3 ـ مصادر التشريع الإسلامي وفلسفته واصوله :

1 ـ جاء في الخطبة المعروفة عنها قولها للصحابة حين اعترضت على أبي بكر بعد حادث السقيفة المرّ : «أنتم عِبادَ الله نصب أمرِه ونهيِه ، وحَمَلَة دينهِ وَوَحْيهِ ، واُمناء الله على أنفسكم ، وبُلَغاؤه إلى الاُمم ، زعيمُ حق له فيكم، وعهدٌ قدّمه إليكم، وبقيّةٌ استخلفها عليكم ، كتاب الله الناطق ، والقرآن الصادق ، والنور الساطع ، والضياء اللامع ، بيّنةً بصائره ، منكشفةً سرائره ، منجليةً ظواهره ، مغتَبِطَةً به أشياعُه ، قائداً إلى الرضوان اتّباعه ، مؤدّ إلى النّجاة استماعُه ، بِه تُنال حججُ اللهِ المُنَوَّرَةُ، وعزائِمُهُ المُفَسَّرَةُ، ومحارِمُه المحذّرة ، وبيّناتُه الجالية ، وبراهينُه الكافية ، وفضائله المندوبة ، ورُخَصُه الموهوبة ، وشرائعهُ المكتوبة .

2 ـ وقالت عن فلسفة التشريع في نفس الخطبة : «جعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر ، والزكاةَ تزكيةً للنفس ، ونماءً في الرزق ، والصيّامَ تَثبيتاً للإخلاص ، والحجَّ تشييداً للدين ، والعدْلَ: تنسيقاً للقلوب ، وطاعتنا نظاماً للملّة ، وإمامتنا أماناً من الفرقة ، والجهادَ عِزّاً للإسلام ، والصبّر معونةً على استيجاب الأجر ، والأمر بالمعروف مصلحة للعامّة ، وبرّ الوالدين وقاية من السخط ، وصلة الأرحام مَنْسَأة في العمر ومنماة للعدد ، والقصاص حقناً للدماء ، والوفاء بالنذر تعريضاً للمغفرة ، وتوفية المكائيل والموازين تغييراً للبخس، والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس ، واجتناب القذف حجاباً عن اللعنة، وترك السرقة إيجاباً للعفّة ، وحرّم الله الشرك إخلاصاً له بالربوبيّة» .

3 ـ وقالت عن بعض اُصول التشريع : حدَّثنا أحمد بن يحيى الصوفيُّ، حدثنا عبد الرحمن بن ديس الملائيّ ، حدثنا بشير بن زياد الجزريُّ ، عن عبدالله بن حسن ، عن اُمِّه فاطمة بنت الحسين ، عن فاطمة الكبرى قالت : قال النبيُّ (صلى الله عليه وآله) : إذا مرض العبد أوحى الله إلى ملائكته أن ارفعوا عن عبدي القلم ما دام في وثاقي ، فإنّي أنا حبسته ، حتّى أقبضه أو اُخلّي سبيله .

قال : فذكرت لبعض ولده فقال : كان أبي يقول : أوحى الله إلى ملائكته  : اكتبوا لعبدي أجر ما كان يعمل في صحَّته .

4 ـ عن عليّ عن فاطمة رضي الله عنهما قالت : «قال لي رسول الله  (صلى الله عليه وآله) : يا حبيبة أبيها كلُّ مسكر حرام ، وكلّ مسكر خمر»[1] .

5 ـ عن سليمان بن أبي سليمان عن اُمّه اُمِّ سليمان قالت : دخلت على عائشة زوج النبيّ (صلى الله عليه وآله) فسألتها عن لحوم الأضاحيّ ، فقالت : قد كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) نهى عنها ، ثمَّ رخَّص فيها .

قدم عليُّ بن أبي طالب من سفر فأتته فاطمة بلحم من ضحاياها ، فقال  : «أو لم ينه عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟» فقالت : «إنَّه قد رخَّص فيها» . قالت : «فدخل عليٌّ على رسول الله  (صلى الله عليه وآله) فسأله عن ذلك ، فقال له : كلها من ذي الحجَّة إلى ذي الحجَّة»[2] .

