الصفحة 226

وهذا الحديث مسلسل من وجه آخر، وهو أنّ كلّ واحدة من الفواطم تروي عن عمّة لها.(1)

ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم

قال ابن قتيبة (ت 276 هـ): وخرج علي كرّم الله وجهه يحمل فاطمة (عليها السلام)بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا(2) قبل أبي بكر ما عدلنا به، فيقول علي

____________

1- نزهة الحفاظ، الأصبهاني المديني: 101، أسنى المطالب، الجزري: 49، الضوء اللامع: 9 / 256 رقم: 806، البدر الطالع، الشوكاني: 2 / 297 رقم: 513.

2- كان الواجب عليهم هم الذين يذهبون لبيعته، ويسارعون إلى طاعته وحفظ حقّه وولايته عليهم لإنّه الإمام بالنص، لا أن يسارع هو إليهم، فإن الإمام يؤتى ولا يأتي ولهذا جاء في الخبر كما عن ابن الأثير بسنده عن الصنايجي عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنت بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتي، فإن أتاك القوم فسلموها إليك ـ يعني الخلافة ـ فأقبل منهم، وإن لم يأتوك فلا تأتهم حتى يأتوك (أسد الغابة، ابن الأثير: 4 / 31).

وروى الديلمي في الفردوس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي إنّما أنت بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتي فإن أتاك هؤلاء القوم فسلموا لك هذا الأمر فاقبله منهم، وإن لم يأتوك فلا تأتهم. (الفردوس بمأثور الخطاب، الديلمي: 5 / 315 ح 8300، ينابيع المودّة، القندوزي الحنفي: 2 / 85 ح 158.

وقد اعترف بهذا أيضاً عمر بن الخطاب فقد روي إنّه نزلت به نازلة، فقام لها وقعد وترنح لها وتفطر وعرَّف أصحابه أنّه ليس لهذه النازلة غير علي أمير المؤمنين؟ فقال لهم: هيهات! إنّ هناك شمخاً من هاشم، وأثرة من علم، ولحمة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤتى ولا يأتي، فامضوا بنا إليه. (شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 12 / 79 ـ 80).


الصفحة 227
كرم الله وجهه: أفكنت أدع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيته لم أدفنه وأخرج أنازع الناس سلطانه؟

فقالت فاطمة (عليها السلام): ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما لله حسيبهم وطالبهم.(1)

فاطمة (عليها السلام) تستنصر لأمير المؤمنين (عليه السلام)

ورواها أيضاً الجوهري (ت 323 هـ) بسنده عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) أنّ علياً حمل فاطمة (عليها السلام) على حمار وسار بها ليلا إلى بيوت الأنصار يسألهم النصرة وتسألهم فاطمة (عليها السلام) الاستنصار له، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد مضت بيعتنا لهذا الرجل! لو كان ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به!

فقال علي (عليه السلام): أكنت أترك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ميتاً في بيته لا أجهزه وأخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه؟!

وقالت فاطمة (عليها السلام): ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له، وصنعوا هم ما الله حسبهم عليه(2).(3)

____________

1- الإمامة والسياسة، ابن قتيبة: 19، أعلام النساء، كحالة: 4 / 114.

2- السقيفة وفدك، الجوهري: 61 ـ 62، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 13.

3- وقد بلغ من شهرة هذا الحديث وتواتره أن استشهد به معاوية في كتابه المشهور إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ يقول له في كتابه: وأعهدك أمس تحمل قعيدة بيتك ليلا على حمار ويداك في يدي ابنيك الحسن والحسين (عليهما السلام)يوم بويع أبو بكر فلم تدع أحداً من أهل بدر والسوابق إلاّ دعوتهم إلى نفسك ومشيت إليهم بامرأتك وأدليت إليهم بابنيك واستنصرتهم على صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يجبك منهم إلاّ أربعة أو خمسة، ومهما نسيت فلا أنسى قولك لأبي سفيان، لما حركك وهيجك: لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم... (شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 47).


