وقال الملاّ صادق في شرح الكليني: " يظهر القرآن بهذا الترتيب عند ظهور الإمام الثاني عشر ويشهر به ". انتهى.
وقال محمّد بن الحسن الحرّ العاملي الذي هو من كبار المحدّثين في الفرقة الإمامية في رسالة كتبها في ردّ بعض معاصريه: " هر كسيكه تتبّع أخبار وتفحّص تواريخ وآثار نموده بعلم يقيني ميداند كه قرآن در غايه وأعلى درجه تواتر بوده وآلاف صحابه حفظ ونقل مگرداند روا در عهد رسول خدا (صلى الله عليه وآله وسلم) مجموع ومؤلّف بود ". انتهى.
وترجمته: " إنّ كلّ من تتبّع الأخبار وتفحّص التاريخ والآثار يعلم علم اليقين بأنّ القرآن نقل بأعلى درجة من التواتر، وأنّ آلاف الصحابة كانوا يحفظونه وينقلونه مثلما تمّ جمعه في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ".
فظهر أنّ المذهب المحقّق عند علماء الفرقة الإمامية الاثني عشرية أنّ القرآن الذي أنزله الله على نبيّه هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك، وأنّه كان مجموعاً مؤلّفاً في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وحفظه ونقله ألوف من الصحابة، وجماعة من الصحابة كعبد الله بن مسعود، وأُبيّ بن كعب وغيرهما، ختموا القرآن على النبيّ عدّة ختمات، ويظهر القرآن ويشتهر بهذا الترتيب عند ظهور الإمام الثاني عشر رضي الله عنه، والشرذمة القليلة التي قالت بوقوع التغيّر فقولهم مردود ولا اعتداد بهم في ما بينهم، وبعض الأخبار الضعيفة التي رويت في مذهبهم لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحّته، وهو حقّ، لأنّ الخبر الواحد إذا اقتضى علماً ولم يوجد في الأدلّة القاطعة ما يدلّ عليه وجب ردّه على ما
انتهى كلام العلاّمة الهندي، نقلناه بحرفه لفائدته في المقام.
وهذا الشيخ محمّد محمّد المدني أحد مشايخ الأزهر يقول: أمّا أنّ الإمامية يعتقدون نقص القرآن، فمعاذ الله، وإنّما هي روايات رويت في كتبهم، كما روي مثلها في كتبنا، وأهل التحقيق من الفريقين قد زيّفوها، وبيّنوا بطلانها، وليس فى الشيعة الإمامية أو الزيدية من يعتقد ذلك، كما أنّه ليس في السُنّة من يعتقده، ويستطيع من شاء أن يرجع إلى مثل كتاب " الإتقان " للسيوطي السُنّي ليرى فيه أمثال هذه الروايات التي نضرب عنها صفحاً...
أفيقال: إنّ أهل السُنّة ينكرون قداسة القرآن لرواية رواها فلان، أو لكتاب ألّفه فلان؟!
فكذلك الشيعة الإمامية، إنّما هي روايات في بعض كتبهم كالروايات التي في بعض كتبنا...، ثمّ ذكر كلام الشيخ الطبرسي والسيّد المرتضى المتقدّم، إلى أن قال: فهذا كلام صريح واضح فى الدلالة على أنّ الإمامية كغيرهم في اعتقاد أنّ القرآن لم يضع منه حرف واحد، وأنّ من قال بذلك
____________
(1) سورة الحجر 15: 9.
(2) إظهار الحقّ ج 2 ص 113 ـ 115.
نصوص وأقوال علماء أهل السُنّة بالتحريف:
وكنّا نودّ أن نختم كلامنا بكلامه، ولكنّ صاحب المقالة ختم غيّه وتمويهه بقوله: " وعليه ـ أي بعض غفلة الشيعة كما يدّعي ـ أن يقدّم لنا عبارة واحدة من علماء أهل السُنّة تصرّح بأنّ القرآن محرّف أو مبدّل فيه، بل إنّ أهل السُنّة قاطبة معتقدون بأنّ القائل بالتحريف في القرآن كافر خارج عن ملّة الإسلام ".
