الصفحة 122

(1) سلمان الفارسي.

(2) أبو ذر الغفاري.

(3) المقداد بن الأسود الكندي.

(4) أبي بن كعب.

(5) عمار بن ياسر.

(6) خالد بن سعيد بن العاص (7) بريدة الأسلمي.

(8) خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين.

(9) أبو الهيثم بن التيهان.

(10) سهل بن حنيف.

(11) عثمان بن حنيف.

(12) أبو أيوب الأنصاري.

(13) جابر بن عبد الله الأنصاري.

(14) حذيفة بن اليمان.

(15) سعد بن عبادة

(16) قيس بن سعد

(17) عبد الله بن عباس

(18) زيد بن أرقم.

وذكر اليعقوبي في تاريخه فقال:

تخلف قوم من المهاجرين والأنصار عن بيعة أبي بكر، ومالوا مع علي بن أبي طالب، منهم العباس بن عبد المطلب.

والفضل بن العباس، والزبير بن العوام، وخالد بن سعيد بن العاص، والمقداد، وسلمان، وأبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، والبراء بن عازب، وأبي بن كعب أقول:

ألم يكن هؤلاء من صفوة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله ومن المقربين إليه والمكرمين لديه؟! فلماذا لم يشاورهم؟ فإن لم يكن هؤلاء الأخيار من أهل الحل والعقد ومن ذوي البصيرة والرأي في المشورة والاختيار، فمن يكون إذن؟!!

وإذا لم يعبأ برأي أولئك الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله يشاورهم الأمور ويعتمد عليهم، فبرأي من يعبأ، ورأي من يكون ميزانا ومعيارا لإبرام الأمور المهمة وحسم قضايا الأمة؟!


الصفحة 123

مخالفة أهل البيت لخلافة أبي بكر

ويتابع السيد البدري استدلاله قائلا:

أول من خالف أبي بكر هم أهل البيت عليهم السلام وهم بإجماع الأمة أفضل الصحابة وهم في الصف الأول والمتقدمين على أهل الحل والعقد وإن إجماع أهل البيت عليهم السلام حجة لازمة على الأمة بدليل قوله صلى الله عليه وآله:

إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا.

المؤلف: عفوا. عفوا سماحة السيد أنت ذكرت إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لماذا لم تذكر حديث كتاب الله وسنة نبيه؟ من أين أتيت بحديث عترتي أهل بيتي؟

السيد البدري: أعطني دليلا على صحة ما قلت أيها الأستاذ.

المؤلف: وقفت محتارا عن عدم الدليل (فاقد الشئ لا يعطيه) إن شاء الله في جلسة أخرى سأحضر الدليل.

السيد البدري: لا تعذب نفسك يا أخي راجع مسند أحمد بن حنبل الجزء الثالث (ص 17) وأخرجه أيضا في نفس المصدر عن أبي سعيد الخدري ص 26 و ص 59 عن أبي سعيد الخدري حديثا آخر وأخرج في الجزء الرابع ص 267 عن زيد بن أرقم حديثا آخر وفي صحيح مسلم ذكره في الجزء الثاني ص 238 وأما حديث كتاب الله وسنة نبيه، رواه الإمام مالك في موطئه الجزء الثاني ص 899 ط دار إحياء التراث العربي تحقيق الدكتور محمد فؤاد عبد الباقي المصري.

وصيغة الحديث على الشكل التالي:


الصفحة 124
حدثنا مالك أنه بلغه ما إن تمسكتم بأمرين كتاب الله وسنة نبيه فهذا الحديث عند علماء الجرح والتعديل عندكم والحفاظ حديث مرسل ولا يؤخذ به، فشهر عندكم (وكم من شهير ليس له أصل) والصحاح الحاكمة بوجوب التمسك بالثقلين متواترة، وطرقها عن بضع وعشرين صحابيا متظافرة، وقد تبقى صدع بها رسول الله صلى الله عليه وآله في مواقف له شتى: تارة يوم غدير خم، وتارة يوم عرفة في حجة الوداع، وتارة بعد انصرافه من الطائف، ومره على منبره في المدينة وأخرى في حجرته المباركة في مرضه، والحجرة غاصة بأصحابه إذا قال:

(أيها الناس يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم، ألا إني مخلف فيكم كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي) ثم أخذ بيد علي عليه السلام فرفعها، فقال:

(هذا علي مع القرآن، والقرآن، مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض) الحديث، ثم قال: أخرجه الطبراني كما في أربعين الأربعين وكتاب (إحياء الميت في فضائل أهل البيت) للشيخ جلال الدين السيوطي.

وانتهى الحوار في مشفى المجتهد بدمشق.

