2- أبو بكر بن أبي قحافة

قال عند مرضه الذي توفي فيه : ما آسى إلاّ على ثلاث خصال صنعتها ليتني لم أكن صنعتها … ليتني لم أكشف بيت فاطمة بنت رسول الله وأدخله الرجال، ولو كان أغلق على حرب. وفي تاريخ اليعقوبي ما لفظه (ليتني لم أفتش بيت فاطمة بنت رسول الله وادخله الرجال ولو كان أغلق على حرب.

3- عائشة بنت أبي بكر

زوجة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : روى الحاكم في مستدركه بسنده عن عائشة انها كانت إذا ذَكَرَتْ فاطمة (سلام الله عليها ) بنت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قالت : ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها إلاّ أن يكون الذي ولدها.

4 - ام سلمة زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله

قالت تزوجني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وفوّض أمر ابنته إليّ فكنت أؤدبها وكانت والله أأدب مني وأعرف بالاشياء كلها.

5- أبو سعيد الخدري

قال : لما نزلت هذه الآية ( وآت ذا القربى حقه ) دعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاطمة (سلام الله عليها ) فأعطاها فدكاً.

6- جابر بن عبدالله الأنصاري

قال : ما رأيت فاطمة تمشي الا ذكرت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تميل على جانبها الأيمن مرة وعلى جانبها الأيسر مرة وولدت فاطمة بمكة بعد النبوة بخمس سنين وبعد الاسراء بثلاث سنين في العشرين من جمادى الآخرة وأقامت مع أبيها بمكة ثماني سنين ثم هاجرت معه الى المدينة فزوجها من علي بعد مقدمها المدينة بسنتين أول يوم من ذي الحجة وروي انه كان يوم السادس ودخل بها يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة بعد بدر وقبض النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولها يومئذ ثماني عشرة سنة وسبعة أشهر وولدت الحسن (عليه السلام ) ولها اثنتى عشرة سنة.

7- أنس بن مالك

قال سألت أمي عن صفة فاطمة (عليها السلام ) ف قالت : كانت كأنها القمر ليلة البدر أو الشمس كُفِّرت غماماً أو خرجت من السحاب.

8 - اسماء بنت عميس

قالت لي فاطمة (عليها السلام ) في مرضها الذي توفيت فيه- إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء أنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها لمن رأى فقالت أسماء يا بنت رسول الله أريك شيئاً رأيته بأرض الحبشة قالت : فدعت بجريدة رطبة فحنتها (أي عطفتها ثم طرحت عليها ثوباً) فقالت فاطمة (عليها السلام ) ما أحسن هذا وأجمله لاتعرف به المرأة من الرجل ( و في رواية اخرى فتبسمت فاطمة (سلام الله عليها ) وما رؤيت متبسمة الا يومئذ ) قالت أسماء قالت فاطمة: فإذا مت فغسليني انت ولا يدخلن علي أحد، فلما توفيت فاطمة (عليها السلام ) جاءت عايشة (رضى الله عنها لتدخل عليها فقالت اسماء لا تدخلي فكلمت عايشة أبا بكر (رضى الله عنهما ، فقالت ان هذه الخثعمية تحول بيننا وبين ابنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد جعلت لها مثل هودج العروس فجاء أبو بكر فوقف على الباب فقال : يا أسماء ما حالك على ان منعت أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجعلت لها مثل هودج العروس فقالت اسماء لابي بكر: هي أمرتني ان لايدخل عليها أحد، وأريتها هذا الذي صنعت وهي حية فأمرتني ان اصنع لها ذلك فقال أبو بكر (رضى الله عنه))اصنعي ما أمرتك فانصرف وغسلها عليٌّ واسماء.

 

قبسات مضيئة من مناقبها التي انفردت بها على سائر النساء :

تميزت فاطمة الزهراء (عليها السلام ) دون سائر النساء بأن أباها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأنها أحب أهله اليه وقد تقدم قول النبي ( صلى الله (عليه وسلم : ( فاطمة بضعة مني من سرّها فقد سرّني ومن ساءها فقد ساءني فاطمة أعز البريّة علي ) .

