الثاني تحت عنوان "مصحف الإمام علي" فراجع.
6 ـ ومن الشواهد عليه تصريح مؤلف هذا التفسير في بعض الموارد بأنّ ما أورده في تفسيره ليس في رواية علي ابن إبراهيم القمي: انظر على سبيل المثال: التفسير (المنسوب إلى) القمي: ج 2، ص 360.
ج: تفسير العياشي: بعد الإشارة إلى ترجمة مؤلفه يعني محمد بن مسعود العياشي يثبت إحسان إلهي ظهير واستناداً إلى ثلاثة أحاديث وردت في مقدمته أنّه يؤمن بتحريف القرآن، وقد مرّت مناقشة هذه الأحاديث في المقام الأوّل في بحث "دراسة روايات التحريف في كتب الشيعة" سنداً ودلالة وبشكل تفصيلي، واتضح أنّ هذه الروايات لا علاقة لها بمورد النزاع أي تحريف القرآن.
د: بصائر الدرجات: يروي إحسان إلهي ظهير ثلاثة أحاديث عن كتاب بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار والذي يعد من الكتب الروائية، والرواية الأولى مشابهة للرواية التي أوردها في أول كتابه أي حديث: "يا أيّها النّاس إنّي تارك فيكم حرمات الله وعترتي والكعبة بيت الله وأمّا الكتاب فحرفوا..." وقد بحثنا قبل هذا وفي بداية الموضوع معنى ومفاد الحديث المذكور، وذكرنا بأنّ شخصيات كبيرة من أهل السنة نقلوا هذا الحديث وذكروا بأنّ المراد من التحريف في الكتاب هو التحريف في المعنى ومفاد الآيات، المساوق للتفسير بالرأي، لا تحريف ألفاظ القرآن التي هي مورد النزاع، والحديث الثاني الذي يورده إحسان إلهي ظهير عن كتاب بصائر الدرجات فهو: "ما من أحد من الناس ادعى أنّه جمع القرآن كلّه كما أنزل الله إلاّ كذب وما جمعه وحفظه كما أنزله الله إلاّ علي بن أبي طالب والائمة من بعده"(1)، ولا توجد أي دلالة لهذا الحديث على تحريف القرآن، والمراد من الجمع والحفظ المختص بعلي بن أبي طالب والائمة عليهم السلام هو العلم بجميع القرآن من حيث معانيه الظاهرة والباطنة، وقد تحدثت عن هذا الحديث وأمثاله في مبحث "دعاوي الدكتور القفاري في ميزان النقد" اعتماداً على الشواهد والقرائن بشكل تفصيلي،
____________
1 ـ الشيعة والقرآن، نقلاً عن البرهان: ج 1، ص 15.