____________
1- ابن ماجة هو أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني ت 273هـ.
والدرامي هو أبو محمد عبد الله عبد الرحمن ابن الفضل التميمي السمرقندي ت 255هـ.
والطبراني هو أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الشامي الطبراني ت 360هـ.
والدارقطني هو أبو الحسن على بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي ت 385هـ.
وابن حبان هو محمد بن حبان بن أحمد بن معاذ اليمني البستي ت 354هـ.
وابن خزيمة هو أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري ت 311هـ.
والبيهقي هو أبو بكر أحمد بن الحسن بن علي بن موسى الخسروجردي ت 458هـ.
وابن أبي عاصم هو أبو بكر أحمد بن عمرو بن النبيل أبي عاصم الشيباني قاضي أصبهان ت 287هـ.
والحاكم هو محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري صاحب المستدرك على البخاري ومسلم ت 378 هـ.
انظر تذكرة الحفاظ. هذا بالإضافة إلى فرقة أبي عوانة ت316هـ، والخوارزمي ت435هـ، وأبي يعلى ت307هـ، وابن أبي شيبة ت235هـ، والحميدي ت219هـ، وغيرهم كثير.
فرق الحاضر
غير أن ظهور الفرقة الوهابية أحيا الفرقة الحنبلية وفرقة ابن تيمية في آن واحد.
من هنا وجد المسلمون أنفسهم في مواجهة ثلاث فرق خطرة متطرفة زرعت بذور الشقاق والتخلّف بينهم.
إن المتتبع لحالة الفرقة والتعددية والخلاف والشقاق والتطرف السائد في واقع أهل السنة يجد أنها نبعت من الفرقة الوهابية أو تأثرت بها ولا يستثنى من ذلك إلاّ الفرق الصوفية وفرقة الأزاهرة على ما سوف نبين.
والفرق التي سوف نعرض في هذا الباب هي الفرق الكبرى البارزة في واقع أهل السنة اليوم، والتي ارتبطت بالواقع والأحداث وسلطت عليها الأضواء مستثنين الفرق الصغيرة التي تولدت منها، والتي يصعب حصرها لقلة أهميتها وتأثيرها.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو:
كيف استطاعت الفرقة الوهابية أن تلعب هذا الدور المفسد في واقع
والإجابة أن الفرقة الوهابية ظلت محصورة في محيط الجزيرة العربية لا تستطيع أن تتجاوزها حتى تفجر النفط وكثر المال فيها عندئذ توافرت الإمكانيات التي استطاعت الوهابية من خلالها أن تخترق المؤسسات الإسلامية وتستقطب رموز المسلمين في شتى بقاع العالم الإسلامي.
ولولا النفط لما استطاعت الوهابية أن تلعب هذا الدور، ولكان من الممكن أن تكون في ذمة التاريخ.
من خلال الفرقة الوهابية برزت فرقة أنصار السنة وفرقة الجهاد وفرقة القطبيون والجماعة الإسلامية في مصر.
وفرقة أهل الحديث وجند الصحابة والتبليغ والدعوة في الهند وباكستان وفرقة طالبان في أفغانستان.
والفرق السلفية التي انتشرت في كل مكان من بقاع العالم الإسلامي.
والفرق الجهادية التي تهدد أمن وسلامة المسلمين في كل مكان.
ومن أشهر رموز الوهابية المعاصرين ابن باز وابن عثيمين وابن سبيل وابن فوزان وأبو بكر الجزائري وغيرهم.
وهذه الرموز جميعها من الجزيرة العربية، وقد أصدرت الكثير من الكتابات والفتاوى التي تخدم الفرقة الوهابية.
الوهابية:
برزت الفرقة الوهابية في الجزيرة العربية على يد محمد بن عبد الوهاب في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري.
وقد واجهت فرقته مقاومة شديدة من الأمراء والفقهاء والأشراف في جزيرة العرب بسبب الأفكار والمعتقدات الشاذة التي تبنتها ونادت بها إلاّ ان تحالف ابن سعود مع ابن عبد الوهاب ودعمه له مكنه من نشر دعوته وفرضها على المسلمين في جزيرة العرب بقوة السيف.
ولم يأت ابن عبد الوهاب بشيء جديد سوى أنه قام بإحياء أفكار ابن تيمية وبعثها من رقادها وفرضها بنصير هو ابن سعود تلك الفرصة التي لم تتح لابن تيمية الذي لم يجد دعماً ولا نصيراً.