وقد نقل صاحب البحار أعلى الله مقامه قول المرتضى (رحمه الله : التفضيل هو كثرة الثواب بان يقع إخلاص ويقين ونية صافية ولا يمتنع من ان تكون (عليها السلام ) قد فضلت علي أخواتها بذلك و قد ظهر من تعظيم الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لشأن فاطمة (عليها السلام ) و تخصيصها من بين سائرهن ما ربما لايحتاج الى الاستدلال عليه.

و نقل صاحب البحار ايضاً (رحمه الله عن جامع الترمذي وعن آخرين مسنداً ان جميعاً التيمي قال : دخلت مع عمتي على عائشة (بعد حرب الجمل) فقالت لها عمتي: ما حملك على الخروج على عليٍّ فقالت عائشة: دعينا فوالله ما كان أحد من الرجال احب الى رسول الله من علي ولا من النساء أحب إليه من فاطمة.

تميزت (صلوات الله عليها بأن زواجها كان بامر الله تعالى فلقد ذكر صاحب البحار (قدس سره ان سلمان الفارسي جاء الى أمير المؤمنين (عليه السلام ) فقال : اجب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فلما دخل عليه قال : أبشر يا علي فإن الله قد زوّجك بها (أي فاطمة) في السماء قبل أن ازوجكها في الأرض ولقد أتاني ملك وقال: أبشر يا محمد باجتماع الشمل وطهارة النسل.

وتميزت دون سائر النساء (صلوات الله عليها بانه لو لا علي لم يكن لفاطمة كفو على وجه الارض فقد روى المفضل بسنده الي الصادق (عليه السلام ) انه قال : (لولا ان الله تعالى خلق أمير المؤمنين لم يكن لفاطمة كفو على وجه الارض آدم فمن دونه).

وتميزت فاطمة كذلك بانها سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة وسيدة نساء هذه الامة وان ولداها الحسن والحسين (عليهما السلام هما سيدا شباب أهل الجنة ففي صحيح ابن ماجة في باب فضائل اصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) روى بسنده عن ابن عمر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما)

ومما تميزت به سيدة النساء فاطمة (سلام الله عليها ) ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) زفها الى علي بنفسه الشريفة قال المجلسي (قدس سره في البحار: فلما كانت ليلة الزفاف أتى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ببغلته الشهباء وثنى عليها قطيفة وقال لفاطمة: اركبي وأمر سلمان يقودها والنبي يسوقها فبينما هو في بعض الطريق إذ سمع النبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجبة فإذا هو بجبرئيل في سبعين ألفاً وميكائيل في سبعين ألفاً فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما أهبطكم الى الأرض قالوا: جئنا نزف فاطمة الى علي بن أبي طالب فكبّر جبرئيل وكبّر ميكائيل وكبّرت الملائكة وكبّر محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة.

ولمنزلتها الكريمة عند الله تعالى وجليل قدرها أنها (أي فاطمة) اول شخص يدخل الجنة فقد روى الذهبي في ميزان الاعتدال حديثاً عن النبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) اعترف هو بصحته بسنده عن ابي هريرة قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (اول شخص يدخل الجنة فاطمة ( سلام الله عليها )

ومما تميزت به فاطمة (سلام الله عليها ) ان الله تعالى حرم ذريتها علي النار فقد روى الحاكم في المستدرك بسنده عن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (ان فاطمة احصنت فرجها فحرّم الله ذريتها على النار) .

ومن مسند أحمد ابن حنبل عن عائشة قالت : لما مرض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دعا ابنته فاطمة فسارها فبكت ثم سارها فضحكت فسألتها عن ذلك؟ ف قالت : أما حيث بكيت فانه أخبرني انه ميت فبكيت ثم أخبرني أني أول أهل بيته لحوقاً به فضحكت ، قال صاحب كشف الغمة في الجزء الثاني من كتابه ما يلي: ان الطباع البشرية مجبولة على كراهة الموت مطبوعة على النفور منه محبة للحياة مايلةً اليها … في خبر طويل لا يسعنا ذكره باجمعه لطول المقام وفاطمة (عليها لسلام امرأة حديثة عهد بصبا ذات اولاد صغار وبعل كريم لم تقض من الدنيا إرباً وهي في غضارة عمرها وعنفوان شبابها يعرّفها أبوها أنها سريعة اللحاق به فتسلو موت أبيها (صلوات الله عليه وآله وتضحك طيبة نفسها بفراق الدنيا وفراق بنيها وبعلها فرحة بالموت … وهذا أمر عظيم لاتحيط الانس بصفته ولاتهتدي القلوب الى معرفته وما ذاك الا لأمر علمه الله من أهل هذا البيت الكريم وسراً أوجب لهم مزية التقديم فخصهم بباهر معجزاته وآياته.

