مناظرة
ابن عباس مع عثمان
ومن كلام دار بينهما ، قال له عثمان : إني
أنشدك يا بن عباس الاسلام والرَّحم ، فقد
والله غلبت وابتليت بكم ، والله لوددت أنّ
هذا الامر كان صار إليكم دوني فحملتمُوه
عنّي ، وكنت أحد أعوانكم عليه، إذاً والله
لوجدتموني لكم خيرا مما وجدتكم لي ، ولقد
علمت أن الامر لكم ، ولكن قومكم دفعوكم
عنه واختزلوه دونكم ، فو الله ما أدري
أدفعوه عنكم أم دفعوكم عنه ؟!
قال ابن عباس : مهلاً يا أمير المؤمنين ،
فإنّا ننشدك الله والاسلام والرحم ، مثل
ما نشدتنا ، أن تطمِع فينا وفيك عدوا ،
وتُشمت بنا وبك حسوداً ! إن أمرَك إليك
ما كان قولاً ، فإذا صار فعلاً فليس إليك
ولا في يديك، وإنّا والله لنخالفن إن
خولفنا ، ولننازعنّ إن نوزعنا ، وما
تمنّيك أن يكون الامر صار إلينا دونك
إلاّ أن يقول قائل منا ما يقوله الناس
ويعيب كما عابوا !
فأما صرْف قومنا عنّا الامر فعن حسدٍ قد
والله عرفته ، وبغي قد والله علمته ،
فالله بيننا وبين قومنا !
وأما قولك : إنك لا تدري أدفعوه عنّا أم
دفعونا عنه ؟ فلعمري إنّك لتعرف أنه لو
صار إلينا هذا الامر ما زدنا به فضلاً إلى
فضلنا ولا قدرا إلى قدرنا وإنّا لاهلُ
الفضل وأهل القدر ، وما فضل فاضل إلا
بفضلنا ، ولا سبق سابق إلاّ بسبقنا ،
ولولا هدينا ما اهتدى أحد ولا أبصروُا من
عمى ، ولا قصدوا من جَوْر ... الخ(1)
.
____________
(1) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج 9
ص 9 ، الموفقيات ص 606.
|
|
|
|