وتتلخّص أفكار محمد بن عبد الوهاب فيما يلي:
ـ إنكار القبور والأضرحة ورفض زيارتها والتوسل بأشخاصها والبناء عليها وكسوتها وإنارتها وشد الرحال إليها.
ـ إنكار البدع كالاحتفال بالمناسبات الإسلامية مثل الاحتفال بالمولد النبوي والتذكير قبل الآذان والصلاة على الرسول بعد الآذان والتلفظ بالنية.
ـ توحيد الأسماء والصفات، أي إثبات أسماء الله وصفاته من غير تمثيل ولا تكييف.
ـ توحيد العبودية، أي نبذ النذور والحلف والنحر والاستغاثة حول القبور باعتبارها صورة من صور الشرك في منظوره.
وهذه الأفكار ورثتها الكثير من الفرق التي ظهرت بعد الفرقة الوهابية تحت تأثير البقعة المباركة أرض الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، وتأثير المد النفطي كما ذكرنا، وورثت عنها أيضاً هذه الفرق التطرف والغلو والتعصب واستباحة المخالفين من المسلمين.
فرقة الإخوان:
عندما اتجه عبد العزيز آل سعود نحو تحديث الدولة والحكم اصطدمت به مجموعات من القبائل الوهابية أطلق عليها قبائل الإخوان.
وكان الإخوان شديدي التعصب لنهج سلفهم من الوهابيين، واعتبروا حركة عبد العزيز نحو التحديث من عمل الشيطان فرفضوا استخدام الهواتف والسيارات.
ومما زاد الطين بلة في نظر هذه الفرقة هو إرسال عبد العزيز ولده سعود ليدرس في بلاد الشرك (مصر)، أي بلاد الأضرحة والقبور التي تعدّ أوثاناً في نظر الوهابيين، وكان أن أعلنت هذه الفرقة انشقاقها عن الفرقة الوهابية الأم الخاضعة للحكم ودخلت في مواجهة مع آل سعود انتهت بالقضاء عليها ليعلن عبد العزيز آل سعود قيام الدولة السعودية الثانية عام 1932م(1).
وتتركز أفكار هذه الفرقة فيما يلي:
____________
1- الدولة السعودية الأولى هي التي أسقطها محمد علي حين غزا الحجاز لضرب الوهابيين بتوجيه من الخليفة العثماني، ويذكر أن عبدالعزيز آل سعود تخلّص من الإخوان بدعم من البريطانيين. انظر تاريخ آل سعود لناصر السعيد. وانظر لنا فقهاء النفط والخطر الوهابي. وانظر تاريخ الوهابيين أيوب صبري.
ـ تحريم التصوير والصحف ووسائل العصر والسفر إلى بلاد المشركين.
ـ قمع المبتدعين الضالين من الفرق الأخرى.
ولم تبرز من خلال هذه الفرقة نتاجات عقائدية أو فكرية، كما لم تفرز رموزاً في ميدان الفقه والعقيدة تناطح بها الرموز الوهابية الأخرى.
أهل الحديث:
وتعدّ هذه الفرقة من أقدم الفرق السلفية التي ظهرت في شبه القارة الهندية، وكان أول بروز لها في عام 1906م حيث تم تشكيل الفرقة برئاسة عبد الله الغازيفوري ومعه الشيخ أبي الوفاثناء الله.
وتقوم عقيدة هذه الفرقة على ما يلي:
ـ التوحيد.
ـ الاتباع.
ـ تقديم النقل على العقل.
ـ التزكية الشرعية.
ـ التحذير من البدع والأحاديث الضعيفة والموضوعة.
ـ الجهاد في سبيل الله.
ـ تطبيق النظام الشرعي.
ـ محاربة الفرق الضالة المنحرفة.
وتتركز هذه الفرقة في شبه القارة الهندية في الهند وباكستان وبنغلادش ونيبال وكشمير وسيرلانكا وجزر فيجي وفي انجلترا.
وتتلخص دعوة هذه الفرقة في العمل على تصفية الإسلام من البدع والانحرافات ودعوة الناس إلى اتباع منهج السلف والالتزام بطريقة الفقهاء
وهذه الفرقة تعد امتداداً للفرقة الوهابية حيث تقدس رموزها بداية بابن حنبل حتى محمد بن عبد الوهاب وابن باز.