عن الامام الباقر (عليه السلام ) قال : لفاطمة (عليها السلام ) وقفة علي باب جهنم فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كل رجل مؤمن أو كافر فيؤمر بمحب قد كثرت ذنوبه إلى النار، فتقرأ فاطمة بين عينيه محباً فتقول: الهي وسيدي سميتني فاطمة وفطمت بي من تولاني وتولى ذريتي من النار ووعدك الحق وانت لاتخلف الميعاد فيقول الله عز وجل صدقت يا فاطمة اني سميتك فاطمة وفطمت بك من أحبك وتولاك وأحب ذريتك وتولاهم من النار ووعدي الحق وأنا لا اخلف الميعاد، وانما أمرت بعبدي هذا الى النار لتشفعي فيه فاشفّعك فيتبيَّن لملائكتي وانبيائي ورُسُلي وأهل الموقف موقعك مني ومكانك عندي فمن قرأت بين عينيه مؤمنا أو محباً فخذي بيده وادخليه الجنة.

عن علي (عليه السلام ) ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سئل ما البتول؟ فإنّا سمعناك يا رسول الله تقول ان مريم بتول وفاطمة بتول فقال : (البتول التي لم تر حمرة قط أي لم تحض فإن الحيض مكروه في بنات الانبياء).

روى الزهري عن علي ابن الحسين (عليهما السلام ) قال قال علي ابن ابي طالب (عليه السلام ) لفاطمة: سئلت اباك فيما سألت أين تلقينه يوم القيامة قالت : نعم قال لي: اطلبيني عند الحوض قلت: ان لم اجدك هيهنا قال : تجديني اذاً مستظلاً بعرش ربي ولن يستظل به غيري قالت فاطمة: قلت يا أبة أهل الدنيا يوم القيامة عراة؟ فقال نعم يا بنية وانه لايلتفت فيه أحد الى أحد قالت فاطمة (عليها السلام ) فقلت له: وا سوأتاه يومئذٍ من الله عز وجل فما خرجت حتى قال لي: هبط علي جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام ) قال لي يا محمد إقرأ فاطمة السلام وأعلمها انها استحيت من الله تبارك وتعالى فاستحى الله منها فقد وعدها ان يكسوها يوم القيامة حلتين من نور قال عليٌ (عليه السلام ) فقلت لها: فهلا سألتيه عن ابن عمك؟ فقالت قد فعلت فقال ان علياً اكرم على الله عزوجل من أن يعريه يوم القيامة.

عن ام سلمى قالت : اشتكت فاطمة (سلام الله عليها ) شكواها التي قبضت فيها فكنت أمرضها فأصبحت يوماً كأمثل ما رأيتها في شكواها تلك قالت – و خرج علي (عليه السلام ) لبعض حاجته ف قالت : يا أمة إسكبي لي غسلاً فسكبت لها غسلاً فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ثم قالت يا أمة قدمي لي فراشي وسط البيت ففعلت و اضطجعت و استقبلت القبلة و جعلت يدها تحت خدها ثم قالت : يا أمة اني مقبوضة فقبضت مكانها.

عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام ) أنه قال : (ان فاطمة (عليها السلام ) مكثت بعد رسول الله خمسة وسبعين يوماً وكان دخلها حزن شديد على أبيها وكان يأتيها جبرئيل فيحسن عزاءها على أبيها ويطيّب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها وكان عليٌ (عليه السلام ) يكتب ذلك).

ومما تميزت به (سلام الله عليها ) ان المهدي (عجل الله تعالى فرجه من ولدها قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( المهدي من ولد فاطمة ) .

ونتيجة لما وقع عليها من الظلم بقي قبرها مجهولاً.