الصفحة 228

لا حاجة لي في حضوركن

اليعقوبي: وكان بعض نساء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أتينها في مرضها فقلنَّ: يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! صيّري لنا في حضور غسلك حظّاً!

قالت (عليها السلام): أتردن تقلن فيَّ كما قلتن في اُمّي (عليها السلام) لا حاجـة لي في حضوركنّ.

فما حُفظ لي الحق ولا رعيت مني الذمة

ودخل إليها في مرضها نساء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيرهنّ من نساء قريش فقلن: كيف أنت؟

قالت (عليها السلام): أجدني والله كارهة لدنياكم، مسرورة لفراقكم، ألقى الله ورسوله بحسرات منكنَّ، فما حفظ لي الحقّ، ولا رُعيت مني

الصفحة 229
الذمّة، ولا قُبلت الوصية، ولا عرفت الحرمة.(1)

ولا تُدخلي عليَّ أحداً

أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن موسى، عن عون ابن محمد بن علي بن أبي طالب، عن اُمّه اُمّ جعفر بنت محمد بن جعفر، وعن عمار بن المهاجر، عن اُمّ جعفر أنّ فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قالت لأسماء بنت عميس: يا أسماء، إنّي قد استقبحت ما يصنع بالنساء، إنّه يطرح على المرأة الثوب فيصفها.

فقالت أسماء: يا بنت رسول الله، ألا اُريك شيئاً رأيته بأرض الحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة فحنّتها ثمّ طرحت عليها ثوباً.

فقالت فاطمة (عليها السلام): ما أحسن هذا وأجمله، تعرف به المرأة من الرجل، فإذا أنا متّ فاغسليني أنت وعلي، ولا تدخلي عليَّ أحداً....(2)

____________

1- تاريخ اليعقوبي: 2 / 115.

2- الاستيعاب: 4 / 1897 ـ 1898، الذرية الطاهرة: 1 / 112 ح 214، حلية الأولياء، الأصبهاني: 2 / 43، تاريخ اليعقوبي: 2 / 115، السنن الكبرى، البيهقي: 4 / 34.


الصفحة 230

لئن لقيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأشكونكما إليه

ذكر ابن قتيبة خبر دخول الشيخين على فاطمة (عليها السلام) وذلك بعد تفاقم الأمر، قال: فقال عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى فاطمة (عليها السلام) فإنا قد أغضبناهما، فانطلقا جميعاً، فاستأذنا على فاطمة (عليها السلام)، فلم تأذن لهما، فأتيا عليّاً (عليه السلام)فكلّماه، فأدخلهما عليها، فلما قعدا عندها، حوّلت وجهها إلى الحائط! فسلّما عليها فلم ترد عليهما السلام.

فتكلّم أبوبكر فقال: يا حبيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والله إنّ قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)أحبُّ إليّ من قرابتي، وإنّكِ لأحبّ إليّ من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات أبوك أني مت، ولا أبقى بعده، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقّك وميراثك من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلا أني سمعت أباكِ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: لا نورث، ما تركناه فهو صدقة.

فقالت (عليها السلام): أرايتكما أن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)تعرفانه وتفعلان به؟

قالا: نعم.

فقالت (عليها السلام): نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبّني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني.


الصفحة 231
قالا: نعم، سمعنا، من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

قالت: فإني أُشهد الله وملائكته، أنكما أسخطتماني، وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأشكونكما إليه.

والله لأدعون الله عليك في كل صلاة

فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة!

ثم انتحب أبو بكر يبكي، حتى كادت نفسه أن تزهق، وهى تقول: والله، لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها.