ولهذه الفرقة دور بارز في مقاومة الإنجليز والسيخ في الهند كما أن لرموزها دور بارز في ميدان التأليف في الأحاديث والرد على الفرق المخالفة وبيان السنة وشروحاتها والدفاع عن عقيدة أهل السنة.
التبليغ والدعوة:
وهي فرقة برزت في الهند على يد الشيخ محمد إلياس بهدف تبليغ الإسلام إلى الناس وقد انتشرت في بقاع كثيرة من العالم الإسلامي واستقطبت إلى صفوفها الكثير من المسلمين من مختلف الطبقات والمستويات.
وهذه الفرقة ليس لها عقائد محددة أو تصورات خاصة أو أهداف سياسية كما هو حال بعض الفرق الأخرى، ومحور تصورها يدور حول عقائد أهل السنة ونصوصهم التي تقوم بالتبليغ بها والدعوة إليها عن طريق الخروج إلى البلاد لوعظ وإرشاد الناس.
وقد قصرت هذه الفرقة نشاطها في محيط عوام المسلمين، فهي لا تملك من الرصيد الثقافي أو الفكري شيئاً لكونها فرقة بسيطة في أفكارها وفي دعوتها ولا تخوض في الأمور الجدلية التي تحتاج إلى جهد عقلي وتؤدي إلى خلاف فكري فمن ثم هي تتجنب المثقفين وأهل الفكر ونظراً لكون هذه الفرقة لا صلة لها بالسياسة وتدعو المسلمين إلى نبذ التيارات الفكرية والفرق الإسلامية ذات التوجه السياسي وتبني أفكارهم البسيطة التي تتلخص في الخروج والسياحة في الأرض من أجل دعوة الناس إلى الالتزام بالصلاة وآداب الإسلام والتطوع بالخروج في سبيل الله على حد
ويمكن تحديد أفكار هذه الفرقة ومعتقداتها التي حددها المؤسس فيما يلي:
ـ الكلمة الطيبة (الشهادتين).
ـ العلم والذكر.
ـ تصحيح النية.
ـ الإخلاص.
ـ الخروج في سبيل الله والدعوة إلى الله (وفق منهج الفرقة).
ـ إقامة الصلاة.
ـ إكرام المسلمين.
والطابع العام الذي يحكم هذه الفرقة هو الطابع الصوفي، وهو الطابع السائد في بلاد الهند التي نشأت فيها هذه الفرقة وذلك الطابع الذي يبرز بوضوح من خلال مواقفها السلبية تجاه شتى القضايا والأحداث التي تجري من حولها، فهي فرقة لا تتدخل في السياسة فقط، بل تنتقد وتهاجم من يتدخل في السياسة وتعتبر بأن السياسة هي أن تترك السياسة.
ولعل هذا الأمر هو السبب المباشر في خلافها مع فرقة الجماعة الإسلامية بقيادة المودودي والتي ترى وجوب خوض غمار السياسة
وفرقة التبليغ ليست محل ترحاب من قبل الفرق الوهابية خاصة في الجزيرة العربية، حيث يعتبروا في منظورها من القبوريين أي عشاق الزيارات للمقامات والأضرحة وإحياء المناسبات الخاصة بالأولياء والصالحين، وهو ما يعتبر من البدع والضلالات والشرك حسب تصور هذه الفرق.
وهي ليست محل ترحاب أيضاً من قبل الفرق الأخرى الجهادية والإخوانية وحزب التحرير وغيرهم، فهي في منظورها تعد فرقة سلبية لا تثمر شيئاً ولا تتسلح بشيء من العلم والوعي والخبرة.
الجمعية الشرعية:
برزت هذه الفرقة على الساحة المصرية قبل فرقة أنصار السنة بسنوات، وقد رفعت منذ بداية ظهورها شعاراً يقول: الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية.
وهذه الفرقة يتركز نشاطها حول العبادات والأمور الأخلاقية وتفر من السياسة وأهلها، وقد قام بتأسيسها الشيخ محمود خطاب السبكي، وظل على رأسها إلى أن توفي ليخلفه ولده أمين من بعده ثم ولده يوسف إلى أن انقرضت عائلته.
وتلتزم هذه الفرقة بعقيدة أهل السنة السلفية كما تميل إلى فرقة الشافعية ولا تتعاطف مع الوهابيين، فمن ثم دخلت منذ ظهورها وحتى اليوم في صراع مع فرقة أنصار السنة بسبب بعض القضايا التى تتعلق بصفات الله سبحانه.