 

شذرات متنوعة من سيرتها (صلوات الله وسلامه عليها ):

1 ـ عبادتها :

روى الامام الصادق (عليه السلام ) بسنده الى الامام الحسن بن علي (عليه السلام ) انه قال : (رأيت أمي فاطمة (عليها السلام ) قامت في محرابها ليلة جمعة فلم تزل راكعة وساجدة حتى انفجر عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم ولاتدعوا لنفسها بشيء فقلت لها: يا أماه لم لاتدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت يابني الجار ثم الدار).

وعن الحسن البصري: ما كان في هذه الامة أعبد من فاطمة كانت تقوم حتى تورّم قدماها.

2 ـ زهدها :

ان الابرار الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه عرفوا الدنيا وما فيها من نعيم زائل فأعرضوا عنها بقلوبهم والتمسوا رضوان الله تعالى في مأكلهم وملبسهم واسلوب حياتهم فامرأة مثل الزهراء (عليها السلام ) وجلالة قدرها و عظم منزلتها كانت شملتها التي تلتف بها خَلِقه قد خيطت في اثني عشر مكاناً بسعف النخل نظر اليها سلمان يوماً فبكى وقال : واحزناه ان (بنات) قيصر وكسرى لفي السندس والحرير وابنة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) عليها شملة صوف خلقه قد خيطت في اثني عشر مكانا.

جاء في تفسير الثعلبي عن جعفر بن محمد (عليهما السلام ) وتفسير القشيري عن جابر الأنصاري قالا: رأى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاطمة وعليها كساء من أجلّة الابل وهي تطحن بيديها وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة فقالت : يا رسول الله الحمد لله على نعمائه والشكر لله على آلائه فانزل الله تعالى ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) .

قال ابن شاهين في مناقب فاطمة واحمد في مسند الانصار عن ابي هريرة وثوبان انهما قالا: كان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يبدأ في سفره بفاطمة ويختم بها، فجعلت وقتاً ستراً من كساء خيبرية لقدوم أبيها وزوجها فلما رآه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تجاوز عنها وقد عُرِف الغضب في وجهه حتى جلس على المنبر فنزعت قلادتها وقرطيها ومسكتيها ونزعت الستر فبعثت به الى أبيها و قالت : اجعل هذا في سبيل الله فلما أتاه قال (عليه السلام ) قد فعلت فداها أبوها ثلاث مرات ما لآل محمد وللدنيا فانهم خلقوا للآخرة وخلقت الدنيا لهم. وفي رواية احمد: فإن هؤلاء أهل بيتي ولا احب ان يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا.

و لعل في قصة العقد المبارك الذي قدمته الزهراء روحي فداها الى الفقير الذي جاء الى ابيها (صلى الله عليه و آله ) فارشده النبي الى دار فاطمة – و التي ستأتيك قصته انشاء الله – خير شاهد علي زهد الزهراء بأبي هي و أمي بكل ما هو موجود و يفتتن به الناس قدمته في سبيل الله تعالى لتضرب (عليها السلام ) اروع الامثلة في الاحسان و الايثار و المواسات.

 

3 ـ حياتها الزوجية :

قد تقدم قول امير المؤمنين علي (عليه السلام ) : فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عزّ وجلّ ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً ولقد كنت أنظر اليها فتنكشف عني الهموم والاحزان.

جاء في تفسير العياشي بسنده عن أبي جعفر (عليه السلام ) قال : (ان فاطمة ضمنت لعلي (عليه السلام ) عمل البيت والعجين والخبز وقمّ البيت وضمن لها عليٌ ما كان خلف الباب: نقل الحطب وان يجيء بالطعام فقال لها يوماً: يا فاطمة هل عندك شيء؟ قالت : والذي عظم حقك ما كان عندنا منذ ثلاثة أيام شيء نقريك به قال : أفلا أخبرتني؟ قالت : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نهاني أن أسألك شيئاً فقال : لا تسألين ابن عمك شيئاً ان جاءك بشيء (عفو) والا فلا تسأليه).

بعد زواج فاطمة (عليها السلام ) قال عليٌ قالت فاطمة لأبيها: يا أبة لا طاقة لي بخدمة البيت، فأخدمني خادماً تخدمني وتعينني على أمر البيت فقال لها: يا فاطمة أولا تريدين خيراً من الخادم؟ فقال عليٌ: قولي بلى قالت : يا أبه خيراً من الخادم فقال : تسبحين الله عز وجل في كل يوم ثلاثاً وثلاثين مرة وتحمدينه ثلاثاً وثلاثين مرة وتكبرينه أربعاً وثلاثين مرة فذلك مائة باللسان وألف حسنة في الميزان يا فاطمة انك ان قلتها في صبيحة كل يوم كفاك الله ما أهمك من أمر الدنيا والاخرة.

