ما جرى بينه وبين المأمون في الخلافة

- كشف الغمة : في أول شهر رمضان سنة إحدى ومائتين كانت البيعة للرضا .

- عيون أخبار الرضا : ابن الوليد : عن محمد بن زياد القلزمي ، عن محمد بن أبي زياد الجدي ، عن أحمد بن عبد الله العلوي ، عن القاسم بن أيوب العلوي أن المأمون لما أراد أن يستعمل الرضا جمع بني هاشم فقال : إني أريد أن أستعمل الرضا على هذا الامر من بعدي فحسده بنو هاشم وقالوا : أتولي رجلا جاهلا ليس له بصر بتدبير الخلافة فابعث إليه يأتنا فترى من جهله ما نستدل به عليه .

فبعث إليه فأتاه ، فقال له بنو هاشم : يا أبا الحسن اصعد المنبر وانصب لنا علما نعبد الله عليه ، فصعد المنبر فقعد مليا لا يتكلم مطرقا ثم انتفض انتفاضة واستوى قائما وحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه وأهل بيته ، ثم قال : أول عبادة الله معرفته إلى آخر ما أوردته في كتاب التوحيد .

- علل الشرائع ، عيون أخبار الرضا ، أمالي الصدوق : الحسين بن إبراهيم بن تاتانه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي الصلت الهروي قال : إن المأمون قال للرضا علي بن موسى يا ابن رسول الله قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك وأراك أحق بالخلافة مني ، فقال الرضا بالعبودية لله عز وجل أفتخر وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا ، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم ، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عز وجل .

فقال له المأمون : فاني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة ، وأجعلها لك وأبايعك ، فقال له الرضا : إن كانت هذه الخلافة لك وجعلها الله لك فلا يجوز أن تخلع لباسا ألبسكه الله وتجعله لغيرك ، وإن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك فقال له المأمون : يا ابن رسول الله لابد لك من قبول هذا الامر ، فقال : لست أفعل ذلك طائعا أبدا فما زال يجهد به أياما حتى يئس من قبوله ، فقال له : فإن لم تقبل الخلافة ولم تحب مبايعتي لك فكن ولي عهدي لتكون لك الخلافة بعدي .

فقال الرضا : والله لقد حدثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول الله أني أخرج من الدنيا قبلك مقتولا بالسم مظلوما تبكي علي ملائكة السماء وملائكة الأرض وادفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد فبكى المأمون ثم قال له : يا ابن رسول الله ومن الذي يقتلك أو يقدر على الإساءة إليك وأنا حي ؟ فقال الرضا أما إني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت فقال المأمون : يا ابن رسول الله إنما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك ، ودفع هذا الامر عنك ، ليقول الناس إنك زاهد في الدنيا .

فقال الرضا : والله ما كذبت منذ خلقني ربي عز وجل وما زهدت في الدنيا للدنيا وإني لأعلم ما تريد ، فقال المأمون : وما أريد ؟ قال : الأمان على الصدق ؟ قال : لك الأمان قال تريد بذلك أن يقول الناس : إن علي بن موسى لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة ، فغضب المأمون ثم قال : إنك تتلقاني أبدا بما أكرهه .

وقد آمنت سطوتي ، فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك فان فعلت وإلا ضربت عنقك .

فقال الرضا : قد نهاني الله عز وجل أن القي بيدي إلى التهلكة ، فإن كان الامر على هذا ، فافعل ما بدا لك ، وأنا أقبل ذلك على أني لا أولي أحدا ولا أعزل أحدا ولا أنقض رسما ولا سنة ، وأكون في الامر من بعيد مشيرا ، فرضي منه بذلك ، وجعله ولي عهده كراهة منه لذلك

- عيون أخبار الرضا ، أمالي الصدوق : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن الريان قال : دخلت على علي بن موسى الرضا فقلت له : يا ابن رسول الله إن الناس يقولون إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا ؟ فقال : قد علم الله كراهتي لذلك فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل ، ويحهم أما علموا أن يوسف كان نبيا رسولا فلما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز قال له " اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم " ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الاشراف على الهلاك ، على أني ما دخلت في هذا الامر إلا دخول خارج منه ، فإلى الله المشتكى ، وهو المستعان .