وتعد فرقة الجمعية الشرعية أكثر الفرق انتشاراً في الأوساط الشعبية في مصر، كما تملك العديد من المساجد التي تفوق مساجد الحكومة في مختلف محافظات مصر، إلاّ أنّها لم تلق تعاطفاً من الفرق الأخرى التي دخلت في صدام مع الحكومة، كما لاقت فرقة أنصار السنة.
وكان الشيخ السبكي مؤسس هذه الفرقة قد ألف كتاباً تحت عنوان:
وقد انتمى إلى صفوف هذه الفرقة الكثير من رجال الفرقة الأزهرية الذين ظلوا يعملون في دائرة الفرقتين، وعلى رأس هؤلاء كان الشيخ أحمد عيسى عاشور صاحب مجلة الاعتصام التي ربطها بفرقة الجمعية الشرعية لتصبح الناطقة بلسانها حتى وفاته.
وقامت مجلة الاعتصام في فترة السبعينيات بشن حرب شعواء على الحكومة والعلمانيين والكتاب والصحفيين والمسيحيين والفرق المخالفة حتى ضاقت بها الحكومة، فقررت مصادرتها مع قرارات التحفظ عام 1981م واعتقال القائمين عليها، ثم عادت إلى الصدور في فترة الثمانينيات وتوقفت في أواخرها بعد وفاة مؤسسها الشيخ عاشور.
ولقد ظلت هذه الفرقة تلعب دورها على الساحة المصرية دون أن تعترض الحكومة طريقها مما دفع ببعض الفرق الأخرى المناهضة للحكومة إلى محاولة اختراقها واستثمار مساجدها الكثيرة في نشر أفكارها ومعتقداتها.
وعلى رأس هذه الفرقة فرقة الإخوان وفرقة الجماعة الإسلامية التي تمكنت من السيطرة بعض الوقت على مسجد الجمعية في مدينة أسيوط بصعيد مصر مما دفع بالحكومة إلى مصادرة المسجد وضمه إلى وزارة الأوقاف.
والفرقة اليوم قد دب في وسطها الخلاف بين المجددين الذين يسعون
النورسية:
برزت هذه الفرقة في تركيا على يد الشيخ سعيد النورسي كرد فعل للتيار العلماني الذي هيمن على الحياة فيها بعد سقوط الحكم العثماني.
وهي فرقة ليس لها فكر محدد يميزها فقد حدد الشيخ النورسي أفكار فرقته من خلال كتاباته التي تعد المصدر الوحيد لفكر هذه الفرقة.
وما حدده النورسي هو ما يلي:
ـ إيقاظ العقيدة الإسلامية في نفوس اتباعها.
ـ تجنب السياسة.
ـ تهذيب النفوس.
ويظهر من خلال هذه النقاط الثلاثة أن هذه الفرقة تقليدية أقرب في تصورها إلى فرقة التبليغ، غير أن هذا الخط هو ما أملته عليها ظروف تركيا آنذاك والصراع الشرس الذي كان قائماً بين أتاتورك وحزبه والإسلام والمسلمين.
ولقد قاومت هذه الفرقة المد العلماني في ساحتها ورفضت القوانين الوضعية ومنع الكتابة بالأحرف العربية وتغيير الآذان إلى الكلمات التركية وجعل يوم الأحد العطلة الأسبوعية وإلزام الناس بالقبعات الأفرنجية ومنع الاحتفال بالمناسبات الإسلامية والاتجاه نحو الغرب عموماً.
وكانت هذه الفرقة ومؤسسها قد لفت أنظار الفرق الأخرى التي كانت ترقب ما يجري للإسلام والمسلمين في تركيا التي كانت مركز الخلافة قبل أتاتورك وكتبت الكثير من الدراسات والبحوث في النورسي وأفكاره.
الكوثرية:
برزت هذه الفرقة على يد الكوثري في القرن الثالث عشر الهجري، وهي تسير على نهج الأحناف والماتريدية.
وقد دخلت هذه الفرقة في صدام مع فرق أهل السنة الأخرى وطعنت في عقائدها وخاصة فرقة الحنابلة وفرقة الوهابية.