ثم خرج باكياً... الخ(1)

والله لأدعون الله عليك

قال أبو بكر الجوهري: وروى هشام بن محمد عن أبيه قال: قالت فاطمة (عليها السلام)لأبي بكر: إنّ أم أيمن تشهد لي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)أعطاني فدك، فقال لها: يا ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والله ما خلق الله خلقاً أحب إليّ من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبيك، ولوددت أن السماء وقعت على الأرض يوماً مات أبوك، والله لأن تفتقر عائشة أحب إليَّ من أن

____________

1- الإمامة والسياسة، ابن قتيبة: 1 / 20، أعلام النساء، كحالة: 4 / 123 ـ 124.


الصفحة 232
تفتقري، أتراني أعطي الأحمر والأبيض حقه وأظلمك حقك، وأنت بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إن هذا المال لم يكن للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنما كان مالا من أموال المسلمين. يحمل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) به الرجال، وينفقه في سبيل الله، فلما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وليته كما كان يليه.

قالت (عليها السلام):: والله لا كلمتك أبداً.

قال: والله لا هجرتك أبداً.

قالت: والله لأدعون الله عليك.

قال: والله لأدعون الله لك.

فلما حضرتها الوفاة أوصت ألا يصلّي عليها، فدفنت ليلا(1).

أوصت ألا يصلّي عليها أبو بكر

أبو بكر الجوهري: فلما حضرتها (عليها السلام) الوفاة أوصت ألا يصلي عليها (أبو بكر) فدفنت ليلا(2).

قال الجاحظ (ت 225 هـ).. وقد طالت المناجاة، وكثرت المراجعة والملاحاة، وظهرت الشكية، واشتدت الموجدة. وقد بلغ

____________

1- السقيفة وفدك، الجوهري: 101 ـ 102، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 16 / 214.

2- السقيفة وفدك، الجوهري: 102، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 16 / 214.


الصفحة 233
ذلك من فاطمة (عليها السلام)، حتى إنّها أوصت ألا يصلي عليها أبو بكر.(1)

لا يُشهد أحداً جنازتها ممن غضبت عليهم

قال الأستاذ توفيق أبو علم: وقد أوصت الزهراء علياً عليهما السلام بثلاث وصايا وذكر منها الثالثة قال:

أن لا يشهد أحد جنازتها، ممن كانت غاضبة عليهم، وأن تدفن (عليها السلام) ليلا(2).

فادفني ليلا ولا تؤذنن بي أبابكر وعمر

روي أنه لما حضرت فاطمة صلى الله عليها الوفاة أوصت أمير المؤمنين (عليه السلام).. فقالت (عليها السلام): إذا أنا مت فادفني ليلا ولا تؤذنن بي أبابكر وعمر، قال: فلما اشتدت عليها اجتمع إليها نساء من المهاجرين والأنصار فقلن: كيف أصبحت يا ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

فقالت: أصبحت والله عائفة لدنياكم(3).

____________

1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 16 / 264، الرسائل السياسية: 467.

2- أهل البيت (عليهم السلام)، توفيق أبو علم: 184.

3- السقيفة وفدك، الجوهري: 145.


الصفحة 234

لا يصليا على جنازتي ولا يقوما على قبري!

ابن أبي الحديد عن الشافي: على ما وردت به الروايات المستفيضة الظاهرة التي هي كالتواتر، أنها (عليها السلام) أوصت بأن تدفن ليلا حتى لا يصلي الرجلان عليها! وصرحت بذلك وعهدت فيه عهداً بعد أن كانا استأذنا عليها في مرضها ليعوداها، فأبت أنت تأذن لهما!!

فلما طالت عليهما المدافعة رغبا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في أن يستأذن لهما، وجعلاها حاجة إليه، وكلمها (عليه السلام) في ذلك، وألحّ عليها.

فأذنت لهما في الدخول، ثم أعرضت عنهما عند دخولهما ولم تكلّمهما!!

فلما خرجا قالت (عليها السلام) لأمير المؤمنين (عليه السلام): هل صنعتُ ما أردت؟

قال (عليه السلام): نعم.

قالت (عليها السلام): فهل أنت صانع ما آمرُك به؟

قال: نعم.

