وأبو حامد الغزالي (450 / 505هـ).
وأبو اسحاق الأسفراييني المتوفى عام 418هـ، له كتاب كبير في علم الكلام أسماه الجامع في أصول الدين والرد على الملحدين.
وأبو المعالي الجويني (419 / 478هـ) له كتاب غياث الأمم في التياث الظلم.
الفخر الرازي (544 / 606هـ) له أساس التقديس في علم الكلام، والبيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والضلال بالإضافة إلى تفسيره الشهير للقرآن.
الماتريدية:
وهي فرقة تنسب لأبي منصور محمد الماتريدي السمرقندي، وقد برز بفرقته في بلاد ما وراء النهر في ظل حكم يدين بالولاء لأهل السنة وفي ظل واقع تسوده فرقة الأحناف، فمن ثم أخذ الماتريدي في التركيز على الجانب العقائدي تاركاً أمور الفقة لفرقة الأحناف التي كان ينتمي إليها.
وقد دخل الماتريدي في صدامات مع الفرق الأخرى من فرق أهل السنة وغيرهم، وصنف الكثير من الكتب والردود.
ولم يبرز الماتريدي بأفكار جوهرية تميّزه عن فرقة الأشاعرة أو الحنابلة في مجال الإعتقاد إلاّ أن أفكاره أخذت قيمتها وسلطت عليها الأضواء لكونها برزت في ظل واقع كان خالياً ممن يزوّد عن اهل السنة ويبرز عقائدهم في مواجهة الفرق المتربصة بهم في منطقة الماتريدي.
إن هناك خلافات طفيفة بين الماتريدي والأشعري دفعت بالأشاعرة إلى الطعن في الماتريدي وفرقته.
وهذا ما دفع ببعض المتأخرين إلى اعتبار الأشاعرة والماتريدية هما جناحا أهل السنة، وإذا كان الأشعري قد برز للتوفيق بين أهل السنة (أهل الحديث) وأهل العقل (المعتزلة)، فإن الماتريدي برز للتوفيق بين الأشاعرة والمعتزلة حيث أن الأشاعرة لم يقدّروا العقل حق قدره
من هنا فإن الأفكار التي برز بها الماتريدي تدور في هذا المحيط، وهي تنحصر فيما يلي:
ـ العقل يستقبل بمعرفة الله لا معرفة الأحكام.
ـ صفات الله غير ذاته.
ـ كلام الله قديم غير مؤلف من حروف ولا كلمات حادثة، وهي تدل على المعنى.
ـ رؤية الله يوم القيامة اختص الله بكيفيتها وأحوالها.
ـ العقل يستطيع أن يدرك حسن بعض الأشياء وقبحها.
ـ أفعال الله تعالى تكون على مقتضى الحكمة.
ـ أفعال العباد مخلوقة ولا عقاب ولا ثواب إلاّ وللعبد اختيار فيما يستحق عليه الثواب وما يستحق عليه العقاب.
ومن سوء حظ فرقة الماتريدية أن الدول التي احتضنتها في بلاد ما وراء النهر قد زالت مثل دولة السامانيون، وحلت محلها دول أخرى مما أثّر بالسلب على أفكار الفرقة وحصرها في دائرة موطنها وحال دون انتشارها في بقاع أخرى(1).
ومن أبرز رموز هذه الفرقة: أبو المعين النسفي (438 / 508هـ) له كتاب تبصره الأدلة، وهو المرجع الأساسي للفرقة، وله كتاب بحر الكلام.
ونجم الدين عمر النسفي (462 / 537هـ) كان صاحب نشاط واسع
____________
1- سلّطت الأضواء بصورة أكثر على الأشاعرة كما أشرنا سابقاً.
العقائد النسفية وهو يترجم عقائد الماتريدية.
مجمع العلوم، والنجاح في شرح كتاب أخبار الصحاح وهو في شرح البخاري.
الظاهرية:
لم يسترح داود بن علي الأصبهاني لفكرة الاجماع والقياس وسائر مصادر الفقة التي ابتدعها الشافعي الذي كان من أشد المتعصبين له والسائرين على نهجه فأعلن الخروج على فرقة الشافعية محدداً المصادر الشرعية في النصوص من الكتاب والسنة فقط رافضاً الاجتهاد والتقليد معتبراً أن حق المسلمين فهم الدين والتحدث بلسانه ما داموا يفهمون اللغة العربية.