اللقاء الثامن

ذهبت إلى منزل السيد البدري صباحا وهنأته بالسلامة بعد خروجه من المشفى وقال لي الآن عندي موعد مع جماعة من لبنان وبعد صلاة المغرب تفضل يا أخي لنكمل البحث والحوار.


الصفحة 125

اللقاء التاسع

وبعد صلاة المغرب حضرت لإكمال البحث والحوار.

مناقشة الأدلة وتفنيدها

السيد البدري: أما دليلك كبر سن الخليفة أبي بكر فقدموه لأنه أكبر سنا من علي بن أبي طالب عليه السلام.

صحيح إن أصحاب السقيفة استدلوا بهذا الدليل لإقناع الإمام علي عليه السلام ليبايع أبا بكر (1) ولكنه دليل ضعيف وكلام سخيف فلو كان كبر السن ملحوظا في المنصوب للخلافة، فقد كان في المسلمين والصحابة من هو أكبر سنا من أبي بكر، حتى إن والده أبا قحافة كان حيا في ذلك اليوم، فلم أخروه وقدموا ابنه؟!!

المؤلف: عفوا سماحة السيد إن الملاحظ عندنا والمعروف هو كبر السن والسابقة في الإسلام وقد كان سيدنا أبو بكر (رض) محنكا في الأمور ومحبوبا عند رسول الله صلى الله عليه وآله بينما سيدنا علي (كرم الله وجهه) كان حدث السن وغير محنك في مجربات الأمور.

السيد البدري: إذا كان كذلك يا أستاذ فلماذا قدم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا

____________

(1) قال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة، 12 فقال أبو عبيدة بن الجراح له (لعلي كرم الله وجهه يا بن عم! إنك حديث السن وهؤلاء مشيخة قومك ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور ولا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك وأشد احتمالا واستطلاعا، فسلم لأبي بكر هذا الأمر، فإنك إن تعش ويطل بك بقاء فأنت بهذا الأمر خليف وحقق، في فضلك ودينك، وعلمك، وفهمك، وسابقتك ونسبك وصهرك.

الصفحة 126
عليه السلام في كثير من الأمور والقضايا؟!

أولا: أروي لك هذه النكتة التي وردت في شرح ابن أبي الحديد الجزء الأول ص 222 قال: قيل لأبي قحافة والد الخليفة أبي بكر يوم ولي الأمر ابنه:

قد ولي ابنك الخلافة: فقرأ: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) ثم قال: لم ولوه؟

قالوا: لسنه! قال: أنا أسن منه!!

ثانيا: في غزوة تبوك، حينما عزم رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخرج مع المسلمين إلى تبوك وكان يخشى تحرك المنافقين في المدينة وتخريبهم خلف عليا عليه السلام ليدير أمور المدينة المنورة، دينيا وسياسيا واجتماعيا وقال له: أنت خليفتي في أهل بيتي ودار هجرتي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي.

ثالثا: تبليغ آيات من سورة براءة لأهل مكة حين كانوا مشركين فقد عين النبي صلى الله عليه وآله أبا بكر لهذه المهمة وأرسله إلى مكة وقطع مسافة نحوها، ولكن الله عز وجل أمر النبي صلى الله عليه وآله أن يعزل أبا بكر ويعين عليا عليه السلام لتبليغ الرسالة، ففعل النبي صلى الله عليه وآله وأرسل عليا عليه السلام فأخذ الرسالة من أبي بكر، فرجع إلى المدينة وذهب علي عليه السلام إلى مكة فوقف في الملأ العام من قريش ورفع صوته بتلاوة الآيات من سورة براءة وأدى تبليغ الرسالة، ونفذ الأمر، ورجع إلى المدينة (1).

____________

(1) قال ابن أبي الحديد في شرحه 4612 ط دار إحياء التراث العربي، بيروت وروى الزبير بن بكار في كتاب (الموفقيات) عن عبد الله بن عباس، قال: إني لأماشي عمر بن الخطاب في سكة من سكك المدينة، إذ قال لي: يا ابن عباس! ما أرى صاحبك إلا مظلوما! فقلت في نفسي: والله لا يسبقني بها، فقلت يا أمير المؤمنين! فأردد إليه ظلامته. فانتزع يده من يدي ومضى يهمهم

=>


الصفحة 127
رابعا: أنه صلى الله عليه وآله بعثه إلى اليمن ليهدي أهلها إلى الإسلام ويبلغهم الدين، ويقضي بين المتخاصمين، وقد أدى هذا الأمر على أحسن وجه.