وتتميز فرقة الكوثرية بالميل نحو الصوفية وتعظيم المقامات الخاصة بأهل البيت مما دفع الفرقة الوهابية إلى الصدام بها وإعلان الحرب عليها(1).
وللكوثري الكثير من الرسائل والتعليقات على مصنفات فرق أهل السنة الأخرى منها تعليقات على كتاب الأسماء والصفات للبيهقي، وعلى كتاب السيف الصقيل(2).
____________
1- كان الكوثري قد هاجم أئمة ورموز فرق أهل السنة وطعن فيهم واعتبرهم من المجسمة والمشبهة وشدّد هجومه على كتب الأشاعرة والوهابية واعتبرها كتب وثنية تدعو إلى التجسيم والتشبيه، ومن جانب آخر فإن فرقة الوهابية اعتبرته من الداعين إلى البدع الشركية والتصوف وتعظيم القبور والقول بجواز التوسل بالأموات. انظر مقالات الكوثري وتعليقه على كتاب البيهقي.
2- أشرنا إلى هذا الكتاب في الفصل الخاص بفرقة ابن تيمية.
والاستبصار في التحدث عن الجبر والاختيار.
وله الكثير من المقالات جمعت في كتاب باسم: مقالات الكوثري.
وكان محيط نشاط الكوثري القاهرة، وبرز له أتباع في محيط الشام(2).
____________
1- أي في كتاب تاريخ بغداد.
2- على رأس أتباع الشام عبدالفتاح أبو غدة، صاحب عدة مصنفات، سار فيها على نهج أستاذه الكوثري، وأعلنت عليه الحرب من قبل الفرق الوهابية المعاصرة. انظر براءة أهل السنة من الوقعية في علماء الأمة ط القاهرة.
أنصار السنة:
قامت هذه الفرقة في مصر على يد أحد عناصر الفرقة الأزهرية في عام 1926م وهو الشيخ محمد حامد الفقي.
وقد تبنت هذه الفرقة نهج الفرقة الوهابية وأفكارها، وعملت على نشر هذه الأفكار من خلال المساجد التابعة لها ودخلت في صراع مع الفرق الصوفية والفرق الأخرى المخالفة لها.
ونظراً لالتزام هذه الفرقة بالنهج الوهابي فقد ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالمؤسسة الوهابية ورموزها وقد ساعدها هذا الارتباط ووفر لها الإمكانيات التي أهلتها لتثبيت أقدامها على الساحة المصرية والانتشار في البقاع المجاورة لها مثل السودان وارتيريا وليبريا.
وتتلخص عقيدة هذه الفرقة فيما يلي:
ـ الدعوة إلى التوحيد الخالص.
ـ مجانبة البدع ومحدثات الأمور.
ـ الدعوة إلى إقامة المجتمع المسلم.
ـ الدعوة إلى تجديد الدين على هدي السلف وأئمة السنة.
ـ مقاومة الفرق الأخرى خاصة الصوفية وتحذير المسلمين منها.
ـ العمل على توحيد المسلمين تحت عقيدة واحدة على أساس
وهذه الأهداف ذات الأبعاد الحركية والسياسية هي ما دفعت الحكومة إلى تصفيتها وضمها إلى فرقة الجمعية الشرعية في أواخر العصر الناصري ولم تتمكن من الانشقاق عنها إلاّ في عصر السادات الذي فتح علاقات واسعة مع السعودية، كما أن هذه الأهداف جذبت شباب الفرق الأخرى الذين كانوا في طور النشأة الفكرية قبل أن يتميزوا عنها في فرق مستقلة تتبنى أساليب مختلفة في مواجهة الواقع غير أنها تتبنى نفس عقيدة أنصار السنة التي هي امتداد للعقيدة الوهابية.
ومثلما اتخذت الفرقة الوهابية من ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب رموزاً لها ومراجع يستمدون منهم الأحكام والأفكار، اتخذت أنصار السنة هؤلاء الثلاثة رموزاً لها بالإضافة إلى فقهاء الوهابية المعاصرين أمثال ابن باز وابن عثيمين والألباني وغيرهم.
وكانت فرقة أنصار السنة تصدر مجلة الهدي النبوي، ثم أبدلتها إلى مجلة التوحيد التي لا تزال تصدر حتى اليوم وتشن حرباً شعواء على فرق الصوفية والأضرحة والمقامات والموالد ـ أي إحياء المناسبات الخاصة بذكرى أبناء الرسول في مصر ـ باعتبارها من البدع والضلالات، كما تشن حرباً على العلمانيين والعلمانية والشيعة والمتشيعين وتبارك الخط الوهابي وتؤيد الحكومة في موقفها المعادي للفرق الأخرى.