من هنا أطلق على هذه الفرقة اسم الظاهرية لكونهم يأخذون بظاهر النصوص، وشنّت عليهم حرباً شعواء من فرقة الشافعية والفرق الأخرى التي اتهمتهم بالجهل وحرّضت عليهم الحكام كي لا يمنحوهم مناصب القضاء.
إلاّ أنه رغم هذا كله استطاعت الفرقة الظاهرية أن تثبت أقدامها في ساحة الفرق وتنتشر في أوساط المسلمين وتصبح منافساً قوياً للفرق الأخرى في عصرها.
وقد تمكنت الفرقة الظاهرية من الوصول إلى الأندلس حيث تلقفها هناك ابن حزم، وقوبلت الأفكار الظاهرية بمواجهة شديدة من قبل الفرقة
وقام ابن حزم بدور كبير في نشر الأفكار الظاهرية في الأندلس ولاقى مقاومة شديدة من فقهاء المالكية واستمر على نهجه الظاهري حتى أصبح من رموز الفرقة الظاهرية، وصنف الكثير من الكتب في هذا المجال ومجالات أخرى أدبية وفلسفية وعقائدية.
وكان من أمر خصومه أن سعوا لدى المعتضد حاكم أشبيلية، فصادر كتب ابن حزم وأحرقها علانية.
وما يمكن قوله حول فرقة الظاهرية أنها لم تستمر طويلا ولم تلق دعماً من أحد كما هو حال فرق أهل السنة السابق ذكرها فكتب عليها الاندثار لتصبح في ذمة التاريخ كما هو حال المرجئة والجبرية والقدرية وغيرها من الفرق التي تخلّى عنها الحكام وأصحاب النفوذ.
إلاّ أن تبني ابن حزم لفرقة الظاهرية قد ساعد على نشرها في بلاد الأندلس حيث أن نشاطه ومصنفاته الكثيرة قد أحرج بها خصومه وفرض الظاهرية على ساحة الواقع.
خلاصة أفكار ابن حزم:
ـ لم يرتّب القرآن أحد إلاّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كما هو عن الله تعالى(1).
ـ زيادة القبور فرض.
____________
1- هذا القول يناقض أقوال فرق السنة الأخرى وما عليه الإجماع عند أهل السنة من أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)مات وترك القرآن غير مجموع. وقول ابن حزم هذا تقول به الشيعة. انظر باب فضل القرآن في البخاري. وانظر لنا دفاع عن القرآن ضد الفقهاء والمحدّثين.
ـ لا يجرى عمل في الدين إلاّ بسنة(1).
ـ لم يكن لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وصي قط، لا علي ولا غيره(2).
ـ لا يكره تقبيل اليد والرجل من السلطان.
ـ لعن الكافر قربة إلى الله، وكذلك السارق، ولا يحل لعن شارب الخمر، ولكن يدعى له بالتوبة.
ـ الجهاد أفضل الاعمال بعد الفرائض.
ـ لا يرد على أهل الذمة ـ السلام ـ إلاّ "وعليك".
ـ المقتتلان لغرض الدنيا في النار.
ـ الإسراء بالرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بجسده وروحه.
ـ أهل التأويل وأهل الجهل ليسوا كفاراً(3).
____________
1- هذا القول يبيّن وجهة ابن حزم التي تأخذ بظاهر النص والتعصب للروايات وعدم الاجتهاد.
2- هذا الكلام موجّه إلى الشيعة الذين يقولون بأن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى لعلي بالإمامة من بعده. وهو موجه إلى أهل السنة أيضاً الذين يقولون بأن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى لأبي بكر بالخلافة من بعده.
3- يرد ابن حزم هنا على فرق أهل السنة الأخرى التي تقول بكفر من خالفهم في الاعتقاد وكفر تارك الصلاة وكفر المعتزلة والجهمية والشيعة الذين يتبنّون نهج التأويل في مواجهة صفات الله الواردة في القرآن، وتبنى هذا النهج يعني رفض الروايات الواردة في كتب السنن حول صفات الله أو التشكيك فيها وتأويلها إذ أن هذه الروايات قادت فرق أهل السنة إلى القول بأن صفات الله حقيقة لا مجازاً كما يقول أهل التأويل.
ـ بقاء الجنة والنار.
ـ عذاب القبر حقيقة.