المؤلف: وما جوابكم سماحة السيد عن قول سيدنا عمر (رض) بأن النبوة والحكم لا تجتمعان في أهل بيت واحد.

السيد البدري: أيها الأستاذ قول عمر باطل وزيفه واضح بدليل قوله تعالى:

(أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) (1).

فهذا الكلام إن كان ينسب إلى عمر فهو دليل على عدم إحاطته بالآيات القرآنية ومفاهيمها!

وإن كان عمر يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله فهو حديث مجعول. لأنه مخالف لكتاب الله العظيم.

ثم أيها الأخ المحاور: إن خلافة النبوة عندنا كخلافة هارون لأخيه موسى بن عمران حيث قال سبحانه وتعالى في كتابه:

____________

<=

ساعة، ثم وقف فلحقته، فقال: يا ابن عباس! ما أظن منعهم عنه إلا أنه استصغر قومه!

فقلت في نفسي: هذه شر من الأولى! فقلت: والله ما استصغره الله ورسوله حين أمراه أن يأخذ براءة من صاحبك!

فأعرض عني وأسرع، فرجعت عنه.

وروي أيضا: في الرياض النضرة؟؟ الطبري: 2 - 173.

(1) سورة النساء الآية 54.

الصفحة 128
(وقال موسى لأخيه هارون أخلفني في قومي وأصلح) (1).

فإن يكن عندكم، أنه يحق للمسلم أن ينفي خلافة هارون لموسى، فإنه يحق له أيضا عزل علي عليه السلام من خلافة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله.

فكما إن النبوة والخلافة اجتمعتا في أهل بيت عمران والد موسى وهارون كما ينص القرآن فيه، كذلك اجتمعتا للنبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام في بيت عبد المطلب، بالنصوص الكثيرة.

المؤلف: سماحة السيد إن الكلام والنقاش حول هذه المواضيع لا يزيد المسلمين إلا تنافرا وحقدا وابتعادا كيفما كان الأمر فنحن ما كنا في ذلك اليوم، ولم نحضر السقيفة حتى نلمس الأمر ونتحسس الأحداث فأقول لك (تلك أمة قد خلت) فنحن لا نحاسب عنهم إن أخطأوا.

السيد البدري: هذا جواب من لا يملك الحجة والدليل الشرعي، فيقول: (تلك أمة قد خلت) يجب على كل مسلم أن يتبع الحق لا أنه يستسلم للأمر الواقع فكم من ضلال وباطل قائم في الدنيا فهل يجوز للمسلم أن يتبعه ويتقبله، ثم يقول: إنه أمر واقع وليس لنا إلا أن نستسلم للأمر الواقع؟!

فالإسلام دين تحقيق لا دين تقليد.

قال سبحانه وتعالى: (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) (2).

فهل قول عمر أحسن أم قول رسول الله صلى الله عليه وآله؟!

____________

(1) سورة الأعراف الآية 142.

(2) سورة الزمر الآية 17 و 18.

الصفحة 129
فهل يجوز للمسلم أن يترك هذه النصوص الجلية والأحاديث النبوية المروية عن صحاحكم وتاريخكم.

المؤلف: لقد كررت الكلام بأن عليا كرم الله وجهه وبني هاشم وكثير من الصحابة (رضي الله عنهم)، لم يرضوا بخلافة أبي بكر ولم يبايعوه، ونحن نرى التواريخ كلها اتفقت على أن سيدنا عليا وبني هاشم وجميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله بايعوا أبا بكر.

السيد البدري: نعم بايعوا، ولكن أسألك كيف تمت هذه البيعة؟!

أما قرأت في كتب التاريخ والحديث أن عليا عليه السلام وبني هاشم وكثيرا من كبار الصحابة، ما بايعوا إلا بعد ستة أشهر بالتهديد والجبر، إذ جردوا السيف على رأس الإمام علي عليه السلام وهددوه بالقتل إن لم يبايع!

المؤلف: إني أعجب من سماحتك أيها السيد كيف تتفوه بهذا الكلام ما هو إلا من أساطير عوام الشيعة وجهلتهم، وقد أكد المؤرخون أن سيدنا عليا (كرم الله وجهه) بايع أبا بكر في لحظة استلامه للخلافة طوعا ورغبة، وأعلن موافقته لخلافة سيدنا أبي بكر (رض).

السيد البدري: ألم تقرأ كتب الصحاح والتاريخ أيها المحاور.

  • إرجع إلى صحيح البخاري: 3 - 37 باب غزوة خيبر لترى ما ترى..

  • راجع صحيح مسلم: 5 - 154 باب قول النبي صلى الله عليه وآله لا نورث.

  • وراجع كتاب الإمامة والسياسة: ص 14.

