المســألة: 49
فسروا لنا هذا الحديث الصحيح عندكم في اللات والعزى!
في صحيح مسلم:8/182: (عن عائشة قالت سمعت رسول الله (ص) يقول: لايذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى! فقلت يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) أن ذلك تاماً؟ قال: إنه سيكون من ذلك ما شاء الله). انتهى. (ورواه الحاكم:4 /446 و549 وقال في الموردين:هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ورواه البيهقي في سنه: 9/181 والهندي في كنز العمال:14/211. وقال عنه السيوطي في الدر المنثور: 6/61: وأخرج مسلم والحاكم وصححه.. وقال عن الحديث الأول في: 3 / 231 أخرج أحمد ومسلم والحاكم وابن مردويه عن عائشة). انتهى.
الأسئلة
1 ـ كيف تفسرون هذا الحديث الصحيح عندكم أي قطعي الصدور عن النبي الصادق الأمين الذي لاينطق عن الهوى (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ وهل عبدت قريش اللات والعزى بعد أن توفي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو سوف تعبدهما في المستقبل؟
2 ـ ألا يحتمل أن يكون ذلك إخباراً نبوياً بأن قريشاً ستطيع شخصين من دون الله تعالى يكون تأثيرهما عليها كتأثير اللات والعزى عليها في الجاهلية؟!
3- لماذا اختار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اللات والعزى دون
المســألة: 50
لماذا تردون الأحاديث الصحيحة في تفسير
المقام المحمود لنبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)
بالشفاعة وتفسرونه بالإسرائيليات؟!
قال الله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىأَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (سورة الإسراء: 79)، وقد فسره أهل البيت (عليهم السلام) بأنه مقام رئاسة المحشر والشفاعة.
قال الصدوق في (التوحيد) ص255 ـ 262 في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
(ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو المقام المحمود، فيثني على الله تبارك وتعالى بما لم يثن عليه أحد قبله، ثم يثني على الملائكة كلهم فلا يبقى ملك إلا أثنى عليه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم يثني على الرسل بما لم يثن عليهم أحد قبله، ثم يثني على كل مؤمن ومؤمنة، يبدأ بالصديقين والشهداء ثم بالصالحين، فيحمده أهل السماوات والأرض، فذلك قوله: عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً، فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ، وويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظ ولا نصيب). انتهى.
أما السنيون فكانوا قبل أن تقوى شوكة الحنابلة موافقين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام)، قال الرازي في تفسيره:11جزء21/31: قال الواحدي: أجمع المفسرون على أنه (المقام المحمود) مقام
وأما الحنابلة فقد ردوا هذه الأحاديث الصحيحة وأشربوا في قلوبهم حب الإسرائيليات التي تصف الله تعالى بأنه يجلس علىالعرش والأنبياء (عليهم السلام) حوله فقالوا إن المقام المحمود أن الله تعالى يقعده على العرش إلى جنبه!
وقد وجدوا ما يتشبثون به من أقوال تلاميذ كعب الأحبار، وما رواه عنه عمر من أن العرش يبقى منه أربعة أصابع تتسع لجلوس نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)!!
قال عالمهم ابن أبي عاصم في كتاب السنة ص305: (695 ـ حدثنا أبو بكر، ثنا ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد: عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً. قال يقعده معه على العرش). انتهى.
وزاد عليه الخلال الحنبلي في كتابه السنة:1/ 215، فحكم بكفر كل من أنكر إقعاد الله تعالى لنبيه على العرش إلى جنبه لأنه بزعمهم ينكر فضيلة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو زنديق يجب قتله!!
ونتج عن ذلك فتن كثيرة في بغداد وغيرها، وصف ابن الأثير إحداها في تاريخه: 5/121 بقوله: (في سنة 317 هـ وقعت فتنة عظيمة ببغداد بين أصحاب أبي بكر المروزي الحنبلي وبين غيرهم من العامة ودخل كثير من الجند فيها، وسبب ذلك أن أصحاب المروزي قالوا في تفسير قوله تعالى: عسى أن يبعثك ربك مقاماً
وذكرها الذهبي في تاريخ الاسلام: 23/384، وأنها كانت بسبب تفسير آية المقام المحمود، حيث قالت الحنابلة إنها تعني أن الله يقعده على عرشه كما قال مجاهد. وقال غيرهم: بل هي الشفاعة العظمى).انتهى.