قالت: فإني أنشدك الله ألا يُصلِّيا على جنازتي، ولا يقوما على قبري(1).

____________

1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 16 / 281.


الصفحة 235

وأوصت أن تدفن ليلا لئلا يحضرها

قال ابن قتيبة: وقد طالبت فاطمة (عليها السلام) أبا بكر بميراث أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما لم يعطها إياه، حلفت لا تكلّمه أبداً، وأوصت (عليها السلام) أن تدفن ليلا، لئلا يحضرها، فدفنت (عليها السلام) ليلا.(1)

قال ابن عبد البر: فاطمة (عليها السلام) أول من غطي نعشها في الإسلام.. وكانت (عليها السلام)أشارت على زوجها أن يدفنها ليلا(2).

قال محيي الدين النووي: وأوصت أن تدفن ليلا ففعل علي (عليه السلام)ذلك بها، ونزل في قبرها علي (عليه السلام) والعباس والفضل بن العباس(3).

وادفني بالليل ولا تعلم أحداً

عن الخوارزمي قال: وكشف علي (عليه السلام) وجه فاطمة (عليها السلام) فإذا برقعة عند رأسها فنظر فيها فإذا فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما

____________

1- تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة: 300.

2- الاستيعاب، ابن عبد البر: 4 / 1898، وفاء الوفا، السمهودي: 3 / 905، تهذيب الكمال، المزي: 35 / 252، ترجمة رقم: 7899.

3- تهذيب الأسماء واللغات، النووي: 2 / 353، رقم: 755.


الصفحة 236
أوصت به فاطمة (عليها السلام) بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصت وهي تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وأن الجنة حقّ، وأن النار حقّ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، يا علي أنا فاطمة بنت محمد زوجني الله منك لأكون لك في الدنيا والآخرة فأنت أولى بي من غيرك فحنطني وكفني وغسلني بالليل، وصل عليّ وادفني بالليل، ولا تعلم أحداً، واستودعك الله وأقرأ على ولدي السلام الى يوم القيام!

هذه بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

فلما جن الليل غسلها علي (عليه السلام) ووضعها على السرير، وقال للحسن: ادع لي أبا ذر فدعاه فحملاه إلى المصلّى فصلّى عليها ثم صلّى ركعتين ورفع يديه إلى السماء ونادى هذه بنت نبيك فاطمة (عليها السلام)، أخرجها من الظلمات إلى النور فأضاءت الأرض ميلا في ميل فلما أراد أن يدفنها نودي من بقعة من البقيع إليّ إليّ فقد رفع تربتها فنظر فإذا بقبر محفور فحمل السرير إليه فدفنها (عليها السلام).

فلما رجع عليّ والحسن والحسين (عليهما السلام) جلس علي وقال: يا أرض أستودعك وديعتي، هذه بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنودي منها: يا علي أنا أرفق بها منك فارجع ولا تهم، فرجع وانسد القبر واستوى في

الصفحة 237
الأرض فلم يعلم أين كان إلى يوم القيامة(1).

ودفنها عليٌ (عليه السلام) ليلا

الأصبهاني قال: حدّثنا سليمان بن أحمد، عن أبي زرعة الدمشقي، عن أبي اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: قالت: توفّيت فاطمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بستّة أشهر، ودفنها عليّ ليلا(2).

ابن أبي شيبة: حدثنا سفيان بن عينية عن عمرو ـ بن دينار ـ عن حسن بن محمد: أن فاطمة (عليها السلام) دفنت ليلا.

ابن أبي شيبة: حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن معمر عن الزهري عن عروة أن علياً (عليه السلام) دفن فاطمة (عليها السلام) ليلا(3).

ابن سعد: أخبرنا مطرف بن عبدالله اليساري، حدّثنا عبدالعزيز ابن أبي حازم عن محمد بن عبدالله عن الزهري قال: دُفنت فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلا ودفنها علي (عليه السلام).