  • وراجع مروج الذهب، للمسعودي: 1 - 414.


    الصفحة 130

  • وابن أعثم الكوفي في الفتوح.

  • والحميدي في الجمع بين الصحيحين.

    كل هؤلاء: أخرجوا أن عليا وبني هاشم لم يبايعوا إلا بعد ستة أشهر.

    وروى ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة عن الصحيحين، عن الزهري، عن عائشة.

    فهجرته [ أبا بكر ] فاطمة ولم تكلمه في ذلك حتى ماتت، فدفنها علي ليلا، ولم يؤذن بها أبا بكر، وفي الخبر: فمكثت فاطمة ستة أشهر ثم توفيت.

    فقال رجل للزهري: فلم يبايعه علي ستة أشهر؟!

    قال: ولا أحد من بني هاشم، حتى بايعه علي.

    وذكر ابن قتيبة في الإمامة والسياسة (ص 13) تحت عنوان: (كيف كانت بيعة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه). قال: وإن أبا بكر (رض تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي (كرم الله وجهه)، فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقها على من فيها!

    فقيل له: يا أبا حفص! إن فيها فاطمة!

    فقال: وإن...

    وبعد عدة أسطر في نفس المصدر السابق له يقول: فدقوا الباب فلما سمعت أصواتهم، نادت بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة!

    فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين، وبقي عمر ومعه قوم

    الصفحة 131
    فأخرجوا عليا فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له: بايع.

    فقال: إن أنا لم أبايع فمه؟!

    قالوا: إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك!

    قال: إذا تقتلون عبدا لله وأخا رسوله.

    قال عمر: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسوله فلا.

    وأبو بكر ساكت لا يتكلم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟!

    فقال: لا أكرهه على شئ ما كانت فاطمة إلى جنبه.

    فلحق علي بقبر رسول الله صلى الله عليه وآله يصيح ويبكي وينادي (قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني) (1).

    وأعلم أيها الأخ المحاور أن مسؤوليتك خطيرة تجاه الجهلة والعوام لأنهم يأخذون منكم أنتم المثقفون - وأيضا العلماء - ولقد قيل: إذا فسد العالم فسد العالم.

    أنتم الشباب الواعي المثقف يجب عليكم أن تقرؤوا صحاحكم وتاريخكم ولا تتبعون أسلافكم المتعصبين وأتباعهم فلم تصدقون كل ما تسمعونه عن الشيعة المظلومين عبر التاريخ؟ بينما كل الأخبار التي تتحدث بها الشيعة هي من كتبكم فراجع وأقرأ بعين الإنصاف لأنك مسؤول غدا أمام الله عن هذه الأدلة، ولا تقل إن أبي وجدي كانوا كذا... الدين ليس بالوراثة والدين ليس عادات وتقاليد ورثناها عن آبائنا وأجدادنا فالدين علم، وفكر، ومنطق، واحتجاج، وبينة.

    ____________

    (1) سورة الأعراف الآية 150.

    الصفحة 132
    حتى لو اصطدمت مع والدك، حتى لو اصطدمت مع أستاذك، أو مع شيخك الذي تصلي خلفه، أو اختلفت فعليك اتباع البينة والحجة والبرهان والله الموفق إلى سبيل الرشاد.

    وثائق تاريخية

    لقد نقل لنا المحدثون والمؤرخون هذه الحوادث الأليمة في التاريخ وإليك أيها المحاور بعض الوثائق التاريخية التي تكون عندكم محل الوثوق والاعتبار.

    1 - غضب السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ويذكره البخاري في صحيحه (1) قائلا: (ماتت فاطمة وهي غاضبة عليهم) أي على (أبي بكر وعمر) وفي رواية ثانية (ماتت وهي واجدة عليهم).

    وأخذنا بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله (فاطمة سيدة نساء العالمين).

    فنستنتج بأن إمام زمان فاطمة عليها السلام هو علي بن أبي طالب الواجب الطاعة وهو الخليفة بعد رسول الأمة ألم يبادر إلى ذهنك أيها المحاور، أين قبر فاطمة؟

    فخذ الجواب من شاعر أهل البيت عليهم السلام الأزري:

    فلأي الأمور تدفن ليلا * بضعة المصطفى ويعفى ثراها
    فمضت وهي أعظم الناس وجرا * في فم الدهر غصة من جواها
    وثوت لا يرى بها من قبر * أي قدس يضمه مثواها

    ____________

    (1) صحيح البخاري: ج 5 - ص 177.