ابن تيمية:
كان ابن تيمية من اتباع الفرقة الحنبلية، ثم برز ببعض الأفكار الشاذّة التي ألّبت عليه الفرق الأخرى ودفعت بالحنابلة إلى التبرأ منه.
وقد عاصر ابن تيمية فترة الحكم المملوكي في مصر والشام، وذلك في النصف الثاني من القرن السادس الهجري إلى النصف الأول من القرن السابع.
وشغل ابن تيمية وفرقته بخصومهم من الفرق الأخرى، واشتعلت الحرب بينهم وقام فقهاء الفرق الأخرى ـ خاصة رموز الفرق الصوفية التي كان يركز العداء عليها ابن تيمية وفرقته ـ بتحريض حكام المماليك عليه فقبض عليه وحوكم من قبل الفقهاء وحبس حتى مات في الحبس.
وحاول تلميذ ابن تيمية ابن القيم الجوزية ومعه ابن كثير الدمشقي إحياء أفكار ابن تيمية وفرقته بعد موته فقبض عليهما.
أما أفكار ابن تيمية التي أثارت الفرق الأخرى عليه وأدت إلى محاكمته وحبسه فهي:
ـ القول بالتجسيم.
ـ القول بنفي المجاز في اللغة والدين.
ـ رفض المنطق والفلسفة وعلم الكلام.
ـ مقاومة الفرق الصوفية والأشاعرة والمعتزلة والشيعة.
ـ تحريم شد الرحال إلى مسجد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم).
ـ القول بفناء النار.
ولم يكتب لفرقة ابن تيمية وأفكاره البقاء والاستمرار والانتشار لا في حياته ولا بعد موته حتى جاءت الفرقة الوهابية، فبعثتها من جديد ولقّبت ابن تيمية بلقب لم يحصل عليه في عصره وهو لقب شيخ الإسلام.
وقد سار على نهج ابن تيمية من بعده تلميذه ابن القيم الجوزية الذي قام بنظم عقائد ابن تيمية في نونيته(1).
وصنّف كثير من المصنفات، إلاّ أنه في آخر حياته مال إلى الزهد والرقائق وسار على نهجه أيضاً ابن كثير الدمشقي صاحب تفسير القرآن العظيم وكتاب البداية والنهاية في التاريخ(2).
____________
1- وهي قصيدة تنتهي أبياتها بحرف النون وقد ردّ عليه السبكي الكبير بكتاب السيف الصقيل في الردّ على ابن زفيل الزرعي المعروف بابن القيم. توفي السبكي عام 756هـ وتوفي ابن القيم 751هـ.
2- توفي ابن كثير عام 474هـ، وكلاهما نالا من فرق أهل السنة الأخرى ونالوا منهما.
فرق الرواة
ولقد لعبت السياسية دوراً فاعلا في دعم الفرق وتصفية خصومها من أهل العقل والفكر والرأي وحتى أصحاب الأحاديث والروايات التي لا تخدم الخط السائد.
من هنا أخذت فرق الرواة مكانة كبيرة ودخلت دائرة القداسة وسادت على الفرق الأخرى، مما دفعها إلى الاعتقاد بحصر الفرقة الناجية في دائرتها(1).
ويلاحظ أن زمن بروز هذه الفرق زمناً واحداً والاختلافات السائدة بينها تكاد تكون خلافات وهمية تدور حول ترتيب الروايات وتبويبها والحكم على رجالها.
هناك فرق شككت في عدد من الرواة وجرحتهم، وبالتالي رفضت قبول رواياتهم.
وهناك فرق قبلت هؤلاء الرواة وعدلتهم، وبالتالي اعتمدت رواياتهم.
____________
1- وهذا ما دفع بكثير من الفرق المعاصرة إلى الاتجاه نحو الرواية والتركيز عليها.
وهناك فرق برزت في مواطن أخرى تعصبت لها ودعمتها(1).
أن هناك ثلاثة عوامل ساهمت في دعم فرق الرواة وانتشارها تمثّلت فيما يلي:
ـ الحكام.
ـ الفقهاء.
ـ المكان.
وهذه العوامل الثلاثة أسهمت في سيادة فرق على حساب فرق أخرى، وعلى رأس هذه الفرق فرقة البخاري وفرقة مسلم.
____________
1- ركز أهل خراسان على فرقة البخاري وفرقة مسلم، بينما ركز أهل العراق ومصر والمغرب على فرقة أبي داود.
