مناظرة أبي ذر ( أبوان ) المسيحي
الكاثوليكي مع رجل تركماني في السجن
هذا العظيم يعتنق الدين الاسلامي الحنيف
وبالخصوص مذهب الشيعة مذهب أهل البيت ـ
عليهم السلام ـ وذلك عام 1353 هـ.
ولد أبوان عام 1330 هـ في المملكة
الهستانية من أبوين مسيحيين وبعد بضع سنين
دخل إحدى المدارس هناك ودام فيها ثلاث
سنين ، تاقت نفسه يوما لمغادرة بلاده فقصد
روسيا ، وفيها واصل دراسته ستة أعوام أخرى
فلم يشاهد ثمة في المدرسة إلاّ المعارضة
ضد الدين ، وهذا ما أوجب تركه المدرسة
فعزم على مغادرة روسيا فغادرها ، فقبض
عليه في الحدود الروسية الايرانية ، وسجن
تسعة عشر يوما ، فاتفق أن وجد في السجن
مسلِمَين أحدهما شيعي فارسي ، والاخر سني
تركماني.
فجرى حديث إسلامي بينهم فاطّلع على شيء من
معتقدات الشيعة والسنة حول خلافة الامام
أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ـ عليه
السلام ـ فمال من حينه إلى مذهب الشيعة.
ولنستمع إليه كيف يحدثنا بما جرى له في
أيام سجنه مع الرجلين المُسلِمين :
قال : لما كنت سجيناً في روسيا مع
المُسلِمَين المذكورَين ، رأيت المسلم
السني يتحامل على المسلم الشيعي وينسبه
إلى المروق من الدين ، عجبت من ذلك وقلت
في نفسي : كيف ينسبه إلى ذلك وهما سيّان
في العقيدة. سألت الشيعي عن سبب ذلك.
قال : إننا معاشر الامامية نقول : بخلافة
رجل ـ هو صهر نبينا وابن عمه ـ من بعد
النبي محمد ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ
بلا فصل وهو الامام علي بن أبي طالب ـ
عليه السلام ـ.
وهذا ينفي خلافته كذلك ، وهو السبب في
تحامله عليَّ ونسبته لي إلى المروق من
الدين.
قال : فتوجهت إلى السني ، وقلت له : إننا
في السجن الان ثمانية رجال ولو فرضنا أن
لك بنتاً واحدة فخطبها منك كل منا كنت
تزوج أينا منها ؟
أجاب : كنت أزوج أعلمَكم وأكرمَكم وعدد
خصالاً حميدة.
فأجبته : فقد أثبتّ بنفسك أفضلية علي ـ
عليه السلام ـ على غيره من الصحابة ، إذ
لم يزوج النبي ـ صلّى الله عليه وآله
وسلّم ـ ابنته فاطمة ـ عليها السلام ـ إلا
إلى علي (1) ـ عليه السلام ـ ،
مع تقدم غيره من الصحابة عليه في خطبتها
(2) منه ، فلم يردّ عليَّ
جوابا ، انتهى.
فمن ذلك الوقت عاهد ربّه في نفسه ، إن خرج
من السجن في يوم أضمره في نفسه أن يدخل
إيران ويعتنق الدين الاسلامي وبالخصوص
مذهب الشيعة مذهب أهل البيت ـ عليهم
السلام ـ ، وما إن حلّ ذلك اليوم وإذا
بالامر يصدر بإطلاق سراحه بلا سؤال ولا
تحقيق.
فدخل إيران وأمّ خراسان مشهد الامام الرضا
ـ عليه السلام ـ وبقي شهرين أو ثلاثة أشهر
أظهر فيها رغبته في اعتناق الدين الاسلامي
رسميا وبالخصوص مذهب الشيعة مذهب أهل
البيت ـ عليهم السلام ـ وفاءً بعهده ،
فدخل على العلاّمة الحجة المغفور له الشيخ
مرتضى الاشتياني واعتنق الاسلام على يديه
وبالخصوص المذهب الجعفري وسماه أبا ذر
كُنيةَ الصحابي الجليل جندب بن جنادة أبي
ذر الغفاري ـ رضوان الله عليه ـ الذي ثبت
حين انقلب الناس أجمع مع رفاقه الثلاثة
سلمان مقداد وعمار.
وأبو ذر ( أبوان ) يجيد اللغة الفارسية
ويتكلم باللغتين الهستانية والروسية كما
أنه يقرأ ويكتب فيهما (3).
____________
(1) وجاء في ينابيع المودة ص183 عن بريدة
عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ
أن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة من علي
ـ عليه السلام ـ ، وفي فرائد السمطين ج1
ص90 ح 59 ، عن أنس بن مالك قال : كنت عند
النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ
فغشيه الوحي فلمّا أفاق قال لي : ياأنس
أتدري ما جأني به جبرئيل ـ عليه السلام ـ
من عند صاحب العرش عزّ وجلّ ؟ قال : فقلت
: بأبي وأمّي ما جاءك به جبرئيل ؟ قال :
إن الله أمرني أن أزوّج فاطمة من علي ـ
عليه السلام ـ الخ.
(2) راجع : خصائص أمير المؤمنين ـ عليه
السلام ـ للنسائي : ص114 ـ ح120 ، المناقب
لابن المغازلي ص347 ح399 ، فرائد السمطين
للجويني ج1 ـ ص88 ح68 ، ذخائر العقبى
للطبري 27 ، وللحديث مصادر أخرى كثيرة.
(3) ماذا في التاريخ للقبيسي : ج25 ص373 ،
( كتاب ) لماذا اختار هؤلاء العظماء مذهب
أهل البيت ـ عليهم السلام ـ للقبيسي ص18 ـ
19.
|
|
|
|