    الصفحة 133
    ثم أضيف لك أيها الأخ إنهم اغتصبوا حق فاطمة عليها السلام واحتجوا عليها بحديث (النبي لا يورث):

    المحاور: عفوا سماحة السيد النبي صلى الله عليه وآله قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث فالورثة هي العلم والحكمة.

    السيد البدري: أولا: هذا الحديث هو رواية آحاد وتفرد به الخليفة أبو بكر ثم قال الرسول صلى الله عليه وآله ستكثر من بعدي الكذابة فأعرضوا كلامنا على القرآن فإن وافق القرآن فخذوا به، وإن خالف القرآن فأضربوا به عرض الحائط فليكن رجوعنا إلى الميزان وهو القرآن لنرى هل هذا الحديث الذي استشهدت به يخالف القرآن أم يوافقه.

    الزهراء عليها السلام تخاطب الخليفة أبي بكر

    فاسمع قوله تعالى (وورث سليمان داوود).

    فإن قلت لي أن الميراث المطلوب في هذه الآية هو العلم والحكمة فاسمع قول الزهراء عليها السلام في خطبتها المشهورة للخليفة أبي بكر (يا ابن أبي قحافة! أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا!! أفعلى عمد تركتم كتاب الله، ونبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول: (وورث سليمان داوود) وقال: وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ قال:

    (فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب).

    وقال: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله).

    وقال: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين).

    وقال: (إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على

    الصفحة 134
    المتقين).

    وزعمتم أن لا حظوة لي، ولا إرث من أبي، ولا رحم بيننا، أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها؟

    أم تقولون: إن أهل ملتين لا يتوارثان؟

    أو لست أنا وأبي من ملة واحدة؟

    أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟! فدونكها مخطومة مرحولة، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة.

    يخسر المبطلون ولا ينفعكم إذ تندمون (ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون) (من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم).

    ألم يكفك جوابا قول الزهراء عليها السلام.

    المحاور: سماحة السيد الكلام قوي وبليغ ولكن أين دليل وسند هذه الخطبة؟

    السيد البدري: راجع نهج البلاغة شرح ابن أبي الحديد المعتزلي: الجزء الرابع ص 193. وبلاغات النساء لابن أبي طيفور.

    الإمام علي عليه السلام يذكر فدك في خطبته

    السيد البدري يتابع الحديث..

    ينقل لنا كلاما للإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة بمناسبة أرض فدك (..


    الصفحة 135
    فوالله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادخرت من غنائمها وفرا، ولا حزت من أرضها شبرا، بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء، فشحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس قوم آخرين، ونعم الحكم الله..).

    فهذا كلام الإمام علي عليه السلام يقول (ونعم الحكم الله).. ومعناه: أنني سوف أطالبهم حقي يوم الحساب.. يوم لا تظلم نفس شيئا.. والحكم يومئذ لله.

    الزهراء عليها السلام تشكوا اهتضامها لأبيها

    وأما سيدتنا فاطمة عليها السلام فقد قالت لأبي بكر وعمر: فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني فما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي صلى الله عليه وآله لأشكونكما إليه (الإمامة والسياسة) لابن قتيبة عليك مراجعته وكما نقل بعض المؤرخين كانت في أواخر أيام حياتها تخرج إلى قبر أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله وهناك تشكو اهتضامها وتقول: أبتاه أمسينا بعدك من المستضعفين، وأصبحت الناس عنا معرضين!! ثم تأخذ تراب القبر فتشمه وتنشد:

    ماذا على من شم تربة أحمد * أن لا يشم مدى الزمان غواليا
    صبت علي مصائب لو أنها * صبت على الأيام صرن لياليا

    فماتت مقهورة مظلومة، في ربيع العمر وعنفوان الشباب وأوصت إلى علي عليه السلام أن يغسلها ويجهزها ليلا، ويدفنها ليلا إذا هدأت الأصوات ونامت العيون، وأوصت أن لا يشهد جنازتها أحد ممن ظلمها وآذاها. وامتثل الإمام علي عليه السلام أمرها وعمل بوصيتها.


    الصفحة 136
    ولما وضعها في لحدها وأهال عليها التراب، هاج به الحزن فتوجه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:

    السلام عليك يا رسول الله عني وعن ابنتك النازلة في جوارك، والسريعة اللحاق بك، إلى أن يقول: فإنا لله وإنا إليه راجعون، فلقد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة! أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم، وستنبئك ابنتك بتفاخر أمتك على هضمها، السؤال، واستخبرها الحال، هذا ولم يطل العهد ولم يخل منك الذكر، والسلام عليكما سلام مودع لا قال ولا سئم...