والجواب: نعم، سأُلبّي طلبه وأُورد له بعضاً من أسماء أعيان وأئمّة أهل السُنّة ممّن روى نصوص التحريف بما فيهم أئمّة المذاهب وأرباب الصحاح الذين التزموا الصحّة بما يروونه كالبخاري ومسلم، وهذا يعني أنّهم كانوا يعتقدون بصحّة ذلك، مع نصوصهم ومرويّاتهم التي تصرّح بالتحريف والزيادة والنقصان، وحسب وفياتهم:
1 ـ الإمام الحسن البصري (ت 110 هـ) ، والذي كان يلقّب بشيخ الإسلام، وإمام أهل البصرة، وسيّد التابعين: قرأ هذه الآية: (النبيّ أَوْلى بالمؤمنين من أنفسهم) : وفي القراءة الأُولى (أَوْلى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أبٌ لهم) (2) .
ـ وقال أيضاً: " لمّا أسرع القتل في قرّاء القرآن يوم اليمامة... فجمع القرآن وأمر أبو بكر منادياً فنادى الناس: من عنده من القرآن شيء فليجئ به، قالت حفصة: إذا انتهيتم إلى هذه الآية فأخبروني (حافظوا على
____________
(1) مجلّة رسالة الإسلام / العدد 44 ص 382 ـ 384 / السنة 11.
(2) تفسير الحسن البصري ج 2 ص 205.
ـ وقال: نزلت هذه الآية (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر) ، فقرأناها ما شاء الله ثمّ نسخها الله فنزلت (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) (2) .
2 ـ الإمام سفيان بن سعيد الثوري (ت 161 هـ) ، والذي كان يلقّب بأمير المؤمنين في الحديث، الموصوف بسيّد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى، قال: بلغنا أنّ ناساً من أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وسلم) كانوا يقرأون أُصيبوا يوم مسيلمة فذهبت حروف من القرآن(3) .
وفي تفسيره، قال سفيان: كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقرأونها: (على قلوبهم وعلى أبصارهم غشاوة) (4) أي أسقط (وعلى سمعهم) .
ـ وقال: أصحاب عبد الله يقرأونها: (فأزلّهما الشياطين) (5) .
ـ وقال: كان ابن عبّاس يقرأوها: (فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح أن لا يطّوّف بهما) (6) ، أي أسقط (عليه) من الآية وزاد (لا) قبل (يطّوّف) .
ـ وقال سفيان: كان أصحاب عبد الله يقرأونها: (أُولئك لهم نصيب ممّا اكتسبوا) (7) ، بدلا من (كسبوا) .
____________
(1) تفسير الحسن البصري ج 1 ص 178 ح 391.
(2) تفسير الحسن البصري ج 1 ص 181 ح 397.
(3) حكاه عنه عبد الرزّاق في المصنّف ج 7 ص 330، وأخرجه السيوطي في الدرّ المنثور ج 6 ص 558.
(4) تفسير سفيان الثوري: 41 ح 2.
(5) تفسير سفيان الثوري: 44 ح 12.
(6) تفسير سفيان الثوري: 53 ح 48.
(7) تفسير سفيان الثوري: 65 ح 97.
ـ وقال: كان أصحاب عبد الله يقرأونها: (أصلاتك تأمرك) قالوا: أقراءتك(2) .
ـ وقال: في قراءة عبد الله (إنّي أعصرُ عنباً) (3) ، بدلا من قوله تعالى: (إنّي أراني أعصرُ خمراً) ، وموارد أُخرى كثيرة.
3 ـ الإمام مالك بن أنس (ت 179 هـ) ، الذي يعدّ بعضهم " موطّأه " أحد الصحاح بدلا من " سنن ابن ماجة "، كـرزين العبدري وابن الأثير كما في جامعيهما.
روى بإسناده عن عمر، أنّه قال: إيّاكم أن تهلكوا عن آية الرجم أن يقول قائل: لا نجد حدّين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورجمنا، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس: زاد عمر بن الخطّاب في كتاب الله تعالى لكتبتها (الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتّة) ، فإنّا قد قرأناها(4) .
وروى بإسناده عن أبي يونس مولى عائشة أُمّ المؤمنين، أنّه قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً، ثمّ قالت: إذا بلغت هذه الآية فآذنّي (حافظوا على الصلوات والصلاة والوسطى وقوموا لله قانتين) ، فلمّا بلغتها آذنتها، فأملت عليّ: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) .
____________
(1) تفسير سفيان الثوري: 124 ح 331.
(2) تفسير سفيان الثوري: 132 ح 364.
(3) تفسير سفيان الثوري: 142 ح 404.
(4) الموطأ: 719 ح 10 كتاب الحدود ـ باب الرجم.