فرقة البخاري:
وهي تنسب إلى محمد بن إسماعيل البخاري، وتعد فرقته من أشهر فرق الرواة، وقد قدّمها الفقهاء على جميع فرق الرواة الأخرى واعتبروا الأحاديث التي جمعها البخاري أصح الأحاديث وكتابه أصح الكتب بعد كتاب الله جل جلاله.
وكان البخاري كثير السفر والتجوّل من أجل جمع الروايات، فرحل إلى مصر والشام وخراسان والبصرة والحجاز والجزيرة بحثاً عن الحديث والمحدثين(1).
قال ابن حجر: لما رأى البخاري هذه التصانيف ـ أي تصانيف من سبقوه في عالم الرواية كابن حنبل وإسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة ـ ورواها وانتشق رياها واستجلى محياها وجدها بحسب الوضع جامعة بين ما يدخل تحت التصحيح والتحسين والكثير منها يشمله التضعيف فلا يقال لغثة ثمين، فحرك همته لجمع الحديث الصحيح الذي لا يرتاب فيه أمين، وقوى عزمه على ذلك ما سمعه من أستاذه اسحاق بن راهويه(2).
____________
1- انظر وفيات الأعيان لابن خلكان ج3 / 331، وانظر تذكرة الحفاظ للذهبي ج1.
2- أنظر مقدمة فتح الباري شرح البخاري لابن حجر العسقلاني.
وروى عنه قوله: لم أخرج في هذا الكتاب إلاّ صحيحاً، وما تركت من الصحيح أكثر(2).
وقد وجهت للبخاري الكثير من الطعون من فرق الرواة الأخرى ورموزها على رأسهم الدارقطني رد عليها أتباع فرقته(3).
واشتهر البخاري بعدد من الفتاوى الشاذة التي أثارت القوم عليه، منها فتوى بوقوع التحريم من لبن الحيوان، أي من رضاع أثنين من لبن شاة أو بقرة سوياً، فإنه يقع عليهما التحريم إن كانا ذكر وأنثى وسائر أحكام الرضاع(4).
____________
1- المرجع السابق.
2- المرجع السابق.
3- المرجع السابق. وهذه المقدمة وضعها ابن حجر للدفاع عن البخاري ضد الطعون الموجهة إليه. وانظر شرح القسطلاني على البخاري. ويروى أن البخاري قدم نيسابور عام 250هـ فأقبل عليه الناس ليسمعوه وسئل عن اللفظ بالقرآن فقال: أفعالنا مخلوقة وألفاظنا من أفعالنا. وهو ما يخالف اتجاه الفرق الأخرى من أهل السنة الذين اتهموه بالابتداع ومنعوا عنه الناس وفرّ من نيسابور خوفاً على نفسه. انظر ارشاد الساري ج2/203.
4- المعروف أن الحرمة بسبب الرضاع تقع حين يتم الرضاع من إمرأة ولا يعقل أن يرتبط التحريم بالبهائم.
وفتوى بعدم جواز استتار المرأة عن الضيف(2).
وروى ابن حجر أن البخاري مات ولم يتم كتابه(3).
وروى عن البخاري قوله: رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر، فقيل له يا أبا عبد الله، بكماله؟
فسكت(4).
____________
1- انظر الكفاية في شرح الهداية في الفقه الحنبلي.
2- المرجع السابق. وانظر تذكرة الحفاظ ووفيات الأعيان.
3- مقدمة فتح الباري.
4- أنظر تاريخ بغداد للخطيب ج2/11، وانظر إرشاد الساري ج2/201، توفي البخاري عام 256هـ.
فرقة مسلم:
وتنسب هذه الفرقة إلى مسلم بن الحجاج القشيري الذي اختلف مع البخاري وسلك سبلا مختلفة عنه في جمع الروايات(1).
وقد عدّ الفقهاء فرقة مسلم في المرتبة الثانية بعد فرقة البخاري، وقدّمه آخرون على البخاري، وطعن فيه آخرون(2).
وقال مسلم عن كتابه الذي صنفه في الحديث: ليس كل شيء صحيح عندي وضعته ههنا، وإنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه(3).
وعلّق النووي على قوله هذا في شرحه لكتاب مسلم قائلا: أما قول مسلم فمشكل فقد وضع فيه أحاديث كثيرة مختلفاً في صحتها لكونها من
____________
1- كان مسلم لا يروي بالمعنى كما هو حال البخاري، وتجنب نقل أقوال الصحابة وإضافتها إلى الأحاديث المنسوبة إلى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ويبوّب الأحاديث على أساس الأحكام مما يضطره إلى تقطيع الحديث الواحد وتفريقه في عدة أبواب لكونه يحمل عدّة أحكام. وتبنى مسلم الكثير من الأحاديث التي رفضها البخاري على رأسها أحاديث أئمة آل البيت(عليهم السلام).