وجاء ابن تيمية في القرن الثامن فأحيا تجسيم الحنابلة، وتبنى مقولة قعود النبي على العرش مع الله تعالى! (منهاج السنة:1/264)!!
وتبعه ابن القيم في ذلك (بدائع الفوائد:4/39)!! ونسب القول به إلى الطبري!
لكن الشيخ محمود أبو رية كذبه في كتابه أضواء على السنة المحمدية ص190 فقال في هامشه: (نقلنا هذا الخبر عن ابن القيم في الطبعة الثانية، ولكن تبين أن ابن القيم هذا وهو حنبلي لم يكن صادقاً فيما نسبه إلى ابن جرير الطبري، فقد جاء في تاريخه الذي ذكره صاحب معجم الأدباء (ج18/57ـ59) أنه لما قدم إلى بغداد من طبرستان تعصب عليه قوم وسأله الحنابلة عن حديث الجلوس على العرش فقال: أما حديث الجلوس على العرش فمحال، ثم أنشد:
سبحان من ليس له أنيسُ | ولا له في عرشه جليسُ |
لأحمد منزلٌ لا شكَّ عالٍ | إذا وافى إلى الرحمن وافد |
فيدنيـه ويقعـده كريماً | على رغم لهم في أنف حاسد |
على عرش يغلفه بطيب | على الأكباد من باغ وعاند |
له هذا المقام الفرد حقاً | كذاك رواه ليث عن مجاهد |
لكن الألباني تشجع وخالفهم فقال: (إن قول مجاهد هذا وإن صح عنه لايجوز أن يتخذ ديناً وعقيدة ما دام أنه ليس له شاهد من الكتاب والسنة، فياليت المصنف إذ ذكره عنه جزم برده وعدم صلاحيته للإحتجاج به، ولم يتردد فيه). انتهى. (البشارة والإتحاف للسقاف ص27)
وليت الألباني استكمل شجاعته فشهد بأن فكرة قعود الله تعالى على العرش وإقعاد الأنبياء (عليهم السلام) حوله فكرة يهودية، جاءت من كعب الأحبار إلى عمر ثم إلى مجاهد!
وقد شهد بذلك الشيخ محمود أبو رية ونقل في كتابه القيم أضواء على السنة المحمدية ص190 عن كتاب العقيدة والشريعة للمستشرق جولد تسيهر ص42 و43 قال: (وهناك جمل أخذت من العهد القديم والعهد الجديد
وهي كذلك عقيدة مسيحية، ففي قاموس الكتاب المقدس ص795: (وقد وصف يسوع بأنه رئيس كهنة المؤمنين العظيم الذي نضح قدس الأقداس السماوي بدمه، والذي جلس عن يمين الأب هناك حيث هو الآن يشفع فيهم). (عب 4: 14 و7: 25 و9: 12) الخ.
الأسئلة
1 ـ ماهي عقيدتكم في قعود الله تعالى على العرش، وإقعاده نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جنبه؟
2 ـ هل تكفرون المسلمين لأنهم لايوافقونكم على هذه العقيدة اليهودية؟
3 ـ هل تكفرون إمامكم الألباني لأنه أنكرها، وتتبرؤون منه وتفتون بإحراق كتبه، وتنبشون قبره وتخرجونه من مقابر المسلمين كما منعتم الطبري من الدفن فيها؟!
المســألة: 51
ما رأيكم في توسيعات بولس وعمر للشفاعة
إلى حد إلغاء العقوبة والمسؤولية عن الناس؟!
من المعروف أن بولس الذي نَصَّر النصارى قد اخترع عقيدة الفداء التي تقول إن الله تعالى أرسل ابنه المسيح (عليه السلام) لكي يقتل ويصلب فيفدي بنفسه البشر، ويتحمل خطاياهم! وأن الشرط الوحيد لشمول الإنسان بشفاعة المسيح هو الإيمان بأنه ابن الله تعالى!