4 ـ الإمام الحافظ سفيان بن عيينة (ت 198 هـ) ، والذي قال في حقّه الإمام الشافعي: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز.
روى بإسناده عن عمر بن الخطّاب، أنّه مرّ بغلام وهو يقرأ في المصحف: (النبيّ أَوْلى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أُمّهاتهم وهو أبٌ لهم) .
فقال: يا غلام حكّها.
فقال: هذا مصحف أُبيّ.
فذهب إليه فسأله، فقال: إنّه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق بالأسواق(2) .
5 ـ الإمام الشافعي، محمّد بن إدريس (ت 204 هـ) .
روى بإسناده عن ابن عبّاس حديث عمر في الرجم المتقدّم(3) .
وروى بإسناده، عن سالم، عن أبيه، قال: ما سمعت عمر قطّ يقرأها ـ أي (فاسعوا إلى ذكر الله) ـ إلاّ (فامضوا إلى ذكر الله) (4) .
ورواه في مسنده عن سفيان بن عيينة.
6 ـ الحافظ أبو داود الطيالسي (ت 204 هـ) .
روى في مسنده، بإسناده عن عمر، أنّه قال: كنّا نقرأ في ما نقرأ (لا
____________
(1) الموطأ: 129 ح 26 و 27، كتاب صلاة الجماعة ـ باب الصلاة الوسطى.
(2) تفسير سفيان بن عيينة ص 309.
(3) كتاب الأُمّ ج 6 ص 215.
(4) كتاب الأُمّ ج 1 ص 336، باب المشي إلى الجمعة.
وروى حديث (لم يكن) و (سورة الأحزاب) و (المعوذتين) ، كما سيأتي عن أحمد ومسلم وغيرهما(2) .
7 ـ الحافظ عبد الرزّاق الصنعاني (ت 211 هـ) ، أحد الأئمّة الأعلام الذي قيل في حقّه: لم يرحل إلى أحد بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما رحل إليه، روى عنه أحمد بن حنبل وجماعة.
ـ روى بإسناده، عن ابن عبّاس، قال سمعت عمر يقول: إنّ الله عزّ وجلّ بعث محمّداً (صلى الله عليه وسلم) بالحقّ، وأنزل معه الكتاب، فكان ممّا أنزل عليه آية الرجم، فرجم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورجمنا بعده، وإنّي خائف أن يطول بالناس الزمان فيقول قائل: والله ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلّوا بنزول فريضة أنزلها الله...(3) .
ـ وروى بإسناده، عن زرّ بن حبيش، قال: قال لي أُبيّ بن كعب: كأيّن تقرأون سورة الأحزاب؟ قال: قلت: إمّا ثلاثاً وسبعين، وإمّا أربعاً وسبعين، قال: أقطّ؟ وإن كانت لتقارب سورة البقرة أو لهي أطول منها، وإن كانت فيها آية الرجم، قال: قلت: أبا المنذر وما آية الرجم؟ قال: (إذا زنيا الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتّة نكالا من الله والله عزيز حكيم) (4) .
ـ وبإسناده عن ابن عبّاس، أنّه قال: أمر عمر بن الخطّاب منادياً فنادى أنّ الصلاة جامعة، ثمّ صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: يا
____________
(1) مسند الطيالسي: 12 ح 56.
(2) مسند الطيالسي: 73 ح 539 و 540 و 541.
(3) المصنّف ج 7 ص 315 ح 13329.
(4) المصنّف ج 7 ص 329 ـ 330 ح 13363.
ـ وروى بإسناده عن بجالة التميمي، قال: وجد عمر بن الخطّاب مصحفاً في حجر غلام في المسجد فيه (النبيّ أَوْلى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أبوهم) ، فقال: احككها يا غلام، فقال: والله لا أحكّها وهي في مصحف أُبيّ بن كعب، فانطلق إلى أُبيّ، فقال له: إنّي شغلني القرآن وشغلك الصفق بالأسواق...) (2) .
8 ـ الإمام الحافظ الكبير أبو بكر الحميدي (ت 219 هـ) ، إمام الحديث ومفتي أهل مكّة، صاحب المسند، روى بإسناده عن ابن عبّاس حديث آية الرجم المتقدّم عن المصنّف(3) .
9 ـ الحافظ محمّد بن سعد (ت 230 هـ) ، صاحب الطبقات، روى بإسناده عن سعيد بن المسيّب حديث آية الرجم المتقدّم عن الموطّأ(4) .
