مناظرة الحسن البصري(1) مع
الحجاج
قال عامر الشعبي : قَدِمنا على الحجاج
البصرة ، وقَدِم عليه قرّاء أهل المدينة ،
فدخلنا عليه في يوم صائف شديد الحر ، فقال
للحسن : مرحبا بأبي سعيد ، إليّ ـ وذكر
كلاما ـ ثم ذكر الحجّاج عليّا ـ عليه
السلام ـ فنال منه ، وقلنا قولاً مقاربا
له فرقاً من شره ، والحسن ساكت عاض على
إبهامه ، فقال : يا أبا سعيد مالي أراك
ساكتا ؟ فقال : ما عسيت أن أقول .
قال : أخبرني برأيك في أبي تراب ؟
قال : أفي علي ؟ سمعت الله يقول :( وما
جَعلنا القِبلَة الّتي كَنتَ عليها إلاّ
لنعلم مَنْ يتبع الرّسول ممن ينقلب على
عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الّذين هدى
الله )(1) فعليّ ممن هدى الله
، ومن أهل الايمان .
وأقول : إنه ابن عم رسول الله ـ صلّى الله
عليه وآله ـ وخِتنه على ابنته ، وأحب
الناس إليه(3) ، وصاحب سوابق
مباركات سبقت له من الله ، لا تستطيع أنت
ولا أحد من الناس أن يحصرها عنه ، ولا
يحول بينها وبينه .
ونقول : إنه إن كانت لعلي ذنوب فالله
حسيبه والله ما أجد قولاً أعَدَل فيه من
هذا القول .
قال الشعبي : فبسر الحجاج وجهه ، وقام عن
السرير مغضبا ، وخرجنا(4) .
____________
(1) هو : الحسن بن أبي الحسن يسار ، أبو
سعيد ، ولد قبل مقتل عمر بعامين في
المدينة ، كانت امه مولاة لام سلمة زوج
رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ
عاصر كبار الصحابة وروى عن عدد منهم ،
وكان من الرؤوس في التابعين ، مات سنة 110
هـ .
راجع ترجمته في : التاريخ الكبير للبخاري
ج 2 ص 289 ، حلية الاولياء ج 2 ص 131 ،
طبقات ابن سعد ج 7 ص 156 ، سير اعلام
النبلاء ج 4 ص 563 ، تهذيب الكمال ج 6 ص
95 .
(2) سورة البقرة : الاية 143 .
(3) جاء في كنز العمال ج 11 ص 334 ح 31670
، والرياض النضرة ج 2 ص 211 ، والمناقب
لابن المغازلي ص 219 ، عن النبي ـ صلّى
الله عليه وآله ـ قال : علي أحب خلق الله
إلى الله ورسوله .
(4) انساب الاشراف للبلاذري ج 2 ص 147 ح
148.
|
|
|
|