شهادة ميثم بن يحيى التمار ( رضوان الله عليه )

اسمه ونسبه :

ميثم بن يحيى التمار ، أصله من بلاد فارس .

جوانب من حياته :

كان ميثم عبداً لامرأة من بني أسد ، فاشتراه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) منها ، وأعتقه ، وكان يُكنَّى بأبي سالم .

وكان ميثم التمار خطيب الشيعة بالكوفة ومتكلِّمها ، وفي مرة قال لابن عباس :

سَلْني ما شئت من تفسير القرآن ، فإنِّي قرأت تنزيله على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وعلَّمني تأويله .

وقال الإمام علي ( عليه السلام ) لميثم :

( إِنَّك تُؤخَذ بعدي ، فَتُصلَب وتُطعَن بِحَربة ، فإذا كان اليوم الثالث ابتدر منخراك وفمك دماً ، فيخضِّب لحيتك ، فانتظر ذلك الخضاب .

وتُصلب على باب دار عمرو بن حريث عاشر عشرة ، أنت أقصرهم خشبة ، وأقربهم من المطهرة ، وامضِ حتَّى أريك النخلة التي تُصلَب على جذعها ) .

فأراه إيَّاها ، فكان ميثم يأتيها ويصلِّي عندها ، ويقول : بوركتِ من نخلة ، لكِ خُلقتُ ، ولي غُذِّيتِ ، ولم يزل يتعاهدها حتَّى قُطعت ، وحتَّى عُرف الموضع الذي يُصلب فيه .

وكان يلقى عمرو بن حريث فيقول له : إنِّي مجاورك ، فأحسن جواري .

فيقول له عمرو : أتريد أن تشتري دار ابن مسعود أو دار ابن حكيم ؟ ، وهو لا يعلم ما يقصد بكلامه .

ودخل مرة على أمِّ سلمة ( رضوان الله عليها ) ، فقالت له : من أنت ؟

فقال : عراقي .

فسألته عن نسبه ، فذكر لها أنه كان مولى الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .

فقالت : أنت هيثم ؟

قال : بل أنا ميثم .

فقالت : سبحان الله ، والله لرُبَّما سمعتُ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوصي بك علياً في جوف الليل .

فسألها عن الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، فقالت : هو في حائط له .

فقال : أخبريه أنِّي قد أحببت السلام عليه ، ونحن ملتقون عند ربِّ العالمين إن شاء الله ، ولا أقدر اليوم على لقائه ، وأريد الرجوع .

فدعت بطِيبٍ فطيَّبت لحيته ، فقال لها : أما أنَّها ستُخضَّب بدم .

فقالت : من أنبأَك هذا ؟

فقال : أنبأَني سيِّدي .

فبكَت أم سلمة وقالت له : إنه ليس بسيِّدك وحدك ، وهو سيِّدي وسيِّد المسلمين ، ثمَّ ودَّعته .

شهادته :

قدِم ميثم ( رضوان الله عليه ) الكوفة ، فأخذه عبيد الله بن زياد ، فأُدخِل عليه ، فقيل : هذا كان من آثر الناس عند علي .

فقال : ويحكم ، هذا الأعجمي ؟!!

فقيل له : نعم .

فقال له عبيد الله : أين ربُّك ؟

فقال : بالمرصاد لكلِّ ظالم ، وأنت أحد الظلمة .

فقال : إنَّك على عجمتك لتبلغ الذي تريد ، ما أخبرك صاحبك أنِّي فاعلٌ بك ؟

فقال : أخبرني أنَّك تصلبني عاشر عشرة ، أنا أقصرهم خشبة ، وأقربهم من المطهرة .

فقال : لَنُخالفنَّه .

فقال : كيف تخالفه ؟! ، فوَ الله ما أخبرني إلا عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) عن جبرائيل ( عليه السلام ) عن الله تعالى ، فكيف تخالفُ هؤلاء ؟!

ولقد عرفتُ الموضع الذي أُصلَب عليه أين هو من الكوفة ، وأنا أوَّل خلق الله ألجمُ في الإسلام .

فحبسه ابن زياد ، وحبس معه المختار بن أبي عبيد الثقفي ، فقال ميثم التمَّار للمختار : إنَّك تفلتُ ، وتخرج ثائراً بدم الحسين ( عليه السلام ) ، فتقتل هذا الذي يقتلنا .

فلمَّا دعا عبيد الله بالمختار ليقتله طلع البريد بكتاب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن زياد ، يأمره بالإفراج عنه ، وذاك أن أخته كانت زوجة عبد الله بن عمر بن الخطاب .

فسألت بعلها أن يشفع فيه إلى يزيد ، فشفع فأمضى شفاعته ، وكتب بتخلية سبيل المختار على البريد ، فوافى البريد ، وقد أخرج ليضرب عنقه فأطلق .

أما ميثم ( رضوان الله عليه ) فأخرج بعدَهُ لِيُصلَب ، فجعل ميثم ( رضوان الله عليه ) يحدِّث بفضائل بني هاشم ، ومخازي بني أميَّة وهو مصلوب على الخشبة .

فقيل لابن زياد : قد فضحَكُم هذا العبد .

فقال : ألجموه .

فلمَّا كان في اليوم الثاني فاضت منخراه وفمه دماً ، ولمَّا كان في اليوم الثالث ، طُعن بحربة ، فكبَّر ، فمات .

وكانت شهادته ( رضوان الله عليه ) في الثاني والعشرين من شهر ذي الحجَّة الحرام ، من سنة ( 60 هـ ) للهجرة ، أي :  قبل قدوم الإمام الحسين ( عليه السلام ) إلى العراق بعشرة أيَّام .

العودة