10 ـ الحافظ علي بن الجعد الجوهري (ت 230 هـ) شيخ البخاري وأبي زرعة وأبي حاتم الرازيّين وأبي القاسم البغوي الذي ألّف حديثه، وغيرهم من الأئمّة والحفّاظ.
روى بإسناده عن قتادة، أنّه قال: في مصحف الفضل بن العبّاس (وأنزلنا بالمعصرات ماءً ثجّاجاً) (5) .
____________
(1) المصنّف ج 7 ص 330 ح 13363.
(2) المصنّف ج 10 ص 181 ح 18748.
(3) مسند الحميدي ج 1 ص 15 ـ 16 ح 25.
(4) طبقات ابن سعد ج 3 ص 255.
(5) الجعديات ج 1 ص 313 ح 1055.
12 ـ الإمام أحمد بن حنبل (ت 241 هـ) فقد روى في مسنده بإسناده عن عمر، أنّه قال: إنّ الله عزّ وجلّ بعث محمّداً (صلى الله عليه وسلم) بالحقّ وأنزل معه الكتاب، فكان ممّا أنزل عليه آية الرجم، فرجم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورجمنا بعده، ثمّ قال كنّا نقرأ (ولا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم) أو (إنّ كفراً بكم أن ترغبوا عن أبائكم...) (2) .
ـ وروى بإسناده عن عبد الله بن مسعود، قال: أقرأني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (إنّي أنا الرزّاق ذو القوّة المتين) (3) .
ـ وروى بإسناده عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: كان عبد الله يحكّ المعوذتين من مصاحفه ويقول: إنّهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى(4) .
ـ وروى بإسناده عن زيد بن أرقم، قال: لقد كنّا نقرأ على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضّة لابتغى لهما آخر ولا يملأ بطن ابن آدم إلاّ التراب ويتوب الله على من تاب) (5) .
____________
(1) المصنّف ج 6 ص 553 ح 11، كتاب الحدود.
(2) مسند أحمد ج 1 ص 47، ونحوه في ص 36 و 40 و 43 و 50.
(3) مسند أحمد ج 1 ص 394.
(4) مسند أحمد ج 5 ص 129.
(5) مسند أحمد ج 4 ص 368، وانظر: ج 3 ص 122، 168 و 176 ومواضع أُخر.
ـ وبإسناده عن أُبيّ، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إنّ الله تبارك وتعالى أمرني أن أقرأ عليك، قال: فقرأ عليّ (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكّين حتّى تأتيهم البيّنة رسول من الله يتلو صحفاً مطهّرة فيها كتب قيّمة وما تفرّق الذين أُوتوا الكتاب إلاّ من بعد ما جاءتهم البيّنة إنّ الدين عند الله الحنفية غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل خيراً فلن يكفره) ، قال شعبة: ثمّ قرأ آيات بعدها، ثمّ قرأ: (لو أنّ لابن آدم واديين من مال لسأل وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب) ، قال: ثمّ ختمها بما بقي منها(2) .
ـ وروى بإسناده عن عائشة، قالت: لقد أُنزلت آية الرجم ورضعات الكبير عشراً، فكانت في ورقة تحت سريري في بيتي، فلمّا اشتكى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تشاغلنا بأمره ودخلت دويبة لنا فأكلتها(3) .
13 ـ الإمام الدارمي (ت 255 هـ) ، والذي يَعُدّ بعضهم سننه أحد الصحاح الستّة بدلا من سنن ابن ماجة.
____________
(1) مسند أحمد ج 5 ص 131.
(2) مسند أحمد ج 6 ص 132.
(3) مسند أحمد ج 6 ص 269.
ـ وروى بإسناده عن زيد بن ثابت حديث (الشيخ والشيخة) (2) .
ـ وروى بإسناده عن أنس حديث (لو كان لابن آدم واديان...) (3) .
14 ـ الإمام محمّد بن إسماعيل البخاري (ت 256 هـ) ، روى في صحيحه بإسناده عن علقمة، قال: دخلت في نفر من أصحاب عبد الله الشام، فسمع بنا أبو الدرداء، فأتانا، فقال: أفيكم من يقرأ؟
فقلنا: نعم.
قال: فأيّكم أقرأ؟
فأشاروا إليّ.
فقال: اقرأ؟
فقرأت (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى والذكر والأُنثى) .
قال: أنت سمعتها مِنْ فِي صاحبك؟
قلت: نعم.
