مناظرة السيد علي البطحائي مع بعضهم في مسألة عدالة الصحابة

قال السيد علي البطحائي : ذهبت مع عدد من الاَصدقاء إلى الجامعة الاِسلامية بالمدينة المنورة وأهدينا لعلمائها عدةً من كتب الشيعة ، واتصلنا بعميد الجامعة الشيخ عبدالعزيز بن باز ثم بعد السلام وإهداء التحيات قال الشيخ: صحابة الرسول صلى الله عليه وآله كلهم عدول وجاهدوا في سبيل الله.
 

قلت: على ما تقول ، لا يبقى مورد لثلث القرآن ، لاَن الآيات الراجعة إلى المنافقين كثيرة، إن صحابة الرسول صلى الله عليه وآله مثل سائر الناس ، فيهم الطيب وغير الطيب والعادل والفاسق.
 

ثم ذهب الشيخ ، وجاء عدد من العلماء والمدرسين من الجامعة الاِسلامية للبحث والمناظرة، فسألت عن واحد منهم ـ إسمه الشيخ عبدالله ـ ما تقولون في هذه الرواية الواردة في صحيح البخاري في المجلد الاَول وفي المجلد التاسع عن ابن عباس لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وآله وجعه ، قال : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لاتضلوا بعده، قال عمر : ان النبي صلى الله عليه وآله غلبه الوجع ، وعندنا كتاب الله حسبنا ، وكثر اللغط فقال الرسول صلى الله عليه وآله : قوموا عني لا ينبغي عند نبي تنازع ، فخرج ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابته.(1)
 

قلت للعلماء: أي شيء يريد أن يكتب نبي الرحمة، وما معنى قول عمر : إن النبي صلى الله عليه وآله غلبه الوجع، هل معناه أن الرسول صلى الله عليه وآله ليست له مشاعر ولا يفهم شيئاً، وإذا كان كذلك ، هل تطيب نفس إنسان أن يقول في شخص الرسول الاَعظم الذي يقول القرآن في حقه: ( وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى )(2)أنه غلبه الوجع وليست له مشاعر.
 

قال الشيخ عبدالله ـ واحد من المدرّسين في الجامعة الاِسلامية ـ : أن معنى قول عمر أن الرسول صلى الله عليه وآله في شدة المرض لا تزاحموه حتى يصحو ويكتب الوصية.
 

قلت: هذا المعنى ينافي كلمة (فاختلفوا) في الرواية ، وكلمة (وكثر اللغط) وقول الرسول صلى الله عليه وآله : (قوموا عني ولا ينبغي عند نبي تنازع) ، لاَن الظاهر أنه وقع النزاع في محضر الرسول وإذا كان معنى قوله : إن النبي صلى الله عليه وآله في شدة المرض لاتزاحموه ما كان يقع التنازع والقيل والقال والاختلاف في محضر الرسول، وأيضاً فما معنى قول ابن عباس رضي الله عنه : ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابته ، وما معنى تأسف ابن عباس إلا من جهة حيلولة عمر بين الرسول والكتابة.
 

ثم قلت للشيخ عبدالله: أنا وأنت جئنا من لندن ؟! لا نعرف معاني اللغة العربية فلنذهب عند الحمالين والبقالين من أهل المدينة نسأل معنى الرواية منهم.
 

قال: بحمد الله أنت عالم ديني تعرف كل شيء، ثم قال لي: أنت أكملت إيمانك من أصول الكافي؟
 

قلت: أنا أكملت إيماني من صحيح البخاري من أمثال هذه الرواية، مضافاً إلى أن الرسول صلى الله عليه وآله طلب منهم الاِتيان بكتاب يكتب لهم ، لا أن الناس طلبوا منه صلى الله عليه وآله الكتابة(3) .

____________
(1) صحيح البخاري : ج 1 ص 39 (ك العلم ب كتابة العلم) وج 6 ص 11 ـ 12 (ك الغزوات ب مرض النبي صلى الله عليه وآله ) ج 7 ص 156 (ك المرض ب قول المريض قوموا عني) ، وج 9 ص137 (ك الاعتصام بالكتاب والسنّة ب كراهية الخلاف) .
(2) سورة النجم : الآية 3 ـ 4 .
(3) مناظرات في الحرمين للبطحائي : ص 22 ـ 24 .

العودة