وكحال فرق أهل السنة دبّ الخلاف بين عناصرها وأدى الأمر إلى إنشقاق بعض العناصر ليكونوا لأنفسهم فرقة مستقلة تحت اسم: دعوة الحق.
وليس هناك من فروق تذكر بين الفرقتين، فكل منهما يحمل عقائد وتصورات الآخر ويسير على درب الوهابية.
ومن بين رموز هذه الفرقة عبد الرزاق عفيفي وهو أحد عناصر فرقة الأزهرية، وعبد الرحمن الوكيل وكان من عناصر فرقة الأزهرية أيضاً.
ومحمد علي عبد الرحيم أحد رجال التعليم وكان له دور بارز في تعبئة الشباب المسلم بالأفكار الوهابية في الجامعات في بداية السبعينيات وقبل بروز الفرق السلفية والجهادية والتكفير.
وهذه الرموز الثلاثة تربّت في أحضان فرقة الوهابية بجزيرة العرب(1).
____________
1- لهذه الرموز الثلاثة إصدارات هجومية على فر ق الصوفية والشيعة والأزهرية والإخوان والتكفير بالإضافة إلى مقالاتهم الدائمة في مجلة التوحيد، وعفيفي والوكيل وعبدالرحيم الثلاثة عملوا بمجال التدريس بالمعاهد الوهابية بجزيرة العرب.
الصوفية:
أخذ التصوف صوراً وأشكالا مختلفة على مر تاريخ المسلمين غير أنّه لم يترجم على هيئة فرق إلاّ في عصور متأخرة في حدود القرن السادس الهجري.
وفرق الصوفية أكثر من أن تحصى وهي منتشرة في جميع بقاع العالم الإسلامي، وليس هناك من فروق تميز إحداها عن الأخرى سوى في الأوراد والأذكار التي يرددونها في المناسبات الإسلامية ومناسباتهم الخاصة التي ترتبط بمؤسسيها، كما أن هذه الفرق جميعها ترتبط بعقيدة أهل السنة.
وفرق الصوفية لم تحظ باعتراف الفرق الوهابية التي تعتبرها خارجة عن الإسلام الصحيح وتتبنى عقائدة شركية.
ومن أشهر الفرق الصوفية المنتشرة في واقع المسلمين اليوم:
الفرقة القادرية أتباع عبد القادر الجيلاني.
الفرقة الرفاعية أتباع أبي العباسي الرفاعي.
الفرقة الشاذلية أتباع أبي الحسن الشاذلي.
الفرقة المولودية أتباع جلال الدين الرومي.
الفرقة النقشبندية أتباع محمد بهاء الدين النقشبندي.
الفرقة الكتانية أتباع أبو الغيص الكتاني.
الفرقة الختمية أتباع محمد عثمان الميرغني.
الفرقة الدسوقية أتباع إبراهيم الدسوقي.
الفرقة البدوية أتباع أحمد البدوي.
الفرقة الأكبرية أتباع محيي الدين بن عربي.
الفرقة السنوسية أتباع محمد بن علي السنوسي.
الفرقة البريلوية أتباع أحمد رضا خان.
وهذه هي فرق التصوف الكبرى، أما فرق التصوف الصغرى، فلا يتسع المجال لذكرها، لكثرتها وتحتوي الساحة المصرية على عدد كبير منها احتوته هيئة حكومية تحمل اسم المجلس الصوفي الأعلى الذي يضم الفرق الصوفية المعترف بها رسمياً، ويصدر مجلة شهرية تحت اسم: التصوف الإسلامي.
الإخوان المسلمون:
برزت هذه الفرقة على يد حسن البنا عام 1928م في مصر، ثم انتقلت إلى بقاع أخرى من العالم الإسلامي بحيث أصبحت لا تخلو بقعة من فرقة من فرقهم حتى بلدان العالم الأوروبي.
وتعدّ فرقة الإخوان منبع جميع الفرق التي تبنت نهج الصدام مع الواقع مثل فرق القطبيين والتكفير والجهاد التي سوف نتحدث عنها فيما بعد.