6 ـ عن سيّدة النساء فاطمة ابنة سيِّد الأنبياء صلوات الله عليهم أنّها سألت أباها محمّداً (صلى الله عليه وآله) فقالت : «يا أبتاه! ما لمن تهاون بصلاته من الرجال والنساء ؟» قال : «يا فاطمة من تهاون بصلاته من الرجال والنساء ابتلاه الله بخمس عشرة خصلة: ستّ منها في دار الدنيا ، وثلاث عند موته ، وثلاث في قبره ، وثلاث في القيامة إذا خرج من قبره  .

أمّا اللّواتي تصيبه في دار الدّنيا : فالاُولى يرفع الله البركة من عمره، ويرفع الله البركة من رزقه ، ويمحو الله عزّوجلّ سيماء الصالحين من وجهه ، وكلّ عمل يعمله لا يؤجر عليه ، ولا يرتفع دعاؤه إلى السماء ، والسادسة ليس له حظّ في دعاء الصالحين .

وأمّا اللواتي تصيبه عند موته : فأوَّلهنَّ أنّه يموت ذليلاً ، والثانية يموت جائعاً ، والثالثة يموت عطشاً ، فلو سقي من أنهار الدنيا لم يرو عطشه .

وأمّا اللواتي تصيبه في قبره : فأوَّلهنَّ يوكِّل الله به ملكاً يزعجه في قبره ، والثانية يضيّق عليه قبره ، والثالثة تكون الظلمة في قبره .

وأمّا اللواتي تصيبه يوم القيامة إذا خرج من قبره : فأوَّلهنَّ أن يوكِّل الله به ملكاً يسحبه على وجهه والخلائق ينظرون إليه ، والثانية يحاسب حساباً شديداً ، والثالثة لا ينظر الله إليه ولا يزكّيه وله عذاب أليم»[3] .

 

4 ـ الاخلاق والآداب والسلوك :

1 ـ عن الحسين (رضي الله عنه) ، عن اُمِّه فاطمة رضي الله عنها ، قالت : قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إيّاكِ والبخل ، فإنَّه عاهة لا تكون في كريم . إيّاكِ والبخل فإنه شجرة في النار ، وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها أدخله النار . وعليكِ بالسخاء ، فإنَّ السخاء شجرة من شجر الجنّة ، أغصانها متدلّية إلى الأرض ، فمن أخذ منها غصناً قاده ذلك الغصن إلى الجنَّة[4] .

2 ـ عن فاطمة البتول بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قالت : قال رسول الله  (صلى الله عليه وآله) : شرار اُمّتي الَّذين غُذّوا بالنعيم ، الَّذين يأكلون ألوان الطعام ، ويلبسون ألوان الثياب ، ويتشدَّقون في الكلام[5] .

3 ـ عن فاطمة بنت الحسين ، عن جدّتها فاطمة الزهراء (عليها السلام) قالت : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا دخل المسجد صلّى على محمَّد وسلَّم ، وقال : « اللّهمَّ اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك » . وإذا خرج صلّى على محمّد وسلّم ثمّ قال : « اللّهمّ اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك »[6] .

4 ـ قالت (عليها السلام) : البشر في وجه المؤمن يوجب لصاحبه الجنّة ، والبشر في وجه المعاند المعادي يقي صاحبه عذاب النار[7] .

5 ـ عن زيد بن عليّ ، عن آبائه ، عن فاطمة ابنة النبيّ (صلى الله عليه وآله) قالت : سمعت النبيَّ (صلى الله عليه وآله) يقول : إنَّ في الجمعة لساعةً لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله عزّوجلّ فيها خيراً إلاّ أعطاه . قالت : فقلت : يا رسول الله أيُّ ساعة هي ؟ قال : إذا تدلّى نصف عين الشمس للغروب . قال : وكانت فاطمة تقول لغلامها: اسعد على السطح ، فإن رأيت نصف عين الشمس قد تدلّى للغروب فأعلمني حتّى أدعو[8] .

6 ـ قال ابن حمّاد الأنصاريُّ الدولابيُّ المتوفّى 310 : حدَّثنا أبو جعفر محمَّد بن عوف بن سفيان الطائيُّ الحمّصيُّ ، حدّثنا موسى بن أيُّوب النصيبيُّ ، حدّثنا محمَّد بن شعيب ، عن صدقة مولى عبد الرحمن بن الوليد ، عن محمّد ابن عليّ بن حسين ، قال : خرجت أمشي مع جدّي حسين بن عليّ إلى أرضه ، فأدركنا النعمّان بن بشير على بغلة له فنزل عنها ، وقال لحسين : أركب أبا عبدالله ، فأبى، فلم يزل يقسم عليه حتّى قال : أما إنّك قد كلَّفتني ما أكره ، ولكن أحدِّثك حديثاً حدَّثتنيه أمّي فاطمة : إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : « الرجل أحقُّ بصدر دابَّته وفراشه والصلاة في بيته ، إلاّ إماماً يجمع الناس » . فاركب أنت على صدر الدابّة و [أردفني خلفك] .