- أمالي الصدوق : علي ، عن أبيه ، عن ياسر قال لما ولي الرضا العهد سمعته وقد رفع يديه إلى السماء وقال : اللهم إنك تعلم أني مكره مضطر ، فلا تؤاخذني كما لم تؤاخذ عبدك ونبيك يوسف حين وقع إلى ولاية مصر .

- عيون أخبار الرضا : أمالي الصدوق : الحسين بن أحمد البيهقي ، عن محمد بن يحيى الصولي ، عن الحسن ابن الجهم ، عن أبيه قال : صعد المأمون المنبر ليبايع علي بن موسى الرضا فقال : أيها الناس جاءتكم بيعة علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب والله لو قرأت هذه الأسماء على الصم والبكم ، لبرؤوا بإذن الله عز وجل .

- عيون أخبار الرضا : الطالقاني عن الحسن بن علي بن زكريا ، عن محمد بن خليلان قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن عتاب بن أسيد قال : سمعت جماعة من أهل المدينة يقولون ولد الرضا علي بن موسى بالمدينة يوم الخميس لاحدى عشرة ليلة من ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين ومائة من الهجرة ، بعد وفاة أبي عبد الله بخمس سنين ، وتوفي بطوس في قرية يقال لها سناباد من رستاق نوقان ، ودفن في دار حميد بن قحطبة الطائي في القبة التي فيها هارون الرشيد إلى جانبه مما يلي القبلة ، وذلك في شهر رمضان لتسع بقين منه يوم الجمعة سنة ثلاث ومائتين ، وقد تم عمره تسعا وأربعين سنة وستة أشهر : منها مع أبيه موسى بن جعفر تسعا وعشرين سنة وشهرين ، وبعد أبيه أيام إمامته عشرين سنة وأربعة أشهر ، وقام بالأمر وله تسع وعشرون سنة و شهران ، وكان في أيام إمامته بقية ملك الرشيد ، ثم ملك بعد الرشيد محمد المعروف بالأمين ، وهو ابن زبيدة ثلاث سنين وخمسة وعشرين يوما ، ثم خلع الأمين واجلس عمه إبراهيم بن شكلة أربعة عشر يوما ، ثم أخرج محمد بن زبيدة من الحبس وبويع له ثانية ، وجلس في الملك سنة وستة أشهر وثلاث وعشرين ثم ملك عبد الله المأمون عشرين سنة ، وثلاثة وعشرين يوما فأخذ البيعة في ملكه لعلي بن موسى الرضا بعهد المسلمين من غير رضاه ، وذلك بعد أن تهدده بالقتل وألح عليه مرة بعد أخرى في كلها يأبى عليه حتى أشرف من تأبيه على الهلاك ، فقال " اللهم إنك قد نهيتني عن الالقاء بيدي إلى التهلكة ، وقد أشرفت من قبل عبد الله المأمون على القتل متى لا اقبل ولاية عهده وقد أكرهت واضطررت كما اضطر يوسف ودانيال إذ قبل كل واحد منهما الولاية من طاغية زمانه اللهم لا عهد إلا عهدك ، ولا ولاية إلا من قبلك ، فوفقني لإقامة دينك ، وإحياء سنة نبيك ، فإنك أنت المولى والنصير ، ونعم المولى أنت ونعم النصير " .

ثم قبل ولاية العهد من المأمون ، وهو باك حزين على أن لا يولي أحدا ولا يعزل أحدا ولا يغير رسما ولا سنة وأن يكون في الامر مشيرا من بعيد ، فأخذ المأمون له البيعة على الناس الخاص منهم والعام ، فكان متى ما ظهر للمأمون من الرضا فضل وعلم وحسن تدبير حسده على ذلك ، وحقده عليه ، حتى ضاق صدره منه ، فغدر به فقتله بالسم ومضى إلى رضوان الله وكرامته .

- عيون أخبار الرضا : البيهقي ، عن الصولي ، عن عبيد الله بن عبد الله بن طاهر قال : أشار الفضل بن سهل على المأمون أن يتقرب إلى الله عز وجل وإلى رسوله بصلة رحمه بالبيعة لعلي بن موسى ليمحو بذلك ما كان من أمر الرشيد فيهم ، وما كان يقدر على خلافه في شئ ، فوجه من خراسان برجاء بن أبي الضحاك وياسر الخادم ليشخصا إليه محمد بن جعفر بن محمد ، وعلي بن موسى بن جعفر وذلك في سنة مائتين .