    المحاور: كفى.. كفى.. رحم الله والديك لقد مزقتني من الداخل حيث كانت دموعي تجري على تلك المظلومية، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم:

    (إنا لله وإنا إليه راجعون) فلذة كبد النبي صلى الله عليه وآله وريحانته وسيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة، وأم الحسن والحسين، وزوجة الإمام علي (كرم الله وجهه) بطل الإسلام تموت مظلومة لم تعش بعد والدها سوى بضعة أشهر... تدفن ليلا. يهضم حقها ومن من؟ من الخلفاء أبي بكر وعمر!! يا للهول ويا للعجب فكانت أكبر نقاط الحوار تأثيرا في نفسي وفي كياني فتركت الجلسة ولم أستطع أن أكمل الحوار فاعتذرت من سماحة السيد وخرجت.

    في المنزل

    خرجت من منزل السيد البدري والوقت ما يقارب الساعة العاشرة ليلا.

    ووصلت إلى البيت حيث كنت منهكا فقالت لي زوجتي يبدو عليك الأرق والتعب فقلت لها: وأي تعب؟ فقالت لي وجهك مقلوب ومتغير.. عندما

    الصفحة 137
    ذهبت وجهك كان أفضل فقلت لها: نعم صحيح.. إن مظلومية السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام قد هدت كياني، ولم أكن أعلم كل هذا العمر الذي قضيته في المطالعة وقراءة الكتب والجامعة. بهذه المصيبة والفاجعة والمظلومية.

    مراجعة صحيح البخاري للوصول إلى الحقيقة

    تناولت من مكتبتي المتواضعة صحيح البخاري لأرى صدق كلام السيد البدري بأن فاطمة ماتت وهي غاضبة عليهم وفي رواية أخرى قال لي:

    (ماتت وهي واجدة عليهم) كما ذكر لي في صحيح البخاري كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، ج 5، ص 77 مطابع دار الشعب..

    وصحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فرض الخمس: ج 4 ص 42 دار الفكر.. والحديث في هذا مسند إلى عائشة وقد صرحت فيه أن الزهراء هجرت أبا بكر، فلم تكلمه بعد رسول الله، حتى ماتت فعندما وجدت الحديث ووقفت عليه متأملا.. فصرت أحدث نفسي لماذا علماؤنا علماء السنة.. لا يصرحون لنا بالحقيقة..؟!!

    هل الدين جاء لكتمان الحقائق أم للتصريح بها؟!!

    (فإنا لله وإنا إليه راجعون)!!

    اللقاء الأخير (ودخل النور إلى قلبي بمظلومية فاطمة عليها السلام)

    بعد وقوفي على حادثة ومظلومية الزهراء عليها السلام وتأملتها في صحيح البخاري رجعت إلى منزل السيد البدري بعد ثلاث أيام لأشكره على ما قدم لي من كتب و

    الصفحة 138
    أعطاني من وقته للبحث وقال لي يا بني (اللهم إشهد أني قد بلغتك على مذهب الحق مذهب أهل البيت عليهم السلام وأقام علي الحجة بعد هذه اللقاءات، وأصبحت هذه الحوارات أمانة في عنقك وحجة عليك، فالويل ثم الويل لمن بان له الحق وكتمه، فالويل ثم الويل.. لمن تجلت له الحقيقة وسكت عنها، ولم يدافع عنها ولم يدع لها.

    فقال لي يا بني أنا كبرت وتعبت وأتعبني قلبي وغدا سأسافر إلى بيروت إلى الجامعة الأمريكية لأعمل عملية للقلب، وفقرات الظهر وفعلا سافر السيد البدري وتم الرفض من قبل الجامعة الأمريكية لإجراء أي عمل جراحي له بسبب عدم تحمل القلب، وصمم أن يعمل فقط عمل جراحي لظهره في مشفى صيدا، وسافر بعدها إلى إيران، وكان يقول لي: مسؤوليتك كبيرة أمام الله ومعرفتك الحق أمانة، وأنت تسأل غدا عن هذه الأمانة فعاهدت السيد البدري على حفظ الأمانة ومتابعة البحث والطريق إن شاء الله تعالى وأسألك الدعاء سيدي فودعته وقبلت جبينه وخرجت وبعد ذلك وصلني نبأ وفاته في مدينة قم المقدسة بعد شهر. فبكيت عليه بكاء شديدا وسافرت إلى مدينة قم حيث لم أحضر جنازته فزرته وقرأت الفاتحة على ضريحه المقدس وعاهدته بمواصلة البحث والسير في الدعوة إلى طريق أهل البيت عليهم السلام حتى ألقى ربي وأنا في هذا الطريق إن شاء الله تعالى.