ففي العهد القديم والجديد: 3/386: (يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لاتخطئوا وإن أخطأ أحدٌ فلنا شفيع عند الأب، يسوع المسيح البار، وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً)!
وفي كتاب مقارنة بين الأديان للدكتور الشلبي:2/245: (فادعى شاؤول (بولس) أن السيد المسيح بعد نهايته على الأرض ظهر له وصاح فيه وهو فى طريقه إلى دمشق: لماذا تضطهدني! فخاف شاؤول وصرخ: من أنت يا سيد؟ قال: أنا يسوع الذي تضطهده! قال شاؤول: ماذا تريد أن أفعل؟ قال يسوع:
قم وكرز بالمسيحية!
ويقول لوقا في ختام هذه القصة جملة ذات بال غيرت وجه التاريخ هي: وللوقت جعل يكرز فى المجامع بالمسيح أنه ابن الله) (أعمال 9: 3 ـ 30) انتهى.
أما عمر فقد وسع شفاعة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) وعفو الله تعالى حتى شملت كل الناس المطيع منهم
ففي الدر المنثور:6/285: (وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن ميمون أن كعباً دخل يوماً على عمر بن الخطاب فقال له عمر: حدثني إلى ما تنتهي شفاعة محمد يوم القيامة؟! فقال كعب: قد أخبرك الله في القرآن أن الله يقول: (ما سلككم في سقر إلى قوله اليقين) قال كعب: فيشفع يومئذ حتى يبلغ من لم يصل صلاة قط ويطعم مسكيناً قط ومن لم يؤمن ببعث قط، فإذا بلغت هؤلاء لم يبق أحد فيه خير!) انتهى.
ومعناه شمول الشفاعة حتى للكافر الذي لايؤمن بيوم الدين!
وفي مجمع الزوائد:1/16: (عن عمر أن رسول الله (ص) أمره أن يؤذن في الناس أنه: من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصاً دخل الجنة، فقال عمر: يا رسول الله إذاً يتكلوا فقال: دعهم. رواه أبو يعلى والبزار إلا أن عمر قال يا رسول الله إذاً يتكلوا! قال دعهم يتكلوا).
وفي مجمع الزوائد:1/23: (عن عقبة بن عامر قال: جئت في اثني عشر راكباً حتى حللنا برسول الله (ص) فقال أصحابي: من يرعى إبلنا وننطلق فنقتبس من رسول الله (ص) فإذا راح اقتبسناه ما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: أنا، ثم قلت في نفسي: لعلي مغبون، يسمع أصحابي ما لا أسمع من نبي الله (ص)، فحضرت يوماً فسمعت رجلاً قال: قال رسول الله (ص): من توضأ وضوء كاملاً ثم قام إلى صلاة كان من خطيئته كيوم ولدته أمه، فتعجبت من ذلك، فقال
فخرج علينا رسول الله (ص) فجلست مستقبله فصرف وجهه عني، فقمت فاستقبلته ففعل ذلك ثلاث مرات، فلما كانت الرابعة قلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي لم تصرف وجهك عني؟! فأقبل عليَّ فقال: أواحدٌ أحب إليك أم اثنا عشر؟ مرتين أو ثلاثاً! فلما رأيت ذلك رجعت إلى أصحابي)!
وفي مجمع الزوائد:1/22: (عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: جئت ورسول الله (ص) قاعد في أناس من أصحابه فيهم عمر بن الخطاب وأدركت آخر الحديث ورسول الله (ص) يقول: من صلى أربع ركعات قبل العصر لم تمسه النار! فقلت بيدي هكذا يحرك بيده إن هذا حديث جيد، فقال عمر بن الخطاب: لما فاتك من صدر الحديث أجود وأجود! قلت يا ابن الخطاب فهات، فقال عمر بن الخطاب: حدثنا رسول الله (ص) أنه من شهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة)!!
وفي مجمع الزوائد:1/32و49: (عن عمر بن الخطابأنه سمع النبي (ص) يقول: من مات يؤمن بالله واليوم الآخر، قيل له أدخل من أي أبواب الجنة الثمانية شئت. رواه أحمد وفي إسناده شهر بن حوشب وقد وثق). انتهى.