2- انظر مقدمة المنهاج في شرح مسلم بن الحجاج النووي المعروف بشرح النووي على مسلم. وانظر مقدمة ابن الصلاح. وقد بلغت الأحاديث التي أخذوها على مسلم وانتقد بسببها (132) حديثاً. وانتقد من رواته أكثر من مائة راو. انظر كتب الجرح والتعديل.
3- مقدمة شرح النووي على مسلم.
وصنّف مسلم الكثير من الكتب الأخرى في مجال الحديث وغيره منها:
كتاب أولاد الصحابة.
وكتاب أوهام المحدثين.
وكتاب سؤالات أحمد بن حنبل.
وكتاب العلل.
وكتاب الأسماء والكنى.
وكتاب الانتفاع بإهب السباع(2).
____________
1- انظر تذكرة الحفاظ للذهبي ج2 ترجمة مسلم بن الحجاج. وقد ضم مسلم في كتابه أربعة آلاف حديث دون المكرر.
2- انظر مقدمة النووي وتذكرة الحفاظ، توفي مسلم عام 261هـ.
فرقة أبي داود:
وهي فرقة تنسب إلى سليمان بن الأشعث الأزدي المعروف بأبي داود، وقد قام بجمع الأحاديث التي تركز على الفقه ليتميز على البخاري ومسلم.
قال ابن القيم عن كتاب أبي داود: كتاب السنن لأبي داود من الإسلام بالموضع الذي خصّه الله تعالى به بحيث صار حكماً بين أهل الإسلام، وفصلا في موارد النزاع والخصام، فإليه يتحاكم المنصفون، وبحكمه يرضى المحقون، فإنه جمع شمل أحاديث الأحكام ورتبها أحسن ترتيب ونظمها أحسن نظام، مع انتقائها أحسن انتقاء، وإطراحه منها أحاديث المجروحين الضعفاء(1).
وقال أبو داود: ذكرت في كتابي الصحيح وما يشبهه وما يقاربه، وما كان فيه وهن شديد بينته(2).
وقد جمع أبو داود في كتابه أربعة آلاف وثمانمائة حديث(3).
وقال الخطابي: كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنف في علم
____________
1- انظر مقدمة سنن أبي داود.
2- انظر تذكرة الحفاظ ج2 ترجمة رقم 615.
3- المرجع السابق وانظر مقدمة أبي داود.
واعتبر بعض الفقهاء أن أبا داود تفوّق على البخاري ومسلم في تصنيف الحديث(2).
قال ابن العماد: كان رأساً في الحديث، رأساً في الفقه(3).
وقال إبراهيم الحربي: ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد(4).
وكان أبو داود قد طاف البلاد بحثاً عن الحديث وكتب عن العراقيين والخراسانيين والشاميين والمصريين والجزريين(5).
____________
1- مقدمة أبي داود وانظر تذكرة الحفاظ.. وقال الخطابي أيضاً: هو أحسن وضعاً وأكثر فقهاً من البخاري ومسلم. انظر كتب الجرح والتعديل ووفيات الأعيان لابن خلكان.
2- انظر المراجع السابقة.
3- شذرات الذهب في أخبار من ذهب ج2، أخبار عام 275هـ.
4- انظر المرجع السابق وما سبقه من المراجع.
5- المراجع السابقة، توفي أبي داود عام 275هـ.
فرقة الترمذي:
وهي تنسب إلى محمد بن عيسى الترمذي الذي قام بجمع الأحاديث بطريقة مختلفة عن فرق الرواة الأخرى(1).
ويعدّ الترمذي أول من قام بتقسيم الأحاديث وتصنيفها وابتداع أقسام الحديث الثلاثة صحيح وحسن وضعيف، وقد كانت الفرق الأخرى تقسم الحديث إلى قسمين فقط هما: صحيح وغير صحيح(2).
وكان الترمذي قد تتلمذ على يد البخاري، وقال عنه ابن حبان: كان ممن جمع وصنّف وحفظ وذاكر(3).