    الصفحة 139

    الفصل الثالث
    ثلاث حوارات من كتاب الشيخ الأنطاكي
    قاضي قضاة (حلب) استوقفتني

  • الحوار الأول: شيعي وسني يترافعان عنده.

  • الحوار الثاني: بين الشيخ الأنطاكي وأحد علماء الأزهر من مصر.

  • الحوار الثالث: مناظرة الشيخ الأنطاكي مع كبير علماء الشافعية في حلب.


    الصفحة 140

    الصفحة 141

    الحوار الأول
    شيعي وسني يترافعان عنده

    شيعي وسني يترافعان عند قاضي القضاة الشيخ الأنطاكي الذي تشيع.

    يقول الشيخ الأنطاكي:

    دخل علي يوما في حلب نفران من أهل حمص: أحدهما شيعي مستبصر والآخر سني مستهتر، وكانت بينهما مناقشة، أولوية علي عليه السلام بالخلافة فقال لي الشيعي، يقول صاحبي هذا وهو من أهل السنة: ليس هناك نص على علي عليه السلام بأنه الخليفة بعد رسول الله بلا فصل!

    فسألني السني هل هناك نص صريح؟

    فأجبته: نعم، بل نصوص صريحة في كتبكم ومصادركم، وأحلته على تاريخ الطبري، وابن الأثير والتفاسير أجمع. ذكرت له تفسير آية (وأنذر عشيرتك الأقربين).

    من تاريخ الكامل لابن الأثير والحديث بطوله، وقد رواه ابن الأثير بزيادة ألفاظ على ما رواه الطبري إلى أن انتهيت إلى قول النبي صلى الله عليه وآله:


    الصفحة 142
    (أيكم يا بني عبد المطلب يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي، وخليفتي من بعدي؟).

    وأجابه علي عليه السلام لما لم يجبه أحد منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:

    (هذا أخي، ووزيري، ووصيي، وخليفتي من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا) (1).

    ثم قلت له: أيها المحترم، أتطلب نصا أصرح من هذا النص؟

    فقال إذا ما صنعوا؟ ففهمت من قوله (ما صنعوا) يشير إلى اجتماعهم في السقيفة، وتنازعهم فيمن يخلف رسول الله صلى الله عليه وآله أمهاجرون أم أنصار فقلت له:

    هذا ما وقع، فقال: عجبا، عجبا، وانتهى الأمر وقال قولا في هذا المقام، ولا أريد ذكره، ثم استبصر وتشيع وذهب حامدا شاكرا.

    وقد بلغني من بعض الثقات أنه قام بالدعوة إلى المذهب الحق فتشيع على يده جماعات، والحمد لله على هذه النعمة، وهي نعمة الولاء والبراء.

    الحوار الثاني
    بين الشيخ الأنطاكي وبين أحد علماء الأزهر

    في اليوم السابع من شهر ذي القعدة الحرام عام 1371 هـ‍ قبيل الظهر، أخبرني أحد وجهاء حلب، وهو الأستاذ (شعبان أبو رسول). بأن أحد مشايخ الأزهر، وهو علامة كبير، ومؤلف شهير يقصد زيارتكم، فمتى يأتيكم؟ فقلت:

    ____________

    (1) تاريخ الطبري: ج 3 - ص 560.

    الصفحة 143
    يا أهلا وسهلا، فليشرف في هذا اليوم.

    فجاءني بعد العصر، وبعد أن أخذ بنا المجلس ورحبت به، سألني قائلا:

    إنني قصدتك للاستفسار عن السبب الذي دعاكم على الأخذ بالمذهب الشيعي، وترككم المذهب السني الشافعي؟

    فأجبته بكل لطف: الدواعي كثيرة جدا، منها:

    رأيت اختلاف المذاهب الأربعة فيما بينهم، ومنها، ومنها، وقد أخذت أعدد له الأسباب التي دعتني إلى الأخذ بالمذهب الشيعي، ثم قلت: وأهمها أمر الخلافة العظمى التي هي السبب الأعظم في وقوع الخلاف بين المسلمين إذ لا يعقل أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله يدع أمته بلا وصي عليهم يقوم بأمر الشريعة التي جاء بها عن الله كسائر الأنبياء.

    إذ ما من نبي إلا وله وصي أو أوصياء معصومون يقومون بشريعته وقد ثبت عندي أن الحق مع الشيعة، إذ معتقدهم أن النبي صلى الله عليه وآله قد أوصى لعلي عليه السلام قبل وفاته بل من بدء الدعوة وبعده أولاده الأئمة الأحد عشر، وأنهم يأخذون أحكام دينهم عنهم، وهم أئمة معصومون في معتقدهم بأدلة خاصة بهم، لهذا وأمثاله أخذت بهذا المذهب الشريف، ثم إنا لم نعثر على دليل يوجب علينا الأخذ بأحد المذاهب الأربعة، بل ولا مرجح أيضا غير أننا عثرنا على أدلة كثيرة توجب الأخذ بمذهب أهل البيت عليهم السلام وتقود المسلم إلى سواء السبيل.