فقال النعمان : صدقت فاطمة ، حدَّثني أبي ـ وها هو ذا حيٌّ بالمدينة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : إلاّ أن يأذن، فلمّا حدّثه النعمان بهذا الحديث ركب حسين السرج ، وركب النعمان خلفه[9] .

7 ـ حدَّثنا أحمد بن يحيى الأوديُّ ، حدّثنا جبارة بن مغلّس ، حدّثنا عبيد بن الوسيم ، عن حسين بن الحسن ، عن أمّه فاطمة بن حسن ، عن أبيها ، عن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قالت : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لا يلومنّ إلاّ نفسه من بات وفي يده غَمَر[10] .

8 ـ حدّثنا أحمد بن يحيى الصوفيُّ ، حدّثنا عبد الرحمن بن دبيس ، حدّثنا بشير بن زياد ، عن عبدالله بن حسن ، عن اُمِّه ، عن فاطمة الكبرى(عليها السلام)، قالت : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ما التقى جندان ظالمان إلاّ تخلّى الله منهما ، فلم يبال أيُّهما غلب، وما التقى جندان ظالمان إلاّ كانت الدائرة على أعتاهما .

9 ـ وقالت (عليها السلام) في وصف ما هو خير للنساء : «خير لهنَّ ألاّ يرين الرجال ولا يرونهنَّ»[11] .

10 ـ عن جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن عليّ عن أبيه علىّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ عن اُمّه فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قالت  : «لمّا نزلت على النبىِّ (صلى الله عليه وآله) (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً )[12]، قالت فاطمة : «فتهيَّبت النبيَّ (صلى الله عليه وآله) أن أقول له : يا أبه ، فجعلت أقول له : يا رسول الله، فأقبل عليَّ فقال لي : يا بنيَّة لم تنزل فيك ولا أهلك من قبل ، أنت منّي وأنا منك ، وإنّما نزلت في أهل الجفاء والبذخ والكبر ، قولي : يا أبه ، فإنَّه أحبُّ للقلب وأرضى للربِّ ثمَّ قبَّل النبيُّ(صلى الله عليه وآله) جبهتي ، مسحني بريقه ، فما احتجت إلى طيب بعده»[13] .

11 ـ وقالت فاطمة (عليها السلام) : «من أصعد إلى الله خالص عبادته; أهبط الله إليه أفضل مصلحته»[14] .

12 ـ عن ليث بن أبي سليم عن عبدالله بن الحسن عن اُمّه فاطمة بنت الحسين عن أبيها عن اُمّه فاطمة ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «خياركم ألينكم مَناكِبَ، وأكرمهم لنسائهم»[15] .

13 ـ سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصحابه عن المرأة ما هي ؟ قالوا : عورةٌ ، قال: فمتى تكون أدنى من ربِّها ؟ فلم يدروا، فلمّا سمعت فاطمة (عليها السلام) ذلك قالت : «أدنى ما تكون من ربِّها أن تلزم قعر بيتها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «إنَّ فاطمة بضعة منّي»[16] .

14 ـ وعنها سلام الله عليها في حديث طويل ، قالت : «يا رسول الله! إنَّ سلمان تعجَّب من لباسي ، فو الَّذي بعثك بالحقِّ ما لي ولعليّ منذ خمس سنين إلاّ مَسك كبش نعلف عليه بالنهار بعيرنا ، فإذا كان اللّيل افترشناه ، وإنَّ مرفقتنا لَمِن أدم حشوها ليف ، فقال النبيّ  (صلى الله عليه وآله) : يا سلمان إنَّ ابنتي لفي الخيل السوابق»[17] .

15 ـ عن عليِّ بن الحسين بن عليّ (عليهما السلام) : «أ نَّ فاطمة بنت رسول الله  (صلى الله عليه وآله) استأذن عليها أعمى فحجبته ، فقال لها النبيُّ (صلى الله عليه وآله) : لم حجبته وهو لا يراك ؟ فقالت : يا رسول الله إن لم يكن يراني فأنا أراه ، وهو يشمّ الريح، فقال النبيُّ (صلى الله عليه وآله) : أشهد أنّك بضعة منّي»[18] .