قال: وأنا سمعتها مِنْ فِي النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وهؤلاء يأبون علينا(4) .
ـ وروى بإسناده عن إبراهيم، قال: قدم أصحاب عبد الله على أبي الدرداء، فطلبهم فوجدهم، فقال: أيّكم يقرأ على قراءة عبد الله؟
قال: كلّنا.
قال: فأيّكم يحفظ؟
____________
(1) سنن الدارمي ج 2 ص 124 ح 2319.
(2) سنن الدارمي ج 2 ص 124 ح 2320.
(3) سنن الدارمي ج 2 ص 218 ح 2774.
(4) صحيح البخاري ج 6 ص 296 ح 439 كتاب التفسير.
قال: كيف سمعته يقرأ (والليل إذا يغشى) .
قال علقمة: (والذكر والأُنثى) .
قال: أشهد أنّي سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقرأ هكذا، وهؤلاء يريدوني على أن أقرأ (وما خلق الذكر والأُنثى) والله لا أُتابعهم(1) .
ـ وروى بإسناده عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، قال: قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتّى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله...(2) .
ـ وبإسناده عن ابن عبّاس في حديث طويل، عن عمر، أنّه قال فيه: إنّ الله بعث محمّداً (صلى الله عليه وسلم) بالحقّ وأنزل عليه الكتاب، فكان ممّا أنزل آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها، فلذا رجم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلّوا بترك فريضة أنزلها، الله والرجم في كتاب الله حقّ على من زنا إذا أُحصن من الرجال والنساء إذا قامت البيّنة أو كان الحبل أو الاعتراف، ثمّ إنّا نقرأ في ما نقرأ من كتاب الله (أن لا ترغبوا عن آبائكم) أو (إنّ كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم) (3) .
ـ وأخرج في ج 6 ص 266 كتاب التفسير ـ باب قوله: (وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم) ، وقرأ عمر (فامضوا إلى ذكر الله) .
ـ وروى في تاريخه الكبير بإسناده عن حذيفة: قرأت سورة الأحزاب
____________
(1) صحيح البخاري ج 6 ص 296 ح 440.
(2) صحيح البخاري ج 8 ص 300 ح 24 ـ كتاب الحدود ـ باب الاعتراف بالزنا.
(3) صحيح البخاري ج 8 ص 302 ح 25.
15 ـ الإمام مسلم بن الحجّاج (ت 261 هـ) ، روي في صحيحه ما تقدّم عن البخاري من حديث علقمة من زيادة (ما خلق) في قوله تعالى: (وما خلق الذكر والأُنثى) من عدّة طرق(2) .
ـ وروى بإسناده عن أبي الأسود، قال: بعث أبو موسى الأشعري إلى قُرّاء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمئة رجل قد قرأوا القرآن، فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقرّاؤهم، فاتلوه ولا يطولنّ عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم، وإنّا كنّا نقرأ سورة كنّا نشبّهها في الطول والشدّة ببراءة فأُنسيتها غير إنّي حفظت منها (لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب) وكنّا نقرأ سورة كنّا نشبّهها باحدى المسبّحات فأُنسيتها غير إنّي حفظت منها (يا أيّها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة) (3) .
ـ وروى في نفس الباب عدّة أحاديث نحو صدر الحديث السابق.
ـ وروى أيضاً بإسناده عن ابن عبّاس ما تقدّم عن البخاري في آية الرجم(4) .
ـ وروى أيضاً بإسناده عن عائشة، أنّها قالت: كان في ما أُنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرّمن ثمّ نُسخن بخمس معلومات فتوفّي
____________
(1) تاريخ البخاري الكبير ج 4 ص 241 رقم 2659.
(2) صحيح مسلم ج 2 ص 206 ـ باب ما يتعلّق بالقرآن.
(3) صحيح مسلم ج 3 ص 100 ـ كتاب الزكاة ـ باب لو أنّ لابن آدم واديين.
(4) صحيح مسلم ج 5 ص 116 ـ كتاب الحدود ـ باب رجم الثيّب.
ـ وروى بإسناده عن أبي يونس مولى عائشة ما تقدّم عن الموطّأ من حديث: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) (2) .
16 ـ الإمام الحافظ ابن ماجة القزويني (ت 273 هـ) ، فقد روى في سننه بإسناده عن عائشة، قالت: لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلمّا مات رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها(3) .
ـ وروى بإسناده عن عمر حديث آية الرجم (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتّة) (4) .