وقد استحوذت فرقة الإخوان على أعداد كبيرة من المسلمين حتى أصبحت أضخم فرق أهل السنة وأكثرها انتشاراً مما مكن لها أن تؤثر في كثير من الإحداث داخل مصر وخارجها.
وكانت فرقة الإخوان قد ارتبطت بكثير من حوادث العنف والاغتيالات داخل مصر وخارجها، وكان صدامها مع حكم عبد الناصر في فترة الخمسينيات قد أدى إلى ضربها وتصفيتها وحظر نشاطها وظلت في دائرة الحظر حتى اليوم.
إلاّ أن الحظر الذي فرض على فرقة الإخوان في مصر وغيرها لم يحل دون نشاطها في دائرة السرية، إذ بثت هذه الفرقة خلاياها في جميع مرافق المجتمع ومؤسساته الحيوية وأحزابه السياسية ونقاباته المهنية وساعدها على هذا النشاط الدعم الخارجي والإمكانيات التي بحوزتها، والتي
وعلى الرغم من كون أطروحة فرقة الإخوان تميل إلى الاعتدال والتسامح في مواجهة الواقع، وقد كانت الفرقة على وئام مع الحكومات ومع أهل الملل الأخرى من اليهود والمسيحيين، إلاّ أن التزامها بنهج أهل السنة دفع بها إلى عدم التسامح مع الخصوم والمخالفين من التيارات السياسية والفرق الإسلامية المخالفة.
إن فرق الإخوان المنتشرة على الساحة العالمية لم تستطع أن تتوحد في إطار واحد رغم كونها ذات تصور واحد وتدين لإمام واحد هو حسن البنا، وقد اشتدت الخلافات بين هذه الفرق وزاد التناحر فيما بينها بعد مصرع المؤسس حسن البنا.
الجماعة الإسلامية:
برزت هذه الفرقة على يد المودودي في باكستان قبل استقلالها عن الهند بسنوات في نفس فترة بروز فرقة الإخوان بمصر.
والمودودي له الكثير من المؤلفات التي ترجمت إلى اللغة العربية، وأسهمت في بروز الكثير من الفرق في مصر وغيرها حيث تأثّر بهذه المؤلفات كثير من العناصر التي أصبح لها دورها الفاعل في الوسط الإسلامي وعلى رأسهم سيد قطب.
ومن هذه المؤلفات: الجهاد في سبيل الله.
نظرية الإسلام السياسية.
منهاج الانقلاب الإسلامي.
الحضارة الإسلامية ومبادئها.
المصطلحات الأربعة.
وقد حدد المودودي أهداف فرقته فيما يلي:
ـ دعوة أهل الأرض إلى استخلاص الحكم من الطواغيت المستبدة والفجرة الفاسدة وانتزاع الإمامة الفكرية والعلمية من أيديهم وتسليمها للمؤمنين من المسلمين.
ـ تصحيح أفكار المسلمين.
ـ تربية المسلمين المنتمين لفرقته التربية الإسلامية الصحيحة.
ـ إصلاح الحكم.
وقد ساعدت ظروف باكستان والمناخ الإسلامي الذي سادها وهيمن على الرأي العام فيها بعد انفصالها عن الهند ـ ساعدت فرقة المودودي على النمو والانتشار والتمكن على ساحة الواقع لتصبح القوة الإسلامية الفاعلة على الساحة الباكستانية التي يتودد لها الحكام ويتقربون إليها.
وهناك قواسم مشتركة بين فرقة المودودي وفرقة الإخوان من حيث المبادىء والأفكار والإطار التنظيمي إلاّ أن فرقة الإخوان فشلت في تحقيق أية مكاسب لها على ساحة الواقع في مصر بينما نجحت فرقة المودودى في فرض الإسلام على الحكم في باكستان.
وتتميز فرقة المودودي بكونها تحمل رصيداً فكرياً وسياسياً كبيراً جذب إليها قطاعات المسلمين في كل مكان.
وقد برزت على الساحة المصرية فرقة تسمت باسم فرقة المودودي تلك الفرقة التي برزت على ساحة الجامعة المصرية في أوائل السبعينيات على يد مجموعة من الطلاب، ثم عملت لفترة تحت لواء فرقة الإخوان، ثم انشقت عليها وانقسمت إلى ثلاث فرق:
فرقة استمرت تحت لواء الإخوان.
وفرقة انتمت إلى السلفيين.
وفرقة رفعت لواء الجهاد.