16 ـ حدَّثنا يزيد بن سنان ، حدثّنا الحسن بن عليّ الواسطيّ ، حدّثنا بشير ابن ميمون الواسطيّ ، حدَّثنا عبدالله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، قال : حدَّثتني اُمّي فاطمة بنت الحسين عن فاطمة الكبرى بنت محمّد : إنّ رسول الله  (صلى الله عليه وآله) كان يعوِّذ الحسن والحسين ويعلّمهما هؤلاء الكلمات كما يعلِّمهما السورة من القرآن ، يقول : « أعوذ بكلمات الله التامّة من شرِّ كلِّ شيطان وهامَّة ، ومن كلِّ عين لامّة »[19].

17 ـ عن الزهراء صلوات الله عليها قالت : «دخل عليّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد افترشت فراشي للنوم ، فقال : يا فاطمة لا تنامي إلاّ وقد عملت أربعة : ختمت القرآن ، وجعلت الأنبياء شفعاءَك ، وأرضيت المؤمنين عن نفسك ، وحججت واعتمرت . قال هذا وأخذ في الصلاة ، فصبرت حتّى أتمّ صلاته ، قلت : يا رسول الله إنّك أمرت بأربعة لا أقدر عليها في هذا الحال ! فتبسَّم (صلى الله عليه وآله) ]  وقال  [ : إذا قرأت (قل هو الله أحد) ثلاث مرّات فكأنَّك ختمت القرآن ، وإذا صلّيت عليَّ وعلى الأنبياءِ قبلي كُنّا شفعاءَك يوم القيامة ، وإذا استغفرت للمؤمنين رضوا كلُّهم عنك ، وإذا قلت : سبحان الله والحمد لله ولا اله إلاّ الله والله أكبر ، فقد حججت واعتمرت»[20] .

18 ـ في حديث طويل قالت (عليها السلام) : «يا أبت فديتك ما الّذي أبكاك ؟» فذكر لها ما نزل به جبرئيل من الآيتين المتقدِّمتين ( وإنَّ جهنَّم لموعدهم أجمعين * لها سبعة أبواب لكلِّ باب منهم جزء مقسوم )[21] فسقطت فاطمة  (عليها السلام) على وجهها وهي تقول : «الويل ثمَّ الويل لمن دخل النار»[22] .

 

[1] دلائل الإمامة : 3 .

[2] « أهل البيت » لتوفيق أبو علم : 129 ، ومسند أحمد : 6 / 283 .

[3] سفينة البحار : 2 / 43 .

[4] « أهل البيت » لتوفيق أبو علم : 130 ـ 131 .

[5] المصدر السابق : 131 ، وتشدَّق في الكلام : اتّسع فيه من غير احتياط واحتراز .

[6] أهل البيت لتوفيق أبو علم : 129 ـ 131 . وعصبة الرجل : بنوه وقرابته لأبيه . وانتمى إليه فلان ، إذا ارتفع إليه في النسب .

[7] « تفسير الإمام » : 354 ، والمراد من الفقرة الثانية مداراة النواصب تقيّةً منهم .

[8] دلائل الإمامة : 5 .

[9] فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى : 301 رواه عن الدولابي .

[10] الغَمَر : الدَسَم .

[11] حلية الأولياء: 2 / 40 .

[12] النور  (24) : 63 .

[13] المناقب لابن شهر آشوب : 3 / 320 .

[14] بحار الأنوار : 71 / 184 .

[15] فاطمة الزهراء(عليها السلام) بهجة قلب المصطفى : 1 / 273، إلاّ أنّ في بعض المصادر عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) .

[16] بحار الأنوار : 43 / 92 .

[17] عوالم المعارف : 11 / 130 ، المسك بالفتح فالسكون : الجلد ، الأدم أيضاً : الجلد ، والمرفقة : المتّكاة والمخدَّة .

[18] ملحقات إحقاق الحق : 10 / 258 .

[19] الذّرّية الطاهرة ، لابن حمّاد الأنصاريّ الدولابيّ : 149 ، ط . جامعة المدرسين بقم .

[20] خلاصة الأذكار : 70 .

[21] الحجر (15) : 43 ـ 44 .

[22] بحار الأنوار : 8 / 303 .