فلما وصل علي بن موسى إلى المأمون وهو بمرو ، ولاه العهد من بعده وأمر للجند برزق سنة ، وكتب إلى الآفاق بذلك ، وسماه الرضا وضرب الدراهم باسمه ، وأمر الناس بلبس الخضرة ، وترك السواد ، وزوجه ابنته أم حبيبة ، وزوج ابنه محمد بن علي ابنته أم الفضل بنت المأمون ، وتزوج هو بتوران بنت الحسن بن سهل زوجه بها عمه الفضل ، وكل هذا في يوم واحد ، وما كان يحب أن يتم العهد للرضا بعده .

قال الصولي وقد صح عندي ما حدثني به عبيد الله من جهات : منها أن عون بن محمد حدثني عن الفضل بن أبي سهل النوبختي أو عن أخ له قال : لما عزم المأمون على العقد للرضا بالعهد قلت والله لأعتبرن ما في نفس المأمون من هذا الامر أيحب تمامه أو هو يتصنع به ؟ فكتبت إليه على يد خادم له كان يكاتبني بأسراره على يده : " قد عزم ذو الرياستين على عقد العهد ، والطالع السرطان ، وفيه المشتري و السرطان ، وإن كان شرف المشتري فهو برج منقلب لا يتم أمر يعقد فيه ، ومع هذا فان المريخ في الميزان في بيت العاقبة وهذا يدل على نكبة المعقود له ، وعرفت أمير المؤمنين ذلك لئلا يعتب علي إذا وقف على هذا من غيري " .

فكتب إلي " إذا قرأت جوابي إليك فاردده إلي مع الخادم ونفسك أن يقف أحد على ما عرفتنيه وأن يرجع ذو الرياستين عن عزمه لأنه إن فعل ذلك ألحقت الذنب بك ، وعلمت أنك سببه " .

قال : فضاقت علي الدنيا وتمنيت أني ما كنت كتبت إليه ، ثم بلغني أن الفضل بن سهل ذا الرياستين قد تنبه على الامر ورجع عن عزمه ، وكان حسن العلم بالنجوم فخفت والله على نفسي وركبت إليه فقلت له أتعلم في السماء نجما أسعد من المشتري ؟قال : لا ، فقلت : فامض العزم على رأيك إذ كنت تعقده ، وسعد الفلك في أسعد حالاته ، فأمضى الامر على ذلك فما علمت أني من أهل الدنيا حتى وقع العقد فزعا من المأمون .

بيان : قوله " على خلافه " أي خلاف الفضل ، قوله : " ونفسك " أي احذر نفسك واحفظها .

- عيون أخبار الرضا : الهمداني والمكتب والوراق جميعا عن علي بن إبراهيم قال : حدثني ياسر الخادم لما رجع من خراسان بعد وفاة أبي الحسن الرضا بطوس بأخباره كلها قال علي بن إبراهيم : وحدثني الريان بن الصلت وكان من رجال الحسن بن سهل وحدثني أبي عن محمد بن عرفة وصالح بن سعيد الراشديين كل هؤلاء حدثوا بأخبار أبي الحسن وقالوا : لما انقضى أمر المخلوع ، واستوى أمر المأمون ، كتب إلى الرضا يستقدمه إلى خراسان فاعتل عليه الرضا بعلل كثيرة فما زال المأمون يكاتبه ويسأله حتى علم الرضا أنه لا يكف عنه فخرج وأبو جعفر له سبع سنين فكتب إليه المأمون : لا تأخذ على طريق الكوفة وقم ، فحمل على طريق البصرة ، والأهواز ، وفارس حتى وافى مرو .

فلما وافى مرو عرض عليه المأمون أن يتقلد الامرة والخلافة ، فأبى الرضا في ذلك ، وجرت في هذا مخاطبات كثيرة ، وبقوا في ذلك نحوا من شهرين كل ذلك يأبى عليه أبو الحسن علي بن موسى أن يقبل ما يعرض عليه .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>