وقال الترمذي: صنفت هذا الكتاب ـ أي كتابه الجامع للأحاديث ـ فعرضته على علماء الحجاز والعراق وخراسان فرضوا به، ومن كان في
____________
1- قال الهروي (396 ـ 481هـ) عن كتاب الترمذي: كتابه عندي أنفع من كتاب البخاري ومسلم، وقال طاش زاده في مفتاح السعادة: كتابه الصحيح أحسن الكتب وأكثرها فائدة وأحسنها ترتيباً، وقال ابن الأثير في تاريخه: في سنن الترمذي ما ليس في غيرها من ذكر المذاهب ووجوه الاستدلال وتبيين أنواع الحديث من الصحيح والحسن والغريب.. انظر مقدمة سنن الترمذي تحقيق أحمد شاكر.
2- انظر شرح علل الترمذي لابن رجب. وانظر اختصاراً علوم الحديث لابن الأثير. وانظر تذكرة الحفاظ ج2 ترجمة رقم 658.
3- انظر تذكرة الحفاظ وتاريخ ابن الأثير ومقدمة أحمد شاكر.
وللترمذي عدة مصنفات منها:
الشمائل.
الأسماء والكنى.
الزهد(2).
____________
1- تذكرة الحفاظ. وانظر وفيات الأعيان. ومقدمة أحمد شاكر.
2- انظر المراجع السابقة.
وقد ذكر ابن الأثير وابن رجب وغيرهما أن الترمذي جمع الكثير من الأحاديث المنكرة. انظر اختصار علوم الحديث وعلل الترمذي، توفي الترمذي عام 279هـ.
فرقة النسائي:
وتنسب إلى أحمد بن شعيب النسائي صاحب السنن، زكاه كثير من الفقهاء غير أنهم تحفّظوا تجاهه فيما يتعلق بمواقفه من بعض الروايات الخاصة بفضائل الصحابة، وقد اتهم بالميل نحو التشيع لآل البيت(عليهم السلام)(1).
وكان النسائي قد طاف كثير من البلاد، ثم استقر بمصر ليصبح أمام الحديث فيها.
قال ابن العماد نقلا عن الحاكم: النسائي أفقه مشايخ مصر في عصره وأعرفهم بالصحيح والسقيم من الآثار وأعرفهم بالرجال(2).
وقال الذهبي: هو أحفظ من مسلم(3).
وروى أن النسائي خرج من مصر إلى دمشق في آخر عمره، فسئل بها عن معاوية وما جاء من فضائله؟
فقال: ألا يرضى رأساً برأس حتى يفضل؟
____________
1- انظر تذكرة الحفاظ ج2 ترجمة رقم 719. وانظر شذرات الذهب ج2 أخبار عام 303هـ، وانظر وفيات الأعيان. وانظر اختصار علوم الحديث.
2- شذرات الذهب.
3- المرجع السابق.
وسبب هذه الحادثة أن النسائي صنف كتاباً في خصائص الإمام علي، فأنكر عليه القوم ذلك بتركه تصنيف فضائل الشيخين(2).
وهناك الكثير من فرق الرواة الأخرى التي لم تحظ بالشهرة الكافية والتقدير الكافي من أهل السنة.
وعلى رأس هذه الفرق فرقة ابن ماجة القزويني التي عدّها البعض سادس فرق الرواة بينما قدّم عليها البعض فرقة الدارمي.
قال النووي: الصواب أنه لم يفت الخمسة ـ البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ـ إلاّ اليسير(3).
وقال ابن خلدون: وهذه هي المسانيد المشهورة في الملة، وهي أمهات كتب الحديث في السنة، وإنها إن تعددت ترجع إلى هذه في الأغلب(4).
وبالإضافة إلى فرقة ابن ماجة والدارمي هناك فرق الطبراني
____________
1- انظر المراجع السابقة. وهناك روايات اخرى حول هذه الحادثة، منها أنه قيل له ألا تخرج فضائل معاوية؟ فقال: أي شيء أخرج؟ حديث اللهم لا تشبع بطنه. فسكت السائل.. والحديث المذكور رواه مسلم بلفظ مختلف، توفي النسائي عام 303هـ.
2- كان ردّ النسائي على هذا الاتهام هو قوله: دخلت دمشق والمنحرف عن علي بها كثير فصنفت كتاب الخصائص رجوت أن يهديهم الله. انظر المراجع السابقة.
3- انظر التقريب والتيسير في مختصر الارشاد.
4- انظر المقدمة.