ومعنى هذه الأحاديث عن عمر: أن مجرد
الأسئلة
1 ـ هل تقبلون هذه الأحاديث عن عمر، ويوجد مثلها عن غير عمر؟
2 ـ هل يكون عمر هو المقصود بقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي رواه معاذ بن جبل قال قال رسول الله (ص): مابعث الله نبياً قط إلا وفي أمته قدرية ومرجئة يشوشون عليه أمر أمته. ألا وإن الله قد لعن القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبياً). (مجمع الزوائد:7 /203)
3 ـ إذا لم يكن عمر مؤسس مذهب المرجئة وإمامهم، فمن يكون؟
4 ـ ما رأيكم فيما رواه البخاري:8/139: (عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى! قالوا يا رسول الله ومن يأبى؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى. انتهى.
فالذين عصوا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من أمته مستثنوْن وأنهم لايدخلون الجنة)؟!.
(ورواه الحاكم:1/55 بلفظ آخر وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه).
المســألة: 52
ما رأيكم في قول عمر وابن تيمية بفناء النار ونقل أهلها إلى الجنة!
من بديهيات عقائد الإسلام الخلود في الآخرة لأهل الجنة وأهل النار، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (سورة البقرة: 39)
قال الصدوق (قدس سره) في الإعتقادات ص53: (اعتقادنا في الجنة أنها دار البقاء ودار السلامة، لا موتٌ فيها ولا هرم ولا سقم ولا مرض ولا آفة ولا زوال ولا زمانة ولا هم ولا غم ولا حاجة ولا فقر. وأنها دار الغنى ودار السعادة، ودار المقامة ودار الكرامة، لا يمس أهلها نصب ولا يمسهم فيها لغوب، لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون. وأنها دارٌ أهلها جيران الله تعالى وأولياؤه وأحباؤه وأهل كرامته...
واعتقادنا في النار أنها دار الهوان ودار الانتقام من أهل الكفر والعصيان، ولا يخلد فيها إلا أهل الكفر والشرك).
وقال في ص81: (اعتقادنا في قتلة الأنبياء وقتلة الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، أنهم كفار مشركون مخلدون في أسفل درك من النار. ومن اعتقد بهم غير ما ذكرناه، فليس عندنا من دين الله في شي).
وفي البحار: 8 /361 عن عيون أخبار الرضا (عليه السلام): (فيما كتب للمأمون من محض الإسلام: إن الله لا يدخل النار مؤمناً وقد وعده الجنة، ولايخرج من النار كافراً وقد أوعده النار والخلود فيها، ومذنبو أهل التوحيد
وفي تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) ص578: (قال الله تعالى: وما هم بخارجين من النار) كان عذابهم سرمداً دائماً، وكانت ذنوبهم كفراً، لاتلحقهم شفاعة نبي ولا وصي، ولا خيِّر من خيار شيعتهم).
وقال الطوسي في تفسير التبيان: 2/524: (الخلود في اللغة هو طول المكث، ولذلك يقال: خلده في السجن وخلد الكتاب في الديوان. وقيل للأثافي: خوالد مادامت في موضعها، فإذا زالت لا تسمى خوالد.والفرق بين الخلود والدوام: أن الخلود يقتضي (في) كقولك خلد في الحبس، ولايقتضي ذلك الدوام، ولذلك جاز وصفه تعالى بالدوام دون الخلود.
إلا أن خلود الكفار المراد به التأبيد بلا خلاف بين الأمة... ومعنى خلودهم فيها استحقاقهم لها دائماً مع ما توجبه من أليم العقاب، فأما من ليس بكافر من فساق أهل الصلاة، فلا يتوجه إليه الوعيد بالخلود).
عقيدة السنيين
روت مصادر السنيين تشويشات من تأثير رأي عمر، لكنها روت ما يوافق القرآن شبيهاً بما في مصادرنا كما في البخاري:7/203، من حديث طويل: (عن أنس قال قال رسول الله (ص): يجمع الله الناس يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا... فأرفع رأسي فأحمد ربي
وقد فسرت مصادرهم عبارة (إلا من حبسه القرآن) بالتأبيد..كما في البخاري:8/183، وفي:5/147: (إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود... إلا من حبسه القرآن يعني قول الله تعالى: خالدين فيها).