    ثم عرضت له كثيرا من الأدلة القطعية الصريحة بوجوب الأخذ بمذهب أهل البيت عليهم السلام وكله سمع يصغي إلي - إلى أن قلت -: يا فضيلة الشيخ! أنت من العلماء الأفاضل، فهل وجدت في كتاب الله، وسنة الرسول صلى الله عليه وآله دليلا يرشدك

    الصفحة 144
    إلى الأخذ بالمذاهب الأربعة؟

    فأجابني: كلا، ثم قلت له:

    ألا تعرف أن المذاهب الأربعة كل واحد منهم يخالف الآخر في كثير من المسائل (1) ولم يقيموا دليلا قويا، وبرهانا جليا واضحا على أنه الحق دون غيره، وإنما يذكر الملتزم بأحد المذاهب أدلة لا قوام لها، إذ ليس لها معضد من كتاب أو سنة فهي كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار؟

    مثلا لو سألت الحنفي: لم اخترت مذهب الحنفية دون غيره؟

    ولم اخترت أبا حنيفة إماما لنفسك بعد ألف عام من موته، ولم تختر المالكي أو الشافعي، أو أحمد بن حنبل مع بعض مزاياهم التي يذكرونها؟ فلم يجبك بجواب تطمئن إليه النفس.

    والسر في ذلك إن كل واحد منهم لم يكن نبيا، أو وصي نبي وما كان يوصي إليهم، ولم يكونوا ملهمين، بل أنهم كسائر من ينسب إلى العلم وأمثالهم كثير وكثير من العلماء.

    ____________

    (1) الشافعي يقول: إن لمس المرأة الأجنبية يوجب الوضوء (في كتابه الأم): ج 1 ص 15. والحنفي يقول: بخلافه: (بدائع الصنائع: ج 1 ص 30). والمالكي يقول: إن اللمس إذا كان بشهوة، أو عن عمد وجب الوضوء وإلا فلا. (مالك في كتابه المدونة الكبرى: ج 1 ص 13).

    والشافعي: يجيز نكاح البنت من الزنا يخالفه الثلاثة (الشافعي في كتابه الأم: ج 7 - ص 155) ويقول مالك: بجواز أكل لحم الكلاب ويخالفه الثلاثة. والشافعي: يجيز أكل لحم الضبع والجري والثعلب (حلية العلماء: ج 3 ص 407) والقنافذ يحلها الشافعي، والآخرون يحرمونها (المصدر السابق،... من التناقضات والمخالفات.

    الصفحة 145
    ثم إنهم لم يكونوا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وأكثرهم، أو كلهم، لم يدركوا النبي صلى الله عليه وآله ولا أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فاتخاذ مذهب واحد منهم، وجعله مذهبا لنفسه، والالتزام به وبآرائه التي يمكن فيها الخطأ والسهو وكل واحد منهم ذو آراء مشتتة يخالف بعضها بعضا لا يقرها العقل ولا البرهان، ولا تصدقه الفطرة السليمة، ولا الكتاب، ولا السنة، ولا حجة لأحد على الله يوم الحساب، بل لله الحجة البالغة عليهم، حتى أنه لو سأل من التزم بأحد المذاهب الأربعة في يوم القيامة، بأي دليل أخذت بمذهبك هذا؟

    لم يكن له جواب سوى قوله:

    (إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) (1)!

    أو يقول: (إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا) (2)!

    فبالله عليك يا فضيلة الشيخ، هل يكون لملتزمي أحد المذاهب الأربعة يوم القيامة أمام الله الواحد القاهر جوابا؟

    فأطرق رأسه مليا، ثم رفع رأسه، وقال: لا. فقلت: هل يكون أحد معذورا بذلك الجواب؟ أجابني: كلا. ثم قلت: وأما نحن المتمسكين بولاء العترة الطاهرة - آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله - العاملين بالفقه الجعفري، فنقول في يوم الحساب عند وقوفنا أمام الله العزيز الجبار: ربنا إنك أمرتنا بذلك، لأنك قلت في كتابك: (ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (3).

    ____________

    (1) سورة الزخرف الآية 23.

    (2) سورة الأحزاب الآية 67.

    (3) سورة الحشر: الآية 7.