أقول هذه فاطمة بضعة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على مكانتها الجليلة مارست العمل البيتي ودأبت عليه مدة طويلة حتى قالت بعض الروايات انها: (استقت بالقربة حتى أثر في صدرها وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها وقمت البيت حتى اغبرّت ثيابها) ، ويوم جاءتها فضة خادمة لم تلق اليها كل الاعمال وتخلد هي الى الراحة بل ناصفتها العمل فيوم على الزهراء (سلام الله عليها ) ويوم على فضة. فيالعظمة الزهراء ورحمتها واحترامها لانسانية الانسان.

 

4 ـ باقة من كراماتها :

عن الثعلبي في قصص الانبياء والزمخشري في الكشاف في تفسير قوله تعالى: ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً ) في خبر طويل نقتطف منه ما يلي: قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لفاطمة: (يا بنية هل عندك شيء آكل فاني جائع؟ فقالت : لا والله بأبي أنت وامي فلما خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من عندها بعثت اليها جارة لها برغيفين وبضعة لحم فاخذته منها ووضعته في جفنة وغطت عليه و قالت : لأُوثرن بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على نفسي ومن عندي وكانوا جميعاً محتاجين الي شبعة من طعام فبعثت حسنا وحسيناً الى جدهما فرجع اليها فقالت : بابي انت وامي يا رسول الله قد اتانا الله بشيء فخبأته لك قال فهلمي به فأتي به فكشفت عن الجفنة فإذا هي مملوؤة خبزاً ولحماً فلما نظرت اليه بهتت وعرفت انها بركة من الله فحمدت الله تعالى وصلت على نبيه فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أين لك هذا يابنية؟ قالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب فقال رسول الله الحمد لله جعلك شبيهة بسيدة نساء بني اسرائيل فانها كانت اذا رزقها الله رزقاً حسناً فسُئلت عنه قالت ( هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب ) ، فبعث الرسول الى علي (عليه السلام ) فأتى فأكل الرسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليها السلام ) وجميع أزواج النبي حتى شبعوا وبقيت الجفنه كما هي قالت فاطمة: واوسعت منها على جميع جيراني وجعل الله فيها بركة وخيراً طويلاً وكان اصل الجفنة رغيفين وبضعة لحم والباقي بركة من الله).

عن الحسن البصري وابن إسحاق عن عمار وميمونة ان كليهما قالا: وجدت فاطمة نائمة والرّحى تدور فاخبرت رسول الله بذلك فقال :(ان الله علم ضعف امته فأوحى الى الرّحى ان تدور فدارت).

رهنت فاطمة (عليها السلام ) كسوة لها عند امرأة زيد اليهودي في المدينة واستقرضت الشعير فلما دخل زيد داره قال : ما هذه الانوار في دارنا قالت : لكسوة فاطمة فأسلم في الحال واسلمت امرأته وجيرانه حتى أسلم ثمانون نفساً.

عن علي بن معمر قال : خرجت ام ايمن الي مكة بعد وفاة فاطمة (عليها السلام ) و قالت : لا ارى المدينة بعدها، فاصابها عطش شديد في الجحفة حتى خافت على نفسها قال : فكسرت عينيها نحو السماء ثم قالت : يا رب أتعطشني و أنا خادمة بنت نبيك قال : فنزل إليها دلو من ماء الجنة فشربت و لم تجع و لم تعطش سبع سنين.

هذا غيض من فيض كراماتها ( عليها السلام ) ذكرناه استطراداً ولو أردنا التفصيل لذكرنا من كراماتها حديث المقداد وخبر الطائر والرمان والعنب والتفاح وخبر العقد وغيرها.

 

5 ـ عفافها وحجابها :

سأل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أصحابه عن المرأة متى تكون أدنى من ربها فلم يدروا فلما سمعت فاطمة (عليها السلام ) ذلك قالت : أدنى ما

تكون من ربها تلزم قعر بيتها فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ان فاطمة بضعة مني.