وفي هذه العقيدة الأساسية تدخَّل عمر بن الخطاب أيضاً، فقال إن أهل النار ليسوا مخلدين فيها، فالنار تفنى وينقل أهلها إلى الجنة!!
وقد وافقه على ذلك ابن تيمية! وعلله تلميذه ابن القيم بأن النار كالسجن لابد أن تخرب بمرور الوقت، فلا يبقى لأهلها مكان إلا الجنة!
قال السيوطي في الدر المنثور:3/350: (وأخرج ابن المنذر عن الحسن عن عمر قال: لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم يوم على ذلك يخرجون فيه. انتهى!!
وعالج: صحراء رملية ذارية بين نجد والبحرين.
وقد تحمس لرأي عمر ابن قيم الجوزية في رسالته حادي الأرواح، ومن المتأخرين محمد رشيد رضا في تفسير المنار:8/68، حيث أورد في كتابه رسالة ابن قيم كلها، وهي نحو خمسين صفحة، ومدح ابن القيم وغلا فيه لأنه مفكر إسلامي نابغة استطاع أن يحل المشكلة
وتدور رسالة ابن قيم المدرسة الجوزية على محور واحد هو أن النار تفنى كما يخرب السجن، فلا يبقى محل لأهلها إلا أن ينقلوا إلى الجنة!!
لكن الشوكاني تشجع وألف رسالة في الرد على عمر وابن تيمية، قال في مقدمة فتح القدير:1/9: (للشوكاني مؤلفات، منها كتاب نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار.... وكشف الأستار في إبطال القول بفناء النار). انتهى.
وقد أخذ عمر عقيدته هذه من اليهود ولم يأخذ بتكذيب القرآن لهم، ففي سيرة ابن هشام:2/380: (قال ابن إسحاق: وحدثني مولى لزيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: قدم رسول الله (ص) المدينة واليهود تقول: إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما يعذب الله الناس في النار بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوماً واحداً في النار من أيام الآخرة، وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب!!
فأنزل الله في ذلك من قولهم: (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ. بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (سورة البقرة:80 ـ 81) أي خلداً أبداً. (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (سورة البقرة:82) أي من آمن بما كفرتم به وعمل بما تركتم من دينه
الأسئلة
1 ـ هل توافقون على رأي عمر بفناء النار وانتهاء العقاب في الآخرة؟
2 ـ بماذا تفسرون تبني عمر لهذه العقيدة اليهودية مع تكذيب القرآن لها؟!
المســألة: 53
ما قولكم في شفاعات عمر المخترعة؟!
ما هو موقفك إذا قال لك شخص: اليوم مات فلان المجرم الظالم القاتل، فتعال لندخله الجنة.. فقلت له كيف؟ فقال: نقف في طريق جنازته ونقول عندما يمرون بها: رحمه الله كان عبداً صالحاً.. فيقبل الله شهادتنا ويصير المجرم من أهل الجنة.
ثم قال لك: اليوم مات فلان المؤمن الزاهد العابد فتعال لندخله النار فنقف في طريق جنازته ونقول عندما تمر: لعنه الله كان رجلاً سيئاً، فيقبل الله شهادتنا ويصير المؤمن من أهل النار!
لاشك أنك تضحك على عقله وتقول له: إنك تهزأ وتلعب وتسخر بالله تعالى فتتصور أنه مثلك يهزأ ويلعب، كما وصف اليهود معبودهم!
لكن منطق اليهود هذا وسخريتهم بأنفسهم وربهم، تبناه عمر بن الخطاب وروته صحاحهم مع الأسف!
قال البخاري في صحيحه:2/100: (عن أبي الأسود قال: قدمت المدينة وقد وقع بها مرض فجلست إلى عمر بن الخطاب فمرت بهم جنازة فأثنى على صاحبها خيراً فقال عمر: وجبت. ثم مر بأخرى فأثنى على صاحبها خيراً، فقال عمر: وجبت. ثم مر بالثالثة فأثنى على صاحبها شراً، فقال: وجبت. فقال أبو الأسود فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال النبي (ص): أيما مسلم
ورواه البخاري أيضاً في:3/149 والنسائي:4/51 وفيه: (فقلت وما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال رسول الله (ص): أيما مسلم شهد له أربعة قالوا خيراً أدخله الله الجنة. قلنا: أو ثلاثة؟ قال: أو ثلاثة. قلنا: أو اثنان؟ قال: أو اثنان)!! (ورواه الترمذي:2/261. ورواه أحمد:1 /21 و22 و27 و30 و45 و46، والبيهقي في سننه: 10/124).