____________

1- مقتل الحسين (عليه السلام)، الخوارزمي: 1 / 85 ـ 86.

2- حلية الأولياء، الأصبهاني: 2 / 42، المعجم الكبير، الطبراني: 22 / 398 ح 989 و 991.

3- الكتاب المصنف، ابن أبي شيبة: 3 / 31 ح 11826 و11827، أنساب الأشراف، البلاذري: 2 / 33.


الصفحة 238
أخبرنا أنس بن عياض، حدثنا يونس بن يزيد الأيلي عن ابن شهاب قال: دفنت فاطمة (عليها السلام) ليلا، دفنها علي (عليه السلام).

أخبرنا محمد بن عبدالله الأسدي، حدّثنا سفيان عن معمر عن الزهري عن عروة أن علياً (عليه السلام) دفن فاطمة (عليها السلام) ليلا.

أخبرنا عبيد الله بن موسى ووكيع قالا: حدّثنا إسرائيل، عن جابر، عن محمد بن علي (عليه السلام) قال: دفنت فاطمة (عليها السلام) ليلا.

أخبرنا وكيع، عن موسى بن علي، عن بعض أصحابه أنّ فاطمة (عليها السلام) دفنت ليلا.

أخبرنا عمر بن سعد أبو داود الحضري عن سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة أنّ عليّاً (عليه السلام) دفن فاطمة (عليها السلام) ليلا.

أخبرنا محمد بن مصعب، حدّثنا الأوزاعيّ عن يحيى بن سعيد أن فاطمة (عليها السلام)دفنت ليلا(1).

وروى سفيان بن عيينة، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن بن محمد بن الحنفية: أن فاطمة (عليها السلام) دفنت ليلا(2).

____________

1- الطبقات الكبرى، ابن سعد: 8 / 29 ـ 30.

2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 16 / 280.


الصفحة 239

فرّ بها عليٌّ (عليه السلام) من أبي بكر أن يصلي عليها

عبد الرزاق عن ابن جريج وعمرو بن دينار أن حسن بن محمد أخبره أن فاطمة بنت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دفنت بالليل قال: فرّ بها عليٌّ (عليه السلام)من أبي بكر أن يصلّيَ عليها، كان بينهما شيءٌ.

عبد الرزاق عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن حسن بن محمد مثله إلاّ أنه قال: أوصته بذلك(1).

دفنها علي (عليه السلام) ليلا وصلى عليها

ابن حجر: ومن طريق علي بن الحسين (عليه السلام) أن علياً صلى عليها ودفنها بليل بعد هدأة(2).

ابن حبان: توفيت (عليها السلام) بعد أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) بستة أشهر وصلى عليها علي (عليه السلام) ولم يؤذن بها أحداً، ودفنها ليلا(3).

روى القاضي أبو بكر: أحمد بن كامل بإسناده في تاريخه عن الزهري قال: حدثني عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته أنّ فاطمة (عليها السلام)عاشت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ستة أشهر. فلما توفيت دفنها علي (عليه السلام)

____________

1- المصنف، الصنعاني: 3 / 521 ح 6554 و6555.

2- الإصابة، ابن حجر: 8 / 268.

3- كتاب الثقات، ابن حبان: 3 / 334.


الصفحة 240
ليلا وصلى عليها(1).

ابن سعد: أخبرنا محمّد بن عمر، حدثنا معمر عن الزهري عن عروة أنّ عليّاً (عليه السلام) صلى على فاطمة (عليها السلام)(2).

وقال في معرفة الثقات: ودفنها علي بن أبي طالب (عليه السلام) ليلا وغسلها وصلّى عليها(3).

وفي صحيح مسلم:.. ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها علي (عليه السلام)(4).

لم يشعر بها أبو بكر وصلّى عليها علي (عليه السلام)

الحاكم بسنده عن عروة، عن عائشة قالت: دفنت فاطمة (عليها السلام)بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلا دفنها علي (عليه السلام) ولم يشعر بها أبو بكر حتى دفنت وصلى عليها علي بن أبي طالب (عليه السلام)(5).