17 ـ الإمام الحافظ أبو داود السجستاني (ت 275 هـ) ، روى بإسناده عن أبي يونس مولى عائشة ما تقدّم عن موطّأ مالك وصحيح مسلم حديث (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر) (5) .
ـ وروى بإسناده عن ابن عبّاس حديث عمر في نزول آية الرجم المتقدّم عن أحمد والبخاري ومسلم(6) .
ـ وروى بإسناده عن ابن عبّاس، قال: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهنّ أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهنّ في البيوت
____________
(1) صحيح مسلم ج 4 ص 167 ـ كتاب الرضاع.
(2) صحيح مسلم ج 2 ص 112، كتاب المساجد ـ باب الصلاة الوسطى.
(3) سنن ابن ماجة ج 1 ص 625 ـ 626 ح 1944.
(4) سنن ابن ماجة ج 2 ص 853 ح 2553.
(5) سنن أبي داود ج 1 ص 109 ح 410.
(6) سنن أبي داود ج 4 ص 143 ح 4418.
وهذا يعني أنّه يوجد سقط من القرآن بين الآية السابقة واللاحقة تذكر الرجل بعد المرأة بدليل قوله: ثم جمعهما، وقد اضطرب شرّاح سنن أبي داود في توجيه هذا الحديث.
18 ـ الإمام الترمذي (ت 279 هـ) ، روى في جامعه ما تقدّم عن البخاري ومسلم، من حديث علقمة، من زيادة (ما خلق) في قوله تعالى: (وما خلق الذكر والأُنثى) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح(2) .
ـ وروى بإسناده عن عبد الله بن مسعود، قال: أقرأني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (إنّي أنا الرزّاق ذو القوّة المتين) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح(3) .
ـ وروى حديث آية الرجم المتقدّم عن عمر من طريقين، وقال بعدهما: حسن صحيح(4) .
19 ـ الحافظ أبو العبّاس البرتي (ت 280 هـ) ، روى في مسنده بإسناده عن المسور بن مخرمة، قال: قال عمر بن الخطّاب (رض) : ألم يكن ممّا أُنزل علينا (جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة) ؟ قال: بلى، قال: فأنا لا [كلمة غير واضحة بالأصل]، قال: أُسـقطت ممّا أُسـقط من القـرآن،
____________
(1) سنن أبي داود ج 4 ص 141 ج 4413.
(2) جامع الترمذي ج 5 ص 175 ح 2939.
(3) جامع الترمذي ج 5 ص 176 ح 2940.
(4) جامع الترمذي ج 4 ص 29 ـ 30 ح 1431 وح 1432 من كتاب الحدود ـ باب ما جاء في تحقيق الرجم.
20 ـ عبد الله بن أحمد بن حنبل (ت 290 هـ) روى بإسناده عن زرّ ابن حبيش، قال: قال لي أُبيّ بن كعب: كأيّن تقرأ سورة الأحزاب ـ أو كأيّن تعدّها ـ؟ قال: قلت: ثلاثاً وسبعين آية، فقال: قطّ! لقد رأيتها وإنّها لتعادل سورة البقرة ولقد قرأنا فيها (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتّة نكالا من الله والله عليم حكيم) .
ـ وبإسناده عن أُبيّ بن كعب، قال: كم تقرأون سورة الأحزاب؟ قال: بضعاً وسبعين آية، قال: لقد قرأتها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مثل البقرة أو أكثر منها وإنّ فيها آية الرجم(2) .
21 ـ الحافظ الإمام أبو بكر البزّار (ت 292 هـ) صاحب المسند المعروف، والذي جعل الحافظ ابن كثير مسنده أحد الأُصول العشرة في جامع المسانيد، أعني الصحاح الستّة ومسند أحمد ومعجم الطبراني ومسند أبي يعلى ومسند البزّار، روى بإسناده عن ابن عبّاس حديث البخاري الطويل المتقدّم في آية الرجم(3) .
ـ وروى بإسناده عن عبد الله بن مسعود، أنّه كان يحكّ المعوذتين من المصحف ويقول: إنّما أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يتعوّذ بهما، وكان عبد الله لا يقرأ بهما(4) .
____________
(1) مسند عبد الرحمن بن عوف ص 44 ح 11.
(2) زوائد عبد الله على المسند: 364 ـ 365 ح 158 و 159.
(3) مسند البزّار ج 1 ص 300 ح 194.
(4) مسند البزّار ج 5 ص 29 ح 1586.