وإليكم هذه الرواية التي تدل على أن هذه العقيدة من أخبار الآحاد وأن أصلها وأساسها من عمر الذي تفرد بها من بين الصحابة!
قال أحمد في مسنده:1/54: (حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عمر بن الوليد الشني عن عبد الله بن بريدة قال: جلس عمر مجلساً كان رسول الله (ص) يجلسه، فمر عليه الجنائز، قال فمروا بجنازة فأثنوا خيراً فقال: وجبت. ثم مروا بجنازة فأثنوا خيراً فقال: وجبت. ثم مروا بجنازة فقالوا خيراً فقال: وجبت. ثم مروا بجنازة فقالوا هذا كان أكذب الناس، فقال: إن أكذب الناس أكذبهم على الله، ثم الذين يلونهم من كذب على روحه في جسده، قال قالوا: أرأيت إذا شهد أربعة؟ قال: وجبت. قالوا: أو ثلاثة؟ قال: وثلاثة، قال وجبت. قالوا: واثنين؟ قال: وجبت، ولأن أكون قلت واحد أحب إلي من حمر النعم. قال فقيل لعمر: هذا شئ تقوله برأيك أم شئ سمعته من رسول الله (ص)؟ قال: لا، بل سمعته من رسول الله (ص). انتهى.
الأسئلة
1 ـ ما رأيكم في هذه الفرية العمرية على الله تعالى التي تلغي قانون العقاب والثواب، وتجعلهما تابعين للمصادفة أشبه بلعب القمار؟!
2 ـ هل تبنون عقيدتكم على خبر الواحد كخبر عمر المذكور وتخصصون به عمومات القرآن وإطلاقاته، كما فعلتم في خبر أبي بكر: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) فجعلتم عترة الأنبياء (عليهم السلام) مستثنون قانون الإرث!!
3 ـ ما هو السبب برأيكم الذي جعل عمر يتبنى هذه المقولة وينسبها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
4- هل رأيتم حالات انعدام الحكمة في إرادة الله تعالى وأفعاله وتبعيتها للمصادفة، إلا في ثقافة اليهود؟!
المســألة: 54
ما قولكم في ادعاء عمر وكعب الأحبار أن كل المسلمين في الجنة؟!
قال الله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ، ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (سورة فاطر: 32) وقد ورد في تفسيرها عن أهل البيت (عليهم السلام) أن المقصود بها عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أبناء فاطمة (عليهم السلام)، وأن السابقين بالخيرات منهم الأئمة المعصومون، والمقتصد من يعرف حق الإمام، والظالم لنفسه من لم يعرف حق الإمام، وأنهم جميعاً صالحون حتى الظالم لنفسه ما دام ليس ظالماً لغيره.
فوراثة الكتاب في هؤلاء الصالحين، دون الفاسقين الذين هم قسم رابع غير هذه الثلاثة. وهذا هو المعنى الوحيد المعقول للآية.
روى في الإحتجاج:2/301: (عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا؟ قال: أي شئ تقول؟ قلت: إني أقول إنها خاصة لولد فاطمة. فقال (عليه السلام): أما من سلَّ سيفه ودعا الناس إلى نفسه إلى الضلال من ولد فاطمة وغيرهم فليس بداخل في الآية، قلت: من يدخل فيها؟ قال: الظالم لنفسه الذي لايدعو الناس إلى ضلال ولا هدى، والمقتصد منا أهل البيت هو العارف حق الإمام، والسابق بالخيرات هو الإمام).
وقال المجلسي (قدس سره) في البحار:23/218: (روى السيد ابن طاووس في كتاب سعد السعود من تفسير محمد بن العباس بن مروان قال: حدثنا علي