البيهقي: عن عائشة.. فلما توفيت (عليها السلام) دفنها علي (عليه السلام) ليلا ولم

____________

1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 16 / 280.

2- الطبقات الكبرى، ابن سعد: 8 / 29.

3- معرفة الثقات: 2 / 458، رقم: 2348.

4- صحيح مسلم: 3 / 1380 ح 1759. وراجع أيضاً: الاستيعاب، ابن عبدالبر: 4 / 1898، تهذيب الكمال المزي: 35 / 252، مقتل الحسين، الخوارزمي: 1 / 83.

5- المستدرك على الصحيحين، الحاكم: 3 / 162 ـ 163.


الصفحة 241
يؤذن بها أبابكر وصلى عليها علي (عليه السلام)(1).

ابن حجر: حدثني محمد بن رافع، حدثنا حجين، حدثنا ليث عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة.. وعاشت (عليها السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ستة أشهر. فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب (عليه السلام) ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلى عليها علي (عليه السلام)..(2).

دفنها ليلا... ولم يعلموا بها أحداً

قال الواقدي: وثبت عندنا أن علياً (عليه السلام) دفنها ليلا، وصلى عليها ومعه العباس والفضل ولم يعلموا بها أحداً(3).

ولم يؤذن بها أحد

قال ابن حبان في الثقات: وصلى عليها علي (عليه السلام) ولم يؤذن بها أحد، ودفنها ليلا..(4).

قال اليعقوبي: ودفنت (عليها السلام) ليلا، ولم يحضرها أحد إلا سلمان

____________

1- السنن الكبرى، البيهقي: 4 / 29.

2- الوقوف على ما في صحيح مسلم من الموقوف، ابن حجر: 94 ح 114.

3- السيرة الحلبية، الحلبي: 3 / 487.

4- كتاب الثقات، ابن حبان: 3 / 334 ح 1092.


الصفحة 242
وأبوذر، وقيل عمار(1).

قال أبو جعفر محمد بن جرير: إن فاطمة (عليها السلام) دفنت ليلا، ولم يحضرها إلا علي والعباس والمقداد والزبير(2).

مرضها سراً ودفنها ليلا

روى أبو العباس المبرّد النحوي (ت 285 هـ) كتاب المنصور العباسي (ت 158 هـ) إلى محمد بن عبدالله بن الحسن المعروف بالنفس الزكية (المقتول سنة 148 هـ) وجاء فيها:... وأما ما ذكرت من أنك ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).. ولكنكم بنو ابنته وإنها لقرابة قريبة ـ إلى أن قال: ولقد طلب بها أبوك بكل وجه فأخرجها تخاصم ـ على ميراثها فلم يحصل لها شيء، ثم إنها مرضت (عليها السلام) ـ ومرّضها سراً ودفنها ليلا..(3).

____________

1- تاريخ اليعقوبي: 2 / 115.

2- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 16 / 280.

3- الكامل، المبرد: 3 / 303، التذكرة الحمدونية، ابن حمدون: 3 / 416 رقم 1103، العقد الفريد، الأندلسي: 5 / 341، نشر دار الكتب العلمية، تاريخ الطبري: 7 / 570، الكامل في التاريخ، ابن الأثير: 5 / 539، تاريخ ابن خلدون: 4 / 5.


الصفحة 243

دفناها بليل بعد هدأة، وصلى عليها علي (عليه السلام)

روى ابن سعد بإسناده عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: سألت ابن عباس، متى دفنتم فاطمة (عليها السلام)؟

فقال: دفناها بليل بعد هدأة!

قال (عليه السلام): قلت: فمن صلى عليها؟

قال: علي (عليه السلام)(1).

ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، حدّثنا معمر عن الزهري عن عروة أنّ عليّاً (عليه السلام) صلى على فاطمة (عليها السلام)(2).