وحين سُئلت (عليها السلام ) أي شيء خير للنساء أجابت: وخير لهن ان لايرين الرجال ولايراهن الرجال.

قال علي (عليه السلام ) : استأذن اعمى على فاطمة عليها السلام فحجبته فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لها لم حجبتيه وهو لايراك؟ فقالت ( عليها السلام ) ان لم يكن يراني فاني أراه وهو يشم الريح فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أشهد انك بضعة مني.

 

6 ـ فصاحتها وبلاغتها :

قالت عائشة ما رأيت أحد من خلق الله أشبه حديثاً وكلاماً برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من فاطمة.

ومن يعرف مواضع الجودة في الكلام ويلتمس بدائع الصنعة فيه يرى ان الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها ) التي لم تبلغ من العمر ما به تستطيع ان تغنيها التجارب وتجري بين يديها الأمثال ثمانية عشر عاماً هو كل عمرها المبارك ومع هذا فقد امتطت ناصية الكلام وجاءت بالعجب العجاب وحيّرت العقول والالباب بما احتوي منطقها من حكمة وفصل الخطاب وهي المثكولة بأبيها خاتم الانبياء ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولا عجب فهم أئمة الكلام وأمراء البيان ومن يتأمل خطبتها سلام الله عليها التي رددتها الاجيال وتناولها المحققون والشراح يجد ما نرمي اليه جلياً واضحاً. قال العلامة المحقق علي بن عيسى الاربلي صاحب كشف الغمة في خطبتها سلام الله عليها في محفل من المهاجرين والانصار ( انها من محاسن الخطب وبدايعها عليها مسحة من نور النبوة وفيها عبقة من أرج الرسالة وقد اوردها الموالف والمخالف ) .

 

7 ـ إنفاقها في سبيل الله :

سافر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مرة وقد اصاب علي شيئاً من الغنيمة فدفعه الى فاطمة فعملت به سوارين من فضة وعلقت على بابها ستراً فلما قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله ) وسلم دخل المسجد ثم توجه نحو بيت فاطمة كما كان يصنع فقامت فرحةً الى أبيها صبابة وشوقاً اليه فنظر فإذا في يدها سواران من فضة واذا على بابها ستر فقعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث ينظر اليها فبكت فاطمة وحزنت، ثم دعت ابنيها فنـزعت الستر والسوارين وقالت لهما اقرأ ابي السلام وقولا له ما احدثنا بعدك غير هذا فشأنك به اجعله في سبيل الله فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله : رحم الله فاطمة ليكسونها الله بهذا الستر من كسوة الجنة وليحلينها بهذين السوارين من حلية الجنة.

جاء أعرابي الى النبي (صلى الله عليه وآله ) و (سلم فقال يا نبي الله أنا جائع فأطعمني وعاري الجسد فاكسني وفقير فارشني فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما أجد لك شيئاً ولكن الدال على الخير كفاعله انطلق الى منزل من يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله انطلق الى حجرة فاطمة وكانت فاطمة وعلي (عليهما السلام) ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد مر عليهم ثلاثة أيام ما طعموا منها طعامً فجاء الاعرابي اليها وسألها المعونة فاعطته عقداً كان في عنقها أهدته لها بنت عمها فاطمة بنت حمزة بن عبدالمطلب وقالت له خذه وبعه فعسى الله ان يعوّضك به ما هو خير منه فجاء به الى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم فبكى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم ان عمار بن ياسر اشترى العقد بعشرين ديناراً ومائتا درهم هجرية وبردة يمانية وراحلة واشبعه من الخبز واللحم ثم ان عمار طيب العقد ولفه ببردة يمانية وقال لعبده سهم خذ هذا العقد فادفعه الى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وانت له فاخذ المملوك العقد فقدمه الى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم واخبره بقول عمار فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انطلق الى فاطمة فادفع اليها العقد وانت لها فجاء المملوك الى فاطمة (عليها السلام ) واخبرها بقول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاخذت العقد واعتقت المملوك فضحك المملوك فقالت له ما يضحكك قال اضحكني عظم بركة هذا العقد اشبع جائعاً وكسى عرياناً واغنى فقيراً واعتق مملوكاً ورجع الى ربه.

<<<<

  >>>>