ولم يؤذن بها أبا بكر

البخاري: فوجدت فاطمة (عليها السلام) على أبي بكر في ذلك، فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ستة أشهر، فلما توفيت (عليها السلام) دفنها زوجها علي (عليه السلام) ليلا، ولم يؤذن بها أبابكر(3).

الحاكم بسنده عن عائشة قالت دُفنت فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلا، دفنها علي ولم يشعر بها أبوبكر، حتى دفنت وصلى

____________

1- الطبقات الكبرى، ابن سعد: 8 / 30.

2- المصدر السابق: 8 / 29.

3- صحيح البخاري: 5 / 177، تاريخ الخميس: 2 / 174.


الصفحة 244
عليها علي بن أبي طالب (عليه السلام)(1).

البيهقي: والصحيح عن ابن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة في قصة الميراث أن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عاشت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ستة أشهر فلما توفيت دفنها علي بن ابي طالب (عليه السلام)ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلى عليها علي (عليه السلام)(2).

وقال في موضع آخر: فغضبت فاطمة (عليها السلام) وهجرته فلم تكلمه حتى ماتت (عليها السلام) فدفنها علي (عليه السلام) ليلا ولم يؤذن بها أبابكر..(3).

ولم يعلم أبو بكر وعمر بموتها (عليها السلام)

قال البلاذري في تاريخه: إن فاطمة (عليها السلام) لم تر متبسمة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).. وغسلا علي (عليه السلام) وبذلك أوصت، ولم يعلم أبوبكر وعمر بموتها(4).

قال السمهودي: وقد ثبت أن أبابكر لم يعلم بوفاة فاطمة (عليها السلام)،

____________

1- المستدرك على الصحيحين، الحاكم: 3 / 162 ـ 163.

2- السنن الكبرى، البيهقي: 4 / 29.

3- السنن الكبرى، البيهقي: 6 / 300.

4- أنساب الأشراف، البلاذري: 2 / 34، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 16 / 280.


الصفحة 245
لما في الصحيح أن علياً (عليه السلام) دفنها ليلا، ولم يُعلم أبا بكر(1).

الخوارزمي بسنده عن الزهري قال: حدثني عروة أن عائشة أخبرته قالت: عاشت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعده ستة أشهر فلما توفيت دفنها علي بن أبي طالب (عليه السلام) ليلا ولم يؤذن بها أبوبكر، وصلى عليها علي (عليه السلام)(2).

ماتت (عليها السلام) وهي ساخطة عليه

البخاري: فلم تزل (عليها السلام) مهاجرته حتى توفيت(3).

وقال في موضع آخر: فهجرته فاطمة (عليها السلام) فلم تكلمه حتى ماتت(4).

ابن شبة: فهجرته (عليها السلام) فلم تكلمه حتى توفيت(5).

مسلم: فوجدت فاطمة (عليها السلام) على أبي بكر في ذلك. قال: فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت(6).

____________

1- وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، السمهودي: 3 / 903.

2- مقتل الحسين، الخوارزمي: 1 / 83.

3- صحيح البخاري: 4 / 96، ك فروض الخمس وقد تقدمت تخريجاته.

4- صحيح البخاري: 8 / 185، ك الفرائض، وقد تقدم المزيد من تخريجاته.

5- تاريخ المدينة المنورة، ابن شبّة: 1 / 197.

6- صحيح مسلم: 3 / 1380 ح 1759، وتقدم أيضاً المزيد من تخريجاته.


الصفحة 246
البيهقي: وهجرته فلم تكلمه حتى ماتت(1).

وقال في موضع آخر: فهجرت أبابكر، فلم تزل مهاجرة له حتى توفيت(2).

الحلبي: وهجرته (عليها السلام) إلى أن ماتت(3).

ماتت (عليها السلام) عاتبة عليهما

المقدسي: وذكر ابن دأب انها ماتت (عليها السلام) عاتبة على أبي بكر وعمر. والله أعلم(4).

ماتت (عليها السلام).. غضبى على قوم فنحن غضاب لغضبها؟

قال أبو بكر (الجوهري): وحدّثني المؤمل بن جعفر، قال: حدثني محمد بن ميمون، قال: حدثنيى داود بن المبارك، قال: أتينا عبدالله بن موسى بن عبدالله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ونحن راجعون من الحج في جماعة، فسألناه عن

____________

1- السنن الكبرى، البيهقي: 6 / 300.

2- نفس المصدر السابق: 6 /.30.

3- السيرة الحلبية، الحلبي: 3 / 487.

4- البدء والتاريخ، المقدسي: 5 / 20.


الصفحة 247
مسائل، وكنت أحد من سأله، فسألته عن أبي بكر وعمر؟

فقال: أجيبك بما أجاب به جدّي عبدالله بن الحسن، فإنه سُئل عنهما!

فقال: كانت أمّنا صديقة ابنة نبي مرسل، وماتت وهي غضبى على قوم، فنحن غِضاب لغضبها!؟(1).

قال ابن أبي الحديد: قد أخذ هذا المعنى بعض شعراء الطالبيّين من أهل الحجاز، أنشدنيه النقيب جلال الدين عبد الحميد بن محمد بن عبد الحميد العلويّ، قال: أنشدني هذا الشاعر لنفسه ـ وذهب عني أنا اسمه ـ قال:


يا أبا حفص الهوينىوما كنت مليا بذاك لولا الحمامُ
أتموت البتول غضبى ونرضىما كذا يصنع البنون الكرامُ

يخاطب عمر ويقول: مهلا ورويداً يا عمر، أي ارفق واتَّئد ولا تعنُف بنا. وما كنت ملياً، أي وما كنت أهلا لأن تخاطب بهذا وتستعطف، ولا كنت قادراً على ولوج دار فاطمة (عليها السلام) على ذلك الوجه الذي ولجتها عليه، لولا أنّ أباها الذي كان بيتها يحترم ويصان لأجله مات، فطمع فيها من لم ين يطمع.

ثم قال: أتموت أمّنا وهي غضبى ونرضى نحن! إذاً لسنا

____________

1- السقيفة، للجوهري: 72 ـ 73، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 49.


الصفحة 248
بكرام، فإنّ الولد الكريم يرضى لرضى أبيه وأمه ويغضب لغضبها.

والصحيح عندي أنّها ماتت (عليها السلام) وهي واجدة على أبي بكر وعمر، وأنها أوصت ألا يصلّيا عليها..(1).

أسماء تمنع عائشة من الدخول على فاطمة (عليها السلام)

فلما توفيت (عليها السلام) جاءت عائشة تدخل، فقالت أسماء: لا تدخلي، فشكت إلى أبي بكر، فقالت: إن هذه الخثعمية تحول بيننا وبين بنت سول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد جعلت لها مثل هودج العروس؟ فجاء أبو بكر، فوقف على الباب فقال: يا أسماء، ما حمَّلك على أن منعتِ أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يدخُلنّ على بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وجعلتِ لها مثل هودج العروس؟

فقالت: أمرتني أن لا يدخل عليها أحد وأريتُها هذا الذي صنعت، وهي حيّة، فأمرتني أن أصنع ذلك لها، قال أبوبكر: فاصنعي ما أمرتك، ثم انصرف، فغسلها عليّ (عليه السلام) وأسماء رضي الله تعالى عنها(2).

____________

1- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 49 ـ 50.

2- الإستيعاب في معرفة الأصحاب: 4 / 1897 ـ 1898، وفاء الوفا، السمهودي: 3 / 904 ـ 905، مقتل الحسين (عليه السلام)، الخوارزمي: 1 / 82 ـ 83، أعلام النساء، كحالة: 4 / 131، السنن الكبرى، البيهقي: 4 / 34 ـ 35، عون المعبود: 8 / 338.